أخبار اليوم - في سوق الشيخ رضوان غرب مدينة غزة، يتنقّل المواطن الستيني محمد الغندور بين البسطات المتفرقة، محاولًا شراء بعض احتياجاته اليومية، إلا أن محاولاته كثيرًا ما تُقابل بعقبة غير متوقعة لعدم توفّر 'الفكة'، أو رفض البائعين التعامل بالأوراق النقدية المهترئة التي يحملها.
ويقول الغندور لـ 'فلسطين أون لاين': 'قبل الشراء، يسألني البائع: معك فكة؟ إذا لم أملك، لا يبيع لي، وإذا كانت العملة قديمة أو ممزقة قليلًا، يرفضها مباشرة، الأمر أصبح محبطًا'.
ليست هذه حالة فردية، فقطاع غزة، ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تواجه أزمة سيولة خانقة، شلت الدورة النقدية وعطّلت النظام المصرفي بشكل شبه كامل.
ومع اشتداد القصف الإسرائيلي، تدمّرت فروع كثيرة للبنوك، بينما أُغلقت الفروع المتبقية بسبب انعدام الأمن وانقطاع الكهرباء، وفق ما أفادت به سلطة النقد.
حتى أجهزة الصراف الآلي خرجت عن الخدمة، الأمر الذي أدى إلى شح كبير في توفر النقد، خاصة الفئات الصغيرة، ومع رفض سلطات الاحتلال إدخال الأموال الجديدة إلى القطاع، رغم المناشدات الدولية، أصبحت أزمة 'الفكة' والعملات المهترئة واقعًا يوميًا يعيق أبسط المعاملات المالية للمواطنين.
عملة مرفوضة
ويضطر المواطن علاء الزق، إلى إنفاق أوراق نقدية من فئة 200 شيكل لشراء حاجات لا يحتاجها، فقط لتجاوز أزمة الفكة.
ويقول لـ 'فلسطين أون لاين': 'أحيانًا أشتري أشياء زيادة عن الحاجة، فقط لأني لا أملك فكة، بعض الباعة يرفضون البيع لمن لا يحمل فئات صغيرة'.
ويشير الزق إلى أن الأزمة ليست فقط في عدم توفّر الفكة، بل في أن بعض البائعين يرفضون استلام عملات مهترئة حتى لو كانت سليمة من حيث القيمة، 'لدي نحو 1000 شيكل من فئات 20 و50 شيكل، لكنها تحتوي ثقوبًا صغيرة غير مرئية تقريبًا، ويرفض التجار استلامها'.
من جهته، يرى المواطن سليمان نبهان، وفق ما قاله لصحيفة'فلسطين' أن الأزمة ليست جديدة، بل تفاقمت مؤخرًا بسبب الحرب، مع توقف البنوك عن العمل وانعدام قدرة البنوك على جمع العملات التالفة واستبدالها.
ويؤكد أن بعض التجار يرفضون استلام فئات العشرة والعشرين شيكل نهائيًا، مما يزيد من تعقيد المشهد.
أزمة نقدية أم سياسية؟
الخبير الاقتصادي أحمد أبو قمر، يذهب أبعد من ذلك، مؤكدًا أن ما يجري في قطاع غزة ليس مجرد أزمة اقتصادية، بل 'أزمة سياسية بامتياز'.
ويضيف أبو قمر لـ 'فلسطين أون لاين': 'نحن أمام حرب اقتصادية موازية للحرب العسكرية، فالاحتلال الإسرائيلي يمنع إدخال السيولة النقدية الجديدة، ويشل عمل البنوك، ويغض الطرف عن اتفاقية باريس الاقتصادية التي تلزمه بإبقاء النظام المالي الفلسطيني متماسكًا'.
وبحسب أبو قمر، فإن غياب دور فاعل للبنوك وعدم قدرة سلطة النقد على جمع العملات المهترئة واستبدالها، فتح الباب أمام 'تجار السوق السوداء' للسيطرة على العملة المتداولة، والتحكم بما يتم قبوله أو رفضه، حتى وصل الأمر إلى 'شبه منع تداول فئة 10 شيكل'، وامتد الأمر لفئة 20 شيكل أيضًا.
ويرى أن الاحتلال يختار تجارًا بعينهم، ويتيح لهم التحكم في التداول النقدي داخل غزة، الأمر الذي ساهم في انتشار ظاهرة 'العملة المرفوضة'، وأضعف الثقة الشعبية في بعض الفئات الورقية، بما فيها فئة 100 و200 شيكل.
