أخبار اليوم - خرجت الأسيرة الفلسطينية إسراء جعابيص من السجن في إطار صفقة تبادل الأسرى بعد طوفان الأقصى، حاملة معها أوراقها التي كتبتها وهي رهن الاعتقال.
وتحول ما دونته داخل الزنازين إلى كتابين، أحدهما حمل عنوان «فضفضات» والأخر «موجوعة» سجلت فيهما سنوات الأسر التسع وحكايات الأنين والوجع.
حاول الاحتلال كسرها، فتحولت إلى أيقونة تطوف البلاد العربية حاملة رسالة الأسرى ووجعهم، تبرهن على صمودهم وتبشر بالنصر
عن اختيارها لاسم «موجوعة» لأول أعمالها التي روت فيها تجربتها الخاصة وحكت فيها عن ظروف الأسر، وما تعرضت له من تعنت ورفض الاحتلال لعلاجها، وكشاهدة على مماطلة الاحتلال وارتكابه جريمة حرب في الإهمال المتعمد لعلاج الأسرى والأسيرات وإبقاء معاناتهم داخل زنازينهم، تقول إسراء إنها اختارت هذا الاسم بسبب واقعة حدثت خلال وجدها في إحدى جلسات محاكمتها من قبل الاحتلال، عندما سألها أحد أقاربها عن أحوالها، فردت «موجوعة».
وأضافت في حوارها لـ«القدس العربي» أنها بسبب هذه الكلمة تعرضت لعدة عقوبات من جانب الاحتلال لفترة طويلة منها المنع من الزيارة والحرمان من «الكانتين» وعقوبات أخرى، وشددت على أنها اختارت هذا الاسم لأنه يتحدث عن الألم، لكنه في الوقت نفسه يحث على الأمل.
وقالت إن العقوبة التي فرضها عليها الاحتلال بسبب كلمتها صنعت في داخلها تحديا: إذا كانت هذه الكلمة أزعجت المحتل ودفعته لمعاقبتي فسأجعله يسمع هذه الكلمة طوال الوقت.
تحكي جعابيص عن وجود قاصرات في سجون الاحتلال، وأنها بعد أن تعرضت للحرق، اختبرت فيهن تقبلهن لشكلها بعد أن تعرضت للحريق ومنعها من العلاج، واختبرت فيهن شعورا عندما يراها ابنها للمرة الأولى بعد اعتقالها.
كانت أول مرة يراها ابنها بعد عام و7 شهور من الاعتقال، وتقول: كنت حبكت زي نمر لأرتديه على وجهي حتى لا يراني بعد ما تعرضت له، وحتى أخبره أن أمك ما زالت كما هي، لكنه طلب مني نزعه حتى يراني، لأنه عرف شكلي من خلال حكايات الناس والصور التي نشرت لي.
رفضت جعابيص ما يردده البعض من تحميل المقاومة بإقدامها على عملية طوفان الأقصى مسؤولية الدمار الذي لحق بقطاع غزة، ووجهت الشكر لفصائل المقاومة خاصة كتائب عزالدين القسام الجناح المسلح لحركة «حماس» على انتفاضهم من أجل القدس والشعب الفلسطيني والنساء على بوابات الجامع الإبراهيمي ولأجل الأطفال الذين يتم الاعتداء عليهم وقتلهم ولأجل الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال الذين يتعرضون للقتل، ولأجل كل فلسطيني حر لا يستطيع الدفاع عن نفسه.
قالت: نثق في المقاومة… وشددت على أن بلادها لن تتحرر إلا بالسلاح
قبل خروجها من السجن، وصلت للأسيرات معلومات عن احتمالية وجود صفقة بين المقاومة والاحتلال لخروجهن من السجون: «كنا نؤمن بالمقاومة ونثق فيها ونعرف أنها لن تتركنا، ورغم فرحتنا بوجود صفقة إلا أننا كنا نتألم لما يحدث في غزة من عدوان، وأن أهلنا في غزة يستشهدون، كنا نتمنى أن نخرج على أجواء فرحة لكن حدث عكس ذلك، وما تعرضت له غزة من إبادة، وما تعرضت له بيوت الأسرى الفلسطينيين ومنهم بيت عائلتي الذين تعرضوا للضرب والاعتداء من قبل قوات الاحتلال يوم خروجي، كما أن الاحتلال ظل طوال الأيام التي سبقت الإفراج عنا، يمارس اللعب بأعصابنا فكانوا يفتحون الزنازين ويخبروننا أنهم لن يسمحوا بخروجنا من السجن، كانوا يضعون صور أسراهم لدى المقاومة في كل شوارع القدس، ومنعونا من الفرحة والاحتفال، واعتقلوا أشقائي يوم تحريري».
