أخبار اليوم - خرجت من تحت الركام مرتين، خسرت زوجها، وبقيت وحيدة مع طفلتها الرضيعة وسط الإبادة، وعلى كتفيها وجع الأمومة والترمل والنزوح، لكنها يدها لم تسقط الكاميرا، وعيناها تشبثتا ببريق أمل للنجاة بالصوت والصورة.
الصحفية الغزية شروق العيلة، وثقت الإبادة وهي نازحة، ومجوعة وخائفة، قطعت الطريق إلى التغطية الصحفية مرارا على عربة يجرها حيوان، وشحنت أجهزتها من أماكن متهالكة بلا كهرباء، لتصعد بكاميرتها من بين أنقاض غزة إلى أرفع المنصات في العالم: جائزة الإيمي.
وتعد الإيمي أرفع جائزة دولية في مجال الإنتاج الإعلامي الوثائقي، توازي الأوسكار في السينما، وتحتدم المنافسة فيها عالميا.
'الفيلم الفائز بيحكي إنه الإحصائيات اللي في الأخبار مش مجرد أرقام، الهدف كان نظهر ما وراءها من القصص'، هكذا تلخص شروق لـ 'فلسطين أون لاين'، جوهر الفيلم الذي يوثق جرائم حرب الإبادة ونال الجائزة المرموقة.
لا يظهر الضحايا في الفيلم كقوائم، بل كأوجه لحياة إنسانية مدمرة، ركزت فيه شروق على 'الحرب الخفية': معايشة الفقد، التشريد، الانتهاكات، ومنع المساعدات والدواء، سواء في غزة أو في الضفة.
'احنا ما حكينا عن استهدافات فقط، حكينا عن الواقع نفسه... عن كيف تعيش إبادة، لحظة بلحظة'، تتابع حديثها.
بدأ التصوير بعد بدء الاحتلال حرب الإبادة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بفترة قصيرة، حين كانت شروق – كغيرها – نازحة قسرا، ومجوعة بلا معدات وكهرباء وإنترنت.
'أولها ما كان في أي وسيلة للاتصال، كنا مش عارفين وين نشحن أجهزتنا أو نرفع موادنا، القصف عشوائي، والكل ضايع... ولا توجد مواصلات بسبب غلاء الوقود، فكنا نروح اللوكيشن بعربة يجرها حيوان، تخيل تشتغل بهذا الظرف؟'، تصور شروق واقع العمل بتلك الكلمات.
وعلى الصعيد الشخصي لشروق، يبرز كونها أما لطفلة: 'كانت رضيعة آنذاك، وصعب أخرج للعمل وأتركها... كذلك كان صعبا أن أرجع لنفس الميدان الذي خسرت فيه زوجي'.
فقدت شروق شريك حياتها الصحفي رشدي السراج في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلال تغطيته الميدانية، ورغم الألم، عادت هي للمكان ذاته بكاميرتها، لتكمل المهمة.
تتوقف للحظة، ثم تسرد جانبا قاسيا رافقها: 'كانت هناك هواجس كثيرة... أنا وطفلتي طلعنا من تحت الركام مرتين، وهذا لوحده كان هاجسا يلاحقني كل مرة، أواصل متابعة الأخبار لأتأكد أن المنطقة بخير ولم تتعرض لقصف، وأخاف أن يحدث لي شيء، فكما نرى يستهدف الصحفيون منهجيا'.
كل ذلك كان بمثابة كوابيس تلاحق شروق طوال الوقت، وتعصف في ذهنها سيلا من الأفكار، لكنها اعتادت قسرا على هذه الظروف.
حين رشح الفيلم لنيل الجائزة، لم تتوقع شروق أن تفوز: 'صراحة تفاجأت لأنه الفيلم بيحكي عن إبادة واحتلال... كثير جوائز بترفض هاي المواضيع، خصوصا مع البروبغندا الإسرائيلية اللي مسيطرة على الإعلام'.
ورغم الفوز الذي كسر الحصار عن صوت غزة، لا تزال شروق تطالب بما هو أعمق، ويتمثل بالحاجة إلى دخول صحفيين عرب وأجانب للقطاع لمساعدة زملائهم في تغطية جرائم حرب الإبادة.
