أخبار اليوم - في حيّ التفاح بمدينة غزة، حيث البيوت متلاصقة، والقلوب متعبة من سنوات الحصار، أضيف إليها عمرٌ من الحرب بما ذاقه أهالي تلك المدينة من وجعٍ وفقدٍ ودمار، كان يوسف وحيد عبد السلام، شابًّا في مقتبل العمر، يعيش حياة بسيطة مع أسرته التي شرع في تكوينها وتأسيسها قبل الحرب بفترة لا تتجاوز الأشهر، لكنه لم يكن يدرك أن قذيفة دبابة ستغيّر تفاصيل حياته في لحظة واحدة وإلى الأبد.
في صباح يوم 23/12/2023، كان الجو مشحونًا بالدخان والخوف، حين سقطت قذيفة مباشرة على منزل العائلة. يقول عبد السلام: 'كل شيء حولي تحطّم، شعرت بحرارة شديدة وألم لا يمكن وصفه في قدمي... ثم انطفأ كل شيء من حولي، وجميع أفراد عائلتي أصيبوا'.
وتحت نيران القصف، لم تتمكن سيارات الإسعاف من الوصول، فلا إسعاف ولا معدات، وكان الجيران هم المنقذ له ولعائلته. رغم الخطر، حملوا عبد السلام ومن تبقى من المصابين من بين الأنقاض، 'لفّوني ببطانية، وركضوا في الشارع وهم يحاولون تفادي الطائرات... كانوا أبطالًا'، وفق حديثه.
نُقل إلى نقطة طبية بدائية لا يتوفر فيها سوى الحد الأدنى من الأدوات، وهناك بدأ أصعب فصل في معاناته.
جراحة بلا تخدير
بصوت يختنق بالمرارة، يقول عبد السلام لصحيفة 'فلسطين': 'الدكتور قال لي بصراحة: ما في بنج، وما في وقت ننتظر، خاصة إن جزءًا من قدمي، مشط الأصابع، قد بُتر، وكنت أحتاج إلى عملية تجميع وترميم لتلك المنطقة... فاضطروا إلى إجراء العملية وأنا صاحٍ'.
كانت صرخاته تمزّق صمت الغرفة الصغيرة، بينما تُخاط قدمه بإبرة جراحية دون أي مخدّر، ودموعه تختلط بدمائه.
'كأن كل ضربة إبرة كانت تسلخ شيئًا من كرامتي... مش بس جسدي اللي تألّم'، يضيف عبد السلام، وهو يحاول أن يحبس ما تبقّى من دموع في عينيه، فهذه الأيام تعيده إلى المربع الأول من الذكريات الموجعة.
ندوب لا تُشفى
وقد خضع بعدها لعملية ترقيع أخرى في ظروف مشابهة، لكنه لم يتعافَ بشكل كامل. فطرأت على قدمه فطريات مزمنة بسبب عدم توفّر العناية الطبية المناسبة، وهو بحاجة دائمة إلى مراهم وأدوية لا يستطيع توفيرها، خاصة مع الحصار وفقر الإمكانيات. 'رائحة الجرح تطاردني... الألم ما بفارقني، حتى وأنا نايم'.
بعد استئناف الحرب، لم يجد عبد السلام مكانًا آمنًا ليستقر فيه. تنقّل بين مراكز إيواء مكتظة ومنازل مهددة، وكل خطوة كانت تعذيبًا لقدمه المصابة. 'كل ما أحط رجلي على الأرض بحس بكهربا... والوجع بيزيد مع البرد والحر'.
فما يؤلمه ليس فقط جراحه الجسدية، بل الشعور بالعجز. 'كنت أركض، أشتغل، أساعد أهلي... اليوم ما بقدر أقطع الشارع بدون ما أستند على الحيطان'، ولا يستطيع حتى مراجعة الطبيب بسهولة، فالوصول إلى المستشفى يتطلب جهدًا شاقًا ومسافات طويلة لا يمكنه تحمّلها.
ورغم كل شيء، يحاول النهوض لأجل نفسه ولأجل طفله الصغير الذي ينتظر قدومه بعد بضعة أشهر، ويختم عبد السلام حديثه: 'أنا مش ضعيف، لكن محتاج فرصة، محتاج دواء، محتاج أرجع أحس إني بني آدم عايش، مش مجرد رقم بين الجرحى'.
كلماته تختزل آلاف الجرحى الغزيين الذين يعانون بصمت، ويقاومون الوجع والموت بالأمل والصبر.
