أخبار اليوم - على مدار الفترة الماضية، ركّز الإعلام الإسرائيلي على التقليل من آثار تجويع سكان قطاع غزة، وشكّك في تقارير المنظمات الدولية التي تحدثت عن مجاعة حقيقية، لكن حين ظهر الأسير الإسرائيلي أفيتار دافيد في مقطع مصوَّر نشرته كتائب القسام، بجسدٍ هزيل ينهشه الجوع، تغيّر المشهد.
وبدأت المطالبات الداخلية في (إسرائيل) بمراجعة السياسة الحالية، لا 'رحمة بأهالي غزة'، بل لأن عشرين أو ثلاثين إسرائيليًّا باتوا هم أنفسهم ضحية مباشرة لسياسة التجويع ذاتها.
لم يتخيّل الإسرائيليون أن سياسة التجويع التي تفرضها حكومتهم كسلاح من أسلحة الحرب، ستطال أسراهم أنفسهم. فجسد الأسير الهزيل بدا كما لو كان أحد جوعى غزة، في صورة صادمة لم تترك مجالًا للإنكار.
ونشرت كتائب عز الدين القسام، أول من أمس، مقطع فيديو يظهر فيه الأسير وهو يعاني من فقدان حاد في الوزن، في نتيجة مباشرة لاستمرار سياسة التجويع الإسرائيلية المتزامنة مع حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ نحو 22 شهرًا.
وذكرت الكتائب، في المقطع الذي بثّته عبر منصتها على 'تلغرام'، أن الأسير 'كان ينتظر أن يخرج في صفقة تبادل'. وقد ظهر وهو جالس على سرير في غرفة ضيقة، وعليه علامات واضحة لسوء التغذية، حيث برزت أضلعه بشكل لافت، في مشهد يعكس جانبًا من سياسة التجويع الإسرائيلية. واختُتم الفيديو بعبارة: 'يأكلون مما نأكل، ويشربون مما نشرب.'
صدمة وردود فعل غاضبة
أثار الفيديو عاصفة من ردود الفعل الغاضبة في الأوساط الإعلامية والسياسية الإسرائيلية. وقال زعيم المعارضة، يائير لابيد، في منشور عبر منصة 'إكس': 'على كل عضو في الحكومة أن يشاهد اليوم فيديو أفيتار قبل أن يذهب للنوم، وأن يحاول أن يغفو وهو يفكر في أفيتار يحاول البقاء على قيد الحياة داخل النفق.'
وتضمّن الفيديو مشاهد رمزية لتجويع أطفال غزة، تلتها تصريحات لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يتحدث فيها عن إدخال 'الحد الأدنى من المساعدات'، وأخرى لوزير الأمن القومي المتطرّف إيتمار بن غفير يقول فيها: 'في المرحلة المقبلة، ما يجب إرساله إلى غزة هو القنابل.'
وطالبت عائلات الأسرى الإسرائيليين، اليوم السبت، حكومة نتنياهو بوقف ما وصفته بـ'الجنون' في قطاع غزة، والتوصل إلى صفقة شاملة مع حركة 'حماس' لإعادة أبنائهم 'المحتجزين' في القطاع.
وقال شقيق الأسير أفيتار: 'حالته الجسدية في الفيديو كانت كأنها مليون ضربة في قلبي.' فيما قال أوفير يونتات لصحيفة 'يديعوت': 'لا أريد الحديث عن تعثر المفاوضات، أريد فقط أن أسمع أن هناك مسؤولًا سياسيًا يفعل كل ما بوسعه ليعود أفيتار و49 أسيرًا آخرين.'
أما أليكس، نجل المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، فقال: 'أفيتار كان شابًا مشرقًا وبصحة جيدة، الآن يبدو جائعًا بالكاد يمكن التعرّف عليه. جسده الهزيل وعيناه الغائرتان تذكّراننا بصور اليهود في معسكرات الاعتقال النازية.'
