بقلم : فيصل تايه
أثار فضولي ما كتبه الزميل الصحفي سهم العبادي على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي 'فيس بوك' حول ارتفاع أسعار 'الكنافة' ، تلك الحلوى التي التصقت بذاكرة الأردنيين، فكانت عنواناً للفرح منذ الطفولة، ووجهاً للبساطة والكرم لا للمفاخرة والمزايدة ، فما دونه الزميل المحترم فتح جرحاً جعلنا نتأمل حال 'حلوى الشعب' التي تحولت إلى رمز جديد للغلاء وجشع الأسواق، فوجدت نفسي أتساءل : هل يعقل أن تصبح 'الكنافة'حلوى الفرح والكرم ، عبئاً جديداً على الجيب؟! أيمكن أن تقاس حلاوتها اليوم بارتفاع أسعارها لا بطعمها؟
'الكنافة' حاضرة دائماً في ذاكرة بيوت الأردنيين ، بنكهتها التي تتنفس القطر والفرح ، فكانت 'حلوى الفرح' في كل بيت بسيط لا يكلف سوى القلوب الطيبة ، فتجمع الناس حول 'صينية' من البساطة والرضا ، تعد بحب وتقدم بقلب صادق لا تقاس بطبقاتها أو مكوناتها ، بل بما تحمله من دفء العلاقات وصدق المشاركة ، ومن قلب راض لا من خزائن التجار ، فكانت عنوان 'الكرم الشعبي' الذي لا يعرف التكلف ولا الحساب ، قطعة من وجدان الناس ، ومن أفراحهم الصغيرة ، من تخرج ابنهم الأول ، ومن صباحات الأعياد ومناسبات الافراح التي تبدأ برائحة السمن والسميد ، لا برقم على الميزان .
أما اليوم فقد صار ثمن كيلو 'الكنافة' سبعة دنانير ، وكأن الفرح البسيط قد تحول إلى معادلة تجارية باردة، تقاس فيها اللذة بالسعر لا بالطعم ، والكرم بفاتورة لا بابتسامة ، وصارت 'الكنافة' تعرض في واجهات المحلات كأنها قطعة فاخرة للأغنياء، بعدما كانت قطعة سعادة للناس جميعا.
حين ترتفع أسعار 'الكنافة' ترتفع معها الغصة في صدور الناس ، فصبرهم ليس ضعفاً بل احتراماً، لكن حين تمس لقمة الفرح وتباع بميزان الجشع، يتحول الصمت إلى موقف ، فمن يرفع سعر 'الكنافة' بلا حق يعبث بذوق الوطن ، ويحول الفرح إلى وجع جديد.
في هذا العبث في لقمة الفرح؟ نتساءل : أين دور الرقابة؟ومن يوقف جشع بعض التجار الذين يلبسون الغلاء ثوب “الضريبة” و“تكاليف التشغيل” ليمتصوا جيب المواطن؟ فما نراه أن 'الكنافة' تحولت من رمز اجتماعي يجمع الناس ، إلى سلعة استثمارية يتحكم بها من أراد الربح السريع ، إذ تسابق أصحاب محال الحلويات في رفع الأسعار وكأنهم في سباق على حساب الفقراء ، فيما الجهات الرقابية تكتفي بالمشاهدة وكأن الأمر لا يعنيها.
اليوم ، حين تصبح الكنافة حكراً على القادرين ، نكون قد خسرنا أكثر من قطعة حلوى ، نكون قد خسرنا جزءاً من هويتنا وذاكرتنا الجماعية ، نعم ، 'الكنافة' ليست رفاهية، بل تراث شعبي يختصر دفء الناس ونكهة أرض تعرف معنى البساطة والرضا ، وحين يتجرأ البعض على تحويلها إلى “مشروع استثماري” بلا ضوابط، فإنهم لا يعبثون بالسوق فحسب ، بل يعبثون بالذاكرة ويمسون رمزاً من رموز الفرح الأردني.