وتشير إلى المفارقة المتمثلة بأن الصحفيين الدوليين يستطيعون تغطية الحروب حول العالم كما هو الحال في أوكرانيا والسودان ولبنان وسوريا، لكن لا يسمح لهم بفعل الشيء ذاته في غزة بقرار من الاحتلال الإسرائيلي، لمنع نشر الرواية الفلسطينية بألسن غير فلسطينية.
وتتابع: نحن متعلمون ومتحدثون بلغات عدة، لكن هذا غير كاف، فهناك الكثير من اللغات التي لا يعرف أي منا التحدث بها، لذلك نحن بحاجة لحضور أصحاب هذه اللغات إلى أرض الواقع.
وترى شروق أن من شأن ذلك أيضا إضفاء 'بعض الشعور بالأمان والحماية لنا نحن الصحفيين خصوصا بعدما خسرنا نحو 228 صحفيا منذ الإبادة عبر استهدافهم المباشر سواء مع عائلاتهم أو أثناء عملهم'.
وما دون ذلك، تقول شروق: إن الحماية الدولية الصحفية التي لطالما سمعنا بها، أثبتت الحرب أنها عبارة عن فقاعة كبيرة وكذبة.
لكن ما يربت على كتف شروق أنها حين صعدت إلى منصة 'الإيمي'، لم تكن وحدها، بل معها حكايات شعب محاصر، ونازح، وذبيح، يبحث عن نافذة صغيرة إلى العالم.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - خرجت من تحت الركام مرتين، خسرت زوجها، وبقيت وحيدة مع طفلتها الرضيعة وسط الإبادة، وعلى كتفيها وجع الأمومة والترمل والنزوح، لكنها يدها لم تسقط الكاميرا، وعيناها تشبثتا ببريق أمل للنجاة بالصوت والصورة.
الصحفية الغزية شروق العيلة، وثقت الإبادة وهي نازحة، ومجوعة وخائفة، قطعت الطريق إلى التغطية الصحفية مرارا على عربة يجرها حيوان، وشحنت أجهزتها من أماكن متهالكة بلا كهرباء، لتصعد بكاميرتها من بين أنقاض غزة إلى أرفع المنصات في العالم: جائزة الإيمي.
وتعد الإيمي أرفع جائزة دولية في مجال الإنتاج الإعلامي الوثائقي، توازي الأوسكار في السينما، وتحتدم المنافسة فيها عالميا.
'الفيلم الفائز بيحكي إنه الإحصائيات اللي في الأخبار مش مجرد أرقام، الهدف كان نظهر ما وراءها من القصص'، هكذا تلخص شروق لـ 'فلسطين أون لاين'، جوهر الفيلم الذي يوثق جرائم حرب الإبادة ونال الجائزة المرموقة.
لا يظهر الضحايا في الفيلم كقوائم، بل كأوجه لحياة إنسانية مدمرة، ركزت فيه شروق على 'الحرب الخفية': معايشة الفقد، التشريد، الانتهاكات، ومنع المساعدات والدواء، سواء في غزة أو في الضفة.
'احنا ما حكينا عن استهدافات فقط، حكينا عن الواقع نفسه... عن كيف تعيش إبادة، لحظة بلحظة'، تتابع حديثها.
بدأ التصوير بعد بدء الاحتلال حرب الإبادة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بفترة قصيرة، حين كانت شروق – كغيرها – نازحة قسرا، ومجوعة بلا معدات وكهرباء وإنترنت.
'أولها ما كان في أي وسيلة للاتصال، كنا مش عارفين وين نشحن أجهزتنا أو نرفع موادنا، القصف عشوائي، والكل ضايع... ولا توجد مواصلات بسبب غلاء الوقود، فكنا نروح اللوكيشن بعربة يجرها حيوان، تخيل تشتغل بهذا الظرف؟'، تصور شروق واقع العمل بتلك الكلمات.
وعلى الصعيد الشخصي لشروق، يبرز كونها أما لطفلة: 'كانت رضيعة آنذاك، وصعب أخرج للعمل وأتركها... كذلك كان صعبا أن أرجع لنفس الميدان الذي خسرت فيه زوجي'.
فقدت شروق شريك حياتها الصحفي رشدي السراج في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلال تغطيته الميدانية، ورغم الألم، عادت هي للمكان ذاته بكاميرتها، لتكمل المهمة.