لغة الصورة تنتصر
ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي، أمين الحاج، أن هذا الفيديو لم يكن مجرد رسالة إعلامية عابرة، بل يؤسس لمعادلة مواجهة جديدة، تعتمد على لغة الجسد والصورة والواقع الإنساني القاسي، التي استطاعت اختراق الجدار السميك للرواية الرسمية الإسرائيلية، وتجاوز مقص الرقابة.
وقال الحاج لصحيفة 'فلسطين' إن الأهمية الاستثنائية لهذا المقطع تكمن في نجاحه في كسر جدار الإنكار والتجاهل، ووصوله إلى الرأي العام الإسرائيلي دون حواجز، حيث تحوّلت حالة الأسير إلى دليل ملموس لا يمكن إنكاره، ورسالة أخلاقية واضحة: أن الاحتلال نفسه لا ينجو من سياساته العدوانية، بل أصبح أسراه أيضًا ضحايا 'هندسة التجويع' التي فرضها على غزة.
وأضاف: 'ما بعد الفيديو لن يكون كما قبله. حكومة الاحتلال تواجه الآن ضغطًا شعبيًا داخليًا متصاعدًا، بالتزامن مع تعثّر واضح في إدارة الحرب والمفاوضات. المجتمع الإسرائيلي بدأ يدرك أنه رهينة سياسات متطرفة تقوده إلى مزيد من الخسائر الإنسانية والسياسية.'
وأشار إلى أن الفيديو قد يدفع (إسرائيل) إلى مراجعة حساباتها، ليس فقط فيما يخص صفقة تبادل الأسرى، بل في سياساتها تجاه غزة بشكل عام، لأن قوة الصورة هذه المرة فاقت قدرة آلة الإعلام الإسرائيلي على احتوائها أو التلاعب بها.
التوقيت والدلالة
ويرى الحاج أن توقيت نشر الفيديو كان مدروسًا بدقة، تزامنًا مع تعثر مفاوضات الدوحة، وتشديد الحصار، وتصعيد سياسة التجويع، مما جعل الرسالة أكثر وضوحًا للرأي العام الإسرائيلي: 'حكومتكم تستخف بحياة أبنائكم وتضحّي بهم لمصالح داخلية.'
ويرى أن كتائب القسام نجحت بوضوح في خلق معادلة إعلامية جديدة: ربط مصير الأسير الإسرائيلي أفيتار بالمجاعة التي تفرضها حكومته على سكان غزة، مجسّدة بذلك صورة إنسانية قاسية يصعب تجاهلها.
كما أرادت القسام، وفق الحاج، إبراز التناقض الصارخ بين الرواية الإسرائيلية التي تتغنّى بـ'الإنسانية'، وبين ممارساتها الممنهجة للتجويع والإبادة، وهي لحظة فاصلة تسعى المقاومة الفلسطينية لاستثمارها في إظهار قوة أخلاقية وإعلامية، واستراتيجية جديدة في إدارة ملف الأسرى، تعتمد الضغط النفسي والشعبي.
ضربة عميقة في العمق الإسرائيلي
وحول حجم التأثير، لفت الحاج إلى أن الفيديو أحدث شرخًا حقيقيًا داخل المجتمع الإسرائيلي، إذ أظهر أن سياسات نتنياهو وحلفائه المتطرفين، مثل بن غفير وسموتريتش، باتت تؤدي إلى نتائج كارثية، حتى على الأسرى أنفسهم.
وأضاف: 'الفيديو أعاد ملف صفقة الأسرى إلى الواجهة، وشكّل ضغطًا نفسيًا وأخلاقيًا وإعلاميًا كبيرًا على قيادة الاحتلال، التي تواجه أصلًا أزمة داخلية واحتجاجات متصاعدة.'
واختتم بالقول: 'إن دلالة عدم تصديق المجتمع الإسرائيلي لحالة المجاعة إلا بعد رؤية جسد الأسير، تعكس عنصرية متجذرة واستعلاء متأصل في العقلية الإسرائيلية، التي لم تُحرّكها آلاف صور الأطفال والنساء الذين يموتون جوعًا في غزة، لكنها اهتزت حين ظهر 'واحد منهم' يعاني كما يعاني ضحاياهم.'
