د. عَايِشُ ٱلنَّوَائِسَةُ
إِنَّ ٱلتَّعَلُّمَ ظَاهِرَةٌ مُعَقَّدَةٌ، تَتَدَاخَلُ فِيهَا عَنَاصِرُ مُتَعَدِّدَةٌ، أَبْرَزُهَا ٱلْمُعَلِّمُونَ وَٱلطُّلَّابُ وَٱلْمَبَاحِثُ ٱلدِّرَاسِيَّةُ فِي تَفَاعُلٍ دِينَامِيكِيٍّ مُسْتَمِرٍّ. وَتَكَادُ تَجْمَعُ ٱلدِّرَاسَاتُ ٱلتَّرْبَوِيَّةُ وَٱلنَّفْسِيَّةُ عَلَى أَنَّ ٱلْمُعَلِّمَ هُوَ حَجَرُ ٱلزَّاوِيَةِ فِي ٱلْعَمَلِيَّةِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ. وَقَدْ أَظْهَرَتْ نَتَائِجُ ٱلدِّرَاسَاتِ أَنَّ نَجَاحَ ٱلتَّعْلِيمِ يُعْزَى بِنِسْبَةِ (٦٠٪) إِلَى ٱلْمُعَلِّمِ، بَيْنَمَا تَتَوَزَّعُ ٱلنِّسْبَةُ ٱلْمُتَبَقِّيَةُ (٤٠٪) بَيْنَ ٱلْمَنَاهِجِ ٱلدِّرَاسِيَّةِ، وَٱلْكُتُبِ، وَٱلْإِدَارَةِ، وَٱلْأَنْشِطَةِ ٱلْأُخْرَى فِي ٱلْمَدْرَسَةِ. وَمِنْ هُنَا يَتَّضِحُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ ٱلنَّظَرِيَّاتِ وَٱلْمَدَارِسِ ٱلتَّرْبَوِيَّةِ عَلَى أَنَّ ٱلْمُعَلِّمَ هُوَ ٱلْعُنْصُرُ ٱلْأَكْثَرُ فَاعِلِيَّةً وَتَأْثِيرًا فِي ٱلْعَمَلِيَّةِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ. وَمِهْنَةٌ بِهَذِهِ ٱلْمَسْؤُولِيَّةِ لَا بُدَّ أَنْ تَتَطَلَّبَ مِمَّنْ يُمَارِسُهَا قَدْرًا عَالِيًا مِنَ ٱلْكَفَاءَاتِ وَٱلصَّلَاحِيَّاتِ.
فَقَضِيَّةُ ٱلْمُعَلِّمِ تُعَدُّ قَاسِمًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ جَمِيعِ ٱلْأَنْظِمَةِ ٱلتَّرْبَوِيَّةِ، وَيَتَّفِقُ قَادَةُ ٱلْفِكْرِ وَٱلْمُرَبُّونَ عَلَى أَنَّ ٱلْمُعَلِّمَ هُوَ ٱلْعُنْصُرُ ٱلْفَعَّالُ فِي تَحْقِيقِ ٱلْأَهْدَافِ ٱلتَّرْبَوِيَّةِ، وَٱلرَّكِيزَةُ ٱلْأَسَاسِيَّةُ فِي ٱلْعَمَلِيَّةِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ ٱلَّتِي لَا تَعْلُوهَا وَسِيلَةٌ أُخْرَى. فَأَيُّ بَرْنَامَجٍ مُخَطَّطٍ لِتَرْبِيَةِ ٱلنَّشْءِ – مَهْمَا بَلَغَتْ كَفَاءَتُهُ – لَا يُغْنِي عَنْ كَفَاءَةِ ٱلْمُعَلِّمِ، وَلَا جَدْوَى مِنْهُ إِذَا لَمْ يُحْسِنِ ٱلْمُعَلِّمُ تَنْفِيذَهُ بِعِلْمِهِ وَخِبْرَتِهِ وَمَهَارَتِهِ.
وَلَعَلَّ هَذِهِ ٱلْأَدْوَارَ ٱلْمُتَعَدِّدَةَ ٱلَّتِي يَضْطَلِعُ بِهَا ٱلْمُعَلِّمُ تُحَتِّمُ لَهُ بَعْضَ ٱلْحُقُوقِ، لِيُؤَدِّيَ مِهْنَتَهُ ٱلَّتِي تُعَدُّ مِنْ أَرْقَى ٱلْمِهَنِ ٱلْفَنِّيَّةِ ٱلدَّقِيقَةِ، فَضْلًا عَنْ كَوْنِهَا عَمَلِيَّةً تَرْبَوِيَّةً تَعْلِيمِيَّةً قَائِمَةً عَلَى أُسُسٍ وَنَظَرِيَّاتٍ عِلْمِيَّةٍ، وَهِيَ فِي جَوْهَرِهَا عَمَلِيَّةُ بِنَاءٍ وَتَكْوِينٍ لِلْأَجْيَالِ.
فَمِنْ أَهَمِّ حُقُوقِ ٱلْمُعَلِّمِ أَنْ يَحْصُلَ عَلَى إِعْدَادٍ مِهْنِيٍّ مُتَخَصِّصٍ يُزَوِّدُهُ بِٱلْمَهَارَاتِ ٱلْفَنِّيَّةِ، وَٱلسُّلُوكِ ٱلْمِهْنِيِّ، وَٱلْقِيَمِ وَٱلِٱتِّجَاهَاتِ ٱلْمُرْتَبِطَةِ بِمِهْنَةِ ٱلتَّعْلِيمِ، لِيُصْبِحَ مُؤَهَّلًا لِمُزَاوَلَتِهَا. كَمَا يَجِبُ أَنْ يُتَاحَ لَهُ قَدْرٌ وَافٍ مِنَ ٱلْمَعْلُومَاتِ وَٱلْخِبْرَاتِ ٱلْمُرْتَبِطَةِ بِٱلْبِيئَةِ ٱلْمَدْرَسِيَّةِ وَأَهْدَافِهَا وَوَظَائِفِهَا، وَتَحْفِيزُهُ عَلَى مُوَاصَلَةِ ٱلْبَحْثِ ٱلْعِلْمِيِّ، وَإِصْدَارِ ٱلْأَحْكَامِ ٱلْمِهْنِيَّةِ بِحُرِّيَّةٍ وَنَزَاهَةٍ.
