أ.د.بيتي السقرات/ الجامعة الأردنية
في زمنٍ تتسارع فيه الخطوات وتغمرنا الصور الملوّنة على الشاشات، أصبح التأثير الاجتماعي قوةً هائلة، لكنها كسيفٍ بحدّين: قد تبني وعياً وتفتح أبواب الأمل، وقد تهدم قيماً وتزرع الوهم إن تُركت بلا ضوابط. فالمؤثر الحقيقي ليس وهجاً عابراً ولا أرقاماً تتكدس على منصات التواصل، بل هو أثرٌ راسخ في العقول والقلوب، يوقظ الفكر، ويزرع الإبداع، ويشعل في النفوس جذوة المسؤولية والانتماء.
في الأمس القريب، كان الإعلام التقليدي يعلّمنا معنى التأثير العميق؛ فصوت المذيع الصادق، وقلم الكاتب الحرّ، ورسالة الفنان الواعي، كانت تشكّل وعي الناس وتبني أجيالاً بأكملها. أما اليوم، وقد غزانا العالم الرقمي، بات من السهل أن يتصدر المشهد من يملك حضوراً افتراضياً حتى وإن كان بلا مضمون. لكن البريق اللحظي لا يصمد أمام نور التأثير الحقيقي الذي يعيش طويلاً، ويتجذر في وجدان الناس.
إن الفن الهادف هو بوابة الروح إلى الحقيقة؛ عمل مسرحي يوقظ الضمير، أغنية تُعيد الأمل، أو فيلم يفتح نافذةً على قضايا الوطن والإنسان. الفن الذي يسمو بالذائقة لا يلهو بالعابر، بل يخط على جدار الزمن رسالة وطنية تُشعل الحماسة في قلب الفرد وتعزز انتماءه.
أما المدرسة فهي مهد البدايات؛ حيث تنمو بذور القيم، ويُصقل الوعي، وتُبنى شخصيات قادرة على التفكير النقدي والقيادة والتعاون. المدرسة التي كانت تحتضن المسرحيات، وتُطلق الفرق الرياضية، وتكشف مواهب الكتابة والرسم، هي المدرسة التي ننتظر عودتها، لأنها تصنع جيلاً يؤمن أن التأثير ليس شعاراً بل ممارسة حياة.
وتأتي الجامعة لتفتح الأفق الأرحب؛ فضاء يعلّم البحث، يثير فضول الابتكار، ويحفّز روح الريادة. هناك، يُزرع في الشباب شغف السؤال، وتُصقل إرادة التغيير، فيخرجون إلى المجتمع لا كأفراد عابرين، بل كقادة قادرين على إلهام الآخرين وصناعة مستقبل أفضل.
وفي عالمٍ يختلط فيه الواقع بالوهم الرقمي، يبقى المؤثر الحقيقي هو من يزرع الأمل حيث يخيّم اليأس، ويشعل العمل حيث يسود الركود، ويضع الإنسان والمجتمع في قلب أولوياته، بعيداً عن ضجيج 'التريندات' الفارغة والشهرة العابرة. فالكلمة والصورة واللحن إن لم تكن رسائل بناء، فلن تكون سوى سهام هدم.
نحن في حاجة ماسّة إلى المؤثرين الإيجابيين: إلى من يغرسون في الطفل وعياً يجعله أكثر حباً لبيته ومحيطه، ويقودون الشاب والشابة ليكشفوا ما في الوطن من إيجابيات وما يحتاجه من جهدهم وعطائهم. نحن بحاجة إلى وعّاظٍ ثقافيين ودينيين، وأصواتٍ في مختلف المجالات تتحدث بعلم، وتملك ثقافة راسخة تجعلها أهلاً للحديث في قضايا المجتمع.
وقد لخّصت جلالة الملكة رانيا العبدالله أطال الله في عمرها هذا المعنى بقولها:
'أنتم المؤثرون وأصحاب الصوت المسموع، أحثّكم على استغلال وقتكم في كسر الحواجز وفتح قنوات الحوار، على التأثير في الناس وحشد الدعم لمن هم في أمسّ الحاجة له، لتناصروا الحقيقة وتتواصلوا بالقيم.'