وزادت: كنا نثق في المقاومة وفي قدرتها على تحرير الأسرى وتحرير فلسطين، وكما دعمتنا المقاومة، فالأسرى سند ودعم لمقاومة.
وتقول جعابيص إنها تعرضت للتهديد والمراقبة في القدس بعد خروجها من السجن في إطار صفقة تبادل الأقصى، وإن أهلها كانوا مهددين، وإنها شعرت أنها قد تتعرض للأسر مرة أخرى قبل أن تتمكن من العلاج: «كان علاج يدي هو أهم شيء في هذا التوقيت بسبب الألم الذي رافقني طوال تسع سنوات في السجن، فقررت الخروج إلى الأردن، خاصة لأن محاولات العلاج كانت تدفعني للتحرك عبر الحواجز الإسرائيلية وتعرضي للمضايقات والتهديدات واحتمالية إعادة الأسرى مرة أخرى».
وتابعت: ثم خرجت إلى تونس ثم إلى مصر لنقل رسالة الأسرى بأننا ما زلنا على الدرب، وإذا كان شعبنا يتعرض للإبادة فأقل شيء أن القادر على الحركة والتنقل ينقل الرسالة.
وترفض جعابيص دعوات نزع سلاح المقاومة، وتعتبر أن الأصوات التي تتبنى هذا النهج سواء كانت عربية أو غير ذلك لا تعبر عن فلسطين أو الشعوب العربية: «نحن مع المقاومة قلبا وقالبا، الإبادة لن تتوقف إلا بقدرتنا على المواجهة، الاحتلال يمارس الإبادة بحق شعبنا منذ عشرات السنين، يفرض ضرائب وغرامات وانتهاكات بشكل عنصري وغير إنساني، كل ذلك يتطلب منا أن نرى الأشياء بشكل أوضح، لن تتحرر فلسطين سوى بالمقاومة والسلاح»
وتتحدث عن حياة الفلسطينيين في القدس: «نحن في القدس نعيش في سجن كبير، فكما كانت فترة أسري داخل سجن يحيطه الأسوار، القدس بين كل منطقة ومنطقة أسوار عالية، وأسلاك شائكة، تمنعنا من التحرك، فلسطين بالكامل تعد سجنا كبيرا فرضه الاحتلال على شعبنا».
وختمت: فلسطين قادرة على لململة جراحها لكن تحرير المقدسات في فلسطين هو واجب على كل عربي ومسلم، فكل إنسان عربي هو مسؤول عن تحرير المقدسات، وطالما استمرت المقاومة سواء كانت بالسلاح أو حتى القلم أو الرسومات مثل ناجي العلي أو التمسك بحق العودة، فلن تهزم فلسطين.
في مقدمة كتاب «فضفضات» الذي جمع في أوراقه ديوانها الشعري الأول الذي كتبته خلال سنوات الأسر، تتحدث إسراء عن شعرها، وتقول إنه كان فضفضات على إثر المحن التي مرت بها، وإنها كتبتها لتكون فضفضة لذاتها قبل أي أحد، لكي تكون هي سفينة النجاة والقبطان والمرساة، ليكون الورق ورفيقه القلم بصيص أمل يخرجها من الألم، وليكون هو المسعف الأول لنفسها.
جعابيص التي خرجت من السجن ضمن صفقة لتبادل الأسرى بين المقاومة والاحتلال في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، تعود إلى يوم 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، عندما كانت في طريقها من مدينة أريحا إلى مدينة القدس؛ حيث كانت تعمل في مدينة القدس يوميّاً وكانت تنقل بعض أغراض بيتها إلى سكنها الجديد بالقرب من مكان عملها، وفي ذلك اليوم كانت تحمل معها أنبوبة غاز فارغة وجهاز تِلفاز، وحسب ما ذكرت إسراء للمحققين كانت تشغل المكيف ومسجل السيارة.
