أخبار اليوم - في إحدى مناطق مخيم جباليا شمال قطاع غزة، يجلس نظير مقبل، شارد الذهن، منكسر القلب، يحدّق في اللا شيء، بينما تمرّ في ذهنه مشاهد الوداع الأخير لعائلته التي لم يكن يعلم أنه سيودّعها إلى الأبد في تلك الليلة المشؤومة.
استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزل العائلة المجاور لمدرسة نسيبة بنت كعب في منطقة الجرن بمخيم جباليا، بصاروخ حوله إلى كومة من الركام والدماء منتصف الشهر الجاري.
في لحظة واحدة، فقد نظير والده محمد، ووالدته ابتسام، وإخوته الثمانية، وعمه محمود وابنته غنى. وحده نجا من المجزرة. يقول بصوت متهدّج وكأنه لا يزال لا يصدق: 'أنا الناجي الوحيد'.
آخر لقاء
يسترجع مقبل آخر لحظاته مع العائلة: 'كنا نجلس ونتحدث ونضحك.. كانوا فرحين بطريقة غريبة، كأنهم يشعرون بأنهم سيرحلون عن الدنيا'، مضيفًا بمرارة: 'كانت كلماتهم خفيفة وجميلة، كأنها رسائل وداع، لكني لم أفهمها إلا بعد فوات الأوان'.
ويتابع بغصّة لصحيفة 'فلسطين': 'كنا نعيش بسلام، لم يكن في البيت سوى مدنيين. والدي الستيني، وإخوتي: الحكيم، والصيدلي، والمحامي، والمهندس، والطلاب. شقيقي علاء، وزوجته أسماء، وأطفالهما الثلاثة: محمد، وأحمد، وألما. وأخي أدهم، المحامي الذي كان على موعد مع خطوبته يوم الخميس التالي. وأخي أحمد، المهندس الحافظ لكتاب الله. وأخي كريم، الصيدلي. وأنس، الحكيم. وشقيقتي غادة، التي كان من المفترض أن يكون فرحها الشهر القادم، وآية، وعبد الرحمن. جميعهم رحلوا، وبقيت أنا'.
photo_2025-05-19_16-56-15.jpg
ويضيف مقبل: 'حتى عمي محمود، رحل هو أيضًا، ومعه ابنته غنى، فقد لجأ إلينا بعد أن دُمّر منزله. كان البيت مزدحمًا، لكنه كان دافئًا. منزلنا كان يأوي أكثر من 70 شخصًا بعدما شردتهم آلة الحرب من منازلهم، فأقاموا لدينا خيامًا أو استأجروا مساكن مؤقتة قبل أيام فقط'.
ويكمل بحزن مستذكرًا لحظات القصف، قائلًا لمراسل صحيفة 'فلسطين': 'دوى انفجار هائل في المكان عند الثانية والربع فجرًا، فاستيقظت على صرخات وغبار وركام. لم أجد أحدًا من عائلتي على قيد الحياة. زوجتي وابني أصيبا بجروح طفيفة، لكن الفاجعة لم تكن في الجراح، بل في من رحلوا'.
ويمضي مقبل، وهو يحاول أن يبدو متماسكًا، لكن صوته يخونه في كل جملة: 'لم أتخيّل يومًا أن يُقصف منزلنا. لا يوجد فيه أي مقاوم، ولا أحد يشكّل خطرًا، فقط أناس يحاولون النجاة'.
ويردف: 'شقيقي أدهم، كان قد ذهب لرؤية عروسه قبل استشهاده بيوم، وتم الاتفاق على تحديد موعد الخطوبة. كانت أمي سعيدة له، كأنها تزفّه بنفسها'، يتحدث نظير وكأنه يراهم أمامه. 'لكنه لم يعد.. رحل قبل أن يكمل فرحته'.
وداع جماعي
وتمضي الكلمات ثقيلة من فمه، وهو يصف كيف دُفنت العائلة كاملة في مقبرة جماعية بجوار مدرسة أربكان في جباليا البلد، حيث غُطّيت القبور بألواح الصفيح لعدم توفر الإسمنت، مضيفًا: 'حتى في موتهم، لم ينالوا حقهم؛ لا قبر منفرد، لا وداع لائق، لا بكاء كافٍ'.
