أخبار اليوم - لا شك أن ثمة تصاعدا واضحا للتوترات بين تركيا وإسرائيل بسبب سلوك تل أبيب الإجرامي في غزة وكذلك اعتداءاتها المتكررة على سوريا، وتثير هذه التوترات هواجس ومخاوف لدى مراقبين من إمكانية تطورها السريع واحتمالية وصولها إلى احتكاكات تكتيكية أو مواجهة حقيقية قد يفرضها تعارض وتضارب المصالح وخاصة الأمنية منها.
فمع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وتولي إدارة جديدة تصنّف على أنها مقربة وحليفة لأنقرة وتداول أنباء عن سعي تركيا لامتلاك قواعد عسكرية لدى جارتها الجنوبية، استشعرت تل أبيب خطرا يقترب من حدودها ما دفعها إلى قصف متكرر لمواقع عديدة في سوريا والتوغل جنوبها والسيطرة على مواقع إستراتيجية خاصة جبل الشيخ.
كما أن الانتقادات اللاذعة من أنقرة وعلى أعلى المستويات للإبادة الإسرائيلية المستمرة في غزة منذ عامين، وإعلان تركيا عددا من الإجراءات منها قطع علاقاتها التجارية مع تل أبيب وإغلاق موانئها أمام سفنها، كل هذا دفع سياسيين ومقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحديث بأن تركيا قد تكون الهدف التالي لآلة تل أبيب العدوانية في المنطقة بعد استهدافها إيران واليمن ولبنان وسوريا وقطر وتهديدها للعراق، إضافة إلى ما تفعله في غزة والضفة الغربية المحتلة.
تلك الإشارات استقبلتها أنقرة برد التهديد بالتهديد إلا أنها اتخذت كذلك إجراءات عملية عاجلة لمواجهة محتملة مع إسرائيل نبّه إليها تقرير استخباري تركي صدر مؤخرا، وشملت تلك الإجراءات تطوير أنظمة دفاع جوي، وتقوية الجبهة الداخلية، والبدء ببناء ملاجئ متطورة ومضادة للتهديدات النووية.
والسؤال هنا ماذا لو وقعت بالفعل المواجهة المحتملة بين تركيا وإسرائيل ولمن تميل كفة ميزان القوة بين الطرفين؟
ميزان القوى
تتقدم تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) على إسرائيل في التصنيف العالمي للقوة العسكرية (Power Index) حسب تصنيف 'غلوبال فاير باور' (Global fire power) المتخصص في الإحصاءات والبيانات العسكرية لمختلف الدول، إذ تحتل تركيا المرتبة التاسعة عالميا في تصنيف عام 2025 في حين تتأخر إسرائيل عنها 6 درجات وتحتل المرتبة الـ15.
كما أن الميزانية العسكرية لتركيا تبلغ 47 مليار دولار مقابل ميزانية إسرائيل العسكرية والبالغة 30 مليارا.
وهذه مقارنة بين القوة البشرية والعسكرية بين الطرفين لمختلف صنوف القوى البرية والجوية والبحرية، وذلك وفق بيانات غلوبال فاير باور مع العلم أن معظم الدول لا تكشف عادة عن جزء من أسلحتها ومقدراتها العسكرية، كما أن بيانات الرصد تعتمد على أرقام وأعداد بغض النظر عن نوعية الأسلحة وقدراتها ومدى تطورها.
مقارنة
تتفوق تركيا من ناحية القوى البشرية على إسرائيل بفارق كبير كون عدد سكان تركيا يتجاوز 84 مليونا في حين يبلغ عدد السكان في إسرائيل 9.4 ملايين أكثر من 20% منهم فلسطينيون.
وهذا التفوق في العدد ينعكس بطبيعة الحال على حجم القوى البشرية المتاحة والمؤهل منها للخدمة العسكرية وعدد الذين يبلغون سن التجنيد سنويا، كما ينعكس على عدد الأفراد في الخدمة الفعلية، أي قوام الجيش، وهو المؤشر الأهم؛ إذ يبلغ في تركيا 355 ألف عسكري مقابل 170 ألفا في إسرائيل، بينما يتقارب عدد قوات الاحتياط بين الطرفين (378 ألفا في تركيا و465 ألفا في إسرائيل) كون تل أبيب تعتمد بشكل كبير على الاحتياط في نظام التجنيد لديها.
أما بخصوص القدرات الجوية فتُظهر البيانات نفسها تقدما لصالح إسرائيل في مجال الطائرات المقاتلة المصمّمة للقتال الجوي أي السيطرة على السماء وإسقاط طائرات العدو وكذلك بالنسبة لطائرات الهجوم المهيأة لضرب أهداف أرضية أو بحرية ودعم القوات على الأرض، بينما تتفوق تركيا في إجمالي عدد الطائرات والطائرات المروحية والمروحيات الهجومية وطائرات النقل والتدريب والمهام الخاصة.
بريا تتفوق تركيا على إسرائيل بعدد الدبابات؛ إذ تمتلك أنقرة أكثر من 2200 دبابة مقابل 1300 لتل أبيب، كما تمتلك تركيا ضعف عدد المركبات المدرعة القتالية تقريبا التي لدى إسرائيل، وكذلك الأمر بخصوص 'قاذفات الصواريخ المتحركة' (MLRS)، ويتسع الفارق أيضا لصالح أنقرة بالنسبة لسلاح المدفعية.
