أخبار اليوم - في كرة القدم، هناك أرقام تُحطم لأن الأساطير وُجدوا لتجاوزها، وهناك أخرى تصمد لأنها محاطة بلعنة الإصابات أو قسوة القدر. الرقم الذي يحمله فيكتور فالديز في تاريخ 'الكلاسيكو' بين برشلونة وريال مدريد، يبدو من النوع الثاني — رقم محاط بالحظوظ الغريبة، ومكتوب له أن يبقى بعيد المنال، ولو مؤقتًا، بسبب غياب الألماني مارك أندريه تير شتيجن، أحد أعظم من وقفوا بين خشبات مرمى برشلونة في العصر الحديث.
فالرقم القياسي الذي يملكه فالديز بالحفاظ على نظافة شباكه في 7 مباريات 'كلاسيكو'، بات اليوم في مأمن تام من الكسر، لا لأن أحدهم لم يعد قادرًا على الاقتراب، بل لأن صاحب الرقم المهدد – تير شتيجن – يخوض معركة أخرى، أكثر قسوة، خارج المستطيل الأخضر.
ويتأهب العالم لموعد لا يشبه أي مباراة أخرى: كلاسيكو الأرض بين ريال مدريد وبرشلونة، والمقرر في السادس والعشرين من الشهر الجاري على ملعب سانتياجو برنابيو، ضمن منافسات الجولة العاشرة من الدوري الإسباني.
يدخل ريال مدريد اللقاء متصدرًا جدول الليجا برصيد 24 نقطة بعد 8 انتصارات وخسارة واحدة فقط أمام أتلتيكو مدريد، فيما يطارد برشلونة غريمه التقليدي من المركز الثاني بـ 22 نقطة، بعد أن جمعها من 7 انتصارات وتعادل واحد وخسارة أمام إشبيلية.
المعادلة واضحة: فوز برشلونة يعني قلب الصدارة، وانتصار ريال مدريد يعني توسيع الفارق وتعزيز السيطرة المبكرة. لكن خلف هذا الصراع التكتيكي العنيف، هناك غياب ثقيل سيُخلف أثرًا نفسيًا وفنيًا داخل غرفة ملابس البرسا — غياب مارك أندريه تير شتيجن.
الغياب المر.. جراحة ثانية تبعد الحارس الألماني
لم يكن الموسم الحالي رحيمًا بتير شتيجن. فالحارس الألماني الذي عانى منذ منتصف الموسم الماضي من مشكلات مزمنة في الفقرات القطنية، اضطر في يوليو/تموز الماضي إلى الخضوع لعملية جراحية ثانية في ظهره، بعد أن فشلت التدخلات السابقة والعلاج الطبيعي في إنهاء الألم المتكرر.
الخبر لم يكن مجرد صدمة للفريق، بل كابوسًا لجماهير برشلونة التي كانت تُمني النفس برؤيته جاهزًا لموقعة الكلاسيكو. غير أن التقارير الطبية حسمت الموقف: العودة المنتظرة لن تكون قبل يناير/كانون الثاني المقبل، أي أن الألماني سيغيب رسميًا عن المواجهة ضد ريال مدريد، وربما أيضًا عن الأسابيع الأولى من العام الجديد.
وبهذا، يبتعد تير شتيجن خطوة أخرى عن معادلة الرقم التاريخي الذي يحمله فالديز، والذي ظل صامدًا منذ اعتزال الأخير قبل عقد من الزمن.
فالديز.. الرقم الصعب في معادلة الكلاسيكو
عندما نتحدث عن حراس برشلونة، فإن اسم فيكتور فالديز يفرض نفسه تلقائيًا. الحارس الكتالوني الذي دافع عن مرمى البلوجرانا بين عامي 2002 و2014، يُعدّ أحد أعمدة الحقبة الذهبية تحت قيادة بيب جوارديولا.
ورغم أن كثيرين يربطون إنجازاته بالألقاب الجماعية، فإن له بصمة فردية فريدة: سبع مباريات 'كلاسيكو' بشباك نظيفة، رقم لم يبلغه أي حارس آخر في التاريخ الحديث للمواجهة.
فالديز احتاج 12 عامًا للوصول إلى هذا الإنجاز، بينما كان تير شتيجن على بعد مباراة واحدة فقط من معادلته، بعدما نجح في الحفاظ على نظافة شباكه في ست مواجهات كلاسيكو. لكن القدر قرر تأجيل الحلم.
