أخبار اليوم - في الوقت الذي تتربع فيه مدينة العقبة على عرش المزايا التجارية والسياحية واللوجستية، بما تملكه من بنية تحتية متقدمة، وتشريعات اقتصادية محفزة، وموقع إستراتيجي فريد على البحر الأحمر، ما تزال أسواقها المحلية تئن تحت وطأة ضعف الحركة التجارية وتراجع القوة الشرائية.
هذا التناقض بين الإمكانات الهائلة والنشاط المحدود على الأرض يكشف عن فجوة حيوية تسعى الجهات المعنية لسدها عبر خطة إصلاحية جديدة ترتكز على التحول الرقمي والتفاعل الميداني والترويج السياحي المتكامل.
الأسواق.. بين الآمال والتحديات اليومية
يؤكد تجار واقتصاديون أن الحركة التجارية ما تزال تمضي على إيقاع متذبذب بين الآمال الكبيرة والتحديات اليومية، مشيرين إلى أن المشهد التجاري في العقبة يبدو للوهلة الأولى متنوعا وغنيا، لكن ما تحت السطح يعكس واقعا يحتاج إلى إعادة توازن.
ويشيرون إلى أنهم يعيشون بين موجات من الترقب من خلال المواسم التي تتحرك فيها الأسواق بشكل جيد، ومواسم أخرى يخشون فيها من إغلاق أبواب محلاتهم، وهو أمر تكرر مرارا خلال السنوات الأخيرة، قائلين: 'إلى جانب تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وبحث السياح عن العروض لا عن التجربة، فإنهم يواجهون ارتفاعا كبيرا بالإيجارات ومنافسة غير عادلة من الأسواق الإلكترونية.'
يقول التاجر محمد الرياطي: 'الأسواق في العقبة تعيش تحولات صامتة لكنها عميقة.. ما تحتاجه العقبة هو إعادة بناء الثقة بين السوق والبيئة الاستثمارية، وتوفير منظومة متكاملة تحفز الاستثمار الصغير والمتوسط، وتمنحه أدوات استدامة، وليس مجرد إعفاءات مؤقتة أو حلول موسمية'، موضحا: ' بينما تتراجع بعض الأنشطة التقليدية في الأسواق الرئيسة التي تشكلت قبل المنطقة الخاصة، تبرز أنماط جديدة من التجارة والخدمات والطلب المتزايد على المنتجات المحلية والسياحية المبتكرة، وتنامي استخدام المنصات الرقمية للترويج والبيع، ما يضع التجار أمام مأزق حقيقي'.
ويضيف، ' الكثير من التجار يشتكون من ضعف الترويج ومحدودية الحركة الشرائية المحلية، وتداخل الصلاحيات بين الجهات المعنية،' مؤكداً أن التحدي الأساسي في العقبة يكمن في إدارة الموارد المتاحة بكفاءة، فالبنية التحتية والموقع متوفران، لكن الحيوية الداخلية للسوق محدودة.
ويشاركه الرأي الخبير الاقتصادي الدكتور حسام الطراونة قائلا:
' التحدي الذي يواجه العقبة هو إدارة الموارد المتاحة بكفاءة، فالبنية التحتية متميزة، والموقع إستراتيجي، والموانئ متطورة، ورغم ذلك فإن الأسواق تشهد كسادا في الحركة التجارية،' مشددا على ضرورة تحفيز الدورة الاقتصادية المحلية بدءا من تخفيض الإيجارات وتنشيط السياحة الداخلية، ودعم المشروعات الصغيرة، وتسهيل وصول التجار إلى المنصات التسويقية الحديثة.
ويضيف، إن التحول الرقمي وسيلة لإعادة تعريف النشاط التجاري، ويمكن في العقبة يمكن أن تتحول المتاجر الصغيرة إلى منصات تصديرية حقيقية إذا تم تمكينها تكنولوجيا، وربطها بسلاسل التوريد الإقليمية، منوها إلى أن توسعة الأسواق وافتتاح محال جديدة لا يعد بالضرورة أمرا إيجابيا إذا لم يصاحبه تحفيز الطلب.
خلل في ميزان العرض والطلب
يبين عدد من التجار أنه ورغم المنافسة الكبيرة من الأسواق الجديدة فإن المستهلك بقي نفسه، ما يعني أن الحركة توزعت على عدد أكبر من المحال، وبالتالي تتراجع الأرباح لكل تاجر موجود منذ سنوات.