وبالنسبة للقوة البحرية، فإن تركيا تمتلك قطعا بحرية يبلغ عددها 182 في حين إسرائيل تمتلك 62 فقط، ورغم ذلك لا يملك الطرفان قوى بحرية كبيرة على مستوى العالم؛ إذ لا تمتلكان أي حاملات طائرات أو مدمرات في حين تمتلك تركيا حاملة مروحيات وحيدة بينما لا تمتلك إسرائيل أيا منها، وبالنسبة للغواصات لدى تركيا 13 غواصة في حين لدى إسرائيل 5 غواصات فقط.
قوى خارج التصنيف
وإلى جانب البيانات التي يتضمنها تصنيف غلوبال فاير باور فإن كلا الطرفين يمتلك مقومات قوى إضافية من الممكن أن ترجّح ميزان القوة لصالحه وفق مراقبين.
مسيّرات ومقاتلات شبحية
تملك تركيا مخزونا كبيرا من الطائرات المسيرة المتطورة يقدر عددها بالآلاف ومن طرازات متنوعة أشهرها 'بيرقدار تي بي 2' (Bayraktar TB2) و'بيرقدار تي بي 3' (Bayraktar TB3)، و'بيرقدار أكينجي' (Bayraktar Akinci) الأكبر حجما، وكذلك تسعى لتطوير مقاتلتها النفاثة المسيرة الجديدة بيرقدار قيزل إلما أو (التفاحة الحمراء)، بالإضافة إلى مسيرات أخرى مثل 'أنكا' و'سوبر شيمشيك' و'غوكهون' وغيرها.
وبرز دور تلك المسيرات بشكل كبير خلال الحروب والمواجهات العسكرية التي حصلت خلال السنوات الماضية خاصة بين أذربيجان وأرمينيا؛ إذ رجّحت الكفة عسكريا لصالح باكو، كما أنها دعمت أوكرانيا بمواجهة روسيا خلال الحرب المستمرة بينهما منذ 3 سنوات.
ويعول على تلك المسيرات أن يكون لها دور كبير في أي مواجهة محتملة مع إسرائيل، خاصة أن تركيا باتت من الدول المتقدمة عالميا في صناعتها وتقوم بتصديرها إلى عدد من الدول بعضها أوروبية.
بالمقابل تمتلك تل أبيب طائراتها المسيرة المتقدمة أيضا، إلا أن ما يميز سلاحها الجوي هو طائراتها القتالية الشبحية المتطورة وأبرزها 'إف-35 أدير' (F-35 Adir) التي توصف بالأكثر تطورا على مستوى العالم ومقاتلتا 'إف-16″ (F-16) و'إف-15' (F-15) وغيرها والتي تستخدمها في شن غاراتها على دول المنطقة.
وبرزت تلك الطائرات أيضا خلال المواجهة التي اندلعت مع إيران في يونيو/حزيران الماضي، حيث ادّعت إسرائيل أنها سيطرت بشكل كامل على المجال الجوي الإيراني بعد استهدافها منظومات الدفاع الجوي وقصفت أهدافا إستراتيجية وفي مقدمتها المنشآت النووية الإيرانية.
دفاع جوي متعدد المستويات
تمتلك تركيا أنظمة دفاع جوي متنوعة بعضها محلية الصنع وأخرى أجنبية أبرزها منظومة 'إس 400' (S400) الروسية المتطورة التي أثار شراؤها من جانب أنقرة قبل أعوام أزمة مع الولايات المتحدة بسبب مخاطر تتعلق بالمخاوف من إمكانية حصول موسكو على معلومات عن قدرات الناتو العسكرية كون تركيا عضوا أساسيا في الحلف أيضا.
وإس 400 تعد منظومة دفاع جوي روسية بعيدة ومتعدّدة الطبقات قادرة على اعتراض أهداف جوية وطائرات وصواريخ (بما في ذلك بعض الصواريخ الباليستية التكتيكية) باستخدام عدة أنواع من الصواريخ ذات مديات مختلفة.
من جانبها تملك إسرائيل منظومات دفاع جوي متطورة ومتعددة المستويات تستخدمها في التصدي للهجمات الصاروخية التي تتعرض لها من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية بغزة واستخدمتها ضد صواريخ ومسيرات حزب الله اللبناني، كما تعترض بها صواريخ تستهدفها بشكل دوري من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، وكذلك كان لها دور كبير خلال المواجهة الأخيرة مع إيران رغم فشلها في التصدي لعدد جيد من الصواريخ الإيرانية بعيدة المدة.
وأبرز هذه المنظومات منظومة السهم 'آرو-3' المتخصصة باعتراض الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوي لكوكب الأرض ومقلاع داود النظام الصاروخي قصير ومتوسط المدى وأيضا القبة الحديدية لصد الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية وكذلك منظومة ثاد الأميركية لاعتراض وتدمير الصواريخ الباليستية ذات المدى القصير والمتوسط وفوق المتوسط خلال المرحلة النهائية من تحليقها.
'الخيار شمشون'
ولا يمكن طبعا إغفال السلاح النووي الإسرائيلي من ميزان القوة رغم أنه لم يندرج ضمن بيانات التصنيف العالمي، إذ تُعد تل أبيب -وفق مصادر رسمية وغير رسمية- قوة نووية لحيازتها رؤوسا نووية محمولة على صواريخ يصل مداها إلى 1500 كيلومتر، إضافة للقنابل النووية التي يمكن إلقاؤها من الجو.
وتؤكد بعض المصادر الغربية أن إسرائيل قد خزّنت كميات كبيرة من اليورانيوم والبلوتونيوم تمكّنها من إنتاج ما يصل إلى 100 قنبلة نووية إضافية، فضلا عن امتلاكها أكثر من 200 قنبلة نووية جاهزة.
ويستخدم عادة مصطلح 'الخيار شمشون' للإشارة إلى الرد النووي الإسرائيلي المحتمل والشامل في حال واجهت إسرائيل تهديدا وجوديا.
