أخبار اليوم - نشرت صحيفة “التايمز” تحليلا أعده مارك أربان قال فيه إن الحوثيين في اليمن لا يزالون يملكون زمام المبادرة. فرغم الجهود الأمريكية المنسقة لضرب مواقعهم وأرصدتهم لا تزال الجماعة قادرة على استهداف السفن في البحر الأحمر وإرسال الصواريخ نحو إسرائيل.
وأشار إلى حادث تحطم مقاتلة أمريكية يوم الإثنين عندما كان البحارة يحركون الطائرات على سطح حاملة الطائرات الأمريكية هاري إس ترومان، حيث بدت المناورات المفاجئة التي قامت بها السفينة غير سارة. إلا أن ما حدث بعد ذلك كان بمثابة تذكير مهم بكلفة الحرب عند مواجهة عدو مراوغ.
ووصف الكاتب خسارة الطيران الأمريكي طائرة كانت ستنطلق من حاملة الطائرات هاري ترومان قبل أن تغرق في البحر الأحمر. والمهم في الأمر أن المقاتلة أف/إي- 18 كلفتها 67 مليون دولار، تضاف إلى فاتورة قيمتها 7 مليارات دولار للعمليات الأمريكية ضد الجماعة اليمنية المدعومة من إيران على مدى الأشهر الخمسة عشر الماضية.
وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ “محو الحوثيين” في حملة عسكرية تصاعدت من 202 غارة جوية خلال إدارة بايدن إلى 800 غارة في أقل من شهرين
فقد وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ “محو الحوثيين” في حملة عسكرية تصاعدت من 202 غارة جوية خلال إدارة بايدن إلى 800 غارة في أقل من شهرين. وقالت القيادة المركزية الأمريكية التي تشرف على العمليات في اليمن إنها ستزيد من الضغط لإضعاف الحوثيين طالما ظلوا يعرقلون حرية الملاحة البحرية.
ولكن بعد أن بدأت هذه الموجة الجديدة من الضربات، وتنسيق السياسة من خلال مجموعة الدردشة سيئة السمعة التي أنشأها مستشار الأمن القومي آنذاك مايك والتز على تطبيق “سيغنال”، فمن غير الواضح ما إذا كانت إدارة ترامب تعرف إلى أي مدى يجب تصعيد الأمور أو حتى كيفية إنهاء الحملة العسكرية.
وهدد وزير الدفاع بيت هيغسيث الأسبوع الماضي إيران في تغريدة على موقع إكس “نرى دعمكم القاتل للحوثيين” و”ستواجهون التداعيات في الوقت والمكان الذي سنختاره”. وفي الوقت نفسه، تحاول الولايات المتحدة التفاوض على اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي.
وقالت إليزابيث كيندال، الخبيرة في شؤون اليمن ورئيسة كلية غيرتون في جامعة كامبريدج: “ما نراه هو انقسام داخلي حقيقي داخل إدارة ترامب، حيث أصبح الكثير من الأشخاص الذين كانوا يدعمون ترامب بشدة متشددين للغاية بشأن إيران”.
ويضيف هذا الانقسام تعقيدا آخر إلى الهدف المعلن لأمريكا المتمثل في إنهاء هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية. وقد ردت حركة أنصار الله، الاسم الرسمي لحركة الحوثيين في اليمن، بتحد مألوف. ورغم أن هذا التحدي يحاول تجاوز الألم الحقيقي الذي خلفته الغارات الأمريكية المتعددة الاتجاهات التي بدأت منذ منتصف آذار/مارس، إلا أنها تواصل شن هجمات صاروخية ضد إسرائيل وكذلك السفن التجارية التي تمر عبر مضيق باب المندب.
وفي يوم الأربعاء، انضمت مقاتلات سلاح الجو الملكي البريطاني، تايفون إلى عملية “راف رايدر” (الراكب الخشن) بعد توقف في الضربات منذ شباط/فبراير الماضي.
