أخبار اليوم - احتلت بريطانيا فلسطين عام 1917 بعد معارك مع الدولة العثمانية، واستمرت فيها 3 عقود مارست أثناءها القتل والقمع والاعتقال والطرد بحق سكانها العرب، واستولت على أراضيهم وسلمتها الحركة الصهيونية تنفيذا لوعدها بإنشاء 'وطن قومي لليهود' على أرض فلسطين.
ولم يتوقف الدعم البريطاني لليهود بانتهاء الانتداب، إذ استمرت المملكة المتحدة في التعاون مع إسرائيل في مختلف المجالات، ودعمتها بالمال والسلاح وفي المحافل الدولية، حتى غدت أحد أقوى داعميها في العالم.
ومثل العدوان الإسرائيلي عقب عملية طوفان الأقصى -التي شنتها المقاومة الفلسطينية في مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- نقطة فاصلة في تاريخ العلاقة بين بريطانيا وإسرائيل.
وشهدت بريطانيا مظاهرات حاشدة ضد العدوان وتأييدا للقضية الفلسطينية، الأمر الذي أجبر الحكومة البريطانية على تعديل موقفها والدعوة لوقف دائم لإطلاق النار وإنهاء المجاعة في قطاع غزة ومن ثم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو الأمر الذي رحبت به السلطة الوطنية الفلسطينية ومعظم دول العالم ورفضته إسرائيل واعتبرته 'مكافأة' لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وفيما يلي موجز لتطورات الموقف البريطاني تجاه فلسطين منذ بداية الانتداب وإلى إعلان رئيس الوزراء كير ستارمر الاعتراف بالدولة الفلسطينية أواخر سبتمبر/أيلول 2025:
أول موطئ قدم
افتتحت بريطانيا أول قنصلية لها في القدس عام 1838 مستفيدة من قانون الصلح العثماني، واستغلت هذه القنصلية لمساعدة اليهود على شراء الأراضي في فلسطين عبر وسطاء أجانب وبناء مستوطنات يهودية عليها، لا سيما في ظل القيود العثمانية ضد تملّك اليهود.
حاولت بريطانيا في هذه الفترة الضغط على الدولة العثمانية لإصدار قرار يشجع اليهود الموزعين في أوروبا على الهجرة إلى فلسطين، لكن السلطان عبد الحميد الثاني رفض ذلك.
كما ساعدت اليهود للحصول على 'نظام الامتيازات' الذي منحته الدولة العثمانية لعدد من الشركات الأجنبية للبناء في فلسطين.
عام 1894 عملت الحركة الصهيونية بمساعدة بريطانيا على تذليل خط سكة حديد يافا-القدس لتسهيل الهجرة اليهودية للمنطقة، لكنها فشلت بسبب القيود العثمانية عليها، فحاول زعيم الحركة الصهيونية تيودور هرتزل شراء السكة عام 1901 للتنصل من القيود العثمانية لكنه لم ينجح.
بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، اجتمعت فرنسا وبريطانيا من أجل التخطيط للاستيلاء على المنطقة العربية حال انتهاء الحرب، واتفقتا بعد تقسيم المنطقة بينهما على أن تبقى فلسطين تحت إدارة دولية، ووقعت وقتها اتفاقية سايكس بيكو في مايو/أيار 1916.
وبعد انتصار البريطانيين على العثمانيين في معركة بئر السبع يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول 1917، أكملوا طريقهم إلى غزة في 17 نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، ثم وصلوا يافا والرملة.
بعد ذلك زحفوا إلى القدس، مما دفع العثمانيين إلى الاستسلام حفاظا على الأماكن المقدسة فيها، على أن يحترم البريطانيون ذلك، فدخلوا القدس في 11 ديسمبر/كانون الأول 1917، وكان ذلك التاريخ نهاية الحكم العثماني لفلسطين، وبداية لعهد الاحتلال البريطاني.
أعلن قائد الجيش البريطاني آنذاك إدموند ألنبي بيانه الأول الشهير، الذي فرض فيه الأحكام العرفية داخل القدس، وطالب السكان بمباشرة أعمالهم دون أي إضراب، واحترام الخصوصية الدينية لمدينة القدس وأماكنها المقدسة، كما أعلن فرض حكومة عسكرية.
احتفى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك لوير جورج باحتلال القدس، وكلف وزير خارجيته جيمس آرثر بلفور بإرسال مندوب عنه في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917 للتفاوض مع الحركة الصهيونية بشأن مطالبها في فلسطين.
وعد بلفور
اجتمع بلفور مع ممثلي الحركة الصهيونية ولم يتردد في منحهم ما يريدون، وأرسل رسالته المشهورة الموقعة في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917 إلى رئيس الجالية اليهودية في بريطانيا اللورد ليونيل روتشيلد، متضمنة وعدا بتأسيس 'وطن قومي للشعب اليهودي' في فلسطين.
وكان بلفور يطمح من وراء هذا الإعلان إلى استقطاب يهود ألمانيا لينضموا إلى يهود بريطانيا لمساعدة الإنجليز.
وعندما وضعت الحرب أوزارها تكثفت الدعوات لنقل اليهود من أوروبا وأميركا إلى فلسطين، وتلت ذلك هجرات هائلة لليهود عبر خط سكة حديد يافا-القدس.
وفي عام 1918 قررت الحكومة البريطانية إرسال وفد إلى فلسطين لدراسة مدى إمكانية تطبيق وعد بلفور، فضلا عن عرضها نص الوعد على الرئيس الأميركي وقتها وودرو ولسون، الذي وافق على محتواه، فيما أقرته لاحقا كل من فرنسا وإيطاليا رسميا.
مؤتمر سان ريمو
في 19-26 أبريل/نيسان 1920 عقد الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الأولى مؤتمرا في مدينة سان ريمو الإيطالية بحضور وفد يهودي رفيع المستوى، لتقاسم تركة الخلافة العثمانية، ووضعوا فلسطين تحت انتداب بريطانيا.
وفي 24 أبريل/نيسان 1920 أعلن رسميا عن إنشاء 'وطن قومي لليهود' في فلسطين، وتشكلت حكومة مدنية، وأرسل عضو مجلس اللوردات هربرت صموئيل في يونيو/حزيران من العام ذاته مندوبا ساميا على فلسطين، وعمل على إنشاء مجلس تشريعي يخضع لأحكام الانتداب، لكن الفلسطينيين قاطعوا الانتخابات.
وفي أغسطس/آب 1920 وافقت الإدارة المدنية التي عينت داخل فلسطين على أول مرسوم هجرة يهودية، فبدأت سلسلة التدفقات لليهود بلا توقف.
صك الانتداب
في 24 يوليو/تموز 1922 منحت عصبة الأمم بريطانيا حق الانتداب على فلسطين، وحرص محررو صك الانتداب على الإشارة إلى أنه جاء بناء على وعد بلفور، واشتمل على ديباجة و28 مادة، أكدت بريطانيا فيه رعاية المشروع الصهيوني على أرض فلسطين كما في وعد بلفور.
وأضافت بريطانيا في الصك جزئية زعمت فيها 'الصلة التاريخية التي تربط الشعب اليهودي بفلسطين'، مع التطرق إلى حقوق 'الطوائف غير اليهودية'.
وركز الصك على تجهيز فلسطين سياسيا واقتصاديا وإداريا بشكل يضمن إنشاء وطن قومي لليهود، ويضمن التزام بريطانيا بتسهيل هجرة اليهود إليها، فضلا عن تسهيل اكتسابهم الجنسية البريطانية ومنح لغتهم العبرية مكانة معادلة للغة العربية.
تسهيل هجرة واستيطان اليهود
أصدرت الحكومة البريطانية بدءا من أكتوبر/تشرين الأول 1920، عددا من المراسيم بهدف تسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين واستيلائهم على أراضيها، فضلا عن مراسيم أخرى لخنق سكانها العرب.
واستغل اليهود الألمان هذه المراسيم وهاجروا إلى فلسطين بأعداد هائلة لا سيما بعد استيلاء النازيين على السلطة في ألمانيا، وهو الأمر الذي تبنه العرب إلى خطورته.
وفي محاولة لامتصاص غضب الفلسطينيين والعرب، أصدرت حكومة الانتداب ما سمته 'الكتاب الأبيض' في يونيو/حزيران 1922، وظهرت فيه نيتها دعم قيام 'وطن قومي لليهود' في فلسطين.
وزعم الكتاب أن زيادة أعداد الهجرة اليهودية يحتمل بناء على الوضع الاقتصادي في فلسطين.
وفي مارس/ آذار 1925 زار بلفور مدينة القدس للمشاركة في افتتاح الجامعة العبرية، التي شيدت على أرض فلسطينية انتزعتها بريطانيا من أهلها بالقوة عام 1918، وقوبلت الزيارة باحتجاجات عارمة وإضراب عام.
وفي فبراير/ شباط 1927 أصدرت بريطانيا مرسوم النقد الفلسطيني، بهدف تقوية القطاع الاقتصادي اليهودي، وتبع ذلك قانون الجنسية الفلسطينية بقصد تجنيس اليهود المقيمين في فلسطين.
ورفضت الحكومة البريطانية تأسيس برلمان فلسطيني يقوم على أساس التمثيل النسبي، خوفا من أن تكون الأغلبية فيه للسكان العرب، وبذلك يحد من إمكانية إنشاء 'وطن قومي لليهود'.
وفي عام 1930 وصل عدد اليهود المهاجرين إلى فلسطين حوالي 105 آلاف، وحتى عام 1936 وصل إلى 285 ألفا، أي بزيادة تعادل 164%، ونمت أعداد المستوطنات اليهودية، إضافة إلى تغلغل اليهود في مؤسسات الانتداب البريطاني.
قمع ثورات الفلسطينيين
تصاعدت نقمة الفلسطينيين تجاه سياسات بريطانيا، مما دفعهم لتنظيم احتجاجات ومظاهرات وتفجير ثورات أدت في كثير من الأحيان إلى صدامات عنيفة مع الجيش البريطاني والمستوطنين اليهود.
واستخدمت بريطانيا أقصى درجات العنف ضد الفلسطينيين، فقتلت المئات منهم ودمرت عددا من قراهم، وقدمت الآلاف إلى محاكمات غير عادلة.
وفيما يلي أهم الثورات الفلسطينية ضد سياسات الانتداب البريطاني:
ثورة عام 1920
وهي أول انتفاضة فلسطينية ضد الانتداب البريطاني، بدأت في القدس أثناء احتفالات موسم النبي موسى الديني في أبريل/نيسان 1920، وتطورت إلى اشتباكات بين العرب واليهود، وأدت إلى مقتل 4 عرب و5 يهود وإصابة العشرات من الطرفين.
وعلى خلفية ذلك أقال الانتداب البريطاني رئيس بلدية القدس موسى كاظم الحسيني وغرم بعض القادة الفلسطينيين.