أخبار اليوم - على مدار الفترة الماضية، ركّز الإعلام الإسرائيلي على التقليل من آثار تجويع سكان قطاع غزة، وشكّك في تقارير المنظمات الدولية التي تحدثت عن مجاعة حقيقية، لكن حين ظهر الأسير الإسرائيلي أفيتار دافيد في مقطع مصوَّر نشرته كتائب القسام، بجسدٍ هزيل ينهشه الجوع، تغيّر المشهد.
وبدأت المطالبات الداخلية في (إسرائيل) بمراجعة السياسة الحالية، لا 'رحمة بأهالي غزة'، بل لأن عشرين أو ثلاثين إسرائيليًّا باتوا هم أنفسهم ضحية مباشرة لسياسة التجويع ذاتها.
لم يتخيّل الإسرائيليون أن سياسة التجويع التي تفرضها حكومتهم كسلاح من أسلحة الحرب، ستطال أسراهم أنفسهم. فجسد الأسير الهزيل بدا كما لو كان أحد جوعى غزة، في صورة صادمة لم تترك مجالًا للإنكار.
ونشرت كتائب عز الدين القسام، أول من أمس، مقطع فيديو يظهر فيه الأسير وهو يعاني من فقدان حاد في الوزن، في نتيجة مباشرة لاستمرار سياسة التجويع الإسرائيلية المتزامنة مع حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ نحو 22 شهرًا.
وذكرت الكتائب، في المقطع الذي بثّته عبر منصتها على 'تلغرام'، أن الأسير 'كان ينتظر أن يخرج في صفقة تبادل'. وقد ظهر وهو جالس على سرير في غرفة ضيقة، وعليه علامات واضحة لسوء التغذية، حيث برزت أضلعه بشكل لافت، في مشهد يعكس جانبًا من سياسة التجويع الإسرائيلية. واختُتم الفيديو بعبارة: 'يأكلون مما نأكل، ويشربون مما نشرب.'
صدمة وردود فعل غاضبة
أثار الفيديو عاصفة من ردود الفعل الغاضبة في الأوساط الإعلامية والسياسية الإسرائيلية. وقال زعيم المعارضة، يائير لابيد، في منشور عبر منصة 'إكس': 'على كل عضو في الحكومة أن يشاهد اليوم فيديو أفيتار قبل أن يذهب للنوم، وأن يحاول أن يغفو وهو يفكر في أفيتار يحاول البقاء على قيد الحياة داخل النفق.'
وتضمّن الفيديو مشاهد رمزية لتجويع أطفال غزة، تلتها تصريحات لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يتحدث فيها عن إدخال 'الحد الأدنى من المساعدات'، وأخرى لوزير الأمن القومي المتطرّف إيتمار بن غفير يقول فيها: 'في المرحلة المقبلة، ما يجب إرساله إلى غزة هو القنابل.'
وطالبت عائلات الأسرى الإسرائيليين، اليوم السبت، حكومة نتنياهو بوقف ما وصفته بـ'الجنون' في قطاع غزة، والتوصل إلى صفقة شاملة مع حركة 'حماس' لإعادة أبنائهم 'المحتجزين' في القطاع.
وقال شقيق الأسير أفيتار: 'حالته الجسدية في الفيديو كانت كأنها مليون ضربة في قلبي.' فيما قال أوفير يونتات لصحيفة 'يديعوت': 'لا أريد الحديث عن تعثر المفاوضات، أريد فقط أن أسمع أن هناك مسؤولًا سياسيًا يفعل كل ما بوسعه ليعود أفيتار و49 أسيرًا آخرين.'
أما أليكس، نجل المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، فقال: 'أفيتار كان شابًا مشرقًا وبصحة جيدة، الآن يبدو جائعًا بالكاد يمكن التعرّف عليه. جسده الهزيل وعيناه الغائرتان تذكّراننا بصور اليهود في معسكرات الاعتقال النازية.'