ويشير التاجر محمد أبو عيشة إلى أن الأسواق الحالية تعاني من ركود واضح منذ عدة مواسم، وأحيانا نلاحظ تحسناً مؤقتا في مواسم محددة، لكنه سرعان ما يتراجع بسبب محدودية القوة الشرائية وارتفاع الإيجارات، مؤكدا أن فتح أسواق جديدة في مناطق أخرى من المدينة ادى إلى تحويل جزء كبير من الحركة التجارية بعيدا عن الأسواق القديمة ما زاد من حدة الركود لدينا، وخلقَ شعورا بعدم الاستقرار في العمل اليومي.
ويوضح الخبير الطراونة أن فتح أسواق جديدة في العقبة كان خطوة تهدف إلى استيعاب نمو الطلب المستقبلي، لكنها في الوقت الحالي أثرت على الأسواق القائمة، خاصة تلك التي أُنشئت قبل المنطقة الاقتصادية الخاصة، والتي لا تمتلك نفس القدرات التسويقية أو الدعم الفني، مشيرا إلى أن الحل يكمن في تطوير أسواق قائمة وربطها بالرقمنة والتسويق الموحد، وليس فقط فتح أسواق جديدة دون تخطيط شامل.
ويضيف، إن التحدي الأساسي هو إدارة الدورة الاقتصادية بحيث تستفيد كل الأسواق من النشاط التجاري، بدلاً من أن تتحول الأسواق الجديدة إلى منافس للأسواق القديمة، وهو ما يحدث حاليا إلى جانب إستراتيجية تكاملية تربط بين الأسواق الحالية والجديدة، وتحفز التجار على الابتكار وتقديم خدمات جديدة تلائم التغيرات في السلوك الاستهلاكي للزوار والمواطنين.
ويرى التاجر محمد ياسين أن الكثير من التجار ترددوا في توسيع أعمالهم أو تحديث محلاتهم خوفا من أن الحركة التجارية الجديدة تنتقل إلى أماكن أخرى نتيجة المنافسة بين الأسواق، والتأثير المباشر على الاستثمارات القائمة، مؤكداً أننا نحتاج إلى رؤية واضحة من الجهات المختصة لتوزيع النشاط التجاري بشكل متوازن ودعم الأسواق القائمة بالتوازي مع تطوير الجديدة.
أرقام تكشف حجم المشكلة
وكانت غرفة تجارة العقبة قد أطلقت استبيانا شاملا تحت عنوان 'تطوير بيئة الأعمال والخدمات التجارية في محافظة العقبة' في خطوة تعكس نهج التخطيط المبني على البيانات والتفاعل الميداني مع القطاع التجاري بهدف رصد واقع الأسواق المحلية والتعرف على أبرز التحديات التي تواجه التجار ومستوى رضاهم عن الخدمات المقدمة من الغرفة، إلى جانب جمع مقترحاتهم التطويرية لتعزيز الدور الاقتصادي والتنموي للقطاع التجاري في المدينة.
ويأتي هذا الاستبيان ضمن رؤية الغرفة الإستراتيجية الهادفة إلى بناء بيئة تجارية أكثر تنافسية واستدامة في العقبة، التي تعد مركزا اقتصاديا ولوجستيا وسياحيا رئيسا للمملكة، بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتحفيز فرص العمل والنشاط الاستثماري.
وشمل الاستبيان ستة من الأسواق الداخلية الرئيسة (الخامسة، السابعة، الثامنة الجديدة، التاسعة، العاشرة، والعالمية)، بمشاركة (98) تاجرا من مختلف القطاعات التجارية، منهم (64) عبر استبيان ورقي و(34) إلكترونيا، في خطوة جمعت بين المشاركة الميدانية والتفاعل الرقمي.
وأظهرت نتائج التحليل أن الحركة التجارية في معظم الأسواق تتراوح بين المتوسطة والضعيفة، حيث وصفها(26) مشاركا بأنها متوسطة، و(22) ضعيفة، و(13) راكدة، مقابل (14) فقط اعتبروها نشطة جدا، كما بيّن المشاركون أن أبرز التحديات التي تواجههم تتمثل في ارتفاع الإيجارات(55)، وضعف القوة الشرائية(46)، تليها الضرائب والرسوم (38)، وضعف التسويق السياحي(33).
