أخبار اليوم - في عمر لم يتجاوز الثامنة عشرة، خطف لامين يامال مكانًا بين نخبة لاعبي العالم. فقد حصد المركز الثاني في جائزة الكرة الذهبية لعام 2025، خلف المتوَّج الفرنسي عثمان ديمبلي، ليصبح رسميًا أحد أبرز نجوم الجيل الجديد. هذا الإنجاز المبكر لم يكن مجرد تتويج لموهبة استثنائية، بل إعلانًا صريحًا أن برشلونة يمتلك لاعبًا من الصفوة، قادرًا على كتابة فصل جديد في تاريخ الرقم 10 الأسطوري.
ضجيج خارج المستطيل الأخضر
في ليالي برشلونة الدافئة، حيث يختلط عبق التاريخ بصخب الجماهير، يقف فتى في الثامنة عشرة من عمره تحت أضواء لا ترحم. قبل أن يكتمل نضجه الكروي، وجد يامال نفسه محاصرًا بعناوين الصحف لا بسبب موهبته الاستثنائية وحدها، بل جراء عاصفة من الجدل انطلقت بعيدًا عن المستطيل الأخضر. فمع بداية صيف 2025، تسربت محادثات خاصة مزعومة جمعته – وكان في السابعة عشرة – بمؤثرة إسبانية تُدعى فاتي فاسكيز، تكبره بثلاثة عشر عامًا، وتضمنت دعوات متكررة إلى لقاءات خاصة في إيطاليا. وما هي إلا أيام حتى انتشرت أنباء أخرى عن تواصل مع ممثلة رومانية شهيرة اتهمته بمحاولة استغلال عاطفي عبر رسائل إلكترونية، قبل أن يسارع اللاعب إلى نفي الاتهامات مؤكدًا أنها مجرد خلافات عابرة بين صديقين.
لم تكن القصة مجرد شائعة عابرة، بل تحولت إلى مادة دسمة لكل الصحف الإسبانية. ماركا هاجمت سلوك النجم اليافع مؤكدة أن الشهرة لا تعفيه من المسؤولية الأخلاقية، فيما تناولت آس المسألة من زاوية قانونية محذرة من أثرها على سمعة النادي، بينما ركزت موندو ديبورتيفو على الجانب النفسي، مطالبة بضرورة دعم عائلي وإداري يحمي الموهبة النادرة من ضغط الأضواء. أما جماهير برشلونة، فقد انقسمت بين من يرى في الأمر محاولة متعمدة لإرباك اللاعب وبين من يخشى أن تتحول هذه البداية الصاخبة إلى نسخة مكررة من تجربة نجم آخر حمل القميص ذاته وعاش حياة الليل حتى أفلت نجمه: رونالدينيو.
الرقم 10.. إرث يثقل الكتفين
وسط هذا الضجيج، يرتدي لامين يامال القميص رقم 10، الرقم الذي يحمل في برشلونة معنى أكبر من مجرد أرقام على الظهر. هو رقم الأساطير الذي صُنع حوله تاريخ ممتد، من أيام ماردونا إلى رونالدينيو، وصولًا إلى أعظم من وطأت قدماه “كامب نو” ليونيل ميسي. حين نزل يامال إلى أرض الملعب في افتتاح موسم 2025–2026 مرتديًا ذلك القميص، بدا كمن يضع على كتفيه وزناً يساوي تاريخًا كاملًا. فالمجد هنا لا يكفي أن يُنتزع، بل يجب أن يُحافظ عليه.
ميسي عنوان الثبات
يعرف جمهور البارسا أن الرقم 10 ليس مجرد قميص، بل عهد طويل الأمد. ليونيل ميسي، القادم من روزاريو، وصل إلى كتالونيا عام 2000 وهو في الثالثة عشرة من عمره، وصعد إلى الفريق الأول في 2004 مرتديًا القميص 30، ثم استلم الراية من رونالدينيو في موسم 2008–2009. سبعة عشر موسمًا متواصلة جعلت منه رمزًا يتجاوز حدود كرة القدم: عشرة ألقاب دوري إسباني، أربعة دوري أبطال، سبعة كؤوس ملك، ثلاثة ألقاب لكأس العالم للأندية، وثلاثة كؤوس سوبر أوروبية. ست كرات ذهبية، و634 هدفًا في جميع المسابقات، رقم يفوق مجموع أهداف صاحب المركز الثاني بأكثر من مئتين وسبعين هدفًا. خلف هذه الأرقام قصة رجل لم يعرف الانفلات ولا الانكسار، تزوج من صديقة طفولته أنطونيلا عام 2017، وظل مثالًا للاستقرار حتى أجبرته أزمات النادي المالية على الرحيل في صيف 2021.
