أخبار اليوم - لفتا قرية تقع على البوابة الغربية لمدينة القدس، وتبعد عن المسجد الأقصى المبارك بنحو 5 كيلومترات فقط. يعود تأسيسها إلى ما قبل ميلاد المسيح عليه السلام، وعلى عكس باقي القرى المجاورة لها، فشلت العصابات الصهيونية المسلحة في تدميرها رغم هجماتها المبكرة عليها قبيل نكبة 1948.
في عام 2018 صنفها الصندوق العالمي لحماية الآثار ضمن قائمة المواقع الـ25 الأكثر عرضة للخطر عالميا بسبب المخاطر التي تهدد هويتها التاريخية والمعمارية.
الموقع
أقيمت قرية لِفتا فوق سفح مرتفع من جبال القدس، وتحور اسمها عبر العصور، إذ سميت في عهد الكنعانيين 'تفوح'، و'تفتو' في الفترة البيزنطية، ثم 'كليبستا' أثناء الاحتلال الصليبي، إلى أن استقرت على اسم 'لفتا' في سجلات المحكمة الشرعية بالقدس في القرن الـ12 الميلادي.
تمتد لفتا إلى الجنوب من وادي الشامي على مساحة تبلغ 8743 دونما (الدونم يعادل ألف متر مربع)، مما جعلها ثاني كبريات قرى القدس قبل احتلالها، ويقدر ارتفاعها عن سطح البحر بنحو 700 متر.
تحدها من الشمال بيت حنينا وشعفاط والعيساوية، ومن الجنوب دير ياسين التي ارتكبت فيها العصابات الصهيونية مجزرة عام 1948، ومن الغرب بيت إكسا وقالونيا، ومن الشرق يقابلها سفح جبل الزيتون.
شكلت لفتا بموقعها الإستراتيجي بوابة القدس الغربية، إذ لا تبعد عن المسجد الأقصى سوى نحو 5 كيلومترات، كما يمر إلى الجنوب الغربي منها الطريق الرابط بين القدس ويافا المتجه نحو الساحل الفلسطيني.
كانت لفتا من أولى القرى المقدسية التي وقعت تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، ثم استكمل احتلالها بعد نكسة 1976، وأقام على أنقاضها مستوطنات عدة، من أبرزها: 'مي نفتواح' و'جفعات شاؤول' و'روميما' و'رامات أشكول' و'راموت' و'جعفات هتحموشت'.
كما أنشأ الاحتلال على أراضيها مجموعة من المؤسسات الرسمية من بينها مبنى الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، الذي أقيم على أراضي حي الشيخ بدر التابع للقرية، إضافة إلى الجامعة العبرية ومستشفى هداسا ومحطة الحافلات المركزية.
السكان
عاش في القرية قبل نكبة 1948 أكثر من 2500 نسمة موزعين على نحو 600 منزل، كان معظمهم من المسلمين، في حين لم تتجاوز أعداد المسيحيين 20 فردا آنذاك.
تشير الوثائق التاريخية إلى أن سكان لفتا ينتمون إلى خمسة جذور عائلية رئيسية (تعرف محليا بالحمايل)، وهي: حمولة سعد التي كانت الأكبر من حيث العدد، وحمولة العيدة والغبن والصفران ومقبل.
أنجبت الحمايل أجيالا ما زالت تحتفظ بوثائق تعود إلى ما قبل العهد العثماني تثبت ملكيتها أراضي ومنازل القرية، ولجأت العائلات منذ التهجير إلى مناطق عدة من أبرزها القدس ورام الله والأردن.
اعتمد سكانها في معيشتهم بشكل أساسي على الزراعة، وخاصة الحبوب والخضار والأشجار المثمرة، وتشير سجلات رسمية تعود لعام 1945 إلى أن الحبوب كانت تغطي ما مساحته 3248 دونما من أراضي القرية، إلى جانب نحو 1100 دونم من أشجار الزيتون.