وَلِكَيْ يَتَمَكَّنَ ٱلْمُعَلِّمُ مِنْ أَدَاءِ وَاجِبَاتِهِ تُجَاهَ ٱلطُّلَّابِ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ، يَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ ٱلْمُجْتَمَعُ بِٱلْتِزَامِهِ ٱلْأَخْلَاقِيِّ تُجَاهَهُ، لِيَكُونَ ذٰلِكَ حَافِزًا لِنُمُوِّهِ ٱلْمِهْنِيِّ. كَمَا يَقَعُ عَلَى عَاتِقِ ٱلْجِهَاتِ ٱلْإِدَارِيَّةِ ٱلْعُلْيَا تَوْفِيرُ بِيئَةِ عَمَلٍ مُنَاسِبَةٍ لِلْمُعَلِّمِ؛ لِتَعْزِيزِ فَاعِلِيَّتِهِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ، بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى تَقْدِيمِ ٱلْحَوَافِزِ ٱلْمَادِّيَّةِ ٱلَّتِي تَضْمَنُ لَهُ ٱلِٱسْتِقْرَارَ وَٱلرِّضَا.
وَمِنْ حُقُوقِ ٱلْمُعَلِّمِ أَيْضًا تَشْجِيعُهُ عَلَى ٱلتَّفْكِيرِ وَٱلتَّجْرِيبِ ٱلْمِهْنِيِّ ٱلْمَبْنِيِّ عَلَى أُسُسٍ عِلْمِيَّةٍ مَدْرُوسَةٍ، وَتَنْمِيَةُ قُدُرَاتِهِ عَلَى ٱلتَّفْكِيرِ ٱلسَّلِيمِ، وَٱسْتِخْلَاصِ ٱلنَّتَائِجِ، وَٱلِٱطِّلَاعِ ٱلْمُسْتَمِرِّ عَلَى ٱلْمُسْتَجَدَّاتِ فِي ٱلْمَنَاهِجِ وَٱلْوَسَائِلِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ، بِمَا يُسْهِمُ فِي نُمُوِّهِ ٱلْمِهْنِيِّ وَشُعُورِهِ بِٱلْكِفَايَةِ وَٱلْفَاعِلِيَّةِ.
وَلَمَّا كَانَ ٱلْمُعَلِّمُ هُوَ ٱلْعُنْصُرَ ٱلْحَاسِمَ فِي نَجَاحِ ٱلْعَمَلِيَّةِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ–ٱلتَّعَلُّمِيَّةِ، فَهُوَ مُحَرِّكُهَا وَمُوَجِّهُهَا نَحْوَ تَحْقِيقِ أَهْدَافِهَا بِكَفَاءَةٍ وَفَاعِلِيَّةٍ؛ فَلَا بُدَّ لَهُ، لِأَدَاءِ دَوْرِهِ بِفَاعِلِيَّةٍ، أَنْ يَشْعُرَ بِٱلْأَمْنِ وَٱلرِّضَا وَٱلِٱسْتِقْرَارِ، لِيُقْبِلَ عَلَى عَمَلِهِ بِرَغْبَةٍ وَٱطْمِئْنَانٍ. وَيَتَطَلَّبُ ذٰلِكَ مَنْحَهُ مَكَانَةً ٱجْتِمَاعِيَّةً مَرْمُوقَةً، وَضَمَانَ ٱكْتِفَاءٍ ٱقْتِصَادِيٍّ يُوَفِّرُ لَهُ حَيَاةً كَرِيمَةً، وَٱلِٱعْتِرَافَ بِهِ كَصَاحِبِ مِهْنَةٍ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مُزَاوَلَتُهَا إِلَّا بِإِجَازَةٍ. كَمَا يَجِبُ ٱلِٱسْتِجَابَةُ لِمَطَالِبِهِ، وَمَنْحُهُ كَامِلَ حُقُوقِهِ فِي ٱلتَّدْرِيبِ وَٱلتَّطْوِيرِ وَٱلدِّرَاسَةِ وَٱلرَّاتِبِ وَٱلْإِجَازَةِ وَٱلتَّأْمِينِ ٱلصِّحِّيِّ وَٱلسَّكَنِ ٱلْمُنَاسِبِ، وَٱلتَّمَتُّعِ بِٱلْكَرَامَةِ وَٱلْمُسَاوَاةِ فِي ٱلتَّرْقِيَةِ وَٱلتَّعْيِينِ.
إِنَّ أَهْلِيَّةَ ٱلْمُعَلِّمِينَ ٱلْوَظِيفِيَّةَ تُصْبِحُ غَيْرَ فَاعِلَةٍ إِذَا شَعَرُوا بِٱلتَّوَتُّرِ وَٱلْقَلَقِ؛ مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى سُلُوكٍ تَعْلِيمِيٍّ مُشَوَّشٍ يُؤَثِّرُ سَلْبًا فِي تَعَلُّمِ ٱلطُّلَّابِ وَنُمُوِّهِمْ، وَيُنْتِجُ مُجْتَمَعًا ضَعِيفًا فِي كَوَادِرِهِ وَمُسْتَقْبَلِهِ. وَعَلَى ٱلْعَكْسِ، فَإِنَّ ٱلشُّعُورَ بِٱلْأَمَانِ وَٱلثِّقَةِ يَنْعَكِسُ إِيجَابًا عَلَى أَدَاءِ ٱلْمُعَلِّمِ، وَبِٱلتَّالِي عَلَى جَوْدَةِ ٱلتَّعْلِيمِ.