وفيما يتعلق بالبيئة الاستثمارية، وصفها(27) تاجرًا بأنها متوسطة، و(29) بأنها ضعيفة، ما يشير إلى ضرورة تحسين الظروف المحيطة بالأنشطة التجارية وتبسيط الإجراءات وتعزيز عوامل الجذب التجاري والاستثماري، أما تقييم الخدمات التي تقدمها غرفة تجارة العقبة، فقد أبدى معظم المشاركين رضاهم العام، إذ وصفها (20) بأنها ممتازة، و(24) بأنها جيدة، فيما أشار (13) إلى حاجتها إلى تطوير. وكانت أكثر الخدمات استخدامًا هي إصدار الشهادات والمعاملات(49).
وأوصى الاستبيان من خلال تجار العقبة بضرورة تسريع التحول الرقمي من خلال إنشاء منصة إلكترونية للترويج التجاري لأسواق العقبة، إلى جانب تفعيل برامج التدريب والتشغيل والدعم الفني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الحملات الإعلامية والتسويقية لزيادة الزخم التجاري والسياحي في المدينة.
جهود للخروج من الوضع الراهن
يؤكد نائب رئيس غرفة تجارة العقبة أحمد سالم الكسواني أن نتائج الاستبيان تشكل مرجعا عمليا وركيزة أساسية لتطوير الخطط المستقبلية للغرفة، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد حراكا ميدانيا ومؤسسيا لتطبيق التوصيات على أرض الواقع.
ويبين أن غرفة تجارة العقبة تتعامل بجدية مع الملاحظات التي قدمها التجار، ونعمل على تحويلها إلى خطط تنفيذية واقعية تستجيب للتحديات وتترجم احتياجات السوق إلى برامج عمل حقيقية، قائلا: ' سنبدأ بخطوات عملية تشمل تطوير المنظومة الرقمية وتعزيز التواصل المباشر مع التجار، إلى جانب تكثيف الزيارات الميدانية للأسواق لمتابعة احتياجاتهم عن قرب'.
وينوه الكسواني إلى أن العقبة 'مختبر اقتصادي' يمكن أن يقيس مدى جاهزية الأردن لتطبيق مفاهيم الاقتصاد العصري القائم على الشراكة والتكامل والابتكار، مشيرا إلى أن غرفة تجارة العقبة تتجه في إستراتيجيتها الجديدة نحو الجمع بين الإصلاح الإداري والتحول الرقمي وتعزيز القرب من التجار عبر التواصل الميداني والمبادرات التدريبية.
ويؤكد أن الغرفة بالتعاون مع سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة والجهات الشريكة، ستعمل على خفض كلف التشغيل والإيجارات وتحفيز التسويق السياحي والتجاري بما ينعكس إيجابا على حركة الأسواق المحلية، مبينا أن العقبة تمتلك كل المقومات لتكون مركزا تجاريا وسياحيا متكاملا، وغرفة التجارة ستواصل العمل لتعزيز بيئة الأعمال وتطوير خدماتها بما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. (الغد)
أخبار اليوم - في الوقت الذي تتربع فيه مدينة العقبة على عرش المزايا التجارية والسياحية واللوجستية، بما تملكه من بنية تحتية متقدمة، وتشريعات اقتصادية محفزة، وموقع إستراتيجي فريد على البحر الأحمر، ما تزال أسواقها المحلية تئن تحت وطأة ضعف الحركة التجارية وتراجع القوة الشرائية.
هذا التناقض بين الإمكانات الهائلة والنشاط المحدود على الأرض يكشف عن فجوة حيوية تسعى الجهات المعنية لسدها عبر خطة إصلاحية جديدة ترتكز على التحول الرقمي والتفاعل الميداني والترويج السياحي المتكامل.
الأسواق.. بين الآمال والتحديات اليومية
يؤكد تجار واقتصاديون أن الحركة التجارية ما تزال تمضي على إيقاع متذبذب بين الآمال الكبيرة والتحديات اليومية، مشيرين إلى أن المشهد التجاري في العقبة يبدو للوهلة الأولى متنوعا وغنيا، لكن ما تحت السطح يعكس واقعا يحتاج إلى إعادة توازن.
ويشيرون إلى أنهم يعيشون بين موجات من الترقب من خلال المواسم التي تتحرك فيها الأسواق بشكل جيد، ومواسم أخرى يخشون فيها من إغلاق أبواب محلاتهم، وهو أمر تكرر مرارا خلال السنوات الأخيرة، قائلين: 'إلى جانب تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وبحث السياح عن العروض لا عن التجربة، فإنهم يواجهون ارتفاعا كبيرا بالإيجارات ومنافسة غير عادلة من الأسواق الإلكترونية.'
