أخبار اليوم - في غزة، حيث تُختصر الحياة في النجاة، لم يكن الشاب عاهد محمد السيقلي (22 عامًا) يتخيل أن واجبه تجاه أسرته سينتهي ببتر ساقه. منذ أن استُشهد والده في 20 يناير 2024، أصبح هو السند الوحيد لعائلته في وقت بلغ فيه الجوع ذروته والحرب أوجها.
يقول عاهد لصحيفة 'فلسطين': 'بعد استشهاد والدي، لم يكن هناك وقت للحزن أو للعيش مشاعر الفقد، كان لا بد أن أتحرك لأحصل على أي شيء نعيش عليه.. غزة كانت تموت من الجوع'.
ويشير إلى أنه في شهر رمضان من العام ذاته، كانت المجاعة في ذروتها، والغلاء الفاحش للمواد الغذائية وخاصة الدقيق، يدفعه كما باقي المواطنين نحو المساعدات، حتى لو كان ذلك على حساب أنفسهم.
وفي 26 مارس 2024، عندما ألقت طائرات المساعدات مناطيد تحتوي على مساعدات غذائية شرق المدينة، هب عاهد كغيره نحوها، لكنه لم يكن يعلم أن طريق المساعدة مفخخ بالموت.
'كلنا ركضنا، وما إن اقتربنا حتى صرنا أهدافًا للقناصة والطيران المسيّر، الناس وقعت، وأنا شعرت بنار في رجلي.. توقعت حينها أن أنزف حتى أفارق الحياة، خاصة أن لا أحد يستطيع الوصول، وغالبية من معك ملقى على الأرض بين شهيد ومصاب، لكن إرادة الحياة كانت أقوى. فرغم الوجع، زحفت لوحدي وأنا أنزف حتى تمكنت من الوصول'، هكذا يستذكر عاهد تلك اللحظات التي نزف فيها على الأرض مسافة 100 متر حتى وصل إلى جموع من الناس ليتمكنوا من إسعافه.
وصل إلى مستشفى المعمداني وبلغت نسبة دمه 4٪، فاستعجل الأطباء وضع وحدتي دم له، ثم حُوّل إلى مستشفى كمال عدوان لكثرة أعداد الشهداء والمصابين، ومنها إلى مستشفى العودة في بيت لاهيا.
ويوضح أن هناك بدأت سلسلة الألم المتراكمة، مضيفًا: 'حاول الأطباء تنظيف الجروح وإخراج الطلقات النارية من قدمي تحت تأثير بنج وتخدير موضعي، وبعد يوم من خروجي من المستشفى رجعت بجروح معفنة ورائحة غير طبيعية، الالتهاب أكل رجلي'.
خلال شهر ونصف، خضع عاهد لتسع عمليات بتر متتالية نتيجة الغرغرينا والتسمم الدموي، ويضيف بصوت مكسور: 'كانوا يبترون شويًا شويًا، كل مرة أرجع من العملية وأرى قدمي ناقصة أكثر'، وفي العملية العاشرة أُجريت له رقعة جلدية.
48 وحدة دم أنقذت حياته، لكن الحياة التي عاد بها ليست كما كانت؛ فقد ساقه اليمنى، وفقد معها قدرته على العمل في مهنة البناء التي كانت تعينه. يتابع حديثه: 'أنا لم أتمكن من إكمال تعليمي بسبب وضعنا، اشتغلت منذ صغري، والآن حتى العمل لم أعد أستطيع القيام به'.
كل ما ينتظره عاهد اليوم هو تركيب طرف صناعي يعيده للحياة من جديد، يساعده على الحركة والعمل والاعتماد على نفسه، خاصة أنه حتى اليوم لم تتوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ولا يزال أهلها يعيشون معاناة النزوح والتشرد من مكان لآخر.
ويكمل عاهد: 'أنا من سكان المنطقة الشرقية لمدينة غزة، وحتى اليوم أنزح من مكان لآخر، ولا أتمكن من التحرك إلا بمساعدة أحد أشقائي، فرغم مرور عام على الإصابة، لم أستطع التأقلم مع وضعي الصحي الجديد'.
'نفسي أمشي، لا أريد أن أظل محتاجًا لأحد، وجعي كبير لكن كرامتي أكبر، وأطمح لفتح مشروع خاص يمكنني من العيش معتمدًا على نفسي'، يختم بصوت يحمل ما تبقى من عزيمة شاب لم ينكسر رغم ما فقد.