وَمِنْ أَبْرَزِ أَسْبَابِ ٱلتَّوَتُّرِ ٱلنَّفْسِيِّ وَٱلْقَلَقِ ٱلْوَظِيفِيِّ لَدَى ٱلْمُعَلِّمِينَ: ٱلْعَوَامِلُ ٱلْخَارِجِيَّةُ كَٱلضُّغُوطِ ٱلْمِهْنِيَّةِ، وَٱلْعِبْءِ ٱلْمَادِّيِّ، وَمُشْكِلَاتِ ٱلْأُسْرَةِ، إِضَافَةً إِلَى ٱلْعَوَامِلِ ٱلدَّاخِلِيَّةِ مِثْلَ ٱلْعَوَاطِفِ ٱلْمَكْبُوتَةِ، وَٱلْمُعْتَقَدَاتِ ٱلسَّلْبِيَّةِ، وَٱلتَّصَوُّرَاتِ ٱلْخَاطِئَةِ.
وَلِإِنْتَاجِ مُخْرَجَاتٍ تَعْلِيمِيَّةٍ نَوْعِيَّةٍ، لَا بُدَّ مِنْ إِعَادَةِ ٱلنَّظَرِ فِي دَوْرِ ٱلْمُعَلِّمِ وَتَعْزِيزِ مَكَانَتِهِ، بِٱعْتِبَارِهِ رَكِيزَةً أَسَاسِيَّةً فِي عَمَلِيَّةِ ٱلتَّعْلِيمِ وَٱلتَّعَلُّمِ. وَيَقْتَضِي ذٰلِكَ تَنَاوُلَ دَوْرِ ٱلْمُعَلِّمِ فِي إِطَارٍ شُمُولِيٍّ تَكَامُلِيٍّ يَشْمَلُ ٱلْجَوَانِبَ ٱلشَّخْصِيَّةَ وَٱلْفِكْرِيَّةَ وَٱلْإِنْسَانِيَّةَ وَٱلْمَعْرِفِيَّةَ وَٱلْمِهْنِيَّةَ، بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى تَرْسِيخِ ثَقَافَةِ ٱحْتِرَامِ ٱلْمُعَلِّمِ، وَتَعْزِيزِ ٱنْتِمَائِهِ لِمِهْنَتِهِ، وَزِيَادَةِ وَعْيِهِ بِحُقُوقِهِ وَوَاجِبَاتِهِ، وَحِمَايَتِهِ بِٱلْقَوَانِينِ، وَتَحْدِيثِ مَعَارِفِهِ وَمَهَارَاتِهِ وَٱسْتِرَاتِيجِيَّاتِهِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ؛ ٱسْتِجَابَةً لِلْمُتَغَيِّرَاتِ ٱلسَّرِيعَةِ عَبْرَ بَرَامِجَ تَدْرِيبٍ مُسْتَمِرَّةٍ. كَمَا يَجِبُ تَعْزِيزُ ٱلدَّوْرِ ٱلْقِيَادِيِّ لِلْمُعَلِّمِ، وَتَدْرِيبُهُ لِيَكُونَ قَادِرًا عَلَى ٱسْتِنْهَاضِ طَاقَاتِ ٱلطُّلَّابِ ٱلْإِبْدَاعِيَّةِ وَٱلْخَلَّاقَةِ.
د. عَايِشُ ٱلنَّوَائِسَةُ
إِنَّ ٱلتَّعَلُّمَ ظَاهِرَةٌ مُعَقَّدَةٌ، تَتَدَاخَلُ فِيهَا عَنَاصِرُ مُتَعَدِّدَةٌ، أَبْرَزُهَا ٱلْمُعَلِّمُونَ وَٱلطُّلَّابُ وَٱلْمَبَاحِثُ ٱلدِّرَاسِيَّةُ فِي تَفَاعُلٍ دِينَامِيكِيٍّ مُسْتَمِرٍّ. وَتَكَادُ تَجْمَعُ ٱلدِّرَاسَاتُ ٱلتَّرْبَوِيَّةُ وَٱلنَّفْسِيَّةُ عَلَى أَنَّ ٱلْمُعَلِّمَ هُوَ حَجَرُ ٱلزَّاوِيَةِ فِي ٱلْعَمَلِيَّةِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ. وَقَدْ أَظْهَرَتْ نَتَائِجُ ٱلدِّرَاسَاتِ أَنَّ نَجَاحَ ٱلتَّعْلِيمِ يُعْزَى بِنِسْبَةِ (٦٠٪) إِلَى ٱلْمُعَلِّمِ، بَيْنَمَا تَتَوَزَّعُ ٱلنِّسْبَةُ ٱلْمُتَبَقِّيَةُ (٤٠٪) بَيْنَ ٱلْمَنَاهِجِ ٱلدِّرَاسِيَّةِ، وَٱلْكُتُبِ، وَٱلْإِدَارَةِ، وَٱلْأَنْشِطَةِ ٱلْأُخْرَى فِي ٱلْمَدْرَسَةِ. وَمِنْ هُنَا يَتَّضِحُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ ٱلنَّظَرِيَّاتِ وَٱلْمَدَارِسِ ٱلتَّرْبَوِيَّةِ عَلَى أَنَّ ٱلْمُعَلِّمَ هُوَ ٱلْعُنْصُرُ ٱلْأَكْثَرُ فَاعِلِيَّةً وَتَأْثِيرًا فِي ٱلْعَمَلِيَّةِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ. وَمِهْنَةٌ بِهَذِهِ ٱلْمَسْؤُولِيَّةِ لَا بُدَّ أَنْ تَتَطَلَّبَ مِمَّنْ يُمَارِسُهَا قَدْرًا عَالِيًا مِنَ ٱلْكَفَاءَاتِ وَٱلصَّلَاحِيَّاتِ.