ثورة البراق عام 1929
اندلعت ثورة البراق يوم 15 أغسطس/آب 1929، بسبب اشتباكات عنيفة بين العرب واليهود عند حائط البراق (الحائط الغربي للمسجد الأقصى)، عندما نظم اليهود مظاهرة ضخمة قرب حائط البراق أتبعوها في اليوم التالي بمظاهرة في شوارع القدس بمناسبة ما سموه 'ذكرى تدمير هيكل سليمان'، مدعين أنه مكان خاص باليهود وحدهم.
وحينها هبت القوات البريطانية للدفاع عن اليهود، مستخدمة أقصى درجات القمع ضد المتظاهرين العرب.
وبلغت الثورة ذروتها في 23 أغسطس/آب 1929، بمقتل 133 يهوديا وجرح 339 آخرين، في حين قتل 116 فلسطينيا وعربيا وجرح 232 آخرون.
وغداة الثورة، أصدرت سلطة الانتداب في 25 أكتوبر/تشرين الأول 1929 مرسوما أطلقت عليه 'قانون العقوبات'، حددت فيه الجرائم التي تعد 'إثارة للفتنة ضد سلطة الانتداب'، مع العقوبة المقابلة.
وشكل مجلس عصبة الأمم يوم 14 يناير/كانون الثاني 1930 لجنة للبت في 'مسألة حقوق ومطالب المسلمين واليهود' في حائط البراق، وخلصت اللجنة إلى أن ملكية الحائط تعود إلى المسلمين، ولهم وحدهم الحق العيني فيه، كما رأت أن الحائط الغربي جزء لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف، التي هي من أملاك الوقف.
كما قالت إن 'لليهود الحق في حرية الوصول إلى الحائط الغربي لإقامة التضرعات في جميع الأوقات مع مراعاة عدد من الشروط'.
ثورة القسام عام 1935
في أكتوبر/تشرين الأول 1935 ألقى الشيخ عز الدين القسام خطبة في جامع الاستقلال، ودعا فيها الشعب الفلسطيني إلى الجهاد ضد الانتداب البريطاني، وذلك بعدما أنشأ مجموعات سرية أطلق عليها اسم 'العصبة القسامية'.
وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1935 استشهد القسام بعد اشتباكات مع الجيش البريطاني في أحراش يعبد قرب جنين.
الثورة الفلسطينية الكبرى 1936
أدى اغتيال القسام إلى إشعال فتيل الثورة الفلسطينية الكبرى، التي اندلعت في منتصف أبريل/نيسان 1936 بعدما هاجمت مجموعات العصبة القسامية قافلة شاحنات بين مدينتي نابلس وطولكرم، وقتلت سائقين يهوديين، فردت منظمة الإرغون الصهيونية في اليوم التالي بقتل عاملين فلسطينيين قرب قرية بيتح تكفا.
وعبر الفلسطينيون عن سخطهم تجاه زيادة استيلاء اليهود على الأراضي، وزيادة القوانين البريطانية التي هدفت إلى تهجير المئات.
وتلت ذلك اضطرابات دامية في تل أبيب ويافا، فانطلقت ثورة استمرت 3 أعوام وخلفت آلاف الشهداء والجرحى، وشهدت فلسطين أثناءها الإضراب الكبير الذي استمر نحو 6 أشهر، وقد استخدمت بريطانيا أساليب وحشية لسحق الثورة، وأعلنت حالة الطوارئ وفرضت حظر التجوال ونفذت حملة اعتقالات عنيفة.
وبعد 4 أشهر من اندلاع الثورة شكلت المملكة المتحدة 'لجنة بيل' الملكية، التي خلصت إلى اقتراح تغييرات على 'الانتداب البريطاني على فلسطين'.
وأوصت اللجنة بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية مع بقاء القدس وبيت لحم والناصرة تحت الانتداب البريطاني، فضلا عن ترحيل أكثر من 200 ألف فلسطيني من منازلهم لإفساح المجال أمام قيام 'الدولة اليهودية'.
وكان الرد العربي الفلسطيني على قرار التقسيم هو الاستمرار في الثورة، مما أدى إلى تأجيل طرح القرار، وبقيت الثورة مشتعلة حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939.
وفي 23 نوفمبر/تشرين الثاني 1938 ألقى وزير المستعمرات البريطاني مالكوم مكدونالد بيانا هاما في مجلس العموم شرح فيه الوضع القائم في المنطقة، وقال 'إن مسألة اللاجئين في أوروبا الوسطى لا يمكن تسويتها على حساب فلسطين'.
مؤتمر لندن 1939
في 7 فبراير/شباط 1939 عقدت بريطانيا مؤتمر لندن (المائدة المستديرة) لمناقشة مستقبل فلسطين وإنهاء الانتداب، وقد فشل المؤتمر لرفض العرب الجلوس مع الوفد اليهودي، وعلى إثر ذلك أصدرت 'كتاب ماكدونالد الأبيض'، الذي حد من الهجرة اليهودية إلى فلسطين إلى 75 ألف مهاجر في 5 سنوات.
وأثار صدور الكتاب غضب الحركة الصهيونية، التي رأت فيه تقويضا لمشروعها القومي، ولم تلق له بالا ونظمت أكثر من مئة رحلة بحرية أقلت اليهود إلى فلسطين.
وفي عام 1944 أصدر حزب العمال البريطاني قرارا يوصي بتهجير الفلسطينيين مقابل استقبال أعداد أكبر من اليهود.
دعم بالسلاح
لم تقتصر سياسات بريطانيا عند هذا الحد، بل سمحت للحركة الصهيونية بإنشاء تشكيلات عسكرية وأمدتها بالسلاح والتدريب، مما كان له دور حاسم في توسع رقعة سيطرة اليهود على الأراضي الفلسطينية، فبحلول عام 1941 شكلت الحركة الصهيونية وحدات 'البالماح'، وهي أول تشكيل عسكري دائم يتبع منظمة الهاغاناه.
ونجحت الحركة في أبريل/نيسان 1944 في الحصول على موافقة مجلس الوزراء البريطاني لإنشاء قوة يهودية تقاتل تحت علمها وشعار 'نجمة داود'.
إحالة ملف فلسطين لأميركا
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وجدت الصهيونية العالمية في الولايات المتحدة حليفا قويا لمساعدتها في إقامة 'وطن قومي' في فلسطين، فطالبتها بالضغط على الحكومة البريطانية للتسليم بمطالبها.
وفي 24 يوليو/ تموز 1945 وجه الرئيس الأميركي آنذاك هاري ترومان رسالة إلى الحكومة البريطانية طالبها فيها بإدخال مئة ألف يهودي إلى فلسطين.
وردا على رسالة ترومان اقترحت بريطانيا على الولايات المتحدة مشاركتها في مسؤولية رسم سياسة فلسطين عن طريق تشكيل لجنة تحقيق أنجلو-أميركية لدراسة مشكلتها.
وفي الوقت نفسه، نفذ اليهود سلسلة هجمات ضد البريطانيين في تل أبيب والقدس، ردت عليها بريطانيا بسلسلة اعتقالات لليهود وتحميل الوكالة اليهودية مسؤولية ارتكاب 'أعمال إرهابية'.
وفي 20 أبريل/نيسان 1946 أعلنت أميركا دعمها المشروع الاستيطاني وتأييدها إعلان تقسيم فلسطين إلى 4 مناطق، بناء على 'خطة موريسن غرادي'، التي حددت مساحة مناطق اليهود بـ17%.
ولاحقا طالبت الوكالة اليهودية بإقامة دولة في فلسطين، بناء على المنطقة التي أوصت بها 'لجنة بيل' عام 1937، فوجهت أميركا إلى بريطانيا مطالب الوكالة بالتقسيم.
في 2 أبريل/نيسان 1947، أحالت بريطانيا قضية فلسطين إلى أميركا، على أن تكمل الجمعية العامة للأمم المتحدة 'تقديم التوصيات بموجب المادة 10 من الميثاق، بشأن الحكم المستقبلي في فلسطين'.
قرار التقسيم
شكلت الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 1947 لجنة 'انسكوب'، وذلك بناء على طلب الحكومة البريطانية، وضمت في عضويتها 11 دولة.
واشتمل تقريرها النهائي على 11 توصية أبرزها تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية (56% من مساحة فلسطين الكلية)، ودولة عربية (43% من المساحة) وتدويل منطقة القدس (1% من المساحة).
ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947 على قرار تقسيم فلسطين، فيما امتنعت بريطانيا عن التصويت عليه.
انتهاء الانتداب وتأسيس إسرائيل
في 15 مايو/أيار 1948 أعلنت بريطانيا انتهاء انتدابها على فلسطين، وهو اليوم نفسه الذي أعلنت فيه العصابات الصهيونية قيام دولة إسرائيل، بعد أن هجرت قرابة 950 ألف فلسطيني -من أصل مليون و400 ألف- عبر المذابح والترهيب من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة.
ومع انتهاء الانتداب البريطاني وصل عدد اليهود في فلسطين إلى 650 ألفا، شكلوا وقتها 29.5% من السكان، وبلغت القرى المدمرة حوالي 530 قرية.
ما بعد نكبة 1948
لم يتوقف الدعم البريطاني لليهود بانتهاء الانتداب، ففي العام نفسه الذي تأسست فيه إسرائيل اعترفت المملكة المتحدة بحكم الأمر الواقع لها على الأراضي الفلسطينية، وهو اعتراف فعلي بوجودها، وفي أبريل/نيسان 1950 اعترفت بها رسميا وأقامت علاقات دبلوماسية كاملة معها.
وشاركت بريطانيا إلى جانب فرنسا وإسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، بعد إعلان الرئيس المصري وقتئذ جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس.
وفي نكسة يونيو/حزيران 1967 دعمت إسرائيل ماليا وسياسيا وعسكريا، كما وقفت إلى جانبها في المحافل الدولية.
وكان ممثل بريطانيا لدى الأمم المتحدة اللورد كارادون هو من صاغ القرار رقم 242، الذي تم اعتماده بعد حرب الأيام الستة وأصبح الوثيقة المركزية للجهود الدبلوماسية في الشرق الأوسط، إذ دعا إلى إقامة 'سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط بين إسرائيل وجيرانها'.
وفي عام 1995 استقبلت الملكة إليزابيث الثانية الرئيس الإسرائيلي عزرا وايزمان في لندن، وكانت تلك أول زيارة لرئيس إسرائيلي إلى المملكة المتحدة.
وفي عام 2008 أصبح غوردون براون أول رئيس وزراء بريطاني يلقي كلمة أمام البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) في القدس.
وفي عام 2011 أطلقت السفارة البريطانية في إسرائيل مركز التكنولوجيا البريطاني الإسرائيلي، وهو مشروع غير ربحي يهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي عبر مساعدة الشركات البريطانية على الشراكة مع إسرائيل في التكنولوجيا المتطورة.
وفي عام 2016 أصبحت بريطانيا من أوائل الدول التي اعتمدت رسميا التعريف الجديد لـ'معاداة السامية'، الذي نشره ما يعرف بـ 'التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست'، وقد تولت المملكة المتحدة رئاسة التحالف في 1 مارس/آذار 2024 عاما واحدا.
