لواء ركن طيار م محمد علي الصمادي
'وانني كما قلت للجموع في موقفي هذا عند قدومي الى هذه المنطقة كما تتذكرون، من انه لو كانت لي سبعون نفساً فقدمتها كلها في سبيل القومية والوطن لما رأيتني قمت بالواجب.. وهنا أعلن بلسان الصرامة تأكيد عزمي السابق من جعل هذه البلاد دعامة وامانا، ترتاح لحسن ادارتها اقطار محبيها خالية من وجود شكاوى قاطنيها ومجاوريها، واتعشم انني اصبت بهذه الصورة ما يرتأيه محبو الوطن وطالبو الخير له'.
'من أقوال الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين رحمه الله'
تتحدث وثائق التاريخ وصفحاته عن أن استقلال الأردن في الخامس والعشرين من أيار 1946، جاء عقب كفاح ونضال استمر على مساحة امتدت لأكثر من عقدين من الزمن، فمنذ ان وطئت قدما الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين ارض الاردن واستقبلته معان في الحادي والعشرين من تشرين الثاني 1920 كان يعلن ان هدفه المحدد هو تحرير البلاد من الاستعمار. وفور وصوله أصدر بيانا في الخامس من كانون الاول 1920 دعا فيه الضباط العرب وشيوخ العشائر الى الالتحاق به في معان. ويؤرخ باحثون كثر أن رحلة تأسيس هذا البلد انطلقت في الثامن والعشرين من شباط 1921، لتصل عمان يوم الاربعاء الثاني من اذار من العام ذاته. وهو اليوم الذي شهد بشائر ميلاد شرق الاردن، لتستمر رحلة الكفاح وتؤتي أكلها الطيبة عندما قرر أهل إمارة شرق الأردن جعلها المملكة الاردنية الهاشمية في الخامس والعشرين من ايار 1946.
وبينما كان الملك المؤسس يدعو أحرار الأمة للإلتحاق بركبه، كانت تقارير المندوب السامي البريطاني هربرت صموئيل الى الحكومة البريطانية، والتي تعود في بداياتها إلى مطلع كانون الثانـي 1920 تتحدث عن ازدياد النشاط الهاشمي في المنطقة، وان عمان اصبحت مركزاً للأحرار والثوار العرب، الذين كانت تصفهم القوى الإستعمارية البريطانية والفرنسية بالخارجين عن القانون. وجاءت مباحثات الملك المؤسس مع وزير المستعمرات البريطاني تشرشل في القدس، على ثلاث جولات في 28 و29 و30 اذار 1921، وتم فيها بحث العديد من القضايا في ضوء ما افرزه مؤتمر الشرق الاوسط في الثاني عشر من اذار 1921، وكذلك توصيات لورنس وتوصيات واقتراحات صموئيل. وكان نجاح المغفور له في مفاوضاته مع تشرشل سبباً في اصدار قرار من عصبة الامم، في ذلك الوقت بالاعتراف بشرق الاردن كوحدة جغرافية وسياسية مستقلة وهو القرار الذي صدر في الثالث والعشرين من ايلول 1922. وعقب تلك المحادثات الهامة شهد شرق الأردن تشكيل اول حكومة اردنية في الحادي عشر من نيسان عام 1921 برئاسة رشيد طليع. ورغم تشكيل هذه الحكومة بقي الملك المؤسس يشعر أنه ما زال هناك الكثير من العمل لتحقيق الإستقلال التام، واستكمال إجراءات بناء الأردن كدولة دستورية غير منقوصة السيادة. وكانت هذه القضية محور زيارته للندن في الثالث من تشرين الاول 1922 وحتى مطلع كانون الثاني عام 1923، وشهدت الزيارة مفاوضات طويلة اسفرت عن مشروع معاهدة اردنية بريطانية.
