أخبار اليوم - في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، عاش الشاب حازم العرعير (28 عامًا) حياة بسيطة، محاطًا بزوجته وطفليه، يسعى لتأمين لقمة عيشهم وسط واقع يزداد قسوة مع كل يوم جديد من حرب الإبادة الجماعية. لم يكن يعلم أن خروجه بحثًا عن طرد غذائي، في ظروف معيشية خانقة، سيكون آخر عهد له بالسير على قدميه.
في أحد أيام الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، وبعد ساعات من التنقل بين المراكز والمؤسسات الإغاثية أملاً في الحصول على طرد غذائي، قرر العرعير العودة إلى أطفاله خالي الوفاض، لكن قلبه ممتلئ بالحزن والتعب.
وأثناء سيره في أحد شوارع الشجاعية، أطلقت طائرة حربية إسرائيلية صاروخًا استهدف مجموعة من المواطنين المارة، كان يمشي بينهم.
يقول العرعير: 'في يوم الخامس من يناير 2025، تغيّرت حياتي إلى الأبد، لم أكن أدرك أن خروجي من منزلي للحصول على كابونة غذائية لطفلي، سينتهي ببتر ساقي ويُدخلني في دوامة من المعاناة '.
في لحظة واحدة، فقد جزءًا من جسده، وتحولت حياته بالكامل، كان يعيل عائلته ويقف على قدميه، 'واليوم لا أستطيع حتى قضاء أبسط احتياجاتي بنفسي'، بهذه الكلمات يلخص حازم بداية مرحلة هي الأصعب في حياته.
سقط فجأة، لم يستوعب ما حدث، شظايا في كل مكان، والناس كانت تركض بحثًا عن نجاة مستحيلة.
غاب العرعير عن الوعي، لست ساعات كاملة، قبل أن يفتح عينيه ليجد نفسه في قسم العناية المركزة بمستشفى الشفاء، لم يدرك بعد حجم الكارثة التي ألمّت به، أول ما وقع عليه نظره كان وجه صديقه الذي حاول طمأنته قائلاً: 'ما تقلق، واحدة من رجليك مكسورة، والثانية فيها بلاتين'.
لكن إحساس العرعير الداخلي لم يصدّق، فبادر بسؤال الطبيب المناوب عن حالته، فقال له الطبيب: 'أنت بخير'، لكنه أصر: 'أنا راضي، بحكم الله وقدره، قولّي الحقيقة'، عندها فقط، أخبره الطبيب بالحقيقة الصادمة: 'تم بتر قدميك الاثنتين'.
صمت العرعير للحظة، ثم قال بصوت هادئ مكسو بالإيمان: 'الحمد لله... المهم إني عايش، وأولادي ما فقدوني'.
منذ تلك اللحظة، بدأت رحلة أخرى من الألم والتأقلم، ليس فقط مع الوجع الجسدي، بل النفسي أيضاً، زوجته وأطفاله لم يصدقوا في البداية حين سمعوا الخبر.
يقول والده محمد العرعير: 'صدمنا بخبر إصابته، وكانت بالغة لدرجة أن الطبيب أخبرنا أن وضعه صعب وقد لا ينجو منها'.
ويضيف: 'لقد كان حازم شابًا نشيطًا، يسعى دائمًا من أجل أولاده، اليوم يحتاج لمن يساعده حتى في أبسط التفاصيل'.
أما الشاب المصاب فيقول عن تلك الأيام: 'الله لا يحط حد في هيك موقف، الغيارات كانت مؤلمة، الأدوية نادرة، والعلاجات أصعب، وما زال هناك شظايا مستقرة داخل جسمي، منها ما ينتظر الأطباء أن يخرجها الجسم، ومنها ما انغرست في العظم وتحتاج إلى عمليات جراحية معقدة لإزالتها'.
الطبيب أخبره أنه لا يمكن تركيب طرف صناعي إلا بعد إزالة كل الشظايا من قدمه، وإجراء عملية بتر إضافية للعظم الزائد.
الشاب العرعير اليوم ينتظر تركيب أطراف صناعية ليتمكن من استعادة جزء من حياته، لكنه يؤمن أن فقدانه لساقيه لم يُسقط عنه دوره كأب، 'بدي أعيش كرمال أولادي... ما بدي اياهم يشوفوني ضعيف أو محطم'.
