أخبار اليوم - كان الشاب حمزة أبو غبيّط يعيش بين أحضان عائلته المكونة من تسعة أفراد في أجواء يسودها الطمأنينة، لكّن صباح الثالث والعشرين من أكتوبر 2024 لم يكن كأي صباح، لم تكن الحياة تعلمه أنها ستقتلع منه كل ما يملك، وتتركه وحيدًا على أنقاض بيتٍ كان بالأمس ملاذه، وأصبح اليوم مقبرة جماعية لعائلته.
في مساء ذلك اليوم، حاصرت دبابات الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلة 'أبو غبيّط' الذي يقع في منطقة تل الزعتر بمعسكر جباليا شمالي القطاع، فكانت لا تبعد تلك الآليات سوى أقل من 500 متر.
لم تكن عائلة 'حمزة' فقط المتواجدة في ذلك المنزل المحاصر المكونة من ستة طوابق، حيث كان يضم بين جدرانه شقيقاته وأشقاءه وعائلاتهم، إذ يزيد عددهم عن 25 شخصاً، لكن جميعهم كانوا عاجزين عن الخروج أو البحث عن ملاذ آمن.
كانت تمر ساعات ذلك اليوم ثقيلة فحين أسدل الليل ستاره أخذ جميع المتواجدين في المنزل، يحاولون تخفيف حالة التوتر والروع التي يعيشوها لا سيّما الأطفال منهم، أملاً منه أن يكون صباح ذلك اليوم التالي أفضل ويتمكنوا من ترك منزلهم والتوجه لمكان آمن، لكنّ كل شيء تغيّر إلى الأبد.
بعد تلك الساعات الثقيلة والقاسية، حسبما يصفها 'حمزة' لصحيفة 'فلسطين'، ازدادت الأوضاع صعوبة وقساوة، فحينما وصلت الساعة عند الثانية عشر ظهراً، باغت العائلة صاروخ 'غادر' من طائرة حربية من نوع 'أف 16'، فحوّل المنزل إلى أكوام من الحجارة في لحظات.
وسط هذا الجحيم، نجا حمزة، لكنه بقي عالقاً تحت الأنقاض لأكثر من 11 ساعة، مصابًا، محاطًا بجثامين أحبائه وأصوات أنينهم الأخيرة. لم يصله أي إنقاذ، لا إسعاف، ولا دفاع مدني، فالمنطقة كانت خطيرة، لا يستطيع أحد دخولها.
حمزة كان يسمع أنين والده ووالدته وأخوته وهم يحتضرون، يحاول مواساتهم وصبرهم رغم ألمه وعجزه. فيقول 'تمكنت من الخروج من تحت الركام بعد 11 ساعة، وكنت سامع أصوات أفراد عائلتي الذين كانوا على قيد الحياة، ولكن لا أستطيع فعل أي شيء له، لأنني أيضاً مُصاب'.
وبعد ساعات من الانتظار خمدت الأصوات وصعدت أرواح جميع أفراد العائلة إلى خالقها وظلّ حمزة الناجي الوحيد من بين أفراد العائلة، فتحوّل المنزل إلى 'مقبرة جماعية'.
خرج حمزة من تحت الأنقاض بنفسه، يجر جسده المثقل بالجراح، وتوجه للمستشفى في منتصف الليل ليبلغهم أن هناك من كان على قيد الحياة تحت الركام، لكن لم يُستجب له، يروي تفاصيل أخرى من الحادث الأليم الذي ألّم بعائلته وهو يحبس الدموع في عينيه.
يصمت حمزة قليلاً فيأخذ نفساً عميقاً ليعبر به عن شدّة الألم الذي خلّفته ذلك الحدث فيقول ''فقدت كل شيء. عائلتي، بيتي، طفولتي، حياتي... كل شيء. أنا الناجي الوحيد من عائلتي'.
وما يزيد القهر لدى 'حمزة' أن جميع جثامين الشهداء لا تزال تحت أنقاض المنزل المدمر، وهو ما يدفعه للذهاب إليه بشكل شبه يومي، فيحكي بصوت مثقل بالهموم ' كل يوم أروح على البيت المدمر، وفي بعض الأحيان أجد عظمة هنا، جمجمة هناك، قدمًا صغيرة، لأحد من العائلة، وأخذها إلى القبر الذي حفرته في مقبرة الفالوجا بمخيم جباليا شمالي القطاع'.