تعطلت سيارة إسراء على بعد 1300 متى من أحد الحواجز الإسرائيلية قربَ مستوطنة معاليه أدوميم، وحدث تماس كهربائي وانفجرت الوسادة الهوائية في السيارة الموجود بجانب المِقوَد، وهو موجود أصلاللتقليل من مضاعفات حوادث السير، واشتعلت النيران داخل السيارة فخرجت إسراء من السيارة وطلبت الإسعاف من رجال الشرطة الإسرائيليين القريبين من مكان الحادث، إلا أن أفراد الشرطة لم يقدِّموا لها الإسعاف واستنفروا وأحضروا المزيد من رجال الشرطة والأمن.
وأعلنت الشرطة في البداية أنه حادثُ سير عادي، ثم ما لبث الإعلام العبري أن عدَّ ما حصل عمليةً لاستهداف الجنود الإسرائيليين، واكتشفَ المحققون التلفازَ مع أنبوبة الغاز الفارغة، وانفجارَ الوسادة الهوائية في السيارة وليس أنبوبة الغاز، وعلموا أن تشغيل المكيف منعَ انفجار زجاج السيارة، لكنَّ المخابرات الإسرائيلية ادَّعَت أن إسراء كانت في طريقها لتنفيذ عملية.
اعتقلت الشرطةُ الإسرائيلية إسراء، وعقدت لها السُّلطات الإسرائيلية عددًا من الجلسات داخل المستشفى؛ لصعوبة نقلها إلى المحكمة بسبب حالتها الصحِّية الحرجة، ووجَّهَت لها لائحة اتهام بمحاولة تنفيذ عملية و«قتل يهود» بتفجير أنبوبة غاز، مع العلم أن الأنبوبة كانت فارغة والانفجار حدث في مقدِّمة السيارة، واستدلًّت النيابة ببعض العبارات المنشورة على صفحة إسراء على فيسبوك.
وبعد مداولات ونقاشات داخل المحاكم الإسرائيلية حُكم عليها بالسَّجن مدَّة 11 عامًا، وغرامة مالية مقدارها 50 ألف شيكل، وكانت المداولات قبل الحُكم قد استمرَّت عامًا، وصدر الحكم في 7 أكتوبر 2016.
وسحب الاحتلال بطاقة التأمين الصحِّي منها، ومنع عنها زيارة ذويها عدَّة مرات، وفي إحداها منع ابنها من زيارتها، حتى جاءت صفقة التبادل وتحررت.
أخبار اليوم - خرجت الأسيرة الفلسطينية إسراء جعابيص من السجن في إطار صفقة تبادل الأسرى بعد طوفان الأقصى، حاملة معها أوراقها التي كتبتها وهي رهن الاعتقال.
وتحول ما دونته داخل الزنازين إلى كتابين، أحدهما حمل عنوان «فضفضات» والأخر «موجوعة» سجلت فيهما سنوات الأسر التسع وحكايات الأنين والوجع.
حاول الاحتلال كسرها، فتحولت إلى أيقونة تطوف البلاد العربية حاملة رسالة الأسرى ووجعهم، تبرهن على صمودهم وتبشر بالنصر
عن اختيارها لاسم «موجوعة» لأول أعمالها التي روت فيها تجربتها الخاصة وحكت فيها عن ظروف الأسر، وما تعرضت له من تعنت ورفض الاحتلال لعلاجها، وكشاهدة على مماطلة الاحتلال وارتكابه جريمة حرب في الإهمال المتعمد لعلاج الأسرى والأسيرات وإبقاء معاناتهم داخل زنازينهم، تقول إسراء إنها اختارت هذا الاسم بسبب واقعة حدثت خلال وجدها في إحدى جلسات محاكمتها من قبل الاحتلال، عندما سألها أحد أقاربها عن أحوالها، فردت «موجوعة».
