أخبار اليوم - في تحوُّل غير مسبوق في السياسة الإقليمية، تسبَّب تقارب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مع القيادة السورية الجديدة، في إرباك استراتيجية إسرائيل العسكرية، وأدى إلى توقف شبه كامل للغارات الجوية الإسرائيلية على الأراضي السورية. وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».
وكانت إسرائيل قد كثَّفت عملياتها العسكرية في سوريا منذ الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد. وتشير بيانات عسكرية إلى تنفيذ أكثر من 700 غارة إسرائيلية خلال الأشهر التي تلت سقوط الأسد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، شملت استهداف مواقع استراتيجية، بينها أسلحة ثقيلة ومرافق دفاع جوي، وحتى غارة نادرة على مقربة من القصر الرئاسي في دمشق مطلع مايو (أيار) الحالي.
إلا أن هذه العمليات الجوية توقَّفت فجأة بعد لقاء ترمب، والرئيس السوري الجديد أحمد الشرع في 14 مايو، في خطوة قلبت سنوات من السياسة الأميركية في الشرق الأوسط رأساً على عقب.
وأعلن ترمب، خلال اللقاء، خططاً لرفع العقوبات عن سوريا، قائلاً إن لدى الشرع فرصةً حقيقيةً لإعادة توحيد البلاد بعد 14 عاماً من الحرب الأهلية.
وساد تحفظ إسرائيلي وتراجع في عمليات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، التي لا تزال تنظر بريبة إلى نوايا الحكومة السورية الجديدة، بعد أن تفاجأت بالتحوّل الأميركي.
وقالت كارميت فالنسي، الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: «إن إسرائيل كانت تركِّز ضرباتها على الأسلحة الاستراتيجية المتبقية من عهد الأسد؛ بهدف منع وقوعها في أيدي جماعات معادية».
وكان المستشار السابق للأمن القومي الإسرائيلي، عوزي أراد، قد أشار إلى أن تل أبيب تتعامل مع الوضع في سوريا من منطلق دروس جنوب لبنان، في إشارة إلى المواجهات السابقة مع «حزب الله».
وحسب التقرير، تعكس التصريحات الرسمية الأخيرة تغيّراً في لهجة إسرائيل، إذ أشارت فالنسي إلى أن هناك اتجاهاً نحو تخفيف التصعيد، وربما فتح قنوات للحوار مع النظام السوري الجديد.
عنصران من الشرطة في سوريا (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عنصران من الشرطة في سوريا (أرشيفية - الشرق الأوسط)
الدروز... سبب معلن ومصلحة إقليمية
رغم تبرير إسرائيل لغاراتها بدافع حماية الطائفة الدرزية في سوريا، وهي أقلية تربطها علاقات قوية مع الدولة العبرية، فإن الغارات المكثفة بعد سقوط الأسد لم تقتصر على مناطق وجود الدروز فقط.
ففي أعقاب الاشتباكات الدامية في السويداء أواخر أبريل (نيسان)، قدَّمت إسرائيل مساعدات محدودة للمقاتلين الدروز، كما أكدت أن الغارة قرب القصر الرئاسي في دمشق كانت تحذيراً للشرع، وفق ما نقلته مصادر عسكرية إسرائيلية.
غير أن التحليل الأوسع للمشهد يشير إلى دوافع أعمق؛ إذ يرى مسؤولون أمنيون أن الغارات استهدفت منع تمركز جماعات معادية قرب الجولان، والحد من نفوذ تركي متزايد في الساحة السورية، خصوصاً مع دخول أنقرة على خط الدعم السياسي والعسكري لحكومة الشرع.
تساؤلات داخلية... وانتقادات دولية
أثارت التحركات الإسرائيلية الأخيرة انتقادات خارجية وداخلية على حد سواء.
فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي التقى الشرع منتصف الشهر الحالي، انتقد استمرار الغارات الإسرائيلية قائلاً: «لا يمكنك ضمان أمن بلدك بانتهاك سيادة جيرانك».
