أخبار اليوم - أمسك أحمد الدنف ببلوزة وبنطال شقيقه الممزقين، وقدماه بالكاد تحملانه، واقترب من والدته أم خالد التي كانت تنتظر خبرًا عن ابنها الغائب منذ أسبوع. لم يتحدث. فقط مدّ يده، وترك قطعة الملابس تتدلى أمامها. لحظات من الصمت، ثم انهمرت بالبكاء: 'لا حول ولا قوة إلا بالله! هاي أواعيه فعلا!.. كنت حاسة أنه شهيد!'
هكذا انكشفت نهاية فادي الدنف، الشاب البالغ من العمر 23 عامًا، الذي اختفى مع صديقه قدورة صالح مساء الأربعاء قبل الماضي في أثناء خروجهما من منزلهما إلى منطقة الجرن في جباليا ليتفقدا بيت الأخير، قبل أن يُعثر على عظام جثتيهما بعد أسبوع، متناثرة في أحد شوارع جباليا وسط أنقاض الحرب والدمار.
قهر يومي
'كنت أقول يمكن معتقل، يمكن مصاب، بس ما كنت أستوعب إنه يرجعلي بهدومه وبس'، تقول والدته أم خالد بصوت مختنق.
في الأيام التي سبقت اختفاءه، نجا فادي من محاولة سرقة عنيفة أثناء عودته من الجنوب محمّلًا ببعض الطحين الذي اشتراه بسعر أرخص من غزة، حيث هاجمته مجموعة مسلحة بالسكاكين وسلبته مع ابن عمه ما كانا يحملانه. 'رجع فادي يومها مقهورًا، مش لأنه خسر الطحين، بل لأنه ما قدر يطعمنا'، تروي والدته لـ 'فلسطين أون لاين'.
تقول العائلة إنه خرج برفقة صديقه إلى جباليا مساء الأربعاء، في محاولة لتفقد بيت صديقه وجلب بعض احتياجات المنزل. لم يُشاهد منذ ذلك الحين.
'دورت عليه في كل مكان: مستشفيات، مراكز المساعدات الأمريكية، الناس اللي بيعرفوهم، حتى على الشهداء ما خليت اسم إلا وراجعته'، يقول شقيقه أحمد، المصور الصحفي المعروف في غزة، الذي لطالما رافقه فادي كمساعد في مهمات التصوير خلال حرب الإبادة على غزة.
ويضيف أحمد لـ 'فلسطين أون لاين': 'وصلني في اليوم الخامس من فقدانه بلاغ إنه في جثتين بجوار منازل مدمرة وشوارع مجرفة في حي النزهة بجباليا، رحت لقيتهم متحللين.. بس عرفت فادي من بلوزته وبنطلونه'.
فادي هو واحد من مئات الشباب الذين باتوا في مواجهة مباشرة مع خطر الموت اليومي أثناء محاولاتهم إما لتفقد بيوتهم التي نزحوا منها أو أثناء تأمين الطعام لعائلاتهم في ظل أسوأ أزمة إنسانية يمر بها القطاع. منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، دخلت غزة في مجاعة فعلية، تسببت باستشهاد عشرات المدنيين خلال محاولات الوصول إلى المساعدات، إما برصاص مباشر أو نتيجة الفوضى والاختناق والدهس.
'فادي ما كان يحمل بندقية، كان رايح يساعد صديقه لجلب بعض الحاجيات من البيت ثم العودة إلى أهله الذين هم بالأصل نازحين وفقدوا بيتهم في منطقة المخابرات بشمال غزة في أول الحرب'، يقول صديقه محمد أبو شحادة. 'كان خجولًا، طيبًا، يساعد أحمد في التصوير، يحكي شوي، بس يشتغل كتير'.
ويضيف: 'هو مش الأول، ومش الأخير. إحنا جيل بنموت في الشوارع، الأسواق، وإحنا بنفتش على الأكل'.