ويعيش مقبل اليوم مع زوجته وابنه في منزل أحد الأقارب في منطقة الجرن، بلا مأوى حقيقي، بلا عائلة، فقط ذاكرة مثقلة وصور لا تغيب. ويقول: 'أشعر أني أتنفّس وحدي، أتحدث وحدي، أعيش وحدي.. لقد أخذوا مني كل شيء'.
ويقول غازي مقبل، أحد أقارب العائلة: إن الاحتلال يستهدف المدنيين عمدًا، ضمن سياسة تهجير وتجويع وإبادة، لإفراغ غزة من أهلها. فالحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023 لم تفرّق بين مقاوم ومدني، ولا بين امرأة وطفل، ولا بين بيت ومأوى للنازحين.
ويضيف مقبل لـ'فلسطين': 'حتى خطيبة شقيقي غادة، التي ودّعها قبل ساعات، كانت تدعوه للصبر والتمسّك بالأمل، وقالت له إن الفرج قريب. لم يكن يعلم أن تلك كانت كلماتهما الأخيرة'.
وكان منزل العائلة مكوّنًا من عدة طوابق: الطابق الأرضي مضافة، والأول يقطنه علاء وأسرته، والثاني مقسم بين شقة نظير، وأدهم الذي كان يجهزها لزفافه. أما عمه محمود، فقد سكن في الطابق ذاته بعد أن عاد من النزوح إلى جنوب القطاع ووجد منزله مدمّرًا.
ويردف: 'لا شيء تبقّى، لا بيت، لا أعمدة، لا ذكريات، إلا ما يحمله نظير في قلبه'.
'لكل رقم حكاية'
ويختتم مقبل حديثه قائلًا: 'لم يبقَ لي سوى خالاتي، فقد ارتقى عمي وأبناء خالاتي أيضًا. الحرب طحنت كل شيء، ونحن مجرد أرقام على قوائم الشهداء، لكن لكل رقم حكاية، ولكل اسم عائلة، وأنا وحدي بقيت لأروي حكايتي وحكايتهم'.
ومنذ 18 آذار/ مارس 2025، استأنفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي حربها الضروس على قطاع غزة، بعد هدنة استمرت 58 يومًا، ما أدى إلى ارتقاء أكثر من 2876 شهيدًا، جلهم من الأطفال والنساء، وإصابة أكثر من 7957 جريحًا.
ومع كل قصف، يتكرر المشهد، وتتكرّر القصص، لكن قصة 'نظير' واحدة من أقسى فصول هذه الحرب؛ رجل خسر كل شيء، وبقي حيًا يحمل ذاكرة الراحلين.
المصدر / فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - في إحدى مناطق مخيم جباليا شمال قطاع غزة، يجلس نظير مقبل، شارد الذهن، منكسر القلب، يحدّق في اللا شيء، بينما تمرّ في ذهنه مشاهد الوداع الأخير لعائلته التي لم يكن يعلم أنه سيودّعها إلى الأبد في تلك الليلة المشؤومة.
استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزل العائلة المجاور لمدرسة نسيبة بنت كعب في منطقة الجرن بمخيم جباليا، بصاروخ حوله إلى كومة من الركام والدماء منتصف الشهر الجاري.
في لحظة واحدة، فقد نظير والده محمد، ووالدته ابتسام، وإخوته الثمانية، وعمه محمود وابنته غنى. وحده نجا من المجزرة. يقول بصوت متهدّج وكأنه لا يزال لا يصدق: 'أنا الناجي الوحيد'.
آخر لقاء
يسترجع مقبل آخر لحظاته مع العائلة: 'كنا نجلس ونتحدث ونضحك.. كانوا فرحين بطريقة غريبة، كأنهم يشعرون بأنهم سيرحلون عن الدنيا'، مضيفًا بمرارة: 'كانت كلماتهم خفيفة وجميلة، كأنها رسائل وداع، لكني لم أفهمها إلا بعد فوات الأوان'.