وأضافت في حوارها لـ«القدس العربي» أنها بسبب هذه الكلمة تعرضت لعدة عقوبات من جانب الاحتلال لفترة طويلة منها المنع من الزيارة والحرمان من «الكانتين» وعقوبات أخرى، وشددت على أنها اختارت هذا الاسم لأنه يتحدث عن الألم، لكنه في الوقت نفسه يحث على الأمل.
وقالت إن العقوبة التي فرضها عليها الاحتلال بسبب كلمتها صنعت في داخلها تحديا: إذا كانت هذه الكلمة أزعجت المحتل ودفعته لمعاقبتي فسأجعله يسمع هذه الكلمة طوال الوقت.
تحكي جعابيص عن وجود قاصرات في سجون الاحتلال، وأنها بعد أن تعرضت للحرق، اختبرت فيهن تقبلهن لشكلها بعد أن تعرضت للحريق ومنعها من العلاج، واختبرت فيهن شعورا عندما يراها ابنها للمرة الأولى بعد اعتقالها.
كانت أول مرة يراها ابنها بعد عام و7 شهور من الاعتقال، وتقول: كنت حبكت زي نمر لأرتديه على وجهي حتى لا يراني بعد ما تعرضت له، وحتى أخبره أن أمك ما زالت كما هي، لكنه طلب مني نزعه حتى يراني، لأنه عرف شكلي من خلال حكايات الناس والصور التي نشرت لي.
رفضت جعابيص ما يردده البعض من تحميل المقاومة بإقدامها على عملية طوفان الأقصى مسؤولية الدمار الذي لحق بقطاع غزة، ووجهت الشكر لفصائل المقاومة خاصة كتائب عزالدين القسام الجناح المسلح لحركة «حماس» على انتفاضهم من أجل القدس والشعب الفلسطيني والنساء على بوابات الجامع الإبراهيمي ولأجل الأطفال الذين يتم الاعتداء عليهم وقتلهم ولأجل الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال الذين يتعرضون للقتل، ولأجل كل فلسطيني حر لا يستطيع الدفاع عن نفسه.
قالت: نثق في المقاومة… وشددت على أن بلادها لن تتحرر إلا بالسلاح
قبل خروجها من السجن، وصلت للأسيرات معلومات عن احتمالية وجود صفقة بين المقاومة والاحتلال لخروجهن من السجون: «كنا نؤمن بالمقاومة ونثق فيها ونعرف أنها لن تتركنا، ورغم فرحتنا بوجود صفقة إلا أننا كنا نتألم لما يحدث في غزة من عدوان، وأن أهلنا في غزة يستشهدون، كنا نتمنى أن نخرج على أجواء فرحة لكن حدث عكس ذلك، وما تعرضت له غزة من إبادة، وما تعرضت له بيوت الأسرى الفلسطينيين ومنهم بيت عائلتي الذين تعرضوا للضرب والاعتداء من قبل قوات الاحتلال يوم خروجي، كما أن الاحتلال ظل طوال الأيام التي سبقت الإفراج عنا، يمارس اللعب بأعصابنا فكانوا يفتحون الزنازين ويخبروننا أنهم لن يسمحوا بخروجنا من السجن، كانوا يضعون صور أسراهم لدى المقاومة في كل شوارع القدس، ومنعونا من الفرحة والاحتفال، واعتقلوا أشقائي يوم تحريري».
وزادت: كنا نثق في المقاومة وفي قدرتها على تحرير الأسرى وتحرير فلسطين، وكما دعمتنا المقاومة، فالأسرى سند ودعم لمقاومة.
وتقول جعابيص إنها تعرضت للتهديد والمراقبة في القدس بعد خروجها من السجن في إطار صفقة تبادل الأقصى، وإن أهلها كانوا مهددين، وإنها شعرت أنها قد تتعرض للأسر مرة أخرى قبل أن تتمكن من العلاج: «كان علاج يدي هو أهم شيء في هذا التوقيت بسبب الألم الذي رافقني طوال تسع سنوات في السجن، فقررت الخروج إلى الأردن، خاصة لأن محاولات العلاج كانت تدفعني للتحرك عبر الحواجز الإسرائيلية وتعرضي للمضايقات والتهديدات واحتمالية إعادة الأسرى مرة أخرى».