رونالدينيو.. سحر قصير العمر
لكن للرقم ذاته وجه آخر أكثر إغواءً، وجه يحاكي قصة البرازيلي رونالدينيو، الذي جاء إلى برشلونة عام 2003 فأعاد للنادي الحياة بسحر لا يُقاوم. في موسمه الأول زرع الفرح في قلوب الجماهير، وفي موسمه الثاني رفع لقب الدوري، ثم قاد الفريق إلى عرش أوروبا عام 2006 بصناعة 26 هدفًا وبمهارات جعلت المستطيل الأخضر مسرحًا للمتعة. غير أن حياة الليل والابتعاد عن الانضباط حوّلا المسار سريعًا. بعد موسم 2007–2008 بدأ بريقه يخفت، واقتنع الرئيس خوان لابورتا أن الساحر لم يعد مهتمًا، فكان الخروج نهاية قصة خرافية لم تدم سوى خمس سنوات.
يامال بين طريقين
بين هذين النقيضين يقف يامال اليوم. موهبة فذة، سرعة خارقة، ومهارات تقنية جعلته أصغر لاعب يرتدي قميص برشلونة في الدوري الإسباني بعمر ستة عشر عامًا. يراه كثيرون الوريث الطبيعي الذي قد يمزج بين براعة رونالدينيو واستمرارية ميسي. لكن الشهرة المبكرة التي أحاطت به، والاهتمام الإعلامي الذي تضاعف مع كل مباراة، يضعانه أمام امتحان صعب. فالتجربة تقول إن الموهبة وحدها لا تصنع مسيرة، وإن الضجيج خارج الملعب قد يلتهم ما يبنيه اللاعب في داخله.
دروس من الأسطورتين
إن أراد يامال أن يجعل من الرقم 10 إرثًا طويلًا لا مجرد ومضة، فعليه أن يستلهم من مسار ميسي.
فالاستقرار المهني والشخصي قد يبدو تفصيلًا هامشيًا في حياة لاعب شاب، لكنه في برشلونة شرط للبقاء في القمة، الزواج المبكر أو على الأقل الحفاظ على حياة عائلية متوازنة يمنحان اللاعب طمأنينة تترجم إلى ثبات في الأداء.
أما الانضباط في التدريبات والحذر من السهر والإفراط في الاحتفالات فهما السلاح الحقيقي ضد تآكل الجسد والروح مع مرور المواسم.
وفي الوقت نفسه، لا يمكن أن يتخلى عن نفحة رونالدينيو التي تشعل المدرجات، فالجماهير تعشق اللاعب القادر على المراوغة والابتكار، على إدخال عنصر المفاجأة في كل هجمة، القدرة على اللعب كجناح أو صانع ألعاب، والتلاعب بالدفاعات بخفة وجرأة، هي ما يجعل الرقم 10 حيًا على أرض الملعب لا مجرد ذكرى على الجدران.
اختبار المستقبل
اليوم، يقف لامين يامال في مفترق طرق حقيقي، من جهة يلوح أمامه طريق طويل آمن يشبه رحلة ميسي، ومن جهة أخرى يلمع درب قصير لكنه ساحر كما كان طريق رونالدينيو.
فالضغوط التي تحيط به، من الإعلام إلى الجماهير، قد تدفعه نحو الهاوية إن لم يجد الدعم الكافي من عائلته وإدارة ناديه، لكن التزامه الشخصي يظل العامل الفاصل.
القصة إذن ليست مجرد صراع موهبة مع خصومها في الملعب، بل مع أضواء كاميرات لا تنطفئ. إما أن يحول يامال الفضائح المزعومة إلى مجرد صفحات منسية في بداية كتاب نجاح طويل، أو يتركها تتحول إلى فصول مظلمة تختصر مسيرته في بضع سنوات من اللمعان.