وقد مرت عملية إعلان الاستقلال بمرحلتين، الاولى وجاءت بإعلان الاستقلال في الخامس والعشرين من ايار 1923 والثانية باعتراف بريطانيا بهذا الاستقلال بصفتها الدولة المنتدبـة بموجب قرار عصبة الامم المتحدة الصادر في الثالث والعشرين من ايلول 1922، وقد جاء هذا الاعتراف في نهاية شهر تشرين الاول من العام ذاته. وتمهيدا لهذه المراحل اقيم في الخامس عشر من ايار 1923 حفل رسمي شارك فيه رجالات الاردن وفلسطين والقى الملك المؤسس خطبة بليغة تضمنت مقدمة تمتلئ بمعاني العزة والكرامة والقومية وتستذكر مجد الامة العربية. لكن ما ورد في حديث السير هربرت صموئيل يوم الاحتفال كان يقول بوضوح بان اعتراف بريطانيا بالاستقلال لم يكن كاملا. وعقب ذلك صرف المغفور له جل اهتمامه على الاعمار الداخلي وبناء القوات المسلحة والارتقاء بمؤسسات الدولة الدستورية ذلك أنه أدرك أن استكمال الإستقلال يحتاج إلى دولة تمتلك عناصر القوة، وعقدت معاهدة بين الملك المؤسس وملك بريطانيا في شباط 1928. وتضمنت المعاهدة إحدى وعشرين مادة، من أهمها 'وضع قانون اساسي اي دستور للبلاد وتنازل الحكومة البريطانية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية للامير عبدالله بن الحسين وان يبقى لبريطانيا الحق في الاحتفاظ بقوات عسكرية في الاراضي الاردنية '.
وشهد الأردن أولى تجاربه الديمقراطية مع إجراء اول انتخابات تشريعية تبعها افتتاح الدورة الاولى للمجلس التشريعي الاول المنعقد في شرق الاردن في الثاني من تشرين الثاني 1929، وبذلك تحقق استقلال امارة شرق الاردن التي كانت تعرف باسم حكومة الشرق العربي في عام 1929. وكفل القانون الاساسي لشرق الاردن الذي صدر في السادس عشر من نيسان 1928 حقوق الشعب وتضمن واجبات الامير وحقوقه والتشريع والقضاء والادارة ونفاذ القوانين والاحكام. وكان ذلك فاتحة لتقوية الحياة الحزبية، ومن أبرز أحزاب تلك الفترة حزب الاستقلال وحزب العهد العربي الذي أعلن ان برنامجه هو على اساس استقلال جميع البلاد العربية تحت ادارة الملك الحسين بن علي وانجاله وجمعية الشرق العربي التي دعت الى استقلال سوريا بحدودها الطبيعية وحزب الشعب الاردني الذي تشكل في عام 1927.
ومن أبرز الأحداث ذات الدلالة اندلاع الثورة الفلسطينية عام 1936 والتي دعمها الأردنيون، ورفعت علم الثورة العربية الكبرى شعاراً لها ومع نهاية عقد الثلاثينيات من القرن العشرين بدأ الأردن بمطالباته بإستكمال الاستقلال وإنهاء الانتداب وكانت بريطانيا تتذرع بانشغالها.
وبعد تأسيس هيئة الامم المتحدة عام 1945، وجهت الحكومة الاردنية مذكرة الى الحكومة البريطانية طالبت فيها ببدء المفاوضات لاعلان استقلال شرق الاردن وقد ردت السياسة البريطانية بتوجيه دعوة لسمو الامير عبدالله في بداية عام 1946.
وبعد اعتراف الحكومة البريطانية في اجتماع هيئة الامم المتحدة في السابع عشر من كانون الثاني 1946 بان شرق الاردن تطور الى مستوى يدعو لانهاء الانتداب عليه ومنحه الاستقلال بدات المفاوضات الرسمية مع الجانب الاردني، والتي انتهت بإعلان الإستقلال في ايار 1946.