يقول التاجر محمد الرياطي: 'الأسواق في العقبة تعيش تحولات صامتة لكنها عميقة.. ما تحتاجه العقبة هو إعادة بناء الثقة بين السوق والبيئة الاستثمارية، وتوفير منظومة متكاملة تحفز الاستثمار الصغير والمتوسط، وتمنحه أدوات استدامة، وليس مجرد إعفاءات مؤقتة أو حلول موسمية'، موضحا: ' بينما تتراجع بعض الأنشطة التقليدية في الأسواق الرئيسة التي تشكلت قبل المنطقة الخاصة، تبرز أنماط جديدة من التجارة والخدمات والطلب المتزايد على المنتجات المحلية والسياحية المبتكرة، وتنامي استخدام المنصات الرقمية للترويج والبيع، ما يضع التجار أمام مأزق حقيقي'.
ويضيف، ' الكثير من التجار يشتكون من ضعف الترويج ومحدودية الحركة الشرائية المحلية، وتداخل الصلاحيات بين الجهات المعنية،' مؤكداً أن التحدي الأساسي في العقبة يكمن في إدارة الموارد المتاحة بكفاءة، فالبنية التحتية والموقع متوفران، لكن الحيوية الداخلية للسوق محدودة.
ويشاركه الرأي الخبير الاقتصادي الدكتور حسام الطراونة قائلا:
' التحدي الذي يواجه العقبة هو إدارة الموارد المتاحة بكفاءة، فالبنية التحتية متميزة، والموقع إستراتيجي، والموانئ متطورة، ورغم ذلك فإن الأسواق تشهد كسادا في الحركة التجارية،' مشددا على ضرورة تحفيز الدورة الاقتصادية المحلية بدءا من تخفيض الإيجارات وتنشيط السياحة الداخلية، ودعم المشروعات الصغيرة، وتسهيل وصول التجار إلى المنصات التسويقية الحديثة.
ويضيف، إن التحول الرقمي وسيلة لإعادة تعريف النشاط التجاري، ويمكن في العقبة يمكن أن تتحول المتاجر الصغيرة إلى منصات تصديرية حقيقية إذا تم تمكينها تكنولوجيا، وربطها بسلاسل التوريد الإقليمية، منوها إلى أن توسعة الأسواق وافتتاح محال جديدة لا يعد بالضرورة أمرا إيجابيا إذا لم يصاحبه تحفيز الطلب.
خلل في ميزان العرض والطلب
يبين عدد من التجار أنه ورغم المنافسة الكبيرة من الأسواق الجديدة فإن المستهلك بقي نفسه، ما يعني أن الحركة توزعت على عدد أكبر من المحال، وبالتالي تتراجع الأرباح لكل تاجر موجود منذ سنوات.
ويشير التاجر محمد أبو عيشة إلى أن الأسواق الحالية تعاني من ركود واضح منذ عدة مواسم، وأحيانا نلاحظ تحسناً مؤقتا في مواسم محددة، لكنه سرعان ما يتراجع بسبب محدودية القوة الشرائية وارتفاع الإيجارات، مؤكدا أن فتح أسواق جديدة في مناطق أخرى من المدينة ادى إلى تحويل جزء كبير من الحركة التجارية بعيدا عن الأسواق القديمة ما زاد من حدة الركود لدينا، وخلقَ شعورا بعدم الاستقرار في العمل اليومي.
ويوضح الخبير الطراونة أن فتح أسواق جديدة في العقبة كان خطوة تهدف إلى استيعاب نمو الطلب المستقبلي، لكنها في الوقت الحالي أثرت على الأسواق القائمة، خاصة تلك التي أُنشئت قبل المنطقة الاقتصادية الخاصة، والتي لا تمتلك نفس القدرات التسويقية أو الدعم الفني، مشيرا إلى أن الحل يكمن في تطوير أسواق قائمة وربطها بالرقمنة والتسويق الموحد، وليس فقط فتح أسواق جديدة دون تخطيط شامل.