ليست العامل الوحيد للحسم
ويبقى كل ما ذكر آنفا أرقاما وإحصائيات تعمل بعض الدول على إخفاء أجزاء منها كونها تعتبرها أسرارا عسكرية لذا من الصعب أن تحكم على مسار المعركة من ميزان القوى لوحده أو عدد القوات وعتادها، وفق الخبير العسكري وليد العيسى.
ويضيف العيسى للجزيرة نت أن القوى العسكرية صحيح أنها تعتبر عاملا كبيرا مساهما ومهما في الانتصار وحسم الحروب والمواجهة إلا أنها ليست كل شيء وأقرب مثال على ذلك رجحان ميزان القوى العسكرية لصالح إسرائيل مقارنة بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومع ذلك لم تتمكن من الحسم عسكريا منذ نحو عامين من القصف والتدمير والقتال والدعم اللوجيستي غير المحدود من قبل الولايات المتحدة وعدد من الدول.
ويضيف الخبير العسكري أن الانتصار في الحروب يتعلق إلى جانب القوة العسكرية بعوامل أساسية أخرى مثل العقيدة القتالية وقيادة المعركة وعنصر المفاجأة والدعم اللوجيستي والتحالفات وغيرها من العوامل التي تتحكم بالأداء على الأرض.
احتمالات المواجهة
أما عن احتمالات المواجهة بين تركيا وإسرائيل بالنظر إلى التوترات المتصاعدة بينهما، فيقول العقيد فايز الأسمر الخبير العسكري والإستراتيجي إن التوترات بين الطرفين منشأها خلافات وتضارب مصالح وخاصة الأمنية منها بعدد من الملفات، وأشار إلى أن الملف السوري يعد مهما وإستراتيجيا بالنسبة لكل من أنقرة وتل أبيب وكلاهما ينظر إليه من زوايا متباينة.
ورغم ذلك يستبعد الأسمر أن تؤدي هذه التوترات لمواجهة عسكرية مباشرة، خصوصا أن واشنطن والغرب سيعملان على لجم أي تطورات وسيتدخلان بكل قوة لمنع أي مواجهة محتملة بين الجانبين، خاصة أن تركيا عضو فعّال في حلف الناتو وهذا بحد ذاته سيكون له ارتدادات على الحلف في حال نشوب أي صراع محتمل مع إسرائيل.
وفي حال نشوب مثل تلك المواجهة بين الطرفين الذين لا تجمعهما حدود برية مشتركة، يكمل الأسمر، فإن هنالك استبعادا لسلاح الدبابات والمدرعات والمشاة والمدفعية من ميزان القوى وستكون المواجهات بينهما مقتصرة على الغارات الجوية والصاروخية والمسيرات التدميرية بعيدة المدى وربما مواجهات بحرية محدودة.
ويستدرك بالقول إنه لا شك أن إسرائيل تمتلك قوة جوية وطائرات حديثة من الجيل الخامس في مقدمتها إف 35 الشبحية قادرة على ضرب أهداف في العمق التركي ولكن بالمقابل تمتلك تركيا قدرات جوية ودفاع جوي متقدمة منها منظومات إس 400 الروسية وغيرها، كما من المحتمل أيضا أن تزود إيران أنقرة في حال حدوث المواجهة بصواريخ باليستية ومسيرات هجومية مثلما زودت موسكو بها خلال الحرب مع أوكرانيا.
ويرى الخبير العسكري أن القوة الجوية وحدها لا تستطيع حسم أي معركة إلا أن تطور الأحداث من الممكن أن يفتح المجال في مرحلة من المراحل لتكون الأراضي السورية مسرحا لمواجهات برية عابرة للحدود رغم أن هذا الاحتمال بعيد التحقق.
الجزيرة
أخبار اليوم - لا شك أن ثمة تصاعدا واضحا للتوترات بين تركيا وإسرائيل بسبب سلوك تل أبيب الإجرامي في غزة وكذلك اعتداءاتها المتكررة على سوريا، وتثير هذه التوترات هواجس ومخاوف لدى مراقبين من إمكانية تطورها السريع واحتمالية وصولها إلى احتكاكات تكتيكية أو مواجهة حقيقية قد يفرضها تعارض وتضارب المصالح وخاصة الأمنية منها.
فمع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وتولي إدارة جديدة تصنّف على أنها مقربة وحليفة لأنقرة وتداول أنباء عن سعي تركيا لامتلاك قواعد عسكرية لدى جارتها الجنوبية، استشعرت تل أبيب خطرا يقترب من حدودها ما دفعها إلى قصف متكرر لمواقع عديدة في سوريا والتوغل جنوبها والسيطرة على مواقع إستراتيجية خاصة جبل الشيخ.
كما أن الانتقادات اللاذعة من أنقرة وعلى أعلى المستويات للإبادة الإسرائيلية المستمرة في غزة منذ عامين، وإعلان تركيا عددا من الإجراءات منها قطع علاقاتها التجارية مع تل أبيب وإغلاق موانئها أمام سفنها، كل هذا دفع سياسيين ومقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحديث بأن تركيا قد تكون الهدف التالي لآلة تل أبيب العدوانية في المنطقة بعد استهدافها إيران واليمن ولبنان وسوريا وقطر وتهديدها للعراق، إضافة إلى ما تفعله في غزة والضفة الغربية المحتلة.
تلك الإشارات استقبلتها أنقرة برد التهديد بالتهديد إلا أنها اتخذت كذلك إجراءات عملية عاجلة لمواجهة محتملة مع إسرائيل نبّه إليها تقرير استخباري تركي صدر مؤخرا، وشملت تلك الإجراءات تطوير أنظمة دفاع جوي، وتقوية الجبهة الداخلية، والبدء ببناء ملاجئ متطورة ومضادة للتهديدات النووية.
