دمشق - أخبار اليوم
كشفت مصادر حقوقية مختصة عن إعادة تفعيل قسم الجرائم المعلوماتية التابع لمباحث الأمن الجنائي في وزارة الداخلية السورية، بعد توقف بدأ منذ سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، في ظل توقعات بارتفاع معدلات هذه الجرائم إلى مئات الأضعاف على صفحات التواصل الاجتماعي خلال الأشهر الماضية.
عناصر مختصة
وبيّنت المصادر في تصريح لـ”القدس العربي” أنه جرى تدريب العديد من العناصر على التعامل مع شكاوى الجرائم المعلوماتية باعتبارها ذات طبيعة خاصة وتحتاج إلى متابعة إلكترونية من مختصين، معتبرة أن تفعيل القسم خطوة طبيعية في ظل ارتفاع معدلات جرائم المعلوماتية بشكل كبير في البلاد، وخصوصًا في الشهرين الماضيين، حيث كثرت الشتائم والقدح والذم والحديث في الطائفية، وهي من أخطر الجرائم المنصوص عليها في قانون الجرائم المعلوماتية رقم 20 لعام 2022.
وأوضحت المصادر أنه يمكن حاليًا لأي شخص أن يتقدم بشكوى بعد الحصول على معروض قضائي من النيابة العامة المختصة في هذا المجال، ومن ثم يُبرز المعروض في قسم الجرائم المعلوماتية ليُصار إلى تنظيم ضبط بالواقعة لمتابعتها من قبل العناصر المختصة واستدعاء الأطراف المعنيين إلى القسم للتحقيق معهم، مشيرة إلى أنه بعد ذلك يُعاد الضبط إلى القضاء لاتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الموضوع.
ولفتت المصادر إلى أنه في الأشهر الماضية، كان القضاء يستقبل شكاوى متعلقة بالجرائم المعلوماتية دون تحويلها إلى مخافر الشرطة، لأنها غير مختصة ولا تتوفر لديها الأدوات اللازمة للمعالجة، معربة عن أملها بأن تحصل معالجات حقيقية لخطورة هذه الجرائم على المجتمع بشكل عام، وخصوصًا ما يتعلق منها بالطائفية، والتي زادت بشكل كبير.
ومع الأحداث والانتهاكات التي شهدها الساحل السوري في آذار الماضي، ومن ثم أحداث السويداء المتواصلة حتى الآن، ارتفعت معدلات الشتم والتجييش الطائفي على صفحات التواصل الاجتماعي، سواء من المقيمين داخل البلاد، أو من الصفحات والمنصات التي تُدار من الخارج، ما شكل خطرًا كبيرًا وتهديدًا على السلم الأهلي، وأثار موجة من الانتقادات بسبب غياب المحاسبة وعدم تطبيق القانون الخاص بالجرائم المعلوماتية.
خطوة جيدة
واعتبر المحامي عمار يوسف في تصريح لـ”القدس العربي” أن تفعيل قسم الجرائم المعلوماتية خطوة جيدة جدًا، مع ارتفاع معدلات الجرائم الإلكترونية التي تضاعفت مئات المرات منذ سقوط النظام، وأنه من خلال تفعيل هذا القسم وتطبيق القانون الخاص بالجرائم المعلوماتية، سيتم ضبط هذه الجرائم، وسيصبح كل شخص يفكر مليًا قبل أن يكتب منشورًا على صفحته الشخصية يتضمن قذفًا أو قدحًا أو خطابًا طائفيًا.
ولفت يوسف إلى أن تفعيل القسم يسهم في تسريع كشف هذه الجرائم بحكم توفر أدوات وأجهزة متخصصة، موضحًا أنه رغم تقديم شكاوى للقضاء في السابق، فإن وجود قسم مختص يسهّل المتابعة بشكل أكثر فاعلية.
وتعرض القانون رقم 20 الخاص بالجرائم المعلوماتية لانتقادات حادة سابقًا، واتهم نشطاء النظام بأنه صاغه لإسكات الأصوات وتقييد حرية الرأي، مطالبين بإلغائه. وأكد يوسف أنه يؤيد إجراء تعديلات على القانون، تحفظ حرية الرأي والتعبير، مع الإبقاء على المواد التي تضبط جرائم الطائفية والقدح والذم وغيرها، للحد من الانفلات الحاصل حاليًا.
استياء من الانفلات
واستطلعت “القدس العربي” آراء عدد من السوريين حول تفعيل قسم الجرائم المعلوماتية، فأكد محمد خالد، من سكان دمشق، أنه من الضروري تفعيل هذا القسم، لأنه لم يعد من المحتمل رؤية منشورات تدعو إلى التجييش الطائفي، خصوصًا في هذه الفترة الحساسة.
ورأى سامر، من حمص والمقيم في دمشق، أنه أصبح يكره الدخول إلى صفحته على فيسبوك لكثرة ما يقرأه من منشورات طائفية وشتائم، متسائلًا عن غياب تحرك الجهات المختصة لضبط هذه الجرائم التي باتت متفشية إلى درجة غير مسبوقة.
أما سحر، فعلّقت بأنها لم تعد تجد أي احترام على صفحات التواصل الاجتماعي، معربة عن استغرابها من حجم التجييش الطائفي الذي لم يعد يُحتمل.