بيروت - أخبار اليوم
يستعد «حزب الله» قريباً، وكما أعلن أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، لإطلاق حراك سياسي داخلي بالتوازي مع «ورشة استراتيجية جديدة» ناشطة داخل الحزب لتقييم المرحلة السابقة، ووضع خطط لخوض المرحلة المقبلة التي يؤكد مطلعون عن كثب على أجواء الحزب، أنها ستؤدي إلى «إعطاء الأولوية لدوره السياسي على جناحه ودوره العسكريين، بما قد يشكل تمهيداً لتحوله لحزب سياسي حصراً».
مراجعة سياسية
وكان نعيم قاسم، وفي إطلالة تلفزيونية مطولة مطلع الأسبوع الماضي، قد أعلن أن الساحة في لبنان «ستشهد، من الآن إلى نحو شهر، حراكاً سياسياً عند الحزب، واسعاً وشاملاً، مع كل الأطراف، وبالتالي يجري العمل على تنسيق وتنظيم وتوزيع الأدوار وتوزيع المهمات»، كاشفاً عن تكليف «مجموعة من اللجان لدراسة استراتيجيات العمل للمرحلة المقبلة».
وحسب الكاتب السياسي الدكتور قاسم قصير، المطلع عن كثب على موقف «حزب الله»، فإن الأخير «يجري مراجعة سياسية لأدائه ويضع رؤية جديدة لمقاربة الوضع الداخلي اللبناني، ولذلك سيعمد إلى عقد لقاءات مع العديد من القوى السياسية والحزبية بهدف تقييم الأوضاع والاتفاق على رؤية مشتركة، خصوصاً أن لبنان أمام استحقاقات داخلية وخارجية ومنها الانتخابات البرلمانية»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «(حزب الله) هو حزب سياسي لكن لديه جناح عسكري مقاوم، وحالياً الدور السياسي يتقدم على الدور العسكري».
وأُنشىء «حزب الله» عام 1982 كـ«مقاومة مسلحة» وانخرط تدريجياً بالحياة السياسية اللبنانية، وخاض لأول مرة الانتخابات النيابية عام 1992 وشارك بأول حكومة عام 2005.
العلاقة مع القوى السياسية
وسيسعى الحزب لإعادة وصل ما انقطع مع الكثير من القوى التي كانت حليفة له، وعلى رأسها «التيار الوطني الحر»، بعدما دفعت الحرب الأخيرة ونتائجها، الكثير من الفرقاء لأخذ مسافة منه.
وحسب مصدر قيادي في «التيار الوطني الحر»، فإن «العلاقة بشكلها السابق مع الحزب، أي على مستوى القيادات، مقطوعة» لافتاً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنها «محصورة راهناً بالتلاقي بين نواب الحزبين في المجلس النيابي».
وتحدث قاسم عن علاقته بحزب «الكتائب»، فأكّد ألا مشكلة بالحوار معه، مشيراً إلى «حصول لقاءات كثيرة تحت الهواء وبعيداً عن الإعلام، لكن بشكل متقطع».
أما عن حزب «القوات»، فقال: «هذا الحزب جعلنا شغله الشاغل ليل نهار، ولديه تطابق أفكار مع العناوين التي تطرحها إسرائيل، بحيث لا يترك للصلح مكاناً».
وردت مصادر «القوات» على قاسم قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نواجه (حزب الله) لمجرد المواجهة السياسية بل لأن مشروعنا هو قيام الدولة، وطالما أنه متمسك بسلاحه، فسيبقى البلد مستنقعاً للفوضى والحروب وعدم الاستقرار». وأضافت: «نحن نلتقي مع (حزب الله) عندما يتخلى عن سلاحه، وعلى بناء الدولة، ولكن لا يمكن أن نلتقي معه وطنياً على مشروعه المسلح، وإن كنا في مساكنة في مجلسي النواب والوزراء».
إعادة تموضع
ولا يبدو جاد الأخوي، رئيس «ائتلاف الديمقراطيين اللبنانيين»، متفائلاً بأن ما أعلن عنه قاسم مؤخراً يمهد لتحول «حزب الله» إلى حزب سياسي حصراً، عادّاً أن «هذا الحزب هو حزب أمني بامتياز. وكل ما هو خارج الأمن لا يعتبر من الحزب المباشر. بمعنى آخر أن المؤسسات التابعة للحزب: المدارس والمؤسسات الاجتماعية والنواب والوزراء والمؤسسات الاقتصادية، كلها لا تعتبر في الحزب. وقد كان وجودها للتمويه والتغطية على مهماته العسكرية».
ويرى الأخوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن ما صدر عن قاسم «لا يُظهر حتى الآن توجّهاً جدّياً لتحوّل (حزب الله) إلى حزب سياسي حصراً، بل يمكن تفسيره في إطار إعادة تموضع كلامية وتكتيكية نظراً لما يجري في المرحلة الراهنة، خصوصاً بعد الضغوط الداخلية والدولية وتفاقم الأزمة اللبنانية»، مضيفاً: «فهو لا يزال يحتفظ بسلاحه بوصفه جزءاً من المقاومة، ويضعه في إطار الاستراتيجية الدفاعية، وبالتالي لا مؤشرات فعلية حتى اللحظة على تخليه عن البعد العسكري أو تحوله الكامل إلى حزب مدني سياسي. لكن قد يُقرأ الإعلان ضمن خانة: أولاً، تهيئة الرأي العام، محلياً وخارجياً، لفكرة انخراطه بشكل أوسع في اللعبة السياسية الرسمية. وثانياً، محاولة امتصاص الضغوط وإعادة صياغة صورته في ظل المناخ الإقليمي المتغير».