مأساة مستمرة
عن فادي كتب الصحفي سالم الريس: 'التقيت بفادي خلال مهمة عمل صحفي. رافقنا خلال أيام عدة للتصوير حيث كان مساعدًا لشقيقه، كان قليل الكلام وكثير التفكير'.
ويضيف: 'تحدثت مع فادي حول الأوضاع وما آلت إليه ظروف تجويع سكان غزة'.
في وداع فادي، لم يكن هناك موكب جنازة، ولا كفن يليق، فقط وُضع في كيس الموت وحُمل إلى مقبرة الشيخ رضوان حيث ووري الثرى في قبر بجانب جده وجدته. ترك غيابه دموع عائلة وخيمة صغيرة وصورة شاب لم يُكمل طريقه. جثته التي بقيت لأيام في العراء، لم تُسعفها لا منظمات الإغاثة ولا صرخات العائلة ولا صورته المتداولة على مواقع التواصل.
'كل يوم بنسمع عن شباب مفقودين، أهلهم بيدوروا عليهم، وبعدين بنلاقيهم متحللين بين الركام'، تقول والدته.
أسبوع كامل فصل بين فقدانه والعثور عليه، لكنه ليس نهاية القصة، بل مجرد فصل آخر في رواية لا تزال تُكتب في كل شارع وجدار بغزة، حيث يُطارد الموت أرواح الشباب الذي يجري وراء حلم العيش بهدوء كبقية شباب العالم.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - أمسك أحمد الدنف ببلوزة وبنطال شقيقه الممزقين، وقدماه بالكاد تحملانه، واقترب من والدته أم خالد التي كانت تنتظر خبرًا عن ابنها الغائب منذ أسبوع. لم يتحدث. فقط مدّ يده، وترك قطعة الملابس تتدلى أمامها. لحظات من الصمت، ثم انهمرت بالبكاء: 'لا حول ولا قوة إلا بالله! هاي أواعيه فعلا!.. كنت حاسة أنه شهيد!'
هكذا انكشفت نهاية فادي الدنف، الشاب البالغ من العمر 23 عامًا، الذي اختفى مع صديقه قدورة صالح مساء الأربعاء قبل الماضي في أثناء خروجهما من منزلهما إلى منطقة الجرن في جباليا ليتفقدا بيت الأخير، قبل أن يُعثر على عظام جثتيهما بعد أسبوع، متناثرة في أحد شوارع جباليا وسط أنقاض الحرب والدمار.
قهر يومي
'كنت أقول يمكن معتقل، يمكن مصاب، بس ما كنت أستوعب إنه يرجعلي بهدومه وبس'، تقول والدته أم خالد بصوت مختنق.
في الأيام التي سبقت اختفاءه، نجا فادي من محاولة سرقة عنيفة أثناء عودته من الجنوب محمّلًا ببعض الطحين الذي اشتراه بسعر أرخص من غزة، حيث هاجمته مجموعة مسلحة بالسكاكين وسلبته مع ابن عمه ما كانا يحملانه. 'رجع فادي يومها مقهورًا، مش لأنه خسر الطحين، بل لأنه ما قدر يطعمنا'، تروي والدته لـ 'فلسطين أون لاين'.
تقول العائلة إنه خرج برفقة صديقه إلى جباليا مساء الأربعاء، في محاولة لتفقد بيت صديقه وجلب بعض احتياجات المنزل. لم يُشاهد منذ ذلك الحين.
'دورت عليه في كل مكان: مستشفيات، مراكز المساعدات الأمريكية، الناس اللي بيعرفوهم، حتى على الشهداء ما خليت اسم إلا وراجعته'، يقول شقيقه أحمد، المصور الصحفي المعروف في غزة، الذي لطالما رافقه فادي كمساعد في مهمات التصوير خلال حرب الإبادة على غزة.
ويضيف أحمد لـ 'فلسطين أون لاين': 'وصلني في اليوم الخامس من فقدانه بلاغ إنه في جثتين بجوار منازل مدمرة وشوارع مجرفة في حي النزهة بجباليا، رحت لقيتهم متحللين.. بس عرفت فادي من بلوزته وبنطلونه'.