كما أولى أهالي لفتا التعليم اهتماما كبيرا، فأسسوا مدرسة للبنين عام 1929 وأخرى للإناث عام 1945. وبلغ عدد الدارسين في صفوف الذكور عام 1940 نحو 300 طالب من القرية والجوار، وتولى إدارة المدرسة كل من عيسى أهرم وكمال الريماوي، وكان من بين المعلمين فيها صالح عدوي وفؤاد أبو السعود وفؤاد ارياحي.
حضارة عريقة
تعبر الآثار المكتشفة في لفتا عن ملامح الحياة فيها قبل النكبة، إذ كشفت الأبحاث الأثرية عن أكثر من 10 مستويات تاريخية تعود إلى عصور عدة، من بينها العصر الحجري والحديدي والبرونزي.
كما تظهر علامات الحداثة في القرية في منتصف الأربعينيات من القرن العشرين، فقد ضمت مدرستين ومقهيين وناديا اجتماعيا.
وتميزت منازلها بطراز معماري فريد، بني معظمها بالحجارة بشكل دائري أو شبه دائري ليتناسب مع طبيعة المنحدرات التي تقوم عليها، ورغم الدمار الذي لحق بمباني القرية، بقيت نحو 75 منها قائمة دون أن تردم كلها.
ومن أبرز معالم القرية:
مسجد سيف الدين
يتكون من غرفتين تبلغ مساحة إحداهما 60 مترا مربعا، وأطلق عليه اسم سيف الدين نسبة لأحد قادة جيش صلاح الدين الأيوبي، الذي استقر في القرية بعد انتصار المماليك في معركة عين جالوت، وأوقف ربع أراضي القرية لصالح المسجد والمقبرة.
مقبرة لفتا
دمر الاحتلال الإسرائيلي معظمها في نكبة 1948، ولم يبق من آثارها سوى القليل على السفح الغربي للقرية.
عين لفتا
تتوسط القرية وتزودها بالماء طوال العام، مما منحها خضرة دائمة.
خان الظاهر بيبرس
هو خان محاط بالحدائق والبساتين، يقع في الجزء الشرقي من أراضي حي الشيخ بدر، أقامه السلطان الظاهر بيبرس في القرن الثالث عشر مركزا لاستراحة المسافرين نظرا لموقع لفتا الإستراتيجي.
المدرسة الأميرية
تأسست مدرسة لفتا للبنين عام 1929، وكانت تتشكل من 3 غرف تلقن التلاميذ حتى الصف الثالث، ثم توسعت لاحقا لاستيعاب الطلاب حتى الصف السابع.
معاصر الزيتون
ضمت لفتا أكثر من 4 معاصر للزيتون، وكان من أشهرها معصرة آل الحاج، التي كانت تمد أهلها وأهل القرى المجاورة بزيت الزيتون.
خربة كيكا والجفافة والبرج
تتوزع هذه الآثار في محيط القرية، ويعود بناؤها إلى العصر الروماني.
حرب وتهجير
استهدفت المنظمات الصهيونية لفتا مبكرا في نكبة 1948، وبدأت الاعتداءات عليها يوم 28 ديسمبر/كانون الأول 1947 بتنفيذ أفراد من منظمة شترين الإسرائيلية المتطرفة هجوما على مقهى المقدسي صالح عيسى مستخدمين رشاشات وقنابل يدوية، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 5 فلسطينيين وإصابة آخرين.
وفي 11 يناير/كانون الثاني 1948 فجرت منظمة الهاغاناه منزل مختار حي الشيخ بدر في القرية، ثم دمرت بعد يومين نحو 20 منزلا وألحقت أضرارا بالباقي، مجبرة السكان على الهجرة.
رحل معظم سكان لفتا عقب الهجوم الأول على المقهى، ثم تبعهم الباقون مع تصاعد الهجمات المتتالية عليها وعلى القرى المجاورة.
أقامت الهاغاناه معسكرا في القرية عقب احتلالها، وشرعت في تدمير معالمها بالجرافات، وأنشأت على أنقاضها مستوطنة 'مي نفتوح'، في حين احتلت إسرائيل ما تبقى من أراضي لفتا أثناء نكسة 1967.