ومما جاء في نص القرار التاريخي الذي يعلن استقلال الاردن باسم المملكة الاردنية الهاشمية :
' تحقيقاً للاماني القومية وعملاً بالرغبة العامة التي اعربت عنها المجالس البلدية الاردنية في قراراتها المبلغة الى المجلس التشريعي، واستناداً الى حقوق البلاد الشرعية والطبيعية وجهادها المديد وما حصلت عليه من وعود وعهود دولية رسمية، وبناء على ما اقترحه مجلس الوزراء في 15/5/1946 فقد بحث المجلس التشريعي النائب عن الشعب الاردني امر استقلال البلاد الاردنية استقلالاً تاماً على اساس النظام الملكي النيابي، مع البيعة بالملك لسيد البلاد ومؤسس كيانها (الملك عبدالله بن الحسين).وتم بحث تعديل القانون الاساسي الاردني على هذا الاساس بمقتضى اختصاصه الدستوري، ولدى المداولة والمذاكرة تقرر بالاجماع اعلان البلاد الاردنية دولة مستقلة استقلالاً تاماً وذات حكومة ملكية وراثية نيابية والبيعة بالمُلك لسيد البلاد ومؤسس كيانها وريث النهضة العربية (الملك عبدالله بن الحسين) بوصفه ملكاً دستورياً على رأس الدولة الاردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الاردنية الهاشمية.
وصادق جلالة الملك المؤسس على قرار اعلان الاستقلال مصدراً اول ارادة ملكيـــــة سامية، بكلمات تحمل ابعاد شخصيته الفذة:
'متكلاً على الله تعالى اوافق على هذا القرار شاكراً لشعبي واثقاً لحكومتي'.
واستمرت سنوات البناء والكفاح والأمل واستمر عطاء الهاشمين طوالها، حاملين راية ومباديء الثورة العربية الكبرى من عهد جلالة المغفور له الملك عبد الله الأول ابن الحسين إلى عهد الراحل العظيم الملك حسين بن طلال الذي نقف إجلالا وتعظيماً لذكرى ذلك المهيب الذي سيبقى خالداً في نفوس الأردنيين وأحرار الأمة لما حقق لهذا الوطن وأبناءه من مكانة مرموقة على الصعيد المحلي والإقليمي والعالمي، وهاهو ذا الملك عبد الله الثاني ابن الحسين يقود الأمة في وطن أوجدت له قيادته الهاشمية هويته وكيانه وصنعت استقلاله وأوجدت منه أنموذجا تشكلت فيه روح التحدي وسمة التسامح وظل ملجأً للأحرار والمظلومين.
في ذكرى الاستقلال يحق لكل أردني أن يفتخر بما حققه الرجال الرجال الذين أسسوا البنيان ووحدوا الكلمة ونسجوا عز الأمة فسلام على الأردن الأبي، سلام على زهوه ورفعته وصبره وعنفوانه ومروءته وشهدائه، وسلام على أبناء الوطن المخلصين الصادقين، وسيبقى الأردن بلدا تهوي اليه الأفئدة والأنظار.
لواء ركن طيار م محمد علي الصمادي
'وانني كما قلت للجموع في موقفي هذا عند قدومي الى هذه المنطقة كما تتذكرون، من انه لو كانت لي سبعون نفساً فقدمتها كلها في سبيل القومية والوطن لما رأيتني قمت بالواجب.. وهنا أعلن بلسان الصرامة تأكيد عزمي السابق من جعل هذه البلاد دعامة وامانا، ترتاح لحسن ادارتها اقطار محبيها خالية من وجود شكاوى قاطنيها ومجاوريها، واتعشم انني اصبت بهذه الصورة ما يرتأيه محبو الوطن وطالبو الخير له'.
'من أقوال الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين رحمه الله'
تتحدث وثائق التاريخ وصفحاته عن أن استقلال الأردن في الخامس والعشرين من أيار 1946، جاء عقب كفاح ونضال استمر على مساحة امتدت لأكثر من عقدين من الزمن، فمنذ ان وطئت قدما الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين ارض الاردن واستقبلته معان في الحادي والعشرين من تشرين الثاني 1920 كان يعلن ان هدفه المحدد هو تحرير البلاد من الاستعمار. وفور وصوله أصدر بيانا في الخامس من كانون الاول 1920 دعا فيه الضباط العرب وشيوخ العشائر الى الالتحاق به في معان. ويؤرخ باحثون كثر أن رحلة تأسيس هذا البلد انطلقت في الثامن والعشرين من شباط 1921، لتصل عمان يوم الاربعاء الثاني من اذار من العام ذاته. وهو اليوم الذي شهد بشائر ميلاد شرق الاردن، لتستمر رحلة الكفاح وتؤتي أكلها الطيبة عندما قرر أهل إمارة شرق الأردن جعلها المملكة الاردنية الهاشمية في الخامس والعشرين من ايار 1946.
