أخبار اليوم - في جناحٍ بارد في المستشفى الأوروبي جنوب قطاع غزة، ترقد العدسة التي لم تخذل الحقيقة يومًا.. جسده هشٌ الآن، مُنهك من الألم والجوع، لكن روحه لا تزال تمسك بالكاميرا، وإن سقطت من يده، الصحفي الفلسطيني أحمد مطر، ابن حي الشيخ رضوان، لم يكن فقط شاهدًا على الحرب، بل كان أيضًا شاهدًا للحق.
بدأ مطر مسيرته مصورًا شابًا يعشق الضوء والظل، يجوب الشوارع الضيقة في غزة ليقتنص لحظات الحياة وسط الحصار. التحق بركب الصحافة البصرية في وقت كانت فيه الصورة تُسابق القصف، وكان دائمًا في الصفوف الأولى، حيث عُرف بلقب 'فنان الصورة' في قناة الجزيرة، فقد نقل للعالم حكايات لا تقولها الكلمات، بل تُحكى بالعيون والدخان والركام.
بين الكاميرا والبندقية
في الثالث عشر من شهر فبراير لعام 2024، وبينما كانت طائرات الاستطلاع تحوم في سماء غزة، خرج مطر برفقة زميله المراسل إسماعيل أبو عمر لتغطية موجة جديدة من نزوح المدنيين من مدينة رفح إلى خان يونس، فكان يحمل كاميرته كما يفعل دائمًا، ثابتًا، يبحث عن إنسانية تُقاوم الموت، لكن حاول الموت أن يسبقه.
يقول لـ 'فلسطين أون لاين': 'صاروخ أطلقته طائرة مُسيّرة استهدفهما بشكل مباشر، لحظة واحدة كانت كافية لقلب الحياة رأسًا على عقب'. فقد أصيب بشظايا متعددة في جسده ويده، بينما بُترت ساق زميله. سقط مطر، ولكن الكاميرا – في أعماقه – لم تسقط.
'سمعت صوت الانفجار، حسّيت جسمي اتفتّت... لكن أول إشي فكرت فيه: هل الصورة اتوثقت؟'، قالها وهو لا يزال يرقد على سريره، متكئًا على ضمادات تلتف حول جراحه وحلمه.
ويذكر أن مطر هو مصور صحفي بارز يعمل مع قناة الجزيرة، ويُعرف بلقب 'فنان الصورة' نظرًا لمهارته العالية في التصوير الصحفي والسينمائي. يبلغ من العمر حوالي 39 عامًا، حصل على دبلوم في التصوير الصحفي من كلية فلسطين التقنية عام 2008، وبدأ مسيرته المهنية في وكالة 'رامتان' الإعلامية، ثم عمل مع عدة قنوات إعلامية قبل انضمامه إلى قناة الجزيرة خلال الحرب الأخيرة على غزة.
ويشير إلى أن ظروف العمل الصحفي في ظل هذه الحرب التي لم تفرق بين الصحفي والمقاتل وبين من يحمل بندقية ومن يحمل كاميرا، صعبة للغاية، فلم تمر هذه التجربة من قبل خاصة أن الجميع مستهدف ولا يوجد استثناء لأي أحد.
من الحرب إلى معركة البقاء
نُقل حينها إلى المستشفى الأوروبي، وهناك خضع لعدة عمليات، بينها جراحة دقيقة لترميم الجمجمة، أجراها وفد طبي كويتي، لكن قصف الحرب لم يكن القاتل الوحيد، فالحصار وسوء التغذية أكملوا الباقي، فقد خسر وزنًا كبيرًا، وجروحه لم تلتئم بسبب ضعف التغذية وانعدام الرعاية الكافية.
'مش قادر أوقف، بس نفسي أرجع أمشي، أرجع أصور، أرجع أصرّخ بالصورة بدل الصوت'، يقولها بنبرة موجعة. ما يزال يحلم بالعودة إلى الميدان، ينتظر علاجه خارج القطاع، حيث يأمل أن تُمنح له فرصة الترميم... جسديًا ونفسيًا.