في مطلع فبراير/شباط 1948 زار رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك ديفيد بن غوريون القدس، وقال 'إذا دخلتم القدس عبر لفتا.. فإنكم لن تجدوا غريبا واحدا، أشعر الآن أنني في مدينة عبرية'.
استغلت الحكومة الإسرائيلية موقع لفتا الإستراتيجي، فأسست المباني الحكومية والمرافق الحيوية مثل مبنى الكنيست والمشافي والجامعات والمنشآت الرياضية والفنادق.
كما طورت شبكة طرق رئيسية من أبرزها شارع رقم 1 الذي يربط القدس بالساحل الفلسطيني، وأنشأت خطوط سكة حديدية للتنقل من المدينة وإليها.
لفتا في المزاد الإسرائيلي
كشفت الصحف الإسرائيلية عام 2004 عن مخطط استيطاني يستهدف قرية لفتا، وضع أسسه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون في منتصف تسعينيات القرن العشرين.
يقضي المخطط -الذي يحمل رقم 6036- بإنشاء ما يقارب 250 وحدة استيطانية فاخرة على مساحة تقدر بنحو 456 دونما من أراضي القرية، مع زعم 'الحفاظ على المباني المتبقية من القرية وترميمها' أثناء التنفيذ.
وافقت الحكومة الإسرائيلية على الخطة عام 2006، مما دفع هيئة الأراضي الإسرائيلية إلى إدراج القرية في مزاد علني موجه للشركات الخاصة ضمن رؤية تستهدف جذب الأثرياء اليهود للإقامة فيها.
أوقفت المحكمة المزاد 'مؤقتا' عام 2012 على خلفية ضغوط من أهالي القرية المهجرين وشخصيات إسرائيليّة يسارية، وأمرت بإجراء مسح أثري شامل للمنطقة.
أكد المسح التاريخي والجغرافي الذي شمل نحو 73 وحدة في القرية، صحة مخاوف أهلها بشأن هشاشة منشآت القرية ومنابع المياه أمام جرافات الاحتلال وأدوات البناء في حال تنفيذ المخطط.
أعادت هيئة الأراضي بعد نحو عشر سنوات طرح القرية في مزاد علني، مما دفع أهاليها المهجرين لمواجهة المخطط الاستيطاني في المحاكم مجددا.
في عام 2021 افتتح مستوطن فندقا فخما في أحد بيوت لفتا، وأطلق عليه اسم 'لفتا بوتيك'، وسوّقه على أنه يقع 'في قلب محمية طبيعية على مشارف القدس'.
كما سيّجت السلطات الإسرائيلية حدود لفتا في العام ذاته بعد قرار أصدرته محاكم الاحتلال يمنع الاقتراب من القرية.
أخبار اليوم - لفتا قرية تقع على البوابة الغربية لمدينة القدس، وتبعد عن المسجد الأقصى المبارك بنحو 5 كيلومترات فقط. يعود تأسيسها إلى ما قبل ميلاد المسيح عليه السلام، وعلى عكس باقي القرى المجاورة لها، فشلت العصابات الصهيونية المسلحة في تدميرها رغم هجماتها المبكرة عليها قبيل نكبة 1948.
في عام 2018 صنفها الصندوق العالمي لحماية الآثار ضمن قائمة المواقع الـ25 الأكثر عرضة للخطر عالميا بسبب المخاطر التي تهدد هويتها التاريخية والمعمارية.
الموقع
أقيمت قرية لِفتا فوق سفح مرتفع من جبال القدس، وتحور اسمها عبر العصور، إذ سميت في عهد الكنعانيين 'تفوح'، و'تفتو' في الفترة البيزنطية، ثم 'كليبستا' أثناء الاحتلال الصليبي، إلى أن استقرت على اسم 'لفتا' في سجلات المحكمة الشرعية بالقدس في القرن الـ12 الميلادي.
تمتد لفتا إلى الجنوب من وادي الشامي على مساحة تبلغ 8743 دونما (الدونم يعادل ألف متر مربع)، مما جعلها ثاني كبريات قرى القدس قبل احتلالها، ويقدر ارتفاعها عن سطح البحر بنحو 700 متر.