وللمفارقة، فإن تير شتيجن لم يكتفِ بمطاردة رقم فالديز فقط، بل شاركه أيضًا في رقم آخر خاص بالاستمرارية: ثلاثة 'كلاسيكو' متتالية دون أن تهتز شباكه، وهو رقم لم يحققه في تاريخ برشلونة سوى فالديز وميجيل رينا في سبعينيات القرن الماضي.
من مونشنجلادباخ إلى الكامب نو.. مسيرة من الطموح والاتزان
ولد مارك أندريه تير شتيجن في مونشنجلادباخ الألمانية عام 1992، ونشأ في أكاديمية النادي المحلي الذي يحمل اسم المدينة.
منذ مراهقته، كان يُنظر إليه كأحد أبرز مواهب الحراسة في ألمانيا، حيث امتاز ببرود أعصابه وردة فعله المذهلة أمام المهاجمين.
لم يستغرق الأمر طويلًا حتى حجز مكانه في الفريق الأول عام 2009، ليصبح في سن الـ17 أحد أصغر الحراس الذين يمثلون النادي في الدوري الألماني.
وبحلول 2014، كان العالم قد تعرّف إلى موهبة شابة تُدعى تير شتيجن، تجمع بين الهدوء الألماني والجرأة الإسبانية في التمرير والخروج بالكرة.
عندها قرر برشلونة ضمه في صفقة قدرت بـ12 مليون يورو — صفقة كانت أشبه باستثمار طويل الأمد، وهو ما تحقق بالفعل.
البداية الصعبة والتحول الكبير
عند وصوله إلى برشلونة، لم يكن الطريق مفروشًا بالورود. وجد تير شتيجن نفسه في منافسة شرسة مع الحارس التشيلي كلاوديو برافو، الذي كان الخيار المفضل للمدرب لويس إنريكي في مباريات الدوري.
لكن الألماني لم يستسلم، وأبهر الجميع في البطولات الأوروبية والكؤوس المحلية، حتى صار في غضون موسمين الحارس الأول بلا منازع.
موسم 2014–2015 كان العلامة الفارقة، إذ لعب دورًا بطوليًا في مشوار برشلونة نحو التتويج بدوري أبطال أوروبا.
من يتذكر تصدياته الحاسمة أمام بايرن ميونخ ويوفنتوس يدرك تمامًا كيف تحوّل ذلك الشاب الهادئ إلى أحد رموز العصر الحديث للنادي الكتالوني.
بصمة الحارس العصري
في زمن تتغير فيه وظيفة الحارس من مجرد 'منقذ' إلى 'صانع لعب من الخلف'، كان تير شتيجن في طليعة هذا التحول.
يمتاز بقدرته على بناء الهجمات بالتمرير القصير والدقيق تحت الضغط، إلى جانب تمركزه المثالي وسرعة رد فعله أمام الانفرادات.
ولذلك، لم يكن مجرد حارس مرمى، بل اللاعب الحادي عشر في منظومة اللعب، وأحد مفاتيح جوارديولا وفالفيردي وتشافي في الخروج النظيف بالكرة.
وقد تجاوز الألماني حاجز 400 مباراة بقميص برشلونة، محافظًا على نظافة شباكه في أكثر من 160 مناسبة — أرقام تجعله من بين أفضل ثلاثة حراس في تاريخ النادي من حيث عدد 'الكلين شيت'.
الإصابة.. العدو الخفي للحارس المثالي
منذ عام 2021، بدأت المعاناة الصامتة لتير شتيجن مع مشكلات الظهر. في البداية، تعامل معها الجهاز الطبي ببرامج تأهيلية وعلاج طبيعي، لكن الألم عاد أكثر حدة في موسم 2023–2024، ما أجبر الحارس على إجراء جراحة أولى نهاية العام الماضي.
ظن الجميع أن الأزمة انتهت، إلا أن النكسات المتكررة بعد العودة دفعت الأطباء إلى قرارٍ مؤلم: إجراء عملية ثانية في يوليو 2025.
ورغم نجاح الجراحة مبدئيًا، فإن فترة التعافي الطويلة أخرجته رسميًا من حسابات الجهاز الفني بقيادة تشافي في 'الكلاسيكو'، ليكتمل المشهد القاسي: الرقم التاريخي على بعد مباراة واحدة، لكن الجسد يرفض.