والسؤال هنا ماذا لو وقعت بالفعل المواجهة المحتملة بين تركيا وإسرائيل ولمن تميل كفة ميزان القوة بين الطرفين؟
ميزان القوى
تتقدم تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) على إسرائيل في التصنيف العالمي للقوة العسكرية (Power Index) حسب تصنيف 'غلوبال فاير باور' (Global fire power) المتخصص في الإحصاءات والبيانات العسكرية لمختلف الدول، إذ تحتل تركيا المرتبة التاسعة عالميا في تصنيف عام 2025 في حين تتأخر إسرائيل عنها 6 درجات وتحتل المرتبة الـ15.
كما أن الميزانية العسكرية لتركيا تبلغ 47 مليار دولار مقابل ميزانية إسرائيل العسكرية والبالغة 30 مليارا.
وهذه مقارنة بين القوة البشرية والعسكرية بين الطرفين لمختلف صنوف القوى البرية والجوية والبحرية، وذلك وفق بيانات غلوبال فاير باور مع العلم أن معظم الدول لا تكشف عادة عن جزء من أسلحتها ومقدراتها العسكرية، كما أن بيانات الرصد تعتمد على أرقام وأعداد بغض النظر عن نوعية الأسلحة وقدراتها ومدى تطورها.
مقارنة
تتفوق تركيا من ناحية القوى البشرية على إسرائيل بفارق كبير كون عدد سكان تركيا يتجاوز 84 مليونا في حين يبلغ عدد السكان في إسرائيل 9.4 ملايين أكثر من 20% منهم فلسطينيون.
وهذا التفوق في العدد ينعكس بطبيعة الحال على حجم القوى البشرية المتاحة والمؤهل منها للخدمة العسكرية وعدد الذين يبلغون سن التجنيد سنويا، كما ينعكس على عدد الأفراد في الخدمة الفعلية، أي قوام الجيش، وهو المؤشر الأهم؛ إذ يبلغ في تركيا 355 ألف عسكري مقابل 170 ألفا في إسرائيل، بينما يتقارب عدد قوات الاحتياط بين الطرفين (378 ألفا في تركيا و465 ألفا في إسرائيل) كون تل أبيب تعتمد بشكل كبير على الاحتياط في نظام التجنيد لديها.
أما بخصوص القدرات الجوية فتُظهر البيانات نفسها تقدما لصالح إسرائيل في مجال الطائرات المقاتلة المصمّمة للقتال الجوي أي السيطرة على السماء وإسقاط طائرات العدو وكذلك بالنسبة لطائرات الهجوم المهيأة لضرب أهداف أرضية أو بحرية ودعم القوات على الأرض، بينما تتفوق تركيا في إجمالي عدد الطائرات والطائرات المروحية والمروحيات الهجومية وطائرات النقل والتدريب والمهام الخاصة.
بريا تتفوق تركيا على إسرائيل بعدد الدبابات؛ إذ تمتلك أنقرة أكثر من 2200 دبابة مقابل 1300 لتل أبيب، كما تمتلك تركيا ضعف عدد المركبات المدرعة القتالية تقريبا التي لدى إسرائيل، وكذلك الأمر بخصوص 'قاذفات الصواريخ المتحركة' (MLRS)، ويتسع الفارق أيضا لصالح أنقرة بالنسبة لسلاح المدفعية.
وبالنسبة للقوة البحرية، فإن تركيا تمتلك قطعا بحرية يبلغ عددها 182 في حين إسرائيل تمتلك 62 فقط، ورغم ذلك لا يملك الطرفان قوى بحرية كبيرة على مستوى العالم؛ إذ لا تمتلكان أي حاملات طائرات أو مدمرات في حين تمتلك تركيا حاملة مروحيات وحيدة بينما لا تمتلك إسرائيل أيا منها، وبالنسبة للغواصات لدى تركيا 13 غواصة في حين لدى إسرائيل 5 غواصات فقط.
قوى خارج التصنيف
وإلى جانب البيانات التي يتضمنها تصنيف غلوبال فاير باور فإن كلا الطرفين يمتلك مقومات قوى إضافية من الممكن أن ترجّح ميزان القوة لصالحه وفق مراقبين.
مسيّرات ومقاتلات شبحية
تملك تركيا مخزونا كبيرا من الطائرات المسيرة المتطورة يقدر عددها بالآلاف ومن طرازات متنوعة أشهرها 'بيرقدار تي بي 2' (Bayraktar TB2) و'بيرقدار تي بي 3' (Bayraktar TB3)، و'بيرقدار أكينجي' (Bayraktar Akinci) الأكبر حجما، وكذلك تسعى لتطوير مقاتلتها النفاثة المسيرة الجديدة بيرقدار قيزل إلما أو (التفاحة الحمراء)، بالإضافة إلى مسيرات أخرى مثل 'أنكا' و'سوبر شيمشيك' و'غوكهون' وغيرها.
وبرز دور تلك المسيرات بشكل كبير خلال الحروب والمواجهات العسكرية التي حصلت خلال السنوات الماضية خاصة بين أذربيجان وأرمينيا؛ إذ رجّحت الكفة عسكريا لصالح باكو، كما أنها دعمت أوكرانيا بمواجهة روسيا خلال الحرب المستمرة بينهما منذ 3 سنوات.
ويعول على تلك المسيرات أن يكون لها دور كبير في أي مواجهة محتملة مع إسرائيل، خاصة أن تركيا باتت من الدول المتقدمة عالميا في صناعتها وتقوم بتصديرها إلى عدد من الدول بعضها أوروبية.