تتزايد التكهنات بأن مجموعة حاملة الطائرات “برينس أوف ويلز”، التي تتدرب حاليا في البحر الأبيض المتوسط قبل عبورها قناة السويس إلى البحر الأحمر، ستنضم أيضا إلى قصف الحوثيين
وتتزايد التكهنات داخل وزارة الدفاع بأن مجموعة حاملة الطائرات “برينس أوف ويلز”، التي تتدرب حاليا في البحر الأبيض المتوسط قبل عبورها قناة السويس إلى البحر الأحمر، ستنضم أيضا إلى قصف الحوثيين. وبالنسبة لبريطانيا، فإن المشاركة في مثل هذه المهام تخدم الغرض السياسي المتمثل في الوقوف جنبا إلى جنب مع الأمريكيين والجيش وإثبات أن حاملة الطائرات ومقاتلات أف-35 الجديدة وطائراتها جاهزة للقتال. لكن هذه المشاركة ليست بدون مخاطر، ويجمع الحوثيون بين خفة الحركة التي تتمتع بها جماعة غير حكومية وجيش المتمردين، في حين يتمتعون بدعم إيراني، ويتباهون بترسانة من الأسلحة القوية التي من شأنها أن تجعل معظم البلدان تشعر بالخجل.
وهذا يشكل خطرا على الطيارين البريطانيين والأمريكيين، إذ أسقط الحوثيون 19 طائرة بدون طيار من طراز ريبر (تبلغ تكلفة كل منها 30 مليون دولار) منذ بدء هذه الغارات. وتظهر محاولة يوم الاثنين لضرب حاملة الطائرات ترومان قدرتهم المستمرة على تهديد السفن القريبة بمزيج من الصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة بالإضافة إلى الطائرات والقوارب المسيرة، واختبار دفاعاتهم من جميع الزوايا. ونقل إربان عن مسؤول في حكومة ريشي سوناك المحافظة تفكيرهم بأن “أفضل شيء يمكن فعله مع الحوثيين هو ببساطة تجاهلهم”. ويقول الحوثيون إن هجماتهم على نحو 100 سفينة تجارية عابرة للبحر الأحمر تأتي ردا على الحملة الإسرائيلية في غزة.
وقد تراجعت العديد من شركات التأمين الآن عن تقديم التغطية وانخفضت حركة المرور عبر باب المندب إلى أقل من النصف مما كانت عليه في السابق.
إلا أن المناطق التي تعتمد على حركة الملاحة البحرية عبر باب المندب لا تعتبر التجاهل حلا. وشهدت الموانئ التي تعتمد على الشحن عبر البحر الأحمر، من إريتريا إلى السودان والأردن، انخفاضا حادا في حركة الملاحة، ناهيك عن خسارة مصر معظم عائدات قناة السويس. كما أن استمرار هجمات الحوثيين بالصواريخ الباليستية على إسرائيل من شأنه أن يؤدي إلى إشعال صراع أوسع نطاقا.
وهناك مشكلة أخرى في اعتراض الصواريخ الباليستية التي يجمعها الحوثيون بمساعدة إيرانية: مشكلة كبيرة للدول من ناحية الكلفة المالية لكل صاروخ يطلق لاعتراضها. وتبلغ تكلفة صواريخ “حيتس” الإسرائيلية المستخدمة لمواجهتها 4 ملايين دولار لكل صاروخ، بينما تبلغ تكلفة أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية “ثاد” 8.4 مليون دولار، وتبلغ تكلفة صاروخ “إس إم-3” المضاد للصواريخ الباليستية الذي يطلق من السفن 27 مليون دولار.
تبلغ تكلفة صواريخ “حيتس” الإسرائيلية المستخدمة لمواجهة صواريخ الحوثيين 4 ملايين دولار لكل صاروخ، بينما تبلغ تكلفة أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية “ثاد” 8.4 مليون دولار
وفيما يتعلق بحماية السفن الحربية قبالة سواحل اليمن، فإن إطلاق مجموعة من الصواريخ الدفاعية يكلف ملايين الدولارات، ولكن ثمن توجيه مثل هذه الضربة وإصابة سفينة حربية بالشلل قد يتجاوز بسهولة مليارات الدولارات. والمشكلة لا تتعلق بالتكلفة فحسب، بل تتعلق أيضا باستنزاف المخزون الأساسي من الأسلحة الأمريكية التي ستكون هناك حاجة إليها في أي صراع أوسع نطاقا مع إيران أو الصين، والتي سوف يستغرق استبدالها سنوات.
ومن خلال أداء هذه الخدمة المفيدة للغاية، يبرر أنصار الله مكانتهم في قوات “محور المقاومة” الإيرانية والجهود الطويلة الأمد المبذولة لتزويدهم بها. وبالمقارنة، يقوم أنصار الله بتصنيع طائرات بدون طيار أصغر حجما بكلفة بضعة آلاف من الدولارات للطائرة الواحدة.
ولكن في سعيه لإشراكها في محادثات بشأن برنامجها النووي، اكتشف ترامب أن هذا الطريق مغلق أمامه، في الوقت الراهن على الأقل. وتشكل قدرة الحوثيين على قبول المساعدة الإيرانية وتجنب تحمل العواقب المحتملة عاملا آخر يجعل من الصعب التغلب عليهم.