وفي عام 2019 بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، ووقعت إسرائيل والمملكة المتحدة أول اتفاقية تجارة حرة بينهما، دخلت حيز التنفيذ في 1 يناير/كانون الثاني 2021، وحلت محل اتفاقية التجارة الحرة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي.
ووقع الطرفان 'خارطة الطريق 2030″، وهي اتفاقية في مجال الابتكار والتكنولوجيا وتعزيزها بين البلدين، وعلاوة على ذلك، لم تتوان بريطانيا عن دعم إسرائيل في جميع المجالات.
ووقعت الطرفان اتفاقيات في مجال التجارة والأمن السيبراني والعلوم والتكنولوجيا والبحث والتطوير والأمن والصحة والمناخ والمساواة بين الجنسين، فضلا عن دعمها في المحافل الدولية، وغضت الطرف عن جرائمها بحق الفلسطينيين، فضلا عن التعدي على الفعاليات التضامنية مع القضية الفلسطينية التي كانت تنظم في المملكة المتحدة.
سياسة بريطانيا تجاه الفلسطينيين
في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الـ20، لم تتخذ بريطانيا أي مواقف تجاه الفلسطينيين، ولم تسجل أي جهود تذكر لوقف الخروقات الإسرائيلية بحقهم.
وفي عام 1973 افتتحت منظمة التحرير الفلسطينية مكتبا لها في بريطانيا، أداره سعيد حمامي، كما انتشرت منظمات فلسطينية في المملكة المتحدة، مثل رابطة الجالية الفلسطينية وحملة التضامن مع فلسطين وحملة تحيا فلسطين وحملة التضامن مع فلسطين في أسكتلندا وحركة التضامن الدولية والاتحاد العام لطلبة فلسطين ومركز العودة الفلسطيني.
في يونيو/حزيران 1980 قررت المجموعة الأوروبية (الاتحاد الأوروبي) إصدار إعلان البندقية الذي صاغ سياسة دول أوروبا تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، وتضمن الإعلان اعترافا ضمنيا بحق الفلسطينيين في تقرير المصير، ودعم إشراك منظمة التحرير الفلسطينية في مفاوضات السلام.
وفي عام 1993 اعترفت الحكومة البريطانية بالبعثة الفلسطينية في لندن (الوفد العام الفلسطيني)، وفي عام 2011 رقيت إلى بعثة تمثيلية.
وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، أبدت بريطانيا تحفظا محدودا على التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، وأصبح موقفها الرسمي داعما لحل الدولتين.
في سبتمبر/أيلول 2020، أعربت بريطانيا عن رغبتها في 'قيام دولة فلسطينية ذات سيادة مستقلة وقابلة للحياة، تعيش بسلام وأمن، جنبا إلى جنب مع إسرائيل'، وأضافت أنها ستعترف بها 'في الوقت الذي يخدم فيه ذلك هدف السلام على أفضل وجه'.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2012، امتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة لمنح فلسطين صفة 'مراقب غير عضو' مشروطة بعودة الفلسطينيين إلى المفاوضات دون شروط مسبقة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2014 صوت مجلس العموم البريطاني لصالح الاعتراف بفلسطين بصفتها دولة، مساهمة في تحقيق حل الدولتين عن طريق التفاوض، ولم يكن هذا التصويت ملزما للحكومة.
وفي فبراير/شباط 2021، أدان القنصل العام البريطاني في القدس فيليب هول التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، ووصفه بأنه 'غير قانوني وعائق أمام استئناف محادثات السلام'.
وفي الشهر نفسه قضت محكمة الدرجة الأولى في نابلس ببطلان إعلان بلفور ودعت الحكومة البريطانية إلى تقديم اعتذار للشعب الفلسطيني.
وفي أبريل/نيسان من العام نفسه قالت السلطة الفلسطينية إن علاقاتها مع لندن وصلت لـ'نقطة منخفضة' بعد إعلان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون معارضته لتحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.
وفي 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 أقر مجلس العموم البريطاني (الغرفة الأولى بالبرلمان) المذكرة التي تقدمت بها وزيرة الداخلية وقتئذ بريتي باتيل لتصنيف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حركة إرهابية.
وفي الفترة الممتدة من 1 يوليو/تموز 1997 إلى 30 ديسمبر/كانون الأول 2020، خضعت التجارة بين السلطة الفلسطينية والمملكة المتحدة لاتفاقية الشراكة بين السلطة والاتحاد الأوروبي، وبعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وقعت مع السلطة الفلسطينية اتفاقية تجارية في 18 فبراير/شباط 2019، ودخلت حيز النفاذ بعد عامين.
ما بعد طوفان الأقصى
أدانت بريطانيا عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية في مستوطنات غلاف غزة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مؤكدة 'حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها'.
وبعد 12 يوما من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد طوفان الأقصى، وصل رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ريشي سوناك إلى إسرائيل واجتمع برئيس وزرائها بنيامين نتنياهو وحذره من خطر تفاقم الصراع في المنطقة بصورة أكبر.
ومع استمرار حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، خرجت مظاهرات حاشدة في شوارع بريطانيا مؤيدة للفلسطينيين ومطالبة بإنهاء العدوان على غزة، الأمر الذي زاد من الضغط على حكومة كير ستارمر للاعتراف بدولة فلسطين.
في يناير/كانون الثاني 2024، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إن المملكة المتحدة قد تعترف رسميا وتقيم علاقات دبلوماسية مع الدولة الفلسطينية أثناء المفاوضات بشأن اتفاق السلام لإنهاء الحرب على غزة.
في 8 فبراير/شباط 2024 قال وزير الخارجية في حكومة الظل آنذاك ديفيد لامي إن حزب العمال سينظر في الاعتراف من جانب واحد بدولة فلسطينية إذا ترأس الحكومة في الانتخابات العامة لعام 2024.
في 9 ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلن ستارمر تعيين السير مايكل باربر مبعوثا خاصا له للشؤون الاقتصادية الفلسطينية.
وفي 29 يوليو/تموز 2025 أعلن ستارمر أنه أبلغ حكومته بأن بريطانيا ستعترف بدولة فلسطين، قبل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول من العام نفسه.
وأشار إلى أن هذا الاعتراف سيحدث 'ما لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروع في غزة، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وتوضيح أنه لن يكون هناك ضم في الضفة الغربية، والالتزام بعملية سلام طويلة الأمد تؤدي إلى حل الدولتين'.
وفي 21 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، اعترفت بريطانيا رسميا بدولة فلسطين، وفي كلمة له على منصة إكس، قال ستارمر 'اعترفنا اليوم بدولة فلسطين لإحياء أمل السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.. اليوم ننضم إلى أكثر من 150 دولة تعترف بالدولة الفلسطينية'.
وأضاف 'نعمل على إبقاء إمكانية السلام وحل الدولتين حيا'، مشددا على أنه 'يجب ألا يكون لحركة حماس أي دور في المستقبل أو في الإدارة أو الأمن'.
وقوبل هذا الإعلان بترحيب فلسطيني وعربي واسع، في حين رفضته إسرائيل وقالت إن 'تغيير موقف بريطانيا في هذا الوقت عقب خطوة فرنسا والضغوط الداخلية يشكل مكافأة لحماس'.
الجزيرة + الصحافة البريطانية + الصحافة الفلسطينية
أخبار اليوم - احتلت بريطانيا فلسطين عام 1917 بعد معارك مع الدولة العثمانية، واستمرت فيها 3 عقود مارست أثناءها القتل والقمع والاعتقال والطرد بحق سكانها العرب، واستولت على أراضيهم وسلمتها الحركة الصهيونية تنفيذا لوعدها بإنشاء 'وطن قومي لليهود' على أرض فلسطين.
ولم يتوقف الدعم البريطاني لليهود بانتهاء الانتداب، إذ استمرت المملكة المتحدة في التعاون مع إسرائيل في مختلف المجالات، ودعمتها بالمال والسلاح وفي المحافل الدولية، حتى غدت أحد أقوى داعميها في العالم.
ومثل العدوان الإسرائيلي عقب عملية طوفان الأقصى -التي شنتها المقاومة الفلسطينية في مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- نقطة فاصلة في تاريخ العلاقة بين بريطانيا وإسرائيل.
وشهدت بريطانيا مظاهرات حاشدة ضد العدوان وتأييدا للقضية الفلسطينية، الأمر الذي أجبر الحكومة البريطانية على تعديل موقفها والدعوة لوقف دائم لإطلاق النار وإنهاء المجاعة في قطاع غزة ومن ثم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو الأمر الذي رحبت به السلطة الوطنية الفلسطينية ومعظم دول العالم ورفضته إسرائيل واعتبرته 'مكافأة' لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وفيما يلي موجز لتطورات الموقف البريطاني تجاه فلسطين منذ بداية الانتداب وإلى إعلان رئيس الوزراء كير ستارمر الاعتراف بالدولة الفلسطينية أواخر سبتمبر/أيلول 2025:
أول موطئ قدم
افتتحت بريطانيا أول قنصلية لها في القدس عام 1838 مستفيدة من قانون الصلح العثماني، واستغلت هذه القنصلية لمساعدة اليهود على شراء الأراضي في فلسطين عبر وسطاء أجانب وبناء مستوطنات يهودية عليها، لا سيما في ظل القيود العثمانية ضد تملّك اليهود.
حاولت بريطانيا في هذه الفترة الضغط على الدولة العثمانية لإصدار قرار يشجع اليهود الموزعين في أوروبا على الهجرة إلى فلسطين، لكن السلطان عبد الحميد الثاني رفض ذلك.
كما ساعدت اليهود للحصول على 'نظام الامتيازات' الذي منحته الدولة العثمانية لعدد من الشركات الأجنبية للبناء في فلسطين.
عام 1894 عملت الحركة الصهيونية بمساعدة بريطانيا على تذليل خط سكة حديد يافا-القدس لتسهيل الهجرة اليهودية للمنطقة، لكنها فشلت بسبب القيود العثمانية عليها، فحاول زعيم الحركة الصهيونية تيودور هرتزل شراء السكة عام 1901 للتنصل من القيود العثمانية لكنه لم ينجح.
بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، اجتمعت فرنسا وبريطانيا من أجل التخطيط للاستيلاء على المنطقة العربية حال انتهاء الحرب، واتفقتا بعد تقسيم المنطقة بينهما على أن تبقى فلسطين تحت إدارة دولية، ووقعت وقتها اتفاقية سايكس بيكو في مايو/أيار 1916.
وبعد انتصار البريطانيين على العثمانيين في معركة بئر السبع يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول 1917، أكملوا طريقهم إلى غزة في 17 نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، ثم وصلوا يافا والرملة.
بعد ذلك زحفوا إلى القدس، مما دفع العثمانيين إلى الاستسلام حفاظا على الأماكن المقدسة فيها، على أن يحترم البريطانيون ذلك، فدخلوا القدس في 11 ديسمبر/كانون الأول 1917، وكان ذلك التاريخ نهاية الحكم العثماني لفلسطين، وبداية لعهد الاحتلال البريطاني.