وبسبب تعطل البنوك، وفقدان قنوات التحويل الرسمية، اتجه المواطنون لتخزين ما لديهم من نقود بدلًا من ضخها في السوق، مما أحدث اختلالًا في الدورة النقدية.
ومع زيادة الطلب على الفئات الصغيرة، ارتفعت نسبة 'صرف العملات' أو ما يُعرف محليًا بـ'التكييش'، حتى وصلت في وقت سابق إلى 55%، ثم تراجعت إلى نحو 28% بعد دخول بعض الشاحنات التجارية وتفعيل البيع الإلكتروني المحدود عبر التطبيقات البنكية.
لكن هذه الحلول تبقى محدودة، كما يوضح أبو قمر، في ظل عدم توفر إنترنت مستقر، وغياب بنية تحتية رقمية تتيح الدفع الإلكتروني للجميع، بالإضافة إلى أن التطبيقات المصرفية لا تعمل إلا في ظروف خاصة، مما يقيد فعاليتها.
عملة منهكة
وفي ظل الحصار، تُستخدم العملات الورقية لفترات طويلة دون استبدال، مما يجعلها تتآكل. ويقول مواطنون إن الباعة يرفضون العملات المهترئة، رغم أنها قانونية، لأنها لم تعد 'صالحة للتداول' من وجهة نظرهم، وهو ما يزيد الطين بلة.
ويضيف أبو قمر: 'الاحتلال مسؤول مباشر عن جمع واستبدال هذه العملات، لأنه الجهة المصدّرة لها، لكنّه يتعمد تجاهل هذه المسؤولية، ليضيف عبئًا إضافيًا على سكان القطاع'.
ويرى مختصون أن الحل الأمثل يتمثل في إعادة تشغيل البنوك، والسماح بإدخال العملات الجديدة إلى غزة، وتمكين سلطة النقد من ممارسة دورها.
أما الدفع الإلكتروني، فهو حل جزئي يساعد في التخفيف من الأزمة، لكن لا يعالج جذورها. ويطالب المواطنون بالسماح للبنوك بإعادة فتح أبوابها، وتوفير الحد الأدنى من الخدمات المصرفية، وخاصة تلك المتعلقة بجمع العملات المهترئة وضخ السيولة الجديدة.
كما يُطالب بتوفير تطبيقات مصرفية تعمل بدون إنترنت، أو عبر الرسائل النصية، لتسهيل المعاملات في ظل انقطاع الكهرباء والشبكة المتكرر.
وفي النهاية، تبقى أزمة الفكة والعملة المهترئة في غزة صورة مصغّرة من واقع أكبر: اقتصاد محاصر، وبنية تحتية منهارة، وشعب يُحاصر من كل الجهات، حتى في أبسط تفاصيل حياته المالية.
أخبار اليوم - في سوق الشيخ رضوان غرب مدينة غزة، يتنقّل المواطن الستيني محمد الغندور بين البسطات المتفرقة، محاولًا شراء بعض احتياجاته اليومية، إلا أن محاولاته كثيرًا ما تُقابل بعقبة غير متوقعة لعدم توفّر 'الفكة'، أو رفض البائعين التعامل بالأوراق النقدية المهترئة التي يحملها.
ويقول الغندور لـ 'فلسطين أون لاين': 'قبل الشراء، يسألني البائع: معك فكة؟ إذا لم أملك، لا يبيع لي، وإذا كانت العملة قديمة أو ممزقة قليلًا، يرفضها مباشرة، الأمر أصبح محبطًا'.
ليست هذه حالة فردية، فقطاع غزة، ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تواجه أزمة سيولة خانقة، شلت الدورة النقدية وعطّلت النظام المصرفي بشكل شبه كامل.
ومع اشتداد القصف الإسرائيلي، تدمّرت فروع كثيرة للبنوك، بينما أُغلقت الفروع المتبقية بسبب انعدام الأمن وانقطاع الكهرباء، وفق ما أفادت به سلطة النقد.
حتى أجهزة الصراف الآلي خرجت عن الخدمة، الأمر الذي أدى إلى شح كبير في توفر النقد، خاصة الفئات الصغيرة، ومع رفض سلطات الاحتلال إدخال الأموال الجديدة إلى القطاع، رغم المناشدات الدولية، أصبحت أزمة 'الفكة' والعملات المهترئة واقعًا يوميًا يعيق أبسط المعاملات المالية للمواطنين.