ويتابع حديثه، 'كل حياتي انتهت... كنت عايش في حضن هالبيت، والآن بحضن ركامه'.
لم يتبقَ من الماضي سوى الذكرى. الذكرى التي تنهش روح حمزة كل يوم. الذكرى التي حولت شابًا إلى شاهد حي على مأساة لم ينجُ منها إلا هو.
أصبحت حياة حمزة مقسومة إلى نصفين: قبل المجزرة، وبعدها. في جسده كسور وشظايا، لكن الجرح الأعمق في قلبه. كل لحظة تمر، تعيده إلى تلك الساعة، إلى ذلك الصوت، إلى نظرات أهله قبل أن يختفوا تحت الحجارة.
'حسبنا الله ونعم الوكيل… نفسي الدم يوقف. نفسي الناس ترجع تعيش'، هكذا يختصر حمزة أمله الوحيد. لا يريد شيئًا لنفسه، فقط أن تتوقف هذه الكارثة، أن لا يعيش أحدٌ ما عاشه، أن لا يخرج أحد من بين الركام وحيدًا كما خرج.
وبحسب بيانات رسمية صادرة عن وزارة الصحة والمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، بلغ عدد العائلات التي أبادها الاحتلال بالكامل منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحتى مطلع 2025 ما يُقدر بـ 1410 عائلات استشهد جميع أفرادها دون أن ينجو أحد.
إلى جانب ذلك هناك 3463 عائلة استشهد جميع أفرادها باستثناء فرد واحد، و2287 عائلة نجا منها فردان فقط.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - كان الشاب حمزة أبو غبيّط يعيش بين أحضان عائلته المكونة من تسعة أفراد في أجواء يسودها الطمأنينة، لكّن صباح الثالث والعشرين من أكتوبر 2024 لم يكن كأي صباح، لم تكن الحياة تعلمه أنها ستقتلع منه كل ما يملك، وتتركه وحيدًا على أنقاض بيتٍ كان بالأمس ملاذه، وأصبح اليوم مقبرة جماعية لعائلته.
في مساء ذلك اليوم، حاصرت دبابات الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلة 'أبو غبيّط' الذي يقع في منطقة تل الزعتر بمعسكر جباليا شمالي القطاع، فكانت لا تبعد تلك الآليات سوى أقل من 500 متر.
لم تكن عائلة 'حمزة' فقط المتواجدة في ذلك المنزل المحاصر المكونة من ستة طوابق، حيث كان يضم بين جدرانه شقيقاته وأشقاءه وعائلاتهم، إذ يزيد عددهم عن 25 شخصاً، لكن جميعهم كانوا عاجزين عن الخروج أو البحث عن ملاذ آمن.
كانت تمر ساعات ذلك اليوم ثقيلة فحين أسدل الليل ستاره أخذ جميع المتواجدين في المنزل، يحاولون تخفيف حالة التوتر والروع التي يعيشوها لا سيّما الأطفال منهم، أملاً منه أن يكون صباح ذلك اليوم التالي أفضل ويتمكنوا من ترك منزلهم والتوجه لمكان آمن، لكنّ كل شيء تغيّر إلى الأبد.
بعد تلك الساعات الثقيلة والقاسية، حسبما يصفها 'حمزة' لصحيفة 'فلسطين'، ازدادت الأوضاع صعوبة وقساوة، فحينما وصلت الساعة عند الثانية عشر ظهراً، باغت العائلة صاروخ 'غادر' من طائرة حربية من نوع 'أف 16'، فحوّل المنزل إلى أكوام من الحجارة في لحظات.
وسط هذا الجحيم، نجا حمزة، لكنه بقي عالقاً تحت الأنقاض لأكثر من 11 ساعة، مصابًا، محاطًا بجثامين أحبائه وأصوات أنينهم الأخيرة. لم يصله أي إنقاذ، لا إسعاف، ولا دفاع مدني، فالمنطقة كانت خطيرة، لا يستطيع أحد دخولها.
حمزة كان يسمع أنين والده ووالدته وأخوته وهم يحتضرون، يحاول مواساتهم وصبرهم رغم ألمه وعجزه. فيقول 'تمكنت من الخروج من تحت الركام بعد 11 ساعة، وكنت سامع أصوات أفراد عائلتي الذين كانوا على قيد الحياة، ولكن لا أستطيع فعل أي شيء له، لأنني أيضاً مُصاب'.
