أخبار اليوم - على سرير أبيض في غرفة العناية المكثفة يرقد الطفل بلا حراك، أطرافه مشلولة باستثناء يده اليسرى التي يستطيع تحريكها، صدره يعلو ويهبط وأنفاسه مقيدة بجهاز تنفس يلازمه منذ ثمانية وعشرين يومًا.
كانت الدموع تجري صامتة من عيني الطفل سيف أبو وردة المصاب بمتلازمة غيلان باريه. بعد تأخر قدوم أمه للمستشفى عن موعدها المعتاد لجلب الطعام، ودون أن يعرف الطفل البالغ من العمر ست سنوات سبب التأخير، لم يجد إلا الدموع للتعبير عن تضوره جوعًا، أو من خلال تحريك يده اليسرى للإشارة إلى فمه.
فهمت الممرضة ما يطلبه الطفل، لكن المستشفى، ومع اشتداد المجاعة في غزة ونقص الدواء والغذاء، لا يستطيع إلا تقديم الرعاية والخدمات وفق إمكانياته المتاحة، وتترك مسؤولية جلب الطعام على الأهل.
منذ 28 يومًا يرقد الطفل في غرفة العناية المكثفة بمستشفى الرنتيسي بمدينة غزة، ويتنفس عبر جهاز التنفس الاصطناعي. أدى المرض إلى شلل في يده اليمنى وقدمه اليسرى، وارتخاء كامل بالجسد، ما يجعل استجابة المريض للعلاج بطيئة ويستغرق وقتًا أطول مقارنة بأمراض أخرى.
لم تتأخر أمه كثيرًا عن الوصول، وبمجرد حضورها مسحت دموع طفلها وبدأت بإعطائه الطعام المطحون بواسطة حقنة عبر أنبوب متصل بجسده. ورغم أن الطفل أشار لأمه بأن تطعمه من فمه، إلا أن وضعه الصحي لا يسمح بذلك بسبب إجراء عملية جراحية لفتح مجرى التنفس في رقبته.
حضور متأخر
خرجت أبو وردة الأم تحت القصف المدفعي وتحليق مسيرات الاحتلال (كواد كابتر) من منزلها في منطقة جباليا النزل شمال مدينة غزة، التي تشهد عدوانًا مستمرًا من جيش الاحتلال، متجهة نحو المستشفى. تقول لـ 'فلسطين أون لاين' أثناء إطعام طفلها: 'كان التحرك خطيرًا جدًا. خلال سيري بالطريق رأيت العديد من الشهداء، وكان القصف المدفعي كثيفًا، فخرجت من بين القذائف لأجل طفلي'.
وبالإضافة للوضع الصعب، انتظرت أبو وردة تشغيل الطاقة الشمسية لطحن الطعام لطفلها، ما استغرق وقتًا إضافيًا للوصول. ولم يكن الحصول على الطعام نفسه أمرًا سهلاً على العائلة في ظل نقص كبير وارتفاع ثمنه، ما يجعل مهمة إطعام طفل مصاب بسوء تغذية مهمة يومية شاقة.
قبل نحو شهر لم يشتك الطفل من أي شيء، وكان يمارس طفولته بشكل طبيعي، لكن عندما نام استيقظ وهو يعاني من ارتفاع كبير في درجة الحرارة ووجع في الرأس وصداع، فسقط على الأرض وبدأ يشعر بالاختناق. وبعد نقله إلى المستشفى تم تشخيص إصابته بمتلازمة غيلان باريه.
ومن أعراض المرض أنه يصيب الجسم بحالة ارتخاء وشلل بداية من الأطراف السفلية، ثم تمتد للأطراف العلوية، ولا يستطيع التنفس ولا حتى بلع الطعام. تقول أمه: 'الأطباء حاولوا التخفيف عنه برفع جهاز التنفس الاصطناعي عنه، لكن حالته عادت للتدهور، فأعادوه إلى الجهاز مرة ثانية'.
لم يعد الطفل قادرًا على تحريك أي شيء بجسده، ولا يستطيع التحدث، رغم أنه يبقى مستيقظًا طوال الوقت ويدرك كل ما يدور حوله، ولم يبق لديه سوى حركة يده اليسرى للتعبير عن جوعه، بينما تراقب الطواقم حالته بشكل مستمر.
طوق نجاة
تناشد أمه بأن يتم إجلاء طفلها بأسرع وقت ممكن قبل أن تتدهور حالته، أو قبل أن تقوم قوات الاحتلال باجتياح مدينة غزة، ما يهدد حياة آلاف المرضى، ومنهم سيف. بملامح يعلوها القلق، تقول: 'لا أستطيع إخراجه من المستشفى في حال النزوح. كل يوم يموت ببطء هنا بدون علاج أو رعاية، خاصة إن غادر الأطباء المستشفى في حال اجتياح المدينة'.