غيابه وتأثيره على برشلونة
لا يقتصر تأثير غياب تير شتيجن على الجانب الدفاعي فقط، بل يمتد إلى البناء التكتيكي الكامل للفريق.
فالحارس الألماني يمثل حلقة الوصل بين الخطوط، وغيابه يجبر المدافعين على تغيير طريقة التمرير والتمركز.
ولعل ما ظهر بوضوح في بعض مباريات الموسم الحالي هو أن برشلونة يفقد قدرًا من الثقة في الخروج بالكرة عند غياب حارسه الأساسي.
الحارس البديل إيناكي بينيا قدم مستويات مستقرة في بعض اللقاءات، لكنه يفتقر إلى خبرة الكلاسيكو وضغط جماهير البرنابيو.
لذلك، فإن غياب تير شتيجن لا يُعد مجرد نقص في مركز الحراسة، بل خسارة في القيادة والهدوء الذهني داخل المستطيل الأخضر.
إرث الحراس في برشلونة
تاريخ برشلونة مع حراس المرمى لم يكن يومًا سهلاً. من أندوني زوبيزاريتا إلى رينا الأب، ثم فالديز وتير شتيجن، كانت الحراسة دائمًا نقطة اختبار للفلسفة الكتالونية: الجرأة في اللعب، والإيمان بأن الحارس يجب أن يشارك في الهجوم كما في الدفاع.
ولهذا، فإن كل رقم قياسي في هذا المركز يحمل دلالة فنية تتجاوز الإحصاء، إذ يعكس مدى تطور أسلوب النادي وتنوع مدارسه.
تير شتيجن يعيش الآن مرحلة صبرٍ قاسية، لكن سيرته السابقة تقول إنه يعرف كيف يعود أقوى. ففي كل مرة واجه فيها انتكاسة، عاد بثقة أكبر وثبات أشد.
الحديث في برشلونة اليوم ليس عن إمكانية تحطيم رقم فالديز، بل عن عودة 'الرقم 1' إلى مكانه الطبيعي، قائدًا للمنظومة الدفاعية وصوتًا هادئًا خلف المدافعين.
وبينما يستعد برشلونة لخوض الكلاسيكو دونه، فإن الجماهير الكتالونية تدرك أن الرقم القياسي سيبقى مؤقتًا في مأمن، لأن من يطارده لا يزال في صراع مع جسده، لا مع الأرقام.
وربما كتب القدر أن يظل رقم فالديز في مأمن لعام آخر، لكن التاريخ لا ينسى الساعين وراء المجد.
تير شتيجن، الحارس الذي جاء من ألمانيا ليعيد تعريف معنى 'الهدوء في العاصفة'، سيبقى أحد رموز برشلونة مهما طالت فترة الغياب.
أما الرقم القياسي، فسيبقى هناك، في انتظار من يعيد فتح السباق من جديد، حين يستعيد الحارس الألماني عافيته ليقف مجددًا بين خشبات المرمى، بثقة رجل يعرف أنه وُلد ليحطم الأرقام لا ليحرسها فقط.
أخبار اليوم - في كرة القدم، هناك أرقام تُحطم لأن الأساطير وُجدوا لتجاوزها، وهناك أخرى تصمد لأنها محاطة بلعنة الإصابات أو قسوة القدر. الرقم الذي يحمله فيكتور فالديز في تاريخ 'الكلاسيكو' بين برشلونة وريال مدريد، يبدو من النوع الثاني — رقم محاط بالحظوظ الغريبة، ومكتوب له أن يبقى بعيد المنال، ولو مؤقتًا، بسبب غياب الألماني مارك أندريه تير شتيجن، أحد أعظم من وقفوا بين خشبات مرمى برشلونة في العصر الحديث.
فالرقم القياسي الذي يملكه فالديز بالحفاظ على نظافة شباكه في 7 مباريات 'كلاسيكو'، بات اليوم في مأمن تام من الكسر، لا لأن أحدهم لم يعد قادرًا على الاقتراب، بل لأن صاحب الرقم المهدد – تير شتيجن – يخوض معركة أخرى، أكثر قسوة، خارج المستطيل الأخضر.
ويتأهب العالم لموعد لا يشبه أي مباراة أخرى: كلاسيكو الأرض بين ريال مدريد وبرشلونة، والمقرر في السادس والعشرين من الشهر الجاري على ملعب سانتياجو برنابيو، ضمن منافسات الجولة العاشرة من الدوري الإسباني.