وبعد ساعات من الانتظار خمدت الأصوات وصعدت أرواح جميع أفراد العائلة إلى خالقها وظلّ حمزة الناجي الوحيد من بين أفراد العائلة، فتحوّل المنزل إلى 'مقبرة جماعية'.
خرج حمزة من تحت الأنقاض بنفسه، يجر جسده المثقل بالجراح، وتوجه للمستشفى في منتصف الليل ليبلغهم أن هناك من كان على قيد الحياة تحت الركام، لكن لم يُستجب له، يروي تفاصيل أخرى من الحادث الأليم الذي ألّم بعائلته وهو يحبس الدموع في عينيه.
يصمت حمزة قليلاً فيأخذ نفساً عميقاً ليعبر به عن شدّة الألم الذي خلّفته ذلك الحدث فيقول ''فقدت كل شيء. عائلتي، بيتي، طفولتي، حياتي... كل شيء. أنا الناجي الوحيد من عائلتي'.
وما يزيد القهر لدى 'حمزة' أن جميع جثامين الشهداء لا تزال تحت أنقاض المنزل المدمر، وهو ما يدفعه للذهاب إليه بشكل شبه يومي، فيحكي بصوت مثقل بالهموم ' كل يوم أروح على البيت المدمر، وفي بعض الأحيان أجد عظمة هنا، جمجمة هناك، قدمًا صغيرة، لأحد من العائلة، وأخذها إلى القبر الذي حفرته في مقبرة الفالوجا بمخيم جباليا شمالي القطاع'.
ويتابع حديثه، 'كل حياتي انتهت... كنت عايش في حضن هالبيت، والآن بحضن ركامه'.
لم يتبقَ من الماضي سوى الذكرى. الذكرى التي تنهش روح حمزة كل يوم. الذكرى التي حولت شابًا إلى شاهد حي على مأساة لم ينجُ منها إلا هو.
أصبحت حياة حمزة مقسومة إلى نصفين: قبل المجزرة، وبعدها. في جسده كسور وشظايا، لكن الجرح الأعمق في قلبه. كل لحظة تمر، تعيده إلى تلك الساعة، إلى ذلك الصوت، إلى نظرات أهله قبل أن يختفوا تحت الحجارة.
'حسبنا الله ونعم الوكيل… نفسي الدم يوقف. نفسي الناس ترجع تعيش'، هكذا يختصر حمزة أمله الوحيد. لا يريد شيئًا لنفسه، فقط أن تتوقف هذه الكارثة، أن لا يعيش أحدٌ ما عاشه، أن لا يخرج أحد من بين الركام وحيدًا كما خرج.
وبحسب بيانات رسمية صادرة عن وزارة الصحة والمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، بلغ عدد العائلات التي أبادها الاحتلال بالكامل منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحتى مطلع 2025 ما يُقدر بـ 1410 عائلات استشهد جميع أفرادها دون أن ينجو أحد.
إلى جانب ذلك هناك 3463 عائلة استشهد جميع أفرادها باستثناء فرد واحد، و2287 عائلة نجا منها فردان فقط.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - كان الشاب حمزة أبو غبيّط يعيش بين أحضان عائلته المكونة من تسعة أفراد في أجواء يسودها الطمأنينة، لكّن صباح الثالث والعشرين من أكتوبر 2024 لم يكن كأي صباح، لم تكن الحياة تعلمه أنها ستقتلع منه كل ما يملك، وتتركه وحيدًا على أنقاض بيتٍ كان بالأمس ملاذه، وأصبح اليوم مقبرة جماعية لعائلته.
في مساء ذلك اليوم، حاصرت دبابات الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلة 'أبو غبيّط' الذي يقع في منطقة تل الزعتر بمعسكر جباليا شمالي القطاع، فكانت لا تبعد تلك الآليات سوى أقل من 500 متر.
لم تكن عائلة 'حمزة' فقط المتواجدة في ذلك المنزل المحاصر المكونة من ستة طوابق، حيث كان يضم بين جدرانه شقيقاته وأشقاءه وعائلاتهم، إذ يزيد عددهم عن 25 شخصاً، لكن جميعهم كانوا عاجزين عن الخروج أو البحث عن ملاذ آمن.
كانت تمر ساعات ذلك اليوم ثقيلة فحين أسدل الليل ستاره أخذ جميع المتواجدين في المنزل، يحاولون تخفيف حالة التوتر والروع التي يعيشوها لا سيّما الأطفال منهم، أملاً منه أن يكون صباح ذلك اليوم التالي أفضل ويتمكنوا من ترك منزلهم والتوجه لمكان آمن، لكنّ كل شيء تغيّر إلى الأبد.