وبعد أن مرت خمسة شهور على الإصابة، ما زال عاجزًا عن الحركة باستقلالية. يقول: 'ما بقدر أطلع لحالي، البيئة حولي ما بتسمح. حتى إني فقدت عملي في محل الزجاج، واليوم بت أفكر بمشروع صغير أعيش منه أنا وأولادي'.
ويعيش حاليًا في خيمة بعد أن نزح قسرا أكثر من مرة الحياة في الخيام قاسية ومهينة، كما يقول: 'أعيش ببهدلة حقيقية، وكل صوت قصف بخليني أحس إني ممكن أضل لحالي، الخوف ما بيفارقني'.
لكن أصعب اللحظات لم تكن القصف ولا العمليات، بل تلك النظرات الخائفة من أطفاله، 'في البداية أولادي ما كانوا يقبلوا يقربوا مني، خافوا مني. كانوا يسألوني: وين راحت رجلك؟ فقلت لهم: سبقتني للجنة'.
رغم كل هذا الألم، يتمسك العرعير بالأمل يحلم بتركيب طرف صناعي، وبحياة كريمة له ولأسرته. يختم بقوله: 'أنا عايش مشانهم، بدي يشوفوني قوي، حتى لو قلبي موجوع'.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، عاش الشاب حازم العرعير (28 عامًا) حياة بسيطة، محاطًا بزوجته وطفليه، يسعى لتأمين لقمة عيشهم وسط واقع يزداد قسوة مع كل يوم جديد من حرب الإبادة الجماعية. لم يكن يعلم أن خروجه بحثًا عن طرد غذائي، في ظروف معيشية خانقة، سيكون آخر عهد له بالسير على قدميه.
في أحد أيام الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، وبعد ساعات من التنقل بين المراكز والمؤسسات الإغاثية أملاً في الحصول على طرد غذائي، قرر العرعير العودة إلى أطفاله خالي الوفاض، لكن قلبه ممتلئ بالحزن والتعب.
وأثناء سيره في أحد شوارع الشجاعية، أطلقت طائرة حربية إسرائيلية صاروخًا استهدف مجموعة من المواطنين المارة، كان يمشي بينهم.
يقول العرعير: 'في يوم الخامس من يناير 2025، تغيّرت حياتي إلى الأبد، لم أكن أدرك أن خروجي من منزلي للحصول على كابونة غذائية لطفلي، سينتهي ببتر ساقي ويُدخلني في دوامة من المعاناة '.
في لحظة واحدة، فقد جزءًا من جسده، وتحولت حياته بالكامل، كان يعيل عائلته ويقف على قدميه، 'واليوم لا أستطيع حتى قضاء أبسط احتياجاتي بنفسي'، بهذه الكلمات يلخص حازم بداية مرحلة هي الأصعب في حياته.
سقط فجأة، لم يستوعب ما حدث، شظايا في كل مكان، والناس كانت تركض بحثًا عن نجاة مستحيلة.
غاب العرعير عن الوعي، لست ساعات كاملة، قبل أن يفتح عينيه ليجد نفسه في قسم العناية المركزة بمستشفى الشفاء، لم يدرك بعد حجم الكارثة التي ألمّت به، أول ما وقع عليه نظره كان وجه صديقه الذي حاول طمأنته قائلاً: 'ما تقلق، واحدة من رجليك مكسورة، والثانية فيها بلاتين'.
لكن إحساس العرعير الداخلي لم يصدّق، فبادر بسؤال الطبيب المناوب عن حالته، فقال له الطبيب: 'أنت بخير'، لكنه أصر: 'أنا راضي، بحكم الله وقدره، قولّي الحقيقة'، عندها فقط، أخبره الطبيب بالحقيقة الصادمة: 'تم بتر قدميك الاثنتين'.
صمت العرعير للحظة، ثم قال بصوت هادئ مكسو بالإيمان: 'الحمد لله... المهم إني عايش، وأولادي ما فقدوني'.