أ.د.بيتي السقرات/ الجامعة الأردنية
في زمنٍ تتسارع فيه الخطوات وتغمرنا الصور الملوّنة على الشاشات، أصبح التأثير الاجتماعي قوةً هائلة، لكنها كسيفٍ بحدّين: قد تبني وعياً وتفتح أبواب الأمل، وقد تهدم قيماً وتزرع الوهم إن تُركت بلا ضوابط. فالمؤثر الحقيقي ليس وهجاً عابراً ولا أرقاماً تتكدس على منصات التواصل، بل هو أثرٌ راسخ في العقول والقلوب، يوقظ الفكر، ويزرع الإبداع، ويشعل في النفوس جذوة المسؤولية والانتماء.
في الأمس القريب، كان الإعلام التقليدي يعلّمنا معنى التأثير العميق؛ فصوت المذيع الصادق، وقلم الكاتب الحرّ، ورسالة الفنان الواعي، كانت تشكّل وعي الناس وتبني أجيالاً بأكملها. أما اليوم، وقد غزانا العالم الرقمي، بات من السهل أن يتصدر المشهد من يملك حضوراً افتراضياً حتى وإن كان بلا مضمون. لكن البريق اللحظي لا يصمد أمام نور التأثير الحقيقي الذي يعيش طويلاً، ويتجذر في وجدان الناس.
إن الفن الهادف هو بوابة الروح إلى الحقيقة؛ عمل مسرحي يوقظ الضمير، أغنية تُعيد الأمل، أو فيلم يفتح نافذةً على قضايا الوطن والإنسان. الفن الذي يسمو بالذائقة لا يلهو بالعابر، بل يخط على جدار الزمن رسالة وطنية تُشعل الحماسة في قلب الفرد وتعزز انتماءه.
أما المدرسة فهي مهد البدايات؛ حيث تنمو بذور القيم، ويُصقل الوعي، وتُبنى شخصيات قادرة على التفكير النقدي والقيادة والتعاون. المدرسة التي كانت تحتضن المسرحيات، وتُطلق الفرق الرياضية، وتكشف مواهب الكتابة والرسم، هي المدرسة التي ننتظر عودتها، لأنها تصنع جيلاً يؤمن أن التأثير ليس شعاراً بل ممارسة حياة.
وتأتي الجامعة لتفتح الأفق الأرحب؛ فضاء يعلّم البحث، يثير فضول الابتكار، ويحفّز روح الريادة. هناك، يُزرع في الشباب شغف السؤال، وتُصقل إرادة التغيير، فيخرجون إلى المجتمع لا كأفراد عابرين، بل كقادة قادرين على إلهام الآخرين وصناعة مستقبل أفضل.
وفي عالمٍ يختلط فيه الواقع بالوهم الرقمي، يبقى المؤثر الحقيقي هو من يزرع الأمل حيث يخيّم اليأس، ويشعل العمل حيث يسود الركود، ويضع الإنسان والمجتمع في قلب أولوياته، بعيداً عن ضجيج 'التريندات' الفارغة والشهرة العابرة. فالكلمة والصورة واللحن إن لم تكن رسائل بناء، فلن تكون سوى سهام هدم.
نحن في حاجة ماسّة إلى المؤثرين الإيجابيين: إلى من يغرسون في الطفل وعياً يجعله أكثر حباً لبيته ومحيطه، ويقودون الشاب والشابة ليكشفوا ما في الوطن من إيجابيات وما يحتاجه من جهدهم وعطائهم. نحن بحاجة إلى وعّاظٍ ثقافيين ودينيين، وأصواتٍ في مختلف المجالات تتحدث بعلم، وتملك ثقافة راسخة تجعلها أهلاً للحديث في قضايا المجتمع.
وقد لخّصت جلالة الملكة رانيا العبدالله أطال الله في عمرها هذا المعنى بقولها:
'أنتم المؤثرون وأصحاب الصوت المسموع، أحثّكم على استغلال وقتكم في كسر الحواجز وفتح قنوات الحوار، على التأثير في الناس وحشد الدعم لمن هم في أمسّ الحاجة له، لتناصروا الحقيقة وتتواصلوا بالقيم.'
