أخبار اليوم - على سريرٍ في مستشفى ناصر الطبي بمحافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة، ترقد قصة وجعٍ مختلفة، هناك يرقد أحمد ناهض سكينة، طفلٌ لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، بوجهٍ طفوليّ لا يزال يحمل ملامح البراءة، لكن جسده منهك، وصمته يروي مأساةً لا تنتهي.
في الساعة الثامنة من صباح السادس عشر من يونيو/ حزيران الماضي، وبينما كانت العائلة تحاول النجاة من قصف لا يهدأ، داخل خيمة نصبت أوتادها قرب 'سجن أصداء' بخان يونس، سقطت شظية على رأس أحمد، أحدثت كسرًا في الجهة اليسرى من الجمجمة، مزّقت أحلامه، وأفقدته القدرة على الحركة في اليد والقدم اليمنى، إضافة إلى فقدانه النطق تمامًا.
كان القصف المدفعي كثيفًا، والشظايا تتطاير في كل مكان، فكان نصيب أحمد من واحدة منها، وقد كانت عائلته تقيم في خيمة مؤقتة بعدما دمّر الاحتلال منزلهم وحوّله إلى كومةٍ من الحجارة، وفق ما تروي والدته عطايات سكينة.
نُقل أحمد إلى مستشفى ناصر، وقد خرج جزء من دماغه خارج الجمجمة. أجريت له عملية جراحية معقدة، وبذل الأطباء كل ما في وسعهم، كما تقول والدته لمراسل صحيفة فلسطين، لكن حالته الصحية لم تتحسن.
وتشير إلى أن التهابًا شديدًا بدأ يأكل خلايا دماغه، وحرارته تتجاوز 40 درجة مئوية، حتى بات يتعرض لنوبات تشنج متكررة.
أمضى أحمد عشرة أيام في العناية المكثفة، ثم نُقل إلى قسم الجراحة، ولا يزال يرقد هناك منذ أكثر من 15 يومًا دون أي تحسن يُذكر، كما تؤكد والدته التي تُخرج كلماتها بصعوبة، وقد أثقلها الألم على فلذة كبدها.
وتتابع: 'التشخيص الطبي لحالة أحمد يؤكد وجود التهاب دماغي حاد، مع صديد وإفرازات تفتك بجسده النحيل، والمضادات الحيوية التي يتناولها لم تعد تنفع، ولا تتناسب مع تدهور حالته الصحية'.
لكن ما يجعل الألم أشد قسوة، أن أحمد لم يكن طفلًا عاديًا. كان نابغة. عاشقًا للرياضيات، بارعًا في اللغات، يحلم بالسفر إلى قطر ليكمل دراسته ويعود ليخدم بلاده.
كان يتحدث العربية والإنجليزية بطلاقة، وبدأ بتعلم لغات أخرى. تقول والدته بصوت مفعم بالوجع لصحيفة 'فلسطين': 'كان خوارزمي صغير.. دايمًا عقله أكبر من عمره.'
لكن ذلك العبقري اليوم طريح الفراش، يرتدي حفاضًا، لا يقوى على الحركة أو الحديث. يتحرك قليلًا في الجهة اليسرى فقط، بينما اليمنى مشلولة تمامًا.
عيناه تنطقان بالحزن، ودموعه تنهمر بصمت لا يُحتمل، وكأن ذاكرته تُقلّب اللحظات الجميلة التي كان فيها يلعب ويتعلم، قبل أن يُسرق منه كل شيء.
ولم يكن أحمد وحده من دفع ثمن الحرب. فقد استُشهد والده ناهض بعد إصابته بشظية في الرأس إثر قصف استهدف منطقة 'التحلية' بخان يونس. وبعد يومين من محاولة الأطباء إنقاذه، فاضت روحه إلى بارئها.