يدخل ريال مدريد اللقاء متصدرًا جدول الليجا برصيد 24 نقطة بعد 8 انتصارات وخسارة واحدة فقط أمام أتلتيكو مدريد، فيما يطارد برشلونة غريمه التقليدي من المركز الثاني بـ 22 نقطة، بعد أن جمعها من 7 انتصارات وتعادل واحد وخسارة أمام إشبيلية.
المعادلة واضحة: فوز برشلونة يعني قلب الصدارة، وانتصار ريال مدريد يعني توسيع الفارق وتعزيز السيطرة المبكرة. لكن خلف هذا الصراع التكتيكي العنيف، هناك غياب ثقيل سيُخلف أثرًا نفسيًا وفنيًا داخل غرفة ملابس البرسا — غياب مارك أندريه تير شتيجن.
الغياب المر.. جراحة ثانية تبعد الحارس الألماني
لم يكن الموسم الحالي رحيمًا بتير شتيجن. فالحارس الألماني الذي عانى منذ منتصف الموسم الماضي من مشكلات مزمنة في الفقرات القطنية، اضطر في يوليو/تموز الماضي إلى الخضوع لعملية جراحية ثانية في ظهره، بعد أن فشلت التدخلات السابقة والعلاج الطبيعي في إنهاء الألم المتكرر.
الخبر لم يكن مجرد صدمة للفريق، بل كابوسًا لجماهير برشلونة التي كانت تُمني النفس برؤيته جاهزًا لموقعة الكلاسيكو. غير أن التقارير الطبية حسمت الموقف: العودة المنتظرة لن تكون قبل يناير/كانون الثاني المقبل، أي أن الألماني سيغيب رسميًا عن المواجهة ضد ريال مدريد، وربما أيضًا عن الأسابيع الأولى من العام الجديد.
وبهذا، يبتعد تير شتيجن خطوة أخرى عن معادلة الرقم التاريخي الذي يحمله فالديز، والذي ظل صامدًا منذ اعتزال الأخير قبل عقد من الزمن.
فالديز.. الرقم الصعب في معادلة الكلاسيكو
عندما نتحدث عن حراس برشلونة، فإن اسم فيكتور فالديز يفرض نفسه تلقائيًا. الحارس الكتالوني الذي دافع عن مرمى البلوجرانا بين عامي 2002 و2014، يُعدّ أحد أعمدة الحقبة الذهبية تحت قيادة بيب جوارديولا.
ورغم أن كثيرين يربطون إنجازاته بالألقاب الجماعية، فإن له بصمة فردية فريدة: سبع مباريات 'كلاسيكو' بشباك نظيفة، رقم لم يبلغه أي حارس آخر في التاريخ الحديث للمواجهة.
فالديز احتاج 12 عامًا للوصول إلى هذا الإنجاز، بينما كان تير شتيجن على بعد مباراة واحدة فقط من معادلته، بعدما نجح في الحفاظ على نظافة شباكه في ست مواجهات كلاسيكو. لكن القدر قرر تأجيل الحلم.
وللمفارقة، فإن تير شتيجن لم يكتفِ بمطاردة رقم فالديز فقط، بل شاركه أيضًا في رقم آخر خاص بالاستمرارية: ثلاثة 'كلاسيكو' متتالية دون أن تهتز شباكه، وهو رقم لم يحققه في تاريخ برشلونة سوى فالديز وميجيل رينا في سبعينيات القرن الماضي.
من مونشنجلادباخ إلى الكامب نو.. مسيرة من الطموح والاتزان
ولد مارك أندريه تير شتيجن في مونشنجلادباخ الألمانية عام 1992، ونشأ في أكاديمية النادي المحلي الذي يحمل اسم المدينة.
منذ مراهقته، كان يُنظر إليه كأحد أبرز مواهب الحراسة في ألمانيا، حيث امتاز ببرود أعصابه وردة فعله المذهلة أمام المهاجمين.
لم يستغرق الأمر طويلًا حتى حجز مكانه في الفريق الأول عام 2009، ليصبح في سن الـ17 أحد أصغر الحراس الذين يمثلون النادي في الدوري الألماني.
وبحلول 2014، كان العالم قد تعرّف إلى موهبة شابة تُدعى تير شتيجن، تجمع بين الهدوء الألماني والجرأة الإسبانية في التمرير والخروج بالكرة.
عندها قرر برشلونة ضمه في صفقة قدرت بـ12 مليون يورو — صفقة كانت أشبه باستثمار طويل الأمد، وهو ما تحقق بالفعل.