تتوقف للحظة، ثم تسرد جانبا قاسيا رافقها: 'كانت هناك هواجس كثيرة... أنا وطفلتي طلعنا من تحت الركام مرتين، وهذا لوحده كان هاجسا يلاحقني كل مرة، أواصل متابعة الأخبار لأتأكد أن المنطقة بخير ولم تتعرض لقصف، وأخاف أن يحدث لي شيء، فكما نرى يستهدف الصحفيون منهجيا'.
كل ذلك كان بمثابة كوابيس تلاحق شروق طوال الوقت، وتعصف في ذهنها سيلا من الأفكار، لكنها اعتادت قسرا على هذه الظروف.
حين رشح الفيلم لنيل الجائزة، لم تتوقع شروق أن تفوز: 'صراحة تفاجأت لأنه الفيلم بيحكي عن إبادة واحتلال... كثير جوائز بترفض هاي المواضيع، خصوصا مع البروبغندا الإسرائيلية اللي مسيطرة على الإعلام'.
ورغم الفوز الذي كسر الحصار عن صوت غزة، لا تزال شروق تطالب بما هو أعمق، ويتمثل بالحاجة إلى دخول صحفيين عرب وأجانب للقطاع لمساعدة زملائهم في تغطية جرائم حرب الإبادة.
وتشير إلى المفارقة المتمثلة بأن الصحفيين الدوليين يستطيعون تغطية الحروب حول العالم كما هو الحال في أوكرانيا والسودان ولبنان وسوريا، لكن لا يسمح لهم بفعل الشيء ذاته في غزة بقرار من الاحتلال الإسرائيلي، لمنع نشر الرواية الفلسطينية بألسن غير فلسطينية.
وتتابع: نحن متعلمون ومتحدثون بلغات عدة، لكن هذا غير كاف، فهناك الكثير من اللغات التي لا يعرف أي منا التحدث بها، لذلك نحن بحاجة لحضور أصحاب هذه اللغات إلى أرض الواقع.
وترى شروق أن من شأن ذلك أيضا إضفاء 'بعض الشعور بالأمان والحماية لنا نحن الصحفيين خصوصا بعدما خسرنا نحو 228 صحفيا منذ الإبادة عبر استهدافهم المباشر سواء مع عائلاتهم أو أثناء عملهم'.
وما دون ذلك، تقول شروق: إن الحماية الدولية الصحفية التي لطالما سمعنا بها، أثبتت الحرب أنها عبارة عن فقاعة كبيرة وكذبة.
لكن ما يربت على كتف شروق أنها حين صعدت إلى منصة 'الإيمي'، لم تكن وحدها، بل معها حكايات شعب محاصر، ونازح، وذبيح، يبحث عن نافذة صغيرة إلى العالم.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - خرجت من تحت الركام مرتين، خسرت زوجها، وبقيت وحيدة مع طفلتها الرضيعة وسط الإبادة، وعلى كتفيها وجع الأمومة والترمل والنزوح، لكنها يدها لم تسقط الكاميرا، وعيناها تشبثتا ببريق أمل للنجاة بالصوت والصورة.
الصحفية الغزية شروق العيلة، وثقت الإبادة وهي نازحة، ومجوعة وخائفة، قطعت الطريق إلى التغطية الصحفية مرارا على عربة يجرها حيوان، وشحنت أجهزتها من أماكن متهالكة بلا كهرباء، لتصعد بكاميرتها من بين أنقاض غزة إلى أرفع المنصات في العالم: جائزة الإيمي.
وتعد الإيمي أرفع جائزة دولية في مجال الإنتاج الإعلامي الوثائقي، توازي الأوسكار في السينما، وتحتدم المنافسة فيها عالميا.
'الفيلم الفائز بيحكي إنه الإحصائيات اللي في الأخبار مش مجرد أرقام، الهدف كان نظهر ما وراءها من القصص'، هكذا تلخص شروق لـ 'فلسطين أون لاين'، جوهر الفيلم الذي يوثق جرائم حرب الإبادة ونال الجائزة المرموقة.