أعلن قائد الجيش البريطاني آنذاك إدموند ألنبي بيانه الأول الشهير، الذي فرض فيه الأحكام العرفية داخل القدس، وطالب السكان بمباشرة أعمالهم دون أي إضراب، واحترام الخصوصية الدينية لمدينة القدس وأماكنها المقدسة، كما أعلن فرض حكومة عسكرية.
احتفى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك لوير جورج باحتلال القدس، وكلف وزير خارجيته جيمس آرثر بلفور بإرسال مندوب عنه في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917 للتفاوض مع الحركة الصهيونية بشأن مطالبها في فلسطين.
وعد بلفور
اجتمع بلفور مع ممثلي الحركة الصهيونية ولم يتردد في منحهم ما يريدون، وأرسل رسالته المشهورة الموقعة في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917 إلى رئيس الجالية اليهودية في بريطانيا اللورد ليونيل روتشيلد، متضمنة وعدا بتأسيس 'وطن قومي للشعب اليهودي' في فلسطين.
وكان بلفور يطمح من وراء هذا الإعلان إلى استقطاب يهود ألمانيا لينضموا إلى يهود بريطانيا لمساعدة الإنجليز.
وعندما وضعت الحرب أوزارها تكثفت الدعوات لنقل اليهود من أوروبا وأميركا إلى فلسطين، وتلت ذلك هجرات هائلة لليهود عبر خط سكة حديد يافا-القدس.
وفي عام 1918 قررت الحكومة البريطانية إرسال وفد إلى فلسطين لدراسة مدى إمكانية تطبيق وعد بلفور، فضلا عن عرضها نص الوعد على الرئيس الأميركي وقتها وودرو ولسون، الذي وافق على محتواه، فيما أقرته لاحقا كل من فرنسا وإيطاليا رسميا.
مؤتمر سان ريمو
في 19-26 أبريل/نيسان 1920 عقد الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الأولى مؤتمرا في مدينة سان ريمو الإيطالية بحضور وفد يهودي رفيع المستوى، لتقاسم تركة الخلافة العثمانية، ووضعوا فلسطين تحت انتداب بريطانيا.
وفي 24 أبريل/نيسان 1920 أعلن رسميا عن إنشاء 'وطن قومي لليهود' في فلسطين، وتشكلت حكومة مدنية، وأرسل عضو مجلس اللوردات هربرت صموئيل في يونيو/حزيران من العام ذاته مندوبا ساميا على فلسطين، وعمل على إنشاء مجلس تشريعي يخضع لأحكام الانتداب، لكن الفلسطينيين قاطعوا الانتخابات.
وفي أغسطس/آب 1920 وافقت الإدارة المدنية التي عينت داخل فلسطين على أول مرسوم هجرة يهودية، فبدأت سلسلة التدفقات لليهود بلا توقف.
صك الانتداب
في 24 يوليو/تموز 1922 منحت عصبة الأمم بريطانيا حق الانتداب على فلسطين، وحرص محررو صك الانتداب على الإشارة إلى أنه جاء بناء على وعد بلفور، واشتمل على ديباجة و28 مادة، أكدت بريطانيا فيه رعاية المشروع الصهيوني على أرض فلسطين كما في وعد بلفور.
وأضافت بريطانيا في الصك جزئية زعمت فيها 'الصلة التاريخية التي تربط الشعب اليهودي بفلسطين'، مع التطرق إلى حقوق 'الطوائف غير اليهودية'.
وركز الصك على تجهيز فلسطين سياسيا واقتصاديا وإداريا بشكل يضمن إنشاء وطن قومي لليهود، ويضمن التزام بريطانيا بتسهيل هجرة اليهود إليها، فضلا عن تسهيل اكتسابهم الجنسية البريطانية ومنح لغتهم العبرية مكانة معادلة للغة العربية.
تسهيل هجرة واستيطان اليهود
أصدرت الحكومة البريطانية بدءا من أكتوبر/تشرين الأول 1920، عددا من المراسيم بهدف تسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين واستيلائهم على أراضيها، فضلا عن مراسيم أخرى لخنق سكانها العرب.
واستغل اليهود الألمان هذه المراسيم وهاجروا إلى فلسطين بأعداد هائلة لا سيما بعد استيلاء النازيين على السلطة في ألمانيا، وهو الأمر الذي تبنه العرب إلى خطورته.
وفي محاولة لامتصاص غضب الفلسطينيين والعرب، أصدرت حكومة الانتداب ما سمته 'الكتاب الأبيض' في يونيو/حزيران 1922، وظهرت فيه نيتها دعم قيام 'وطن قومي لليهود' في فلسطين.
وزعم الكتاب أن زيادة أعداد الهجرة اليهودية يحتمل بناء على الوضع الاقتصادي في فلسطين.
وفي مارس/ آذار 1925 زار بلفور مدينة القدس للمشاركة في افتتاح الجامعة العبرية، التي شيدت على أرض فلسطينية انتزعتها بريطانيا من أهلها بالقوة عام 1918، وقوبلت الزيارة باحتجاجات عارمة وإضراب عام.
وفي فبراير/ شباط 1927 أصدرت بريطانيا مرسوم النقد الفلسطيني، بهدف تقوية القطاع الاقتصادي اليهودي، وتبع ذلك قانون الجنسية الفلسطينية بقصد تجنيس اليهود المقيمين في فلسطين.
ورفضت الحكومة البريطانية تأسيس برلمان فلسطيني يقوم على أساس التمثيل النسبي، خوفا من أن تكون الأغلبية فيه للسكان العرب، وبذلك يحد من إمكانية إنشاء 'وطن قومي لليهود'.
وفي عام 1930 وصل عدد اليهود المهاجرين إلى فلسطين حوالي 105 آلاف، وحتى عام 1936 وصل إلى 285 ألفا، أي بزيادة تعادل 164%، ونمت أعداد المستوطنات اليهودية، إضافة إلى تغلغل اليهود في مؤسسات الانتداب البريطاني.
قمع ثورات الفلسطينيين
تصاعدت نقمة الفلسطينيين تجاه سياسات بريطانيا، مما دفعهم لتنظيم احتجاجات ومظاهرات وتفجير ثورات أدت في كثير من الأحيان إلى صدامات عنيفة مع الجيش البريطاني والمستوطنين اليهود.
واستخدمت بريطانيا أقصى درجات العنف ضد الفلسطينيين، فقتلت المئات منهم ودمرت عددا من قراهم، وقدمت الآلاف إلى محاكمات غير عادلة.
وفيما يلي أهم الثورات الفلسطينية ضد سياسات الانتداب البريطاني:
ثورة عام 1920
وهي أول انتفاضة فلسطينية ضد الانتداب البريطاني، بدأت في القدس أثناء احتفالات موسم النبي موسى الديني في أبريل/نيسان 1920، وتطورت إلى اشتباكات بين العرب واليهود، وأدت إلى مقتل 4 عرب و5 يهود وإصابة العشرات من الطرفين.
وعلى خلفية ذلك أقال الانتداب البريطاني رئيس بلدية القدس موسى كاظم الحسيني وغرم بعض القادة الفلسطينيين.
ثورة البراق عام 1929
اندلعت ثورة البراق يوم 15 أغسطس/آب 1929، بسبب اشتباكات عنيفة بين العرب واليهود عند حائط البراق (الحائط الغربي للمسجد الأقصى)، عندما نظم اليهود مظاهرة ضخمة قرب حائط البراق أتبعوها في اليوم التالي بمظاهرة في شوارع القدس بمناسبة ما سموه 'ذكرى تدمير هيكل سليمان'، مدعين أنه مكان خاص باليهود وحدهم.
وحينها هبت القوات البريطانية للدفاع عن اليهود، مستخدمة أقصى درجات القمع ضد المتظاهرين العرب.
وبلغت الثورة ذروتها في 23 أغسطس/آب 1929، بمقتل 133 يهوديا وجرح 339 آخرين، في حين قتل 116 فلسطينيا وعربيا وجرح 232 آخرون.
وغداة الثورة، أصدرت سلطة الانتداب في 25 أكتوبر/تشرين الأول 1929 مرسوما أطلقت عليه 'قانون العقوبات'، حددت فيه الجرائم التي تعد 'إثارة للفتنة ضد سلطة الانتداب'، مع العقوبة المقابلة.
وشكل مجلس عصبة الأمم يوم 14 يناير/كانون الثاني 1930 لجنة للبت في 'مسألة حقوق ومطالب المسلمين واليهود' في حائط البراق، وخلصت اللجنة إلى أن ملكية الحائط تعود إلى المسلمين، ولهم وحدهم الحق العيني فيه، كما رأت أن الحائط الغربي جزء لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف، التي هي من أملاك الوقف.
كما قالت إن 'لليهود الحق في حرية الوصول إلى الحائط الغربي لإقامة التضرعات في جميع الأوقات مع مراعاة عدد من الشروط'.
ثورة القسام عام 1935
في أكتوبر/تشرين الأول 1935 ألقى الشيخ عز الدين القسام خطبة في جامع الاستقلال، ودعا فيها الشعب الفلسطيني إلى الجهاد ضد الانتداب البريطاني، وذلك بعدما أنشأ مجموعات سرية أطلق عليها اسم 'العصبة القسامية'.
وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1935 استشهد القسام بعد اشتباكات مع الجيش البريطاني في أحراش يعبد قرب جنين.
الثورة الفلسطينية الكبرى 1936
أدى اغتيال القسام إلى إشعال فتيل الثورة الفلسطينية الكبرى، التي اندلعت في منتصف أبريل/نيسان 1936 بعدما هاجمت مجموعات العصبة القسامية قافلة شاحنات بين مدينتي نابلس وطولكرم، وقتلت سائقين يهوديين، فردت منظمة الإرغون الصهيونية في اليوم التالي بقتل عاملين فلسطينيين قرب قرية بيتح تكفا.
وعبر الفلسطينيون عن سخطهم تجاه زيادة استيلاء اليهود على الأراضي، وزيادة القوانين البريطانية التي هدفت إلى تهجير المئات.
وتلت ذلك اضطرابات دامية في تل أبيب ويافا، فانطلقت ثورة استمرت 3 أعوام وخلفت آلاف الشهداء والجرحى، وشهدت فلسطين أثناءها الإضراب الكبير الذي استمر نحو 6 أشهر، وقد استخدمت بريطانيا أساليب وحشية لسحق الثورة، وأعلنت حالة الطوارئ وفرضت حظر التجوال ونفذت حملة اعتقالات عنيفة.
وبعد 4 أشهر من اندلاع الثورة شكلت المملكة المتحدة 'لجنة بيل' الملكية، التي خلصت إلى اقتراح تغييرات على 'الانتداب البريطاني على فلسطين'.
وأوصت اللجنة بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية مع بقاء القدس وبيت لحم والناصرة تحت الانتداب البريطاني، فضلا عن ترحيل أكثر من 200 ألف فلسطيني من منازلهم لإفساح المجال أمام قيام 'الدولة اليهودية'.
