أخبار اليوم – عواد الفالح - في مفارقة اقتصادية تستحق أن تُدرَّس في كليات إدارة الأعمال وتُناقش على طاولة كبار المستثمرين، لا تزال مشاريع المقاصف المدرسية تحقق أرباحًا فلكية، بينما تتهاوى مشاريع الخارج – من محلات إلى مطاعم ومصانع – تحت ضغط الخسائر، رغم توفر كل أدوات النجاح: رأس مال، تراخيص، تسويق، ديكور، تقنيات، ومواقع استراتيجية.
البداية من الصف السادس (ج)، حيث يضع الطالب 'حسن' نصف دينار في المقصف مع بداية السنة الدراسية، وينضم معه المئات من زملائه في استثمار بسيط، قائم على ويفر، سندويشات فلافل، عصير أبو العشرة قروش، وعلبة معجنات توصل من بيت المدير أو من أم محمد 'أم الطالب المجتهد'... ورغم تواضع العرض والبضاعة، تتكدّس الأرباح مع مرور الأيام، لتتحول الخزينة الحديدية آخر السنة إلى 'كنز مدرسي'، تُشترى به جوائز، ويُكرّم به المدير، وربما تُذبح 'ذبيحة شكرًا للمقصف' عند بعض المدارس المتقدمة إداريًا.
في المقابل، 'أبو رابح' افتتح مشروع 'كوفي شوب عصري'، بديكور خشب طبيعي، وماكينة إسبرسو ألمانية، وشاشة عرض تبث مباريات، ومقاعد مريحة... ومع ذلك، بعد أقل من 90 يومًا، غرق في الديون. يقول: 'أنا فتحت عشان أربح، طلع لازم أشتغل عشان أسكر القرض!'، والزبائن يمرّون من أمامه كما تمر الرياح في شوارع صويلح في كانون الثاني: برد، وما في دفشة باب!
الغريب في الأمر أن السوق الخارجي عدد زبائنه أضعاف أضعاف ما يوجد في المدرسة، عدد السكان في الشارع الواحد أكثر من طلاب 10 مدارس مجتمعين، ومع ذلك لا تربح. فكيف للمقصف أن يربح في بيئة محدودة، دون إعلانات، دون خطط تسويقية، دون عروض 'اشترِ اثنين وخذ الثالث مجانا'، بينما تخسر مشاريع خارجية مجهزة بأحدث نظم الإدارة والبرمجيات؟
ويقول 'زيد'، طالب في الصف العاشر وخبير تموين مقاصفي:
'اللي بفهم بالإدارة مش اللي معه MBA، اللي بعرف يبيع سندويشة فلافل ويحط سعرها حسب حرارة الخبزة'، مشيرًا إلى أن الإدارة بالمقصف تقوم على مبدأ بسيط: لا خصم، لا ديون، لا بضاعة فاخرة... بس بيع وخلصنا.
فيما يضيف زميله 'عبدالرحمن' من الثامن:
'السر إنه ما في خسائر، ما في وجبة بتنطبخ، وما في بند مصروف طاقة، وكل شي بنباع بنفس اليوم. العصير لو ما انباع اليوم، بنحط بالبراد لبكرا، وما بنرمي إشي'.
وعليه، بات من الضروري، كما يقول بعض رواد الأعمال، أن تُدرس آلية عمل المقاصف المدرسية كنموذج ربحي ناجح ومستقر، وأن يُمنح 'مسؤول المقصف' فرصة لإلقاء محاضرات في إدارة المشاريع، بل وأن يُستعان بخبرته في إعادة هيكلة المشاريع الخاسرة، سواء كانت شركات أو مطاعم أو حتى مصانع.
فالمقصف أثبت أن النجاح لا يحتاج إلى رأسمال ضخم، بل إلى فهم عقل الزبون، وضبط المصاريف، وثبات في التسعيرة، وتواضع في العرض. وربما لو أعدنا النظر في طريقة إدارتنا للمشاريع، وقلّدنا طريقة المقصف، لانخفضت نسب الفشل، وصارت 'الخسارة'... مادة من الماضي.
في النهاية، لا ضير من أن نبدأ برفع شعار: 'علّموا أبناءكم البيع في المقصف... قبل أن تفتتحوا لهم مطعماً في السوق!