تحدها من الشمال بيت حنينا وشعفاط والعيساوية، ومن الجنوب دير ياسين التي ارتكبت فيها العصابات الصهيونية مجزرة عام 1948، ومن الغرب بيت إكسا وقالونيا، ومن الشرق يقابلها سفح جبل الزيتون.
شكلت لفتا بموقعها الإستراتيجي بوابة القدس الغربية، إذ لا تبعد عن المسجد الأقصى سوى نحو 5 كيلومترات، كما يمر إلى الجنوب الغربي منها الطريق الرابط بين القدس ويافا المتجه نحو الساحل الفلسطيني.
كانت لفتا من أولى القرى المقدسية التي وقعت تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، ثم استكمل احتلالها بعد نكسة 1976، وأقام على أنقاضها مستوطنات عدة، من أبرزها: 'مي نفتواح' و'جفعات شاؤول' و'روميما' و'رامات أشكول' و'راموت' و'جعفات هتحموشت'.
كما أنشأ الاحتلال على أراضيها مجموعة من المؤسسات الرسمية من بينها مبنى الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، الذي أقيم على أراضي حي الشيخ بدر التابع للقرية، إضافة إلى الجامعة العبرية ومستشفى هداسا ومحطة الحافلات المركزية.
السكان
عاش في القرية قبل نكبة 1948 أكثر من 2500 نسمة موزعين على نحو 600 منزل، كان معظمهم من المسلمين، في حين لم تتجاوز أعداد المسيحيين 20 فردا آنذاك.
تشير الوثائق التاريخية إلى أن سكان لفتا ينتمون إلى خمسة جذور عائلية رئيسية (تعرف محليا بالحمايل)، وهي: حمولة سعد التي كانت الأكبر من حيث العدد، وحمولة العيدة والغبن والصفران ومقبل.
أنجبت الحمايل أجيالا ما زالت تحتفظ بوثائق تعود إلى ما قبل العهد العثماني تثبت ملكيتها أراضي ومنازل القرية، ولجأت العائلات منذ التهجير إلى مناطق عدة من أبرزها القدس ورام الله والأردن.
اعتمد سكانها في معيشتهم بشكل أساسي على الزراعة، وخاصة الحبوب والخضار والأشجار المثمرة، وتشير سجلات رسمية تعود لعام 1945 إلى أن الحبوب كانت تغطي ما مساحته 3248 دونما من أراضي القرية، إلى جانب نحو 1100 دونم من أشجار الزيتون.
كما أولى أهالي لفتا التعليم اهتماما كبيرا، فأسسوا مدرسة للبنين عام 1929 وأخرى للإناث عام 1945. وبلغ عدد الدارسين في صفوف الذكور عام 1940 نحو 300 طالب من القرية والجوار، وتولى إدارة المدرسة كل من عيسى أهرم وكمال الريماوي، وكان من بين المعلمين فيها صالح عدوي وفؤاد أبو السعود وفؤاد ارياحي.
حضارة عريقة
تعبر الآثار المكتشفة في لفتا عن ملامح الحياة فيها قبل النكبة، إذ كشفت الأبحاث الأثرية عن أكثر من 10 مستويات تاريخية تعود إلى عصور عدة، من بينها العصر الحجري والحديدي والبرونزي.
كما تظهر علامات الحداثة في القرية في منتصف الأربعينيات من القرن العشرين، فقد ضمت مدرستين ومقهيين وناديا اجتماعيا.
وتميزت منازلها بطراز معماري فريد، بني معظمها بالحجارة بشكل دائري أو شبه دائري ليتناسب مع طبيعة المنحدرات التي تقوم عليها، ورغم الدمار الذي لحق بمباني القرية، بقيت نحو 75 منها قائمة دون أن تردم كلها.
ومن أبرز معالم القرية:
مسجد سيف الدين
يتكون من غرفتين تبلغ مساحة إحداهما 60 مترا مربعا، وأطلق عليه اسم سيف الدين نسبة لأحد قادة جيش صلاح الدين الأيوبي، الذي استقر في القرية بعد انتصار المماليك في معركة عين جالوت، وأوقف ربع أراضي القرية لصالح المسجد والمقبرة.