بالمقابل تمتلك تل أبيب طائراتها المسيرة المتقدمة أيضا، إلا أن ما يميز سلاحها الجوي هو طائراتها القتالية الشبحية المتطورة وأبرزها 'إف-35 أدير' (F-35 Adir) التي توصف بالأكثر تطورا على مستوى العالم ومقاتلتا 'إف-16″ (F-16) و'إف-15' (F-15) وغيرها والتي تستخدمها في شن غاراتها على دول المنطقة.
وبرزت تلك الطائرات أيضا خلال المواجهة التي اندلعت مع إيران في يونيو/حزيران الماضي، حيث ادّعت إسرائيل أنها سيطرت بشكل كامل على المجال الجوي الإيراني بعد استهدافها منظومات الدفاع الجوي وقصفت أهدافا إستراتيجية وفي مقدمتها المنشآت النووية الإيرانية.
دفاع جوي متعدد المستويات
تمتلك تركيا أنظمة دفاع جوي متنوعة بعضها محلية الصنع وأخرى أجنبية أبرزها منظومة 'إس 400' (S400) الروسية المتطورة التي أثار شراؤها من جانب أنقرة قبل أعوام أزمة مع الولايات المتحدة بسبب مخاطر تتعلق بالمخاوف من إمكانية حصول موسكو على معلومات عن قدرات الناتو العسكرية كون تركيا عضوا أساسيا في الحلف أيضا.
وإس 400 تعد منظومة دفاع جوي روسية بعيدة ومتعدّدة الطبقات قادرة على اعتراض أهداف جوية وطائرات وصواريخ (بما في ذلك بعض الصواريخ الباليستية التكتيكية) باستخدام عدة أنواع من الصواريخ ذات مديات مختلفة.
من جانبها تملك إسرائيل منظومات دفاع جوي متطورة ومتعددة المستويات تستخدمها في التصدي للهجمات الصاروخية التي تتعرض لها من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية بغزة واستخدمتها ضد صواريخ ومسيرات حزب الله اللبناني، كما تعترض بها صواريخ تستهدفها بشكل دوري من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، وكذلك كان لها دور كبير خلال المواجهة الأخيرة مع إيران رغم فشلها في التصدي لعدد جيد من الصواريخ الإيرانية بعيدة المدة.
وأبرز هذه المنظومات منظومة السهم 'آرو-3' المتخصصة باعتراض الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوي لكوكب الأرض ومقلاع داود النظام الصاروخي قصير ومتوسط المدى وأيضا القبة الحديدية لصد الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية وكذلك منظومة ثاد الأميركية لاعتراض وتدمير الصواريخ الباليستية ذات المدى القصير والمتوسط وفوق المتوسط خلال المرحلة النهائية من تحليقها.
'الخيار شمشون'
ولا يمكن طبعا إغفال السلاح النووي الإسرائيلي من ميزان القوة رغم أنه لم يندرج ضمن بيانات التصنيف العالمي، إذ تُعد تل أبيب -وفق مصادر رسمية وغير رسمية- قوة نووية لحيازتها رؤوسا نووية محمولة على صواريخ يصل مداها إلى 1500 كيلومتر، إضافة للقنابل النووية التي يمكن إلقاؤها من الجو.
وتؤكد بعض المصادر الغربية أن إسرائيل قد خزّنت كميات كبيرة من اليورانيوم والبلوتونيوم تمكّنها من إنتاج ما يصل إلى 100 قنبلة نووية إضافية، فضلا عن امتلاكها أكثر من 200 قنبلة نووية جاهزة.
ويستخدم عادة مصطلح 'الخيار شمشون' للإشارة إلى الرد النووي الإسرائيلي المحتمل والشامل في حال واجهت إسرائيل تهديدا وجوديا.
ليست العامل الوحيد للحسم
ويبقى كل ما ذكر آنفا أرقاما وإحصائيات تعمل بعض الدول على إخفاء أجزاء منها كونها تعتبرها أسرارا عسكرية لذا من الصعب أن تحكم على مسار المعركة من ميزان القوى لوحده أو عدد القوات وعتادها، وفق الخبير العسكري وليد العيسى.
ويضيف العيسى للجزيرة نت أن القوى العسكرية صحيح أنها تعتبر عاملا كبيرا مساهما ومهما في الانتصار وحسم الحروب والمواجهة إلا أنها ليست كل شيء وأقرب مثال على ذلك رجحان ميزان القوى العسكرية لصالح إسرائيل مقارنة بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومع ذلك لم تتمكن من الحسم عسكريا منذ نحو عامين من القصف والتدمير والقتال والدعم اللوجيستي غير المحدود من قبل الولايات المتحدة وعدد من الدول.
ويضيف الخبير العسكري أن الانتصار في الحروب يتعلق إلى جانب القوة العسكرية بعوامل أساسية أخرى مثل العقيدة القتالية وقيادة المعركة وعنصر المفاجأة والدعم اللوجيستي والتحالفات وغيرها من العوامل التي تتحكم بالأداء على الأرض.
احتمالات المواجهة
أما عن احتمالات المواجهة بين تركيا وإسرائيل بالنظر إلى التوترات المتصاعدة بينهما، فيقول العقيد فايز الأسمر الخبير العسكري والإستراتيجي إن التوترات بين الطرفين منشأها خلافات وتضارب مصالح وخاصة الأمنية منها بعدد من الملفات، وأشار إلى أن الملف السوري يعد مهما وإستراتيجيا بالنسبة لكل من أنقرة وتل أبيب وكلاهما ينظر إليه من زوايا متباينة.
