أخبار اليوم - أدت حرب الرسوم الجمركية التي أطلقها الرئيس دونالد ترمب إلى نفور حلفاء واشنطن التقليديين، وفتحت الباب أمام الصين لاستمالة العالم إلى صفّها. لكن اليوم، باتت التكتيكات الصارمة التي تنتهجها بكين تثير موجة من الردود العالمية المعاكسة.
هيمن قرار الصين بفرض قيود تصدير غير مسبوقة على سلسلة توريد المعادن النادرة على اجتماعات القمة السنوية لقادة الاقتصاد العالمي في واشنطن هذا الأسبوع. وألمح وزير الخزانة سكوت بيسنت إلى ملامح تحالف جديد، موضحاً أن المسؤولين الأميركيين 'يتواصلون مع حلفائنا الأوروبيين، ومع أستراليا وكندا والهند، والديمقراطيات الآسيوية'، بهدف إعداد ردّ شامل.
دعا وزير المالية الياباني كاتسونوبو كاتو دول مجموعة السبع إلى 'التكاتف والتحرك' في مواجهة خطوات الصين، فيما أشار نظيره الألماني إلى تبني التكتل الأوروبي لرد فعل جماعي محتمل. ومن المنتظر أن يتوجه رئيس الوزراء الأسترالي إلى واشنطن الأسبوع المقبل على أمل التفاوض بشأن اتفاق يتعلق بسلاسل توريد المعادن الحيوية، في ظل سعى الدول إلى تنويع مصادرها.
كل ذلك يمثل تحولاً جذرياً عن ما كان عليه الوضع قبل ستة أشهر فقط، حين كان الرئيس شي جين بينغ يقود حملة لحشد الدول ضد أعلى رسوم جمركية أميركية فُرضت منذ الحرب العالمية الثانية. وبينما برّرت بكين قيودها الأخيرة بأنها ردّ على تشديد الضوابط الأميركية، فإن هذه التدابير تلزم حتى المصدّرين الأجانب بالحصول على تراخيص لشحن أي منتجات تحتوي على نسب من معادن صينية معينة إلى أي وجهة في العالم.
قال كريستوفر بيدور، نائب مدير أبحاث الصين بشركة 'غافيكال دراغونوميكس' (Gavekal Dragonomics)، إن 'الخطر الأكبر يكمن في أن تبالغ الحكومة الصينية في استخدام نفوذها'. وأضاف أن 'تعطيل سلاسل التوريد العالمية للمعادن الأرضية النادرة قد يوحي بأن بكين تُعرض مجموعة كبيرة من الدول للضرر دون مبرر واضح'.
تصاعد التوترات الدولية
يتزامن هذا التصعيد مع استعداد شي وترمب لعقد أول لقاء مباشر بينهما منذ ست سنوات، والمقرر انعقاده هذا الشهر في كوريا الجنوبية. ومن المنتظر أن يجتمع المفاوضون من الطرفين هذا الأسبوع، في محاولة لإيجاد مخرج من التوترات الراهنة بما يتيح تمديد الهدنة الجمركية القائمة.
ومهما كانت التسوية التي ستُكشف، فمن غير المرجح أن تُقدم الصين على تفكيك الإطار القانوني الذي عملت على ترسيخه على مدار سنوات.
سواء كان الأمر سوء تقدير من جانب بكين، أو محاولة انتهازية من قوة عظمى تسعى لبسط نفوذها على سلاسل التوريد الحيوية، فإن المواجهة التي تتشكل حالياً تُعد انتكاسة لمساعي الصين الرامية إلى تعزيز حضورها على الساحة الدولية. فقبل أسابيع فقط، أرسل شي عبر تقاربه مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إشارة مفادها أن بكين يمكن أن تكون شريكاً بديلاً للدول التي أربكتها تقلبات سياسات ترمب الخارجية.
الاستجابة الصينية
حاول وو شينبو، مدير مركز الدراسات الأميركية بجامعة فودان في شنغهاي، التقليل من تداعيات القيود الجديدة على الدول الأخرى، قائلاً إن الدول التي تربطها علاقات تجارية جيدة مع بكين، والتي لا تنضم إلى الجهود الأميركية لمعاقبة الصين، لن تكون هدفاً للضوابط الجديدة.
قال وو في مقابلة مع تلفزيون 'بلومبرغ': 'هذه الخطوة تمنح الصين نفوذاً أكبر لضمان عدم انضمام حلفاء الولايات المتحدة الآخرين إلى واشنطن في محاولاتها للضغط على بكين. أعتقد أن الصين تدرك تماماً كيف تستخدم أوراقها بحكمة'.