أما شقيقه الأكبر محمد (14 عامًا)، فقد استُشهد أيضًا إثر قصف من طائرة إسرائيلية مسيرة، استهدف مجموعة من المواطنين قرب مركز التدريب المهني التابع لـ'أونروا' في خان يونس، فارتقى على الفور.
تقول والدته التي فقدت الزوج والابن، لكنها ما زالت تتمسك بالأمل من أجل أحمد: 'أنا بناشد كل إنسان عنده قلب.. ابني يتيم، ما ضلّلو غير ربنا. أرجوكم طلعوا ابني للعلاج برّا. هو بحاجة لتأهيل للنطق والمشي، ومضادات حيوية أقوى. يمكن يرجع يحكي ويضحك ويعيش.'
وتنهمر دموعها وهي تضيف: 'أحمد هو اللي دفن أبوه وأخوه، واللي كان حلمه كبير. الآن عاجز حتى عن الكلام. بس شايفة الأمل في عيونه.. أرجوكم لا تطفوه.'
وتوضح أن أحمد حصل على نموذج سفر رقم (1)، وتم اعتماده، وتنتظر العائلة الآن الموافقة على خروجه من غزة للعلاج.
وما بين الانتظار والمناشدة، يبقى أحمد سكينة عنوانًا لطفولةٍ مزّقتها الحرب، لكنها لم تنسَ أن تحلم.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - على سريرٍ في مستشفى ناصر الطبي بمحافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة، ترقد قصة وجعٍ مختلفة، هناك يرقد أحمد ناهض سكينة، طفلٌ لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، بوجهٍ طفوليّ لا يزال يحمل ملامح البراءة، لكن جسده منهك، وصمته يروي مأساةً لا تنتهي.
في الساعة الثامنة من صباح السادس عشر من يونيو/ حزيران الماضي، وبينما كانت العائلة تحاول النجاة من قصف لا يهدأ، داخل خيمة نصبت أوتادها قرب 'سجن أصداء' بخان يونس، سقطت شظية على رأس أحمد، أحدثت كسرًا في الجهة اليسرى من الجمجمة، مزّقت أحلامه، وأفقدته القدرة على الحركة في اليد والقدم اليمنى، إضافة إلى فقدانه النطق تمامًا.
كان القصف المدفعي كثيفًا، والشظايا تتطاير في كل مكان، فكان نصيب أحمد من واحدة منها، وقد كانت عائلته تقيم في خيمة مؤقتة بعدما دمّر الاحتلال منزلهم وحوّله إلى كومةٍ من الحجارة، وفق ما تروي والدته عطايات سكينة.
نُقل أحمد إلى مستشفى ناصر، وقد خرج جزء من دماغه خارج الجمجمة. أجريت له عملية جراحية معقدة، وبذل الأطباء كل ما في وسعهم، كما تقول والدته لمراسل صحيفة فلسطين، لكن حالته الصحية لم تتحسن.
وتشير إلى أن التهابًا شديدًا بدأ يأكل خلايا دماغه، وحرارته تتجاوز 40 درجة مئوية، حتى بات يتعرض لنوبات تشنج متكررة.
أمضى أحمد عشرة أيام في العناية المكثفة، ثم نُقل إلى قسم الجراحة، ولا يزال يرقد هناك منذ أكثر من 15 يومًا دون أي تحسن يُذكر، كما تؤكد والدته التي تُخرج كلماتها بصعوبة، وقد أثقلها الألم على فلذة كبدها.
وتتابع: 'التشخيص الطبي لحالة أحمد يؤكد وجود التهاب دماغي حاد، مع صديد وإفرازات تفتك بجسده النحيل، والمضادات الحيوية التي يتناولها لم تعد تنفع، ولا تتناسب مع تدهور حالته الصحية'.
لكن ما يجعل الألم أشد قسوة، أن أحمد لم يكن طفلًا عاديًا. كان نابغة. عاشقًا للرياضيات، بارعًا في اللغات، يحلم بالسفر إلى قطر ليكمل دراسته ويعود ليخدم بلاده.