فالرقم 10 في برشلونة لا يرحم من يتهاون، هو امتحان يومي أمام التاريخ، ولامين يامال الآن على موعد مع كتابة فصله الخاص: أسطورة حية تتوارثها الأجيال، أم وميضًا خاطفًا يبهت قبل أن يكتمل؟
أخبار اليوم - في عمر لم يتجاوز الثامنة عشرة، خطف لامين يامال مكانًا بين نخبة لاعبي العالم. فقد حصد المركز الثاني في جائزة الكرة الذهبية لعام 2025، خلف المتوَّج الفرنسي عثمان ديمبلي، ليصبح رسميًا أحد أبرز نجوم الجيل الجديد. هذا الإنجاز المبكر لم يكن مجرد تتويج لموهبة استثنائية، بل إعلانًا صريحًا أن برشلونة يمتلك لاعبًا من الصفوة، قادرًا على كتابة فصل جديد في تاريخ الرقم 10 الأسطوري.
ضجيج خارج المستطيل الأخضر
في ليالي برشلونة الدافئة، حيث يختلط عبق التاريخ بصخب الجماهير، يقف فتى في الثامنة عشرة من عمره تحت أضواء لا ترحم. قبل أن يكتمل نضجه الكروي، وجد يامال نفسه محاصرًا بعناوين الصحف لا بسبب موهبته الاستثنائية وحدها، بل جراء عاصفة من الجدل انطلقت بعيدًا عن المستطيل الأخضر. فمع بداية صيف 2025، تسربت محادثات خاصة مزعومة جمعته – وكان في السابعة عشرة – بمؤثرة إسبانية تُدعى فاتي فاسكيز، تكبره بثلاثة عشر عامًا، وتضمنت دعوات متكررة إلى لقاءات خاصة في إيطاليا. وما هي إلا أيام حتى انتشرت أنباء أخرى عن تواصل مع ممثلة رومانية شهيرة اتهمته بمحاولة استغلال عاطفي عبر رسائل إلكترونية، قبل أن يسارع اللاعب إلى نفي الاتهامات مؤكدًا أنها مجرد خلافات عابرة بين صديقين.
لم تكن القصة مجرد شائعة عابرة، بل تحولت إلى مادة دسمة لكل الصحف الإسبانية. ماركا هاجمت سلوك النجم اليافع مؤكدة أن الشهرة لا تعفيه من المسؤولية الأخلاقية، فيما تناولت آس المسألة من زاوية قانونية محذرة من أثرها على سمعة النادي، بينما ركزت موندو ديبورتيفو على الجانب النفسي، مطالبة بضرورة دعم عائلي وإداري يحمي الموهبة النادرة من ضغط الأضواء. أما جماهير برشلونة، فقد انقسمت بين من يرى في الأمر محاولة متعمدة لإرباك اللاعب وبين من يخشى أن تتحول هذه البداية الصاخبة إلى نسخة مكررة من تجربة نجم آخر حمل القميص ذاته وعاش حياة الليل حتى أفلت نجمه: رونالدينيو.
الرقم 10.. إرث يثقل الكتفين
وسط هذا الضجيج، يرتدي لامين يامال القميص رقم 10، الرقم الذي يحمل في برشلونة معنى أكبر من مجرد أرقام على الظهر. هو رقم الأساطير الذي صُنع حوله تاريخ ممتد، من أيام ماردونا إلى رونالدينيو، وصولًا إلى أعظم من وطأت قدماه “كامب نو” ليونيل ميسي. حين نزل يامال إلى أرض الملعب في افتتاح موسم 2025–2026 مرتديًا ذلك القميص، بدا كمن يضع على كتفيه وزناً يساوي تاريخًا كاملًا. فالمجد هنا لا يكفي أن يُنتزع، بل يجب أن يُحافظ عليه.
ميسي عنوان الثبات
يعرف جمهور البارسا أن الرقم 10 ليس مجرد قميص، بل عهد طويل الأمد. ليونيل ميسي، القادم من روزاريو، وصل إلى كتالونيا عام 2000 وهو في الثالثة عشرة من عمره، وصعد إلى الفريق الأول في 2004 مرتديًا القميص 30، ثم استلم الراية من رونالدينيو في موسم 2008–2009. سبعة عشر موسمًا متواصلة جعلت منه رمزًا يتجاوز حدود كرة القدم: عشرة ألقاب دوري إسباني، أربعة دوري أبطال، سبعة كؤوس ملك، ثلاثة ألقاب لكأس العالم للأندية، وثلاثة كؤوس سوبر أوروبية. ست كرات ذهبية، و634 هدفًا في جميع المسابقات، رقم يفوق مجموع أهداف صاحب المركز الثاني بأكثر من مئتين وسبعين هدفًا. خلف هذه الأرقام قصة رجل لم يعرف الانفلات ولا الانكسار، تزوج من صديقة طفولته أنطونيلا عام 2017، وظل مثالًا للاستقرار حتى أجبرته أزمات النادي المالية على الرحيل في صيف 2021.