ورغم ذلك يستبعد الأسمر أن تؤدي هذه التوترات لمواجهة عسكرية مباشرة، خصوصا أن واشنطن والغرب سيعملان على لجم أي تطورات وسيتدخلان بكل قوة لمنع أي مواجهة محتملة بين الجانبين، خاصة أن تركيا عضو فعّال في حلف الناتو وهذا بحد ذاته سيكون له ارتدادات على الحلف في حال نشوب أي صراع محتمل مع إسرائيل.
وفي حال نشوب مثل تلك المواجهة بين الطرفين الذين لا تجمعهما حدود برية مشتركة، يكمل الأسمر، فإن هنالك استبعادا لسلاح الدبابات والمدرعات والمشاة والمدفعية من ميزان القوى وستكون المواجهات بينهما مقتصرة على الغارات الجوية والصاروخية والمسيرات التدميرية بعيدة المدى وربما مواجهات بحرية محدودة.
ويستدرك بالقول إنه لا شك أن إسرائيل تمتلك قوة جوية وطائرات حديثة من الجيل الخامس في مقدمتها إف 35 الشبحية قادرة على ضرب أهداف في العمق التركي ولكن بالمقابل تمتلك تركيا قدرات جوية ودفاع جوي متقدمة منها منظومات إس 400 الروسية وغيرها، كما من المحتمل أيضا أن تزود إيران أنقرة في حال حدوث المواجهة بصواريخ باليستية ومسيرات هجومية مثلما زودت موسكو بها خلال الحرب مع أوكرانيا.
ويرى الخبير العسكري أن القوة الجوية وحدها لا تستطيع حسم أي معركة إلا أن تطور الأحداث من الممكن أن يفتح المجال في مرحلة من المراحل لتكون الأراضي السورية مسرحا لمواجهات برية عابرة للحدود رغم أن هذا الاحتمال بعيد التحقق.
الجزيرة
أخبار اليوم - لا شك أن ثمة تصاعدا واضحا للتوترات بين تركيا وإسرائيل بسبب سلوك تل أبيب الإجرامي في غزة وكذلك اعتداءاتها المتكررة على سوريا، وتثير هذه التوترات هواجس ومخاوف لدى مراقبين من إمكانية تطورها السريع واحتمالية وصولها إلى احتكاكات تكتيكية أو مواجهة حقيقية قد يفرضها تعارض وتضارب المصالح وخاصة الأمنية منها.
فمع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وتولي إدارة جديدة تصنّف على أنها مقربة وحليفة لأنقرة وتداول أنباء عن سعي تركيا لامتلاك قواعد عسكرية لدى جارتها الجنوبية، استشعرت تل أبيب خطرا يقترب من حدودها ما دفعها إلى قصف متكرر لمواقع عديدة في سوريا والتوغل جنوبها والسيطرة على مواقع إستراتيجية خاصة جبل الشيخ.
كما أن الانتقادات اللاذعة من أنقرة وعلى أعلى المستويات للإبادة الإسرائيلية المستمرة في غزة منذ عامين، وإعلان تركيا عددا من الإجراءات منها قطع علاقاتها التجارية مع تل أبيب وإغلاق موانئها أمام سفنها، كل هذا دفع سياسيين ومقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحديث بأن تركيا قد تكون الهدف التالي لآلة تل أبيب العدوانية في المنطقة بعد استهدافها إيران واليمن ولبنان وسوريا وقطر وتهديدها للعراق، إضافة إلى ما تفعله في غزة والضفة الغربية المحتلة.
تلك الإشارات استقبلتها أنقرة برد التهديد بالتهديد إلا أنها اتخذت كذلك إجراءات عملية عاجلة لمواجهة محتملة مع إسرائيل نبّه إليها تقرير استخباري تركي صدر مؤخرا، وشملت تلك الإجراءات تطوير أنظمة دفاع جوي، وتقوية الجبهة الداخلية، والبدء ببناء ملاجئ متطورة ومضادة للتهديدات النووية.
والسؤال هنا ماذا لو وقعت بالفعل المواجهة المحتملة بين تركيا وإسرائيل ولمن تميل كفة ميزان القوة بين الطرفين؟
ميزان القوى
تتقدم تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) على إسرائيل في التصنيف العالمي للقوة العسكرية (Power Index) حسب تصنيف 'غلوبال فاير باور' (Global fire power) المتخصص في الإحصاءات والبيانات العسكرية لمختلف الدول، إذ تحتل تركيا المرتبة التاسعة عالميا في تصنيف عام 2025 في حين تتأخر إسرائيل عنها 6 درجات وتحتل المرتبة الـ15.
كما أن الميزانية العسكرية لتركيا تبلغ 47 مليار دولار مقابل ميزانية إسرائيل العسكرية والبالغة 30 مليارا.
وهذه مقارنة بين القوة البشرية والعسكرية بين الطرفين لمختلف صنوف القوى البرية والجوية والبحرية، وذلك وفق بيانات غلوبال فاير باور مع العلم أن معظم الدول لا تكشف عادة عن جزء من أسلحتها ومقدراتها العسكرية، كما أن بيانات الرصد تعتمد على أرقام وأعداد بغض النظر عن نوعية الأسلحة وقدراتها ومدى تطورها.
مقارنة
تتفوق تركيا من ناحية القوى البشرية على إسرائيل بفارق كبير كون عدد سكان تركيا يتجاوز 84 مليونا في حين يبلغ عدد السكان في إسرائيل 9.4 ملايين أكثر من 20% منهم فلسطينيون.