لغة الصورة تنتصر
ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي، أمين الحاج، أن هذا الفيديو لم يكن مجرد رسالة إعلامية عابرة، بل يؤسس لمعادلة مواجهة جديدة، تعتمد على لغة الجسد والصورة والواقع الإنساني القاسي، التي استطاعت اختراق الجدار السميك للرواية الرسمية الإسرائيلية، وتجاوز مقص الرقابة.
وقال الحاج لصحيفة 'فلسطين' إن الأهمية الاستثنائية لهذا المقطع تكمن في نجاحه في كسر جدار الإنكار والتجاهل، ووصوله إلى الرأي العام الإسرائيلي دون حواجز، حيث تحوّلت حالة الأسير إلى دليل ملموس لا يمكن إنكاره، ورسالة أخلاقية واضحة: أن الاحتلال نفسه لا ينجو من سياساته العدوانية، بل أصبح أسراه أيضًا ضحايا 'هندسة التجويع' التي فرضها على غزة.
وأضاف: 'ما بعد الفيديو لن يكون كما قبله. حكومة الاحتلال تواجه الآن ضغطًا شعبيًا داخليًا متصاعدًا، بالتزامن مع تعثّر واضح في إدارة الحرب والمفاوضات. المجتمع الإسرائيلي بدأ يدرك أنه رهينة سياسات متطرفة تقوده إلى مزيد من الخسائر الإنسانية والسياسية.'
وأشار إلى أن الفيديو قد يدفع (إسرائيل) إلى مراجعة حساباتها، ليس فقط فيما يخص صفقة تبادل الأسرى، بل في سياساتها تجاه غزة بشكل عام، لأن قوة الصورة هذه المرة فاقت قدرة آلة الإعلام الإسرائيلي على احتوائها أو التلاعب بها.
التوقيت والدلالة
ويرى الحاج أن توقيت نشر الفيديو كان مدروسًا بدقة، تزامنًا مع تعثر مفاوضات الدوحة، وتشديد الحصار، وتصعيد سياسة التجويع، مما جعل الرسالة أكثر وضوحًا للرأي العام الإسرائيلي: 'حكومتكم تستخف بحياة أبنائكم وتضحّي بهم لمصالح داخلية.'
ويرى أن كتائب القسام نجحت بوضوح في خلق معادلة إعلامية جديدة: ربط مصير الأسير الإسرائيلي أفيتار بالمجاعة التي تفرضها حكومته على سكان غزة، مجسّدة بذلك صورة إنسانية قاسية يصعب تجاهلها.
كما أرادت القسام، وفق الحاج، إبراز التناقض الصارخ بين الرواية الإسرائيلية التي تتغنّى بـ'الإنسانية'، وبين ممارساتها الممنهجة للتجويع والإبادة، وهي لحظة فاصلة تسعى المقاومة الفلسطينية لاستثمارها في إظهار قوة أخلاقية وإعلامية، واستراتيجية جديدة في إدارة ملف الأسرى، تعتمد الضغط النفسي والشعبي.
ضربة عميقة في العمق الإسرائيلي
وحول حجم التأثير، لفت الحاج إلى أن الفيديو أحدث شرخًا حقيقيًا داخل المجتمع الإسرائيلي، إذ أظهر أن سياسات نتنياهو وحلفائه المتطرفين، مثل بن غفير وسموتريتش، باتت تؤدي إلى نتائج كارثية، حتى على الأسرى أنفسهم.
وأضاف: 'الفيديو أعاد ملف صفقة الأسرى إلى الواجهة، وشكّل ضغطًا نفسيًا وأخلاقيًا وإعلاميًا كبيرًا على قيادة الاحتلال، التي تواجه أصلًا أزمة داخلية واحتجاجات متصاعدة.'
واختتم بالقول: 'إن دلالة عدم تصديق المجتمع الإسرائيلي لحالة المجاعة إلا بعد رؤية جسد الأسير، تعكس عنصرية متجذرة واستعلاء متأصل في العقلية الإسرائيلية، التي لم تُحرّكها آلاف صور الأطفال والنساء الذين يموتون جوعًا في غزة، لكنها اهتزت حين ظهر 'واحد منهم' يعاني كما يعاني ضحاياهم.'