فَقَضِيَّةُ ٱلْمُعَلِّمِ تُعَدُّ قَاسِمًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ جَمِيعِ ٱلْأَنْظِمَةِ ٱلتَّرْبَوِيَّةِ، وَيَتَّفِقُ قَادَةُ ٱلْفِكْرِ وَٱلْمُرَبُّونَ عَلَى أَنَّ ٱلْمُعَلِّمَ هُوَ ٱلْعُنْصُرُ ٱلْفَعَّالُ فِي تَحْقِيقِ ٱلْأَهْدَافِ ٱلتَّرْبَوِيَّةِ، وَٱلرَّكِيزَةُ ٱلْأَسَاسِيَّةُ فِي ٱلْعَمَلِيَّةِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ ٱلَّتِي لَا تَعْلُوهَا وَسِيلَةٌ أُخْرَى. فَأَيُّ بَرْنَامَجٍ مُخَطَّطٍ لِتَرْبِيَةِ ٱلنَّشْءِ – مَهْمَا بَلَغَتْ كَفَاءَتُهُ – لَا يُغْنِي عَنْ كَفَاءَةِ ٱلْمُعَلِّمِ، وَلَا جَدْوَى مِنْهُ إِذَا لَمْ يُحْسِنِ ٱلْمُعَلِّمُ تَنْفِيذَهُ بِعِلْمِهِ وَخِبْرَتِهِ وَمَهَارَتِهِ.
وَلَعَلَّ هَذِهِ ٱلْأَدْوَارَ ٱلْمُتَعَدِّدَةَ ٱلَّتِي يَضْطَلِعُ بِهَا ٱلْمُعَلِّمُ تُحَتِّمُ لَهُ بَعْضَ ٱلْحُقُوقِ، لِيُؤَدِّيَ مِهْنَتَهُ ٱلَّتِي تُعَدُّ مِنْ أَرْقَى ٱلْمِهَنِ ٱلْفَنِّيَّةِ ٱلدَّقِيقَةِ، فَضْلًا عَنْ كَوْنِهَا عَمَلِيَّةً تَرْبَوِيَّةً تَعْلِيمِيَّةً قَائِمَةً عَلَى أُسُسٍ وَنَظَرِيَّاتٍ عِلْمِيَّةٍ، وَهِيَ فِي جَوْهَرِهَا عَمَلِيَّةُ بِنَاءٍ وَتَكْوِينٍ لِلْأَجْيَالِ.
فَمِنْ أَهَمِّ حُقُوقِ ٱلْمُعَلِّمِ أَنْ يَحْصُلَ عَلَى إِعْدَادٍ مِهْنِيٍّ مُتَخَصِّصٍ يُزَوِّدُهُ بِٱلْمَهَارَاتِ ٱلْفَنِّيَّةِ، وَٱلسُّلُوكِ ٱلْمِهْنِيِّ، وَٱلْقِيَمِ وَٱلِٱتِّجَاهَاتِ ٱلْمُرْتَبِطَةِ بِمِهْنَةِ ٱلتَّعْلِيمِ، لِيُصْبِحَ مُؤَهَّلًا لِمُزَاوَلَتِهَا. كَمَا يَجِبُ أَنْ يُتَاحَ لَهُ قَدْرٌ وَافٍ مِنَ ٱلْمَعْلُومَاتِ وَٱلْخِبْرَاتِ ٱلْمُرْتَبِطَةِ بِٱلْبِيئَةِ ٱلْمَدْرَسِيَّةِ وَأَهْدَافِهَا وَوَظَائِفِهَا، وَتَحْفِيزُهُ عَلَى مُوَاصَلَةِ ٱلْبَحْثِ ٱلْعِلْمِيِّ، وَإِصْدَارِ ٱلْأَحْكَامِ ٱلْمِهْنِيَّةِ بِحُرِّيَّةٍ وَنَزَاهَةٍ.
وَلِكَيْ يَتَمَكَّنَ ٱلْمُعَلِّمُ مِنْ أَدَاءِ وَاجِبَاتِهِ تُجَاهَ ٱلطُّلَّابِ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ، يَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ ٱلْمُجْتَمَعُ بِٱلْتِزَامِهِ ٱلْأَخْلَاقِيِّ تُجَاهَهُ، لِيَكُونَ ذٰلِكَ حَافِزًا لِنُمُوِّهِ ٱلْمِهْنِيِّ. كَمَا يَقَعُ عَلَى عَاتِقِ ٱلْجِهَاتِ ٱلْإِدَارِيَّةِ ٱلْعُلْيَا تَوْفِيرُ بِيئَةِ عَمَلٍ مُنَاسِبَةٍ لِلْمُعَلِّمِ؛ لِتَعْزِيزِ فَاعِلِيَّتِهِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ، بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى تَقْدِيمِ ٱلْحَوَافِزِ ٱلْمَادِّيَّةِ ٱلَّتِي تَضْمَنُ لَهُ ٱلِٱسْتِقْرَارَ وَٱلرِّضَا.