وهذا التفوق في العدد ينعكس بطبيعة الحال على حجم القوى البشرية المتاحة والمؤهل منها للخدمة العسكرية وعدد الذين يبلغون سن التجنيد سنويا، كما ينعكس على عدد الأفراد في الخدمة الفعلية، أي قوام الجيش، وهو المؤشر الأهم؛ إذ يبلغ في تركيا 355 ألف عسكري مقابل 170 ألفا في إسرائيل، بينما يتقارب عدد قوات الاحتياط بين الطرفين (378 ألفا في تركيا و465 ألفا في إسرائيل) كون تل أبيب تعتمد بشكل كبير على الاحتياط في نظام التجنيد لديها.
أما بخصوص القدرات الجوية فتُظهر البيانات نفسها تقدما لصالح إسرائيل في مجال الطائرات المقاتلة المصمّمة للقتال الجوي أي السيطرة على السماء وإسقاط طائرات العدو وكذلك بالنسبة لطائرات الهجوم المهيأة لضرب أهداف أرضية أو بحرية ودعم القوات على الأرض، بينما تتفوق تركيا في إجمالي عدد الطائرات والطائرات المروحية والمروحيات الهجومية وطائرات النقل والتدريب والمهام الخاصة.
بريا تتفوق تركيا على إسرائيل بعدد الدبابات؛ إذ تمتلك أنقرة أكثر من 2200 دبابة مقابل 1300 لتل أبيب، كما تمتلك تركيا ضعف عدد المركبات المدرعة القتالية تقريبا التي لدى إسرائيل، وكذلك الأمر بخصوص 'قاذفات الصواريخ المتحركة' (MLRS)، ويتسع الفارق أيضا لصالح أنقرة بالنسبة لسلاح المدفعية.
وبالنسبة للقوة البحرية، فإن تركيا تمتلك قطعا بحرية يبلغ عددها 182 في حين إسرائيل تمتلك 62 فقط، ورغم ذلك لا يملك الطرفان قوى بحرية كبيرة على مستوى العالم؛ إذ لا تمتلكان أي حاملات طائرات أو مدمرات في حين تمتلك تركيا حاملة مروحيات وحيدة بينما لا تمتلك إسرائيل أيا منها، وبالنسبة للغواصات لدى تركيا 13 غواصة في حين لدى إسرائيل 5 غواصات فقط.
قوى خارج التصنيف
وإلى جانب البيانات التي يتضمنها تصنيف غلوبال فاير باور فإن كلا الطرفين يمتلك مقومات قوى إضافية من الممكن أن ترجّح ميزان القوة لصالحه وفق مراقبين.
مسيّرات ومقاتلات شبحية
تملك تركيا مخزونا كبيرا من الطائرات المسيرة المتطورة يقدر عددها بالآلاف ومن طرازات متنوعة أشهرها 'بيرقدار تي بي 2' (Bayraktar TB2) و'بيرقدار تي بي 3' (Bayraktar TB3)، و'بيرقدار أكينجي' (Bayraktar Akinci) الأكبر حجما، وكذلك تسعى لتطوير مقاتلتها النفاثة المسيرة الجديدة بيرقدار قيزل إلما أو (التفاحة الحمراء)، بالإضافة إلى مسيرات أخرى مثل 'أنكا' و'سوبر شيمشيك' و'غوكهون' وغيرها.
وبرز دور تلك المسيرات بشكل كبير خلال الحروب والمواجهات العسكرية التي حصلت خلال السنوات الماضية خاصة بين أذربيجان وأرمينيا؛ إذ رجّحت الكفة عسكريا لصالح باكو، كما أنها دعمت أوكرانيا بمواجهة روسيا خلال الحرب المستمرة بينهما منذ 3 سنوات.
ويعول على تلك المسيرات أن يكون لها دور كبير في أي مواجهة محتملة مع إسرائيل، خاصة أن تركيا باتت من الدول المتقدمة عالميا في صناعتها وتقوم بتصديرها إلى عدد من الدول بعضها أوروبية.
بالمقابل تمتلك تل أبيب طائراتها المسيرة المتقدمة أيضا، إلا أن ما يميز سلاحها الجوي هو طائراتها القتالية الشبحية المتطورة وأبرزها 'إف-35 أدير' (F-35 Adir) التي توصف بالأكثر تطورا على مستوى العالم ومقاتلتا 'إف-16″ (F-16) و'إف-15' (F-15) وغيرها والتي تستخدمها في شن غاراتها على دول المنطقة.
وبرزت تلك الطائرات أيضا خلال المواجهة التي اندلعت مع إيران في يونيو/حزيران الماضي، حيث ادّعت إسرائيل أنها سيطرت بشكل كامل على المجال الجوي الإيراني بعد استهدافها منظومات الدفاع الجوي وقصفت أهدافا إستراتيجية وفي مقدمتها المنشآت النووية الإيرانية.
دفاع جوي متعدد المستويات
تمتلك تركيا أنظمة دفاع جوي متنوعة بعضها محلية الصنع وأخرى أجنبية أبرزها منظومة 'إس 400' (S400) الروسية المتطورة التي أثار شراؤها من جانب أنقرة قبل أعوام أزمة مع الولايات المتحدة بسبب مخاطر تتعلق بالمخاوف من إمكانية حصول موسكو على معلومات عن قدرات الناتو العسكرية كون تركيا عضوا أساسيا في الحلف أيضا.
وإس 400 تعد منظومة دفاع جوي روسية بعيدة ومتعدّدة الطبقات قادرة على اعتراض أهداف جوية وطائرات وصواريخ (بما في ذلك بعض الصواريخ الباليستية التكتيكية) باستخدام عدة أنواع من الصواريخ ذات مديات مختلفة.
