أخبار اليوم - يجلسان بجانب قبر يضم طفليهما، يقرآن الفاتحة، ترش الأم مياهًا على القبر الذي تتوسطه زهرة الياسمين، وتحملُ منديلاً تمسح به دموعها النازفة وجرحها المفتوح منذ الحادثة الأليمة التي وقعت في 23 إبريل/ نيسان 2025، لم يستطع زوجها علاء الجليس أيضًا حبس دموعه، وكأنهما ودعا طفليهما لورين (5 سنوات) ومحمد (14 سنة) للتو.
على قطعة رخام كتبت الأم بخط يدها اسميْ طفليها ودونت تاريخ استشهادهما في قبر من الرمل تحيط به حجارة في مقبرة الشيخ رضوان الممتلئة يجلس الأبوان ويواسي كل منهما الآخر في زيارة لا تنقطع للمقبرة.
بعينين محمرتين وقلب تكويه نار الفقد تروي الجليس لصحيفة 'فلسطين' قائلة: 'قبل حادثة الاستشهاد، ولدت طفلا سميته يحيى، ثم عدلت الاسم وسميته محمدًا في اليوم التالي بعد استشهاد شقيقه الأكبر محمد. ولدت بعملية قيصرية، وكنت متعبة من شق البطن، وفي اليوم التالي أصبح الجرح بقلبي'.
هدوء خادع
قبل ولادتها نزحت الجليس هي وأولادها السبعة من حي التفاح شرق مدينة غزة، نتيجة التوغل الإسرائيلي والقصف المدفعي وأوامر الإخلاء القسري لخيمة تقع بمنطقة الجوازات غرب المدينة، ويوم المجزرة طلب بعض أبنائها الذهاب مع أبناء عمهم لمنزلهم، شجعهم في ذلك عودة بعض العائلات لبيوتهم، خاصة أن الأجواء سادها هدوءٍ، ولم يدرِ جميعهم أنه سيكون 'هدوءً خادعًا' وأن مجزرة تحضر في الأفق.
بصوت تقطعه الدموع تقول عن آخر اللحظات: 'أرسلت أربعة من أبنائي مع أعمامهم، لأننا نعيش في ظروف صعبة في الخيمة ولا تكفي مساحتها لنا، وفي الأيام الأخيرة كان أعمامهم يذهبون للراحة بالعمارة المكونة من أربعة طوابق، ثم يعودون وهذا ما منحنا الاطمئنان، بحيث كانت ابنتي الكبرى التي تدرس بالثانوية العامة تذهب للمذاكرة بالبيت لانعدام بيئة الدراسة في الخيمة'.
أرسلت الجليس أبنائها الأربعة، وقبل القصف بساعتين اتصلت على أولادها تطمئن عليهم، تحدثت مع لورين ووعدتها أنها ستشتري لها في اليوم التالي 'عروس أطفال'، وغفت الطفلة على فرحة رسمتها الأم، والتي سهرت مع طفلها الوليد.
بالرغم من مرارة العيش والنزوح وحياة الخيمة إلا أن العائلة كانت تعيش في فرحة كبيرة أمام الوليد الصغير، والذي ملأ بمناغاته قلوب العائلة، لكنها فرحة لم تدم طويلا.
'قلت لابني عدي: بكرا بشد حيلي بنروح مع بعض على البيت، الصبح بتجيب أخوتك. راحوا على رجيلهم وأجوني على كفن' يحترق صوت قلب الجليس، وهي تستذكر آخر اللحظات: 'شاهد لورين ومحمد شقيقهم الوليد قبل خروجهم للمنزل، وكنا نغسله ثم أطعمناه، في البيت وعندما اتصلت بهم كانوا يشاهدون رسوما متحركة على الهاتف'.
اتصال مفاجئ
الساعة الثانية فجرًا، كان رنين الهاتف، من أحد الأقارب يسأل زوجها المُكنى أبو علاء عن مكان وجود أولاده، وإن كانوا معه بالخيمة أم بالبيت دون أي تفاصيل أخرى، علامة على وجود أمرٍ ما، ظلا غارقين في قلق وتفكير مستمر لعشر دقائق، حتى ورد اتصال آخر من أحد الأقارب، يبلغهم باستهداف البيت، وهو 'ما شعرت به لحظة الاتصال' تقول.