وَمِنْ حُقُوقِ ٱلْمُعَلِّمِ أَيْضًا تَشْجِيعُهُ عَلَى ٱلتَّفْكِيرِ وَٱلتَّجْرِيبِ ٱلْمِهْنِيِّ ٱلْمَبْنِيِّ عَلَى أُسُسٍ عِلْمِيَّةٍ مَدْرُوسَةٍ، وَتَنْمِيَةُ قُدُرَاتِهِ عَلَى ٱلتَّفْكِيرِ ٱلسَّلِيمِ، وَٱسْتِخْلَاصِ ٱلنَّتَائِجِ، وَٱلِٱطِّلَاعِ ٱلْمُسْتَمِرِّ عَلَى ٱلْمُسْتَجَدَّاتِ فِي ٱلْمَنَاهِجِ وَٱلْوَسَائِلِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ، بِمَا يُسْهِمُ فِي نُمُوِّهِ ٱلْمِهْنِيِّ وَشُعُورِهِ بِٱلْكِفَايَةِ وَٱلْفَاعِلِيَّةِ.
وَلَمَّا كَانَ ٱلْمُعَلِّمُ هُوَ ٱلْعُنْصُرَ ٱلْحَاسِمَ فِي نَجَاحِ ٱلْعَمَلِيَّةِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ–ٱلتَّعَلُّمِيَّةِ، فَهُوَ مُحَرِّكُهَا وَمُوَجِّهُهَا نَحْوَ تَحْقِيقِ أَهْدَافِهَا بِكَفَاءَةٍ وَفَاعِلِيَّةٍ؛ فَلَا بُدَّ لَهُ، لِأَدَاءِ دَوْرِهِ بِفَاعِلِيَّةٍ، أَنْ يَشْعُرَ بِٱلْأَمْنِ وَٱلرِّضَا وَٱلِٱسْتِقْرَارِ، لِيُقْبِلَ عَلَى عَمَلِهِ بِرَغْبَةٍ وَٱطْمِئْنَانٍ. وَيَتَطَلَّبُ ذٰلِكَ مَنْحَهُ مَكَانَةً ٱجْتِمَاعِيَّةً مَرْمُوقَةً، وَضَمَانَ ٱكْتِفَاءٍ ٱقْتِصَادِيٍّ يُوَفِّرُ لَهُ حَيَاةً كَرِيمَةً، وَٱلِٱعْتِرَافَ بِهِ كَصَاحِبِ مِهْنَةٍ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مُزَاوَلَتُهَا إِلَّا بِإِجَازَةٍ. كَمَا يَجِبُ ٱلِٱسْتِجَابَةُ لِمَطَالِبِهِ، وَمَنْحُهُ كَامِلَ حُقُوقِهِ فِي ٱلتَّدْرِيبِ وَٱلتَّطْوِيرِ وَٱلدِّرَاسَةِ وَٱلرَّاتِبِ وَٱلْإِجَازَةِ وَٱلتَّأْمِينِ ٱلصِّحِّيِّ وَٱلسَّكَنِ ٱلْمُنَاسِبِ، وَٱلتَّمَتُّعِ بِٱلْكَرَامَةِ وَٱلْمُسَاوَاةِ فِي ٱلتَّرْقِيَةِ وَٱلتَّعْيِينِ.
إِنَّ أَهْلِيَّةَ ٱلْمُعَلِّمِينَ ٱلْوَظِيفِيَّةَ تُصْبِحُ غَيْرَ فَاعِلَةٍ إِذَا شَعَرُوا بِٱلتَّوَتُّرِ وَٱلْقَلَقِ؛ مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى سُلُوكٍ تَعْلِيمِيٍّ مُشَوَّشٍ يُؤَثِّرُ سَلْبًا فِي تَعَلُّمِ ٱلطُّلَّابِ وَنُمُوِّهِمْ، وَيُنْتِجُ مُجْتَمَعًا ضَعِيفًا فِي كَوَادِرِهِ وَمُسْتَقْبَلِهِ. وَعَلَى ٱلْعَكْسِ، فَإِنَّ ٱلشُّعُورَ بِٱلْأَمَانِ وَٱلثِّقَةِ يَنْعَكِسُ إِيجَابًا عَلَى أَدَاءِ ٱلْمُعَلِّمِ، وَبِٱلتَّالِي عَلَى جَوْدَةِ ٱلتَّعْلِيمِ.
وَمِنْ أَبْرَزِ أَسْبَابِ ٱلتَّوَتُّرِ ٱلنَّفْسِيِّ وَٱلْقَلَقِ ٱلْوَظِيفِيِّ لَدَى ٱلْمُعَلِّمِينَ: ٱلْعَوَامِلُ ٱلْخَارِجِيَّةُ كَٱلضُّغُوطِ ٱلْمِهْنِيَّةِ، وَٱلْعِبْءِ ٱلْمَادِّيِّ، وَمُشْكِلَاتِ ٱلْأُسْرَةِ، إِضَافَةً إِلَى ٱلْعَوَامِلِ ٱلدَّاخِلِيَّةِ مِثْلَ ٱلْعَوَاطِفِ ٱلْمَكْبُوتَةِ، وَٱلْمُعْتَقَدَاتِ ٱلسَّلْبِيَّةِ، وَٱلتَّصَوُّرَاتِ ٱلْخَاطِئَةِ.