أخبار اليوم – عواد الفالح - في مفارقة اقتصادية تستحق أن تُدرَّس في كليات إدارة الأعمال وتُناقش على طاولة كبار المستثمرين، لا تزال مشاريع المقاصف المدرسية تحقق أرباحًا فلكية، بينما تتهاوى مشاريع الخارج – من محلات إلى مطاعم ومصانع – تحت ضغط الخسائر، رغم توفر كل أدوات النجاح: رأس مال، تراخيص، تسويق، ديكور، تقنيات، ومواقع استراتيجية.
البداية من الصف السادس (ج)، حيث يضع الطالب 'حسن' نصف دينار في المقصف مع بداية السنة الدراسية، وينضم معه المئات من زملائه في استثمار بسيط، قائم على ويفر، سندويشات فلافل، عصير أبو العشرة قروش، وعلبة معجنات توصل من بيت المدير أو من أم محمد 'أم الطالب المجتهد'... ورغم تواضع العرض والبضاعة، تتكدّس الأرباح مع مرور الأيام، لتتحول الخزينة الحديدية آخر السنة إلى 'كنز مدرسي'، تُشترى به جوائز، ويُكرّم به المدير، وربما تُذبح 'ذبيحة شكرًا للمقصف' عند بعض المدارس المتقدمة إداريًا.
في المقابل، 'أبو رابح' افتتح مشروع 'كوفي شوب عصري'، بديكور خشب طبيعي، وماكينة إسبرسو ألمانية، وشاشة عرض تبث مباريات، ومقاعد مريحة... ومع ذلك، بعد أقل من 90 يومًا، غرق في الديون. يقول: 'أنا فتحت عشان أربح، طلع لازم أشتغل عشان أسكر القرض!'، والزبائن يمرّون من أمامه كما تمر الرياح في شوارع صويلح في كانون الثاني: برد، وما في دفشة باب!
الغريب في الأمر أن السوق الخارجي عدد زبائنه أضعاف أضعاف ما يوجد في المدرسة، عدد السكان في الشارع الواحد أكثر من طلاب 10 مدارس مجتمعين، ومع ذلك لا تربح. فكيف للمقصف أن يربح في بيئة محدودة، دون إعلانات، دون خطط تسويقية، دون عروض 'اشترِ اثنين وخذ الثالث مجانا'، بينما تخسر مشاريع خارجية مجهزة بأحدث نظم الإدارة والبرمجيات؟
ويقول 'زيد'، طالب في الصف العاشر وخبير تموين مقاصفي:
'اللي بفهم بالإدارة مش اللي معه MBA، اللي بعرف يبيع سندويشة فلافل ويحط سعرها حسب حرارة الخبزة'، مشيرًا إلى أن الإدارة بالمقصف تقوم على مبدأ بسيط: لا خصم، لا ديون، لا بضاعة فاخرة... بس بيع وخلصنا.
فيما يضيف زميله 'عبدالرحمن' من الثامن:
'السر إنه ما في خسائر، ما في وجبة بتنطبخ، وما في بند مصروف طاقة، وكل شي بنباع بنفس اليوم. العصير لو ما انباع اليوم، بنحط بالبراد لبكرا، وما بنرمي إشي'.
وعليه، بات من الضروري، كما يقول بعض رواد الأعمال، أن تُدرس آلية عمل المقاصف المدرسية كنموذج ربحي ناجح ومستقر، وأن يُمنح 'مسؤول المقصف' فرصة لإلقاء محاضرات في إدارة المشاريع، بل وأن يُستعان بخبرته في إعادة هيكلة المشاريع الخاسرة، سواء كانت شركات أو مطاعم أو حتى مصانع.
فالمقصف أثبت أن النجاح لا يحتاج إلى رأسمال ضخم، بل إلى فهم عقل الزبون، وضبط المصاريف، وثبات في التسعيرة، وتواضع في العرض. وربما لو أعدنا النظر في طريقة إدارتنا للمشاريع، وقلّدنا طريقة المقصف، لانخفضت نسب الفشل، وصارت 'الخسارة'... مادة من الماضي.
في النهاية، لا ضير من أن نبدأ برفع شعار: 'علّموا أبناءكم البيع في المقصف... قبل أن تفتتحوا لهم مطعماً في السوق!