وتابعت: ثم خرجت إلى تونس ثم إلى مصر لنقل رسالة الأسرى بأننا ما زلنا على الدرب، وإذا كان شعبنا يتعرض للإبادة فأقل شيء أن القادر على الحركة والتنقل ينقل الرسالة.
وترفض جعابيص دعوات نزع سلاح المقاومة، وتعتبر أن الأصوات التي تتبنى هذا النهج سواء كانت عربية أو غير ذلك لا تعبر عن فلسطين أو الشعوب العربية: «نحن مع المقاومة قلبا وقالبا، الإبادة لن تتوقف إلا بقدرتنا على المواجهة، الاحتلال يمارس الإبادة بحق شعبنا منذ عشرات السنين، يفرض ضرائب وغرامات وانتهاكات بشكل عنصري وغير إنساني، كل ذلك يتطلب منا أن نرى الأشياء بشكل أوضح، لن تتحرر فلسطين سوى بالمقاومة والسلاح»
وتتحدث عن حياة الفلسطينيين في القدس: «نحن في القدس نعيش في سجن كبير، فكما كانت فترة أسري داخل سجن يحيطه الأسوار، القدس بين كل منطقة ومنطقة أسوار عالية، وأسلاك شائكة، تمنعنا من التحرك، فلسطين بالكامل تعد سجنا كبيرا فرضه الاحتلال على شعبنا».
وختمت: فلسطين قادرة على لململة جراحها لكن تحرير المقدسات في فلسطين هو واجب على كل عربي ومسلم، فكل إنسان عربي هو مسؤول عن تحرير المقدسات، وطالما استمرت المقاومة سواء كانت بالسلاح أو حتى القلم أو الرسومات مثل ناجي العلي أو التمسك بحق العودة، فلن تهزم فلسطين.
في مقدمة كتاب «فضفضات» الذي جمع في أوراقه ديوانها الشعري الأول الذي كتبته خلال سنوات الأسر، تتحدث إسراء عن شعرها، وتقول إنه كان فضفضات على إثر المحن التي مرت بها، وإنها كتبتها لتكون فضفضة لذاتها قبل أي أحد، لكي تكون هي سفينة النجاة والقبطان والمرساة، ليكون الورق ورفيقه القلم بصيص أمل يخرجها من الألم، وليكون هو المسعف الأول لنفسها.
جعابيص التي خرجت من السجن ضمن صفقة لتبادل الأسرى بين المقاومة والاحتلال في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، تعود إلى يوم 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، عندما كانت في طريقها من مدينة أريحا إلى مدينة القدس؛ حيث كانت تعمل في مدينة القدس يوميّاً وكانت تنقل بعض أغراض بيتها إلى سكنها الجديد بالقرب من مكان عملها، وفي ذلك اليوم كانت تحمل معها أنبوبة غاز فارغة وجهاز تِلفاز، وحسب ما ذكرت إسراء للمحققين كانت تشغل المكيف ومسجل السيارة.
تعطلت سيارة إسراء على بعد 1300 متى من أحد الحواجز الإسرائيلية قربَ مستوطنة معاليه أدوميم، وحدث تماس كهربائي وانفجرت الوسادة الهوائية في السيارة الموجود بجانب المِقوَد، وهو موجود أصلاللتقليل من مضاعفات حوادث السير، واشتعلت النيران داخل السيارة فخرجت إسراء من السيارة وطلبت الإسعاف من رجال الشرطة الإسرائيليين القريبين من مكان الحادث، إلا أن أفراد الشرطة لم يقدِّموا لها الإسعاف واستنفروا وأحضروا المزيد من رجال الشرطة والأمن.
وأعلنت الشرطة في البداية أنه حادثُ سير عادي، ثم ما لبث الإعلام العبري أن عدَّ ما حصل عمليةً لاستهداف الجنود الإسرائيليين، واكتشفَ المحققون التلفازَ مع أنبوبة الغاز الفارغة، وانفجارَ الوسادة الهوائية في السيارة وليس أنبوبة الغاز، وعلموا أن تشغيل المكيف منعَ انفجار زجاج السيارة، لكنَّ المخابرات الإسرائيلية ادَّعَت أن إسراء كانت في طريقها لتنفيذ عملية.