وتصر وزارة الدفاع الأمريكية على أنها أضعفت قدرات الحركة العسكرية. وزعمت في الأسبوع الماضي أنها دمرت 69% من منصات إطلاق الصواريخ الباليستية التابعة لجماعة أنصار الله، و55% من منصات إطلاق الصواريخ المجنحة. صحيح أن الهجمات على الشحن البحري قد انخفضت، من 18 هجوما في كانون الأول/ ديسمبر 2023 إلى 3 هجمات في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، مع أن هذا يعود جزئيا إلى تراجع حركة المرور عبر البحر الأحمر. وفي محاولة لمنع الحوثيين من إعادة بناء منظمتهم، اعتمدت الولايات المتحدة نهجا شاملا، حيث أعلنت أنصار الله منظمة إرهابية في وقت سابق من هذا العام، وسعت إلى خنق تمويلها، فضلا عن منع إمدادات الأسلحة من إيران.
وقالت كيندال “هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها جهدا متماسكا من جانب الأمريكيين على الجبهتين، سواء على الصعيد العسكري أو على صعيد العقوبات”.
وربما شعرت الحركة بالضغوط بسبب تدمير البنى المدنية والضحايا المدنيين، إلا أنها ستستغل الحرمان وضحايا القصف الذي يعاني منه السكان لدعم موقفها المناهض لأمريكا. وفي النهاية، سيواصل الحوثيون الذين يحكمون من خلال الإكراه صمودهم، وقد فعلوا هذا أمام محاولات الدول الغربية والسعودية للسيطرة عليهم، وسيحتفظون ببعض القدرة على مواصلة إطلاق الصواريخ. ويعتقد البعض أن العملية البرية فقط هي القادرة على إلحاق أضرار جسيمة بهم، كما حدث مع الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان في خريف العام الماضي والذي تسبب في مشاكل كبيرة لحلفاء أنصار الله هناك، حزب الله.
ولأنه لا أمريكا أو الدول الغربية ستغامر بإرسال قواتها لليمن، فالعيون موجهة الآن على فصيل يمني مدعوم من الإمارات العربية المتحدة، والذي يبدو أنه يحشد لشن هجوم على معاقل الحوثيين.
ولكن تاريخ البلاد الأخير من الحرب الأهلية غير الحاسمة، والجهات الفاعلة الخارجية التي أحبطت مساعيها، يشير إلى أن هذه الفصائل لن تكون قوية بما يكفي لتحقيق أي شيء كبير. وعلى العكس من ذلك، ولأن أي عملية سلام ناجحة وتتضمن المصالحة بين الفصائل المختلفة في البلاد هي مجرد حلم بعيد المنال، فإن الأمل في تحييد الحوثيين بشكل كامل ضئيل للغاية. أما الأمريكيون وغيرهم فسيكافحون لمواجهة هذا التهديد على الملاحة البحرية والمنطقة بشكل عام.
أخبار اليوم - نشرت صحيفة “التايمز” تحليلا أعده مارك أربان قال فيه إن الحوثيين في اليمن لا يزالون يملكون زمام المبادرة. فرغم الجهود الأمريكية المنسقة لضرب مواقعهم وأرصدتهم لا تزال الجماعة قادرة على استهداف السفن في البحر الأحمر وإرسال الصواريخ نحو إسرائيل.
وأشار إلى حادث تحطم مقاتلة أمريكية يوم الإثنين عندما كان البحارة يحركون الطائرات على سطح حاملة الطائرات الأمريكية هاري إس ترومان، حيث بدت المناورات المفاجئة التي قامت بها السفينة غير سارة. إلا أن ما حدث بعد ذلك كان بمثابة تذكير مهم بكلفة الحرب عند مواجهة عدو مراوغ.
ووصف الكاتب خسارة الطيران الأمريكي طائرة كانت ستنطلق من حاملة الطائرات هاري ترومان قبل أن تغرق في البحر الأحمر. والمهم في الأمر أن المقاتلة أف/إي- 18 كلفتها 67 مليون دولار، تضاف إلى فاتورة قيمتها 7 مليارات دولار للعمليات الأمريكية ضد الجماعة اليمنية المدعومة من إيران على مدى الأشهر الخمسة عشر الماضية.
وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ “محو الحوثيين” في حملة عسكرية تصاعدت من 202 غارة جوية خلال إدارة بايدن إلى 800 غارة في أقل من شهرين
فقد وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ “محو الحوثيين” في حملة عسكرية تصاعدت من 202 غارة جوية خلال إدارة بايدن إلى 800 غارة في أقل من شهرين. وقالت القيادة المركزية الأمريكية التي تشرف على العمليات في اليمن إنها ستزيد من الضغط لإضعاف الحوثيين طالما ظلوا يعرقلون حرية الملاحة البحرية.
ولكن بعد أن بدأت هذه الموجة الجديدة من الضربات، وتنسيق السياسة من خلال مجموعة الدردشة سيئة السمعة التي أنشأها مستشار الأمن القومي آنذاك مايك والتز على تطبيق “سيغنال”، فمن غير الواضح ما إذا كانت إدارة ترامب تعرف إلى أي مدى يجب تصعيد الأمور أو حتى كيفية إنهاء الحملة العسكرية.
وهدد وزير الدفاع بيت هيغسيث الأسبوع الماضي إيران في تغريدة على موقع إكس “نرى دعمكم القاتل للحوثيين” و”ستواجهون التداعيات في الوقت والمكان الذي سنختاره”. وفي الوقت نفسه، تحاول الولايات المتحدة التفاوض على اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي.
وقالت إليزابيث كيندال، الخبيرة في شؤون اليمن ورئيسة كلية غيرتون في جامعة كامبريدج: “ما نراه هو انقسام داخلي حقيقي داخل إدارة ترامب، حيث أصبح الكثير من الأشخاص الذين كانوا يدعمون ترامب بشدة متشددين للغاية بشأن إيران”.
ويضيف هذا الانقسام تعقيدا آخر إلى الهدف المعلن لأمريكا المتمثل في إنهاء هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية. وقد ردت حركة أنصار الله، الاسم الرسمي لحركة الحوثيين في اليمن، بتحد مألوف. ورغم أن هذا التحدي يحاول تجاوز الألم الحقيقي الذي خلفته الغارات الأمريكية المتعددة الاتجاهات التي بدأت منذ منتصف آذار/مارس، إلا أنها تواصل شن هجمات صاروخية ضد إسرائيل وكذلك السفن التجارية التي تمر عبر مضيق باب المندب.
وفي يوم الأربعاء، انضمت مقاتلات سلاح الجو الملكي البريطاني، تايفون إلى عملية “راف رايدر” (الراكب الخشن) بعد توقف في الضربات منذ شباط/فبراير الماضي.
تتزايد التكهنات بأن مجموعة حاملة الطائرات “برينس أوف ويلز”، التي تتدرب حاليا في البحر الأبيض المتوسط قبل عبورها قناة السويس إلى البحر الأحمر، ستنضم أيضا إلى قصف الحوثيين
وتتزايد التكهنات داخل وزارة الدفاع بأن مجموعة حاملة الطائرات “برينس أوف ويلز”، التي تتدرب حاليا في البحر الأبيض المتوسط قبل عبورها قناة السويس إلى البحر الأحمر، ستنضم أيضا إلى قصف الحوثيين. وبالنسبة لبريطانيا، فإن المشاركة في مثل هذه المهام تخدم الغرض السياسي المتمثل في الوقوف جنبا إلى جنب مع الأمريكيين والجيش وإثبات أن حاملة الطائرات ومقاتلات أف-35 الجديدة وطائراتها جاهزة للقتال. لكن هذه المشاركة ليست بدون مخاطر، ويجمع الحوثيون بين خفة الحركة التي تتمتع بها جماعة غير حكومية وجيش المتمردين، في حين يتمتعون بدعم إيراني، ويتباهون بترسانة من الأسلحة القوية التي من شأنها أن تجعل معظم البلدان تشعر بالخجل.
وهذا يشكل خطرا على الطيارين البريطانيين والأمريكيين، إذ أسقط الحوثيون 19 طائرة بدون طيار من طراز ريبر (تبلغ تكلفة كل منها 30 مليون دولار) منذ بدء هذه الغارات. وتظهر محاولة يوم الاثنين لضرب حاملة الطائرات ترومان قدرتهم المستمرة على تهديد السفن القريبة بمزيج من الصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة بالإضافة إلى الطائرات والقوارب المسيرة، واختبار دفاعاتهم من جميع الزوايا. ونقل إربان عن مسؤول في حكومة ريشي سوناك المحافظة تفكيرهم بأن “أفضل شيء يمكن فعله مع الحوثيين هو ببساطة تجاهلهم”. ويقول الحوثيون إن هجماتهم على نحو 100 سفينة تجارية عابرة للبحر الأحمر تأتي ردا على الحملة الإسرائيلية في غزة.