رونالدينيو.. سحر قصير العمر
لكن للرقم ذاته وجه آخر أكثر إغواءً، وجه يحاكي قصة البرازيلي رونالدينيو، الذي جاء إلى برشلونة عام 2003 فأعاد للنادي الحياة بسحر لا يُقاوم. في موسمه الأول زرع الفرح في قلوب الجماهير، وفي موسمه الثاني رفع لقب الدوري، ثم قاد الفريق إلى عرش أوروبا عام 2006 بصناعة 26 هدفًا وبمهارات جعلت المستطيل الأخضر مسرحًا للمتعة. غير أن حياة الليل والابتعاد عن الانضباط حوّلا المسار سريعًا. بعد موسم 2007–2008 بدأ بريقه يخفت، واقتنع الرئيس خوان لابورتا أن الساحر لم يعد مهتمًا، فكان الخروج نهاية قصة خرافية لم تدم سوى خمس سنوات.
يامال بين طريقين
بين هذين النقيضين يقف يامال اليوم. موهبة فذة، سرعة خارقة، ومهارات تقنية جعلته أصغر لاعب يرتدي قميص برشلونة في الدوري الإسباني بعمر ستة عشر عامًا. يراه كثيرون الوريث الطبيعي الذي قد يمزج بين براعة رونالدينيو واستمرارية ميسي. لكن الشهرة المبكرة التي أحاطت به، والاهتمام الإعلامي الذي تضاعف مع كل مباراة، يضعانه أمام امتحان صعب. فالتجربة تقول إن الموهبة وحدها لا تصنع مسيرة، وإن الضجيج خارج الملعب قد يلتهم ما يبنيه اللاعب في داخله.
دروس من الأسطورتين
إن أراد يامال أن يجعل من الرقم 10 إرثًا طويلًا لا مجرد ومضة، فعليه أن يستلهم من مسار ميسي.
فالاستقرار المهني والشخصي قد يبدو تفصيلًا هامشيًا في حياة لاعب شاب، لكنه في برشلونة شرط للبقاء في القمة، الزواج المبكر أو على الأقل الحفاظ على حياة عائلية متوازنة يمنحان اللاعب طمأنينة تترجم إلى ثبات في الأداء.
أما الانضباط في التدريبات والحذر من السهر والإفراط في الاحتفالات فهما السلاح الحقيقي ضد تآكل الجسد والروح مع مرور المواسم.
وفي الوقت نفسه، لا يمكن أن يتخلى عن نفحة رونالدينيو التي تشعل المدرجات، فالجماهير تعشق اللاعب القادر على المراوغة والابتكار، على إدخال عنصر المفاجأة في كل هجمة، القدرة على اللعب كجناح أو صانع ألعاب، والتلاعب بالدفاعات بخفة وجرأة، هي ما يجعل الرقم 10 حيًا على أرض الملعب لا مجرد ذكرى على الجدران.
اختبار المستقبل
اليوم، يقف لامين يامال في مفترق طرق حقيقي، من جهة يلوح أمامه طريق طويل آمن يشبه رحلة ميسي، ومن جهة أخرى يلمع درب قصير لكنه ساحر كما كان طريق رونالدينيو.
فالضغوط التي تحيط به، من الإعلام إلى الجماهير، قد تدفعه نحو الهاوية إن لم يجد الدعم الكافي من عائلته وإدارة ناديه، لكن التزامه الشخصي يظل العامل الفاصل.
القصة إذن ليست مجرد صراع موهبة مع خصومها في الملعب، بل مع أضواء كاميرات لا تنطفئ. إما أن يحول يامال الفضائح المزعومة إلى مجرد صفحات منسية في بداية كتاب نجاح طويل، أو يتركها تتحول إلى فصول مظلمة تختصر مسيرته في بضع سنوات من اللمعان.