المصدر / فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - في حيّ التفاح بمدينة غزة، حيث البيوت متلاصقة، والقلوب متعبة من سنوات الحصار، أضيف إليها عمرٌ من الحرب بما ذاقه أهالي تلك المدينة من وجعٍ وفقدٍ ودمار، كان يوسف وحيد عبد السلام، شابًّا في مقتبل العمر، يعيش حياة بسيطة مع أسرته التي شرع في تكوينها وتأسيسها قبل الحرب بفترة لا تتجاوز الأشهر، لكنه لم يكن يدرك أن قذيفة دبابة ستغيّر تفاصيل حياته في لحظة واحدة وإلى الأبد.
في صباح يوم 23/12/2023، كان الجو مشحونًا بالدخان والخوف، حين سقطت قذيفة مباشرة على منزل العائلة. يقول عبد السلام: 'كل شيء حولي تحطّم، شعرت بحرارة شديدة وألم لا يمكن وصفه في قدمي... ثم انطفأ كل شيء من حولي، وجميع أفراد عائلتي أصيبوا'.
وتحت نيران القصف، لم تتمكن سيارات الإسعاف من الوصول، فلا إسعاف ولا معدات، وكان الجيران هم المنقذ له ولعائلته. رغم الخطر، حملوا عبد السلام ومن تبقى من المصابين من بين الأنقاض، 'لفّوني ببطانية، وركضوا في الشارع وهم يحاولون تفادي الطائرات... كانوا أبطالًا'، وفق حديثه.
نُقل إلى نقطة طبية بدائية لا يتوفر فيها سوى الحد الأدنى من الأدوات، وهناك بدأ أصعب فصل في معاناته.
جراحة بلا تخدير
بصوت يختنق بالمرارة، يقول عبد السلام لصحيفة 'فلسطين': 'الدكتور قال لي بصراحة: ما في بنج، وما في وقت ننتظر، خاصة إن جزءًا من قدمي، مشط الأصابع، قد بُتر، وكنت أحتاج إلى عملية تجميع وترميم لتلك المنطقة... فاضطروا إلى إجراء العملية وأنا صاحٍ'.
كانت صرخاته تمزّق صمت الغرفة الصغيرة، بينما تُخاط قدمه بإبرة جراحية دون أي مخدّر، ودموعه تختلط بدمائه.
'كأن كل ضربة إبرة كانت تسلخ شيئًا من كرامتي... مش بس جسدي اللي تألّم'، يضيف عبد السلام، وهو يحاول أن يحبس ما تبقّى من دموع في عينيه، فهذه الأيام تعيده إلى المربع الأول من الذكريات الموجعة.
ندوب لا تُشفى
وقد خضع بعدها لعملية ترقيع أخرى في ظروف مشابهة، لكنه لم يتعافَ بشكل كامل. فطرأت على قدمه فطريات مزمنة بسبب عدم توفّر العناية الطبية المناسبة، وهو بحاجة دائمة إلى مراهم وأدوية لا يستطيع توفيرها، خاصة مع الحصار وفقر الإمكانيات. 'رائحة الجرح تطاردني... الألم ما بفارقني، حتى وأنا نايم'.
بعد استئناف الحرب، لم يجد عبد السلام مكانًا آمنًا ليستقر فيه. تنقّل بين مراكز إيواء مكتظة ومنازل مهددة، وكل خطوة كانت تعذيبًا لقدمه المصابة. 'كل ما أحط رجلي على الأرض بحس بكهربا... والوجع بيزيد مع البرد والحر'.
فما يؤلمه ليس فقط جراحه الجسدية، بل الشعور بالعجز. 'كنت أركض، أشتغل، أساعد أهلي... اليوم ما بقدر أقطع الشارع بدون ما أستند على الحيطان'، ولا يستطيع حتى مراجعة الطبيب بسهولة، فالوصول إلى المستشفى يتطلب جهدًا شاقًا ومسافات طويلة لا يمكنه تحمّلها.
ورغم كل شيء، يحاول النهوض لأجل نفسه ولأجل طفله الصغير الذي ينتظر قدومه بعد بضعة أشهر، ويختم عبد السلام حديثه: 'أنا مش ضعيف، لكن محتاج فرصة، محتاج دواء، محتاج أرجع أحس إني بني آدم عايش، مش مجرد رقم بين الجرحى'.
كلماته تختزل آلاف الجرحى الغزيين الذين يعانون بصمت، ويقاومون الوجع والموت بالأمل والصبر.