من جانبه، تبنى الممثل التجاري الأميركي جيمسون غرير موقفاً مناقضاً هذا الأسبوع، محذراً الدول من اتساع 'غير مسبوق' في نطاق القيود الصينية، التي قال إنها قد تخنق إمدادات مجموعة واسعة من القطاعات، من أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى الأجهزة المنزلية.
وأوضح غرير أن 'القيود تطال العالم بأسره'، مشيراً إلى أن تجارة الهواتف الذكية بين كوريا الجنوبية وأستراليا، وكذلك صادرات السيارات الأميركية إلى المكسيك، قد تتعرض للتوقف الكامل. وأضاف: 'من الواضح أنه لا نحن ولا حلفاءنا سنقبل بمثل هذا النظام'.
تشابه في الاستراتيجية بين واشنطن وبكين
يبدو أن الاستراتيجية الجديدة التي يتبناها الرئيس الصيني تعكس إلى حدٍّ كبير النهج الذي صاغته واشنطن خلال العقد الماضي، والمبني على أدوات مثل ضوابط التصدير، وقوائم الكيانات، والعقوبات.
استعانت الولايات المتحدة بشبكة واسعة من حلفائها في الدول الديمقراطية حول العالم لتطبيق هذا النفوذ الممتد، وهو النهج ذاته الذي كانت بكين تنتقده بشدة سابقاً. غير أن الصين، وبعد أن حققت نجاحاً أولياً هذا العام في تعزيز نفوذها عبر التحكم في المعادن النادرة، لم تكتفِ بتبني هذا النهج، بل تجاوزته بخطوة إضافية.
مع ذلك، لم يتضح بعد كيف سيتعامل المسؤولون الصينيون مع الكمّ الهائل من المعاملات التي يتطلبها مثل هذا النظام، ما يعني أنهم قد يلجأون إلى فرض التدابير فقط عندما يرغبون في ممارسة ضغط على شريك بعينه.
توازن دبلوماسي
على الرغم من حالة التقلب، ستواصل العديد من الدول الغربية محاولاتها لموازنة علاقاتها مع بكين. فخلال هذا الأسبوع وحده، يزور وزراء خارجية، من بينهم وزراء كندا وإسبانيا والسويد، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى جانب المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي إيمانويل بون.
ومن المرجح أيضاً أن تظل بكين حذرة بشأن إظهار نفوذ مفرط، إذ يعتمد اقتصادها على قطاع تصنيع عالمي قوي لشراء مكوناته الأساسية.
غير أن التحدي الأبرز أمام شي يتمثل في أن مخاوف الحكومات من تحركات الصين المقبلة قد تدفعها إلى تنويع مصادرها بعيداً عن المعادن الحيوية.
قالت أليسيا غارسيا هيريرو، كبيرة اقتصاديي منطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة 'ناتيكسيس' (Natixis)، إنه بمجرد أن تبدأ الدول في إعادة النظر في استراتيجيتها الخاصة بإمدادات المعادن النادرة، فقد تتجه إلى قطاعات أخرى تهيمن عليها الصين أيضاً'. وأضافت أن 'الخسارة النهائية، إذا حدث ذلك، ستكون فادحة جداً بالنسبة للصين'.
الرد الأوروبي
في الوقت نفسه، يدرس الاتحاد الأوروبي إجبار الشركات الصينية على نقل تقنياتها إلى نظيراتها الأوروبية إذا أرادت العمل داخل الأسواق المحلية. كما أن قرار هولندا بالاستحواذ على شركة 'نيكسبيريا' (Nexperia) يُظهر أن الصين قد تواجه وضع غير مواتٍ عندما تُجبر الدول على الاختيار. وقد حذّرت واشنطن الشركة المصنّعة للرقائق من ضرورة استبدال مديرها التنفيذي الصيني لتجنّب إدراجها في القائمة السوداء الأميركية.
وقال سكوت كينيدي، المستشار البارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إنه إذا واصلت واشنطن وبكين استغلال مزاياهما الاقتصادية كأداة ضغط، فقد يؤدي ذلك إلى عزلهما عن العالم.
وأضاف أن ذلك 'قد يدفع الآخرين إلى تجديد الجهود لبناء نظام دولي قائم على القواعد'، دون الصين أو الولايات المتحدة.