مقبرة لفتا
دمر الاحتلال الإسرائيلي معظمها في نكبة 1948، ولم يبق من آثارها سوى القليل على السفح الغربي للقرية.
عين لفتا
تتوسط القرية وتزودها بالماء طوال العام، مما منحها خضرة دائمة.
خان الظاهر بيبرس
هو خان محاط بالحدائق والبساتين، يقع في الجزء الشرقي من أراضي حي الشيخ بدر، أقامه السلطان الظاهر بيبرس في القرن الثالث عشر مركزا لاستراحة المسافرين نظرا لموقع لفتا الإستراتيجي.
المدرسة الأميرية
تأسست مدرسة لفتا للبنين عام 1929، وكانت تتشكل من 3 غرف تلقن التلاميذ حتى الصف الثالث، ثم توسعت لاحقا لاستيعاب الطلاب حتى الصف السابع.
معاصر الزيتون
ضمت لفتا أكثر من 4 معاصر للزيتون، وكان من أشهرها معصرة آل الحاج، التي كانت تمد أهلها وأهل القرى المجاورة بزيت الزيتون.
خربة كيكا والجفافة والبرج
تتوزع هذه الآثار في محيط القرية، ويعود بناؤها إلى العصر الروماني.
حرب وتهجير
استهدفت المنظمات الصهيونية لفتا مبكرا في نكبة 1948، وبدأت الاعتداءات عليها يوم 28 ديسمبر/كانون الأول 1947 بتنفيذ أفراد من منظمة شترين الإسرائيلية المتطرفة هجوما على مقهى المقدسي صالح عيسى مستخدمين رشاشات وقنابل يدوية، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 5 فلسطينيين وإصابة آخرين.
وفي 11 يناير/كانون الثاني 1948 فجرت منظمة الهاغاناه منزل مختار حي الشيخ بدر في القرية، ثم دمرت بعد يومين نحو 20 منزلا وألحقت أضرارا بالباقي، مجبرة السكان على الهجرة.
رحل معظم سكان لفتا عقب الهجوم الأول على المقهى، ثم تبعهم الباقون مع تصاعد الهجمات المتتالية عليها وعلى القرى المجاورة.
أقامت الهاغاناه معسكرا في القرية عقب احتلالها، وشرعت في تدمير معالمها بالجرافات، وأنشأت على أنقاضها مستوطنة 'مي نفتوح'، في حين احتلت إسرائيل ما تبقى من أراضي لفتا أثناء نكسة 1967.
في مطلع فبراير/شباط 1948 زار رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك ديفيد بن غوريون القدس، وقال 'إذا دخلتم القدس عبر لفتا.. فإنكم لن تجدوا غريبا واحدا، أشعر الآن أنني في مدينة عبرية'.
استغلت الحكومة الإسرائيلية موقع لفتا الإستراتيجي، فأسست المباني الحكومية والمرافق الحيوية مثل مبنى الكنيست والمشافي والجامعات والمنشآت الرياضية والفنادق.
كما طورت شبكة طرق رئيسية من أبرزها شارع رقم 1 الذي يربط القدس بالساحل الفلسطيني، وأنشأت خطوط سكة حديدية للتنقل من المدينة وإليها.
لفتا في المزاد الإسرائيلي
كشفت الصحف الإسرائيلية عام 2004 عن مخطط استيطاني يستهدف قرية لفتا، وضع أسسه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون في منتصف تسعينيات القرن العشرين.
يقضي المخطط -الذي يحمل رقم 6036- بإنشاء ما يقارب 250 وحدة استيطانية فاخرة على مساحة تقدر بنحو 456 دونما من أراضي القرية، مع زعم 'الحفاظ على المباني المتبقية من القرية وترميمها' أثناء التنفيذ.