بالرغم من الشوارع الفارغة في مدينة غزة، وصعوبة الوصول لمنطقة مُخلاة، توجه الجليس لمنزله، يروي لصحيفة 'فلسطين' فيما يحاول مسح دموعه: 'ركضت تجاه الحي، ووصلت في ربع ساعة تقريبًا، لم أستطع التحرك بالمنطقة عندما وصلت من شدة الطائرات والقصف، لكني تقدمت ووصلت للبيت لأجد المبنى المكون من أربعة طوابق مدمرًا بالكامل'.
يتماسك الأب، في لحظة تجدد فيها الوجع ونزيف القلب، مضيفًا: 'وجدت فتحة بين الردم، وساعدني بعض الشباب من أبناء الجيران في الحفر استطعت إخراج ابني عدي (20 سنة) وسجود (8 سنوات) وكانا مصابين. نقلناهم بعربة قمنا بجرها نحن لعدم وجود حيوان يجرها، ونقلنا بعض جثث العائلة للمشفى المعمداني'.
عند الخامسة فجرًا، وبعد وصوله للمشفى وإدخال ابنيه المصابين لقسم الطوارئ، عاد للمنزل برفقة ابنته الكبرى نحو البيت حاملا بعض أدوات الحفر للبحث عن طفليه المفقودين لورين ومحمد، وكانت أمامه مساحة لا تزيد عن 70 سنتيمترا من الأسمنت للوصول إلى مكانهم تحت الردم.
وبعد حفر وطرق على الأسمنت استمر عدة ساعات باستخدام تلك الأدوات البدائية، وصل إلى يد ابنته وبدأ بالحفر حول جسدها لإخراجها من تحت الركام، 'أخرجت جثتي ابني الطفلين، وجثث بعض أفراد العائلة من نساء وأطفال مواليد، وكانت الإسعافات تقف على بعد كيلو متر من المكان، لأن الاحتلال هددهم بالاستهداف في حال الدخول للمنطقة' يقول.
رفض الأب دفن طفليه في قبر جماعي يضم شهداء العائلة، ودفنهما في قبرٍ واحد، وبشكل دوري بين يوم وآخر يأتي هو وزوجته لزيارة القبر بداخل مقبرة الشيخ رضوان، في جرح مفتوح لم يغلق، وإضافة لوجع الفقد يحمل همًا، في إطعام طفله الرضيع وتوفير حليب وحفاظات أطفال له.
كانت لورين تحلم بأن تعيش في أمان بدون أصوات صواريخ، وأن تذهب لرياض الأطفال، أما محمد فكان يتمنى أن تعود حياة المدارس، ليرقد الطفلين في قبرٍ بعد 'رحيلهم عن قلبي والديهم وهما لم يعيشا الحياة التي يتمنى أي طفل أن يعيشها' تنهمر دموع الأم أمام قسوة الفقد.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - يجلسان بجانب قبر يضم طفليهما، يقرآن الفاتحة، ترش الأم مياهًا على القبر الذي تتوسطه زهرة الياسمين، وتحملُ منديلاً تمسح به دموعها النازفة وجرحها المفتوح منذ الحادثة الأليمة التي وقعت في 23 إبريل/ نيسان 2025، لم يستطع زوجها علاء الجليس أيضًا حبس دموعه، وكأنهما ودعا طفليهما لورين (5 سنوات) ومحمد (14 سنة) للتو.
على قطعة رخام كتبت الأم بخط يدها اسميْ طفليها ودونت تاريخ استشهادهما في قبر من الرمل تحيط به حجارة في مقبرة الشيخ رضوان الممتلئة يجلس الأبوان ويواسي كل منهما الآخر في زيارة لا تنقطع للمقبرة.
بعينين محمرتين وقلب تكويه نار الفقد تروي الجليس لصحيفة 'فلسطين' قائلة: 'قبل حادثة الاستشهاد، ولدت طفلا سميته يحيى، ثم عدلت الاسم وسميته محمدًا في اليوم التالي بعد استشهاد شقيقه الأكبر محمد. ولدت بعملية قيصرية، وكنت متعبة من شق البطن، وفي اليوم التالي أصبح الجرح بقلبي'.