اعتقلت الشرطةُ الإسرائيلية إسراء، وعقدت لها السُّلطات الإسرائيلية عددًا من الجلسات داخل المستشفى؛ لصعوبة نقلها إلى المحكمة بسبب حالتها الصحِّية الحرجة، ووجَّهَت لها لائحة اتهام بمحاولة تنفيذ عملية و«قتل يهود» بتفجير أنبوبة غاز، مع العلم أن الأنبوبة كانت فارغة والانفجار حدث في مقدِّمة السيارة، واستدلًّت النيابة ببعض العبارات المنشورة على صفحة إسراء على فيسبوك.
وبعد مداولات ونقاشات داخل المحاكم الإسرائيلية حُكم عليها بالسَّجن مدَّة 11 عامًا، وغرامة مالية مقدارها 50 ألف شيكل، وكانت المداولات قبل الحُكم قد استمرَّت عامًا، وصدر الحكم في 7 أكتوبر 2016.
وسحب الاحتلال بطاقة التأمين الصحِّي منها، ومنع عنها زيارة ذويها عدَّة مرات، وفي إحداها منع ابنها من زيارتها، حتى جاءت صفقة التبادل وتحررت.
أخبار اليوم - خرجت الأسيرة الفلسطينية إسراء جعابيص من السجن في إطار صفقة تبادل الأسرى بعد طوفان الأقصى، حاملة معها أوراقها التي كتبتها وهي رهن الاعتقال.
وتحول ما دونته داخل الزنازين إلى كتابين، أحدهما حمل عنوان «فضفضات» والأخر «موجوعة» سجلت فيهما سنوات الأسر التسع وحكايات الأنين والوجع.
حاول الاحتلال كسرها، فتحولت إلى أيقونة تطوف البلاد العربية حاملة رسالة الأسرى ووجعهم، تبرهن على صمودهم وتبشر بالنصر
عن اختيارها لاسم «موجوعة» لأول أعمالها التي روت فيها تجربتها الخاصة وحكت فيها عن ظروف الأسر، وما تعرضت له من تعنت ورفض الاحتلال لعلاجها، وكشاهدة على مماطلة الاحتلال وارتكابه جريمة حرب في الإهمال المتعمد لعلاج الأسرى والأسيرات وإبقاء معاناتهم داخل زنازينهم، تقول إسراء إنها اختارت هذا الاسم بسبب واقعة حدثت خلال وجدها في إحدى جلسات محاكمتها من قبل الاحتلال، عندما سألها أحد أقاربها عن أحوالها، فردت «موجوعة».
وأضافت في حوارها لـ«القدس العربي» أنها بسبب هذه الكلمة تعرضت لعدة عقوبات من جانب الاحتلال لفترة طويلة منها المنع من الزيارة والحرمان من «الكانتين» وعقوبات أخرى، وشددت على أنها اختارت هذا الاسم لأنه يتحدث عن الألم، لكنه في الوقت نفسه يحث على الأمل.
وقالت إن العقوبة التي فرضها عليها الاحتلال بسبب كلمتها صنعت في داخلها تحديا: إذا كانت هذه الكلمة أزعجت المحتل ودفعته لمعاقبتي فسأجعله يسمع هذه الكلمة طوال الوقت.
تحكي جعابيص عن وجود قاصرات في سجون الاحتلال، وأنها بعد أن تعرضت للحرق، اختبرت فيهن تقبلهن لشكلها بعد أن تعرضت للحريق ومنعها من العلاج، واختبرت فيهن شعورا عندما يراها ابنها للمرة الأولى بعد اعتقالها.
كانت أول مرة يراها ابنها بعد عام و7 شهور من الاعتقال، وتقول: كنت حبكت زي نمر لأرتديه على وجهي حتى لا يراني بعد ما تعرضت له، وحتى أخبره أن أمك ما زالت كما هي، لكنه طلب مني نزعه حتى يراني، لأنه عرف شكلي من خلال حكايات الناس والصور التي نشرت لي.