أما داخلياً، فقد بدأ بعض المسؤولين الإسرائيليين بمراجعة نجاعة الاستراتيجية العسكرية، إذ صرَّح تمير هايمان، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، بأن «العمليات الأخيرة باتت تُنفَّذ بدافع الزخم. لا بد من مراجعة شاملة للأهداف والجدوى».
الشرع يعد بالسلام... وإسرائيل تتوجس
أكد الشرع، الذي كان في السابق مرتبطاً بفصائل متشددة، خلال لقاءاته الأخيرة، أنه يسعى إلى نظام مستقر وشراكة مع الغرب. إلا أن إسرائيل لا تزال ترى في حكومته امتداداً لجماعات متطرفة، كما وصفها وزير الخارجية جدعون ساعر بأنها «حكومة جهادية ترتدي بدلات رسمية».
ورغم الهدوء الذي يسود الحدود السورية - الإسرائيلية منذ تولي الشرع الحكم، فإن المخاوف الإسرائيلية من تكرار سيناريو الحوثيين على حدودها الشمالية، كما عبَّر يعقوب أميدرور، مستشار الأمن القومي السابق، لا تزال قائمة.
وبينما تزداد مؤشرات التهدئة، يبدو أن تقارب واشنطن ودمشق يعيد رسم خطوط التماس في الساحة السورية، ويضع تل أبيب أمام معادلة جديدة، أكثر تعقيداً، وأقل قابلية للحسم العسكري.
أخبار اليوم - في تحوُّل غير مسبوق في السياسة الإقليمية، تسبَّب تقارب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مع القيادة السورية الجديدة، في إرباك استراتيجية إسرائيل العسكرية، وأدى إلى توقف شبه كامل للغارات الجوية الإسرائيلية على الأراضي السورية. وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».
وكانت إسرائيل قد كثَّفت عملياتها العسكرية في سوريا منذ الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد. وتشير بيانات عسكرية إلى تنفيذ أكثر من 700 غارة إسرائيلية خلال الأشهر التي تلت سقوط الأسد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، شملت استهداف مواقع استراتيجية، بينها أسلحة ثقيلة ومرافق دفاع جوي، وحتى غارة نادرة على مقربة من القصر الرئاسي في دمشق مطلع مايو (أيار) الحالي.
إلا أن هذه العمليات الجوية توقَّفت فجأة بعد لقاء ترمب، والرئيس السوري الجديد أحمد الشرع في 14 مايو، في خطوة قلبت سنوات من السياسة الأميركية في الشرق الأوسط رأساً على عقب.
وأعلن ترمب، خلال اللقاء، خططاً لرفع العقوبات عن سوريا، قائلاً إن لدى الشرع فرصةً حقيقيةً لإعادة توحيد البلاد بعد 14 عاماً من الحرب الأهلية.
وساد تحفظ إسرائيلي وتراجع في عمليات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، التي لا تزال تنظر بريبة إلى نوايا الحكومة السورية الجديدة، بعد أن تفاجأت بالتحوّل الأميركي.
وقالت كارميت فالنسي، الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: «إن إسرائيل كانت تركِّز ضرباتها على الأسلحة الاستراتيجية المتبقية من عهد الأسد؛ بهدف منع وقوعها في أيدي جماعات معادية».
وكان المستشار السابق للأمن القومي الإسرائيلي، عوزي أراد، قد أشار إلى أن تل أبيب تتعامل مع الوضع في سوريا من منطلق دروس جنوب لبنان، في إشارة إلى المواجهات السابقة مع «حزب الله».
وحسب التقرير، تعكس التصريحات الرسمية الأخيرة تغيّراً في لهجة إسرائيل، إذ أشارت فالنسي إلى أن هناك اتجاهاً نحو تخفيف التصعيد، وربما فتح قنوات للحوار مع النظام السوري الجديد.
عنصران من الشرطة في سوريا (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عنصران من الشرطة في سوريا (أرشيفية - الشرق الأوسط)
الدروز... سبب معلن ومصلحة إقليمية
رغم تبرير إسرائيل لغاراتها بدافع حماية الطائفة الدرزية في سوريا، وهي أقلية تربطها علاقات قوية مع الدولة العبرية، فإن الغارات المكثفة بعد سقوط الأسد لم تقتصر على مناطق وجود الدروز فقط.