ويتابع بغصّة لصحيفة 'فلسطين': 'كنا نعيش بسلام، لم يكن في البيت سوى مدنيين. والدي الستيني، وإخوتي: الحكيم، والصيدلي، والمحامي، والمهندس، والطلاب. شقيقي علاء، وزوجته أسماء، وأطفالهما الثلاثة: محمد، وأحمد، وألما. وأخي أدهم، المحامي الذي كان على موعد مع خطوبته يوم الخميس التالي. وأخي أحمد، المهندس الحافظ لكتاب الله. وأخي كريم، الصيدلي. وأنس، الحكيم. وشقيقتي غادة، التي كان من المفترض أن يكون فرحها الشهر القادم، وآية، وعبد الرحمن. جميعهم رحلوا، وبقيت أنا'.
photo_2025-05-19_16-56-15.jpg
ويضيف مقبل: 'حتى عمي محمود، رحل هو أيضًا، ومعه ابنته غنى، فقد لجأ إلينا بعد أن دُمّر منزله. كان البيت مزدحمًا، لكنه كان دافئًا. منزلنا كان يأوي أكثر من 70 شخصًا بعدما شردتهم آلة الحرب من منازلهم، فأقاموا لدينا خيامًا أو استأجروا مساكن مؤقتة قبل أيام فقط'.
ويكمل بحزن مستذكرًا لحظات القصف، قائلًا لمراسل صحيفة 'فلسطين': 'دوى انفجار هائل في المكان عند الثانية والربع فجرًا، فاستيقظت على صرخات وغبار وركام. لم أجد أحدًا من عائلتي على قيد الحياة. زوجتي وابني أصيبا بجروح طفيفة، لكن الفاجعة لم تكن في الجراح، بل في من رحلوا'.
ويمضي مقبل، وهو يحاول أن يبدو متماسكًا، لكن صوته يخونه في كل جملة: 'لم أتخيّل يومًا أن يُقصف منزلنا. لا يوجد فيه أي مقاوم، ولا أحد يشكّل خطرًا، فقط أناس يحاولون النجاة'.
ويردف: 'شقيقي أدهم، كان قد ذهب لرؤية عروسه قبل استشهاده بيوم، وتم الاتفاق على تحديد موعد الخطوبة. كانت أمي سعيدة له، كأنها تزفّه بنفسها'، يتحدث نظير وكأنه يراهم أمامه. 'لكنه لم يعد.. رحل قبل أن يكمل فرحته'.
وداع جماعي
وتمضي الكلمات ثقيلة من فمه، وهو يصف كيف دُفنت العائلة كاملة في مقبرة جماعية بجوار مدرسة أربكان في جباليا البلد، حيث غُطّيت القبور بألواح الصفيح لعدم توفر الإسمنت، مضيفًا: 'حتى في موتهم، لم ينالوا حقهم؛ لا قبر منفرد، لا وداع لائق، لا بكاء كافٍ'.
ويعيش مقبل اليوم مع زوجته وابنه في منزل أحد الأقارب في منطقة الجرن، بلا مأوى حقيقي، بلا عائلة، فقط ذاكرة مثقلة وصور لا تغيب. ويقول: 'أشعر أني أتنفّس وحدي، أتحدث وحدي، أعيش وحدي.. لقد أخذوا مني كل شيء'.
ويقول غازي مقبل، أحد أقارب العائلة: إن الاحتلال يستهدف المدنيين عمدًا، ضمن سياسة تهجير وتجويع وإبادة، لإفراغ غزة من أهلها. فالحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023 لم تفرّق بين مقاوم ومدني، ولا بين امرأة وطفل، ولا بين بيت ومأوى للنازحين.
ويضيف مقبل لـ'فلسطين': 'حتى خطيبة شقيقي غادة، التي ودّعها قبل ساعات، كانت تدعوه للصبر والتمسّك بالأمل، وقالت له إن الفرج قريب. لم يكن يعلم أن تلك كانت كلماتهما الأخيرة'.
وكان منزل العائلة مكوّنًا من عدة طوابق: الطابق الأرضي مضافة، والأول يقطنه علاء وأسرته، والثاني مقسم بين شقة نظير، وأدهم الذي كان يجهزها لزفافه. أما عمه محمود، فقد سكن في الطابق ذاته بعد أن عاد من النزوح إلى جنوب القطاع ووجد منزله مدمّرًا.