وافقت الحكومة الإسرائيلية على الخطة عام 2006، مما دفع هيئة الأراضي الإسرائيلية إلى إدراج القرية في مزاد علني موجه للشركات الخاصة ضمن رؤية تستهدف جذب الأثرياء اليهود للإقامة فيها.
أوقفت المحكمة المزاد 'مؤقتا' عام 2012 على خلفية ضغوط من أهالي القرية المهجرين وشخصيات إسرائيليّة يسارية، وأمرت بإجراء مسح أثري شامل للمنطقة.
أكد المسح التاريخي والجغرافي الذي شمل نحو 73 وحدة في القرية، صحة مخاوف أهلها بشأن هشاشة منشآت القرية ومنابع المياه أمام جرافات الاحتلال وأدوات البناء في حال تنفيذ المخطط.
أعادت هيئة الأراضي بعد نحو عشر سنوات طرح القرية في مزاد علني، مما دفع أهاليها المهجرين لمواجهة المخطط الاستيطاني في المحاكم مجددا.
في عام 2021 افتتح مستوطن فندقا فخما في أحد بيوت لفتا، وأطلق عليه اسم 'لفتا بوتيك'، وسوّقه على أنه يقع 'في قلب محمية طبيعية على مشارف القدس'.
كما سيّجت السلطات الإسرائيلية حدود لفتا في العام ذاته بعد قرار أصدرته محاكم الاحتلال يمنع الاقتراب من القرية.
أخبار اليوم - لفتا قرية تقع على البوابة الغربية لمدينة القدس، وتبعد عن المسجد الأقصى المبارك بنحو 5 كيلومترات فقط. يعود تأسيسها إلى ما قبل ميلاد المسيح عليه السلام، وعلى عكس باقي القرى المجاورة لها، فشلت العصابات الصهيونية المسلحة في تدميرها رغم هجماتها المبكرة عليها قبيل نكبة 1948.
في عام 2018 صنفها الصندوق العالمي لحماية الآثار ضمن قائمة المواقع الـ25 الأكثر عرضة للخطر عالميا بسبب المخاطر التي تهدد هويتها التاريخية والمعمارية.
الموقع
أقيمت قرية لِفتا فوق سفح مرتفع من جبال القدس، وتحور اسمها عبر العصور، إذ سميت في عهد الكنعانيين 'تفوح'، و'تفتو' في الفترة البيزنطية، ثم 'كليبستا' أثناء الاحتلال الصليبي، إلى أن استقرت على اسم 'لفتا' في سجلات المحكمة الشرعية بالقدس في القرن الـ12 الميلادي.
تمتد لفتا إلى الجنوب من وادي الشامي على مساحة تبلغ 8743 دونما (الدونم يعادل ألف متر مربع)، مما جعلها ثاني كبريات قرى القدس قبل احتلالها، ويقدر ارتفاعها عن سطح البحر بنحو 700 متر.
تحدها من الشمال بيت حنينا وشعفاط والعيساوية، ومن الجنوب دير ياسين التي ارتكبت فيها العصابات الصهيونية مجزرة عام 1948، ومن الغرب بيت إكسا وقالونيا، ومن الشرق يقابلها سفح جبل الزيتون.
شكلت لفتا بموقعها الإستراتيجي بوابة القدس الغربية، إذ لا تبعد عن المسجد الأقصى سوى نحو 5 كيلومترات، كما يمر إلى الجنوب الغربي منها الطريق الرابط بين القدس ويافا المتجه نحو الساحل الفلسطيني.
كانت لفتا من أولى القرى المقدسية التي وقعت تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، ثم استكمل احتلالها بعد نكسة 1976، وأقام على أنقاضها مستوطنات عدة، من أبرزها: 'مي نفتواح' و'جفعات شاؤول' و'روميما' و'رامات أشكول' و'راموت' و'جعفات هتحموشت'.
كما أنشأ الاحتلال على أراضيها مجموعة من المؤسسات الرسمية من بينها مبنى الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، الذي أقيم على أراضي حي الشيخ بدر التابع للقرية، إضافة إلى الجامعة العبرية ومستشفى هداسا ومحطة الحافلات المركزية.