الناس لا يطلبون المستحيل، بل يطلبون عدلاً ورقابة، وأن تبقى الأسعار منطقية، وأن يكون هناك من يقف بوجه الاستغلال ، لتبقى 'الكنافة' جزءاً من فرح بسيط يحاول الناس الحفاظ عليه وسط هذا الغلاء الذي يلتهم تفاصيل حياتهم.
الكنافة ستبقى رمزاً للبساطة، حلوى الناس لا حلوى الأسواق ، والدولة مدعوة اليوم لإعادة هذه الحلوى إلى مكانتها في الذاكرة والواقع، قبل أن يصبح طعمها ذكرى من زمن كان فيه للفرح طعم أردني حقيقي.
هذه دعوة للجهات الرقابية المعنية ، أعيدوا النظر، واضبطوا الأسعار ، وراقبوا من يعبثون بذوق الناس قبل أن تصبح الكنافة مرارة يومية في أفواههم ، فليس من المعقول أن تبقى “حلوى البلد” شاهداً على غياب عدالة الاسواق ، وصمت الرقابة، واستقواء الجشع .
واخيراً وفي ذكرتنا الجمعية فالكنافة كانت تقدم حباً لا حساباً ، واليوم تباع بالميزان وكأنها ذهب منقوش ، فاحموا ما تبقى من بساطة هذا الوطن ، قبل أن نفقد طعم الفرح .
بقلم : فيصل تايه
أثار فضولي ما كتبه الزميل الصحفي سهم العبادي على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي 'فيس بوك' حول ارتفاع أسعار 'الكنافة' ، تلك الحلوى التي التصقت بذاكرة الأردنيين، فكانت عنواناً للفرح منذ الطفولة، ووجهاً للبساطة والكرم لا للمفاخرة والمزايدة ، فما دونه الزميل المحترم فتح جرحاً جعلنا نتأمل حال 'حلوى الشعب' التي تحولت إلى رمز جديد للغلاء وجشع الأسواق، فوجدت نفسي أتساءل : هل يعقل أن تصبح 'الكنافة'حلوى الفرح والكرم ، عبئاً جديداً على الجيب؟! أيمكن أن تقاس حلاوتها اليوم بارتفاع أسعارها لا بطعمها؟
'الكنافة' حاضرة دائماً في ذاكرة بيوت الأردنيين ، بنكهتها التي تتنفس القطر والفرح ، فكانت 'حلوى الفرح' في كل بيت بسيط لا يكلف سوى القلوب الطيبة ، فتجمع الناس حول 'صينية' من البساطة والرضا ، تعد بحب وتقدم بقلب صادق لا تقاس بطبقاتها أو مكوناتها ، بل بما تحمله من دفء العلاقات وصدق المشاركة ، ومن قلب راض لا من خزائن التجار ، فكانت عنوان 'الكرم الشعبي' الذي لا يعرف التكلف ولا الحساب ، قطعة من وجدان الناس ، ومن أفراحهم الصغيرة ، من تخرج ابنهم الأول ، ومن صباحات الأعياد ومناسبات الافراح التي تبدأ برائحة السمن والسميد ، لا برقم على الميزان .
أما اليوم فقد صار ثمن كيلو 'الكنافة' سبعة دنانير ، وكأن الفرح البسيط قد تحول إلى معادلة تجارية باردة، تقاس فيها اللذة بالسعر لا بالطعم ، والكرم بفاتورة لا بابتسامة ، وصارت 'الكنافة' تعرض في واجهات المحلات كأنها قطعة فاخرة للأغنياء، بعدما كانت قطعة سعادة للناس جميعا.
حين ترتفع أسعار 'الكنافة' ترتفع معها الغصة في صدور الناس ، فصبرهم ليس ضعفاً بل احتراماً، لكن حين تمس لقمة الفرح وتباع بميزان الجشع، يتحول الصمت إلى موقف ، فمن يرفع سعر 'الكنافة' بلا حق يعبث بذوق الوطن ، ويحول الفرح إلى وجع جديد.