ففي أعقاب الاشتباكات الدامية في السويداء أواخر أبريل (نيسان)، قدَّمت إسرائيل مساعدات محدودة للمقاتلين الدروز، كما أكدت أن الغارة قرب القصر الرئاسي في دمشق كانت تحذيراً للشرع، وفق ما نقلته مصادر عسكرية إسرائيلية.
غير أن التحليل الأوسع للمشهد يشير إلى دوافع أعمق؛ إذ يرى مسؤولون أمنيون أن الغارات استهدفت منع تمركز جماعات معادية قرب الجولان، والحد من نفوذ تركي متزايد في الساحة السورية، خصوصاً مع دخول أنقرة على خط الدعم السياسي والعسكري لحكومة الشرع.
تساؤلات داخلية... وانتقادات دولية
أثارت التحركات الإسرائيلية الأخيرة انتقادات خارجية وداخلية على حد سواء.
فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي التقى الشرع منتصف الشهر الحالي، انتقد استمرار الغارات الإسرائيلية قائلاً: «لا يمكنك ضمان أمن بلدك بانتهاك سيادة جيرانك».
أما داخلياً، فقد بدأ بعض المسؤولين الإسرائيليين بمراجعة نجاعة الاستراتيجية العسكرية، إذ صرَّح تمير هايمان، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، بأن «العمليات الأخيرة باتت تُنفَّذ بدافع الزخم. لا بد من مراجعة شاملة للأهداف والجدوى».
الشرع يعد بالسلام... وإسرائيل تتوجس
أكد الشرع، الذي كان في السابق مرتبطاً بفصائل متشددة، خلال لقاءاته الأخيرة، أنه يسعى إلى نظام مستقر وشراكة مع الغرب. إلا أن إسرائيل لا تزال ترى في حكومته امتداداً لجماعات متطرفة، كما وصفها وزير الخارجية جدعون ساعر بأنها «حكومة جهادية ترتدي بدلات رسمية».
ورغم الهدوء الذي يسود الحدود السورية - الإسرائيلية منذ تولي الشرع الحكم، فإن المخاوف الإسرائيلية من تكرار سيناريو الحوثيين على حدودها الشمالية، كما عبَّر يعقوب أميدرور، مستشار الأمن القومي السابق، لا تزال قائمة.
وبينما تزداد مؤشرات التهدئة، يبدو أن تقارب واشنطن ودمشق يعيد رسم خطوط التماس في الساحة السورية، ويضع تل أبيب أمام معادلة جديدة، أكثر تعقيداً، وأقل قابلية للحسم العسكري.
أخبار اليوم - في تحوُّل غير مسبوق في السياسة الإقليمية، تسبَّب تقارب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مع القيادة السورية الجديدة، في إرباك استراتيجية إسرائيل العسكرية، وأدى إلى توقف شبه كامل للغارات الجوية الإسرائيلية على الأراضي السورية. وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».
وكانت إسرائيل قد كثَّفت عملياتها العسكرية في سوريا منذ الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد. وتشير بيانات عسكرية إلى تنفيذ أكثر من 700 غارة إسرائيلية خلال الأشهر التي تلت سقوط الأسد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، شملت استهداف مواقع استراتيجية، بينها أسلحة ثقيلة ومرافق دفاع جوي، وحتى غارة نادرة على مقربة من القصر الرئاسي في دمشق مطلع مايو (أيار) الحالي.
إلا أن هذه العمليات الجوية توقَّفت فجأة بعد لقاء ترمب، والرئيس السوري الجديد أحمد الشرع في 14 مايو، في خطوة قلبت سنوات من السياسة الأميركية في الشرق الأوسط رأساً على عقب.
وأعلن ترمب، خلال اللقاء، خططاً لرفع العقوبات عن سوريا، قائلاً إن لدى الشرع فرصةً حقيقيةً لإعادة توحيد البلاد بعد 14 عاماً من الحرب الأهلية.