كان يتحدث العربية والإنجليزية بطلاقة، وبدأ بتعلم لغات أخرى. تقول والدته بصوت مفعم بالوجع لصحيفة 'فلسطين': 'كان خوارزمي صغير.. دايمًا عقله أكبر من عمره.'
لكن ذلك العبقري اليوم طريح الفراش، يرتدي حفاضًا، لا يقوى على الحركة أو الحديث. يتحرك قليلًا في الجهة اليسرى فقط، بينما اليمنى مشلولة تمامًا.
عيناه تنطقان بالحزن، ودموعه تنهمر بصمت لا يُحتمل، وكأن ذاكرته تُقلّب اللحظات الجميلة التي كان فيها يلعب ويتعلم، قبل أن يُسرق منه كل شيء.
ولم يكن أحمد وحده من دفع ثمن الحرب. فقد استُشهد والده ناهض بعد إصابته بشظية في الرأس إثر قصف استهدف منطقة 'التحلية' بخان يونس. وبعد يومين من محاولة الأطباء إنقاذه، فاضت روحه إلى بارئها.
أما شقيقه الأكبر محمد (14 عامًا)، فقد استُشهد أيضًا إثر قصف من طائرة إسرائيلية مسيرة، استهدف مجموعة من المواطنين قرب مركز التدريب المهني التابع لـ'أونروا' في خان يونس، فارتقى على الفور.
تقول والدته التي فقدت الزوج والابن، لكنها ما زالت تتمسك بالأمل من أجل أحمد: 'أنا بناشد كل إنسان عنده قلب.. ابني يتيم، ما ضلّلو غير ربنا. أرجوكم طلعوا ابني للعلاج برّا. هو بحاجة لتأهيل للنطق والمشي، ومضادات حيوية أقوى. يمكن يرجع يحكي ويضحك ويعيش.'
وتنهمر دموعها وهي تضيف: 'أحمد هو اللي دفن أبوه وأخوه، واللي كان حلمه كبير. الآن عاجز حتى عن الكلام. بس شايفة الأمل في عيونه.. أرجوكم لا تطفوه.'
وتوضح أن أحمد حصل على نموذج سفر رقم (1)، وتم اعتماده، وتنتظر العائلة الآن الموافقة على خروجه من غزة للعلاج.
وما بين الانتظار والمناشدة، يبقى أحمد سكينة عنوانًا لطفولةٍ مزّقتها الحرب، لكنها لم تنسَ أن تحلم.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - على سريرٍ في مستشفى ناصر الطبي بمحافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة، ترقد قصة وجعٍ مختلفة، هناك يرقد أحمد ناهض سكينة، طفلٌ لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، بوجهٍ طفوليّ لا يزال يحمل ملامح البراءة، لكن جسده منهك، وصمته يروي مأساةً لا تنتهي.
في الساعة الثامنة من صباح السادس عشر من يونيو/ حزيران الماضي، وبينما كانت العائلة تحاول النجاة من قصف لا يهدأ، داخل خيمة نصبت أوتادها قرب 'سجن أصداء' بخان يونس، سقطت شظية على رأس أحمد، أحدثت كسرًا في الجهة اليسرى من الجمجمة، مزّقت أحلامه، وأفقدته القدرة على الحركة في اليد والقدم اليمنى، إضافة إلى فقدانه النطق تمامًا.
كان القصف المدفعي كثيفًا، والشظايا تتطاير في كل مكان، فكان نصيب أحمد من واحدة منها، وقد كانت عائلته تقيم في خيمة مؤقتة بعدما دمّر الاحتلال منزلهم وحوّله إلى كومةٍ من الحجارة، وفق ما تروي والدته عطايات سكينة.