وترجع الحكيمة بغرفة العناية المكثفة، شهد نصار، سبب الإصابة بمتلازمة غيلان باريه للأوضاع الصعبة التي خلفتها الحرب، وخلق كوارث صحية وبيئية شكلت أرضًا خصبة للمرضى، فضلًا عن المجاعة وسوء التغذية ونقص الدواء، ما أدى إلى تباطؤ العلاج.
وتقول نصار لـ 'فلسطين أون لاين': 'لتحسن حالة سيف يتطلب الغذاء والدواء، وهذا غير متوفر، مما يؤثر على جسده. هذا المرض قد يصيب الجسم بسبب ضعف المناعة، أو وجود التهابات ومياه على الصدر، وليس له علاقة بالوراثة. يحدث شلل بالأطراف قد تعود إليها الحركة بعد تحسن الحالة، فضلاً عن ضيق التنفس'.
وخلال الشهور والسنوات الماضية، كانت الإصابة بهذا المرض نادرة جدًا، بحيث تصاب حالة واحدة بين عدة آلاف، لكن خلال المجاعة تقدر نصار عدد الحالات بخمس إصابات شهريًا بغرفة العناية بالمستشفى وحدها، ما يشير إلى انتشار المرض. فيما تشير إحصائيات وزارة الصحة إلى تسجيل 64 حالة، توفيت ثلاث منها.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - على سرير أبيض في غرفة العناية المكثفة يرقد الطفل بلا حراك، أطرافه مشلولة باستثناء يده اليسرى التي يستطيع تحريكها، صدره يعلو ويهبط وأنفاسه مقيدة بجهاز تنفس يلازمه منذ ثمانية وعشرين يومًا.
كانت الدموع تجري صامتة من عيني الطفل سيف أبو وردة المصاب بمتلازمة غيلان باريه. بعد تأخر قدوم أمه للمستشفى عن موعدها المعتاد لجلب الطعام، ودون أن يعرف الطفل البالغ من العمر ست سنوات سبب التأخير، لم يجد إلا الدموع للتعبير عن تضوره جوعًا، أو من خلال تحريك يده اليسرى للإشارة إلى فمه.
فهمت الممرضة ما يطلبه الطفل، لكن المستشفى، ومع اشتداد المجاعة في غزة ونقص الدواء والغذاء، لا يستطيع إلا تقديم الرعاية والخدمات وفق إمكانياته المتاحة، وتترك مسؤولية جلب الطعام على الأهل.
منذ 28 يومًا يرقد الطفل في غرفة العناية المكثفة بمستشفى الرنتيسي بمدينة غزة، ويتنفس عبر جهاز التنفس الاصطناعي. أدى المرض إلى شلل في يده اليمنى وقدمه اليسرى، وارتخاء كامل بالجسد، ما يجعل استجابة المريض للعلاج بطيئة ويستغرق وقتًا أطول مقارنة بأمراض أخرى.
لم تتأخر أمه كثيرًا عن الوصول، وبمجرد حضورها مسحت دموع طفلها وبدأت بإعطائه الطعام المطحون بواسطة حقنة عبر أنبوب متصل بجسده. ورغم أن الطفل أشار لأمه بأن تطعمه من فمه، إلا أن وضعه الصحي لا يسمح بذلك بسبب إجراء عملية جراحية لفتح مجرى التنفس في رقبته.
حضور متأخر
خرجت أبو وردة الأم تحت القصف المدفعي وتحليق مسيرات الاحتلال (كواد كابتر) من منزلها في منطقة جباليا النزل شمال مدينة غزة، التي تشهد عدوانًا مستمرًا من جيش الاحتلال، متجهة نحو المستشفى. تقول لـ 'فلسطين أون لاين' أثناء إطعام طفلها: 'كان التحرك خطيرًا جدًا. خلال سيري بالطريق رأيت العديد من الشهداء، وكان القصف المدفعي كثيفًا، فخرجت من بين القذائف لأجل طفلي'.
وبالإضافة للوضع الصعب، انتظرت أبو وردة تشغيل الطاقة الشمسية لطحن الطعام لطفلها، ما استغرق وقتًا إضافيًا للوصول. ولم يكن الحصول على الطعام نفسه أمرًا سهلاً على العائلة في ظل نقص كبير وارتفاع ثمنه، ما يجعل مهمة إطعام طفل مصاب بسوء تغذية مهمة يومية شاقة.