فالرقم 10 في برشلونة لا يرحم من يتهاون، هو امتحان يومي أمام التاريخ، ولامين يامال الآن على موعد مع كتابة فصله الخاص: أسطورة حية تتوارثها الأجيال، أم وميضًا خاطفًا يبهت قبل أن يكتمل؟
أخبار اليوم - في عمر لم يتجاوز الثامنة عشرة، خطف لامين يامال مكانًا بين نخبة لاعبي العالم. فقد حصد المركز الثاني في جائزة الكرة الذهبية لعام 2025، خلف المتوَّج الفرنسي عثمان ديمبلي، ليصبح رسميًا أحد أبرز نجوم الجيل الجديد. هذا الإنجاز المبكر لم يكن مجرد تتويج لموهبة استثنائية، بل إعلانًا صريحًا أن برشلونة يمتلك لاعبًا من الصفوة، قادرًا على كتابة فصل جديد في تاريخ الرقم 10 الأسطوري.
ضجيج خارج المستطيل الأخضر
في ليالي برشلونة الدافئة، حيث يختلط عبق التاريخ بصخب الجماهير، يقف فتى في الثامنة عشرة من عمره تحت أضواء لا ترحم. قبل أن يكتمل نضجه الكروي، وجد يامال نفسه محاصرًا بعناوين الصحف لا بسبب موهبته الاستثنائية وحدها، بل جراء عاصفة من الجدل انطلقت بعيدًا عن المستطيل الأخضر. فمع بداية صيف 2025، تسربت محادثات خاصة مزعومة جمعته – وكان في السابعة عشرة – بمؤثرة إسبانية تُدعى فاتي فاسكيز، تكبره بثلاثة عشر عامًا، وتضمنت دعوات متكررة إلى لقاءات خاصة في إيطاليا. وما هي إلا أيام حتى انتشرت أنباء أخرى عن تواصل مع ممثلة رومانية شهيرة اتهمته بمحاولة استغلال عاطفي عبر رسائل إلكترونية، قبل أن يسارع اللاعب إلى نفي الاتهامات مؤكدًا أنها مجرد خلافات عابرة بين صديقين.
لم تكن القصة مجرد شائعة عابرة، بل تحولت إلى مادة دسمة لكل الصحف الإسبانية. ماركا هاجمت سلوك النجم اليافع مؤكدة أن الشهرة لا تعفيه من المسؤولية الأخلاقية، فيما تناولت آس المسألة من زاوية قانونية محذرة من أثرها على سمعة النادي، بينما ركزت موندو ديبورتيفو على الجانب النفسي، مطالبة بضرورة دعم عائلي وإداري يحمي الموهبة النادرة من ضغط الأضواء. أما جماهير برشلونة، فقد انقسمت بين من يرى في الأمر محاولة متعمدة لإرباك اللاعب وبين من يخشى أن تتحول هذه البداية الصاخبة إلى نسخة مكررة من تجربة نجم آخر حمل القميص ذاته وعاش حياة الليل حتى أفلت نجمه: رونالدينيو.
الرقم 10.. إرث يثقل الكتفين
وسط هذا الضجيج، يرتدي لامين يامال القميص رقم 10، الرقم الذي يحمل في برشلونة معنى أكبر من مجرد أرقام على الظهر. هو رقم الأساطير الذي صُنع حوله تاريخ ممتد، من أيام ماردونا إلى رونالدينيو، وصولًا إلى أعظم من وطأت قدماه “كامب نو” ليونيل ميسي. حين نزل يامال إلى أرض الملعب في افتتاح موسم 2025–2026 مرتديًا ذلك القميص، بدا كمن يضع على كتفيه وزناً يساوي تاريخًا كاملًا. فالمجد هنا لا يكفي أن يُنتزع، بل يجب أن يُحافظ عليه.
ميسي عنوان الثبات
يعرف جمهور البارسا أن الرقم 10 ليس مجرد قميص، بل عهد طويل الأمد. ليونيل ميسي، القادم من روزاريو، وصل إلى كتالونيا عام 2000 وهو في الثالثة عشرة من عمره، وصعد إلى الفريق الأول في 2004 مرتديًا القميص 30، ثم استلم الراية من رونالدينيو في موسم 2008–2009. سبعة عشر موسمًا متواصلة جعلت منه رمزًا يتجاوز حدود كرة القدم: عشرة ألقاب دوري إسباني، أربعة دوري أبطال، سبعة كؤوس ملك، ثلاثة ألقاب لكأس العالم للأندية، وثلاثة كؤوس سوبر أوروبية. ست كرات ذهبية، و634 هدفًا في جميع المسابقات، رقم يفوق مجموع أهداف صاحب المركز الثاني بأكثر من مئتين وسبعين هدفًا. خلف هذه الأرقام قصة رجل لم يعرف الانفلات ولا الانكسار، تزوج من صديقة طفولته أنطونيلا عام 2017، وظل مثالًا للاستقرار حتى أجبرته أزمات النادي المالية على الرحيل في صيف 2021.