وكان الرد العربي الفلسطيني على قرار التقسيم هو الاستمرار في الثورة، مما أدى إلى تأجيل طرح القرار، وبقيت الثورة مشتعلة حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939.
وفي 23 نوفمبر/تشرين الثاني 1938 ألقى وزير المستعمرات البريطاني مالكوم مكدونالد بيانا هاما في مجلس العموم شرح فيه الوضع القائم في المنطقة، وقال 'إن مسألة اللاجئين في أوروبا الوسطى لا يمكن تسويتها على حساب فلسطين'.
مؤتمر لندن 1939
في 7 فبراير/شباط 1939 عقدت بريطانيا مؤتمر لندن (المائدة المستديرة) لمناقشة مستقبل فلسطين وإنهاء الانتداب، وقد فشل المؤتمر لرفض العرب الجلوس مع الوفد اليهودي، وعلى إثر ذلك أصدرت 'كتاب ماكدونالد الأبيض'، الذي حد من الهجرة اليهودية إلى فلسطين إلى 75 ألف مهاجر في 5 سنوات.
وأثار صدور الكتاب غضب الحركة الصهيونية، التي رأت فيه تقويضا لمشروعها القومي، ولم تلق له بالا ونظمت أكثر من مئة رحلة بحرية أقلت اليهود إلى فلسطين.
وفي عام 1944 أصدر حزب العمال البريطاني قرارا يوصي بتهجير الفلسطينيين مقابل استقبال أعداد أكبر من اليهود.
دعم بالسلاح
لم تقتصر سياسات بريطانيا عند هذا الحد، بل سمحت للحركة الصهيونية بإنشاء تشكيلات عسكرية وأمدتها بالسلاح والتدريب، مما كان له دور حاسم في توسع رقعة سيطرة اليهود على الأراضي الفلسطينية، فبحلول عام 1941 شكلت الحركة الصهيونية وحدات 'البالماح'، وهي أول تشكيل عسكري دائم يتبع منظمة الهاغاناه.
ونجحت الحركة في أبريل/نيسان 1944 في الحصول على موافقة مجلس الوزراء البريطاني لإنشاء قوة يهودية تقاتل تحت علمها وشعار 'نجمة داود'.
إحالة ملف فلسطين لأميركا
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وجدت الصهيونية العالمية في الولايات المتحدة حليفا قويا لمساعدتها في إقامة 'وطن قومي' في فلسطين، فطالبتها بالضغط على الحكومة البريطانية للتسليم بمطالبها.
وفي 24 يوليو/ تموز 1945 وجه الرئيس الأميركي آنذاك هاري ترومان رسالة إلى الحكومة البريطانية طالبها فيها بإدخال مئة ألف يهودي إلى فلسطين.
وردا على رسالة ترومان اقترحت بريطانيا على الولايات المتحدة مشاركتها في مسؤولية رسم سياسة فلسطين عن طريق تشكيل لجنة تحقيق أنجلو-أميركية لدراسة مشكلتها.
وفي الوقت نفسه، نفذ اليهود سلسلة هجمات ضد البريطانيين في تل أبيب والقدس، ردت عليها بريطانيا بسلسلة اعتقالات لليهود وتحميل الوكالة اليهودية مسؤولية ارتكاب 'أعمال إرهابية'.
وفي 20 أبريل/نيسان 1946 أعلنت أميركا دعمها المشروع الاستيطاني وتأييدها إعلان تقسيم فلسطين إلى 4 مناطق، بناء على 'خطة موريسن غرادي'، التي حددت مساحة مناطق اليهود بـ17%.
ولاحقا طالبت الوكالة اليهودية بإقامة دولة في فلسطين، بناء على المنطقة التي أوصت بها 'لجنة بيل' عام 1937، فوجهت أميركا إلى بريطانيا مطالب الوكالة بالتقسيم.
في 2 أبريل/نيسان 1947، أحالت بريطانيا قضية فلسطين إلى أميركا، على أن تكمل الجمعية العامة للأمم المتحدة 'تقديم التوصيات بموجب المادة 10 من الميثاق، بشأن الحكم المستقبلي في فلسطين'.
قرار التقسيم
شكلت الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 1947 لجنة 'انسكوب'، وذلك بناء على طلب الحكومة البريطانية، وضمت في عضويتها 11 دولة.
واشتمل تقريرها النهائي على 11 توصية أبرزها تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية (56% من مساحة فلسطين الكلية)، ودولة عربية (43% من المساحة) وتدويل منطقة القدس (1% من المساحة).
ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947 على قرار تقسيم فلسطين، فيما امتنعت بريطانيا عن التصويت عليه.
انتهاء الانتداب وتأسيس إسرائيل
في 15 مايو/أيار 1948 أعلنت بريطانيا انتهاء انتدابها على فلسطين، وهو اليوم نفسه الذي أعلنت فيه العصابات الصهيونية قيام دولة إسرائيل، بعد أن هجرت قرابة 950 ألف فلسطيني -من أصل مليون و400 ألف- عبر المذابح والترهيب من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة.
ومع انتهاء الانتداب البريطاني وصل عدد اليهود في فلسطين إلى 650 ألفا، شكلوا وقتها 29.5% من السكان، وبلغت القرى المدمرة حوالي 530 قرية.
ما بعد نكبة 1948
لم يتوقف الدعم البريطاني لليهود بانتهاء الانتداب، ففي العام نفسه الذي تأسست فيه إسرائيل اعترفت المملكة المتحدة بحكم الأمر الواقع لها على الأراضي الفلسطينية، وهو اعتراف فعلي بوجودها، وفي أبريل/نيسان 1950 اعترفت بها رسميا وأقامت علاقات دبلوماسية كاملة معها.
وشاركت بريطانيا إلى جانب فرنسا وإسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، بعد إعلان الرئيس المصري وقتئذ جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس.
وفي نكسة يونيو/حزيران 1967 دعمت إسرائيل ماليا وسياسيا وعسكريا، كما وقفت إلى جانبها في المحافل الدولية.
وكان ممثل بريطانيا لدى الأمم المتحدة اللورد كارادون هو من صاغ القرار رقم 242، الذي تم اعتماده بعد حرب الأيام الستة وأصبح الوثيقة المركزية للجهود الدبلوماسية في الشرق الأوسط، إذ دعا إلى إقامة 'سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط بين إسرائيل وجيرانها'.
وفي عام 1995 استقبلت الملكة إليزابيث الثانية الرئيس الإسرائيلي عزرا وايزمان في لندن، وكانت تلك أول زيارة لرئيس إسرائيلي إلى المملكة المتحدة.
وفي عام 2008 أصبح غوردون براون أول رئيس وزراء بريطاني يلقي كلمة أمام البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) في القدس.
وفي عام 2011 أطلقت السفارة البريطانية في إسرائيل مركز التكنولوجيا البريطاني الإسرائيلي، وهو مشروع غير ربحي يهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي عبر مساعدة الشركات البريطانية على الشراكة مع إسرائيل في التكنولوجيا المتطورة.
وفي عام 2016 أصبحت بريطانيا من أوائل الدول التي اعتمدت رسميا التعريف الجديد لـ'معاداة السامية'، الذي نشره ما يعرف بـ 'التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست'، وقد تولت المملكة المتحدة رئاسة التحالف في 1 مارس/آذار 2024 عاما واحدا.
وفي عام 2019 بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، ووقعت إسرائيل والمملكة المتحدة أول اتفاقية تجارة حرة بينهما، دخلت حيز التنفيذ في 1 يناير/كانون الثاني 2021، وحلت محل اتفاقية التجارة الحرة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي.
ووقع الطرفان 'خارطة الطريق 2030″، وهي اتفاقية في مجال الابتكار والتكنولوجيا وتعزيزها بين البلدين، وعلاوة على ذلك، لم تتوان بريطانيا عن دعم إسرائيل في جميع المجالات.
ووقعت الطرفان اتفاقيات في مجال التجارة والأمن السيبراني والعلوم والتكنولوجيا والبحث والتطوير والأمن والصحة والمناخ والمساواة بين الجنسين، فضلا عن دعمها في المحافل الدولية، وغضت الطرف عن جرائمها بحق الفلسطينيين، فضلا عن التعدي على الفعاليات التضامنية مع القضية الفلسطينية التي كانت تنظم في المملكة المتحدة.
سياسة بريطانيا تجاه الفلسطينيين
في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الـ20، لم تتخذ بريطانيا أي مواقف تجاه الفلسطينيين، ولم تسجل أي جهود تذكر لوقف الخروقات الإسرائيلية بحقهم.
وفي عام 1973 افتتحت منظمة التحرير الفلسطينية مكتبا لها في بريطانيا، أداره سعيد حمامي، كما انتشرت منظمات فلسطينية في المملكة المتحدة، مثل رابطة الجالية الفلسطينية وحملة التضامن مع فلسطين وحملة تحيا فلسطين وحملة التضامن مع فلسطين في أسكتلندا وحركة التضامن الدولية والاتحاد العام لطلبة فلسطين ومركز العودة الفلسطيني.
في يونيو/حزيران 1980 قررت المجموعة الأوروبية (الاتحاد الأوروبي) إصدار إعلان البندقية الذي صاغ سياسة دول أوروبا تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، وتضمن الإعلان اعترافا ضمنيا بحق الفلسطينيين في تقرير المصير، ودعم إشراك منظمة التحرير الفلسطينية في مفاوضات السلام.
وفي عام 1993 اعترفت الحكومة البريطانية بالبعثة الفلسطينية في لندن (الوفد العام الفلسطيني)، وفي عام 2011 رقيت إلى بعثة تمثيلية.
وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، أبدت بريطانيا تحفظا محدودا على التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، وأصبح موقفها الرسمي داعما لحل الدولتين.
في سبتمبر/أيلول 2020، أعربت بريطانيا عن رغبتها في 'قيام دولة فلسطينية ذات سيادة مستقلة وقابلة للحياة، تعيش بسلام وأمن، جنبا إلى جنب مع إسرائيل'، وأضافت أنها ستعترف بها 'في الوقت الذي يخدم فيه ذلك هدف السلام على أفضل وجه'.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2012، امتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة لمنح فلسطين صفة 'مراقب غير عضو' مشروطة بعودة الفلسطينيين إلى المفاوضات دون شروط مسبقة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2014 صوت مجلس العموم البريطاني لصالح الاعتراف بفلسطين بصفتها دولة، مساهمة في تحقيق حل الدولتين عن طريق التفاوض، ولم يكن هذا التصويت ملزما للحكومة.
وفي فبراير/شباط 2021، أدان القنصل العام البريطاني في القدس فيليب هول التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، ووصفه بأنه 'غير قانوني وعائق أمام استئناف محادثات السلام'.
وفي الشهر نفسه قضت محكمة الدرجة الأولى في نابلس ببطلان إعلان بلفور ودعت الحكومة البريطانية إلى تقديم اعتذار للشعب الفلسطيني.
