جعفر بركات المناصير
لا يختلف اثنان على أن ما تتعرض له غزة من عدوان وحصار ومعاناة إنسانية يفطر القلوب ويستدعي منا جميعاً، كمسلمين وعرب وأحرار، أن نقف إلى جانبها بكل ما نستطيع. فغزة ليست مجرد جغرافيا فلسطينية، بل هي رمز للصمود، والعزة، والكرامة العربية. دعمنا لها ثابت، شعبيًا ورسميًا، لا لبس فيه ولا مساومة عليه.
لكن، في خضم هذا الدعم المشروع والنبيل، بدأنا نلمس محاولات خطيرة لاستقطاب المجتمع الأردني واستغلال مشاعره تجاه القضية الفلسطينية بطريقة تؤدي إلى خلق فجوة بينه وبين دولته، عبر تشكيك أو تحريض أو تصوير الموقف الرسمي وكأنه متخاذل أو متواطئ. وهنا لا بد من وقفة عقلانية ومسؤولة.
أنا كأردني، أقولها بوضوح: الدولة الأردنية بكل أجهزتها تمثلني، وتعبّر عن موقفي الوطني والقومي، وهي التي تقدم الغالي والنفيس دعمًا لغزة وأهلها، سواء عبر الجهد الدبلوماسي والسياسي، أو من خلال الدعم الإنساني والطبي المستمر، أو حتى عبر التضحيات التاريخية التي لا تُنكر.
وفي هذا السياق، لا يمكن الحديث عن دعم الأردن لغزة دون التوقف عند الدور الهاشمي التاريخي والمشرف في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وعلى رأسها القدس والمقدسات. فالرعاية الهاشمية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس لم تكن يومًا مجرد مسؤولية سياسية، بل كانت وما زالت موقفًا ثابتًا ومبدئيًا في وجه محاولات التهويد، ومصدر دعم مستمر للفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، وفي مقدمتهم أهل غزة. هذا الدور الهاشمي والمتمثل بجهود جلاله الملك عبدالله الثاني بن الحسين المتوازن والمشرف ، هو جزء من منظومة الدعم الأردنية الشاملة، وهو محل تقدير شعبي ورسمي عربي ودولي.
إن محاولات التقليل من جهود الأردن أو اتهامه بالتقصير في دعمه لغزة، هي محاولات مرفوضة وخطيرة لا تخدم إلا أعداء القضية الفلسطينية، بل وتلحق الضرر المباشر بأهل غزة أنفسهم. وايضا تصوير الوقوف مع غزة وكأنه بالضرورة وقوف ضد الدولة الأردنية، هو طرح مشوّه يُراد به ضرب الثقة بين المواطن ومؤسساته، وإضعاف الجبهة الداخلية تحت غطاء شعارات زائفة. إن الدفاع عن غزة لا يعني مناكفة الدولة أو التشكيك في موقفها، بل يتطلب تماسكًا وطنيًا ووعيًا سياسيًا يُدرك أن الأردن القوي والموحد هو السند الحقيقي لغزة، وأن زعزعة استقراره هي طعنة في ظهر القضية. فغزة لا تحتاج إلى فوضى أو انقسامات داخلية في الأردن، بل إلى موقف داعم متماسك يعبّر عنه الشعب والدولة معًا
نعم، كلنا مع غزة، مهما كلفنا الامر ولكن لا بُد من احترام تضحيات الأردن وثوابته، وفي دعم استقراره، وفي الامتناع عن أي خطاب أو تصرف من شأنه أن يحرج الدولة الأردنية أو يحرّض شعبها ضد مؤسساته.
المعادلة بسيطة، قوة الداخل الأردني هي رصيد لغزة، واستقرار الأردن هو سند لغزة، ووحدتنا الوطنية هي ذخيرة سياسية ومعنوية لغزة، ولنتذكر دائمًا، أن لا أحد يزاود على محبة الأردن لغزة، ولا على وفاء الأردنيين لفلسطين.
حمى الله الاردن ،،، أرضاً وشعباً ،،،، جيشاً وقيادة