أخبار اليوم - أدت حرب الرسوم الجمركية التي أطلقها الرئيس دونالد ترمب إلى نفور حلفاء واشنطن التقليديين، وفتحت الباب أمام الصين لاستمالة العالم إلى صفّها. لكن اليوم، باتت التكتيكات الصارمة التي تنتهجها بكين تثير موجة من الردود العالمية المعاكسة.
هيمن قرار الصين بفرض قيود تصدير غير مسبوقة على سلسلة توريد المعادن النادرة على اجتماعات القمة السنوية لقادة الاقتصاد العالمي في واشنطن هذا الأسبوع. وألمح وزير الخزانة سكوت بيسنت إلى ملامح تحالف جديد، موضحاً أن المسؤولين الأميركيين 'يتواصلون مع حلفائنا الأوروبيين، ومع أستراليا وكندا والهند، والديمقراطيات الآسيوية'، بهدف إعداد ردّ شامل.
دعا وزير المالية الياباني كاتسونوبو كاتو دول مجموعة السبع إلى 'التكاتف والتحرك' في مواجهة خطوات الصين، فيما أشار نظيره الألماني إلى تبني التكتل الأوروبي لرد فعل جماعي محتمل. ومن المنتظر أن يتوجه رئيس الوزراء الأسترالي إلى واشنطن الأسبوع المقبل على أمل التفاوض بشأن اتفاق يتعلق بسلاسل توريد المعادن الحيوية، في ظل سعى الدول إلى تنويع مصادرها.
كل ذلك يمثل تحولاً جذرياً عن ما كان عليه الوضع قبل ستة أشهر فقط، حين كان الرئيس شي جين بينغ يقود حملة لحشد الدول ضد أعلى رسوم جمركية أميركية فُرضت منذ الحرب العالمية الثانية. وبينما برّرت بكين قيودها الأخيرة بأنها ردّ على تشديد الضوابط الأميركية، فإن هذه التدابير تلزم حتى المصدّرين الأجانب بالحصول على تراخيص لشحن أي منتجات تحتوي على نسب من معادن صينية معينة إلى أي وجهة في العالم.
قال كريستوفر بيدور، نائب مدير أبحاث الصين بشركة 'غافيكال دراغونوميكس' (Gavekal Dragonomics)، إن 'الخطر الأكبر يكمن في أن تبالغ الحكومة الصينية في استخدام نفوذها'. وأضاف أن 'تعطيل سلاسل التوريد العالمية للمعادن الأرضية النادرة قد يوحي بأن بكين تُعرض مجموعة كبيرة من الدول للضرر دون مبرر واضح'.
تصاعد التوترات الدولية
يتزامن هذا التصعيد مع استعداد شي وترمب لعقد أول لقاء مباشر بينهما منذ ست سنوات، والمقرر انعقاده هذا الشهر في كوريا الجنوبية. ومن المنتظر أن يجتمع المفاوضون من الطرفين هذا الأسبوع، في محاولة لإيجاد مخرج من التوترات الراهنة بما يتيح تمديد الهدنة الجمركية القائمة.
ومهما كانت التسوية التي ستُكشف، فمن غير المرجح أن تُقدم الصين على تفكيك الإطار القانوني الذي عملت على ترسيخه على مدار سنوات.
سواء كان الأمر سوء تقدير من جانب بكين، أو محاولة انتهازية من قوة عظمى تسعى لبسط نفوذها على سلاسل التوريد الحيوية، فإن المواجهة التي تتشكل حالياً تُعد انتكاسة لمساعي الصين الرامية إلى تعزيز حضورها على الساحة الدولية. فقبل أسابيع فقط، أرسل شي عبر تقاربه مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إشارة مفادها أن بكين يمكن أن تكون شريكاً بديلاً للدول التي أربكتها تقلبات سياسات ترمب الخارجية.
الاستجابة الصينية
حاول وو شينبو، مدير مركز الدراسات الأميركية بجامعة فودان في شنغهاي، التقليل من تداعيات القيود الجديدة على الدول الأخرى، قائلاً إن الدول التي تربطها علاقات تجارية جيدة مع بكين، والتي لا تنضم إلى الجهود الأميركية لمعاقبة الصين، لن تكون هدفاً للضوابط الجديدة.
قال وو في مقابلة مع تلفزيون 'بلومبرغ': 'هذه الخطوة تمنح الصين نفوذاً أكبر لضمان عدم انضمام حلفاء الولايات المتحدة الآخرين إلى واشنطن في محاولاتها للضغط على بكين. أعتقد أن الصين تدرك تماماً كيف تستخدم أوراقها بحكمة'.
