"المدينة الإنسانية" برفح مصيدة جديدة لتهجير الغزيين

mainThumb
"المدينة الإنسانية" برفح مصيدة جديدة لتهجير الغزيين

13-07-2025 03:40 PM

printIcon

أخبار اليوم - يكشف إعلان الاحتلال نيته إنشاء ما تسمى "مدينة إنسانية" في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة عن نوايا خبيثة ظاهرها الاهتمام بالفلسطينيين وحمايتهم أمام الرأي العام العالمي، وباطنها تهجير آلاف الفلسطينيين قسرا إلى خارج القطاع، وفق مختصين في الشأن السياسي.

ويسعى جيش الاحتلال إلى تحقيق جملة من الأهداف الرامية إلى تحويل قطاع غزة إلى معازل ومعسكرات احتجاز للفلسطينيين إضافة إلى جعله منطقة غير قابلة للحياة إلا لعدد محدود من الفلسطينيين في محاولة لإجبار آلاف آخرين من السكان على الهجرة خارج القطاع، كما يرى المحللون.

وكان وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس أعلن عن خطة تقدر تكلفتها قرابة 6 مليارات دولار، تقوم على إنشاء منطقة محصورة على أنقاض مدينة رفح جنوبي القطاع يُدفع إليها نحو 600 ألف نازح قسراً، تحت غطاء فحوص أمنية صارمة، وداخل منطقة مغلقة لا يُسمح بمغادرتها إلا باتجاه البحر أو الأراضي المصرية.

فخ جديد للتهجير

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية بنابلس د. رائد نعيرات، إن ما يسمى "المدينة الإنسانية" الجاري الحديث عن إنشائها شرق رفح جنوب القطاع، تمثل تشويهاً صارخاً لمفهوم العمل الإنساني، معتبراً أنها تندرج ضمن محاولات الاحتلال الإسرائيلي لفرض وقائع جديدة على الأرض تهدف إلى تهجير الفلسطينيين وتفكيك النسيج الجغرافي والديمغرافي للقطاع.

وأوضح نعيرات لصحيفة "فلسطين"، أن المشروع لا يمكن النظر إليه خارج سياق سياسات الاحتلال المعهودة، قائلاً: "المدينة المسماة إنسانية ليست سوى فخ جديد يشبه ما حدث سابقاً في موضوع المساعدات التي تحولت إلى مصائد موت، وقد يكون من أدق وصف لها أنها بمثابة "غيتو" فلسطيني لعزل الناس تمهيداً لإبادتهم لاحقاً".

وأضاف أن إنشاء مثل هذه المدينة "يحتاج عملياً ما بين 6 أشهر إلى عام، وهذا وحده دليل على أن الحديث عنها ليس استجابة طارئة للوضع الإنساني في غزة، بل خطوة استراتيجية ذات طابع سياسي وأمني بحت"، مشيراً إلى أن "الجهة التي تقف خلف المشروع، وهي الاحتلال الإسرائيلي، أبعد ما تكون عن أي بُعد إنساني أو إغاثي".

وحذر نعيرات من خطورة الأهداف غير المعلنة للمشروع، موضحاً أن كاتس وكبار قادة جيش الاحتلال أشاروا علناً إلى أن من يدخل المدينة "لن يُسمح له بالعودة إلى مكان سكنه الأصلي، بل يُخيَّر بين البقاء في المدينة أو مغادرة القطاع عبر مصر"، ما يعني بحسب نعيرات، "دفعاً ممنهجاً نحو التهجير القسري وحرمان الفلسطينيين من حق العودة".

وبيّن أن المدينة تأتي ضمن خطة أوسع لإقامة حكم إسرائيلي مباشر أو غير مباشر على ما يقارب 40% من مساحة القطاع، مع عزل المناطق الأخرى وتفكيكها جغرافياً وإنسانياً.

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن فشل (إسرائيل) في حسم المعركة عسكرياً في غزة دفعها للبحث عن أدوات بديلة، قائلاً: "هم الآن يحاولون تحقيق أهدافهم من خلال مشاريع ناعمة ومخططات ظاهرها إنساني، لكنها تخفي نوايا واضحة للسيطرة والتهجير"، متوقعاً فشل هذه المخططات في ظل صمود الشعب الفلسطيني ورفض القوى الوطنية لأي مشاريع تمس وحدة غزة وحقوق أهلها.

من جهته، حذّر مدير مركز "يبوس" للاستشارات والدراسات الاستراتيجية سليمان بشارات، من خطورة ما يُعرف بـ"المدينة الإنسانية" المزمع إقامتها في رفح، واصفاً إياها بأنها أداة لشرعنة التهجير والتلاعب بالواقع السكاني والجغرافي للقطاع تحت غطاء إنساني كاذب.

وقال بشارات لصحيفة "فلسطين"، إن الاحتلال الإسرائيلي "يحاول الترويج لمشروع المدينة كخطوة إنسانية تهدف لحماية الفلسطينيين، بينما هي في الواقع عملية ممنهجة لحالة القتل والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني".

وأوضح أن الأهداف السياسية من هذا المشروع غير معلنة بشكل مباشر، لكنها واضحة في مساراتها ونتائجها المحتملة، مبيناً أن الاحتلال يسعى إلى "تجميع أكبر عدد من الفلسطينيين في جنوب القطاع، بهدف دفعهم لاحقاً باتجاه ما يزعم الاحتلال أنه "التهجير الطوعي"، أو إجبارهم على اختراق الحدود مع مصر، بما يحقق هدفاً استراتيجياً يتمثل في تفريغ غزة من سكانها تدريجياً".

وأشار إلى أن هذه السياسة تأتي امتداداً لاستراتيجية قديمة تم تطبيقها في الضفة الغربية عقب عدوان "السور الواقي" عام 2002، حيث تم عزل التجمعات السكانية الفلسطينية داخل جيوب محصورة تحاصرها الحواجز والجدران".

وفي الختام يرى الخبيران أن المخطط الإسرائيلي يتجاوز البعد الإنساني الظاهري، ليصل إلى الهدف الأبعد وهو تحويل قطاع غزة إلى منطقة غير قابلة للحياة، لا يصلح للعيش إلا لعدد محدود من الفلسطينيين الذين يخضعون لهيمنة الاحتلال، فيما يُجبر الباقون على الهجرة القسرية.

المصدر / فلسطين أون لاين