ويردف: 'لا شيء تبقّى، لا بيت، لا أعمدة، لا ذكريات، إلا ما يحمله نظير في قلبه'.
'لكل رقم حكاية'
ويختتم مقبل حديثه قائلًا: 'لم يبقَ لي سوى خالاتي، فقد ارتقى عمي وأبناء خالاتي أيضًا. الحرب طحنت كل شيء، ونحن مجرد أرقام على قوائم الشهداء، لكن لكل رقم حكاية، ولكل اسم عائلة، وأنا وحدي بقيت لأروي حكايتي وحكايتهم'.
ومنذ 18 آذار/ مارس 2025، استأنفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي حربها الضروس على قطاع غزة، بعد هدنة استمرت 58 يومًا، ما أدى إلى ارتقاء أكثر من 2876 شهيدًا، جلهم من الأطفال والنساء، وإصابة أكثر من 7957 جريحًا.
ومع كل قصف، يتكرر المشهد، وتتكرّر القصص، لكن قصة 'نظير' واحدة من أقسى فصول هذه الحرب؛ رجل خسر كل شيء، وبقي حيًا يحمل ذاكرة الراحلين.
المصدر / فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - في إحدى مناطق مخيم جباليا شمال قطاع غزة، يجلس نظير مقبل، شارد الذهن، منكسر القلب، يحدّق في اللا شيء، بينما تمرّ في ذهنه مشاهد الوداع الأخير لعائلته التي لم يكن يعلم أنه سيودّعها إلى الأبد في تلك الليلة المشؤومة.
استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزل العائلة المجاور لمدرسة نسيبة بنت كعب في منطقة الجرن بمخيم جباليا، بصاروخ حوله إلى كومة من الركام والدماء منتصف الشهر الجاري.
في لحظة واحدة، فقد نظير والده محمد، ووالدته ابتسام، وإخوته الثمانية، وعمه محمود وابنته غنى. وحده نجا من المجزرة. يقول بصوت متهدّج وكأنه لا يزال لا يصدق: 'أنا الناجي الوحيد'.
آخر لقاء
يسترجع مقبل آخر لحظاته مع العائلة: 'كنا نجلس ونتحدث ونضحك.. كانوا فرحين بطريقة غريبة، كأنهم يشعرون بأنهم سيرحلون عن الدنيا'، مضيفًا بمرارة: 'كانت كلماتهم خفيفة وجميلة، كأنها رسائل وداع، لكني لم أفهمها إلا بعد فوات الأوان'.
ويتابع بغصّة لصحيفة 'فلسطين': 'كنا نعيش بسلام، لم يكن في البيت سوى مدنيين. والدي الستيني، وإخوتي: الحكيم، والصيدلي، والمحامي، والمهندس، والطلاب. شقيقي علاء، وزوجته أسماء، وأطفالهما الثلاثة: محمد، وأحمد، وألما. وأخي أدهم، المحامي الذي كان على موعد مع خطوبته يوم الخميس التالي. وأخي أحمد، المهندس الحافظ لكتاب الله. وأخي كريم، الصيدلي. وأنس، الحكيم. وشقيقتي غادة، التي كان من المفترض أن يكون فرحها الشهر القادم، وآية، وعبد الرحمن. جميعهم رحلوا، وبقيت أنا'.
photo_2025-05-19_16-56-15.jpg
ويضيف مقبل: 'حتى عمي محمود، رحل هو أيضًا، ومعه ابنته غنى، فقد لجأ إلينا بعد أن دُمّر منزله. كان البيت مزدحمًا، لكنه كان دافئًا. منزلنا كان يأوي أكثر من 70 شخصًا بعدما شردتهم آلة الحرب من منازلهم، فأقاموا لدينا خيامًا أو استأجروا مساكن مؤقتة قبل أيام فقط'.