في هذا العبث في لقمة الفرح؟ نتساءل : أين دور الرقابة؟ومن يوقف جشع بعض التجار الذين يلبسون الغلاء ثوب “الضريبة” و“تكاليف التشغيل” ليمتصوا جيب المواطن؟ فما نراه أن 'الكنافة' تحولت من رمز اجتماعي يجمع الناس ، إلى سلعة استثمارية يتحكم بها من أراد الربح السريع ، إذ تسابق أصحاب محال الحلويات في رفع الأسعار وكأنهم في سباق على حساب الفقراء ، فيما الجهات الرقابية تكتفي بالمشاهدة وكأن الأمر لا يعنيها.
اليوم ، حين تصبح الكنافة حكراً على القادرين ، نكون قد خسرنا أكثر من قطعة حلوى ، نكون قد خسرنا جزءاً من هويتنا وذاكرتنا الجماعية ، نعم ، 'الكنافة' ليست رفاهية، بل تراث شعبي يختصر دفء الناس ونكهة أرض تعرف معنى البساطة والرضا ، وحين يتجرأ البعض على تحويلها إلى “مشروع استثماري” بلا ضوابط، فإنهم لا يعبثون بالسوق فحسب ، بل يعبثون بالذاكرة ويمسون رمزاً من رموز الفرح الأردني.
الناس لا يطلبون المستحيل، بل يطلبون عدلاً ورقابة، وأن تبقى الأسعار منطقية، وأن يكون هناك من يقف بوجه الاستغلال ، لتبقى 'الكنافة' جزءاً من فرح بسيط يحاول الناس الحفاظ عليه وسط هذا الغلاء الذي يلتهم تفاصيل حياتهم.
الكنافة ستبقى رمزاً للبساطة، حلوى الناس لا حلوى الأسواق ، والدولة مدعوة اليوم لإعادة هذه الحلوى إلى مكانتها في الذاكرة والواقع، قبل أن يصبح طعمها ذكرى من زمن كان فيه للفرح طعم أردني حقيقي.
هذه دعوة للجهات الرقابية المعنية ، أعيدوا النظر، واضبطوا الأسعار ، وراقبوا من يعبثون بذوق الناس قبل أن تصبح الكنافة مرارة يومية في أفواههم ، فليس من المعقول أن تبقى “حلوى البلد” شاهداً على غياب عدالة الاسواق ، وصمت الرقابة، واستقواء الجشع .
واخيراً وفي ذكرتنا الجمعية فالكنافة كانت تقدم حباً لا حساباً ، واليوم تباع بالميزان وكأنها ذهب منقوش ، فاحموا ما تبقى من بساطة هذا الوطن ، قبل أن نفقد طعم الفرح .
بقلم : فيصل تايه
أثار فضولي ما كتبه الزميل الصحفي سهم العبادي على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي 'فيس بوك' حول ارتفاع أسعار 'الكنافة' ، تلك الحلوى التي التصقت بذاكرة الأردنيين، فكانت عنواناً للفرح منذ الطفولة، ووجهاً للبساطة والكرم لا للمفاخرة والمزايدة ، فما دونه الزميل المحترم فتح جرحاً جعلنا نتأمل حال 'حلوى الشعب' التي تحولت إلى رمز جديد للغلاء وجشع الأسواق، فوجدت نفسي أتساءل : هل يعقل أن تصبح 'الكنافة'حلوى الفرح والكرم ، عبئاً جديداً على الجيب؟! أيمكن أن تقاس حلاوتها اليوم بارتفاع أسعارها لا بطعمها؟
'الكنافة' حاضرة دائماً في ذاكرة بيوت الأردنيين ، بنكهتها التي تتنفس القطر والفرح ، فكانت 'حلوى الفرح' في كل بيت بسيط لا يكلف سوى القلوب الطيبة ، فتجمع الناس حول 'صينية' من البساطة والرضا ، تعد بحب وتقدم بقلب صادق لا تقاس بطبقاتها أو مكوناتها ، بل بما تحمله من دفء العلاقات وصدق المشاركة ، ومن قلب راض لا من خزائن التجار ، فكانت عنوان 'الكرم الشعبي' الذي لا يعرف التكلف ولا الحساب ، قطعة من وجدان الناس ، ومن أفراحهم الصغيرة ، من تخرج ابنهم الأول ، ومن صباحات الأعياد ومناسبات الافراح التي تبدأ برائحة السمن والسميد ، لا برقم على الميزان .