وفي أبريل/نيسان من العام نفسه قالت السلطة الفلسطينية إن علاقاتها مع لندن وصلت لـ'نقطة منخفضة' بعد إعلان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون معارضته لتحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.
وفي 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 أقر مجلس العموم البريطاني (الغرفة الأولى بالبرلمان) المذكرة التي تقدمت بها وزيرة الداخلية وقتئذ بريتي باتيل لتصنيف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حركة إرهابية.
وفي الفترة الممتدة من 1 يوليو/تموز 1997 إلى 30 ديسمبر/كانون الأول 2020، خضعت التجارة بين السلطة الفلسطينية والمملكة المتحدة لاتفاقية الشراكة بين السلطة والاتحاد الأوروبي، وبعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وقعت مع السلطة الفلسطينية اتفاقية تجارية في 18 فبراير/شباط 2019، ودخلت حيز النفاذ بعد عامين.
ما بعد طوفان الأقصى
أدانت بريطانيا عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية في مستوطنات غلاف غزة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مؤكدة 'حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها'.
وبعد 12 يوما من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد طوفان الأقصى، وصل رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ريشي سوناك إلى إسرائيل واجتمع برئيس وزرائها بنيامين نتنياهو وحذره من خطر تفاقم الصراع في المنطقة بصورة أكبر.
ومع استمرار حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، خرجت مظاهرات حاشدة في شوارع بريطانيا مؤيدة للفلسطينيين ومطالبة بإنهاء العدوان على غزة، الأمر الذي زاد من الضغط على حكومة كير ستارمر للاعتراف بدولة فلسطين.
في يناير/كانون الثاني 2024، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إن المملكة المتحدة قد تعترف رسميا وتقيم علاقات دبلوماسية مع الدولة الفلسطينية أثناء المفاوضات بشأن اتفاق السلام لإنهاء الحرب على غزة.
في 8 فبراير/شباط 2024 قال وزير الخارجية في حكومة الظل آنذاك ديفيد لامي إن حزب العمال سينظر في الاعتراف من جانب واحد بدولة فلسطينية إذا ترأس الحكومة في الانتخابات العامة لعام 2024.
في 9 ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلن ستارمر تعيين السير مايكل باربر مبعوثا خاصا له للشؤون الاقتصادية الفلسطينية.
وفي 29 يوليو/تموز 2025 أعلن ستارمر أنه أبلغ حكومته بأن بريطانيا ستعترف بدولة فلسطين، قبل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول من العام نفسه.
وأشار إلى أن هذا الاعتراف سيحدث 'ما لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروع في غزة، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وتوضيح أنه لن يكون هناك ضم في الضفة الغربية، والالتزام بعملية سلام طويلة الأمد تؤدي إلى حل الدولتين'.
وفي 21 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، اعترفت بريطانيا رسميا بدولة فلسطين، وفي كلمة له على منصة إكس، قال ستارمر 'اعترفنا اليوم بدولة فلسطين لإحياء أمل السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.. اليوم ننضم إلى أكثر من 150 دولة تعترف بالدولة الفلسطينية'.
وأضاف 'نعمل على إبقاء إمكانية السلام وحل الدولتين حيا'، مشددا على أنه 'يجب ألا يكون لحركة حماس أي دور في المستقبل أو في الإدارة أو الأمن'.
وقوبل هذا الإعلان بترحيب فلسطيني وعربي واسع، في حين رفضته إسرائيل وقالت إن 'تغيير موقف بريطانيا في هذا الوقت عقب خطوة فرنسا والضغوط الداخلية يشكل مكافأة لحماس'.
الجزيرة + الصحافة البريطانية + الصحافة الفلسطينية
أخبار اليوم - احتلت بريطانيا فلسطين عام 1917 بعد معارك مع الدولة العثمانية، واستمرت فيها 3 عقود مارست أثناءها القتل والقمع والاعتقال والطرد بحق سكانها العرب، واستولت على أراضيهم وسلمتها الحركة الصهيونية تنفيذا لوعدها بإنشاء 'وطن قومي لليهود' على أرض فلسطين.
ولم يتوقف الدعم البريطاني لليهود بانتهاء الانتداب، إذ استمرت المملكة المتحدة في التعاون مع إسرائيل في مختلف المجالات، ودعمتها بالمال والسلاح وفي المحافل الدولية، حتى غدت أحد أقوى داعميها في العالم.
ومثل العدوان الإسرائيلي عقب عملية طوفان الأقصى -التي شنتها المقاومة الفلسطينية في مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- نقطة فاصلة في تاريخ العلاقة بين بريطانيا وإسرائيل.
وشهدت بريطانيا مظاهرات حاشدة ضد العدوان وتأييدا للقضية الفلسطينية، الأمر الذي أجبر الحكومة البريطانية على تعديل موقفها والدعوة لوقف دائم لإطلاق النار وإنهاء المجاعة في قطاع غزة ومن ثم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو الأمر الذي رحبت به السلطة الوطنية الفلسطينية ومعظم دول العالم ورفضته إسرائيل واعتبرته 'مكافأة' لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وفيما يلي موجز لتطورات الموقف البريطاني تجاه فلسطين منذ بداية الانتداب وإلى إعلان رئيس الوزراء كير ستارمر الاعتراف بالدولة الفلسطينية أواخر سبتمبر/أيلول 2025:
أول موطئ قدم
افتتحت بريطانيا أول قنصلية لها في القدس عام 1838 مستفيدة من قانون الصلح العثماني، واستغلت هذه القنصلية لمساعدة اليهود على شراء الأراضي في فلسطين عبر وسطاء أجانب وبناء مستوطنات يهودية عليها، لا سيما في ظل القيود العثمانية ضد تملّك اليهود.
حاولت بريطانيا في هذه الفترة الضغط على الدولة العثمانية لإصدار قرار يشجع اليهود الموزعين في أوروبا على الهجرة إلى فلسطين، لكن السلطان عبد الحميد الثاني رفض ذلك.
كما ساعدت اليهود للحصول على 'نظام الامتيازات' الذي منحته الدولة العثمانية لعدد من الشركات الأجنبية للبناء في فلسطين.
عام 1894 عملت الحركة الصهيونية بمساعدة بريطانيا على تذليل خط سكة حديد يافا-القدس لتسهيل الهجرة اليهودية للمنطقة، لكنها فشلت بسبب القيود العثمانية عليها، فحاول زعيم الحركة الصهيونية تيودور هرتزل شراء السكة عام 1901 للتنصل من القيود العثمانية لكنه لم ينجح.
بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، اجتمعت فرنسا وبريطانيا من أجل التخطيط للاستيلاء على المنطقة العربية حال انتهاء الحرب، واتفقتا بعد تقسيم المنطقة بينهما على أن تبقى فلسطين تحت إدارة دولية، ووقعت وقتها اتفاقية سايكس بيكو في مايو/أيار 1916.
وبعد انتصار البريطانيين على العثمانيين في معركة بئر السبع يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول 1917، أكملوا طريقهم إلى غزة في 17 نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، ثم وصلوا يافا والرملة.
بعد ذلك زحفوا إلى القدس، مما دفع العثمانيين إلى الاستسلام حفاظا على الأماكن المقدسة فيها، على أن يحترم البريطانيون ذلك، فدخلوا القدس في 11 ديسمبر/كانون الأول 1917، وكان ذلك التاريخ نهاية الحكم العثماني لفلسطين، وبداية لعهد الاحتلال البريطاني.
أعلن قائد الجيش البريطاني آنذاك إدموند ألنبي بيانه الأول الشهير، الذي فرض فيه الأحكام العرفية داخل القدس، وطالب السكان بمباشرة أعمالهم دون أي إضراب، واحترام الخصوصية الدينية لمدينة القدس وأماكنها المقدسة، كما أعلن فرض حكومة عسكرية.
احتفى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك لوير جورج باحتلال القدس، وكلف وزير خارجيته جيمس آرثر بلفور بإرسال مندوب عنه في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917 للتفاوض مع الحركة الصهيونية بشأن مطالبها في فلسطين.
وعد بلفور
اجتمع بلفور مع ممثلي الحركة الصهيونية ولم يتردد في منحهم ما يريدون، وأرسل رسالته المشهورة الموقعة في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917 إلى رئيس الجالية اليهودية في بريطانيا اللورد ليونيل روتشيلد، متضمنة وعدا بتأسيس 'وطن قومي للشعب اليهودي' في فلسطين.
وكان بلفور يطمح من وراء هذا الإعلان إلى استقطاب يهود ألمانيا لينضموا إلى يهود بريطانيا لمساعدة الإنجليز.
وعندما وضعت الحرب أوزارها تكثفت الدعوات لنقل اليهود من أوروبا وأميركا إلى فلسطين، وتلت ذلك هجرات هائلة لليهود عبر خط سكة حديد يافا-القدس.
وفي عام 1918 قررت الحكومة البريطانية إرسال وفد إلى فلسطين لدراسة مدى إمكانية تطبيق وعد بلفور، فضلا عن عرضها نص الوعد على الرئيس الأميركي وقتها وودرو ولسون، الذي وافق على محتواه، فيما أقرته لاحقا كل من فرنسا وإيطاليا رسميا.
مؤتمر سان ريمو
في 19-26 أبريل/نيسان 1920 عقد الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الأولى مؤتمرا في مدينة سان ريمو الإيطالية بحضور وفد يهودي رفيع المستوى، لتقاسم تركة الخلافة العثمانية، ووضعوا فلسطين تحت انتداب بريطانيا.
وفي 24 أبريل/نيسان 1920 أعلن رسميا عن إنشاء 'وطن قومي لليهود' في فلسطين، وتشكلت حكومة مدنية، وأرسل عضو مجلس اللوردات هربرت صموئيل في يونيو/حزيران من العام ذاته مندوبا ساميا على فلسطين، وعمل على إنشاء مجلس تشريعي يخضع لأحكام الانتداب، لكن الفلسطينيين قاطعوا الانتخابات.
وفي أغسطس/آب 1920 وافقت الإدارة المدنية التي عينت داخل فلسطين على أول مرسوم هجرة يهودية، فبدأت سلسلة التدفقات لليهود بلا توقف.
صك الانتداب
في 24 يوليو/تموز 1922 منحت عصبة الأمم بريطانيا حق الانتداب على فلسطين، وحرص محررو صك الانتداب على الإشارة إلى أنه جاء بناء على وعد بلفور، واشتمل على ديباجة و28 مادة، أكدت بريطانيا فيه رعاية المشروع الصهيوني على أرض فلسطين كما في وعد بلفور.
وأضافت بريطانيا في الصك جزئية زعمت فيها 'الصلة التاريخية التي تربط الشعب اليهودي بفلسطين'، مع التطرق إلى حقوق 'الطوائف غير اليهودية'.