وبينما كان الملك المؤسس يدعو أحرار الأمة للإلتحاق بركبه، كانت تقارير المندوب السامي البريطاني هربرت صموئيل الى الحكومة البريطانية، والتي تعود في بداياتها إلى مطلع كانون الثانـي 1920 تتحدث عن ازدياد النشاط الهاشمي في المنطقة، وان عمان اصبحت مركزاً للأحرار والثوار العرب، الذين كانت تصفهم القوى الإستعمارية البريطانية والفرنسية بالخارجين عن القانون. وجاءت مباحثات الملك المؤسس مع وزير المستعمرات البريطاني تشرشل في القدس، على ثلاث جولات في 28 و29 و30 اذار 1921، وتم فيها بحث العديد من القضايا في ضوء ما افرزه مؤتمر الشرق الاوسط في الثاني عشر من اذار 1921، وكذلك توصيات لورنس وتوصيات واقتراحات صموئيل. وكان نجاح المغفور له في مفاوضاته مع تشرشل سبباً في اصدار قرار من عصبة الامم، في ذلك الوقت بالاعتراف بشرق الاردن كوحدة جغرافية وسياسية مستقلة وهو القرار الذي صدر في الثالث والعشرين من ايلول 1922. وعقب تلك المحادثات الهامة شهد شرق الأردن تشكيل اول حكومة اردنية في الحادي عشر من نيسان عام 1921 برئاسة رشيد طليع. ورغم تشكيل هذه الحكومة بقي الملك المؤسس يشعر أنه ما زال هناك الكثير من العمل لتحقيق الإستقلال التام، واستكمال إجراءات بناء الأردن كدولة دستورية غير منقوصة السيادة. وكانت هذه القضية محور زيارته للندن في الثالث من تشرين الاول 1922 وحتى مطلع كانون الثاني عام 1923، وشهدت الزيارة مفاوضات طويلة اسفرت عن مشروع معاهدة اردنية بريطانية.
وقد مرت عملية إعلان الاستقلال بمرحلتين، الاولى وجاءت بإعلان الاستقلال في الخامس والعشرين من ايار 1923 والثانية باعتراف بريطانيا بهذا الاستقلال بصفتها الدولة المنتدبـة بموجب قرار عصبة الامم المتحدة الصادر في الثالث والعشرين من ايلول 1922، وقد جاء هذا الاعتراف في نهاية شهر تشرين الاول من العام ذاته. وتمهيدا لهذه المراحل اقيم في الخامس عشر من ايار 1923 حفل رسمي شارك فيه رجالات الاردن وفلسطين والقى الملك المؤسس خطبة بليغة تضمنت مقدمة تمتلئ بمعاني العزة والكرامة والقومية وتستذكر مجد الامة العربية. لكن ما ورد في حديث السير هربرت صموئيل يوم الاحتفال كان يقول بوضوح بان اعتراف بريطانيا بالاستقلال لم يكن كاملا. وعقب ذلك صرف المغفور له جل اهتمامه على الاعمار الداخلي وبناء القوات المسلحة والارتقاء بمؤسسات الدولة الدستورية ذلك أنه أدرك أن استكمال الإستقلال يحتاج إلى دولة تمتلك عناصر القوة، وعقدت معاهدة بين الملك المؤسس وملك بريطانيا في شباط 1928. وتضمنت المعاهدة إحدى وعشرين مادة، من أهمها 'وضع قانون اساسي اي دستور للبلاد وتنازل الحكومة البريطانية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية للامير عبدالله بن الحسين وان يبقى لبريطانيا الحق في الاحتفاظ بقوات عسكرية في الاراضي الاردنية '.