أما اليوم فقد صار ثمن كيلو 'الكنافة' سبعة دنانير ، وكأن الفرح البسيط قد تحول إلى معادلة تجارية باردة، تقاس فيها اللذة بالسعر لا بالطعم ، والكرم بفاتورة لا بابتسامة ، وصارت 'الكنافة' تعرض في واجهات المحلات كأنها قطعة فاخرة للأغنياء، بعدما كانت قطعة سعادة للناس جميعا.
حين ترتفع أسعار 'الكنافة' ترتفع معها الغصة في صدور الناس ، فصبرهم ليس ضعفاً بل احتراماً، لكن حين تمس لقمة الفرح وتباع بميزان الجشع، يتحول الصمت إلى موقف ، فمن يرفع سعر 'الكنافة' بلا حق يعبث بذوق الوطن ، ويحول الفرح إلى وجع جديد.
في هذا العبث في لقمة الفرح؟ نتساءل : أين دور الرقابة؟ومن يوقف جشع بعض التجار الذين يلبسون الغلاء ثوب “الضريبة” و“تكاليف التشغيل” ليمتصوا جيب المواطن؟ فما نراه أن 'الكنافة' تحولت من رمز اجتماعي يجمع الناس ، إلى سلعة استثمارية يتحكم بها من أراد الربح السريع ، إذ تسابق أصحاب محال الحلويات في رفع الأسعار وكأنهم في سباق على حساب الفقراء ، فيما الجهات الرقابية تكتفي بالمشاهدة وكأن الأمر لا يعنيها.
اليوم ، حين تصبح الكنافة حكراً على القادرين ، نكون قد خسرنا أكثر من قطعة حلوى ، نكون قد خسرنا جزءاً من هويتنا وذاكرتنا الجماعية ، نعم ، 'الكنافة' ليست رفاهية، بل تراث شعبي يختصر دفء الناس ونكهة أرض تعرف معنى البساطة والرضا ، وحين يتجرأ البعض على تحويلها إلى “مشروع استثماري” بلا ضوابط، فإنهم لا يعبثون بالسوق فحسب ، بل يعبثون بالذاكرة ويمسون رمزاً من رموز الفرح الأردني.
الناس لا يطلبون المستحيل، بل يطلبون عدلاً ورقابة، وأن تبقى الأسعار منطقية، وأن يكون هناك من يقف بوجه الاستغلال ، لتبقى 'الكنافة' جزءاً من فرح بسيط يحاول الناس الحفاظ عليه وسط هذا الغلاء الذي يلتهم تفاصيل حياتهم.
الكنافة ستبقى رمزاً للبساطة، حلوى الناس لا حلوى الأسواق ، والدولة مدعوة اليوم لإعادة هذه الحلوى إلى مكانتها في الذاكرة والواقع، قبل أن يصبح طعمها ذكرى من زمن كان فيه للفرح طعم أردني حقيقي.
هذه دعوة للجهات الرقابية المعنية ، أعيدوا النظر، واضبطوا الأسعار ، وراقبوا من يعبثون بذوق الناس قبل أن تصبح الكنافة مرارة يومية في أفواههم ، فليس من المعقول أن تبقى “حلوى البلد” شاهداً على غياب عدالة الاسواق ، وصمت الرقابة، واستقواء الجشع .
واخيراً وفي ذكرتنا الجمعية فالكنافة كانت تقدم حباً لا حساباً ، واليوم تباع بالميزان وكأنها ذهب منقوش ، فاحموا ما تبقى من بساطة هذا الوطن ، قبل أن نفقد طعم الفرح .
التعليقات