البداية الصعبة والتحول الكبير
عند وصوله إلى برشلونة، لم يكن الطريق مفروشًا بالورود. وجد تير شتيجن نفسه في منافسة شرسة مع الحارس التشيلي كلاوديو برافو، الذي كان الخيار المفضل للمدرب لويس إنريكي في مباريات الدوري.
لكن الألماني لم يستسلم، وأبهر الجميع في البطولات الأوروبية والكؤوس المحلية، حتى صار في غضون موسمين الحارس الأول بلا منازع.
موسم 2014–2015 كان العلامة الفارقة، إذ لعب دورًا بطوليًا في مشوار برشلونة نحو التتويج بدوري أبطال أوروبا.
من يتذكر تصدياته الحاسمة أمام بايرن ميونخ ويوفنتوس يدرك تمامًا كيف تحوّل ذلك الشاب الهادئ إلى أحد رموز العصر الحديث للنادي الكتالوني.
بصمة الحارس العصري
في زمن تتغير فيه وظيفة الحارس من مجرد 'منقذ' إلى 'صانع لعب من الخلف'، كان تير شتيجن في طليعة هذا التحول.
يمتاز بقدرته على بناء الهجمات بالتمرير القصير والدقيق تحت الضغط، إلى جانب تمركزه المثالي وسرعة رد فعله أمام الانفرادات.
ولذلك، لم يكن مجرد حارس مرمى، بل اللاعب الحادي عشر في منظومة اللعب، وأحد مفاتيح جوارديولا وفالفيردي وتشافي في الخروج النظيف بالكرة.
وقد تجاوز الألماني حاجز 400 مباراة بقميص برشلونة، محافظًا على نظافة شباكه في أكثر من 160 مناسبة — أرقام تجعله من بين أفضل ثلاثة حراس في تاريخ النادي من حيث عدد 'الكلين شيت'.
الإصابة.. العدو الخفي للحارس المثالي
منذ عام 2021، بدأت المعاناة الصامتة لتير شتيجن مع مشكلات الظهر. في البداية، تعامل معها الجهاز الطبي ببرامج تأهيلية وعلاج طبيعي، لكن الألم عاد أكثر حدة في موسم 2023–2024، ما أجبر الحارس على إجراء جراحة أولى نهاية العام الماضي.
ظن الجميع أن الأزمة انتهت، إلا أن النكسات المتكررة بعد العودة دفعت الأطباء إلى قرارٍ مؤلم: إجراء عملية ثانية في يوليو 2025.
ورغم نجاح الجراحة مبدئيًا، فإن فترة التعافي الطويلة أخرجته رسميًا من حسابات الجهاز الفني بقيادة تشافي في 'الكلاسيكو'، ليكتمل المشهد القاسي: الرقم التاريخي على بعد مباراة واحدة، لكن الجسد يرفض.
غيابه وتأثيره على برشلونة
لا يقتصر تأثير غياب تير شتيجن على الجانب الدفاعي فقط، بل يمتد إلى البناء التكتيكي الكامل للفريق.
فالحارس الألماني يمثل حلقة الوصل بين الخطوط، وغيابه يجبر المدافعين على تغيير طريقة التمرير والتمركز.
ولعل ما ظهر بوضوح في بعض مباريات الموسم الحالي هو أن برشلونة يفقد قدرًا من الثقة في الخروج بالكرة عند غياب حارسه الأساسي.
الحارس البديل إيناكي بينيا قدم مستويات مستقرة في بعض اللقاءات، لكنه يفتقر إلى خبرة الكلاسيكو وضغط جماهير البرنابيو.
لذلك، فإن غياب تير شتيجن لا يُعد مجرد نقص في مركز الحراسة، بل خسارة في القيادة والهدوء الذهني داخل المستطيل الأخضر.
إرث الحراس في برشلونة
تاريخ برشلونة مع حراس المرمى لم يكن يومًا سهلاً. من أندوني زوبيزاريتا إلى رينا الأب، ثم فالديز وتير شتيجن، كانت الحراسة دائمًا نقطة اختبار للفلسفة الكتالونية: الجرأة في اللعب، والإيمان بأن الحارس يجب أن يشارك في الهجوم كما في الدفاع.
ولهذا، فإن كل رقم قياسي في هذا المركز يحمل دلالة فنية تتجاوز الإحصاء، إذ يعكس مدى تطور أسلوب النادي وتنوع مدارسه.