وركز الصك على تجهيز فلسطين سياسيا واقتصاديا وإداريا بشكل يضمن إنشاء وطن قومي لليهود، ويضمن التزام بريطانيا بتسهيل هجرة اليهود إليها، فضلا عن تسهيل اكتسابهم الجنسية البريطانية ومنح لغتهم العبرية مكانة معادلة للغة العربية.
تسهيل هجرة واستيطان اليهود
أصدرت الحكومة البريطانية بدءا من أكتوبر/تشرين الأول 1920، عددا من المراسيم بهدف تسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين واستيلائهم على أراضيها، فضلا عن مراسيم أخرى لخنق سكانها العرب.
واستغل اليهود الألمان هذه المراسيم وهاجروا إلى فلسطين بأعداد هائلة لا سيما بعد استيلاء النازيين على السلطة في ألمانيا، وهو الأمر الذي تبنه العرب إلى خطورته.
وفي محاولة لامتصاص غضب الفلسطينيين والعرب، أصدرت حكومة الانتداب ما سمته 'الكتاب الأبيض' في يونيو/حزيران 1922، وظهرت فيه نيتها دعم قيام 'وطن قومي لليهود' في فلسطين.
وزعم الكتاب أن زيادة أعداد الهجرة اليهودية يحتمل بناء على الوضع الاقتصادي في فلسطين.
وفي مارس/ آذار 1925 زار بلفور مدينة القدس للمشاركة في افتتاح الجامعة العبرية، التي شيدت على أرض فلسطينية انتزعتها بريطانيا من أهلها بالقوة عام 1918، وقوبلت الزيارة باحتجاجات عارمة وإضراب عام.
وفي فبراير/ شباط 1927 أصدرت بريطانيا مرسوم النقد الفلسطيني، بهدف تقوية القطاع الاقتصادي اليهودي، وتبع ذلك قانون الجنسية الفلسطينية بقصد تجنيس اليهود المقيمين في فلسطين.
ورفضت الحكومة البريطانية تأسيس برلمان فلسطيني يقوم على أساس التمثيل النسبي، خوفا من أن تكون الأغلبية فيه للسكان العرب، وبذلك يحد من إمكانية إنشاء 'وطن قومي لليهود'.
وفي عام 1930 وصل عدد اليهود المهاجرين إلى فلسطين حوالي 105 آلاف، وحتى عام 1936 وصل إلى 285 ألفا، أي بزيادة تعادل 164%، ونمت أعداد المستوطنات اليهودية، إضافة إلى تغلغل اليهود في مؤسسات الانتداب البريطاني.
قمع ثورات الفلسطينيين
تصاعدت نقمة الفلسطينيين تجاه سياسات بريطانيا، مما دفعهم لتنظيم احتجاجات ومظاهرات وتفجير ثورات أدت في كثير من الأحيان إلى صدامات عنيفة مع الجيش البريطاني والمستوطنين اليهود.
واستخدمت بريطانيا أقصى درجات العنف ضد الفلسطينيين، فقتلت المئات منهم ودمرت عددا من قراهم، وقدمت الآلاف إلى محاكمات غير عادلة.
وفيما يلي أهم الثورات الفلسطينية ضد سياسات الانتداب البريطاني:
ثورة عام 1920
وهي أول انتفاضة فلسطينية ضد الانتداب البريطاني، بدأت في القدس أثناء احتفالات موسم النبي موسى الديني في أبريل/نيسان 1920، وتطورت إلى اشتباكات بين العرب واليهود، وأدت إلى مقتل 4 عرب و5 يهود وإصابة العشرات من الطرفين.
وعلى خلفية ذلك أقال الانتداب البريطاني رئيس بلدية القدس موسى كاظم الحسيني وغرم بعض القادة الفلسطينيين.
ثورة البراق عام 1929
اندلعت ثورة البراق يوم 15 أغسطس/آب 1929، بسبب اشتباكات عنيفة بين العرب واليهود عند حائط البراق (الحائط الغربي للمسجد الأقصى)، عندما نظم اليهود مظاهرة ضخمة قرب حائط البراق أتبعوها في اليوم التالي بمظاهرة في شوارع القدس بمناسبة ما سموه 'ذكرى تدمير هيكل سليمان'، مدعين أنه مكان خاص باليهود وحدهم.
وحينها هبت القوات البريطانية للدفاع عن اليهود، مستخدمة أقصى درجات القمع ضد المتظاهرين العرب.
وبلغت الثورة ذروتها في 23 أغسطس/آب 1929، بمقتل 133 يهوديا وجرح 339 آخرين، في حين قتل 116 فلسطينيا وعربيا وجرح 232 آخرون.
وغداة الثورة، أصدرت سلطة الانتداب في 25 أكتوبر/تشرين الأول 1929 مرسوما أطلقت عليه 'قانون العقوبات'، حددت فيه الجرائم التي تعد 'إثارة للفتنة ضد سلطة الانتداب'، مع العقوبة المقابلة.
وشكل مجلس عصبة الأمم يوم 14 يناير/كانون الثاني 1930 لجنة للبت في 'مسألة حقوق ومطالب المسلمين واليهود' في حائط البراق، وخلصت اللجنة إلى أن ملكية الحائط تعود إلى المسلمين، ولهم وحدهم الحق العيني فيه، كما رأت أن الحائط الغربي جزء لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف، التي هي من أملاك الوقف.
كما قالت إن 'لليهود الحق في حرية الوصول إلى الحائط الغربي لإقامة التضرعات في جميع الأوقات مع مراعاة عدد من الشروط'.
ثورة القسام عام 1935
في أكتوبر/تشرين الأول 1935 ألقى الشيخ عز الدين القسام خطبة في جامع الاستقلال، ودعا فيها الشعب الفلسطيني إلى الجهاد ضد الانتداب البريطاني، وذلك بعدما أنشأ مجموعات سرية أطلق عليها اسم 'العصبة القسامية'.
وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1935 استشهد القسام بعد اشتباكات مع الجيش البريطاني في أحراش يعبد قرب جنين.
الثورة الفلسطينية الكبرى 1936
أدى اغتيال القسام إلى إشعال فتيل الثورة الفلسطينية الكبرى، التي اندلعت في منتصف أبريل/نيسان 1936 بعدما هاجمت مجموعات العصبة القسامية قافلة شاحنات بين مدينتي نابلس وطولكرم، وقتلت سائقين يهوديين، فردت منظمة الإرغون الصهيونية في اليوم التالي بقتل عاملين فلسطينيين قرب قرية بيتح تكفا.
وعبر الفلسطينيون عن سخطهم تجاه زيادة استيلاء اليهود على الأراضي، وزيادة القوانين البريطانية التي هدفت إلى تهجير المئات.
وتلت ذلك اضطرابات دامية في تل أبيب ويافا، فانطلقت ثورة استمرت 3 أعوام وخلفت آلاف الشهداء والجرحى، وشهدت فلسطين أثناءها الإضراب الكبير الذي استمر نحو 6 أشهر، وقد استخدمت بريطانيا أساليب وحشية لسحق الثورة، وأعلنت حالة الطوارئ وفرضت حظر التجوال ونفذت حملة اعتقالات عنيفة.
وبعد 4 أشهر من اندلاع الثورة شكلت المملكة المتحدة 'لجنة بيل' الملكية، التي خلصت إلى اقتراح تغييرات على 'الانتداب البريطاني على فلسطين'.
وأوصت اللجنة بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية مع بقاء القدس وبيت لحم والناصرة تحت الانتداب البريطاني، فضلا عن ترحيل أكثر من 200 ألف فلسطيني من منازلهم لإفساح المجال أمام قيام 'الدولة اليهودية'.
وكان الرد العربي الفلسطيني على قرار التقسيم هو الاستمرار في الثورة، مما أدى إلى تأجيل طرح القرار، وبقيت الثورة مشتعلة حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939.
وفي 23 نوفمبر/تشرين الثاني 1938 ألقى وزير المستعمرات البريطاني مالكوم مكدونالد بيانا هاما في مجلس العموم شرح فيه الوضع القائم في المنطقة، وقال 'إن مسألة اللاجئين في أوروبا الوسطى لا يمكن تسويتها على حساب فلسطين'.
مؤتمر لندن 1939
في 7 فبراير/شباط 1939 عقدت بريطانيا مؤتمر لندن (المائدة المستديرة) لمناقشة مستقبل فلسطين وإنهاء الانتداب، وقد فشل المؤتمر لرفض العرب الجلوس مع الوفد اليهودي، وعلى إثر ذلك أصدرت 'كتاب ماكدونالد الأبيض'، الذي حد من الهجرة اليهودية إلى فلسطين إلى 75 ألف مهاجر في 5 سنوات.
وأثار صدور الكتاب غضب الحركة الصهيونية، التي رأت فيه تقويضا لمشروعها القومي، ولم تلق له بالا ونظمت أكثر من مئة رحلة بحرية أقلت اليهود إلى فلسطين.
وفي عام 1944 أصدر حزب العمال البريطاني قرارا يوصي بتهجير الفلسطينيين مقابل استقبال أعداد أكبر من اليهود.
دعم بالسلاح
لم تقتصر سياسات بريطانيا عند هذا الحد، بل سمحت للحركة الصهيونية بإنشاء تشكيلات عسكرية وأمدتها بالسلاح والتدريب، مما كان له دور حاسم في توسع رقعة سيطرة اليهود على الأراضي الفلسطينية، فبحلول عام 1941 شكلت الحركة الصهيونية وحدات 'البالماح'، وهي أول تشكيل عسكري دائم يتبع منظمة الهاغاناه.
ونجحت الحركة في أبريل/نيسان 1944 في الحصول على موافقة مجلس الوزراء البريطاني لإنشاء قوة يهودية تقاتل تحت علمها وشعار 'نجمة داود'.
إحالة ملف فلسطين لأميركا
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وجدت الصهيونية العالمية في الولايات المتحدة حليفا قويا لمساعدتها في إقامة 'وطن قومي' في فلسطين، فطالبتها بالضغط على الحكومة البريطانية للتسليم بمطالبها.
وفي 24 يوليو/ تموز 1945 وجه الرئيس الأميركي آنذاك هاري ترومان رسالة إلى الحكومة البريطانية طالبها فيها بإدخال مئة ألف يهودي إلى فلسطين.
وردا على رسالة ترومان اقترحت بريطانيا على الولايات المتحدة مشاركتها في مسؤولية رسم سياسة فلسطين عن طريق تشكيل لجنة تحقيق أنجلو-أميركية لدراسة مشكلتها.
وفي الوقت نفسه، نفذ اليهود سلسلة هجمات ضد البريطانيين في تل أبيب والقدس، ردت عليها بريطانيا بسلسلة اعتقالات لليهود وتحميل الوكالة اليهودية مسؤولية ارتكاب 'أعمال إرهابية'.
وفي 20 أبريل/نيسان 1946 أعلنت أميركا دعمها المشروع الاستيطاني وتأييدها إعلان تقسيم فلسطين إلى 4 مناطق، بناء على 'خطة موريسن غرادي'، التي حددت مساحة مناطق اليهود بـ17%.