ويكمل بحزن مستذكرًا لحظات القصف، قائلًا لمراسل صحيفة 'فلسطين': 'دوى انفجار هائل في المكان عند الثانية والربع فجرًا، فاستيقظت على صرخات وغبار وركام. لم أجد أحدًا من عائلتي على قيد الحياة. زوجتي وابني أصيبا بجروح طفيفة، لكن الفاجعة لم تكن في الجراح، بل في من رحلوا'.
ويمضي مقبل، وهو يحاول أن يبدو متماسكًا، لكن صوته يخونه في كل جملة: 'لم أتخيّل يومًا أن يُقصف منزلنا. لا يوجد فيه أي مقاوم، ولا أحد يشكّل خطرًا، فقط أناس يحاولون النجاة'.
ويردف: 'شقيقي أدهم، كان قد ذهب لرؤية عروسه قبل استشهاده بيوم، وتم الاتفاق على تحديد موعد الخطوبة. كانت أمي سعيدة له، كأنها تزفّه بنفسها'، يتحدث نظير وكأنه يراهم أمامه. 'لكنه لم يعد.. رحل قبل أن يكمل فرحته'.
وداع جماعي
وتمضي الكلمات ثقيلة من فمه، وهو يصف كيف دُفنت العائلة كاملة في مقبرة جماعية بجوار مدرسة أربكان في جباليا البلد، حيث غُطّيت القبور بألواح الصفيح لعدم توفر الإسمنت، مضيفًا: 'حتى في موتهم، لم ينالوا حقهم؛ لا قبر منفرد، لا وداع لائق، لا بكاء كافٍ'.
ويعيش مقبل اليوم مع زوجته وابنه في منزل أحد الأقارب في منطقة الجرن، بلا مأوى حقيقي، بلا عائلة، فقط ذاكرة مثقلة وصور لا تغيب. ويقول: 'أشعر أني أتنفّس وحدي، أتحدث وحدي، أعيش وحدي.. لقد أخذوا مني كل شيء'.
ويقول غازي مقبل، أحد أقارب العائلة: إن الاحتلال يستهدف المدنيين عمدًا، ضمن سياسة تهجير وتجويع وإبادة، لإفراغ غزة من أهلها. فالحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023 لم تفرّق بين مقاوم ومدني، ولا بين امرأة وطفل، ولا بين بيت ومأوى للنازحين.
ويضيف مقبل لـ'فلسطين': 'حتى خطيبة شقيقي غادة، التي ودّعها قبل ساعات، كانت تدعوه للصبر والتمسّك بالأمل، وقالت له إن الفرج قريب. لم يكن يعلم أن تلك كانت كلماتهما الأخيرة'.
وكان منزل العائلة مكوّنًا من عدة طوابق: الطابق الأرضي مضافة، والأول يقطنه علاء وأسرته، والثاني مقسم بين شقة نظير، وأدهم الذي كان يجهزها لزفافه. أما عمه محمود، فقد سكن في الطابق ذاته بعد أن عاد من النزوح إلى جنوب القطاع ووجد منزله مدمّرًا.
ويردف: 'لا شيء تبقّى، لا بيت، لا أعمدة، لا ذكريات، إلا ما يحمله نظير في قلبه'.
'لكل رقم حكاية'
ويختتم مقبل حديثه قائلًا: 'لم يبقَ لي سوى خالاتي، فقد ارتقى عمي وأبناء خالاتي أيضًا. الحرب طحنت كل شيء، ونحن مجرد أرقام على قوائم الشهداء، لكن لكل رقم حكاية، ولكل اسم عائلة، وأنا وحدي بقيت لأروي حكايتي وحكايتهم'.
ومنذ 18 آذار/ مارس 2025، استأنفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي حربها الضروس على قطاع غزة، بعد هدنة استمرت 58 يومًا، ما أدى إلى ارتقاء أكثر من 2876 شهيدًا، جلهم من الأطفال والنساء، وإصابة أكثر من 7957 جريحًا.
ومع كل قصف، يتكرر المشهد، وتتكرّر القصص، لكن قصة 'نظير' واحدة من أقسى فصول هذه الحرب؛ رجل خسر كل شيء، وبقي حيًا يحمل ذاكرة الراحلين.
المصدر / فلسطين أون لاين
التعليقات