وشهد الأردن أولى تجاربه الديمقراطية مع إجراء اول انتخابات تشريعية تبعها افتتاح الدورة الاولى للمجلس التشريعي الاول المنعقد في شرق الاردن في الثاني من تشرين الثاني 1929، وبذلك تحقق استقلال امارة شرق الاردن التي كانت تعرف باسم حكومة الشرق العربي في عام 1929. وكفل القانون الاساسي لشرق الاردن الذي صدر في السادس عشر من نيسان 1928 حقوق الشعب وتضمن واجبات الامير وحقوقه والتشريع والقضاء والادارة ونفاذ القوانين والاحكام. وكان ذلك فاتحة لتقوية الحياة الحزبية، ومن أبرز أحزاب تلك الفترة حزب الاستقلال وحزب العهد العربي الذي أعلن ان برنامجه هو على اساس استقلال جميع البلاد العربية تحت ادارة الملك الحسين بن علي وانجاله وجمعية الشرق العربي التي دعت الى استقلال سوريا بحدودها الطبيعية وحزب الشعب الاردني الذي تشكل في عام 1927.
ومن أبرز الأحداث ذات الدلالة اندلاع الثورة الفلسطينية عام 1936 والتي دعمها الأردنيون، ورفعت علم الثورة العربية الكبرى شعاراً لها ومع نهاية عقد الثلاثينيات من القرن العشرين بدأ الأردن بمطالباته بإستكمال الاستقلال وإنهاء الانتداب وكانت بريطانيا تتذرع بانشغالها.
وبعد تأسيس هيئة الامم المتحدة عام 1945، وجهت الحكومة الاردنية مذكرة الى الحكومة البريطانية طالبت فيها ببدء المفاوضات لاعلان استقلال شرق الاردن وقد ردت السياسة البريطانية بتوجيه دعوة لسمو الامير عبدالله في بداية عام 1946.
وبعد اعتراف الحكومة البريطانية في اجتماع هيئة الامم المتحدة في السابع عشر من كانون الثاني 1946 بان شرق الاردن تطور الى مستوى يدعو لانهاء الانتداب عليه ومنحه الاستقلال بدات المفاوضات الرسمية مع الجانب الاردني، والتي انتهت بإعلان الإستقلال في ايار 1946.
ومما جاء في نص القرار التاريخي الذي يعلن استقلال الاردن باسم المملكة الاردنية الهاشمية :
' تحقيقاً للاماني القومية وعملاً بالرغبة العامة التي اعربت عنها المجالس البلدية الاردنية في قراراتها المبلغة الى المجلس التشريعي، واستناداً الى حقوق البلاد الشرعية والطبيعية وجهادها المديد وما حصلت عليه من وعود وعهود دولية رسمية، وبناء على ما اقترحه مجلس الوزراء في 15/5/1946 فقد بحث المجلس التشريعي النائب عن الشعب الاردني امر استقلال البلاد الاردنية استقلالاً تاماً على اساس النظام الملكي النيابي، مع البيعة بالملك لسيد البلاد ومؤسس كيانها (الملك عبدالله بن الحسين).وتم بحث تعديل القانون الاساسي الاردني على هذا الاساس بمقتضى اختصاصه الدستوري، ولدى المداولة والمذاكرة تقرر بالاجماع اعلان البلاد الاردنية دولة مستقلة استقلالاً تاماً وذات حكومة ملكية وراثية نيابية والبيعة بالمُلك لسيد البلاد ومؤسس كيانها وريث النهضة العربية (الملك عبدالله بن الحسين) بوصفه ملكاً دستورياً على رأس الدولة الاردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الاردنية الهاشمية.
وصادق جلالة الملك المؤسس على قرار اعلان الاستقلال مصدراً اول ارادة ملكيـــــة سامية، بكلمات تحمل ابعاد شخصيته الفذة:
'متكلاً على الله تعالى اوافق على هذا القرار شاكراً لشعبي واثقاً لحكومتي'.