ويضيف، إن التحدي الأساسي هو إدارة الدورة الاقتصادية بحيث تستفيد كل الأسواق من النشاط التجاري، بدلاً من أن تتحول الأسواق الجديدة إلى منافس للأسواق القديمة، وهو ما يحدث حاليا إلى جانب إستراتيجية تكاملية تربط بين الأسواق الحالية والجديدة، وتحفز التجار على الابتكار وتقديم خدمات جديدة تلائم التغيرات في السلوك الاستهلاكي للزوار والمواطنين.
ويرى التاجر محمد ياسين أن الكثير من التجار ترددوا في توسيع أعمالهم أو تحديث محلاتهم خوفا من أن الحركة التجارية الجديدة تنتقل إلى أماكن أخرى نتيجة المنافسة بين الأسواق، والتأثير المباشر على الاستثمارات القائمة، مؤكداً أننا نحتاج إلى رؤية واضحة من الجهات المختصة لتوزيع النشاط التجاري بشكل متوازن ودعم الأسواق القائمة بالتوازي مع تطوير الجديدة.
أرقام تكشف حجم المشكلة
وكانت غرفة تجارة العقبة قد أطلقت استبيانا شاملا تحت عنوان 'تطوير بيئة الأعمال والخدمات التجارية في محافظة العقبة' في خطوة تعكس نهج التخطيط المبني على البيانات والتفاعل الميداني مع القطاع التجاري بهدف رصد واقع الأسواق المحلية والتعرف على أبرز التحديات التي تواجه التجار ومستوى رضاهم عن الخدمات المقدمة من الغرفة، إلى جانب جمع مقترحاتهم التطويرية لتعزيز الدور الاقتصادي والتنموي للقطاع التجاري في المدينة.
ويأتي هذا الاستبيان ضمن رؤية الغرفة الإستراتيجية الهادفة إلى بناء بيئة تجارية أكثر تنافسية واستدامة في العقبة، التي تعد مركزا اقتصاديا ولوجستيا وسياحيا رئيسا للمملكة، بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتحفيز فرص العمل والنشاط الاستثماري.
وشمل الاستبيان ستة من الأسواق الداخلية الرئيسة (الخامسة، السابعة، الثامنة الجديدة، التاسعة، العاشرة، والعالمية)، بمشاركة (98) تاجرا من مختلف القطاعات التجارية، منهم (64) عبر استبيان ورقي و(34) إلكترونيا، في خطوة جمعت بين المشاركة الميدانية والتفاعل الرقمي.
وأظهرت نتائج التحليل أن الحركة التجارية في معظم الأسواق تتراوح بين المتوسطة والضعيفة، حيث وصفها(26) مشاركا بأنها متوسطة، و(22) ضعيفة، و(13) راكدة، مقابل (14) فقط اعتبروها نشطة جدا، كما بيّن المشاركون أن أبرز التحديات التي تواجههم تتمثل في ارتفاع الإيجارات(55)، وضعف القوة الشرائية(46)، تليها الضرائب والرسوم (38)، وضعف التسويق السياحي(33).
وفيما يتعلق بالبيئة الاستثمارية، وصفها(27) تاجرًا بأنها متوسطة، و(29) بأنها ضعيفة، ما يشير إلى ضرورة تحسين الظروف المحيطة بالأنشطة التجارية وتبسيط الإجراءات وتعزيز عوامل الجذب التجاري والاستثماري، أما تقييم الخدمات التي تقدمها غرفة تجارة العقبة، فقد أبدى معظم المشاركين رضاهم العام، إذ وصفها (20) بأنها ممتازة، و(24) بأنها جيدة، فيما أشار (13) إلى حاجتها إلى تطوير. وكانت أكثر الخدمات استخدامًا هي إصدار الشهادات والمعاملات(49).
وأوصى الاستبيان من خلال تجار العقبة بضرورة تسريع التحول الرقمي من خلال إنشاء منصة إلكترونية للترويج التجاري لأسواق العقبة، إلى جانب تفعيل برامج التدريب والتشغيل والدعم الفني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الحملات الإعلامية والتسويقية لزيادة الزخم التجاري والسياحي في المدينة.
جهود للخروج من الوضع الراهن
يؤكد نائب رئيس غرفة تجارة العقبة أحمد سالم الكسواني أن نتائج الاستبيان تشكل مرجعا عمليا وركيزة أساسية لتطوير الخطط المستقبلية للغرفة، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد حراكا ميدانيا ومؤسسيا لتطبيق التوصيات على أرض الواقع.