عملة مرفوضة
ويضطر المواطن علاء الزق، إلى إنفاق أوراق نقدية من فئة 200 شيكل لشراء حاجات لا يحتاجها، فقط لتجاوز أزمة الفكة.
ويقول لـ 'فلسطين أون لاين': 'أحيانًا أشتري أشياء زيادة عن الحاجة، فقط لأني لا أملك فكة، بعض الباعة يرفضون البيع لمن لا يحمل فئات صغيرة'.
ويشير الزق إلى أن الأزمة ليست فقط في عدم توفّر الفكة، بل في أن بعض البائعين يرفضون استلام عملات مهترئة حتى لو كانت سليمة من حيث القيمة، 'لدي نحو 1000 شيكل من فئات 20 و50 شيكل، لكنها تحتوي ثقوبًا صغيرة غير مرئية تقريبًا، ويرفض التجار استلامها'.
من جهته، يرى المواطن سليمان نبهان، وفق ما قاله لصحيفة'فلسطين' أن الأزمة ليست جديدة، بل تفاقمت مؤخرًا بسبب الحرب، مع توقف البنوك عن العمل وانعدام قدرة البنوك على جمع العملات التالفة واستبدالها.
ويؤكد أن بعض التجار يرفضون استلام فئات العشرة والعشرين شيكل نهائيًا، مما يزيد من تعقيد المشهد.
أزمة نقدية أم سياسية؟
الخبير الاقتصادي أحمد أبو قمر، يذهب أبعد من ذلك، مؤكدًا أن ما يجري في قطاع غزة ليس مجرد أزمة اقتصادية، بل 'أزمة سياسية بامتياز'.
ويضيف أبو قمر لـ 'فلسطين أون لاين': 'نحن أمام حرب اقتصادية موازية للحرب العسكرية، فالاحتلال الإسرائيلي يمنع إدخال السيولة النقدية الجديدة، ويشل عمل البنوك، ويغض الطرف عن اتفاقية باريس الاقتصادية التي تلزمه بإبقاء النظام المالي الفلسطيني متماسكًا'.
وبحسب أبو قمر، فإن غياب دور فاعل للبنوك وعدم قدرة سلطة النقد على جمع العملات المهترئة واستبدالها، فتح الباب أمام 'تجار السوق السوداء' للسيطرة على العملة المتداولة، والتحكم بما يتم قبوله أو رفضه، حتى وصل الأمر إلى 'شبه منع تداول فئة 10 شيكل'، وامتد الأمر لفئة 20 شيكل أيضًا.
ويرى أن الاحتلال يختار تجارًا بعينهم، ويتيح لهم التحكم في التداول النقدي داخل غزة، الأمر الذي ساهم في انتشار ظاهرة 'العملة المرفوضة'، وأضعف الثقة الشعبية في بعض الفئات الورقية، بما فيها فئة 100 و200 شيكل.
وبسبب تعطل البنوك، وفقدان قنوات التحويل الرسمية، اتجه المواطنون لتخزين ما لديهم من نقود بدلًا من ضخها في السوق، مما أحدث اختلالًا في الدورة النقدية.
ومع زيادة الطلب على الفئات الصغيرة، ارتفعت نسبة 'صرف العملات' أو ما يُعرف محليًا بـ'التكييش'، حتى وصلت في وقت سابق إلى 55%، ثم تراجعت إلى نحو 28% بعد دخول بعض الشاحنات التجارية وتفعيل البيع الإلكتروني المحدود عبر التطبيقات البنكية.
لكن هذه الحلول تبقى محدودة، كما يوضح أبو قمر، في ظل عدم توفر إنترنت مستقر، وغياب بنية تحتية رقمية تتيح الدفع الإلكتروني للجميع، بالإضافة إلى أن التطبيقات المصرفية لا تعمل إلا في ظروف خاصة، مما يقيد فعاليتها.
عملة منهكة
وفي ظل الحصار، تُستخدم العملات الورقية لفترات طويلة دون استبدال، مما يجعلها تتآكل. ويقول مواطنون إن الباعة يرفضون العملات المهترئة، رغم أنها قانونية، لأنها لم تعد 'صالحة للتداول' من وجهة نظرهم، وهو ما يزيد الطين بلة.