ويواجه مطر واقعًا جديدًا، إعاقة دائمة، وضعف شديد في البنية الجسدية، وصراع يومي مع الألم. 'بس مش هاد اللي كسرني، اللي كسرني إني مش قادر أحمل الكاميرا، أتمنى اليوم الذي أمسكها'.
عدسة لا تتقاعد
رغم إصابته الدائمة، لم يعلن أحمد التقاعد، 'العدسة مش شغل، هي رسالة... إذا ما رجعتش أنا، في حدا تاني راح يكمل، بس أنا بدي أرجع'، يقول بثبات. حتى من على سرير الشفاء، يتابع تغطيات زملائه، يعلّق على زوايا التصوير، يقترح مواضع العدسة.
لا يزال مطر ينتظر الموافقة على نقله للعلاج خارج غزة، وكل يوم يمر دون علاج مناسب يُهدد مستقبله المهني، بل وحياته. ومع ذلك، لا يشتكي كثيرًا. كل ما يطلبه هو أن يُمنح فرصة ليستعيد كرامته الجسدية، وأن يلمّ شتات صور لم يكتمل توثيقها بعد.
'أنا مش طالب إشي مستحيل، بدي بس أعيش طبيعي، أرجع أراعي أولادي، وأصور، وأخلي العالم يشوف الحقيقة'، يكررها وكأنها قسمٌ مهني لا ينتهي.
المصدر / فلسطين اون لاين
أخبار اليوم - في جناحٍ بارد في المستشفى الأوروبي جنوب قطاع غزة، ترقد العدسة التي لم تخذل الحقيقة يومًا.. جسده هشٌ الآن، مُنهك من الألم والجوع، لكن روحه لا تزال تمسك بالكاميرا، وإن سقطت من يده، الصحفي الفلسطيني أحمد مطر، ابن حي الشيخ رضوان، لم يكن فقط شاهدًا على الحرب، بل كان أيضًا شاهدًا للحق.
بدأ مطر مسيرته مصورًا شابًا يعشق الضوء والظل، يجوب الشوارع الضيقة في غزة ليقتنص لحظات الحياة وسط الحصار. التحق بركب الصحافة البصرية في وقت كانت فيه الصورة تُسابق القصف، وكان دائمًا في الصفوف الأولى، حيث عُرف بلقب 'فنان الصورة' في قناة الجزيرة، فقد نقل للعالم حكايات لا تقولها الكلمات، بل تُحكى بالعيون والدخان والركام.
بين الكاميرا والبندقية
في الثالث عشر من شهر فبراير لعام 2024، وبينما كانت طائرات الاستطلاع تحوم في سماء غزة، خرج مطر برفقة زميله المراسل إسماعيل أبو عمر لتغطية موجة جديدة من نزوح المدنيين من مدينة رفح إلى خان يونس، فكان يحمل كاميرته كما يفعل دائمًا، ثابتًا، يبحث عن إنسانية تُقاوم الموت، لكن حاول الموت أن يسبقه.
يقول لـ 'فلسطين أون لاين': 'صاروخ أطلقته طائرة مُسيّرة استهدفهما بشكل مباشر، لحظة واحدة كانت كافية لقلب الحياة رأسًا على عقب'. فقد أصيب بشظايا متعددة في جسده ويده، بينما بُترت ساق زميله. سقط مطر، ولكن الكاميرا – في أعماقه – لم تسقط.
'سمعت صوت الانفجار، حسّيت جسمي اتفتّت... لكن أول إشي فكرت فيه: هل الصورة اتوثقت؟'، قالها وهو لا يزال يرقد على سريره، متكئًا على ضمادات تلتف حول جراحه وحلمه.
ويذكر أن مطر هو مصور صحفي بارز يعمل مع قناة الجزيرة، ويُعرف بلقب 'فنان الصورة' نظرًا لمهارته العالية في التصوير الصحفي والسينمائي. يبلغ من العمر حوالي 39 عامًا، حصل على دبلوم في التصوير الصحفي من كلية فلسطين التقنية عام 2008، وبدأ مسيرته المهنية في وكالة 'رامتان' الإعلامية، ثم عمل مع عدة قنوات إعلامية قبل انضمامه إلى قناة الجزيرة خلال الحرب الأخيرة على غزة.