المصدر / فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - في غزة، حيث تُختصر الحياة في النجاة، لم يكن الشاب عاهد محمد السيقلي (22 عامًا) يتخيل أن واجبه تجاه أسرته سينتهي ببتر ساقه. منذ أن استُشهد والده في 20 يناير 2024، أصبح هو السند الوحيد لعائلته في وقت بلغ فيه الجوع ذروته والحرب أوجها.
يقول عاهد لصحيفة 'فلسطين': 'بعد استشهاد والدي، لم يكن هناك وقت للحزن أو للعيش مشاعر الفقد، كان لا بد أن أتحرك لأحصل على أي شيء نعيش عليه.. غزة كانت تموت من الجوع'.
ويشير إلى أنه في شهر رمضان من العام ذاته، كانت المجاعة في ذروتها، والغلاء الفاحش للمواد الغذائية وخاصة الدقيق، يدفعه كما باقي المواطنين نحو المساعدات، حتى لو كان ذلك على حساب أنفسهم.
وفي 26 مارس 2024، عندما ألقت طائرات المساعدات مناطيد تحتوي على مساعدات غذائية شرق المدينة، هب عاهد كغيره نحوها، لكنه لم يكن يعلم أن طريق المساعدة مفخخ بالموت.
'كلنا ركضنا، وما إن اقتربنا حتى صرنا أهدافًا للقناصة والطيران المسيّر، الناس وقعت، وأنا شعرت بنار في رجلي.. توقعت حينها أن أنزف حتى أفارق الحياة، خاصة أن لا أحد يستطيع الوصول، وغالبية من معك ملقى على الأرض بين شهيد ومصاب، لكن إرادة الحياة كانت أقوى. فرغم الوجع، زحفت لوحدي وأنا أنزف حتى تمكنت من الوصول'، هكذا يستذكر عاهد تلك اللحظات التي نزف فيها على الأرض مسافة 100 متر حتى وصل إلى جموع من الناس ليتمكنوا من إسعافه.
وصل إلى مستشفى المعمداني وبلغت نسبة دمه 4٪، فاستعجل الأطباء وضع وحدتي دم له، ثم حُوّل إلى مستشفى كمال عدوان لكثرة أعداد الشهداء والمصابين، ومنها إلى مستشفى العودة في بيت لاهيا.
ويوضح أن هناك بدأت سلسلة الألم المتراكمة، مضيفًا: 'حاول الأطباء تنظيف الجروح وإخراج الطلقات النارية من قدمي تحت تأثير بنج وتخدير موضعي، وبعد يوم من خروجي من المستشفى رجعت بجروح معفنة ورائحة غير طبيعية، الالتهاب أكل رجلي'.
خلال شهر ونصف، خضع عاهد لتسع عمليات بتر متتالية نتيجة الغرغرينا والتسمم الدموي، ويضيف بصوت مكسور: 'كانوا يبترون شويًا شويًا، كل مرة أرجع من العملية وأرى قدمي ناقصة أكثر'، وفي العملية العاشرة أُجريت له رقعة جلدية.
48 وحدة دم أنقذت حياته، لكن الحياة التي عاد بها ليست كما كانت؛ فقد ساقه اليمنى، وفقد معها قدرته على العمل في مهنة البناء التي كانت تعينه. يتابع حديثه: 'أنا لم أتمكن من إكمال تعليمي بسبب وضعنا، اشتغلت منذ صغري، والآن حتى العمل لم أعد أستطيع القيام به'.
كل ما ينتظره عاهد اليوم هو تركيب طرف صناعي يعيده للحياة من جديد، يساعده على الحركة والعمل والاعتماد على نفسه، خاصة أنه حتى اليوم لم تتوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ولا يزال أهلها يعيشون معاناة النزوح والتشرد من مكان لآخر.
ويكمل عاهد: 'أنا من سكان المنطقة الشرقية لمدينة غزة، وحتى اليوم أنزح من مكان لآخر، ولا أتمكن من التحرك إلا بمساعدة أحد أشقائي، فرغم مرور عام على الإصابة، لم أستطع التأقلم مع وضعي الصحي الجديد'.
'نفسي أمشي، لا أريد أن أظل محتاجًا لأحد، وجعي كبير لكن كرامتي أكبر، وأطمح لفتح مشروع خاص يمكنني من العيش معتمدًا على نفسي'، يختم بصوت يحمل ما تبقى من عزيمة شاب لم ينكسر رغم ما فقد.