المصدر / فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - في حيّ التفاح بمدينة غزة، حيث البيوت متلاصقة، والقلوب متعبة من سنوات الحصار، أضيف إليها عمرٌ من الحرب بما ذاقه أهالي تلك المدينة من وجعٍ وفقدٍ ودمار، كان يوسف وحيد عبد السلام، شابًّا في مقتبل العمر، يعيش حياة بسيطة مع أسرته التي شرع في تكوينها وتأسيسها قبل الحرب بفترة لا تتجاوز الأشهر، لكنه لم يكن يدرك أن قذيفة دبابة ستغيّر تفاصيل حياته في لحظة واحدة وإلى الأبد.
في صباح يوم 23/12/2023، كان الجو مشحونًا بالدخان والخوف، حين سقطت قذيفة مباشرة على منزل العائلة. يقول عبد السلام: 'كل شيء حولي تحطّم، شعرت بحرارة شديدة وألم لا يمكن وصفه في قدمي... ثم انطفأ كل شيء من حولي، وجميع أفراد عائلتي أصيبوا'.
وتحت نيران القصف، لم تتمكن سيارات الإسعاف من الوصول، فلا إسعاف ولا معدات، وكان الجيران هم المنقذ له ولعائلته. رغم الخطر، حملوا عبد السلام ومن تبقى من المصابين من بين الأنقاض، 'لفّوني ببطانية، وركضوا في الشارع وهم يحاولون تفادي الطائرات... كانوا أبطالًا'، وفق حديثه.
نُقل إلى نقطة طبية بدائية لا يتوفر فيها سوى الحد الأدنى من الأدوات، وهناك بدأ أصعب فصل في معاناته.
جراحة بلا تخدير
بصوت يختنق بالمرارة، يقول عبد السلام لصحيفة 'فلسطين': 'الدكتور قال لي بصراحة: ما في بنج، وما في وقت ننتظر، خاصة إن جزءًا من قدمي، مشط الأصابع، قد بُتر، وكنت أحتاج إلى عملية تجميع وترميم لتلك المنطقة... فاضطروا إلى إجراء العملية وأنا صاحٍ'.
كانت صرخاته تمزّق صمت الغرفة الصغيرة، بينما تُخاط قدمه بإبرة جراحية دون أي مخدّر، ودموعه تختلط بدمائه.
'كأن كل ضربة إبرة كانت تسلخ شيئًا من كرامتي... مش بس جسدي اللي تألّم'، يضيف عبد السلام، وهو يحاول أن يحبس ما تبقّى من دموع في عينيه، فهذه الأيام تعيده إلى المربع الأول من الذكريات الموجعة.
ندوب لا تُشفى
وقد خضع بعدها لعملية ترقيع أخرى في ظروف مشابهة، لكنه لم يتعافَ بشكل كامل. فطرأت على قدمه فطريات مزمنة بسبب عدم توفّر العناية الطبية المناسبة، وهو بحاجة دائمة إلى مراهم وأدوية لا يستطيع توفيرها، خاصة مع الحصار وفقر الإمكانيات. 'رائحة الجرح تطاردني... الألم ما بفارقني، حتى وأنا نايم'.
بعد استئناف الحرب، لم يجد عبد السلام مكانًا آمنًا ليستقر فيه. تنقّل بين مراكز إيواء مكتظة ومنازل مهددة، وكل خطوة كانت تعذيبًا لقدمه المصابة. 'كل ما أحط رجلي على الأرض بحس بكهربا... والوجع بيزيد مع البرد والحر'.
فما يؤلمه ليس فقط جراحه الجسدية، بل الشعور بالعجز. 'كنت أركض، أشتغل، أساعد أهلي... اليوم ما بقدر أقطع الشارع بدون ما أستند على الحيطان'، ولا يستطيع حتى مراجعة الطبيب بسهولة، فالوصول إلى المستشفى يتطلب جهدًا شاقًا ومسافات طويلة لا يمكنه تحمّلها.
ورغم كل شيء، يحاول النهوض لأجل نفسه ولأجل طفله الصغير الذي ينتظر قدومه بعد بضعة أشهر، ويختم عبد السلام حديثه: 'أنا مش ضعيف، لكن محتاج فرصة، محتاج دواء، محتاج أرجع أحس إني بني آدم عايش، مش مجرد رقم بين الجرحى'.
كلماته تختزل آلاف الجرحى الغزيين الذين يعانون بصمت، ويقاومون الوجع والموت بالأمل والصبر.
المصدر / فلسطين أون لاين
التعليقات