فادي هو واحد من مئات الشباب الذين باتوا في مواجهة مباشرة مع خطر الموت اليومي أثناء محاولاتهم إما لتفقد بيوتهم التي نزحوا منها أو أثناء تأمين الطعام لعائلاتهم في ظل أسوأ أزمة إنسانية يمر بها القطاع. منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، دخلت غزة في مجاعة فعلية، تسببت باستشهاد عشرات المدنيين خلال محاولات الوصول إلى المساعدات، إما برصاص مباشر أو نتيجة الفوضى والاختناق والدهس.
'فادي ما كان يحمل بندقية، كان رايح يساعد صديقه لجلب بعض الحاجيات من البيت ثم العودة إلى أهله الذين هم بالأصل نازحين وفقدوا بيتهم في منطقة المخابرات بشمال غزة في أول الحرب'، يقول صديقه محمد أبو شحادة. 'كان خجولًا، طيبًا، يساعد أحمد في التصوير، يحكي شوي، بس يشتغل كتير'.
ويضيف: 'هو مش الأول، ومش الأخير. إحنا جيل بنموت في الشوارع، الأسواق، وإحنا بنفتش على الأكل'.
مأساة مستمرة
عن فادي كتب الصحفي سالم الريس: 'التقيت بفادي خلال مهمة عمل صحفي. رافقنا خلال أيام عدة للتصوير حيث كان مساعدًا لشقيقه، كان قليل الكلام وكثير التفكير'.
ويضيف: 'تحدثت مع فادي حول الأوضاع وما آلت إليه ظروف تجويع سكان غزة'.
في وداع فادي، لم يكن هناك موكب جنازة، ولا كفن يليق، فقط وُضع في كيس الموت وحُمل إلى مقبرة الشيخ رضوان حيث ووري الثرى في قبر بجانب جده وجدته. ترك غيابه دموع عائلة وخيمة صغيرة وصورة شاب لم يُكمل طريقه. جثته التي بقيت لأيام في العراء، لم تُسعفها لا منظمات الإغاثة ولا صرخات العائلة ولا صورته المتداولة على مواقع التواصل.
'كل يوم بنسمع عن شباب مفقودين، أهلهم بيدوروا عليهم، وبعدين بنلاقيهم متحللين بين الركام'، تقول والدته.
أسبوع كامل فصل بين فقدانه والعثور عليه، لكنه ليس نهاية القصة، بل مجرد فصل آخر في رواية لا تزال تُكتب في كل شارع وجدار بغزة، حيث يُطارد الموت أرواح الشباب الذي يجري وراء حلم العيش بهدوء كبقية شباب العالم.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - أمسك أحمد الدنف ببلوزة وبنطال شقيقه الممزقين، وقدماه بالكاد تحملانه، واقترب من والدته أم خالد التي كانت تنتظر خبرًا عن ابنها الغائب منذ أسبوع. لم يتحدث. فقط مدّ يده، وترك قطعة الملابس تتدلى أمامها. لحظات من الصمت، ثم انهمرت بالبكاء: 'لا حول ولا قوة إلا بالله! هاي أواعيه فعلا!.. كنت حاسة أنه شهيد!'
هكذا انكشفت نهاية فادي الدنف، الشاب البالغ من العمر 23 عامًا، الذي اختفى مع صديقه قدورة صالح مساء الأربعاء قبل الماضي في أثناء خروجهما من منزلهما إلى منطقة الجرن في جباليا ليتفقدا بيت الأخير، قبل أن يُعثر على عظام جثتيهما بعد أسبوع، متناثرة في أحد شوارع جباليا وسط أنقاض الحرب والدمار.
قهر يومي
'كنت أقول يمكن معتقل، يمكن مصاب، بس ما كنت أستوعب إنه يرجعلي بهدومه وبس'، تقول والدته أم خالد بصوت مختنق.