هدوء خادع
قبل ولادتها نزحت الجليس هي وأولادها السبعة من حي التفاح شرق مدينة غزة، نتيجة التوغل الإسرائيلي والقصف المدفعي وأوامر الإخلاء القسري لخيمة تقع بمنطقة الجوازات غرب المدينة، ويوم المجزرة طلب بعض أبنائها الذهاب مع أبناء عمهم لمنزلهم، شجعهم في ذلك عودة بعض العائلات لبيوتهم، خاصة أن الأجواء سادها هدوءٍ، ولم يدرِ جميعهم أنه سيكون 'هدوءً خادعًا' وأن مجزرة تحضر في الأفق.
بصوت تقطعه الدموع تقول عن آخر اللحظات: 'أرسلت أربعة من أبنائي مع أعمامهم، لأننا نعيش في ظروف صعبة في الخيمة ولا تكفي مساحتها لنا، وفي الأيام الأخيرة كان أعمامهم يذهبون للراحة بالعمارة المكونة من أربعة طوابق، ثم يعودون وهذا ما منحنا الاطمئنان، بحيث كانت ابنتي الكبرى التي تدرس بالثانوية العامة تذهب للمذاكرة بالبيت لانعدام بيئة الدراسة في الخيمة'.
أرسلت الجليس أبنائها الأربعة، وقبل القصف بساعتين اتصلت على أولادها تطمئن عليهم، تحدثت مع لورين ووعدتها أنها ستشتري لها في اليوم التالي 'عروس أطفال'، وغفت الطفلة على فرحة رسمتها الأم، والتي سهرت مع طفلها الوليد.
بالرغم من مرارة العيش والنزوح وحياة الخيمة إلا أن العائلة كانت تعيش في فرحة كبيرة أمام الوليد الصغير، والذي ملأ بمناغاته قلوب العائلة، لكنها فرحة لم تدم طويلا.
'قلت لابني عدي: بكرا بشد حيلي بنروح مع بعض على البيت، الصبح بتجيب أخوتك. راحوا على رجيلهم وأجوني على كفن' يحترق صوت قلب الجليس، وهي تستذكر آخر اللحظات: 'شاهد لورين ومحمد شقيقهم الوليد قبل خروجهم للمنزل، وكنا نغسله ثم أطعمناه، في البيت وعندما اتصلت بهم كانوا يشاهدون رسوما متحركة على الهاتف'.
اتصال مفاجئ
الساعة الثانية فجرًا، كان رنين الهاتف، من أحد الأقارب يسأل زوجها المُكنى أبو علاء عن مكان وجود أولاده، وإن كانوا معه بالخيمة أم بالبيت دون أي تفاصيل أخرى، علامة على وجود أمرٍ ما، ظلا غارقين في قلق وتفكير مستمر لعشر دقائق، حتى ورد اتصال آخر من أحد الأقارب، يبلغهم باستهداف البيت، وهو 'ما شعرت به لحظة الاتصال' تقول.
بالرغم من الشوارع الفارغة في مدينة غزة، وصعوبة الوصول لمنطقة مُخلاة، توجه الجليس لمنزله، يروي لصحيفة 'فلسطين' فيما يحاول مسح دموعه: 'ركضت تجاه الحي، ووصلت في ربع ساعة تقريبًا، لم أستطع التحرك بالمنطقة عندما وصلت من شدة الطائرات والقصف، لكني تقدمت ووصلت للبيت لأجد المبنى المكون من أربعة طوابق مدمرًا بالكامل'.
يتماسك الأب، في لحظة تجدد فيها الوجع ونزيف القلب، مضيفًا: 'وجدت فتحة بين الردم، وساعدني بعض الشباب من أبناء الجيران في الحفر استطعت إخراج ابني عدي (20 سنة) وسجود (8 سنوات) وكانا مصابين. نقلناهم بعربة قمنا بجرها نحن لعدم وجود حيوان يجرها، ونقلنا بعض جثث العائلة للمشفى المعمداني'.
عند الخامسة فجرًا، وبعد وصوله للمشفى وإدخال ابنيه المصابين لقسم الطوارئ، عاد للمنزل برفقة ابنته الكبرى نحو البيت حاملا بعض أدوات الحفر للبحث عن طفليه المفقودين لورين ومحمد، وكانت أمامه مساحة لا تزيد عن 70 سنتيمترا من الأسمنت للوصول إلى مكانهم تحت الردم.