قبل نحو شهر لم يشتك الطفل من أي شيء، وكان يمارس طفولته بشكل طبيعي، لكن عندما نام استيقظ وهو يعاني من ارتفاع كبير في درجة الحرارة ووجع في الرأس وصداع، فسقط على الأرض وبدأ يشعر بالاختناق. وبعد نقله إلى المستشفى تم تشخيص إصابته بمتلازمة غيلان باريه.
ومن أعراض المرض أنه يصيب الجسم بحالة ارتخاء وشلل بداية من الأطراف السفلية، ثم تمتد للأطراف العلوية، ولا يستطيع التنفس ولا حتى بلع الطعام. تقول أمه: 'الأطباء حاولوا التخفيف عنه برفع جهاز التنفس الاصطناعي عنه، لكن حالته عادت للتدهور، فأعادوه إلى الجهاز مرة ثانية'.
لم يعد الطفل قادرًا على تحريك أي شيء بجسده، ولا يستطيع التحدث، رغم أنه يبقى مستيقظًا طوال الوقت ويدرك كل ما يدور حوله، ولم يبق لديه سوى حركة يده اليسرى للتعبير عن جوعه، بينما تراقب الطواقم حالته بشكل مستمر.
طوق نجاة
تناشد أمه بأن يتم إجلاء طفلها بأسرع وقت ممكن قبل أن تتدهور حالته، أو قبل أن تقوم قوات الاحتلال باجتياح مدينة غزة، ما يهدد حياة آلاف المرضى، ومنهم سيف. بملامح يعلوها القلق، تقول: 'لا أستطيع إخراجه من المستشفى في حال النزوح. كل يوم يموت ببطء هنا بدون علاج أو رعاية، خاصة إن غادر الأطباء المستشفى في حال اجتياح المدينة'.
وترجع الحكيمة بغرفة العناية المكثفة، شهد نصار، سبب الإصابة بمتلازمة غيلان باريه للأوضاع الصعبة التي خلفتها الحرب، وخلق كوارث صحية وبيئية شكلت أرضًا خصبة للمرضى، فضلًا عن المجاعة وسوء التغذية ونقص الدواء، ما أدى إلى تباطؤ العلاج.
وتقول نصار لـ 'فلسطين أون لاين': 'لتحسن حالة سيف يتطلب الغذاء والدواء، وهذا غير متوفر، مما يؤثر على جسده. هذا المرض قد يصيب الجسم بسبب ضعف المناعة، أو وجود التهابات ومياه على الصدر، وليس له علاقة بالوراثة. يحدث شلل بالأطراف قد تعود إليها الحركة بعد تحسن الحالة، فضلاً عن ضيق التنفس'.
وخلال الشهور والسنوات الماضية، كانت الإصابة بهذا المرض نادرة جدًا، بحيث تصاب حالة واحدة بين عدة آلاف، لكن خلال المجاعة تقدر نصار عدد الحالات بخمس إصابات شهريًا بغرفة العناية بالمستشفى وحدها، ما يشير إلى انتشار المرض. فيما تشير إحصائيات وزارة الصحة إلى تسجيل 64 حالة، توفيت ثلاث منها.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - على سرير أبيض في غرفة العناية المكثفة يرقد الطفل بلا حراك، أطرافه مشلولة باستثناء يده اليسرى التي يستطيع تحريكها، صدره يعلو ويهبط وأنفاسه مقيدة بجهاز تنفس يلازمه منذ ثمانية وعشرين يومًا.
كانت الدموع تجري صامتة من عيني الطفل سيف أبو وردة المصاب بمتلازمة غيلان باريه. بعد تأخر قدوم أمه للمستشفى عن موعدها المعتاد لجلب الطعام، ودون أن يعرف الطفل البالغ من العمر ست سنوات سبب التأخير، لم يجد إلا الدموع للتعبير عن تضوره جوعًا، أو من خلال تحريك يده اليسرى للإشارة إلى فمه.
فهمت الممرضة ما يطلبه الطفل، لكن المستشفى، ومع اشتداد المجاعة في غزة ونقص الدواء والغذاء، لا يستطيع إلا تقديم الرعاية والخدمات وفق إمكانياته المتاحة، وتترك مسؤولية جلب الطعام على الأهل.
منذ 28 يومًا يرقد الطفل في غرفة العناية المكثفة بمستشفى الرنتيسي بمدينة غزة، ويتنفس عبر جهاز التنفس الاصطناعي. أدى المرض إلى شلل في يده اليمنى وقدمه اليسرى، وارتخاء كامل بالجسد، ما يجعل استجابة المريض للعلاج بطيئة ويستغرق وقتًا أطول مقارنة بأمراض أخرى.