أخبار اليوم - على مدار الفترة الماضية، ركّز الإعلام الإسرائيلي على التقليل من آثار تجويع سكان قطاع غزة، وشكّك في تقارير المنظمات الدولية التي تحدثت عن مجاعة حقيقية، لكن حين ظهر الأسير الإسرائيلي أفيتار دافيد في مقطع مصوَّر نشرته كتائب القسام، بجسدٍ هزيل ينهشه الجوع، تغيّر المشهد.
وبدأت المطالبات الداخلية في (إسرائيل) بمراجعة السياسة الحالية، لا 'رحمة بأهالي غزة'، بل لأن عشرين أو ثلاثين إسرائيليًّا باتوا هم أنفسهم ضحية مباشرة لسياسة التجويع ذاتها.
لم يتخيّل الإسرائيليون أن سياسة التجويع التي تفرضها حكومتهم كسلاح من أسلحة الحرب، ستطال أسراهم أنفسهم. فجسد الأسير الهزيل بدا كما لو كان أحد جوعى غزة، في صورة صادمة لم تترك مجالًا للإنكار.
ونشرت كتائب عز الدين القسام، أول من أمس، مقطع فيديو يظهر فيه الأسير وهو يعاني من فقدان حاد في الوزن، في نتيجة مباشرة لاستمرار سياسة التجويع الإسرائيلية المتزامنة مع حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ نحو 22 شهرًا.
وذكرت الكتائب، في المقطع الذي بثّته عبر منصتها على 'تلغرام'، أن الأسير 'كان ينتظر أن يخرج في صفقة تبادل'. وقد ظهر وهو جالس على سرير في غرفة ضيقة، وعليه علامات واضحة لسوء التغذية، حيث برزت أضلعه بشكل لافت، في مشهد يعكس جانبًا من سياسة التجويع الإسرائيلية. واختُتم الفيديو بعبارة: 'يأكلون مما نأكل، ويشربون مما نشرب.'
صدمة وردود فعل غاضبة
أثار الفيديو عاصفة من ردود الفعل الغاضبة في الأوساط الإعلامية والسياسية الإسرائيلية. وقال زعيم المعارضة، يائير لابيد، في منشور عبر منصة 'إكس': 'على كل عضو في الحكومة أن يشاهد اليوم فيديو أفيتار قبل أن يذهب للنوم، وأن يحاول أن يغفو وهو يفكر في أفيتار يحاول البقاء على قيد الحياة داخل النفق.'
وتضمّن الفيديو مشاهد رمزية لتجويع أطفال غزة، تلتها تصريحات لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يتحدث فيها عن إدخال 'الحد الأدنى من المساعدات'، وأخرى لوزير الأمن القومي المتطرّف إيتمار بن غفير يقول فيها: 'في المرحلة المقبلة، ما يجب إرساله إلى غزة هو القنابل.'
وطالبت عائلات الأسرى الإسرائيليين، اليوم السبت، حكومة نتنياهو بوقف ما وصفته بـ'الجنون' في قطاع غزة، والتوصل إلى صفقة شاملة مع حركة 'حماس' لإعادة أبنائهم 'المحتجزين' في القطاع.
وقال شقيق الأسير أفيتار: 'حالته الجسدية في الفيديو كانت كأنها مليون ضربة في قلبي.' فيما قال أوفير يونتات لصحيفة 'يديعوت': 'لا أريد الحديث عن تعثر المفاوضات، أريد فقط أن أسمع أن هناك مسؤولًا سياسيًا يفعل كل ما بوسعه ليعود أفيتار و49 أسيرًا آخرين.'
أما أليكس، نجل المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، فقال: 'أفيتار كان شابًا مشرقًا وبصحة جيدة، الآن يبدو جائعًا بالكاد يمكن التعرّف عليه. جسده الهزيل وعيناه الغائرتان تذكّراننا بصور اليهود في معسكرات الاعتقال النازية.'