من جانبه، تبنى الممثل التجاري الأميركي جيمسون غرير موقفاً مناقضاً هذا الأسبوع، محذراً الدول من اتساع 'غير مسبوق' في نطاق القيود الصينية، التي قال إنها قد تخنق إمدادات مجموعة واسعة من القطاعات، من أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى الأجهزة المنزلية.
وأوضح غرير أن 'القيود تطال العالم بأسره'، مشيراً إلى أن تجارة الهواتف الذكية بين كوريا الجنوبية وأستراليا، وكذلك صادرات السيارات الأميركية إلى المكسيك، قد تتعرض للتوقف الكامل. وأضاف: 'من الواضح أنه لا نحن ولا حلفاءنا سنقبل بمثل هذا النظام'.
تشابه في الاستراتيجية بين واشنطن وبكين
يبدو أن الاستراتيجية الجديدة التي يتبناها الرئيس الصيني تعكس إلى حدٍّ كبير النهج الذي صاغته واشنطن خلال العقد الماضي، والمبني على أدوات مثل ضوابط التصدير، وقوائم الكيانات، والعقوبات.
استعانت الولايات المتحدة بشبكة واسعة من حلفائها في الدول الديمقراطية حول العالم لتطبيق هذا النفوذ الممتد، وهو النهج ذاته الذي كانت بكين تنتقده بشدة سابقاً. غير أن الصين، وبعد أن حققت نجاحاً أولياً هذا العام في تعزيز نفوذها عبر التحكم في المعادن النادرة، لم تكتفِ بتبني هذا النهج، بل تجاوزته بخطوة إضافية.
مع ذلك، لم يتضح بعد كيف سيتعامل المسؤولون الصينيون مع الكمّ الهائل من المعاملات التي يتطلبها مثل هذا النظام، ما يعني أنهم قد يلجأون إلى فرض التدابير فقط عندما يرغبون في ممارسة ضغط على شريك بعينه.
توازن دبلوماسي
على الرغم من حالة التقلب، ستواصل العديد من الدول الغربية محاولاتها لموازنة علاقاتها مع بكين. فخلال هذا الأسبوع وحده، يزور وزراء خارجية، من بينهم وزراء كندا وإسبانيا والسويد، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى جانب المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي إيمانويل بون.
ومن المرجح أيضاً أن تظل بكين حذرة بشأن إظهار نفوذ مفرط، إذ يعتمد اقتصادها على قطاع تصنيع عالمي قوي لشراء مكوناته الأساسية.
غير أن التحدي الأبرز أمام شي يتمثل في أن مخاوف الحكومات من تحركات الصين المقبلة قد تدفعها إلى تنويع مصادرها بعيداً عن المعادن الحيوية.
قالت أليسيا غارسيا هيريرو، كبيرة اقتصاديي منطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة 'ناتيكسيس' (Natixis)، إنه بمجرد أن تبدأ الدول في إعادة النظر في استراتيجيتها الخاصة بإمدادات المعادن النادرة، فقد تتجه إلى قطاعات أخرى تهيمن عليها الصين أيضاً'. وأضافت أن 'الخسارة النهائية، إذا حدث ذلك، ستكون فادحة جداً بالنسبة للصين'.
الرد الأوروبي
في الوقت نفسه، يدرس الاتحاد الأوروبي إجبار الشركات الصينية على نقل تقنياتها إلى نظيراتها الأوروبية إذا أرادت العمل داخل الأسواق المحلية. كما أن قرار هولندا بالاستحواذ على شركة 'نيكسبيريا' (Nexperia) يُظهر أن الصين قد تواجه وضع غير مواتٍ عندما تُجبر الدول على الاختيار. وقد حذّرت واشنطن الشركة المصنّعة للرقائق من ضرورة استبدال مديرها التنفيذي الصيني لتجنّب إدراجها في القائمة السوداء الأميركية.
وقال سكوت كينيدي، المستشار البارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إنه إذا واصلت واشنطن وبكين استغلال مزاياهما الاقتصادية كأداة ضغط، فقد يؤدي ذلك إلى عزلهما عن العالم.
وأضاف أن ذلك 'قد يدفع الآخرين إلى تجديد الجهود لبناء نظام دولي قائم على القواعد'، دون الصين أو الولايات المتحدة.