ويبين أن غرفة تجارة العقبة تتعامل بجدية مع الملاحظات التي قدمها التجار، ونعمل على تحويلها إلى خطط تنفيذية واقعية تستجيب للتحديات وتترجم احتياجات السوق إلى برامج عمل حقيقية، قائلا: ' سنبدأ بخطوات عملية تشمل تطوير المنظومة الرقمية وتعزيز التواصل المباشر مع التجار، إلى جانب تكثيف الزيارات الميدانية للأسواق لمتابعة احتياجاتهم عن قرب'.
وينوه الكسواني إلى أن العقبة 'مختبر اقتصادي' يمكن أن يقيس مدى جاهزية الأردن لتطبيق مفاهيم الاقتصاد العصري القائم على الشراكة والتكامل والابتكار، مشيرا إلى أن غرفة تجارة العقبة تتجه في إستراتيجيتها الجديدة نحو الجمع بين الإصلاح الإداري والتحول الرقمي وتعزيز القرب من التجار عبر التواصل الميداني والمبادرات التدريبية.
ويؤكد أن الغرفة بالتعاون مع سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة والجهات الشريكة، ستعمل على خفض كلف التشغيل والإيجارات وتحفيز التسويق السياحي والتجاري بما ينعكس إيجابا على حركة الأسواق المحلية، مبينا أن العقبة تمتلك كل المقومات لتكون مركزا تجاريا وسياحيا متكاملا، وغرفة التجارة ستواصل العمل لتعزيز بيئة الأعمال وتطوير خدماتها بما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. (الغد)
أخبار اليوم - في الوقت الذي تتربع فيه مدينة العقبة على عرش المزايا التجارية والسياحية واللوجستية، بما تملكه من بنية تحتية متقدمة، وتشريعات اقتصادية محفزة، وموقع إستراتيجي فريد على البحر الأحمر، ما تزال أسواقها المحلية تئن تحت وطأة ضعف الحركة التجارية وتراجع القوة الشرائية.
هذا التناقض بين الإمكانات الهائلة والنشاط المحدود على الأرض يكشف عن فجوة حيوية تسعى الجهات المعنية لسدها عبر خطة إصلاحية جديدة ترتكز على التحول الرقمي والتفاعل الميداني والترويج السياحي المتكامل.
الأسواق.. بين الآمال والتحديات اليومية
يؤكد تجار واقتصاديون أن الحركة التجارية ما تزال تمضي على إيقاع متذبذب بين الآمال الكبيرة والتحديات اليومية، مشيرين إلى أن المشهد التجاري في العقبة يبدو للوهلة الأولى متنوعا وغنيا، لكن ما تحت السطح يعكس واقعا يحتاج إلى إعادة توازن.
ويشيرون إلى أنهم يعيشون بين موجات من الترقب من خلال المواسم التي تتحرك فيها الأسواق بشكل جيد، ومواسم أخرى يخشون فيها من إغلاق أبواب محلاتهم، وهو أمر تكرر مرارا خلال السنوات الأخيرة، قائلين: 'إلى جانب تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وبحث السياح عن العروض لا عن التجربة، فإنهم يواجهون ارتفاعا كبيرا بالإيجارات ومنافسة غير عادلة من الأسواق الإلكترونية.'
يقول التاجر محمد الرياطي: 'الأسواق في العقبة تعيش تحولات صامتة لكنها عميقة.. ما تحتاجه العقبة هو إعادة بناء الثقة بين السوق والبيئة الاستثمارية، وتوفير منظومة متكاملة تحفز الاستثمار الصغير والمتوسط، وتمنحه أدوات استدامة، وليس مجرد إعفاءات مؤقتة أو حلول موسمية'، موضحا: ' بينما تتراجع بعض الأنشطة التقليدية في الأسواق الرئيسة التي تشكلت قبل المنطقة الخاصة، تبرز أنماط جديدة من التجارة والخدمات والطلب المتزايد على المنتجات المحلية والسياحية المبتكرة، وتنامي استخدام المنصات الرقمية للترويج والبيع، ما يضع التجار أمام مأزق حقيقي'.
ويضيف، ' الكثير من التجار يشتكون من ضعف الترويج ومحدودية الحركة الشرائية المحلية، وتداخل الصلاحيات بين الجهات المعنية،' مؤكداً أن التحدي الأساسي في العقبة يكمن في إدارة الموارد المتاحة بكفاءة، فالبنية التحتية والموقع متوفران، لكن الحيوية الداخلية للسوق محدودة.