رفضت جعابيص ما يردده البعض من تحميل المقاومة بإقدامها على عملية طوفان الأقصى مسؤولية الدمار الذي لحق بقطاع غزة، ووجهت الشكر لفصائل المقاومة خاصة كتائب عزالدين القسام الجناح المسلح لحركة «حماس» على انتفاضهم من أجل القدس والشعب الفلسطيني والنساء على بوابات الجامع الإبراهيمي ولأجل الأطفال الذين يتم الاعتداء عليهم وقتلهم ولأجل الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال الذين يتعرضون للقتل، ولأجل كل فلسطيني حر لا يستطيع الدفاع عن نفسه.
قالت: نثق في المقاومة… وشددت على أن بلادها لن تتحرر إلا بالسلاح
قبل خروجها من السجن، وصلت للأسيرات معلومات عن احتمالية وجود صفقة بين المقاومة والاحتلال لخروجهن من السجون: «كنا نؤمن بالمقاومة ونثق فيها ونعرف أنها لن تتركنا، ورغم فرحتنا بوجود صفقة إلا أننا كنا نتألم لما يحدث في غزة من عدوان، وأن أهلنا في غزة يستشهدون، كنا نتمنى أن نخرج على أجواء فرحة لكن حدث عكس ذلك، وما تعرضت له غزة من إبادة، وما تعرضت له بيوت الأسرى الفلسطينيين ومنهم بيت عائلتي الذين تعرضوا للضرب والاعتداء من قبل قوات الاحتلال يوم خروجي، كما أن الاحتلال ظل طوال الأيام التي سبقت الإفراج عنا، يمارس اللعب بأعصابنا فكانوا يفتحون الزنازين ويخبروننا أنهم لن يسمحوا بخروجنا من السجن، كانوا يضعون صور أسراهم لدى المقاومة في كل شوارع القدس، ومنعونا من الفرحة والاحتفال، واعتقلوا أشقائي يوم تحريري».
وزادت: كنا نثق في المقاومة وفي قدرتها على تحرير الأسرى وتحرير فلسطين، وكما دعمتنا المقاومة، فالأسرى سند ودعم لمقاومة.
وتقول جعابيص إنها تعرضت للتهديد والمراقبة في القدس بعد خروجها من السجن في إطار صفقة تبادل الأقصى، وإن أهلها كانوا مهددين، وإنها شعرت أنها قد تتعرض للأسر مرة أخرى قبل أن تتمكن من العلاج: «كان علاج يدي هو أهم شيء في هذا التوقيت بسبب الألم الذي رافقني طوال تسع سنوات في السجن، فقررت الخروج إلى الأردن، خاصة لأن محاولات العلاج كانت تدفعني للتحرك عبر الحواجز الإسرائيلية وتعرضي للمضايقات والتهديدات واحتمالية إعادة الأسرى مرة أخرى».
وتابعت: ثم خرجت إلى تونس ثم إلى مصر لنقل رسالة الأسرى بأننا ما زلنا على الدرب، وإذا كان شعبنا يتعرض للإبادة فأقل شيء أن القادر على الحركة والتنقل ينقل الرسالة.
وترفض جعابيص دعوات نزع سلاح المقاومة، وتعتبر أن الأصوات التي تتبنى هذا النهج سواء كانت عربية أو غير ذلك لا تعبر عن فلسطين أو الشعوب العربية: «نحن مع المقاومة قلبا وقالبا، الإبادة لن تتوقف إلا بقدرتنا على المواجهة، الاحتلال يمارس الإبادة بحق شعبنا منذ عشرات السنين، يفرض ضرائب وغرامات وانتهاكات بشكل عنصري وغير إنساني، كل ذلك يتطلب منا أن نرى الأشياء بشكل أوضح، لن تتحرر فلسطين سوى بالمقاومة والسلاح»
وتتحدث عن حياة الفلسطينيين في القدس: «نحن في القدس نعيش في سجن كبير، فكما كانت فترة أسري داخل سجن يحيطه الأسوار، القدس بين كل منطقة ومنطقة أسوار عالية، وأسلاك شائكة، تمنعنا من التحرك، فلسطين بالكامل تعد سجنا كبيرا فرضه الاحتلال على شعبنا».