ويضيف أبو قمر: 'الاحتلال مسؤول مباشر عن جمع واستبدال هذه العملات، لأنه الجهة المصدّرة لها، لكنّه يتعمد تجاهل هذه المسؤولية، ليضيف عبئًا إضافيًا على سكان القطاع'.
ويرى مختصون أن الحل الأمثل يتمثل في إعادة تشغيل البنوك، والسماح بإدخال العملات الجديدة إلى غزة، وتمكين سلطة النقد من ممارسة دورها.
أما الدفع الإلكتروني، فهو حل جزئي يساعد في التخفيف من الأزمة، لكن لا يعالج جذورها. ويطالب المواطنون بالسماح للبنوك بإعادة فتح أبوابها، وتوفير الحد الأدنى من الخدمات المصرفية، وخاصة تلك المتعلقة بجمع العملات المهترئة وضخ السيولة الجديدة.
كما يُطالب بتوفير تطبيقات مصرفية تعمل بدون إنترنت، أو عبر الرسائل النصية، لتسهيل المعاملات في ظل انقطاع الكهرباء والشبكة المتكرر.
وفي النهاية، تبقى أزمة الفكة والعملة المهترئة في غزة صورة مصغّرة من واقع أكبر: اقتصاد محاصر، وبنية تحتية منهارة، وشعب يُحاصر من كل الجهات، حتى في أبسط تفاصيل حياته المالية.
أخبار اليوم - في سوق الشيخ رضوان غرب مدينة غزة، يتنقّل المواطن الستيني محمد الغندور بين البسطات المتفرقة، محاولًا شراء بعض احتياجاته اليومية، إلا أن محاولاته كثيرًا ما تُقابل بعقبة غير متوقعة لعدم توفّر 'الفكة'، أو رفض البائعين التعامل بالأوراق النقدية المهترئة التي يحملها.
ويقول الغندور لـ 'فلسطين أون لاين': 'قبل الشراء، يسألني البائع: معك فكة؟ إذا لم أملك، لا يبيع لي، وإذا كانت العملة قديمة أو ممزقة قليلًا، يرفضها مباشرة، الأمر أصبح محبطًا'.
ليست هذه حالة فردية، فقطاع غزة، ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تواجه أزمة سيولة خانقة، شلت الدورة النقدية وعطّلت النظام المصرفي بشكل شبه كامل.
ومع اشتداد القصف الإسرائيلي، تدمّرت فروع كثيرة للبنوك، بينما أُغلقت الفروع المتبقية بسبب انعدام الأمن وانقطاع الكهرباء، وفق ما أفادت به سلطة النقد.
حتى أجهزة الصراف الآلي خرجت عن الخدمة، الأمر الذي أدى إلى شح كبير في توفر النقد، خاصة الفئات الصغيرة، ومع رفض سلطات الاحتلال إدخال الأموال الجديدة إلى القطاع، رغم المناشدات الدولية، أصبحت أزمة 'الفكة' والعملات المهترئة واقعًا يوميًا يعيق أبسط المعاملات المالية للمواطنين.
عملة مرفوضة
ويضطر المواطن علاء الزق، إلى إنفاق أوراق نقدية من فئة 200 شيكل لشراء حاجات لا يحتاجها، فقط لتجاوز أزمة الفكة.
ويقول لـ 'فلسطين أون لاين': 'أحيانًا أشتري أشياء زيادة عن الحاجة، فقط لأني لا أملك فكة، بعض الباعة يرفضون البيع لمن لا يحمل فئات صغيرة'.
ويشير الزق إلى أن الأزمة ليست فقط في عدم توفّر الفكة، بل في أن بعض البائعين يرفضون استلام عملات مهترئة حتى لو كانت سليمة من حيث القيمة، 'لدي نحو 1000 شيكل من فئات 20 و50 شيكل، لكنها تحتوي ثقوبًا صغيرة غير مرئية تقريبًا، ويرفض التجار استلامها'.
من جهته، يرى المواطن سليمان نبهان، وفق ما قاله لصحيفة'فلسطين' أن الأزمة ليست جديدة، بل تفاقمت مؤخرًا بسبب الحرب، مع توقف البنوك عن العمل وانعدام قدرة البنوك على جمع العملات التالفة واستبدالها.