وقد تراجعت العديد من شركات التأمين الآن عن تقديم التغطية وانخفضت حركة المرور عبر باب المندب إلى أقل من النصف مما كانت عليه في السابق.
إلا أن المناطق التي تعتمد على حركة الملاحة البحرية عبر باب المندب لا تعتبر التجاهل حلا. وشهدت الموانئ التي تعتمد على الشحن عبر البحر الأحمر، من إريتريا إلى السودان والأردن، انخفاضا حادا في حركة الملاحة، ناهيك عن خسارة مصر معظم عائدات قناة السويس. كما أن استمرار هجمات الحوثيين بالصواريخ الباليستية على إسرائيل من شأنه أن يؤدي إلى إشعال صراع أوسع نطاقا.
وهناك مشكلة أخرى في اعتراض الصواريخ الباليستية التي يجمعها الحوثيون بمساعدة إيرانية: مشكلة كبيرة للدول من ناحية الكلفة المالية لكل صاروخ يطلق لاعتراضها. وتبلغ تكلفة صواريخ “حيتس” الإسرائيلية المستخدمة لمواجهتها 4 ملايين دولار لكل صاروخ، بينما تبلغ تكلفة أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية “ثاد” 8.4 مليون دولار، وتبلغ تكلفة صاروخ “إس إم-3” المضاد للصواريخ الباليستية الذي يطلق من السفن 27 مليون دولار.
تبلغ تكلفة صواريخ “حيتس” الإسرائيلية المستخدمة لمواجهة صواريخ الحوثيين 4 ملايين دولار لكل صاروخ، بينما تبلغ تكلفة أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية “ثاد” 8.4 مليون دولار
وفيما يتعلق بحماية السفن الحربية قبالة سواحل اليمن، فإن إطلاق مجموعة من الصواريخ الدفاعية يكلف ملايين الدولارات، ولكن ثمن توجيه مثل هذه الضربة وإصابة سفينة حربية بالشلل قد يتجاوز بسهولة مليارات الدولارات. والمشكلة لا تتعلق بالتكلفة فحسب، بل تتعلق أيضا باستنزاف المخزون الأساسي من الأسلحة الأمريكية التي ستكون هناك حاجة إليها في أي صراع أوسع نطاقا مع إيران أو الصين، والتي سوف يستغرق استبدالها سنوات.
ومن خلال أداء هذه الخدمة المفيدة للغاية، يبرر أنصار الله مكانتهم في قوات “محور المقاومة” الإيرانية والجهود الطويلة الأمد المبذولة لتزويدهم بها. وبالمقارنة، يقوم أنصار الله بتصنيع طائرات بدون طيار أصغر حجما بكلفة بضعة آلاف من الدولارات للطائرة الواحدة.
ولكن في سعيه لإشراكها في محادثات بشأن برنامجها النووي، اكتشف ترامب أن هذا الطريق مغلق أمامه، في الوقت الراهن على الأقل. وتشكل قدرة الحوثيين على قبول المساعدة الإيرانية وتجنب تحمل العواقب المحتملة عاملا آخر يجعل من الصعب التغلب عليهم.
وتصر وزارة الدفاع الأمريكية على أنها أضعفت قدرات الحركة العسكرية. وزعمت في الأسبوع الماضي أنها دمرت 69% من منصات إطلاق الصواريخ الباليستية التابعة لجماعة أنصار الله، و55% من منصات إطلاق الصواريخ المجنحة. صحيح أن الهجمات على الشحن البحري قد انخفضت، من 18 هجوما في كانون الأول/ ديسمبر 2023 إلى 3 هجمات في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، مع أن هذا يعود جزئيا إلى تراجع حركة المرور عبر البحر الأحمر. وفي محاولة لمنع الحوثيين من إعادة بناء منظمتهم، اعتمدت الولايات المتحدة نهجا شاملا، حيث أعلنت أنصار الله منظمة إرهابية في وقت سابق من هذا العام، وسعت إلى خنق تمويلها، فضلا عن منع إمدادات الأسلحة من إيران.
وقالت كيندال “هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها جهدا متماسكا من جانب الأمريكيين على الجبهتين، سواء على الصعيد العسكري أو على صعيد العقوبات”.