وختمت: فلسطين قادرة على لململة جراحها لكن تحرير المقدسات في فلسطين هو واجب على كل عربي ومسلم، فكل إنسان عربي هو مسؤول عن تحرير المقدسات، وطالما استمرت المقاومة سواء كانت بالسلاح أو حتى القلم أو الرسومات مثل ناجي العلي أو التمسك بحق العودة، فلن تهزم فلسطين.
في مقدمة كتاب «فضفضات» الذي جمع في أوراقه ديوانها الشعري الأول الذي كتبته خلال سنوات الأسر، تتحدث إسراء عن شعرها، وتقول إنه كان فضفضات على إثر المحن التي مرت بها، وإنها كتبتها لتكون فضفضة لذاتها قبل أي أحد، لكي تكون هي سفينة النجاة والقبطان والمرساة، ليكون الورق ورفيقه القلم بصيص أمل يخرجها من الألم، وليكون هو المسعف الأول لنفسها.
جعابيص التي خرجت من السجن ضمن صفقة لتبادل الأسرى بين المقاومة والاحتلال في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، تعود إلى يوم 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، عندما كانت في طريقها من مدينة أريحا إلى مدينة القدس؛ حيث كانت تعمل في مدينة القدس يوميّاً وكانت تنقل بعض أغراض بيتها إلى سكنها الجديد بالقرب من مكان عملها، وفي ذلك اليوم كانت تحمل معها أنبوبة غاز فارغة وجهاز تِلفاز، وحسب ما ذكرت إسراء للمحققين كانت تشغل المكيف ومسجل السيارة.
تعطلت سيارة إسراء على بعد 1300 متى من أحد الحواجز الإسرائيلية قربَ مستوطنة معاليه أدوميم، وحدث تماس كهربائي وانفجرت الوسادة الهوائية في السيارة الموجود بجانب المِقوَد، وهو موجود أصلاللتقليل من مضاعفات حوادث السير، واشتعلت النيران داخل السيارة فخرجت إسراء من السيارة وطلبت الإسعاف من رجال الشرطة الإسرائيليين القريبين من مكان الحادث، إلا أن أفراد الشرطة لم يقدِّموا لها الإسعاف واستنفروا وأحضروا المزيد من رجال الشرطة والأمن.
وأعلنت الشرطة في البداية أنه حادثُ سير عادي، ثم ما لبث الإعلام العبري أن عدَّ ما حصل عمليةً لاستهداف الجنود الإسرائيليين، واكتشفَ المحققون التلفازَ مع أنبوبة الغاز الفارغة، وانفجارَ الوسادة الهوائية في السيارة وليس أنبوبة الغاز، وعلموا أن تشغيل المكيف منعَ انفجار زجاج السيارة، لكنَّ المخابرات الإسرائيلية ادَّعَت أن إسراء كانت في طريقها لتنفيذ عملية.
اعتقلت الشرطةُ الإسرائيلية إسراء، وعقدت لها السُّلطات الإسرائيلية عددًا من الجلسات داخل المستشفى؛ لصعوبة نقلها إلى المحكمة بسبب حالتها الصحِّية الحرجة، ووجَّهَت لها لائحة اتهام بمحاولة تنفيذ عملية و«قتل يهود» بتفجير أنبوبة غاز، مع العلم أن الأنبوبة كانت فارغة والانفجار حدث في مقدِّمة السيارة، واستدلًّت النيابة ببعض العبارات المنشورة على صفحة إسراء على فيسبوك.
وبعد مداولات ونقاشات داخل المحاكم الإسرائيلية حُكم عليها بالسَّجن مدَّة 11 عامًا، وغرامة مالية مقدارها 50 ألف شيكل، وكانت المداولات قبل الحُكم قد استمرَّت عامًا، وصدر الحكم في 7 أكتوبر 2016.
وسحب الاحتلال بطاقة التأمين الصحِّي منها، ومنع عنها زيارة ذويها عدَّة مرات، وفي إحداها منع ابنها من زيارتها، حتى جاءت صفقة التبادل وتحررت.
التعليقات