أخبار اليوم - أدت حرب الرسوم الجمركية التي أطلقها الرئيس دونالد ترمب إلى نفور حلفاء واشنطن التقليديين، وفتحت الباب أمام الصين لاستمالة العالم إلى صفّها. لكن اليوم، باتت التكتيكات الصارمة التي تنتهجها بكين تثير موجة من الردود العالمية المعاكسة.
هيمن قرار الصين بفرض قيود تصدير غير مسبوقة على سلسلة توريد المعادن النادرة على اجتماعات القمة السنوية لقادة الاقتصاد العالمي في واشنطن هذا الأسبوع. وألمح وزير الخزانة سكوت بيسنت إلى ملامح تحالف جديد، موضحاً أن المسؤولين الأميركيين 'يتواصلون مع حلفائنا الأوروبيين، ومع أستراليا وكندا والهند، والديمقراطيات الآسيوية'، بهدف إعداد ردّ شامل.
دعا وزير المالية الياباني كاتسونوبو كاتو دول مجموعة السبع إلى 'التكاتف والتحرك' في مواجهة خطوات الصين، فيما أشار نظيره الألماني إلى تبني التكتل الأوروبي لرد فعل جماعي محتمل. ومن المنتظر أن يتوجه رئيس الوزراء الأسترالي إلى واشنطن الأسبوع المقبل على أمل التفاوض بشأن اتفاق يتعلق بسلاسل توريد المعادن الحيوية، في ظل سعى الدول إلى تنويع مصادرها.
كل ذلك يمثل تحولاً جذرياً عن ما كان عليه الوضع قبل ستة أشهر فقط، حين كان الرئيس شي جين بينغ يقود حملة لحشد الدول ضد أعلى رسوم جمركية أميركية فُرضت منذ الحرب العالمية الثانية. وبينما برّرت بكين قيودها الأخيرة بأنها ردّ على تشديد الضوابط الأميركية، فإن هذه التدابير تلزم حتى المصدّرين الأجانب بالحصول على تراخيص لشحن أي منتجات تحتوي على نسب من معادن صينية معينة إلى أي وجهة في العالم.
قال كريستوفر بيدور، نائب مدير أبحاث الصين بشركة 'غافيكال دراغونوميكس' (Gavekal Dragonomics)، إن 'الخطر الأكبر يكمن في أن تبالغ الحكومة الصينية في استخدام نفوذها'. وأضاف أن 'تعطيل سلاسل التوريد العالمية للمعادن الأرضية النادرة قد يوحي بأن بكين تُعرض مجموعة كبيرة من الدول للضرر دون مبرر واضح'.
تصاعد التوترات الدولية
يتزامن هذا التصعيد مع استعداد شي وترمب لعقد أول لقاء مباشر بينهما منذ ست سنوات، والمقرر انعقاده هذا الشهر في كوريا الجنوبية. ومن المنتظر أن يجتمع المفاوضون من الطرفين هذا الأسبوع، في محاولة لإيجاد مخرج من التوترات الراهنة بما يتيح تمديد الهدنة الجمركية القائمة.
ومهما كانت التسوية التي ستُكشف، فمن غير المرجح أن تُقدم الصين على تفكيك الإطار القانوني الذي عملت على ترسيخه على مدار سنوات.
سواء كان الأمر سوء تقدير من جانب بكين، أو محاولة انتهازية من قوة عظمى تسعى لبسط نفوذها على سلاسل التوريد الحيوية، فإن المواجهة التي تتشكل حالياً تُعد انتكاسة لمساعي الصين الرامية إلى تعزيز حضورها على الساحة الدولية. فقبل أسابيع فقط، أرسل شي عبر تقاربه مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إشارة مفادها أن بكين يمكن أن تكون شريكاً بديلاً للدول التي أربكتها تقلبات سياسات ترمب الخارجية.
الاستجابة الصينية
حاول وو شينبو، مدير مركز الدراسات الأميركية بجامعة فودان في شنغهاي، التقليل من تداعيات القيود الجديدة على الدول الأخرى، قائلاً إن الدول التي تربطها علاقات تجارية جيدة مع بكين، والتي لا تنضم إلى الجهود الأميركية لمعاقبة الصين، لن تكون هدفاً للضوابط الجديدة.
قال وو في مقابلة مع تلفزيون 'بلومبرغ': 'هذه الخطوة تمنح الصين نفوذاً أكبر لضمان عدم انضمام حلفاء الولايات المتحدة الآخرين إلى واشنطن في محاولاتها للضغط على بكين. أعتقد أن الصين تدرك تماماً كيف تستخدم أوراقها بحكمة'.