السكان
عاش في القرية قبل نكبة 1948 أكثر من 2500 نسمة موزعين على نحو 600 منزل، كان معظمهم من المسلمين، في حين لم تتجاوز أعداد المسيحيين 20 فردا آنذاك.
تشير الوثائق التاريخية إلى أن سكان لفتا ينتمون إلى خمسة جذور عائلية رئيسية (تعرف محليا بالحمايل)، وهي: حمولة سعد التي كانت الأكبر من حيث العدد، وحمولة العيدة والغبن والصفران ومقبل.
أنجبت الحمايل أجيالا ما زالت تحتفظ بوثائق تعود إلى ما قبل العهد العثماني تثبت ملكيتها أراضي ومنازل القرية، ولجأت العائلات منذ التهجير إلى مناطق عدة من أبرزها القدس ورام الله والأردن.
اعتمد سكانها في معيشتهم بشكل أساسي على الزراعة، وخاصة الحبوب والخضار والأشجار المثمرة، وتشير سجلات رسمية تعود لعام 1945 إلى أن الحبوب كانت تغطي ما مساحته 3248 دونما من أراضي القرية، إلى جانب نحو 1100 دونم من أشجار الزيتون.
كما أولى أهالي لفتا التعليم اهتماما كبيرا، فأسسوا مدرسة للبنين عام 1929 وأخرى للإناث عام 1945. وبلغ عدد الدارسين في صفوف الذكور عام 1940 نحو 300 طالب من القرية والجوار، وتولى إدارة المدرسة كل من عيسى أهرم وكمال الريماوي، وكان من بين المعلمين فيها صالح عدوي وفؤاد أبو السعود وفؤاد ارياحي.
حضارة عريقة
تعبر الآثار المكتشفة في لفتا عن ملامح الحياة فيها قبل النكبة، إذ كشفت الأبحاث الأثرية عن أكثر من 10 مستويات تاريخية تعود إلى عصور عدة، من بينها العصر الحجري والحديدي والبرونزي.
كما تظهر علامات الحداثة في القرية في منتصف الأربعينيات من القرن العشرين، فقد ضمت مدرستين ومقهيين وناديا اجتماعيا.
وتميزت منازلها بطراز معماري فريد، بني معظمها بالحجارة بشكل دائري أو شبه دائري ليتناسب مع طبيعة المنحدرات التي تقوم عليها، ورغم الدمار الذي لحق بمباني القرية، بقيت نحو 75 منها قائمة دون أن تردم كلها.
ومن أبرز معالم القرية:
مسجد سيف الدين
يتكون من غرفتين تبلغ مساحة إحداهما 60 مترا مربعا، وأطلق عليه اسم سيف الدين نسبة لأحد قادة جيش صلاح الدين الأيوبي، الذي استقر في القرية بعد انتصار المماليك في معركة عين جالوت، وأوقف ربع أراضي القرية لصالح المسجد والمقبرة.
مقبرة لفتا
دمر الاحتلال الإسرائيلي معظمها في نكبة 1948، ولم يبق من آثارها سوى القليل على السفح الغربي للقرية.
عين لفتا
تتوسط القرية وتزودها بالماء طوال العام، مما منحها خضرة دائمة.
خان الظاهر بيبرس
هو خان محاط بالحدائق والبساتين، يقع في الجزء الشرقي من أراضي حي الشيخ بدر، أقامه السلطان الظاهر بيبرس في القرن الثالث عشر مركزا لاستراحة المسافرين نظرا لموقع لفتا الإستراتيجي.
المدرسة الأميرية
تأسست مدرسة لفتا للبنين عام 1929، وكانت تتشكل من 3 غرف تلقن التلاميذ حتى الصف الثالث، ثم توسعت لاحقا لاستيعاب الطلاب حتى الصف السابع.
معاصر الزيتون
ضمت لفتا أكثر من 4 معاصر للزيتون، وكان من أشهرها معصرة آل الحاج، التي كانت تمد أهلها وأهل القرى المجاورة بزيت الزيتون.