وربما شعرت الحركة بالضغوط بسبب تدمير البنى المدنية والضحايا المدنيين، إلا أنها ستستغل الحرمان وضحايا القصف الذي يعاني منه السكان لدعم موقفها المناهض لأمريكا. وفي النهاية، سيواصل الحوثيون الذين يحكمون من خلال الإكراه صمودهم، وقد فعلوا هذا أمام محاولات الدول الغربية والسعودية للسيطرة عليهم، وسيحتفظون ببعض القدرة على مواصلة إطلاق الصواريخ. ويعتقد البعض أن العملية البرية فقط هي القادرة على إلحاق أضرار جسيمة بهم، كما حدث مع الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان في خريف العام الماضي والذي تسبب في مشاكل كبيرة لحلفاء أنصار الله هناك، حزب الله.
ولأنه لا أمريكا أو الدول الغربية ستغامر بإرسال قواتها لليمن، فالعيون موجهة الآن على فصيل يمني مدعوم من الإمارات العربية المتحدة، والذي يبدو أنه يحشد لشن هجوم على معاقل الحوثيين.
ولكن تاريخ البلاد الأخير من الحرب الأهلية غير الحاسمة، والجهات الفاعلة الخارجية التي أحبطت مساعيها، يشير إلى أن هذه الفصائل لن تكون قوية بما يكفي لتحقيق أي شيء كبير. وعلى العكس من ذلك، ولأن أي عملية سلام ناجحة وتتضمن المصالحة بين الفصائل المختلفة في البلاد هي مجرد حلم بعيد المنال، فإن الأمل في تحييد الحوثيين بشكل كامل ضئيل للغاية. أما الأمريكيون وغيرهم فسيكافحون لمواجهة هذا التهديد على الملاحة البحرية والمنطقة بشكل عام.
أخبار اليوم - نشرت صحيفة “التايمز” تحليلا أعده مارك أربان قال فيه إن الحوثيين في اليمن لا يزالون يملكون زمام المبادرة. فرغم الجهود الأمريكية المنسقة لضرب مواقعهم وأرصدتهم لا تزال الجماعة قادرة على استهداف السفن في البحر الأحمر وإرسال الصواريخ نحو إسرائيل.
وأشار إلى حادث تحطم مقاتلة أمريكية يوم الإثنين عندما كان البحارة يحركون الطائرات على سطح حاملة الطائرات الأمريكية هاري إس ترومان، حيث بدت المناورات المفاجئة التي قامت بها السفينة غير سارة. إلا أن ما حدث بعد ذلك كان بمثابة تذكير مهم بكلفة الحرب عند مواجهة عدو مراوغ.
ووصف الكاتب خسارة الطيران الأمريكي طائرة كانت ستنطلق من حاملة الطائرات هاري ترومان قبل أن تغرق في البحر الأحمر. والمهم في الأمر أن المقاتلة أف/إي- 18 كلفتها 67 مليون دولار، تضاف إلى فاتورة قيمتها 7 مليارات دولار للعمليات الأمريكية ضد الجماعة اليمنية المدعومة من إيران على مدى الأشهر الخمسة عشر الماضية.
وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ “محو الحوثيين” في حملة عسكرية تصاعدت من 202 غارة جوية خلال إدارة بايدن إلى 800 غارة في أقل من شهرين
فقد وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ “محو الحوثيين” في حملة عسكرية تصاعدت من 202 غارة جوية خلال إدارة بايدن إلى 800 غارة في أقل من شهرين. وقالت القيادة المركزية الأمريكية التي تشرف على العمليات في اليمن إنها ستزيد من الضغط لإضعاف الحوثيين طالما ظلوا يعرقلون حرية الملاحة البحرية.
ولكن بعد أن بدأت هذه الموجة الجديدة من الضربات، وتنسيق السياسة من خلال مجموعة الدردشة سيئة السمعة التي أنشأها مستشار الأمن القومي آنذاك مايك والتز على تطبيق “سيغنال”، فمن غير الواضح ما إذا كانت إدارة ترامب تعرف إلى أي مدى يجب تصعيد الأمور أو حتى كيفية إنهاء الحملة العسكرية.
وهدد وزير الدفاع بيت هيغسيث الأسبوع الماضي إيران في تغريدة على موقع إكس “نرى دعمكم القاتل للحوثيين” و”ستواجهون التداعيات في الوقت والمكان الذي سنختاره”. وفي الوقت نفسه، تحاول الولايات المتحدة التفاوض على اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي.
وقالت إليزابيث كيندال، الخبيرة في شؤون اليمن ورئيسة كلية غيرتون في جامعة كامبريدج: “ما نراه هو انقسام داخلي حقيقي داخل إدارة ترامب، حيث أصبح الكثير من الأشخاص الذين كانوا يدعمون ترامب بشدة متشددين للغاية بشأن إيران”.