أ.د.بيتي السقرات/ الجامعة الأردنية
في زمنٍ تتسارع فيه الخطوات وتغمرنا الصور الملوّنة على الشاشات، أصبح التأثير الاجتماعي قوةً هائلة، لكنها كسيفٍ بحدّين: قد تبني وعياً وتفتح أبواب الأمل، وقد تهدم قيماً وتزرع الوهم إن تُركت بلا ضوابط. فالمؤثر الحقيقي ليس وهجاً عابراً ولا أرقاماً تتكدس على منصات التواصل، بل هو أثرٌ راسخ في العقول والقلوب، يوقظ الفكر، ويزرع الإبداع، ويشعل في النفوس جذوة المسؤولية والانتماء.
في الأمس القريب، كان الإعلام التقليدي يعلّمنا معنى التأثير العميق؛ فصوت المذيع الصادق، وقلم الكاتب الحرّ، ورسالة الفنان الواعي، كانت تشكّل وعي الناس وتبني أجيالاً بأكملها. أما اليوم، وقد غزانا العالم الرقمي، بات من السهل أن يتصدر المشهد من يملك حضوراً افتراضياً حتى وإن كان بلا مضمون. لكن البريق اللحظي لا يصمد أمام نور التأثير الحقيقي الذي يعيش طويلاً، ويتجذر في وجدان الناس.
إن الفن الهادف هو بوابة الروح إلى الحقيقة؛ عمل مسرحي يوقظ الضمير، أغنية تُعيد الأمل، أو فيلم يفتح نافذةً على قضايا الوطن والإنسان. الفن الذي يسمو بالذائقة لا يلهو بالعابر، بل يخط على جدار الزمن رسالة وطنية تُشعل الحماسة في قلب الفرد وتعزز انتماءه.
أما المدرسة فهي مهد البدايات؛ حيث تنمو بذور القيم، ويُصقل الوعي، وتُبنى شخصيات قادرة على التفكير النقدي والقيادة والتعاون. المدرسة التي كانت تحتضن المسرحيات، وتُطلق الفرق الرياضية، وتكشف مواهب الكتابة والرسم، هي المدرسة التي ننتظر عودتها، لأنها تصنع جيلاً يؤمن أن التأثير ليس شعاراً بل ممارسة حياة.
وتأتي الجامعة لتفتح الأفق الأرحب؛ فضاء يعلّم البحث، يثير فضول الابتكار، ويحفّز روح الريادة. هناك، يُزرع في الشباب شغف السؤال، وتُصقل إرادة التغيير، فيخرجون إلى المجتمع لا كأفراد عابرين، بل كقادة قادرين على إلهام الآخرين وصناعة مستقبل أفضل.
وفي عالمٍ يختلط فيه الواقع بالوهم الرقمي، يبقى المؤثر الحقيقي هو من يزرع الأمل حيث يخيّم اليأس، ويشعل العمل حيث يسود الركود، ويضع الإنسان والمجتمع في قلب أولوياته، بعيداً عن ضجيج 'التريندات' الفارغة والشهرة العابرة. فالكلمة والصورة واللحن إن لم تكن رسائل بناء، فلن تكون سوى سهام هدم.
نحن في حاجة ماسّة إلى المؤثرين الإيجابيين: إلى من يغرسون في الطفل وعياً يجعله أكثر حباً لبيته ومحيطه، ويقودون الشاب والشابة ليكشفوا ما في الوطن من إيجابيات وما يحتاجه من جهدهم وعطائهم. نحن بحاجة إلى وعّاظٍ ثقافيين ودينيين، وأصواتٍ في مختلف المجالات تتحدث بعلم، وتملك ثقافة راسخة تجعلها أهلاً للحديث في قضايا المجتمع.
وقد لخّصت جلالة الملكة رانيا العبدالله أطال الله في عمرها هذا المعنى بقولها:
'أنتم المؤثرون وأصحاب الصوت المسموع، أحثّكم على استغلال وقتكم في كسر الحواجز وفتح قنوات الحوار، على التأثير في الناس وحشد الدعم لمن هم في أمسّ الحاجة له، لتناصروا الحقيقة وتتواصلوا بالقيم.'
التعليقات