أخبار اليوم – عواد الفالح - في مفارقة اقتصادية تستحق أن تُدرَّس في كليات إدارة الأعمال وتُناقش على طاولة كبار المستثمرين، لا تزال مشاريع المقاصف المدرسية تحقق أرباحًا فلكية، بينما تتهاوى مشاريع الخارج – من محلات إلى مطاعم ومصانع – تحت ضغط الخسائر، رغم توفر كل أدوات النجاح: رأس مال، تراخيص، تسويق، ديكور، تقنيات، ومواقع استراتيجية.
البداية من الصف السادس (ج)، حيث يضع الطالب 'حسن' نصف دينار في المقصف مع بداية السنة الدراسية، وينضم معه المئات من زملائه في استثمار بسيط، قائم على ويفر، سندويشات فلافل، عصير أبو العشرة قروش، وعلبة معجنات توصل من بيت المدير أو من أم محمد 'أم الطالب المجتهد'... ورغم تواضع العرض والبضاعة، تتكدّس الأرباح مع مرور الأيام، لتتحول الخزينة الحديدية آخر السنة إلى 'كنز مدرسي'، تُشترى به جوائز، ويُكرّم به المدير، وربما تُذبح 'ذبيحة شكرًا للمقصف' عند بعض المدارس المتقدمة إداريًا.
في المقابل، 'أبو رابح' افتتح مشروع 'كوفي شوب عصري'، بديكور خشب طبيعي، وماكينة إسبرسو ألمانية، وشاشة عرض تبث مباريات، ومقاعد مريحة... ومع ذلك، بعد أقل من 90 يومًا، غرق في الديون. يقول: 'أنا فتحت عشان أربح، طلع لازم أشتغل عشان أسكر القرض!'، والزبائن يمرّون من أمامه كما تمر الرياح في شوارع صويلح في كانون الثاني: برد، وما في دفشة باب!
الغريب في الأمر أن السوق الخارجي عدد زبائنه أضعاف أضعاف ما يوجد في المدرسة، عدد السكان في الشارع الواحد أكثر من طلاب 10 مدارس مجتمعين، ومع ذلك لا تربح. فكيف للمقصف أن يربح في بيئة محدودة، دون إعلانات، دون خطط تسويقية، دون عروض 'اشترِ اثنين وخذ الثالث مجانا'، بينما تخسر مشاريع خارجية مجهزة بأحدث نظم الإدارة والبرمجيات؟
ويقول 'زيد'، طالب في الصف العاشر وخبير تموين مقاصفي:
'اللي بفهم بالإدارة مش اللي معه MBA، اللي بعرف يبيع سندويشة فلافل ويحط سعرها حسب حرارة الخبزة'، مشيرًا إلى أن الإدارة بالمقصف تقوم على مبدأ بسيط: لا خصم، لا ديون، لا بضاعة فاخرة... بس بيع وخلصنا.
فيما يضيف زميله 'عبدالرحمن' من الثامن:
'السر إنه ما في خسائر، ما في وجبة بتنطبخ، وما في بند مصروف طاقة، وكل شي بنباع بنفس اليوم. العصير لو ما انباع اليوم، بنحط بالبراد لبكرا، وما بنرمي إشي'.
وعليه، بات من الضروري، كما يقول بعض رواد الأعمال، أن تُدرس آلية عمل المقاصف المدرسية كنموذج ربحي ناجح ومستقر، وأن يُمنح 'مسؤول المقصف' فرصة لإلقاء محاضرات في إدارة المشاريع، بل وأن يُستعان بخبرته في إعادة هيكلة المشاريع الخاسرة، سواء كانت شركات أو مطاعم أو حتى مصانع.
فالمقصف أثبت أن النجاح لا يحتاج إلى رأسمال ضخم، بل إلى فهم عقل الزبون، وضبط المصاريف، وثبات في التسعيرة، وتواضع في العرض. وربما لو أعدنا النظر في طريقة إدارتنا للمشاريع، وقلّدنا طريقة المقصف، لانخفضت نسب الفشل، وصارت 'الخسارة'... مادة من الماضي.
في النهاية، لا ضير من أن نبدأ برفع شعار: 'علّموا أبناءكم البيع في المقصف... قبل أن تفتتحوا لهم مطعماً في السوق!
التعليقات