في الأيام التي سبقت اختفاءه، نجا فادي من محاولة سرقة عنيفة أثناء عودته من الجنوب محمّلًا ببعض الطحين الذي اشتراه بسعر أرخص من غزة، حيث هاجمته مجموعة مسلحة بالسكاكين وسلبته مع ابن عمه ما كانا يحملانه. 'رجع فادي يومها مقهورًا، مش لأنه خسر الطحين، بل لأنه ما قدر يطعمنا'، تروي والدته لـ 'فلسطين أون لاين'.
تقول العائلة إنه خرج برفقة صديقه إلى جباليا مساء الأربعاء، في محاولة لتفقد بيت صديقه وجلب بعض احتياجات المنزل. لم يُشاهد منذ ذلك الحين.
'دورت عليه في كل مكان: مستشفيات، مراكز المساعدات الأمريكية، الناس اللي بيعرفوهم، حتى على الشهداء ما خليت اسم إلا وراجعته'، يقول شقيقه أحمد، المصور الصحفي المعروف في غزة، الذي لطالما رافقه فادي كمساعد في مهمات التصوير خلال حرب الإبادة على غزة.
ويضيف أحمد لـ 'فلسطين أون لاين': 'وصلني في اليوم الخامس من فقدانه بلاغ إنه في جثتين بجوار منازل مدمرة وشوارع مجرفة في حي النزهة بجباليا، رحت لقيتهم متحللين.. بس عرفت فادي من بلوزته وبنطلونه'.
فادي هو واحد من مئات الشباب الذين باتوا في مواجهة مباشرة مع خطر الموت اليومي أثناء محاولاتهم إما لتفقد بيوتهم التي نزحوا منها أو أثناء تأمين الطعام لعائلاتهم في ظل أسوأ أزمة إنسانية يمر بها القطاع. منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، دخلت غزة في مجاعة فعلية، تسببت باستشهاد عشرات المدنيين خلال محاولات الوصول إلى المساعدات، إما برصاص مباشر أو نتيجة الفوضى والاختناق والدهس.
'فادي ما كان يحمل بندقية، كان رايح يساعد صديقه لجلب بعض الحاجيات من البيت ثم العودة إلى أهله الذين هم بالأصل نازحين وفقدوا بيتهم في منطقة المخابرات بشمال غزة في أول الحرب'، يقول صديقه محمد أبو شحادة. 'كان خجولًا، طيبًا، يساعد أحمد في التصوير، يحكي شوي، بس يشتغل كتير'.
ويضيف: 'هو مش الأول، ومش الأخير. إحنا جيل بنموت في الشوارع، الأسواق، وإحنا بنفتش على الأكل'.
مأساة مستمرة
عن فادي كتب الصحفي سالم الريس: 'التقيت بفادي خلال مهمة عمل صحفي. رافقنا خلال أيام عدة للتصوير حيث كان مساعدًا لشقيقه، كان قليل الكلام وكثير التفكير'.
ويضيف: 'تحدثت مع فادي حول الأوضاع وما آلت إليه ظروف تجويع سكان غزة'.
في وداع فادي، لم يكن هناك موكب جنازة، ولا كفن يليق، فقط وُضع في كيس الموت وحُمل إلى مقبرة الشيخ رضوان حيث ووري الثرى في قبر بجانب جده وجدته. ترك غيابه دموع عائلة وخيمة صغيرة وصورة شاب لم يُكمل طريقه. جثته التي بقيت لأيام في العراء، لم تُسعفها لا منظمات الإغاثة ولا صرخات العائلة ولا صورته المتداولة على مواقع التواصل.
'كل يوم بنسمع عن شباب مفقودين، أهلهم بيدوروا عليهم، وبعدين بنلاقيهم متحللين بين الركام'، تقول والدته.
أسبوع كامل فصل بين فقدانه والعثور عليه، لكنه ليس نهاية القصة، بل مجرد فصل آخر في رواية لا تزال تُكتب في كل شارع وجدار بغزة، حيث يُطارد الموت أرواح الشباب الذي يجري وراء حلم العيش بهدوء كبقية شباب العالم.
فلسطين أون لاين
التعليقات