واستمرت سنوات البناء والكفاح والأمل واستمر عطاء الهاشمين طوالها، حاملين راية ومباديء الثورة العربية الكبرى من عهد جلالة المغفور له الملك عبد الله الأول ابن الحسين إلى عهد الراحل العظيم الملك حسين بن طلال الذي نقف إجلالا وتعظيماً لذكرى ذلك المهيب الذي سيبقى خالداً في نفوس الأردنيين وأحرار الأمة لما حقق لهذا الوطن وأبناءه من مكانة مرموقة على الصعيد المحلي والإقليمي والعالمي، وهاهو ذا الملك عبد الله الثاني ابن الحسين يقود الأمة في وطن أوجدت له قيادته الهاشمية هويته وكيانه وصنعت استقلاله وأوجدت منه أنموذجا تشكلت فيه روح التحدي وسمة التسامح وظل ملجأً للأحرار والمظلومين.
في ذكرى الاستقلال يحق لكل أردني أن يفتخر بما حققه الرجال الرجال الذين أسسوا البنيان ووحدوا الكلمة ونسجوا عز الأمة فسلام على الأردن الأبي، سلام على زهوه ورفعته وصبره وعنفوانه ومروءته وشهدائه، وسلام على أبناء الوطن المخلصين الصادقين، وسيبقى الأردن بلدا تهوي اليه الأفئدة والأنظار.
لواء ركن طيار م محمد علي الصمادي
'وانني كما قلت للجموع في موقفي هذا عند قدومي الى هذه المنطقة كما تتذكرون، من انه لو كانت لي سبعون نفساً فقدمتها كلها في سبيل القومية والوطن لما رأيتني قمت بالواجب.. وهنا أعلن بلسان الصرامة تأكيد عزمي السابق من جعل هذه البلاد دعامة وامانا، ترتاح لحسن ادارتها اقطار محبيها خالية من وجود شكاوى قاطنيها ومجاوريها، واتعشم انني اصبت بهذه الصورة ما يرتأيه محبو الوطن وطالبو الخير له'.
'من أقوال الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين رحمه الله'
تتحدث وثائق التاريخ وصفحاته عن أن استقلال الأردن في الخامس والعشرين من أيار 1946، جاء عقب كفاح ونضال استمر على مساحة امتدت لأكثر من عقدين من الزمن، فمنذ ان وطئت قدما الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين ارض الاردن واستقبلته معان في الحادي والعشرين من تشرين الثاني 1920 كان يعلن ان هدفه المحدد هو تحرير البلاد من الاستعمار. وفور وصوله أصدر بيانا في الخامس من كانون الاول 1920 دعا فيه الضباط العرب وشيوخ العشائر الى الالتحاق به في معان. ويؤرخ باحثون كثر أن رحلة تأسيس هذا البلد انطلقت في الثامن والعشرين من شباط 1921، لتصل عمان يوم الاربعاء الثاني من اذار من العام ذاته. وهو اليوم الذي شهد بشائر ميلاد شرق الاردن، لتستمر رحلة الكفاح وتؤتي أكلها الطيبة عندما قرر أهل إمارة شرق الأردن جعلها المملكة الاردنية الهاشمية في الخامس والعشرين من ايار 1946.