لم تتأخر أمه كثيرًا عن الوصول، وبمجرد حضورها مسحت دموع طفلها وبدأت بإعطائه الطعام المطحون بواسطة حقنة عبر أنبوب متصل بجسده. ورغم أن الطفل أشار لأمه بأن تطعمه من فمه، إلا أن وضعه الصحي لا يسمح بذلك بسبب إجراء عملية جراحية لفتح مجرى التنفس في رقبته.
حضور متأخر
خرجت أبو وردة الأم تحت القصف المدفعي وتحليق مسيرات الاحتلال (كواد كابتر) من منزلها في منطقة جباليا النزل شمال مدينة غزة، التي تشهد عدوانًا مستمرًا من جيش الاحتلال، متجهة نحو المستشفى. تقول لـ 'فلسطين أون لاين' أثناء إطعام طفلها: 'كان التحرك خطيرًا جدًا. خلال سيري بالطريق رأيت العديد من الشهداء، وكان القصف المدفعي كثيفًا، فخرجت من بين القذائف لأجل طفلي'.
وبالإضافة للوضع الصعب، انتظرت أبو وردة تشغيل الطاقة الشمسية لطحن الطعام لطفلها، ما استغرق وقتًا إضافيًا للوصول. ولم يكن الحصول على الطعام نفسه أمرًا سهلاً على العائلة في ظل نقص كبير وارتفاع ثمنه، ما يجعل مهمة إطعام طفل مصاب بسوء تغذية مهمة يومية شاقة.
قبل نحو شهر لم يشتك الطفل من أي شيء، وكان يمارس طفولته بشكل طبيعي، لكن عندما نام استيقظ وهو يعاني من ارتفاع كبير في درجة الحرارة ووجع في الرأس وصداع، فسقط على الأرض وبدأ يشعر بالاختناق. وبعد نقله إلى المستشفى تم تشخيص إصابته بمتلازمة غيلان باريه.
ومن أعراض المرض أنه يصيب الجسم بحالة ارتخاء وشلل بداية من الأطراف السفلية، ثم تمتد للأطراف العلوية، ولا يستطيع التنفس ولا حتى بلع الطعام. تقول أمه: 'الأطباء حاولوا التخفيف عنه برفع جهاز التنفس الاصطناعي عنه، لكن حالته عادت للتدهور، فأعادوه إلى الجهاز مرة ثانية'.
لم يعد الطفل قادرًا على تحريك أي شيء بجسده، ولا يستطيع التحدث، رغم أنه يبقى مستيقظًا طوال الوقت ويدرك كل ما يدور حوله، ولم يبق لديه سوى حركة يده اليسرى للتعبير عن جوعه، بينما تراقب الطواقم حالته بشكل مستمر.
طوق نجاة
تناشد أمه بأن يتم إجلاء طفلها بأسرع وقت ممكن قبل أن تتدهور حالته، أو قبل أن تقوم قوات الاحتلال باجتياح مدينة غزة، ما يهدد حياة آلاف المرضى، ومنهم سيف. بملامح يعلوها القلق، تقول: 'لا أستطيع إخراجه من المستشفى في حال النزوح. كل يوم يموت ببطء هنا بدون علاج أو رعاية، خاصة إن غادر الأطباء المستشفى في حال اجتياح المدينة'.
وترجع الحكيمة بغرفة العناية المكثفة، شهد نصار، سبب الإصابة بمتلازمة غيلان باريه للأوضاع الصعبة التي خلفتها الحرب، وخلق كوارث صحية وبيئية شكلت أرضًا خصبة للمرضى، فضلًا عن المجاعة وسوء التغذية ونقص الدواء، ما أدى إلى تباطؤ العلاج.
وتقول نصار لـ 'فلسطين أون لاين': 'لتحسن حالة سيف يتطلب الغذاء والدواء، وهذا غير متوفر، مما يؤثر على جسده. هذا المرض قد يصيب الجسم بسبب ضعف المناعة، أو وجود التهابات ومياه على الصدر، وليس له علاقة بالوراثة. يحدث شلل بالأطراف قد تعود إليها الحركة بعد تحسن الحالة، فضلاً عن ضيق التنفس'.
وخلال الشهور والسنوات الماضية، كانت الإصابة بهذا المرض نادرة جدًا، بحيث تصاب حالة واحدة بين عدة آلاف، لكن خلال المجاعة تقدر نصار عدد الحالات بخمس إصابات شهريًا بغرفة العناية بالمستشفى وحدها، ما يشير إلى انتشار المرض. فيما تشير إحصائيات وزارة الصحة إلى تسجيل 64 حالة، توفيت ثلاث منها.
فلسطين أون لاين
التعليقات