وَلِإِنْتَاجِ مُخْرَجَاتٍ تَعْلِيمِيَّةٍ نَوْعِيَّةٍ، لَا بُدَّ مِنْ إِعَادَةِ ٱلنَّظَرِ فِي دَوْرِ ٱلْمُعَلِّمِ وَتَعْزِيزِ مَكَانَتِهِ، بِٱعْتِبَارِهِ رَكِيزَةً أَسَاسِيَّةً فِي عَمَلِيَّةِ ٱلتَّعْلِيمِ وَٱلتَّعَلُّمِ. وَيَقْتَضِي ذٰلِكَ تَنَاوُلَ دَوْرِ ٱلْمُعَلِّمِ فِي إِطَارٍ شُمُولِيٍّ تَكَامُلِيٍّ يَشْمَلُ ٱلْجَوَانِبَ ٱلشَّخْصِيَّةَ وَٱلْفِكْرِيَّةَ وَٱلْإِنْسَانِيَّةَ وَٱلْمَعْرِفِيَّةَ وَٱلْمِهْنِيَّةَ، بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى تَرْسِيخِ ثَقَافَةِ ٱحْتِرَامِ ٱلْمُعَلِّمِ، وَتَعْزِيزِ ٱنْتِمَائِهِ لِمِهْنَتِهِ، وَزِيَادَةِ وَعْيِهِ بِحُقُوقِهِ وَوَاجِبَاتِهِ، وَحِمَايَتِهِ بِٱلْقَوَانِينِ، وَتَحْدِيثِ مَعَارِفِهِ وَمَهَارَاتِهِ وَٱسْتِرَاتِيجِيَّاتِهِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ؛ ٱسْتِجَابَةً لِلْمُتَغَيِّرَاتِ ٱلسَّرِيعَةِ عَبْرَ بَرَامِجَ تَدْرِيبٍ مُسْتَمِرَّةٍ. كَمَا يَجِبُ تَعْزِيزُ ٱلدَّوْرِ ٱلْقِيَادِيِّ لِلْمُعَلِّمِ، وَتَدْرِيبُهُ لِيَكُونَ قَادِرًا عَلَى ٱسْتِنْهَاضِ طَاقَاتِ ٱلطُّلَّابِ ٱلْإِبْدَاعِيَّةِ وَٱلْخَلَّاقَةِ.
د. عَايِشُ ٱلنَّوَائِسَةُ
إِنَّ ٱلتَّعَلُّمَ ظَاهِرَةٌ مُعَقَّدَةٌ، تَتَدَاخَلُ فِيهَا عَنَاصِرُ مُتَعَدِّدَةٌ، أَبْرَزُهَا ٱلْمُعَلِّمُونَ وَٱلطُّلَّابُ وَٱلْمَبَاحِثُ ٱلدِّرَاسِيَّةُ فِي تَفَاعُلٍ دِينَامِيكِيٍّ مُسْتَمِرٍّ. وَتَكَادُ تَجْمَعُ ٱلدِّرَاسَاتُ ٱلتَّرْبَوِيَّةُ وَٱلنَّفْسِيَّةُ عَلَى أَنَّ ٱلْمُعَلِّمَ هُوَ حَجَرُ ٱلزَّاوِيَةِ فِي ٱلْعَمَلِيَّةِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ. وَقَدْ أَظْهَرَتْ نَتَائِجُ ٱلدِّرَاسَاتِ أَنَّ نَجَاحَ ٱلتَّعْلِيمِ يُعْزَى بِنِسْبَةِ (٦٠٪) إِلَى ٱلْمُعَلِّمِ، بَيْنَمَا تَتَوَزَّعُ ٱلنِّسْبَةُ ٱلْمُتَبَقِّيَةُ (٤٠٪) بَيْنَ ٱلْمَنَاهِجِ ٱلدِّرَاسِيَّةِ، وَٱلْكُتُبِ، وَٱلْإِدَارَةِ، وَٱلْأَنْشِطَةِ ٱلْأُخْرَى فِي ٱلْمَدْرَسَةِ. وَمِنْ هُنَا يَتَّضِحُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ ٱلنَّظَرِيَّاتِ وَٱلْمَدَارِسِ ٱلتَّرْبَوِيَّةِ عَلَى أَنَّ ٱلْمُعَلِّمَ هُوَ ٱلْعُنْصُرُ ٱلْأَكْثَرُ فَاعِلِيَّةً وَتَأْثِيرًا فِي ٱلْعَمَلِيَّةِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ. وَمِهْنَةٌ بِهَذِهِ ٱلْمَسْؤُولِيَّةِ لَا بُدَّ أَنْ تَتَطَلَّبَ مِمَّنْ يُمَارِسُهَا قَدْرًا عَالِيًا مِنَ ٱلْكَفَاءَاتِ وَٱلصَّلَاحِيَّاتِ.
فَقَضِيَّةُ ٱلْمُعَلِّمِ تُعَدُّ قَاسِمًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ جَمِيعِ ٱلْأَنْظِمَةِ ٱلتَّرْبَوِيَّةِ، وَيَتَّفِقُ قَادَةُ ٱلْفِكْرِ وَٱلْمُرَبُّونَ عَلَى أَنَّ ٱلْمُعَلِّمَ هُوَ ٱلْعُنْصُرُ ٱلْفَعَّالُ فِي تَحْقِيقِ ٱلْأَهْدَافِ ٱلتَّرْبَوِيَّةِ، وَٱلرَّكِيزَةُ ٱلْأَسَاسِيَّةُ فِي ٱلْعَمَلِيَّةِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ ٱلَّتِي لَا تَعْلُوهَا وَسِيلَةٌ أُخْرَى. فَأَيُّ بَرْنَامَجٍ مُخَطَّطٍ لِتَرْبِيَةِ ٱلنَّشْءِ – مَهْمَا بَلَغَتْ كَفَاءَتُهُ – لَا يُغْنِي عَنْ كَفَاءَةِ ٱلْمُعَلِّمِ، وَلَا جَدْوَى مِنْهُ إِذَا لَمْ يُحْسِنِ ٱلْمُعَلِّمُ تَنْفِيذَهُ بِعِلْمِهِ وَخِبْرَتِهِ وَمَهَارَتِهِ.