تير شتيجن يعيش الآن مرحلة صبرٍ قاسية، لكن سيرته السابقة تقول إنه يعرف كيف يعود أقوى. ففي كل مرة واجه فيها انتكاسة، عاد بثقة أكبر وثبات أشد.
الحديث في برشلونة اليوم ليس عن إمكانية تحطيم رقم فالديز، بل عن عودة 'الرقم 1' إلى مكانه الطبيعي، قائدًا للمنظومة الدفاعية وصوتًا هادئًا خلف المدافعين.
وبينما يستعد برشلونة لخوض الكلاسيكو دونه، فإن الجماهير الكتالونية تدرك أن الرقم القياسي سيبقى مؤقتًا في مأمن، لأن من يطارده لا يزال في صراع مع جسده، لا مع الأرقام.
وربما كتب القدر أن يظل رقم فالديز في مأمن لعام آخر، لكن التاريخ لا ينسى الساعين وراء المجد.
تير شتيجن، الحارس الذي جاء من ألمانيا ليعيد تعريف معنى 'الهدوء في العاصفة'، سيبقى أحد رموز برشلونة مهما طالت فترة الغياب.
أما الرقم القياسي، فسيبقى هناك، في انتظار من يعيد فتح السباق من جديد، حين يستعيد الحارس الألماني عافيته ليقف مجددًا بين خشبات المرمى، بثقة رجل يعرف أنه وُلد ليحطم الأرقام لا ليحرسها فقط.
أخبار اليوم - في كرة القدم، هناك أرقام تُحطم لأن الأساطير وُجدوا لتجاوزها، وهناك أخرى تصمد لأنها محاطة بلعنة الإصابات أو قسوة القدر. الرقم الذي يحمله فيكتور فالديز في تاريخ 'الكلاسيكو' بين برشلونة وريال مدريد، يبدو من النوع الثاني — رقم محاط بالحظوظ الغريبة، ومكتوب له أن يبقى بعيد المنال، ولو مؤقتًا، بسبب غياب الألماني مارك أندريه تير شتيجن، أحد أعظم من وقفوا بين خشبات مرمى برشلونة في العصر الحديث.
فالرقم القياسي الذي يملكه فالديز بالحفاظ على نظافة شباكه في 7 مباريات 'كلاسيكو'، بات اليوم في مأمن تام من الكسر، لا لأن أحدهم لم يعد قادرًا على الاقتراب، بل لأن صاحب الرقم المهدد – تير شتيجن – يخوض معركة أخرى، أكثر قسوة، خارج المستطيل الأخضر.
ويتأهب العالم لموعد لا يشبه أي مباراة أخرى: كلاسيكو الأرض بين ريال مدريد وبرشلونة، والمقرر في السادس والعشرين من الشهر الجاري على ملعب سانتياجو برنابيو، ضمن منافسات الجولة العاشرة من الدوري الإسباني.
يدخل ريال مدريد اللقاء متصدرًا جدول الليجا برصيد 24 نقطة بعد 8 انتصارات وخسارة واحدة فقط أمام أتلتيكو مدريد، فيما يطارد برشلونة غريمه التقليدي من المركز الثاني بـ 22 نقطة، بعد أن جمعها من 7 انتصارات وتعادل واحد وخسارة أمام إشبيلية.
المعادلة واضحة: فوز برشلونة يعني قلب الصدارة، وانتصار ريال مدريد يعني توسيع الفارق وتعزيز السيطرة المبكرة. لكن خلف هذا الصراع التكتيكي العنيف، هناك غياب ثقيل سيُخلف أثرًا نفسيًا وفنيًا داخل غرفة ملابس البرسا — غياب مارك أندريه تير شتيجن.
الغياب المر.. جراحة ثانية تبعد الحارس الألماني
لم يكن الموسم الحالي رحيمًا بتير شتيجن. فالحارس الألماني الذي عانى منذ منتصف الموسم الماضي من مشكلات مزمنة في الفقرات القطنية، اضطر في يوليو/تموز الماضي إلى الخضوع لعملية جراحية ثانية في ظهره، بعد أن فشلت التدخلات السابقة والعلاج الطبيعي في إنهاء الألم المتكرر.