بعد تلك الساعات الثقيلة والقاسية، حسبما يصفها 'حمزة' لصحيفة 'فلسطين'، ازدادت الأوضاع صعوبة وقساوة، فحينما وصلت الساعة عند الثانية عشر ظهراً، باغت العائلة صاروخ 'غادر' من طائرة حربية من نوع 'أف 16'، فحوّل المنزل إلى أكوام من الحجارة في لحظات.
وسط هذا الجحيم، نجا حمزة، لكنه بقي عالقاً تحت الأنقاض لأكثر من 11 ساعة، مصابًا، محاطًا بجثامين أحبائه وأصوات أنينهم الأخيرة. لم يصله أي إنقاذ، لا إسعاف، ولا دفاع مدني، فالمنطقة كانت خطيرة، لا يستطيع أحد دخولها.
حمزة كان يسمع أنين والده ووالدته وأخوته وهم يحتضرون، يحاول مواساتهم وصبرهم رغم ألمه وعجزه. فيقول 'تمكنت من الخروج من تحت الركام بعد 11 ساعة، وكنت سامع أصوات أفراد عائلتي الذين كانوا على قيد الحياة، ولكن لا أستطيع فعل أي شيء له، لأنني أيضاً مُصاب'.
وبعد ساعات من الانتظار خمدت الأصوات وصعدت أرواح جميع أفراد العائلة إلى خالقها وظلّ حمزة الناجي الوحيد من بين أفراد العائلة، فتحوّل المنزل إلى 'مقبرة جماعية'.
خرج حمزة من تحت الأنقاض بنفسه، يجر جسده المثقل بالجراح، وتوجه للمستشفى في منتصف الليل ليبلغهم أن هناك من كان على قيد الحياة تحت الركام، لكن لم يُستجب له، يروي تفاصيل أخرى من الحادث الأليم الذي ألّم بعائلته وهو يحبس الدموع في عينيه.
يصمت حمزة قليلاً فيأخذ نفساً عميقاً ليعبر به عن شدّة الألم الذي خلّفته ذلك الحدث فيقول ''فقدت كل شيء. عائلتي، بيتي، طفولتي، حياتي... كل شيء. أنا الناجي الوحيد من عائلتي'.
وما يزيد القهر لدى 'حمزة' أن جميع جثامين الشهداء لا تزال تحت أنقاض المنزل المدمر، وهو ما يدفعه للذهاب إليه بشكل شبه يومي، فيحكي بصوت مثقل بالهموم ' كل يوم أروح على البيت المدمر، وفي بعض الأحيان أجد عظمة هنا، جمجمة هناك، قدمًا صغيرة، لأحد من العائلة، وأخذها إلى القبر الذي حفرته في مقبرة الفالوجا بمخيم جباليا شمالي القطاع'.
ويتابع حديثه، 'كل حياتي انتهت... كنت عايش في حضن هالبيت، والآن بحضن ركامه'.
لم يتبقَ من الماضي سوى الذكرى. الذكرى التي تنهش روح حمزة كل يوم. الذكرى التي حولت شابًا إلى شاهد حي على مأساة لم ينجُ منها إلا هو.
أصبحت حياة حمزة مقسومة إلى نصفين: قبل المجزرة، وبعدها. في جسده كسور وشظايا، لكن الجرح الأعمق في قلبه. كل لحظة تمر، تعيده إلى تلك الساعة، إلى ذلك الصوت، إلى نظرات أهله قبل أن يختفوا تحت الحجارة.
'حسبنا الله ونعم الوكيل… نفسي الدم يوقف. نفسي الناس ترجع تعيش'، هكذا يختصر حمزة أمله الوحيد. لا يريد شيئًا لنفسه، فقط أن تتوقف هذه الكارثة، أن لا يعيش أحدٌ ما عاشه، أن لا يخرج أحد من بين الركام وحيدًا كما خرج.
وبحسب بيانات رسمية صادرة عن وزارة الصحة والمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، بلغ عدد العائلات التي أبادها الاحتلال بالكامل منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحتى مطلع 2025 ما يُقدر بـ 1410 عائلات استشهد جميع أفرادها دون أن ينجو أحد.
إلى جانب ذلك هناك 3463 عائلة استشهد جميع أفرادها باستثناء فرد واحد، و2287 عائلة نجا منها فردان فقط.
فلسطين أون لاين
التعليقات