وَلَعَلَّ هَذِهِ ٱلْأَدْوَارَ ٱلْمُتَعَدِّدَةَ ٱلَّتِي يَضْطَلِعُ بِهَا ٱلْمُعَلِّمُ تُحَتِّمُ لَهُ بَعْضَ ٱلْحُقُوقِ، لِيُؤَدِّيَ مِهْنَتَهُ ٱلَّتِي تُعَدُّ مِنْ أَرْقَى ٱلْمِهَنِ ٱلْفَنِّيَّةِ ٱلدَّقِيقَةِ، فَضْلًا عَنْ كَوْنِهَا عَمَلِيَّةً تَرْبَوِيَّةً تَعْلِيمِيَّةً قَائِمَةً عَلَى أُسُسٍ وَنَظَرِيَّاتٍ عِلْمِيَّةٍ، وَهِيَ فِي جَوْهَرِهَا عَمَلِيَّةُ بِنَاءٍ وَتَكْوِينٍ لِلْأَجْيَالِ.
فَمِنْ أَهَمِّ حُقُوقِ ٱلْمُعَلِّمِ أَنْ يَحْصُلَ عَلَى إِعْدَادٍ مِهْنِيٍّ مُتَخَصِّصٍ يُزَوِّدُهُ بِٱلْمَهَارَاتِ ٱلْفَنِّيَّةِ، وَٱلسُّلُوكِ ٱلْمِهْنِيِّ، وَٱلْقِيَمِ وَٱلِٱتِّجَاهَاتِ ٱلْمُرْتَبِطَةِ بِمِهْنَةِ ٱلتَّعْلِيمِ، لِيُصْبِحَ مُؤَهَّلًا لِمُزَاوَلَتِهَا. كَمَا يَجِبُ أَنْ يُتَاحَ لَهُ قَدْرٌ وَافٍ مِنَ ٱلْمَعْلُومَاتِ وَٱلْخِبْرَاتِ ٱلْمُرْتَبِطَةِ بِٱلْبِيئَةِ ٱلْمَدْرَسِيَّةِ وَأَهْدَافِهَا وَوَظَائِفِهَا، وَتَحْفِيزُهُ عَلَى مُوَاصَلَةِ ٱلْبَحْثِ ٱلْعِلْمِيِّ، وَإِصْدَارِ ٱلْأَحْكَامِ ٱلْمِهْنِيَّةِ بِحُرِّيَّةٍ وَنَزَاهَةٍ.
وَلِكَيْ يَتَمَكَّنَ ٱلْمُعَلِّمُ مِنْ أَدَاءِ وَاجِبَاتِهِ تُجَاهَ ٱلطُّلَّابِ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ، يَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ ٱلْمُجْتَمَعُ بِٱلْتِزَامِهِ ٱلْأَخْلَاقِيِّ تُجَاهَهُ، لِيَكُونَ ذٰلِكَ حَافِزًا لِنُمُوِّهِ ٱلْمِهْنِيِّ. كَمَا يَقَعُ عَلَى عَاتِقِ ٱلْجِهَاتِ ٱلْإِدَارِيَّةِ ٱلْعُلْيَا تَوْفِيرُ بِيئَةِ عَمَلٍ مُنَاسِبَةٍ لِلْمُعَلِّمِ؛ لِتَعْزِيزِ فَاعِلِيَّتِهِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ، بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى تَقْدِيمِ ٱلْحَوَافِزِ ٱلْمَادِّيَّةِ ٱلَّتِي تَضْمَنُ لَهُ ٱلِٱسْتِقْرَارَ وَٱلرِّضَا.
وَمِنْ حُقُوقِ ٱلْمُعَلِّمِ أَيْضًا تَشْجِيعُهُ عَلَى ٱلتَّفْكِيرِ وَٱلتَّجْرِيبِ ٱلْمِهْنِيِّ ٱلْمَبْنِيِّ عَلَى أُسُسٍ عِلْمِيَّةٍ مَدْرُوسَةٍ، وَتَنْمِيَةُ قُدُرَاتِهِ عَلَى ٱلتَّفْكِيرِ ٱلسَّلِيمِ، وَٱسْتِخْلَاصِ ٱلنَّتَائِجِ، وَٱلِٱطِّلَاعِ ٱلْمُسْتَمِرِّ عَلَى ٱلْمُسْتَجَدَّاتِ فِي ٱلْمَنَاهِجِ وَٱلْوَسَائِلِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ، بِمَا يُسْهِمُ فِي نُمُوِّهِ ٱلْمِهْنِيِّ وَشُعُورِهِ بِٱلْكِفَايَةِ وَٱلْفَاعِلِيَّةِ.
