كيف قرأ الأردنيون انتشار «فرقة جِلعاد» على الحدود الأردنية-الفلسطينية؟

mainThumb
كيف قرأ الأردنيون انتشار «فرقة جِلعاد» على الحدود الأردنية-الفلسطينية؟

11-09-2025 03:16 PM

printIcon

أخبار اليوم - محرر الشؤون السياسية - انتقل المشهد من مجرد خبر عسكري إلى اختبار أعصاب سياسي واجتماعي داخل الأردن. القراءة الغالبة في الشارع اعتبرت التحرك رسالة ردع إسرائيلية أكثر منها تمهيدًا لاجتياز الحدود، لكنها استُقبلت كتصعيد قريب من “الخطوط الحمراء”. لذلك برز خطاب مزدوج: ثقة صلبة بقدرة الجيش على المنع والردع، يقابله طلب شعبي واضح لتعزيز الاستعدادات الميدانية وإعادة ضبط العلاقة مع تل أبيب كلّما اقترب الاحتكاك من الحدود.

في المستوى الأمني، يرى كثيرون أن تموضع قوة بحجم «جلعاد» على شريط حدودي طويل ذي تضاريس معقدة لا يضمن لإسرائيل أفضلية عملياتية دائمة، لكنه يرفع احتمالات الاحتكاك والخطأ الحسابي. هذا الإدراك دفع قطاعات من الأردنيين للمطالبة بخيارات عملية: تكثيف المرابطة والاستطلاع البري والجوي، رفع جاهزية الدفاع الجوي، وتوسيع برامج التدريب التعبوي والاحتياط—بوصفها رسائل ردع وقائية لا خطوات تصعيدية.

سياسيًا، تُقرأ الخطوة ضمن سياق إسرائيلي داخلي مأزوم؛ فتعظيم “الخطر الخارجي” يوفر لحكومة نتنياهو مادة لتوحيد جمهورها وتصدير الأزمة، حتى لو دفع الثمن استقرار الهدوء النسبي على جبهة وادي الأردن. في المقابل، يضغط جزء من الرأي العام الأردني باتجاه تقليص أشكال التعاون غير الملحّة، والتعامل مع أي اقتراب عسكري باعتباره خرقًا لمعادلة “الأمن مقابل الأمن” التي حكمت سنوات ما بعد السلام، من دون التفريط بأدوات الاتصال الضرورية لإدارة الأزمات ومنع الانزلاق.

اجتماعيًا واقتصاديًا، تعكس المطالبات الشعبية فتح باب التجنيد والتدريب ومراجعة تصاريح العمل عبر المعابر حساسية الأردنيين لأي مخاطرة تمس الاستقرار الداخلي وسلاسل الإمداد في الأغوار. هنا تتقدّم الدولة بمفهوم “الردع المتزن”: رفع الكلفة على أي مغامرة محاذية للحدود، مع تجنّب الانجرار إلى إيقاع عسكري يريده خصمك.

إقليميًا، يُنظر إلى التموضع كحلقة في نمط أوسع من توسيع الجغرافيا الضاغطة على الأردن وغزة والضفة معًا. لذلك يدفع المزاج العام نحو توظيف شبكة عمّان الدبلوماسية والأمنية لخلق حزام كوابح: تفعيل قنوات التحذير المباشر، تدويل المخاوف الحدودية حين يلزم، وربط أي تهدئة ميدانية بإجراءات ملموسة على الطرف الآخر لا بمجرد تطمينات لفظية.

عمليًا، ما ينتظره الجمهور ليس استعراضًا لغويًا بل حزمة إجراءات محسوبة: تعزيز المراقبة والإنذار المبكر على طول الحدود، إظهار جاهزية رد سريع ومدروس، ضبط الخطاب الداخلي بعيدًا عن المزايدات، وتحريك الأدوات القانونية والدبلوماسية حين تُختبر قواعد الاشتباك. بهذه المقاربة، تُترجم قراءة الأردنيين للانتشار إلى سياسة ردع هادئة: أعصاب باردة، قبضة صلبة، ومسافة أمان تمنع الخصم من تحويل الحدود إلى ساحة اختبار جديدة.