ويضيف هذا الانقسام تعقيدا آخر إلى الهدف المعلن لأمريكا المتمثل في إنهاء هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية. وقد ردت حركة أنصار الله، الاسم الرسمي لحركة الحوثيين في اليمن، بتحد مألوف. ورغم أن هذا التحدي يحاول تجاوز الألم الحقيقي الذي خلفته الغارات الأمريكية المتعددة الاتجاهات التي بدأت منذ منتصف آذار/مارس، إلا أنها تواصل شن هجمات صاروخية ضد إسرائيل وكذلك السفن التجارية التي تمر عبر مضيق باب المندب.
وفي يوم الأربعاء، انضمت مقاتلات سلاح الجو الملكي البريطاني، تايفون إلى عملية “راف رايدر” (الراكب الخشن) بعد توقف في الضربات منذ شباط/فبراير الماضي.
تتزايد التكهنات بأن مجموعة حاملة الطائرات “برينس أوف ويلز”، التي تتدرب حاليا في البحر الأبيض المتوسط قبل عبورها قناة السويس إلى البحر الأحمر، ستنضم أيضا إلى قصف الحوثيين
وتتزايد التكهنات داخل وزارة الدفاع بأن مجموعة حاملة الطائرات “برينس أوف ويلز”، التي تتدرب حاليا في البحر الأبيض المتوسط قبل عبورها قناة السويس إلى البحر الأحمر، ستنضم أيضا إلى قصف الحوثيين. وبالنسبة لبريطانيا، فإن المشاركة في مثل هذه المهام تخدم الغرض السياسي المتمثل في الوقوف جنبا إلى جنب مع الأمريكيين والجيش وإثبات أن حاملة الطائرات ومقاتلات أف-35 الجديدة وطائراتها جاهزة للقتال. لكن هذه المشاركة ليست بدون مخاطر، ويجمع الحوثيون بين خفة الحركة التي تتمتع بها جماعة غير حكومية وجيش المتمردين، في حين يتمتعون بدعم إيراني، ويتباهون بترسانة من الأسلحة القوية التي من شأنها أن تجعل معظم البلدان تشعر بالخجل.
وهذا يشكل خطرا على الطيارين البريطانيين والأمريكيين، إذ أسقط الحوثيون 19 طائرة بدون طيار من طراز ريبر (تبلغ تكلفة كل منها 30 مليون دولار) منذ بدء هذه الغارات. وتظهر محاولة يوم الاثنين لضرب حاملة الطائرات ترومان قدرتهم المستمرة على تهديد السفن القريبة بمزيج من الصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة بالإضافة إلى الطائرات والقوارب المسيرة، واختبار دفاعاتهم من جميع الزوايا. ونقل إربان عن مسؤول في حكومة ريشي سوناك المحافظة تفكيرهم بأن “أفضل شيء يمكن فعله مع الحوثيين هو ببساطة تجاهلهم”. ويقول الحوثيون إن هجماتهم على نحو 100 سفينة تجارية عابرة للبحر الأحمر تأتي ردا على الحملة الإسرائيلية في غزة.
وقد تراجعت العديد من شركات التأمين الآن عن تقديم التغطية وانخفضت حركة المرور عبر باب المندب إلى أقل من النصف مما كانت عليه في السابق.
إلا أن المناطق التي تعتمد على حركة الملاحة البحرية عبر باب المندب لا تعتبر التجاهل حلا. وشهدت الموانئ التي تعتمد على الشحن عبر البحر الأحمر، من إريتريا إلى السودان والأردن، انخفاضا حادا في حركة الملاحة، ناهيك عن خسارة مصر معظم عائدات قناة السويس. كما أن استمرار هجمات الحوثيين بالصواريخ الباليستية على إسرائيل من شأنه أن يؤدي إلى إشعال صراع أوسع نطاقا.
وهناك مشكلة أخرى في اعتراض الصواريخ الباليستية التي يجمعها الحوثيون بمساعدة إيرانية: مشكلة كبيرة للدول من ناحية الكلفة المالية لكل صاروخ يطلق لاعتراضها. وتبلغ تكلفة صواريخ “حيتس” الإسرائيلية المستخدمة لمواجهتها 4 ملايين دولار لكل صاروخ، بينما تبلغ تكلفة أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية “ثاد” 8.4 مليون دولار، وتبلغ تكلفة صاروخ “إس إم-3” المضاد للصواريخ الباليستية الذي يطلق من السفن 27 مليون دولار.