لغة الصورة تنتصر
ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي، أمين الحاج، أن هذا الفيديو لم يكن مجرد رسالة إعلامية عابرة، بل يؤسس لمعادلة مواجهة جديدة، تعتمد على لغة الجسد والصورة والواقع الإنساني القاسي، التي استطاعت اختراق الجدار السميك للرواية الرسمية الإسرائيلية، وتجاوز مقص الرقابة.
وقال الحاج لصحيفة 'فلسطين' إن الأهمية الاستثنائية لهذا المقطع تكمن في نجاحه في كسر جدار الإنكار والتجاهل، ووصوله إلى الرأي العام الإسرائيلي دون حواجز، حيث تحوّلت حالة الأسير إلى دليل ملموس لا يمكن إنكاره، ورسالة أخلاقية واضحة: أن الاحتلال نفسه لا ينجو من سياساته العدوانية، بل أصبح أسراه أيضًا ضحايا 'هندسة التجويع' التي فرضها على غزة.
وأضاف: 'ما بعد الفيديو لن يكون كما قبله. حكومة الاحتلال تواجه الآن ضغطًا شعبيًا داخليًا متصاعدًا، بالتزامن مع تعثّر واضح في إدارة الحرب والمفاوضات. المجتمع الإسرائيلي بدأ يدرك أنه رهينة سياسات متطرفة تقوده إلى مزيد من الخسائر الإنسانية والسياسية.'
وأشار إلى أن الفيديو قد يدفع (إسرائيل) إلى مراجعة حساباتها، ليس فقط فيما يخص صفقة تبادل الأسرى، بل في سياساتها تجاه غزة بشكل عام، لأن قوة الصورة هذه المرة فاقت قدرة آلة الإعلام الإسرائيلي على احتوائها أو التلاعب بها.
التوقيت والدلالة
ويرى الحاج أن توقيت نشر الفيديو كان مدروسًا بدقة، تزامنًا مع تعثر مفاوضات الدوحة، وتشديد الحصار، وتصعيد سياسة التجويع، مما جعل الرسالة أكثر وضوحًا للرأي العام الإسرائيلي: 'حكومتكم تستخف بحياة أبنائكم وتضحّي بهم لمصالح داخلية.'
ويرى أن كتائب القسام نجحت بوضوح في خلق معادلة إعلامية جديدة: ربط مصير الأسير الإسرائيلي أفيتار بالمجاعة التي تفرضها حكومته على سكان غزة، مجسّدة بذلك صورة إنسانية قاسية يصعب تجاهلها.
كما أرادت القسام، وفق الحاج، إبراز التناقض الصارخ بين الرواية الإسرائيلية التي تتغنّى بـ'الإنسانية'، وبين ممارساتها الممنهجة للتجويع والإبادة، وهي لحظة فاصلة تسعى المقاومة الفلسطينية لاستثمارها في إظهار قوة أخلاقية وإعلامية، واستراتيجية جديدة في إدارة ملف الأسرى، تعتمد الضغط النفسي والشعبي.
ضربة عميقة في العمق الإسرائيلي
وحول حجم التأثير، لفت الحاج إلى أن الفيديو أحدث شرخًا حقيقيًا داخل المجتمع الإسرائيلي، إذ أظهر أن سياسات نتنياهو وحلفائه المتطرفين، مثل بن غفير وسموتريتش، باتت تؤدي إلى نتائج كارثية، حتى على الأسرى أنفسهم.
وأضاف: 'الفيديو أعاد ملف صفقة الأسرى إلى الواجهة، وشكّل ضغطًا نفسيًا وأخلاقيًا وإعلاميًا كبيرًا على قيادة الاحتلال، التي تواجه أصلًا أزمة داخلية واحتجاجات متصاعدة.'
واختتم بالقول: 'إن دلالة عدم تصديق المجتمع الإسرائيلي لحالة المجاعة إلا بعد رؤية جسد الأسير، تعكس عنصرية متجذرة واستعلاء متأصل في العقلية الإسرائيلية، التي لم تُحرّكها آلاف صور الأطفال والنساء الذين يموتون جوعًا في غزة، لكنها اهتزت حين ظهر 'واحد منهم' يعاني كما يعاني ضحاياهم.'
التعليقات