خربة كيكا والجفافة والبرج
تتوزع هذه الآثار في محيط القرية، ويعود بناؤها إلى العصر الروماني.
حرب وتهجير
استهدفت المنظمات الصهيونية لفتا مبكرا في نكبة 1948، وبدأت الاعتداءات عليها يوم 28 ديسمبر/كانون الأول 1947 بتنفيذ أفراد من منظمة شترين الإسرائيلية المتطرفة هجوما على مقهى المقدسي صالح عيسى مستخدمين رشاشات وقنابل يدوية، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 5 فلسطينيين وإصابة آخرين.
وفي 11 يناير/كانون الثاني 1948 فجرت منظمة الهاغاناه منزل مختار حي الشيخ بدر في القرية، ثم دمرت بعد يومين نحو 20 منزلا وألحقت أضرارا بالباقي، مجبرة السكان على الهجرة.
رحل معظم سكان لفتا عقب الهجوم الأول على المقهى، ثم تبعهم الباقون مع تصاعد الهجمات المتتالية عليها وعلى القرى المجاورة.
أقامت الهاغاناه معسكرا في القرية عقب احتلالها، وشرعت في تدمير معالمها بالجرافات، وأنشأت على أنقاضها مستوطنة 'مي نفتوح'، في حين احتلت إسرائيل ما تبقى من أراضي لفتا أثناء نكسة 1967.
في مطلع فبراير/شباط 1948 زار رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك ديفيد بن غوريون القدس، وقال 'إذا دخلتم القدس عبر لفتا.. فإنكم لن تجدوا غريبا واحدا، أشعر الآن أنني في مدينة عبرية'.
استغلت الحكومة الإسرائيلية موقع لفتا الإستراتيجي، فأسست المباني الحكومية والمرافق الحيوية مثل مبنى الكنيست والمشافي والجامعات والمنشآت الرياضية والفنادق.
كما طورت شبكة طرق رئيسية من أبرزها شارع رقم 1 الذي يربط القدس بالساحل الفلسطيني، وأنشأت خطوط سكة حديدية للتنقل من المدينة وإليها.
لفتا في المزاد الإسرائيلي
كشفت الصحف الإسرائيلية عام 2004 عن مخطط استيطاني يستهدف قرية لفتا، وضع أسسه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون في منتصف تسعينيات القرن العشرين.
يقضي المخطط -الذي يحمل رقم 6036- بإنشاء ما يقارب 250 وحدة استيطانية فاخرة على مساحة تقدر بنحو 456 دونما من أراضي القرية، مع زعم 'الحفاظ على المباني المتبقية من القرية وترميمها' أثناء التنفيذ.
وافقت الحكومة الإسرائيلية على الخطة عام 2006، مما دفع هيئة الأراضي الإسرائيلية إلى إدراج القرية في مزاد علني موجه للشركات الخاصة ضمن رؤية تستهدف جذب الأثرياء اليهود للإقامة فيها.
أوقفت المحكمة المزاد 'مؤقتا' عام 2012 على خلفية ضغوط من أهالي القرية المهجرين وشخصيات إسرائيليّة يسارية، وأمرت بإجراء مسح أثري شامل للمنطقة.
أكد المسح التاريخي والجغرافي الذي شمل نحو 73 وحدة في القرية، صحة مخاوف أهلها بشأن هشاشة منشآت القرية ومنابع المياه أمام جرافات الاحتلال وأدوات البناء في حال تنفيذ المخطط.
أعادت هيئة الأراضي بعد نحو عشر سنوات طرح القرية في مزاد علني، مما دفع أهاليها المهجرين لمواجهة المخطط الاستيطاني في المحاكم مجددا.
في عام 2021 افتتح مستوطن فندقا فخما في أحد بيوت لفتا، وأطلق عليه اسم 'لفتا بوتيك'، وسوّقه على أنه يقع 'في قلب محمية طبيعية على مشارف القدس'.
كما سيّجت السلطات الإسرائيلية حدود لفتا في العام ذاته بعد قرار أصدرته محاكم الاحتلال يمنع الاقتراب من القرية.
التعليقات