نورالدين نديم
لا يبدو غريبًا أن يقضي الطالب الأردني اثني عشر عامًا في مقاعد الدراسة يتلقى مادة اللغة الإنجليزية، ويستمر في دراستها خلال سنواته الجامعية، ثم يتخرج غير قادر على إدارة محادثة بسيطة بلغة عالمية أصبحت من أساسيات الحياة والعمل والتواصل.
هذه المفارقة المؤلمة تُحيلنا إلى سؤال جوهري: ما جدوى تدريس اللغة إذا كانت مخرجاتها لا تُفضي إلى استخدامها؟ وكيف يمكن أن نُقنع طالبًا بأن اللغة أداة حياة، وهو لم يشاهدها يومًا تُستخدم خارج أسوار الامتحانات؟
ما نراه اليوم هو نظام تعليمي يركّز على التلقين لا التمكين، وعلى الحفظ لا المهارة، وعلى اجتياز الامتحان لا اجتياز تحديات الواقع.
مناهج اللغة الإنجليزية التي تُدرّس اليوم في مدارسنا تُشبه إلى حد بعيد الكتب النظرية المغلقة، بلا حياة، بلا محتوى تفاعلي، بلا محاكاة للواقع، ولا ربط باحتياجات الطالب العملية.
النتيجة أننا نخرّج أفواجًا من الطلبة يعرفون قواعد اللغة على الورق، لكنهم يعجزون عن صياغة جملة مفيدة، أو كتابة بريد إلكتروني رسمي، أو اجتياز مقابلة عمل بسيطة باللغة الإنجليزية.
إن اللغة، أي لغة، لا تُكتسب بالحفظ، بل بالممارسة. وهذا ما تفتقر إليه بيئتنا التعليمية، التي لا تزال تعتبر "السماع والتحدث" ترفًا، و"الكتابة الإبداعية" نشاطًا زائدًا، و"الحوارات" مضيعة للوقت.
ما نحتاجه ليس تغيير كتاب اللغة فقط، بل تغيير فلسفة التعليم ذاتها، وتحويل الصف من ساحة اختبار إلى مساحة تفاعل.
نحتاج إلى معلمين يُدربون على التواصل الشفهي، ومناهج تعتمد على المهارات، وتقييمات تقيس القدرة على الاستخدام الفعلي لا عدد الكلمات المحفوظة.
إن اللغة الإنجليزية اليوم ليست مادة للنجاح والرسوب فحسب، بل شرط من شروط الحياة العمليّة والمنافسة الوظيفيّة في سوق العمل، بل وأكبر من ذلك تتعلق بالانفتاح على العالم ككل، وإن لم ندرك ذلك، سنظل ندور في دائرة مغلقة من الشكوى، ومخرجات بلا جدوى.