منذ تلك اللحظة، بدأت رحلة أخرى من الألم والتأقلم، ليس فقط مع الوجع الجسدي، بل النفسي أيضاً، زوجته وأطفاله لم يصدقوا في البداية حين سمعوا الخبر.
يقول والده محمد العرعير: 'صدمنا بخبر إصابته، وكانت بالغة لدرجة أن الطبيب أخبرنا أن وضعه صعب وقد لا ينجو منها'.
ويضيف: 'لقد كان حازم شابًا نشيطًا، يسعى دائمًا من أجل أولاده، اليوم يحتاج لمن يساعده حتى في أبسط التفاصيل'.
أما الشاب المصاب فيقول عن تلك الأيام: 'الله لا يحط حد في هيك موقف، الغيارات كانت مؤلمة، الأدوية نادرة، والعلاجات أصعب، وما زال هناك شظايا مستقرة داخل جسمي، منها ما ينتظر الأطباء أن يخرجها الجسم، ومنها ما انغرست في العظم وتحتاج إلى عمليات جراحية معقدة لإزالتها'.
الطبيب أخبره أنه لا يمكن تركيب طرف صناعي إلا بعد إزالة كل الشظايا من قدمه، وإجراء عملية بتر إضافية للعظم الزائد.
الشاب العرعير اليوم ينتظر تركيب أطراف صناعية ليتمكن من استعادة جزء من حياته، لكنه يؤمن أن فقدانه لساقيه لم يُسقط عنه دوره كأب، 'بدي أعيش كرمال أولادي... ما بدي اياهم يشوفوني ضعيف أو محطم'.
وبعد أن مرت خمسة شهور على الإصابة، ما زال عاجزًا عن الحركة باستقلالية. يقول: 'ما بقدر أطلع لحالي، البيئة حولي ما بتسمح. حتى إني فقدت عملي في محل الزجاج، واليوم بت أفكر بمشروع صغير أعيش منه أنا وأولادي'.
ويعيش حاليًا في خيمة بعد أن نزح قسرا أكثر من مرة الحياة في الخيام قاسية ومهينة، كما يقول: 'أعيش ببهدلة حقيقية، وكل صوت قصف بخليني أحس إني ممكن أضل لحالي، الخوف ما بيفارقني'.
لكن أصعب اللحظات لم تكن القصف ولا العمليات، بل تلك النظرات الخائفة من أطفاله، 'في البداية أولادي ما كانوا يقبلوا يقربوا مني، خافوا مني. كانوا يسألوني: وين راحت رجلك؟ فقلت لهم: سبقتني للجنة'.
رغم كل هذا الألم، يتمسك العرعير بالأمل يحلم بتركيب طرف صناعي، وبحياة كريمة له ولأسرته. يختم بقوله: 'أنا عايش مشانهم، بدي يشوفوني قوي، حتى لو قلبي موجوع'.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، عاش الشاب حازم العرعير (28 عامًا) حياة بسيطة، محاطًا بزوجته وطفليه، يسعى لتأمين لقمة عيشهم وسط واقع يزداد قسوة مع كل يوم جديد من حرب الإبادة الجماعية. لم يكن يعلم أن خروجه بحثًا عن طرد غذائي، في ظروف معيشية خانقة، سيكون آخر عهد له بالسير على قدميه.
في أحد أيام الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، وبعد ساعات من التنقل بين المراكز والمؤسسات الإغاثية أملاً في الحصول على طرد غذائي، قرر العرعير العودة إلى أطفاله خالي الوفاض، لكن قلبه ممتلئ بالحزن والتعب.
وأثناء سيره في أحد شوارع الشجاعية، أطلقت طائرة حربية إسرائيلية صاروخًا استهدف مجموعة من المواطنين المارة، كان يمشي بينهم.
يقول العرعير: 'في يوم الخامس من يناير 2025، تغيّرت حياتي إلى الأبد، لم أكن أدرك أن خروجي من منزلي للحصول على كابونة غذائية لطفلي، سينتهي ببتر ساقي ويُدخلني في دوامة من المعاناة '.
في لحظة واحدة، فقد جزءًا من جسده، وتحولت حياته بالكامل، كان يعيل عائلته ويقف على قدميه، 'واليوم لا أستطيع حتى قضاء أبسط احتياجاتي بنفسي'، بهذه الكلمات يلخص حازم بداية مرحلة هي الأصعب في حياته.