وبينما كان الملك المؤسس يدعو أحرار الأمة للإلتحاق بركبه، كانت تقارير المندوب السامي البريطاني هربرت صموئيل الى الحكومة البريطانية، والتي تعود في بداياتها إلى مطلع كانون الثانـي 1920 تتحدث عن ازدياد النشاط الهاشمي في المنطقة، وان عمان اصبحت مركزاً للأحرار والثوار العرب، الذين كانت تصفهم القوى الإستعمارية البريطانية والفرنسية بالخارجين عن القانون. وجاءت مباحثات الملك المؤسس مع وزير المستعمرات البريطاني تشرشل في القدس، على ثلاث جولات في 28 و29 و30 اذار 1921، وتم فيها بحث العديد من القضايا في ضوء ما افرزه مؤتمر الشرق الاوسط في الثاني عشر من اذار 1921، وكذلك توصيات لورنس وتوصيات واقتراحات صموئيل. وكان نجاح المغفور له في مفاوضاته مع تشرشل سبباً في اصدار قرار من عصبة الامم، في ذلك الوقت بالاعتراف بشرق الاردن كوحدة جغرافية وسياسية مستقلة وهو القرار الذي صدر في الثالث والعشرين من ايلول 1922. وعقب تلك المحادثات الهامة شهد شرق الأردن تشكيل اول حكومة اردنية في الحادي عشر من نيسان عام 1921 برئاسة رشيد طليع. ورغم تشكيل هذه الحكومة بقي الملك المؤسس يشعر أنه ما زال هناك الكثير من العمل لتحقيق الإستقلال التام، واستكمال إجراءات بناء الأردن كدولة دستورية غير منقوصة السيادة. وكانت هذه القضية محور زيارته للندن في الثالث من تشرين الاول 1922 وحتى مطلع كانون الثاني عام 1923، وشهدت الزيارة مفاوضات طويلة اسفرت عن مشروع معاهدة اردنية بريطانية.
وقد مرت عملية إعلان الاستقلال بمرحلتين، الاولى وجاءت بإعلان الاستقلال في الخامس والعشرين من ايار 1923 والثانية باعتراف بريطانيا بهذا الاستقلال بصفتها الدولة المنتدبـة بموجب قرار عصبة الامم المتحدة الصادر في الثالث والعشرين من ايلول 1922، وقد جاء هذا الاعتراف في نهاية شهر تشرين الاول من العام ذاته. وتمهيدا لهذه المراحل اقيم في الخامس عشر من ايار 1923 حفل رسمي شارك فيه رجالات الاردن وفلسطين والقى الملك المؤسس خطبة بليغة تضمنت مقدمة تمتلئ بمعاني العزة والكرامة والقومية وتستذكر مجد الامة العربية. لكن ما ورد في حديث السير هربرت صموئيل يوم الاحتفال كان يقول بوضوح بان اعتراف بريطانيا بالاستقلال لم يكن كاملا. وعقب ذلك صرف المغفور له جل اهتمامه على الاعمار الداخلي وبناء القوات المسلحة والارتقاء بمؤسسات الدولة الدستورية ذلك أنه أدرك أن استكمال الإستقلال يحتاج إلى دولة تمتلك عناصر القوة، وعقدت معاهدة بين الملك المؤسس وملك بريطانيا في شباط 1928. وتضمنت المعاهدة إحدى وعشرين مادة، من أهمها 'وضع قانون اساسي اي دستور للبلاد وتنازل الحكومة البريطانية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية للامير عبدالله بن الحسين وان يبقى لبريطانيا الحق في الاحتفاظ بقوات عسكرية في الاراضي الاردنية '.
وشهد الأردن أولى تجاربه الديمقراطية مع إجراء اول انتخابات تشريعية تبعها افتتاح الدورة الاولى للمجلس التشريعي الاول المنعقد في شرق الاردن في الثاني من تشرين الثاني 1929، وبذلك تحقق استقلال امارة شرق الاردن التي كانت تعرف باسم حكومة الشرق العربي في عام 1929. وكفل القانون الاساسي لشرق الاردن الذي صدر في السادس عشر من نيسان 1928 حقوق الشعب وتضمن واجبات الامير وحقوقه والتشريع والقضاء والادارة ونفاذ القوانين والاحكام. وكان ذلك فاتحة لتقوية الحياة الحزبية، ومن أبرز أحزاب تلك الفترة حزب الاستقلال وحزب العهد العربي الذي أعلن ان برنامجه هو على اساس استقلال جميع البلاد العربية تحت ادارة الملك الحسين بن علي وانجاله وجمعية الشرق العربي التي دعت الى استقلال سوريا بحدودها الطبيعية وحزب الشعب الاردني الذي تشكل في عام 1927.