تبلغ تكلفة صواريخ “حيتس” الإسرائيلية المستخدمة لمواجهة صواريخ الحوثيين 4 ملايين دولار لكل صاروخ، بينما تبلغ تكلفة أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية “ثاد” 8.4 مليون دولار
وفيما يتعلق بحماية السفن الحربية قبالة سواحل اليمن، فإن إطلاق مجموعة من الصواريخ الدفاعية يكلف ملايين الدولارات، ولكن ثمن توجيه مثل هذه الضربة وإصابة سفينة حربية بالشلل قد يتجاوز بسهولة مليارات الدولارات. والمشكلة لا تتعلق بالتكلفة فحسب، بل تتعلق أيضا باستنزاف المخزون الأساسي من الأسلحة الأمريكية التي ستكون هناك حاجة إليها في أي صراع أوسع نطاقا مع إيران أو الصين، والتي سوف يستغرق استبدالها سنوات.
ومن خلال أداء هذه الخدمة المفيدة للغاية، يبرر أنصار الله مكانتهم في قوات “محور المقاومة” الإيرانية والجهود الطويلة الأمد المبذولة لتزويدهم بها. وبالمقارنة، يقوم أنصار الله بتصنيع طائرات بدون طيار أصغر حجما بكلفة بضعة آلاف من الدولارات للطائرة الواحدة.
ولكن في سعيه لإشراكها في محادثات بشأن برنامجها النووي، اكتشف ترامب أن هذا الطريق مغلق أمامه، في الوقت الراهن على الأقل. وتشكل قدرة الحوثيين على قبول المساعدة الإيرانية وتجنب تحمل العواقب المحتملة عاملا آخر يجعل من الصعب التغلب عليهم.
وتصر وزارة الدفاع الأمريكية على أنها أضعفت قدرات الحركة العسكرية. وزعمت في الأسبوع الماضي أنها دمرت 69% من منصات إطلاق الصواريخ الباليستية التابعة لجماعة أنصار الله، و55% من منصات إطلاق الصواريخ المجنحة. صحيح أن الهجمات على الشحن البحري قد انخفضت، من 18 هجوما في كانون الأول/ ديسمبر 2023 إلى 3 هجمات في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، مع أن هذا يعود جزئيا إلى تراجع حركة المرور عبر البحر الأحمر. وفي محاولة لمنع الحوثيين من إعادة بناء منظمتهم، اعتمدت الولايات المتحدة نهجا شاملا، حيث أعلنت أنصار الله منظمة إرهابية في وقت سابق من هذا العام، وسعت إلى خنق تمويلها، فضلا عن منع إمدادات الأسلحة من إيران.
وقالت كيندال “هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها جهدا متماسكا من جانب الأمريكيين على الجبهتين، سواء على الصعيد العسكري أو على صعيد العقوبات”.
وربما شعرت الحركة بالضغوط بسبب تدمير البنى المدنية والضحايا المدنيين، إلا أنها ستستغل الحرمان وضحايا القصف الذي يعاني منه السكان لدعم موقفها المناهض لأمريكا. وفي النهاية، سيواصل الحوثيون الذين يحكمون من خلال الإكراه صمودهم، وقد فعلوا هذا أمام محاولات الدول الغربية والسعودية للسيطرة عليهم، وسيحتفظون ببعض القدرة على مواصلة إطلاق الصواريخ. ويعتقد البعض أن العملية البرية فقط هي القادرة على إلحاق أضرار جسيمة بهم، كما حدث مع الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان في خريف العام الماضي والذي تسبب في مشاكل كبيرة لحلفاء أنصار الله هناك، حزب الله.
ولأنه لا أمريكا أو الدول الغربية ستغامر بإرسال قواتها لليمن، فالعيون موجهة الآن على فصيل يمني مدعوم من الإمارات العربية المتحدة، والذي يبدو أنه يحشد لشن هجوم على معاقل الحوثيين.
ولكن تاريخ البلاد الأخير من الحرب الأهلية غير الحاسمة، والجهات الفاعلة الخارجية التي أحبطت مساعيها، يشير إلى أن هذه الفصائل لن تكون قوية بما يكفي لتحقيق أي شيء كبير. وعلى العكس من ذلك، ولأن أي عملية سلام ناجحة وتتضمن المصالحة بين الفصائل المختلفة في البلاد هي مجرد حلم بعيد المنال، فإن الأمل في تحييد الحوثيين بشكل كامل ضئيل للغاية. أما الأمريكيون وغيرهم فسيكافحون لمواجهة هذا التهديد على الملاحة البحرية والمنطقة بشكل عام.
التعليقات