ويؤكد أن بعض التجار يرفضون استلام فئات العشرة والعشرين شيكل نهائيًا، مما يزيد من تعقيد المشهد.
أزمة نقدية أم سياسية؟
الخبير الاقتصادي أحمد أبو قمر، يذهب أبعد من ذلك، مؤكدًا أن ما يجري في قطاع غزة ليس مجرد أزمة اقتصادية، بل 'أزمة سياسية بامتياز'.
ويضيف أبو قمر لـ 'فلسطين أون لاين': 'نحن أمام حرب اقتصادية موازية للحرب العسكرية، فالاحتلال الإسرائيلي يمنع إدخال السيولة النقدية الجديدة، ويشل عمل البنوك، ويغض الطرف عن اتفاقية باريس الاقتصادية التي تلزمه بإبقاء النظام المالي الفلسطيني متماسكًا'.
وبحسب أبو قمر، فإن غياب دور فاعل للبنوك وعدم قدرة سلطة النقد على جمع العملات المهترئة واستبدالها، فتح الباب أمام 'تجار السوق السوداء' للسيطرة على العملة المتداولة، والتحكم بما يتم قبوله أو رفضه، حتى وصل الأمر إلى 'شبه منع تداول فئة 10 شيكل'، وامتد الأمر لفئة 20 شيكل أيضًا.
ويرى أن الاحتلال يختار تجارًا بعينهم، ويتيح لهم التحكم في التداول النقدي داخل غزة، الأمر الذي ساهم في انتشار ظاهرة 'العملة المرفوضة'، وأضعف الثقة الشعبية في بعض الفئات الورقية، بما فيها فئة 100 و200 شيكل.
وبسبب تعطل البنوك، وفقدان قنوات التحويل الرسمية، اتجه المواطنون لتخزين ما لديهم من نقود بدلًا من ضخها في السوق، مما أحدث اختلالًا في الدورة النقدية.
ومع زيادة الطلب على الفئات الصغيرة، ارتفعت نسبة 'صرف العملات' أو ما يُعرف محليًا بـ'التكييش'، حتى وصلت في وقت سابق إلى 55%، ثم تراجعت إلى نحو 28% بعد دخول بعض الشاحنات التجارية وتفعيل البيع الإلكتروني المحدود عبر التطبيقات البنكية.
لكن هذه الحلول تبقى محدودة، كما يوضح أبو قمر، في ظل عدم توفر إنترنت مستقر، وغياب بنية تحتية رقمية تتيح الدفع الإلكتروني للجميع، بالإضافة إلى أن التطبيقات المصرفية لا تعمل إلا في ظروف خاصة، مما يقيد فعاليتها.
عملة منهكة
وفي ظل الحصار، تُستخدم العملات الورقية لفترات طويلة دون استبدال، مما يجعلها تتآكل. ويقول مواطنون إن الباعة يرفضون العملات المهترئة، رغم أنها قانونية، لأنها لم تعد 'صالحة للتداول' من وجهة نظرهم، وهو ما يزيد الطين بلة.
ويضيف أبو قمر: 'الاحتلال مسؤول مباشر عن جمع واستبدال هذه العملات، لأنه الجهة المصدّرة لها، لكنّه يتعمد تجاهل هذه المسؤولية، ليضيف عبئًا إضافيًا على سكان القطاع'.
ويرى مختصون أن الحل الأمثل يتمثل في إعادة تشغيل البنوك، والسماح بإدخال العملات الجديدة إلى غزة، وتمكين سلطة النقد من ممارسة دورها.
أما الدفع الإلكتروني، فهو حل جزئي يساعد في التخفيف من الأزمة، لكن لا يعالج جذورها. ويطالب المواطنون بالسماح للبنوك بإعادة فتح أبوابها، وتوفير الحد الأدنى من الخدمات المصرفية، وخاصة تلك المتعلقة بجمع العملات المهترئة وضخ السيولة الجديدة.
كما يُطالب بتوفير تطبيقات مصرفية تعمل بدون إنترنت، أو عبر الرسائل النصية، لتسهيل المعاملات في ظل انقطاع الكهرباء والشبكة المتكرر.
وفي النهاية، تبقى أزمة الفكة والعملة المهترئة في غزة صورة مصغّرة من واقع أكبر: اقتصاد محاصر، وبنية تحتية منهارة، وشعب يُحاصر من كل الجهات، حتى في أبسط تفاصيل حياته المالية.
التعليقات