وبعد حفر وطرق على الأسمنت استمر عدة ساعات باستخدام تلك الأدوات البدائية، وصل إلى يد ابنته وبدأ بالحفر حول جسدها لإخراجها من تحت الركام، 'أخرجت جثتي ابني الطفلين، وجثث بعض أفراد العائلة من نساء وأطفال مواليد، وكانت الإسعافات تقف على بعد كيلو متر من المكان، لأن الاحتلال هددهم بالاستهداف في حال الدخول للمنطقة' يقول.
رفض الأب دفن طفليه في قبر جماعي يضم شهداء العائلة، ودفنهما في قبرٍ واحد، وبشكل دوري بين يوم وآخر يأتي هو وزوجته لزيارة القبر بداخل مقبرة الشيخ رضوان، في جرح مفتوح لم يغلق، وإضافة لوجع الفقد يحمل همًا، في إطعام طفله الرضيع وتوفير حليب وحفاظات أطفال له.
كانت لورين تحلم بأن تعيش في أمان بدون أصوات صواريخ، وأن تذهب لرياض الأطفال، أما محمد فكان يتمنى أن تعود حياة المدارس، ليرقد الطفلين في قبرٍ بعد 'رحيلهم عن قلبي والديهم وهما لم يعيشا الحياة التي يتمنى أي طفل أن يعيشها' تنهمر دموع الأم أمام قسوة الفقد.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - يجلسان بجانب قبر يضم طفليهما، يقرآن الفاتحة، ترش الأم مياهًا على القبر الذي تتوسطه زهرة الياسمين، وتحملُ منديلاً تمسح به دموعها النازفة وجرحها المفتوح منذ الحادثة الأليمة التي وقعت في 23 إبريل/ نيسان 2025، لم يستطع زوجها علاء الجليس أيضًا حبس دموعه، وكأنهما ودعا طفليهما لورين (5 سنوات) ومحمد (14 سنة) للتو.
على قطعة رخام كتبت الأم بخط يدها اسميْ طفليها ودونت تاريخ استشهادهما في قبر من الرمل تحيط به حجارة في مقبرة الشيخ رضوان الممتلئة يجلس الأبوان ويواسي كل منهما الآخر في زيارة لا تنقطع للمقبرة.
بعينين محمرتين وقلب تكويه نار الفقد تروي الجليس لصحيفة 'فلسطين' قائلة: 'قبل حادثة الاستشهاد، ولدت طفلا سميته يحيى، ثم عدلت الاسم وسميته محمدًا في اليوم التالي بعد استشهاد شقيقه الأكبر محمد. ولدت بعملية قيصرية، وكنت متعبة من شق البطن، وفي اليوم التالي أصبح الجرح بقلبي'.
هدوء خادع
قبل ولادتها نزحت الجليس هي وأولادها السبعة من حي التفاح شرق مدينة غزة، نتيجة التوغل الإسرائيلي والقصف المدفعي وأوامر الإخلاء القسري لخيمة تقع بمنطقة الجوازات غرب المدينة، ويوم المجزرة طلب بعض أبنائها الذهاب مع أبناء عمهم لمنزلهم، شجعهم في ذلك عودة بعض العائلات لبيوتهم، خاصة أن الأجواء سادها هدوءٍ، ولم يدرِ جميعهم أنه سيكون 'هدوءً خادعًا' وأن مجزرة تحضر في الأفق.
بصوت تقطعه الدموع تقول عن آخر اللحظات: 'أرسلت أربعة من أبنائي مع أعمامهم، لأننا نعيش في ظروف صعبة في الخيمة ولا تكفي مساحتها لنا، وفي الأيام الأخيرة كان أعمامهم يذهبون للراحة بالعمارة المكونة من أربعة طوابق، ثم يعودون وهذا ما منحنا الاطمئنان، بحيث كانت ابنتي الكبرى التي تدرس بالثانوية العامة تذهب للمذاكرة بالبيت لانعدام بيئة الدراسة في الخيمة'.
أرسلت الجليس أبنائها الأربعة، وقبل القصف بساعتين اتصلت على أولادها تطمئن عليهم، تحدثت مع لورين ووعدتها أنها ستشتري لها في اليوم التالي 'عروس أطفال'، وغفت الطفلة على فرحة رسمتها الأم، والتي سهرت مع طفلها الوليد.