نُقل أحمد إلى مستشفى ناصر، وقد خرج جزء من دماغه خارج الجمجمة. أجريت له عملية جراحية معقدة، وبذل الأطباء كل ما في وسعهم، كما تقول والدته لمراسل صحيفة فلسطين، لكن حالته الصحية لم تتحسن.
وتشير إلى أن التهابًا شديدًا بدأ يأكل خلايا دماغه، وحرارته تتجاوز 40 درجة مئوية، حتى بات يتعرض لنوبات تشنج متكررة.
أمضى أحمد عشرة أيام في العناية المكثفة، ثم نُقل إلى قسم الجراحة، ولا يزال يرقد هناك منذ أكثر من 15 يومًا دون أي تحسن يُذكر، كما تؤكد والدته التي تُخرج كلماتها بصعوبة، وقد أثقلها الألم على فلذة كبدها.
وتتابع: 'التشخيص الطبي لحالة أحمد يؤكد وجود التهاب دماغي حاد، مع صديد وإفرازات تفتك بجسده النحيل، والمضادات الحيوية التي يتناولها لم تعد تنفع، ولا تتناسب مع تدهور حالته الصحية'.
لكن ما يجعل الألم أشد قسوة، أن أحمد لم يكن طفلًا عاديًا. كان نابغة. عاشقًا للرياضيات، بارعًا في اللغات، يحلم بالسفر إلى قطر ليكمل دراسته ويعود ليخدم بلاده.
كان يتحدث العربية والإنجليزية بطلاقة، وبدأ بتعلم لغات أخرى. تقول والدته بصوت مفعم بالوجع لصحيفة 'فلسطين': 'كان خوارزمي صغير.. دايمًا عقله أكبر من عمره.'
لكن ذلك العبقري اليوم طريح الفراش، يرتدي حفاضًا، لا يقوى على الحركة أو الحديث. يتحرك قليلًا في الجهة اليسرى فقط، بينما اليمنى مشلولة تمامًا.
عيناه تنطقان بالحزن، ودموعه تنهمر بصمت لا يُحتمل، وكأن ذاكرته تُقلّب اللحظات الجميلة التي كان فيها يلعب ويتعلم، قبل أن يُسرق منه كل شيء.
ولم يكن أحمد وحده من دفع ثمن الحرب. فقد استُشهد والده ناهض بعد إصابته بشظية في الرأس إثر قصف استهدف منطقة 'التحلية' بخان يونس. وبعد يومين من محاولة الأطباء إنقاذه، فاضت روحه إلى بارئها.
أما شقيقه الأكبر محمد (14 عامًا)، فقد استُشهد أيضًا إثر قصف من طائرة إسرائيلية مسيرة، استهدف مجموعة من المواطنين قرب مركز التدريب المهني التابع لـ'أونروا' في خان يونس، فارتقى على الفور.
تقول والدته التي فقدت الزوج والابن، لكنها ما زالت تتمسك بالأمل من أجل أحمد: 'أنا بناشد كل إنسان عنده قلب.. ابني يتيم، ما ضلّلو غير ربنا. أرجوكم طلعوا ابني للعلاج برّا. هو بحاجة لتأهيل للنطق والمشي، ومضادات حيوية أقوى. يمكن يرجع يحكي ويضحك ويعيش.'
وتنهمر دموعها وهي تضيف: 'أحمد هو اللي دفن أبوه وأخوه، واللي كان حلمه كبير. الآن عاجز حتى عن الكلام. بس شايفة الأمل في عيونه.. أرجوكم لا تطفوه.'
وتوضح أن أحمد حصل على نموذج سفر رقم (1)، وتم اعتماده، وتنتظر العائلة الآن الموافقة على خروجه من غزة للعلاج.
وما بين الانتظار والمناشدة، يبقى أحمد سكينة عنوانًا لطفولةٍ مزّقتها الحرب، لكنها لم تنسَ أن تحلم.
فلسطين أون لاين
التعليقات