ويشاركه الرأي الخبير الاقتصادي الدكتور حسام الطراونة قائلا:
' التحدي الذي يواجه العقبة هو إدارة الموارد المتاحة بكفاءة، فالبنية التحتية متميزة، والموقع إستراتيجي، والموانئ متطورة، ورغم ذلك فإن الأسواق تشهد كسادا في الحركة التجارية،' مشددا على ضرورة تحفيز الدورة الاقتصادية المحلية بدءا من تخفيض الإيجارات وتنشيط السياحة الداخلية، ودعم المشروعات الصغيرة، وتسهيل وصول التجار إلى المنصات التسويقية الحديثة.
ويضيف، إن التحول الرقمي وسيلة لإعادة تعريف النشاط التجاري، ويمكن في العقبة يمكن أن تتحول المتاجر الصغيرة إلى منصات تصديرية حقيقية إذا تم تمكينها تكنولوجيا، وربطها بسلاسل التوريد الإقليمية، منوها إلى أن توسعة الأسواق وافتتاح محال جديدة لا يعد بالضرورة أمرا إيجابيا إذا لم يصاحبه تحفيز الطلب.
خلل في ميزان العرض والطلب
يبين عدد من التجار أنه ورغم المنافسة الكبيرة من الأسواق الجديدة فإن المستهلك بقي نفسه، ما يعني أن الحركة توزعت على عدد أكبر من المحال، وبالتالي تتراجع الأرباح لكل تاجر موجود منذ سنوات.
ويشير التاجر محمد أبو عيشة إلى أن الأسواق الحالية تعاني من ركود واضح منذ عدة مواسم، وأحيانا نلاحظ تحسناً مؤقتا في مواسم محددة، لكنه سرعان ما يتراجع بسبب محدودية القوة الشرائية وارتفاع الإيجارات، مؤكدا أن فتح أسواق جديدة في مناطق أخرى من المدينة ادى إلى تحويل جزء كبير من الحركة التجارية بعيدا عن الأسواق القديمة ما زاد من حدة الركود لدينا، وخلقَ شعورا بعدم الاستقرار في العمل اليومي.
ويوضح الخبير الطراونة أن فتح أسواق جديدة في العقبة كان خطوة تهدف إلى استيعاب نمو الطلب المستقبلي، لكنها في الوقت الحالي أثرت على الأسواق القائمة، خاصة تلك التي أُنشئت قبل المنطقة الاقتصادية الخاصة، والتي لا تمتلك نفس القدرات التسويقية أو الدعم الفني، مشيرا إلى أن الحل يكمن في تطوير أسواق قائمة وربطها بالرقمنة والتسويق الموحد، وليس فقط فتح أسواق جديدة دون تخطيط شامل.
ويضيف، إن التحدي الأساسي هو إدارة الدورة الاقتصادية بحيث تستفيد كل الأسواق من النشاط التجاري، بدلاً من أن تتحول الأسواق الجديدة إلى منافس للأسواق القديمة، وهو ما يحدث حاليا إلى جانب إستراتيجية تكاملية تربط بين الأسواق الحالية والجديدة، وتحفز التجار على الابتكار وتقديم خدمات جديدة تلائم التغيرات في السلوك الاستهلاكي للزوار والمواطنين.
ويرى التاجر محمد ياسين أن الكثير من التجار ترددوا في توسيع أعمالهم أو تحديث محلاتهم خوفا من أن الحركة التجارية الجديدة تنتقل إلى أماكن أخرى نتيجة المنافسة بين الأسواق، والتأثير المباشر على الاستثمارات القائمة، مؤكداً أننا نحتاج إلى رؤية واضحة من الجهات المختصة لتوزيع النشاط التجاري بشكل متوازن ودعم الأسواق القائمة بالتوازي مع تطوير الجديدة.
أرقام تكشف حجم المشكلة
وكانت غرفة تجارة العقبة قد أطلقت استبيانا شاملا تحت عنوان 'تطوير بيئة الأعمال والخدمات التجارية في محافظة العقبة' في خطوة تعكس نهج التخطيط المبني على البيانات والتفاعل الميداني مع القطاع التجاري بهدف رصد واقع الأسواق المحلية والتعرف على أبرز التحديات التي تواجه التجار ومستوى رضاهم عن الخدمات المقدمة من الغرفة، إلى جانب جمع مقترحاتهم التطويرية لتعزيز الدور الاقتصادي والتنموي للقطاع التجاري في المدينة.