ويشير إلى أن ظروف العمل الصحفي في ظل هذه الحرب التي لم تفرق بين الصحفي والمقاتل وبين من يحمل بندقية ومن يحمل كاميرا، صعبة للغاية، فلم تمر هذه التجربة من قبل خاصة أن الجميع مستهدف ولا يوجد استثناء لأي أحد.
من الحرب إلى معركة البقاء
نُقل حينها إلى المستشفى الأوروبي، وهناك خضع لعدة عمليات، بينها جراحة دقيقة لترميم الجمجمة، أجراها وفد طبي كويتي، لكن قصف الحرب لم يكن القاتل الوحيد، فالحصار وسوء التغذية أكملوا الباقي، فقد خسر وزنًا كبيرًا، وجروحه لم تلتئم بسبب ضعف التغذية وانعدام الرعاية الكافية.
'مش قادر أوقف، بس نفسي أرجع أمشي، أرجع أصور، أرجع أصرّخ بالصورة بدل الصوت'، يقولها بنبرة موجعة. ما يزال يحلم بالعودة إلى الميدان، ينتظر علاجه خارج القطاع، حيث يأمل أن تُمنح له فرصة الترميم... جسديًا ونفسيًا.
ويواجه مطر واقعًا جديدًا، إعاقة دائمة، وضعف شديد في البنية الجسدية، وصراع يومي مع الألم. 'بس مش هاد اللي كسرني، اللي كسرني إني مش قادر أحمل الكاميرا، أتمنى اليوم الذي أمسكها'.
عدسة لا تتقاعد
رغم إصابته الدائمة، لم يعلن أحمد التقاعد، 'العدسة مش شغل، هي رسالة... إذا ما رجعتش أنا، في حدا تاني راح يكمل، بس أنا بدي أرجع'، يقول بثبات. حتى من على سرير الشفاء، يتابع تغطيات زملائه، يعلّق على زوايا التصوير، يقترح مواضع العدسة.
لا يزال مطر ينتظر الموافقة على نقله للعلاج خارج غزة، وكل يوم يمر دون علاج مناسب يُهدد مستقبله المهني، بل وحياته. ومع ذلك، لا يشتكي كثيرًا. كل ما يطلبه هو أن يُمنح فرصة ليستعيد كرامته الجسدية، وأن يلمّ شتات صور لم يكتمل توثيقها بعد.
'أنا مش طالب إشي مستحيل، بدي بس أعيش طبيعي، أرجع أراعي أولادي، وأصور، وأخلي العالم يشوف الحقيقة'، يكررها وكأنها قسمٌ مهني لا ينتهي.
المصدر / فلسطين اون لاين
أخبار اليوم - في جناحٍ بارد في المستشفى الأوروبي جنوب قطاع غزة، ترقد العدسة التي لم تخذل الحقيقة يومًا.. جسده هشٌ الآن، مُنهك من الألم والجوع، لكن روحه لا تزال تمسك بالكاميرا، وإن سقطت من يده، الصحفي الفلسطيني أحمد مطر، ابن حي الشيخ رضوان، لم يكن فقط شاهدًا على الحرب، بل كان أيضًا شاهدًا للحق.
بدأ مطر مسيرته مصورًا شابًا يعشق الضوء والظل، يجوب الشوارع الضيقة في غزة ليقتنص لحظات الحياة وسط الحصار. التحق بركب الصحافة البصرية في وقت كانت فيه الصورة تُسابق القصف، وكان دائمًا في الصفوف الأولى، حيث عُرف بلقب 'فنان الصورة' في قناة الجزيرة، فقد نقل للعالم حكايات لا تقولها الكلمات، بل تُحكى بالعيون والدخان والركام.
بين الكاميرا والبندقية
في الثالث عشر من شهر فبراير لعام 2024، وبينما كانت طائرات الاستطلاع تحوم في سماء غزة، خرج مطر برفقة زميله المراسل إسماعيل أبو عمر لتغطية موجة جديدة من نزوح المدنيين من مدينة رفح إلى خان يونس، فكان يحمل كاميرته كما يفعل دائمًا، ثابتًا، يبحث عن إنسانية تُقاوم الموت، لكن حاول الموت أن يسبقه.