بالرغم من مرارة العيش والنزوح وحياة الخيمة إلا أن العائلة كانت تعيش في فرحة كبيرة أمام الوليد الصغير، والذي ملأ بمناغاته قلوب العائلة، لكنها فرحة لم تدم طويلا.
'قلت لابني عدي: بكرا بشد حيلي بنروح مع بعض على البيت، الصبح بتجيب أخوتك. راحوا على رجيلهم وأجوني على كفن' يحترق صوت قلب الجليس، وهي تستذكر آخر اللحظات: 'شاهد لورين ومحمد شقيقهم الوليد قبل خروجهم للمنزل، وكنا نغسله ثم أطعمناه، في البيت وعندما اتصلت بهم كانوا يشاهدون رسوما متحركة على الهاتف'.
اتصال مفاجئ
الساعة الثانية فجرًا، كان رنين الهاتف، من أحد الأقارب يسأل زوجها المُكنى أبو علاء عن مكان وجود أولاده، وإن كانوا معه بالخيمة أم بالبيت دون أي تفاصيل أخرى، علامة على وجود أمرٍ ما، ظلا غارقين في قلق وتفكير مستمر لعشر دقائق، حتى ورد اتصال آخر من أحد الأقارب، يبلغهم باستهداف البيت، وهو 'ما شعرت به لحظة الاتصال' تقول.
بالرغم من الشوارع الفارغة في مدينة غزة، وصعوبة الوصول لمنطقة مُخلاة، توجه الجليس لمنزله، يروي لصحيفة 'فلسطين' فيما يحاول مسح دموعه: 'ركضت تجاه الحي، ووصلت في ربع ساعة تقريبًا، لم أستطع التحرك بالمنطقة عندما وصلت من شدة الطائرات والقصف، لكني تقدمت ووصلت للبيت لأجد المبنى المكون من أربعة طوابق مدمرًا بالكامل'.
يتماسك الأب، في لحظة تجدد فيها الوجع ونزيف القلب، مضيفًا: 'وجدت فتحة بين الردم، وساعدني بعض الشباب من أبناء الجيران في الحفر استطعت إخراج ابني عدي (20 سنة) وسجود (8 سنوات) وكانا مصابين. نقلناهم بعربة قمنا بجرها نحن لعدم وجود حيوان يجرها، ونقلنا بعض جثث العائلة للمشفى المعمداني'.
عند الخامسة فجرًا، وبعد وصوله للمشفى وإدخال ابنيه المصابين لقسم الطوارئ، عاد للمنزل برفقة ابنته الكبرى نحو البيت حاملا بعض أدوات الحفر للبحث عن طفليه المفقودين لورين ومحمد، وكانت أمامه مساحة لا تزيد عن 70 سنتيمترا من الأسمنت للوصول إلى مكانهم تحت الردم.
وبعد حفر وطرق على الأسمنت استمر عدة ساعات باستخدام تلك الأدوات البدائية، وصل إلى يد ابنته وبدأ بالحفر حول جسدها لإخراجها من تحت الركام، 'أخرجت جثتي ابني الطفلين، وجثث بعض أفراد العائلة من نساء وأطفال مواليد، وكانت الإسعافات تقف على بعد كيلو متر من المكان، لأن الاحتلال هددهم بالاستهداف في حال الدخول للمنطقة' يقول.
رفض الأب دفن طفليه في قبر جماعي يضم شهداء العائلة، ودفنهما في قبرٍ واحد، وبشكل دوري بين يوم وآخر يأتي هو وزوجته لزيارة القبر بداخل مقبرة الشيخ رضوان، في جرح مفتوح لم يغلق، وإضافة لوجع الفقد يحمل همًا، في إطعام طفله الرضيع وتوفير حليب وحفاظات أطفال له.
كانت لورين تحلم بأن تعيش في أمان بدون أصوات صواريخ، وأن تذهب لرياض الأطفال، أما محمد فكان يتمنى أن تعود حياة المدارس، ليرقد الطفلين في قبرٍ بعد 'رحيلهم عن قلبي والديهم وهما لم يعيشا الحياة التي يتمنى أي طفل أن يعيشها' تنهمر دموع الأم أمام قسوة الفقد.
فلسطين أون لاين
التعليقات