ومن أبرز الأحداث ذات الدلالة اندلاع الثورة الفلسطينية عام 1936 والتي دعمها الأردنيون، ورفعت علم الثورة العربية الكبرى شعاراً لها ومع نهاية عقد الثلاثينيات من القرن العشرين بدأ الأردن بمطالباته بإستكمال الاستقلال وإنهاء الانتداب وكانت بريطانيا تتذرع بانشغالها.
وبعد تأسيس هيئة الامم المتحدة عام 1945، وجهت الحكومة الاردنية مذكرة الى الحكومة البريطانية طالبت فيها ببدء المفاوضات لاعلان استقلال شرق الاردن وقد ردت السياسة البريطانية بتوجيه دعوة لسمو الامير عبدالله في بداية عام 1946.
وبعد اعتراف الحكومة البريطانية في اجتماع هيئة الامم المتحدة في السابع عشر من كانون الثاني 1946 بان شرق الاردن تطور الى مستوى يدعو لانهاء الانتداب عليه ومنحه الاستقلال بدات المفاوضات الرسمية مع الجانب الاردني، والتي انتهت بإعلان الإستقلال في ايار 1946.
ومما جاء في نص القرار التاريخي الذي يعلن استقلال الاردن باسم المملكة الاردنية الهاشمية :
' تحقيقاً للاماني القومية وعملاً بالرغبة العامة التي اعربت عنها المجالس البلدية الاردنية في قراراتها المبلغة الى المجلس التشريعي، واستناداً الى حقوق البلاد الشرعية والطبيعية وجهادها المديد وما حصلت عليه من وعود وعهود دولية رسمية، وبناء على ما اقترحه مجلس الوزراء في 15/5/1946 فقد بحث المجلس التشريعي النائب عن الشعب الاردني امر استقلال البلاد الاردنية استقلالاً تاماً على اساس النظام الملكي النيابي، مع البيعة بالملك لسيد البلاد ومؤسس كيانها (الملك عبدالله بن الحسين).وتم بحث تعديل القانون الاساسي الاردني على هذا الاساس بمقتضى اختصاصه الدستوري، ولدى المداولة والمذاكرة تقرر بالاجماع اعلان البلاد الاردنية دولة مستقلة استقلالاً تاماً وذات حكومة ملكية وراثية نيابية والبيعة بالمُلك لسيد البلاد ومؤسس كيانها وريث النهضة العربية (الملك عبدالله بن الحسين) بوصفه ملكاً دستورياً على رأس الدولة الاردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الاردنية الهاشمية.
وصادق جلالة الملك المؤسس على قرار اعلان الاستقلال مصدراً اول ارادة ملكيـــــة سامية، بكلمات تحمل ابعاد شخصيته الفذة:
'متكلاً على الله تعالى اوافق على هذا القرار شاكراً لشعبي واثقاً لحكومتي'.
واستمرت سنوات البناء والكفاح والأمل واستمر عطاء الهاشمين طوالها، حاملين راية ومباديء الثورة العربية الكبرى من عهد جلالة المغفور له الملك عبد الله الأول ابن الحسين إلى عهد الراحل العظيم الملك حسين بن طلال الذي نقف إجلالا وتعظيماً لذكرى ذلك المهيب الذي سيبقى خالداً في نفوس الأردنيين وأحرار الأمة لما حقق لهذا الوطن وأبناءه من مكانة مرموقة على الصعيد المحلي والإقليمي والعالمي، وهاهو ذا الملك عبد الله الثاني ابن الحسين يقود الأمة في وطن أوجدت له قيادته الهاشمية هويته وكيانه وصنعت استقلاله وأوجدت منه أنموذجا تشكلت فيه روح التحدي وسمة التسامح وظل ملجأً للأحرار والمظلومين.
في ذكرى الاستقلال يحق لكل أردني أن يفتخر بما حققه الرجال الرجال الذين أسسوا البنيان ووحدوا الكلمة ونسجوا عز الأمة فسلام على الأردن الأبي، سلام على زهوه ورفعته وصبره وعنفوانه ومروءته وشهدائه، وسلام على أبناء الوطن المخلصين الصادقين، وسيبقى الأردن بلدا تهوي اليه الأفئدة والأنظار.
التعليقات