وَلَمَّا كَانَ ٱلْمُعَلِّمُ هُوَ ٱلْعُنْصُرَ ٱلْحَاسِمَ فِي نَجَاحِ ٱلْعَمَلِيَّةِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ–ٱلتَّعَلُّمِيَّةِ، فَهُوَ مُحَرِّكُهَا وَمُوَجِّهُهَا نَحْوَ تَحْقِيقِ أَهْدَافِهَا بِكَفَاءَةٍ وَفَاعِلِيَّةٍ؛ فَلَا بُدَّ لَهُ، لِأَدَاءِ دَوْرِهِ بِفَاعِلِيَّةٍ، أَنْ يَشْعُرَ بِٱلْأَمْنِ وَٱلرِّضَا وَٱلِٱسْتِقْرَارِ، لِيُقْبِلَ عَلَى عَمَلِهِ بِرَغْبَةٍ وَٱطْمِئْنَانٍ. وَيَتَطَلَّبُ ذٰلِكَ مَنْحَهُ مَكَانَةً ٱجْتِمَاعِيَّةً مَرْمُوقَةً، وَضَمَانَ ٱكْتِفَاءٍ ٱقْتِصَادِيٍّ يُوَفِّرُ لَهُ حَيَاةً كَرِيمَةً، وَٱلِٱعْتِرَافَ بِهِ كَصَاحِبِ مِهْنَةٍ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مُزَاوَلَتُهَا إِلَّا بِإِجَازَةٍ. كَمَا يَجِبُ ٱلِٱسْتِجَابَةُ لِمَطَالِبِهِ، وَمَنْحُهُ كَامِلَ حُقُوقِهِ فِي ٱلتَّدْرِيبِ وَٱلتَّطْوِيرِ وَٱلدِّرَاسَةِ وَٱلرَّاتِبِ وَٱلْإِجَازَةِ وَٱلتَّأْمِينِ ٱلصِّحِّيِّ وَٱلسَّكَنِ ٱلْمُنَاسِبِ، وَٱلتَّمَتُّعِ بِٱلْكَرَامَةِ وَٱلْمُسَاوَاةِ فِي ٱلتَّرْقِيَةِ وَٱلتَّعْيِينِ.
إِنَّ أَهْلِيَّةَ ٱلْمُعَلِّمِينَ ٱلْوَظِيفِيَّةَ تُصْبِحُ غَيْرَ فَاعِلَةٍ إِذَا شَعَرُوا بِٱلتَّوَتُّرِ وَٱلْقَلَقِ؛ مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى سُلُوكٍ تَعْلِيمِيٍّ مُشَوَّشٍ يُؤَثِّرُ سَلْبًا فِي تَعَلُّمِ ٱلطُّلَّابِ وَنُمُوِّهِمْ، وَيُنْتِجُ مُجْتَمَعًا ضَعِيفًا فِي كَوَادِرِهِ وَمُسْتَقْبَلِهِ. وَعَلَى ٱلْعَكْسِ، فَإِنَّ ٱلشُّعُورَ بِٱلْأَمَانِ وَٱلثِّقَةِ يَنْعَكِسُ إِيجَابًا عَلَى أَدَاءِ ٱلْمُعَلِّمِ، وَبِٱلتَّالِي عَلَى جَوْدَةِ ٱلتَّعْلِيمِ.
وَمِنْ أَبْرَزِ أَسْبَابِ ٱلتَّوَتُّرِ ٱلنَّفْسِيِّ وَٱلْقَلَقِ ٱلْوَظِيفِيِّ لَدَى ٱلْمُعَلِّمِينَ: ٱلْعَوَامِلُ ٱلْخَارِجِيَّةُ كَٱلضُّغُوطِ ٱلْمِهْنِيَّةِ، وَٱلْعِبْءِ ٱلْمَادِّيِّ، وَمُشْكِلَاتِ ٱلْأُسْرَةِ، إِضَافَةً إِلَى ٱلْعَوَامِلِ ٱلدَّاخِلِيَّةِ مِثْلَ ٱلْعَوَاطِفِ ٱلْمَكْبُوتَةِ، وَٱلْمُعْتَقَدَاتِ ٱلسَّلْبِيَّةِ، وَٱلتَّصَوُّرَاتِ ٱلْخَاطِئَةِ.
وَلِإِنْتَاجِ مُخْرَجَاتٍ تَعْلِيمِيَّةٍ نَوْعِيَّةٍ، لَا بُدَّ مِنْ إِعَادَةِ ٱلنَّظَرِ فِي دَوْرِ ٱلْمُعَلِّمِ وَتَعْزِيزِ مَكَانَتِهِ، بِٱعْتِبَارِهِ رَكِيزَةً أَسَاسِيَّةً فِي عَمَلِيَّةِ ٱلتَّعْلِيمِ وَٱلتَّعَلُّمِ. وَيَقْتَضِي ذٰلِكَ تَنَاوُلَ دَوْرِ ٱلْمُعَلِّمِ فِي إِطَارٍ شُمُولِيٍّ تَكَامُلِيٍّ يَشْمَلُ ٱلْجَوَانِبَ ٱلشَّخْصِيَّةَ وَٱلْفِكْرِيَّةَ وَٱلْإِنْسَانِيَّةَ وَٱلْمَعْرِفِيَّةَ وَٱلْمِهْنِيَّةَ، بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى تَرْسِيخِ ثَقَافَةِ ٱحْتِرَامِ ٱلْمُعَلِّمِ، وَتَعْزِيزِ ٱنْتِمَائِهِ لِمِهْنَتِهِ، وَزِيَادَةِ وَعْيِهِ بِحُقُوقِهِ وَوَاجِبَاتِهِ، وَحِمَايَتِهِ بِٱلْقَوَانِينِ، وَتَحْدِيثِ مَعَارِفِهِ وَمَهَارَاتِهِ وَٱسْتِرَاتِيجِيَّاتِهِ ٱلتَّعْلِيمِيَّةِ؛ ٱسْتِجَابَةً لِلْمُتَغَيِّرَاتِ ٱلسَّرِيعَةِ عَبْرَ بَرَامِجَ تَدْرِيبٍ مُسْتَمِرَّةٍ. كَمَا يَجِبُ تَعْزِيزُ ٱلدَّوْرِ ٱلْقِيَادِيِّ لِلْمُعَلِّمِ، وَتَدْرِيبُهُ لِيَكُونَ قَادِرًا عَلَى ٱسْتِنْهَاضِ طَاقَاتِ ٱلطُّلَّابِ ٱلْإِبْدَاعِيَّةِ وَٱلْخَلَّاقَةِ.
التعليقات