من جانبها تملك إسرائيل منظومات دفاع جوي متطورة ومتعددة المستويات تستخدمها في التصدي للهجمات الصاروخية التي تتعرض لها من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية بغزة واستخدمتها ضد صواريخ ومسيرات حزب الله اللبناني، كما تعترض بها صواريخ تستهدفها بشكل دوري من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، وكذلك كان لها دور كبير خلال المواجهة الأخيرة مع إيران رغم فشلها في التصدي لعدد جيد من الصواريخ الإيرانية بعيدة المدة.
وأبرز هذه المنظومات منظومة السهم 'آرو-3' المتخصصة باعتراض الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوي لكوكب الأرض ومقلاع داود النظام الصاروخي قصير ومتوسط المدى وأيضا القبة الحديدية لصد الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية وكذلك منظومة ثاد الأميركية لاعتراض وتدمير الصواريخ الباليستية ذات المدى القصير والمتوسط وفوق المتوسط خلال المرحلة النهائية من تحليقها.
'الخيار شمشون'
ولا يمكن طبعا إغفال السلاح النووي الإسرائيلي من ميزان القوة رغم أنه لم يندرج ضمن بيانات التصنيف العالمي، إذ تُعد تل أبيب -وفق مصادر رسمية وغير رسمية- قوة نووية لحيازتها رؤوسا نووية محمولة على صواريخ يصل مداها إلى 1500 كيلومتر، إضافة للقنابل النووية التي يمكن إلقاؤها من الجو.
وتؤكد بعض المصادر الغربية أن إسرائيل قد خزّنت كميات كبيرة من اليورانيوم والبلوتونيوم تمكّنها من إنتاج ما يصل إلى 100 قنبلة نووية إضافية، فضلا عن امتلاكها أكثر من 200 قنبلة نووية جاهزة.
ويستخدم عادة مصطلح 'الخيار شمشون' للإشارة إلى الرد النووي الإسرائيلي المحتمل والشامل في حال واجهت إسرائيل تهديدا وجوديا.
ليست العامل الوحيد للحسم
ويبقى كل ما ذكر آنفا أرقاما وإحصائيات تعمل بعض الدول على إخفاء أجزاء منها كونها تعتبرها أسرارا عسكرية لذا من الصعب أن تحكم على مسار المعركة من ميزان القوى لوحده أو عدد القوات وعتادها، وفق الخبير العسكري وليد العيسى.
ويضيف العيسى للجزيرة نت أن القوى العسكرية صحيح أنها تعتبر عاملا كبيرا مساهما ومهما في الانتصار وحسم الحروب والمواجهة إلا أنها ليست كل شيء وأقرب مثال على ذلك رجحان ميزان القوى العسكرية لصالح إسرائيل مقارنة بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومع ذلك لم تتمكن من الحسم عسكريا منذ نحو عامين من القصف والتدمير والقتال والدعم اللوجيستي غير المحدود من قبل الولايات المتحدة وعدد من الدول.
ويضيف الخبير العسكري أن الانتصار في الحروب يتعلق إلى جانب القوة العسكرية بعوامل أساسية أخرى مثل العقيدة القتالية وقيادة المعركة وعنصر المفاجأة والدعم اللوجيستي والتحالفات وغيرها من العوامل التي تتحكم بالأداء على الأرض.
احتمالات المواجهة
أما عن احتمالات المواجهة بين تركيا وإسرائيل بالنظر إلى التوترات المتصاعدة بينهما، فيقول العقيد فايز الأسمر الخبير العسكري والإستراتيجي إن التوترات بين الطرفين منشأها خلافات وتضارب مصالح وخاصة الأمنية منها بعدد من الملفات، وأشار إلى أن الملف السوري يعد مهما وإستراتيجيا بالنسبة لكل من أنقرة وتل أبيب وكلاهما ينظر إليه من زوايا متباينة.
ورغم ذلك يستبعد الأسمر أن تؤدي هذه التوترات لمواجهة عسكرية مباشرة، خصوصا أن واشنطن والغرب سيعملان على لجم أي تطورات وسيتدخلان بكل قوة لمنع أي مواجهة محتملة بين الجانبين، خاصة أن تركيا عضو فعّال في حلف الناتو وهذا بحد ذاته سيكون له ارتدادات على الحلف في حال نشوب أي صراع محتمل مع إسرائيل.
وفي حال نشوب مثل تلك المواجهة بين الطرفين الذين لا تجمعهما حدود برية مشتركة، يكمل الأسمر، فإن هنالك استبعادا لسلاح الدبابات والمدرعات والمشاة والمدفعية من ميزان القوى وستكون المواجهات بينهما مقتصرة على الغارات الجوية والصاروخية والمسيرات التدميرية بعيدة المدى وربما مواجهات بحرية محدودة.
ويستدرك بالقول إنه لا شك أن إسرائيل تمتلك قوة جوية وطائرات حديثة من الجيل الخامس في مقدمتها إف 35 الشبحية قادرة على ضرب أهداف في العمق التركي ولكن بالمقابل تمتلك تركيا قدرات جوية ودفاع جوي متقدمة منها منظومات إس 400 الروسية وغيرها، كما من المحتمل أيضا أن تزود إيران أنقرة في حال حدوث المواجهة بصواريخ باليستية ومسيرات هجومية مثلما زودت موسكو بها خلال الحرب مع أوكرانيا.
ويرى الخبير العسكري أن القوة الجوية وحدها لا تستطيع حسم أي معركة إلا أن تطور الأحداث من الممكن أن يفتح المجال في مرحلة من المراحل لتكون الأراضي السورية مسرحا لمواجهات برية عابرة للحدود رغم أن هذا الاحتمال بعيد التحقق.
الجزيرة
التعليقات