من جانبه، تبنى الممثل التجاري الأميركي جيمسون غرير موقفاً مناقضاً هذا الأسبوع، محذراً الدول من اتساع 'غير مسبوق' في نطاق القيود الصينية، التي قال إنها قد تخنق إمدادات مجموعة واسعة من القطاعات، من أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى الأجهزة المنزلية.
وأوضح غرير أن 'القيود تطال العالم بأسره'، مشيراً إلى أن تجارة الهواتف الذكية بين كوريا الجنوبية وأستراليا، وكذلك صادرات السيارات الأميركية إلى المكسيك، قد تتعرض للتوقف الكامل. وأضاف: 'من الواضح أنه لا نحن ولا حلفاءنا سنقبل بمثل هذا النظام'.
تشابه في الاستراتيجية بين واشنطن وبكين
يبدو أن الاستراتيجية الجديدة التي يتبناها الرئيس الصيني تعكس إلى حدٍّ كبير النهج الذي صاغته واشنطن خلال العقد الماضي، والمبني على أدوات مثل ضوابط التصدير، وقوائم الكيانات، والعقوبات.
استعانت الولايات المتحدة بشبكة واسعة من حلفائها في الدول الديمقراطية حول العالم لتطبيق هذا النفوذ الممتد، وهو النهج ذاته الذي كانت بكين تنتقده بشدة سابقاً. غير أن الصين، وبعد أن حققت نجاحاً أولياً هذا العام في تعزيز نفوذها عبر التحكم في المعادن النادرة، لم تكتفِ بتبني هذا النهج، بل تجاوزته بخطوة إضافية.
مع ذلك، لم يتضح بعد كيف سيتعامل المسؤولون الصينيون مع الكمّ الهائل من المعاملات التي يتطلبها مثل هذا النظام، ما يعني أنهم قد يلجأون إلى فرض التدابير فقط عندما يرغبون في ممارسة ضغط على شريك بعينه.
توازن دبلوماسي
على الرغم من حالة التقلب، ستواصل العديد من الدول الغربية محاولاتها لموازنة علاقاتها مع بكين. فخلال هذا الأسبوع وحده، يزور وزراء خارجية، من بينهم وزراء كندا وإسبانيا والسويد، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى جانب المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي إيمانويل بون.
ومن المرجح أيضاً أن تظل بكين حذرة بشأن إظهار نفوذ مفرط، إذ يعتمد اقتصادها على قطاع تصنيع عالمي قوي لشراء مكوناته الأساسية.
غير أن التحدي الأبرز أمام شي يتمثل في أن مخاوف الحكومات من تحركات الصين المقبلة قد تدفعها إلى تنويع مصادرها بعيداً عن المعادن الحيوية.
قالت أليسيا غارسيا هيريرو، كبيرة اقتصاديي منطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة 'ناتيكسيس' (Natixis)، إنه بمجرد أن تبدأ الدول في إعادة النظر في استراتيجيتها الخاصة بإمدادات المعادن النادرة، فقد تتجه إلى قطاعات أخرى تهيمن عليها الصين أيضاً'. وأضافت أن 'الخسارة النهائية، إذا حدث ذلك، ستكون فادحة جداً بالنسبة للصين'.
الرد الأوروبي
في الوقت نفسه، يدرس الاتحاد الأوروبي إجبار الشركات الصينية على نقل تقنياتها إلى نظيراتها الأوروبية إذا أرادت العمل داخل الأسواق المحلية. كما أن قرار هولندا بالاستحواذ على شركة 'نيكسبيريا' (Nexperia) يُظهر أن الصين قد تواجه وضع غير مواتٍ عندما تُجبر الدول على الاختيار. وقد حذّرت واشنطن الشركة المصنّعة للرقائق من ضرورة استبدال مديرها التنفيذي الصيني لتجنّب إدراجها في القائمة السوداء الأميركية.
وقال سكوت كينيدي، المستشار البارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إنه إذا واصلت واشنطن وبكين استغلال مزاياهما الاقتصادية كأداة ضغط، فقد يؤدي ذلك إلى عزلهما عن العالم.
وأضاف أن ذلك 'قد يدفع الآخرين إلى تجديد الجهود لبناء نظام دولي قائم على القواعد'، دون الصين أو الولايات المتحدة.
التعليقات