الخبر لم يكن مجرد صدمة للفريق، بل كابوسًا لجماهير برشلونة التي كانت تُمني النفس برؤيته جاهزًا لموقعة الكلاسيكو. غير أن التقارير الطبية حسمت الموقف: العودة المنتظرة لن تكون قبل يناير/كانون الثاني المقبل، أي أن الألماني سيغيب رسميًا عن المواجهة ضد ريال مدريد، وربما أيضًا عن الأسابيع الأولى من العام الجديد.
وبهذا، يبتعد تير شتيجن خطوة أخرى عن معادلة الرقم التاريخي الذي يحمله فالديز، والذي ظل صامدًا منذ اعتزال الأخير قبل عقد من الزمن.
فالديز.. الرقم الصعب في معادلة الكلاسيكو
عندما نتحدث عن حراس برشلونة، فإن اسم فيكتور فالديز يفرض نفسه تلقائيًا. الحارس الكتالوني الذي دافع عن مرمى البلوجرانا بين عامي 2002 و2014، يُعدّ أحد أعمدة الحقبة الذهبية تحت قيادة بيب جوارديولا.
ورغم أن كثيرين يربطون إنجازاته بالألقاب الجماعية، فإن له بصمة فردية فريدة: سبع مباريات 'كلاسيكو' بشباك نظيفة، رقم لم يبلغه أي حارس آخر في التاريخ الحديث للمواجهة.
فالديز احتاج 12 عامًا للوصول إلى هذا الإنجاز، بينما كان تير شتيجن على بعد مباراة واحدة فقط من معادلته، بعدما نجح في الحفاظ على نظافة شباكه في ست مواجهات كلاسيكو. لكن القدر قرر تأجيل الحلم.
وللمفارقة، فإن تير شتيجن لم يكتفِ بمطاردة رقم فالديز فقط، بل شاركه أيضًا في رقم آخر خاص بالاستمرارية: ثلاثة 'كلاسيكو' متتالية دون أن تهتز شباكه، وهو رقم لم يحققه في تاريخ برشلونة سوى فالديز وميجيل رينا في سبعينيات القرن الماضي.
من مونشنجلادباخ إلى الكامب نو.. مسيرة من الطموح والاتزان
ولد مارك أندريه تير شتيجن في مونشنجلادباخ الألمانية عام 1992، ونشأ في أكاديمية النادي المحلي الذي يحمل اسم المدينة.
منذ مراهقته، كان يُنظر إليه كأحد أبرز مواهب الحراسة في ألمانيا، حيث امتاز ببرود أعصابه وردة فعله المذهلة أمام المهاجمين.
لم يستغرق الأمر طويلًا حتى حجز مكانه في الفريق الأول عام 2009، ليصبح في سن الـ17 أحد أصغر الحراس الذين يمثلون النادي في الدوري الألماني.
وبحلول 2014، كان العالم قد تعرّف إلى موهبة شابة تُدعى تير شتيجن، تجمع بين الهدوء الألماني والجرأة الإسبانية في التمرير والخروج بالكرة.
عندها قرر برشلونة ضمه في صفقة قدرت بـ12 مليون يورو — صفقة كانت أشبه باستثمار طويل الأمد، وهو ما تحقق بالفعل.
البداية الصعبة والتحول الكبير
عند وصوله إلى برشلونة، لم يكن الطريق مفروشًا بالورود. وجد تير شتيجن نفسه في منافسة شرسة مع الحارس التشيلي كلاوديو برافو، الذي كان الخيار المفضل للمدرب لويس إنريكي في مباريات الدوري.
لكن الألماني لم يستسلم، وأبهر الجميع في البطولات الأوروبية والكؤوس المحلية، حتى صار في غضون موسمين الحارس الأول بلا منازع.
موسم 2014–2015 كان العلامة الفارقة، إذ لعب دورًا بطوليًا في مشوار برشلونة نحو التتويج بدوري أبطال أوروبا.
من يتذكر تصدياته الحاسمة أمام بايرن ميونخ ويوفنتوس يدرك تمامًا كيف تحوّل ذلك الشاب الهادئ إلى أحد رموز العصر الحديث للنادي الكتالوني.
بصمة الحارس العصري
في زمن تتغير فيه وظيفة الحارس من مجرد 'منقذ' إلى 'صانع لعب من الخلف'، كان تير شتيجن في طليعة هذا التحول.
يمتاز بقدرته على بناء الهجمات بالتمرير القصير والدقيق تحت الضغط، إلى جانب تمركزه المثالي وسرعة رد فعله أمام الانفرادات.