يقول لـ 'فلسطين أون لاين': 'صاروخ أطلقته طائرة مُسيّرة استهدفهما بشكل مباشر، لحظة واحدة كانت كافية لقلب الحياة رأسًا على عقب'. فقد أصيب بشظايا متعددة في جسده ويده، بينما بُترت ساق زميله. سقط مطر، ولكن الكاميرا – في أعماقه – لم تسقط.
'سمعت صوت الانفجار، حسّيت جسمي اتفتّت... لكن أول إشي فكرت فيه: هل الصورة اتوثقت؟'، قالها وهو لا يزال يرقد على سريره، متكئًا على ضمادات تلتف حول جراحه وحلمه.
ويذكر أن مطر هو مصور صحفي بارز يعمل مع قناة الجزيرة، ويُعرف بلقب 'فنان الصورة' نظرًا لمهارته العالية في التصوير الصحفي والسينمائي. يبلغ من العمر حوالي 39 عامًا، حصل على دبلوم في التصوير الصحفي من كلية فلسطين التقنية عام 2008، وبدأ مسيرته المهنية في وكالة 'رامتان' الإعلامية، ثم عمل مع عدة قنوات إعلامية قبل انضمامه إلى قناة الجزيرة خلال الحرب الأخيرة على غزة.
ويشير إلى أن ظروف العمل الصحفي في ظل هذه الحرب التي لم تفرق بين الصحفي والمقاتل وبين من يحمل بندقية ومن يحمل كاميرا، صعبة للغاية، فلم تمر هذه التجربة من قبل خاصة أن الجميع مستهدف ولا يوجد استثناء لأي أحد.
من الحرب إلى معركة البقاء
نُقل حينها إلى المستشفى الأوروبي، وهناك خضع لعدة عمليات، بينها جراحة دقيقة لترميم الجمجمة، أجراها وفد طبي كويتي، لكن قصف الحرب لم يكن القاتل الوحيد، فالحصار وسوء التغذية أكملوا الباقي، فقد خسر وزنًا كبيرًا، وجروحه لم تلتئم بسبب ضعف التغذية وانعدام الرعاية الكافية.
'مش قادر أوقف، بس نفسي أرجع أمشي، أرجع أصور، أرجع أصرّخ بالصورة بدل الصوت'، يقولها بنبرة موجعة. ما يزال يحلم بالعودة إلى الميدان، ينتظر علاجه خارج القطاع، حيث يأمل أن تُمنح له فرصة الترميم... جسديًا ونفسيًا.
ويواجه مطر واقعًا جديدًا، إعاقة دائمة، وضعف شديد في البنية الجسدية، وصراع يومي مع الألم. 'بس مش هاد اللي كسرني، اللي كسرني إني مش قادر أحمل الكاميرا، أتمنى اليوم الذي أمسكها'.
عدسة لا تتقاعد
رغم إصابته الدائمة، لم يعلن أحمد التقاعد، 'العدسة مش شغل، هي رسالة... إذا ما رجعتش أنا، في حدا تاني راح يكمل، بس أنا بدي أرجع'، يقول بثبات. حتى من على سرير الشفاء، يتابع تغطيات زملائه، يعلّق على زوايا التصوير، يقترح مواضع العدسة.
لا يزال مطر ينتظر الموافقة على نقله للعلاج خارج غزة، وكل يوم يمر دون علاج مناسب يُهدد مستقبله المهني، بل وحياته. ومع ذلك، لا يشتكي كثيرًا. كل ما يطلبه هو أن يُمنح فرصة ليستعيد كرامته الجسدية، وأن يلمّ شتات صور لم يكتمل توثيقها بعد.
'أنا مش طالب إشي مستحيل، بدي بس أعيش طبيعي، أرجع أراعي أولادي، وأصور، وأخلي العالم يشوف الحقيقة'، يكررها وكأنها قسمٌ مهني لا ينتهي.
المصدر / فلسطين اون لاين
التعليقات