ولاحقا طالبت الوكالة اليهودية بإقامة دولة في فلسطين، بناء على المنطقة التي أوصت بها 'لجنة بيل' عام 1937، فوجهت أميركا إلى بريطانيا مطالب الوكالة بالتقسيم.
في 2 أبريل/نيسان 1947، أحالت بريطانيا قضية فلسطين إلى أميركا، على أن تكمل الجمعية العامة للأمم المتحدة 'تقديم التوصيات بموجب المادة 10 من الميثاق، بشأن الحكم المستقبلي في فلسطين'.
قرار التقسيم
شكلت الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 1947 لجنة 'انسكوب'، وذلك بناء على طلب الحكومة البريطانية، وضمت في عضويتها 11 دولة.
واشتمل تقريرها النهائي على 11 توصية أبرزها تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية (56% من مساحة فلسطين الكلية)، ودولة عربية (43% من المساحة) وتدويل منطقة القدس (1% من المساحة).
ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947 على قرار تقسيم فلسطين، فيما امتنعت بريطانيا عن التصويت عليه.
انتهاء الانتداب وتأسيس إسرائيل
في 15 مايو/أيار 1948 أعلنت بريطانيا انتهاء انتدابها على فلسطين، وهو اليوم نفسه الذي أعلنت فيه العصابات الصهيونية قيام دولة إسرائيل، بعد أن هجرت قرابة 950 ألف فلسطيني -من أصل مليون و400 ألف- عبر المذابح والترهيب من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة.
ومع انتهاء الانتداب البريطاني وصل عدد اليهود في فلسطين إلى 650 ألفا، شكلوا وقتها 29.5% من السكان، وبلغت القرى المدمرة حوالي 530 قرية.
ما بعد نكبة 1948
لم يتوقف الدعم البريطاني لليهود بانتهاء الانتداب، ففي العام نفسه الذي تأسست فيه إسرائيل اعترفت المملكة المتحدة بحكم الأمر الواقع لها على الأراضي الفلسطينية، وهو اعتراف فعلي بوجودها، وفي أبريل/نيسان 1950 اعترفت بها رسميا وأقامت علاقات دبلوماسية كاملة معها.
وشاركت بريطانيا إلى جانب فرنسا وإسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، بعد إعلان الرئيس المصري وقتئذ جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس.
وفي نكسة يونيو/حزيران 1967 دعمت إسرائيل ماليا وسياسيا وعسكريا، كما وقفت إلى جانبها في المحافل الدولية.
وكان ممثل بريطانيا لدى الأمم المتحدة اللورد كارادون هو من صاغ القرار رقم 242، الذي تم اعتماده بعد حرب الأيام الستة وأصبح الوثيقة المركزية للجهود الدبلوماسية في الشرق الأوسط، إذ دعا إلى إقامة 'سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط بين إسرائيل وجيرانها'.
وفي عام 1995 استقبلت الملكة إليزابيث الثانية الرئيس الإسرائيلي عزرا وايزمان في لندن، وكانت تلك أول زيارة لرئيس إسرائيلي إلى المملكة المتحدة.
وفي عام 2008 أصبح غوردون براون أول رئيس وزراء بريطاني يلقي كلمة أمام البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) في القدس.
وفي عام 2011 أطلقت السفارة البريطانية في إسرائيل مركز التكنولوجيا البريطاني الإسرائيلي، وهو مشروع غير ربحي يهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي عبر مساعدة الشركات البريطانية على الشراكة مع إسرائيل في التكنولوجيا المتطورة.
وفي عام 2016 أصبحت بريطانيا من أوائل الدول التي اعتمدت رسميا التعريف الجديد لـ'معاداة السامية'، الذي نشره ما يعرف بـ 'التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست'، وقد تولت المملكة المتحدة رئاسة التحالف في 1 مارس/آذار 2024 عاما واحدا.
وفي عام 2019 بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، ووقعت إسرائيل والمملكة المتحدة أول اتفاقية تجارة حرة بينهما، دخلت حيز التنفيذ في 1 يناير/كانون الثاني 2021، وحلت محل اتفاقية التجارة الحرة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي.
ووقع الطرفان 'خارطة الطريق 2030″، وهي اتفاقية في مجال الابتكار والتكنولوجيا وتعزيزها بين البلدين، وعلاوة على ذلك، لم تتوان بريطانيا عن دعم إسرائيل في جميع المجالات.
ووقعت الطرفان اتفاقيات في مجال التجارة والأمن السيبراني والعلوم والتكنولوجيا والبحث والتطوير والأمن والصحة والمناخ والمساواة بين الجنسين، فضلا عن دعمها في المحافل الدولية، وغضت الطرف عن جرائمها بحق الفلسطينيين، فضلا عن التعدي على الفعاليات التضامنية مع القضية الفلسطينية التي كانت تنظم في المملكة المتحدة.
سياسة بريطانيا تجاه الفلسطينيين
في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الـ20، لم تتخذ بريطانيا أي مواقف تجاه الفلسطينيين، ولم تسجل أي جهود تذكر لوقف الخروقات الإسرائيلية بحقهم.
وفي عام 1973 افتتحت منظمة التحرير الفلسطينية مكتبا لها في بريطانيا، أداره سعيد حمامي، كما انتشرت منظمات فلسطينية في المملكة المتحدة، مثل رابطة الجالية الفلسطينية وحملة التضامن مع فلسطين وحملة تحيا فلسطين وحملة التضامن مع فلسطين في أسكتلندا وحركة التضامن الدولية والاتحاد العام لطلبة فلسطين ومركز العودة الفلسطيني.
في يونيو/حزيران 1980 قررت المجموعة الأوروبية (الاتحاد الأوروبي) إصدار إعلان البندقية الذي صاغ سياسة دول أوروبا تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، وتضمن الإعلان اعترافا ضمنيا بحق الفلسطينيين في تقرير المصير، ودعم إشراك منظمة التحرير الفلسطينية في مفاوضات السلام.
وفي عام 1993 اعترفت الحكومة البريطانية بالبعثة الفلسطينية في لندن (الوفد العام الفلسطيني)، وفي عام 2011 رقيت إلى بعثة تمثيلية.
وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، أبدت بريطانيا تحفظا محدودا على التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، وأصبح موقفها الرسمي داعما لحل الدولتين.
في سبتمبر/أيلول 2020، أعربت بريطانيا عن رغبتها في 'قيام دولة فلسطينية ذات سيادة مستقلة وقابلة للحياة، تعيش بسلام وأمن، جنبا إلى جنب مع إسرائيل'، وأضافت أنها ستعترف بها 'في الوقت الذي يخدم فيه ذلك هدف السلام على أفضل وجه'.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2012، امتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة لمنح فلسطين صفة 'مراقب غير عضو' مشروطة بعودة الفلسطينيين إلى المفاوضات دون شروط مسبقة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2014 صوت مجلس العموم البريطاني لصالح الاعتراف بفلسطين بصفتها دولة، مساهمة في تحقيق حل الدولتين عن طريق التفاوض، ولم يكن هذا التصويت ملزما للحكومة.
وفي فبراير/شباط 2021، أدان القنصل العام البريطاني في القدس فيليب هول التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، ووصفه بأنه 'غير قانوني وعائق أمام استئناف محادثات السلام'.
وفي الشهر نفسه قضت محكمة الدرجة الأولى في نابلس ببطلان إعلان بلفور ودعت الحكومة البريطانية إلى تقديم اعتذار للشعب الفلسطيني.
وفي أبريل/نيسان من العام نفسه قالت السلطة الفلسطينية إن علاقاتها مع لندن وصلت لـ'نقطة منخفضة' بعد إعلان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون معارضته لتحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.
وفي 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 أقر مجلس العموم البريطاني (الغرفة الأولى بالبرلمان) المذكرة التي تقدمت بها وزيرة الداخلية وقتئذ بريتي باتيل لتصنيف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حركة إرهابية.
وفي الفترة الممتدة من 1 يوليو/تموز 1997 إلى 30 ديسمبر/كانون الأول 2020، خضعت التجارة بين السلطة الفلسطينية والمملكة المتحدة لاتفاقية الشراكة بين السلطة والاتحاد الأوروبي، وبعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وقعت مع السلطة الفلسطينية اتفاقية تجارية في 18 فبراير/شباط 2019، ودخلت حيز النفاذ بعد عامين.
ما بعد طوفان الأقصى
أدانت بريطانيا عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية في مستوطنات غلاف غزة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مؤكدة 'حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها'.
وبعد 12 يوما من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد طوفان الأقصى، وصل رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ريشي سوناك إلى إسرائيل واجتمع برئيس وزرائها بنيامين نتنياهو وحذره من خطر تفاقم الصراع في المنطقة بصورة أكبر.
ومع استمرار حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، خرجت مظاهرات حاشدة في شوارع بريطانيا مؤيدة للفلسطينيين ومطالبة بإنهاء العدوان على غزة، الأمر الذي زاد من الضغط على حكومة كير ستارمر للاعتراف بدولة فلسطين.
في يناير/كانون الثاني 2024، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إن المملكة المتحدة قد تعترف رسميا وتقيم علاقات دبلوماسية مع الدولة الفلسطينية أثناء المفاوضات بشأن اتفاق السلام لإنهاء الحرب على غزة.
في 8 فبراير/شباط 2024 قال وزير الخارجية في حكومة الظل آنذاك ديفيد لامي إن حزب العمال سينظر في الاعتراف من جانب واحد بدولة فلسطينية إذا ترأس الحكومة في الانتخابات العامة لعام 2024.
في 9 ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلن ستارمر تعيين السير مايكل باربر مبعوثا خاصا له للشؤون الاقتصادية الفلسطينية.
وفي 29 يوليو/تموز 2025 أعلن ستارمر أنه أبلغ حكومته بأن بريطانيا ستعترف بدولة فلسطين، قبل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول من العام نفسه.
وأشار إلى أن هذا الاعتراف سيحدث 'ما لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروع في غزة، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وتوضيح أنه لن يكون هناك ضم في الضفة الغربية، والالتزام بعملية سلام طويلة الأمد تؤدي إلى حل الدولتين'.
وفي 21 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، اعترفت بريطانيا رسميا بدولة فلسطين، وفي كلمة له على منصة إكس، قال ستارمر 'اعترفنا اليوم بدولة فلسطين لإحياء أمل السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.. اليوم ننضم إلى أكثر من 150 دولة تعترف بالدولة الفلسطينية'.
وأضاف 'نعمل على إبقاء إمكانية السلام وحل الدولتين حيا'، مشددا على أنه 'يجب ألا يكون لحركة حماس أي دور في المستقبل أو في الإدارة أو الأمن'.
وقوبل هذا الإعلان بترحيب فلسطيني وعربي واسع، في حين رفضته إسرائيل وقالت إن 'تغيير موقف بريطانيا في هذا الوقت عقب خطوة فرنسا والضغوط الداخلية يشكل مكافأة لحماس'.
الجزيرة + الصحافة البريطانية + الصحافة الفلسطينية
التعليقات