ويأتي هذا الاستبيان ضمن رؤية الغرفة الإستراتيجية الهادفة إلى بناء بيئة تجارية أكثر تنافسية واستدامة في العقبة، التي تعد مركزا اقتصاديا ولوجستيا وسياحيا رئيسا للمملكة، بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتحفيز فرص العمل والنشاط الاستثماري.
وشمل الاستبيان ستة من الأسواق الداخلية الرئيسة (الخامسة، السابعة، الثامنة الجديدة، التاسعة، العاشرة، والعالمية)، بمشاركة (98) تاجرا من مختلف القطاعات التجارية، منهم (64) عبر استبيان ورقي و(34) إلكترونيا، في خطوة جمعت بين المشاركة الميدانية والتفاعل الرقمي.
وأظهرت نتائج التحليل أن الحركة التجارية في معظم الأسواق تتراوح بين المتوسطة والضعيفة، حيث وصفها(26) مشاركا بأنها متوسطة، و(22) ضعيفة، و(13) راكدة، مقابل (14) فقط اعتبروها نشطة جدا، كما بيّن المشاركون أن أبرز التحديات التي تواجههم تتمثل في ارتفاع الإيجارات(55)، وضعف القوة الشرائية(46)، تليها الضرائب والرسوم (38)، وضعف التسويق السياحي(33).
وفيما يتعلق بالبيئة الاستثمارية، وصفها(27) تاجرًا بأنها متوسطة، و(29) بأنها ضعيفة، ما يشير إلى ضرورة تحسين الظروف المحيطة بالأنشطة التجارية وتبسيط الإجراءات وتعزيز عوامل الجذب التجاري والاستثماري، أما تقييم الخدمات التي تقدمها غرفة تجارة العقبة، فقد أبدى معظم المشاركين رضاهم العام، إذ وصفها (20) بأنها ممتازة، و(24) بأنها جيدة، فيما أشار (13) إلى حاجتها إلى تطوير. وكانت أكثر الخدمات استخدامًا هي إصدار الشهادات والمعاملات(49).
وأوصى الاستبيان من خلال تجار العقبة بضرورة تسريع التحول الرقمي من خلال إنشاء منصة إلكترونية للترويج التجاري لأسواق العقبة، إلى جانب تفعيل برامج التدريب والتشغيل والدعم الفني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الحملات الإعلامية والتسويقية لزيادة الزخم التجاري والسياحي في المدينة.
جهود للخروج من الوضع الراهن
يؤكد نائب رئيس غرفة تجارة العقبة أحمد سالم الكسواني أن نتائج الاستبيان تشكل مرجعا عمليا وركيزة أساسية لتطوير الخطط المستقبلية للغرفة، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد حراكا ميدانيا ومؤسسيا لتطبيق التوصيات على أرض الواقع.
ويبين أن غرفة تجارة العقبة تتعامل بجدية مع الملاحظات التي قدمها التجار، ونعمل على تحويلها إلى خطط تنفيذية واقعية تستجيب للتحديات وتترجم احتياجات السوق إلى برامج عمل حقيقية، قائلا: ' سنبدأ بخطوات عملية تشمل تطوير المنظومة الرقمية وتعزيز التواصل المباشر مع التجار، إلى جانب تكثيف الزيارات الميدانية للأسواق لمتابعة احتياجاتهم عن قرب'.
وينوه الكسواني إلى أن العقبة 'مختبر اقتصادي' يمكن أن يقيس مدى جاهزية الأردن لتطبيق مفاهيم الاقتصاد العصري القائم على الشراكة والتكامل والابتكار، مشيرا إلى أن غرفة تجارة العقبة تتجه في إستراتيجيتها الجديدة نحو الجمع بين الإصلاح الإداري والتحول الرقمي وتعزيز القرب من التجار عبر التواصل الميداني والمبادرات التدريبية.
ويؤكد أن الغرفة بالتعاون مع سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة والجهات الشريكة، ستعمل على خفض كلف التشغيل والإيجارات وتحفيز التسويق السياحي والتجاري بما ينعكس إيجابا على حركة الأسواق المحلية، مبينا أن العقبة تمتلك كل المقومات لتكون مركزا تجاريا وسياحيا متكاملا، وغرفة التجارة ستواصل العمل لتعزيز بيئة الأعمال وتطوير خدماتها بما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. (الغد)
التعليقات