ولذلك، لم يكن مجرد حارس مرمى، بل اللاعب الحادي عشر في منظومة اللعب، وأحد مفاتيح جوارديولا وفالفيردي وتشافي في الخروج النظيف بالكرة.
وقد تجاوز الألماني حاجز 400 مباراة بقميص برشلونة، محافظًا على نظافة شباكه في أكثر من 160 مناسبة — أرقام تجعله من بين أفضل ثلاثة حراس في تاريخ النادي من حيث عدد 'الكلين شيت'.
الإصابة.. العدو الخفي للحارس المثالي
منذ عام 2021، بدأت المعاناة الصامتة لتير شتيجن مع مشكلات الظهر. في البداية، تعامل معها الجهاز الطبي ببرامج تأهيلية وعلاج طبيعي، لكن الألم عاد أكثر حدة في موسم 2023–2024، ما أجبر الحارس على إجراء جراحة أولى نهاية العام الماضي.
ظن الجميع أن الأزمة انتهت، إلا أن النكسات المتكررة بعد العودة دفعت الأطباء إلى قرارٍ مؤلم: إجراء عملية ثانية في يوليو 2025.
ورغم نجاح الجراحة مبدئيًا، فإن فترة التعافي الطويلة أخرجته رسميًا من حسابات الجهاز الفني بقيادة تشافي في 'الكلاسيكو'، ليكتمل المشهد القاسي: الرقم التاريخي على بعد مباراة واحدة، لكن الجسد يرفض.
غيابه وتأثيره على برشلونة
لا يقتصر تأثير غياب تير شتيجن على الجانب الدفاعي فقط، بل يمتد إلى البناء التكتيكي الكامل للفريق.
فالحارس الألماني يمثل حلقة الوصل بين الخطوط، وغيابه يجبر المدافعين على تغيير طريقة التمرير والتمركز.
ولعل ما ظهر بوضوح في بعض مباريات الموسم الحالي هو أن برشلونة يفقد قدرًا من الثقة في الخروج بالكرة عند غياب حارسه الأساسي.
الحارس البديل إيناكي بينيا قدم مستويات مستقرة في بعض اللقاءات، لكنه يفتقر إلى خبرة الكلاسيكو وضغط جماهير البرنابيو.
لذلك، فإن غياب تير شتيجن لا يُعد مجرد نقص في مركز الحراسة، بل خسارة في القيادة والهدوء الذهني داخل المستطيل الأخضر.
إرث الحراس في برشلونة
تاريخ برشلونة مع حراس المرمى لم يكن يومًا سهلاً. من أندوني زوبيزاريتا إلى رينا الأب، ثم فالديز وتير شتيجن، كانت الحراسة دائمًا نقطة اختبار للفلسفة الكتالونية: الجرأة في اللعب، والإيمان بأن الحارس يجب أن يشارك في الهجوم كما في الدفاع.
ولهذا، فإن كل رقم قياسي في هذا المركز يحمل دلالة فنية تتجاوز الإحصاء، إذ يعكس مدى تطور أسلوب النادي وتنوع مدارسه.
تير شتيجن يعيش الآن مرحلة صبرٍ قاسية، لكن سيرته السابقة تقول إنه يعرف كيف يعود أقوى. ففي كل مرة واجه فيها انتكاسة، عاد بثقة أكبر وثبات أشد.
الحديث في برشلونة اليوم ليس عن إمكانية تحطيم رقم فالديز، بل عن عودة 'الرقم 1' إلى مكانه الطبيعي، قائدًا للمنظومة الدفاعية وصوتًا هادئًا خلف المدافعين.
وبينما يستعد برشلونة لخوض الكلاسيكو دونه، فإن الجماهير الكتالونية تدرك أن الرقم القياسي سيبقى مؤقتًا في مأمن، لأن من يطارده لا يزال في صراع مع جسده، لا مع الأرقام.
وربما كتب القدر أن يظل رقم فالديز في مأمن لعام آخر، لكن التاريخ لا ينسى الساعين وراء المجد.
تير شتيجن، الحارس الذي جاء من ألمانيا ليعيد تعريف معنى 'الهدوء في العاصفة'، سيبقى أحد رموز برشلونة مهما طالت فترة الغياب.
أما الرقم القياسي، فسيبقى هناك، في انتظار من يعيد فتح السباق من جديد، حين يستعيد الحارس الألماني عافيته ليقف مجددًا بين خشبات المرمى، بثقة رجل يعرف أنه وُلد ليحطم الأرقام لا ليحرسها فقط.
التعليقات