لا يظهر الضحايا في الفيلم كقوائم، بل كأوجه لحياة إنسانية مدمرة، ركزت فيه شروق على 'الحرب الخفية': معايشة الفقد، التشريد، الانتهاكات، ومنع المساعدات والدواء، سواء في غزة أو في الضفة.
'احنا ما حكينا عن استهدافات فقط، حكينا عن الواقع نفسه... عن كيف تعيش إبادة، لحظة بلحظة'، تتابع حديثها.
بدأ التصوير بعد بدء الاحتلال حرب الإبادة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بفترة قصيرة، حين كانت شروق – كغيرها – نازحة قسرا، ومجوعة بلا معدات وكهرباء وإنترنت.
'أولها ما كان في أي وسيلة للاتصال، كنا مش عارفين وين نشحن أجهزتنا أو نرفع موادنا، القصف عشوائي، والكل ضايع... ولا توجد مواصلات بسبب غلاء الوقود، فكنا نروح اللوكيشن بعربة يجرها حيوان، تخيل تشتغل بهذا الظرف؟'، تصور شروق واقع العمل بتلك الكلمات.
وعلى الصعيد الشخصي لشروق، يبرز كونها أما لطفلة: 'كانت رضيعة آنذاك، وصعب أخرج للعمل وأتركها... كذلك كان صعبا أن أرجع لنفس الميدان الذي خسرت فيه زوجي'.
فقدت شروق شريك حياتها الصحفي رشدي السراج في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلال تغطيته الميدانية، ورغم الألم، عادت هي للمكان ذاته بكاميرتها، لتكمل المهمة.
تتوقف للحظة، ثم تسرد جانبا قاسيا رافقها: 'كانت هناك هواجس كثيرة... أنا وطفلتي طلعنا من تحت الركام مرتين، وهذا لوحده كان هاجسا يلاحقني كل مرة، أواصل متابعة الأخبار لأتأكد أن المنطقة بخير ولم تتعرض لقصف، وأخاف أن يحدث لي شيء، فكما نرى يستهدف الصحفيون منهجيا'.
كل ذلك كان بمثابة كوابيس تلاحق شروق طوال الوقت، وتعصف في ذهنها سيلا من الأفكار، لكنها اعتادت قسرا على هذه الظروف.
حين رشح الفيلم لنيل الجائزة، لم تتوقع شروق أن تفوز: 'صراحة تفاجأت لأنه الفيلم بيحكي عن إبادة واحتلال... كثير جوائز بترفض هاي المواضيع، خصوصا مع البروبغندا الإسرائيلية اللي مسيطرة على الإعلام'.
ورغم الفوز الذي كسر الحصار عن صوت غزة، لا تزال شروق تطالب بما هو أعمق، ويتمثل بالحاجة إلى دخول صحفيين عرب وأجانب للقطاع لمساعدة زملائهم في تغطية جرائم حرب الإبادة.
وتشير إلى المفارقة المتمثلة بأن الصحفيين الدوليين يستطيعون تغطية الحروب حول العالم كما هو الحال في أوكرانيا والسودان ولبنان وسوريا، لكن لا يسمح لهم بفعل الشيء ذاته في غزة بقرار من الاحتلال الإسرائيلي، لمنع نشر الرواية الفلسطينية بألسن غير فلسطينية.
وتتابع: نحن متعلمون ومتحدثون بلغات عدة، لكن هذا غير كاف، فهناك الكثير من اللغات التي لا يعرف أي منا التحدث بها، لذلك نحن بحاجة لحضور أصحاب هذه اللغات إلى أرض الواقع.
وترى شروق أن من شأن ذلك أيضا إضفاء 'بعض الشعور بالأمان والحماية لنا نحن الصحفيين خصوصا بعدما خسرنا نحو 228 صحفيا منذ الإبادة عبر استهدافهم المباشر سواء مع عائلاتهم أو أثناء عملهم'.
وما دون ذلك، تقول شروق: إن الحماية الدولية الصحفية التي لطالما سمعنا بها، أثبتت الحرب أنها عبارة عن فقاعة كبيرة وكذبة.
لكن ما يربت على كتف شروق أنها حين صعدت إلى منصة 'الإيمي'، لم تكن وحدها، بل معها حكايات شعب محاصر، ونازح، وذبيح، يبحث عن نافذة صغيرة إلى العالم.
فلسطين أون لاين
التعليقات