المصدر / فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - في غزة، حيث تُختصر الحياة في النجاة، لم يكن الشاب عاهد محمد السيقلي (22 عامًا) يتخيل أن واجبه تجاه أسرته سينتهي ببتر ساقه. منذ أن استُشهد والده في 20 يناير 2024، أصبح هو السند الوحيد لعائلته في وقت بلغ فيه الجوع ذروته والحرب أوجها.
يقول عاهد لصحيفة 'فلسطين': 'بعد استشهاد والدي، لم يكن هناك وقت للحزن أو للعيش مشاعر الفقد، كان لا بد أن أتحرك لأحصل على أي شيء نعيش عليه.. غزة كانت تموت من الجوع'.
ويشير إلى أنه في شهر رمضان من العام ذاته، كانت المجاعة في ذروتها، والغلاء الفاحش للمواد الغذائية وخاصة الدقيق، يدفعه كما باقي المواطنين نحو المساعدات، حتى لو كان ذلك على حساب أنفسهم.
وفي 26 مارس 2024، عندما ألقت طائرات المساعدات مناطيد تحتوي على مساعدات غذائية شرق المدينة، هب عاهد كغيره نحوها، لكنه لم يكن يعلم أن طريق المساعدة مفخخ بالموت.
'كلنا ركضنا، وما إن اقتربنا حتى صرنا أهدافًا للقناصة والطيران المسيّر، الناس وقعت، وأنا شعرت بنار في رجلي.. توقعت حينها أن أنزف حتى أفارق الحياة، خاصة أن لا أحد يستطيع الوصول، وغالبية من معك ملقى على الأرض بين شهيد ومصاب، لكن إرادة الحياة كانت أقوى. فرغم الوجع، زحفت لوحدي وأنا أنزف حتى تمكنت من الوصول'، هكذا يستذكر عاهد تلك اللحظات التي نزف فيها على الأرض مسافة 100 متر حتى وصل إلى جموع من الناس ليتمكنوا من إسعافه.
وصل إلى مستشفى المعمداني وبلغت نسبة دمه 4٪، فاستعجل الأطباء وضع وحدتي دم له، ثم حُوّل إلى مستشفى كمال عدوان لكثرة أعداد الشهداء والمصابين، ومنها إلى مستشفى العودة في بيت لاهيا.
ويوضح أن هناك بدأت سلسلة الألم المتراكمة، مضيفًا: 'حاول الأطباء تنظيف الجروح وإخراج الطلقات النارية من قدمي تحت تأثير بنج وتخدير موضعي، وبعد يوم من خروجي من المستشفى رجعت بجروح معفنة ورائحة غير طبيعية، الالتهاب أكل رجلي'.
خلال شهر ونصف، خضع عاهد لتسع عمليات بتر متتالية نتيجة الغرغرينا والتسمم الدموي، ويضيف بصوت مكسور: 'كانوا يبترون شويًا شويًا، كل مرة أرجع من العملية وأرى قدمي ناقصة أكثر'، وفي العملية العاشرة أُجريت له رقعة جلدية.
48 وحدة دم أنقذت حياته، لكن الحياة التي عاد بها ليست كما كانت؛ فقد ساقه اليمنى، وفقد معها قدرته على العمل في مهنة البناء التي كانت تعينه. يتابع حديثه: 'أنا لم أتمكن من إكمال تعليمي بسبب وضعنا، اشتغلت منذ صغري، والآن حتى العمل لم أعد أستطيع القيام به'.
كل ما ينتظره عاهد اليوم هو تركيب طرف صناعي يعيده للحياة من جديد، يساعده على الحركة والعمل والاعتماد على نفسه، خاصة أنه حتى اليوم لم تتوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ولا يزال أهلها يعيشون معاناة النزوح والتشرد من مكان لآخر.
ويكمل عاهد: 'أنا من سكان المنطقة الشرقية لمدينة غزة، وحتى اليوم أنزح من مكان لآخر، ولا أتمكن من التحرك إلا بمساعدة أحد أشقائي، فرغم مرور عام على الإصابة، لم أستطع التأقلم مع وضعي الصحي الجديد'.
'نفسي أمشي، لا أريد أن أظل محتاجًا لأحد، وجعي كبير لكن كرامتي أكبر، وأطمح لفتح مشروع خاص يمكنني من العيش معتمدًا على نفسي'، يختم بصوت يحمل ما تبقى من عزيمة شاب لم ينكسر رغم ما فقد.
المصدر / فلسطين أون لاين
التعليقات