سقط فجأة، لم يستوعب ما حدث، شظايا في كل مكان، والناس كانت تركض بحثًا عن نجاة مستحيلة.
غاب العرعير عن الوعي، لست ساعات كاملة، قبل أن يفتح عينيه ليجد نفسه في قسم العناية المركزة بمستشفى الشفاء، لم يدرك بعد حجم الكارثة التي ألمّت به، أول ما وقع عليه نظره كان وجه صديقه الذي حاول طمأنته قائلاً: 'ما تقلق، واحدة من رجليك مكسورة، والثانية فيها بلاتين'.
لكن إحساس العرعير الداخلي لم يصدّق، فبادر بسؤال الطبيب المناوب عن حالته، فقال له الطبيب: 'أنت بخير'، لكنه أصر: 'أنا راضي، بحكم الله وقدره، قولّي الحقيقة'، عندها فقط، أخبره الطبيب بالحقيقة الصادمة: 'تم بتر قدميك الاثنتين'.
صمت العرعير للحظة، ثم قال بصوت هادئ مكسو بالإيمان: 'الحمد لله... المهم إني عايش، وأولادي ما فقدوني'.
منذ تلك اللحظة، بدأت رحلة أخرى من الألم والتأقلم، ليس فقط مع الوجع الجسدي، بل النفسي أيضاً، زوجته وأطفاله لم يصدقوا في البداية حين سمعوا الخبر.
يقول والده محمد العرعير: 'صدمنا بخبر إصابته، وكانت بالغة لدرجة أن الطبيب أخبرنا أن وضعه صعب وقد لا ينجو منها'.
ويضيف: 'لقد كان حازم شابًا نشيطًا، يسعى دائمًا من أجل أولاده، اليوم يحتاج لمن يساعده حتى في أبسط التفاصيل'.
أما الشاب المصاب فيقول عن تلك الأيام: 'الله لا يحط حد في هيك موقف، الغيارات كانت مؤلمة، الأدوية نادرة، والعلاجات أصعب، وما زال هناك شظايا مستقرة داخل جسمي، منها ما ينتظر الأطباء أن يخرجها الجسم، ومنها ما انغرست في العظم وتحتاج إلى عمليات جراحية معقدة لإزالتها'.
الطبيب أخبره أنه لا يمكن تركيب طرف صناعي إلا بعد إزالة كل الشظايا من قدمه، وإجراء عملية بتر إضافية للعظم الزائد.
الشاب العرعير اليوم ينتظر تركيب أطراف صناعية ليتمكن من استعادة جزء من حياته، لكنه يؤمن أن فقدانه لساقيه لم يُسقط عنه دوره كأب، 'بدي أعيش كرمال أولادي... ما بدي اياهم يشوفوني ضعيف أو محطم'.
وبعد أن مرت خمسة شهور على الإصابة، ما زال عاجزًا عن الحركة باستقلالية. يقول: 'ما بقدر أطلع لحالي، البيئة حولي ما بتسمح. حتى إني فقدت عملي في محل الزجاج، واليوم بت أفكر بمشروع صغير أعيش منه أنا وأولادي'.
ويعيش حاليًا في خيمة بعد أن نزح قسرا أكثر من مرة الحياة في الخيام قاسية ومهينة، كما يقول: 'أعيش ببهدلة حقيقية، وكل صوت قصف بخليني أحس إني ممكن أضل لحالي، الخوف ما بيفارقني'.
لكن أصعب اللحظات لم تكن القصف ولا العمليات، بل تلك النظرات الخائفة من أطفاله، 'في البداية أولادي ما كانوا يقبلوا يقربوا مني، خافوا مني. كانوا يسألوني: وين راحت رجلك؟ فقلت لهم: سبقتني للجنة'.
رغم كل هذا الألم، يتمسك العرعير بالأمل يحلم بتركيب طرف صناعي، وبحياة كريمة له ولأسرته. يختم بقوله: 'أنا عايش مشانهم، بدي يشوفوني قوي، حتى لو قلبي موجوع'.
فلسطين أون لاين
التعليقات