لماذا قصفت "إسرائيل " دمشق ؟

mainThumb
لماذا قصفت "إسرائيل " دمشق ؟

17-07-2025 10:29 AM

printIcon

باريس - أخبار اليوم 

قالت صحيفة “ليمانيتي” الفرنسية إنه بينما كان جنوب البلاد يهتزّ بسبب الاشتباكات بين الدروز والبدو، تدخل الجيش السوري في السويداء. وكان ذلك ذريعة ممتازة لإسرائيل، التي تحتلّ هضبة الجولان، لمهاجمة العاصمة دمشق وادعاء الدفاع عن الطائفة الدرزية.

استُهدف مقر القيادة العامة للجيش السوري، والموجود عند مدخل ساحة الأمويين، بصواريخ إسرائيلية. وفي الوقت نفسه، أعلنت إسرائيل عن تعزيز قواتها على الحدود مع سوريا. وكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، على منصة “إكس” بعد هذا الهجوم الجوي: “لقد بدأت الضربات المؤلمة”. وعاشت دمشق، الأربعاء، يوماً لم يكن سكان العاصمة يتوقعونه. فمنذ ثلاثة أيام، كانت أنظارهم مركّزة على الجنوب.

في 13 تموز/ يوليو، أدى اختطاف أحد الدروز على يد بدو إلى إشعال فتيل المواجهات. وبدأت الاشتباكات بين الطرفين، قبل أن يدخل الجيش النظامي السوري إلى السويداء، المدينة الرئيسية في منطقة الدروز، تُذكِّر “ليمانيتي”، مضيفةً أن ذلك كان يُعتبر بمثابة “قَصْد للحرب” بالنظر إلى الاتفاقات المبرمة قبل أشهر بين دمشق وبعض وجهاء الدروز، والتي تنص على أن الأمن يجب أن يكون من مسؤولية السلطات المحلية وقواتها، بالتنسيق مع مسؤولين تعينهم الحكومة المركزية.

إسرائيل تصب الزيت على النار
عند ظهر الأربعاء، أكّد الشيخ يوسف جربوع، الزعيم الروحي لدروز سوريا، “التوقف الكامل” لجميع العمليات العسكرية في السويداء من قبل جميع الأطراف. ووفقاً لوكالة الأنباء السورية “سانا”، تم التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، يتضمن نشر نقاط تفتيش أمنية وإعادة دمج المدينة بالكامل ضمن الدولة.

ومنذ اليوم السابق، لم تتوقف إسرائيل عن صبّ الزيت على النار، وسرعان ما امتدّ الحريق، تقول “ليمانيتي”، مشيرة إلى إعلان القوات الإسرائيلية يوم الثلاثاء أنها شنت ضربات ضد مركبات تابعة للقوات السورية التي دخلت السويداء. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي: “كما أوضحنا وحذرنا، فإن إسرائيل لن تتخلى عن الدروز في سوريا، وستفرض سياسة نزع السلاح” في جنوب البلاد.

من جانبه، دان المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توم برّاك، الهجمات التي تستهدف المدنيين في محافظة السويداء.

منذ كانون الأول/ ديسمبر 2024 وسقوط النظام السوري، تلعب إسرائيل على وتر الانقسام عبر تغذية الانشقاقات الطائفية، وتجد وكلاء محليين مستعدين للتحالف معها. كما أن الأقليات (الدروز، والعلويون، والأرمن، والأكراد) تشعر بشكّ عميق تجاه الحكومة الإسلامية الجديدة التي وصلت إلى السلطة، تتابع ”ليمانيتي”.

نحو تفكك سوريا؟
سريعاً ما أدركت تل أبيب كيف يمكنها استغلال المناخ الجديد الذي نشأ بعد انهيار النظام البعثي. فقد كان استقرار النظام يعتمد من جهة على منح بعض الاستقلالية للدروز (الجزرة)، ومن جهة أخرى على القمع الذي مارسه جهاز المخابرات الشهير (العصا)، تواصل “ليمانيتي”.

ومنذ نهاية العام الماضي، سعت الحكومة الإسرائيلية لتحقيق هدفين: الأول، إقناع جميع الدروز (في الجولان المحتل، وسوريا، ولبنان) بأنها حاميتهم الأفضل. والثاني، تأمين مزيد من الأراضي عبر التوغل أكثر في الداخل السوري والسيطرة على كامل جبل الشيخ (حرمون)، وهو موقع استراتيجي.

وما تزال الأهداف الحقيقية التي تسعى إليها إسرائيل غير واضحة، تقول “ليمانيتي”، متساءلة: “لماذا تقصف إسرائيل دمشق في حين أن هناك مسارا جاريا للتطبيع بين البلدين؟”. كما أن الولايات المتحدة رفعت العقوبات عن البلاد، وتمت إزالة اسم “هيئة تحرير الشام” التي يقودها أحمد الشرع، الرئيس المؤقت الحالي، من قائمة المنظمات الإرهابية. هذا الأخير، طوال تسعة أشهر، لم يحاول طرد الجيش الإسرائيلي الذي ترسّخ في جنوب سوريا، توضح “ليمانيتي”.

يبدو أن بنيامين نتنياهو يبحث عن زعزعة الاستقرار لمنع أي دولة من إعادة بناء نفسها وتحوّلها إلى قوة إقليمية، تقول الصحيفة الفرنسية، موضحة أن الأمر لا يتعلق بمحاربة الإسلاميين، إذ إن إسرائيل نفسها ساعدتهم في حربهم ضد بشار الأسد، بل هو استثمار في نقاط ضعف المجتمع السوري، مع توجيه رسالة إقليمية. وليس هناك ما هو أفضل من تأجيج الانقسامات الطائفية.

وهذا يحقق هدفين وفق “ليمانيتي: إعاقة تطور الدولة، وتنشيط قوى قد تهدد وجود الدولة الوطنية. وفي هذه الحرب المستمرة، ستجد إسرائيل دائماً الولايات المتحدة وجزءاً كبيراً من أوروبا إلى جانبها.