وساد تحفظ إسرائيلي وتراجع في عمليات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، التي لا تزال تنظر بريبة إلى نوايا الحكومة السورية الجديدة، بعد أن تفاجأت بالتحوّل الأميركي.
وقالت كارميت فالنسي، الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: «إن إسرائيل كانت تركِّز ضرباتها على الأسلحة الاستراتيجية المتبقية من عهد الأسد؛ بهدف منع وقوعها في أيدي جماعات معادية».
وكان المستشار السابق للأمن القومي الإسرائيلي، عوزي أراد، قد أشار إلى أن تل أبيب تتعامل مع الوضع في سوريا من منطلق دروس جنوب لبنان، في إشارة إلى المواجهات السابقة مع «حزب الله».
وحسب التقرير، تعكس التصريحات الرسمية الأخيرة تغيّراً في لهجة إسرائيل، إذ أشارت فالنسي إلى أن هناك اتجاهاً نحو تخفيف التصعيد، وربما فتح قنوات للحوار مع النظام السوري الجديد.
عنصران من الشرطة في سوريا (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عنصران من الشرطة في سوريا (أرشيفية - الشرق الأوسط)
الدروز... سبب معلن ومصلحة إقليمية
رغم تبرير إسرائيل لغاراتها بدافع حماية الطائفة الدرزية في سوريا، وهي أقلية تربطها علاقات قوية مع الدولة العبرية، فإن الغارات المكثفة بعد سقوط الأسد لم تقتصر على مناطق وجود الدروز فقط.
ففي أعقاب الاشتباكات الدامية في السويداء أواخر أبريل (نيسان)، قدَّمت إسرائيل مساعدات محدودة للمقاتلين الدروز، كما أكدت أن الغارة قرب القصر الرئاسي في دمشق كانت تحذيراً للشرع، وفق ما نقلته مصادر عسكرية إسرائيلية.
غير أن التحليل الأوسع للمشهد يشير إلى دوافع أعمق؛ إذ يرى مسؤولون أمنيون أن الغارات استهدفت منع تمركز جماعات معادية قرب الجولان، والحد من نفوذ تركي متزايد في الساحة السورية، خصوصاً مع دخول أنقرة على خط الدعم السياسي والعسكري لحكومة الشرع.
تساؤلات داخلية... وانتقادات دولية
أثارت التحركات الإسرائيلية الأخيرة انتقادات خارجية وداخلية على حد سواء.
فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي التقى الشرع منتصف الشهر الحالي، انتقد استمرار الغارات الإسرائيلية قائلاً: «لا يمكنك ضمان أمن بلدك بانتهاك سيادة جيرانك».
أما داخلياً، فقد بدأ بعض المسؤولين الإسرائيليين بمراجعة نجاعة الاستراتيجية العسكرية، إذ صرَّح تمير هايمان، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، بأن «العمليات الأخيرة باتت تُنفَّذ بدافع الزخم. لا بد من مراجعة شاملة للأهداف والجدوى».
الشرع يعد بالسلام... وإسرائيل تتوجس
أكد الشرع، الذي كان في السابق مرتبطاً بفصائل متشددة، خلال لقاءاته الأخيرة، أنه يسعى إلى نظام مستقر وشراكة مع الغرب. إلا أن إسرائيل لا تزال ترى في حكومته امتداداً لجماعات متطرفة، كما وصفها وزير الخارجية جدعون ساعر بأنها «حكومة جهادية ترتدي بدلات رسمية».
ورغم الهدوء الذي يسود الحدود السورية - الإسرائيلية منذ تولي الشرع الحكم، فإن المخاوف الإسرائيلية من تكرار سيناريو الحوثيين على حدودها الشمالية، كما عبَّر يعقوب أميدرور، مستشار الأمن القومي السابق، لا تزال قائمة.
وبينما تزداد مؤشرات التهدئة، يبدو أن تقارب واشنطن ودمشق يعيد رسم خطوط التماس في الساحة السورية، ويضع تل أبيب أمام معادلة جديدة، أكثر تعقيداً، وأقل قابلية للحسم العسكري.
التعليقات