أخبار اليوم - يطالب مهتمون ومواطنون في محافظة الطفيلة بإعادة تأهيل الغابات الطبيعية في المحافظة، معتبرين هذه الثروة الوطنية متنفسًا حيويًا للعائلات يوفر فضاءً للترفيه والتواصل مع الطبيعة، لكنها تحولت إلى مساحات شبه جرداء بفعل التحطيب غير القانوني والتصحر وتغيرات المناخ.
ويروي الثمانيني محمد الخوالدة ذكرياته عن أشجار السرو والبلوط والبطم التي كانت تغطي الجبال والسهول في مناطق الجنين والقعير، مشيرًا إلى أن الأمطار الوفيرة والثلوج الغزيرة كانت تغذي هذه الغابات.
وتتذكر السبعينية نجلاء المسيعديين تجربتها في رعي الأغنام في مناطق العبر و"العلامات"، لكنها تفاجأت في زيارة حديثة باختفاء تلك الخضرة وصمت العيون، عازية ذلك إلى شح الأمطار وتدهور البيئة بفعل الأنشطة البشرية.
ويشدد مواطنون ومهتمون بالشأن البيئي على ضرورة تكثيف حملات النظافة والمراقبة الدورية للحد من التحطيب، مع إشراك المجتمع المحلي في حماية الغابات عبر برامج توعية ومبادرات تشجير تشمل الشباب والعائلات.
ويرى المهندس الزراعي محمد السعودي أن التوسع العمراني والرعي الجائر ساهما في تقليص الغطاء النباتي، داعيًا إلى تنظيم ورش عمل لتعليم الأهالي أساليب زراعة الأشجار المحلية مثل العرعر والبلوط، مؤكدًا أن الغابات كانت مصدرًا للجمال والراحة يجب إحياؤه للأجيال القادمة، مع اقتراح إنشاء فرق تطوعية من الشباب لمراقبة الغابات وتنظيفها من المخلفات.
وأوضح مدير زراعة الطفيلة المهندس بلال الهلول أن المديرية تنفذ جولات مراقبة يومية بمشاركة أكثر من 50 عاملًا في مناطق مختلفة من المحافظة، حيث يتم ضبط المخالفين الذين يقطعون الأشجار للطهي أو التدفئة، مشيرًا إلى أن التنسيق مع البلديات والجمعيات المحلية يدعم جهود حماية الغابات كجزء من التراث الطبيعي، مع خطط لتوسيع زراعة الأشجار الحرجية في عدة مناطق في المحافظة.
وتفيد تقارير رسمية أن محافظة الطفيلة، التي تمتد على 225 كيلومترًا مربعًا، تضم حوالي 500 ألف دونم من الأراضي القابلة للزراعة ومثلها مغطاة بالحراج الطبيعي، لكن التصحر يهدد هذه المساحات بسبب التغير المناخي والتحطيب غير المسؤول.
وفي محمية ضانا، أكبر المحميات الطبيعية في الأردن؛ أشرفت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة على مشاريع لإعادة زراعة أشجار العرعر والبلوط والبطم، مع إزالة الأشجار اليابسة لتحسين الغطاء النباتي، بينما خصص مجلس محافظة الطفيلة 100 ألف دينار لدعم مبادرات إحياء الغابات في مناطق مثل غابة عابل والقادسية.
وتشير بيانات وزارة الزراعة إلى أن الغابات في الطفيلة كانت تغطي أكثر من 30% من مساحتها في منتصف القرن الماضي، لكنها تقلصت إلى أقل من 10% اليوم، مما يستدعي جهودًا مكثفة لاستعادتها، وسط التأكيد على ضرورة تشديد العقوبات على المخالفين الذين يتسببون في تدهور الغابات.
الرأي