رونالدينيو.. سحر قصير العمر
لكن للرقم ذاته وجه آخر أكثر إغواءً، وجه يحاكي قصة البرازيلي رونالدينيو، الذي جاء إلى برشلونة عام 2003 فأعاد للنادي الحياة بسحر لا يُقاوم. في موسمه الأول زرع الفرح في قلوب الجماهير، وفي موسمه الثاني رفع لقب الدوري، ثم قاد الفريق إلى عرش أوروبا عام 2006 بصناعة 26 هدفًا وبمهارات جعلت المستطيل الأخضر مسرحًا للمتعة. غير أن حياة الليل والابتعاد عن الانضباط حوّلا المسار سريعًا. بعد موسم 2007–2008 بدأ بريقه يخفت، واقتنع الرئيس خوان لابورتا أن الساحر لم يعد مهتمًا، فكان الخروج نهاية قصة خرافية لم تدم سوى خمس سنوات.
يامال بين طريقين
بين هذين النقيضين يقف يامال اليوم. موهبة فذة، سرعة خارقة، ومهارات تقنية جعلته أصغر لاعب يرتدي قميص برشلونة في الدوري الإسباني بعمر ستة عشر عامًا. يراه كثيرون الوريث الطبيعي الذي قد يمزج بين براعة رونالدينيو واستمرارية ميسي. لكن الشهرة المبكرة التي أحاطت به، والاهتمام الإعلامي الذي تضاعف مع كل مباراة، يضعانه أمام امتحان صعب. فالتجربة تقول إن الموهبة وحدها لا تصنع مسيرة، وإن الضجيج خارج الملعب قد يلتهم ما يبنيه اللاعب في داخله.
دروس من الأسطورتين
إن أراد يامال أن يجعل من الرقم 10 إرثًا طويلًا لا مجرد ومضة، فعليه أن يستلهم من مسار ميسي.
فالاستقرار المهني والشخصي قد يبدو تفصيلًا هامشيًا في حياة لاعب شاب، لكنه في برشلونة شرط للبقاء في القمة، الزواج المبكر أو على الأقل الحفاظ على حياة عائلية متوازنة يمنحان اللاعب طمأنينة تترجم إلى ثبات في الأداء.
أما الانضباط في التدريبات والحذر من السهر والإفراط في الاحتفالات فهما السلاح الحقيقي ضد تآكل الجسد والروح مع مرور المواسم.
وفي الوقت نفسه، لا يمكن أن يتخلى عن نفحة رونالدينيو التي تشعل المدرجات، فالجماهير تعشق اللاعب القادر على المراوغة والابتكار، على إدخال عنصر المفاجأة في كل هجمة، القدرة على اللعب كجناح أو صانع ألعاب، والتلاعب بالدفاعات بخفة وجرأة، هي ما يجعل الرقم 10 حيًا على أرض الملعب لا مجرد ذكرى على الجدران.
اختبار المستقبل
اليوم، يقف لامين يامال في مفترق طرق حقيقي، من جهة يلوح أمامه طريق طويل آمن يشبه رحلة ميسي، ومن جهة أخرى يلمع درب قصير لكنه ساحر كما كان طريق رونالدينيو.
فالضغوط التي تحيط به، من الإعلام إلى الجماهير، قد تدفعه نحو الهاوية إن لم يجد الدعم الكافي من عائلته وإدارة ناديه، لكن التزامه الشخصي يظل العامل الفاصل.
القصة إذن ليست مجرد صراع موهبة مع خصومها في الملعب، بل مع أضواء كاميرات لا تنطفئ. إما أن يحول يامال الفضائح المزعومة إلى مجرد صفحات منسية في بداية كتاب نجاح طويل، أو يتركها تتحول إلى فصول مظلمة تختصر مسيرته في بضع سنوات من اللمعان.
فالرقم 10 في برشلونة لا يرحم من يتهاون، هو امتحان يومي أمام التاريخ، ولامين يامال الآن على موعد مع كتابة فصله الخاص: أسطورة حية تتوارثها الأجيال، أم وميضًا خاطفًا يبهت قبل أن يكتمل؟
التعليقات