عمّان – أخبار اليوم
أكّد وزير المياه والري المهندس رائد أبو السعود أنّ الأردن يواجه أحد أصعب مواسمه المائية نتيجة تراجع معدل الهطل المطري إلى 35% فقط من معدله السنوي، ما انعكس مباشرة على مخزون السدود التي وصف وضعها ببداية الصيف بـ"الحرج"، حيث وصلت ثلاثة سدود إلى ما دون الخط الأحمر، في وقت تتزايد فيه الضغوط على المياه الجوفية والموارد المحدودة.
وخلال حوار موسّع في برنامج «60 دقيقة» على شاشة التلفزيون الأردني استعرض أبو السعود سعود تفاصيل التحديات التي تواجه القطاع، بدءاً من فواتير المياه المرتفعة والجدل حول العدادات الجديدة، مروراً بالانقطاعات المتكررة، وصولاً إلى المشاريع الاستراتيجية التي تعوّل عليها الحكومة لتأمين احتياجات المملكة المستقبلية من المياه.
واقع مائي معقّد
الوزير أوضح أنّ صيف هذا العام بدأ بمخزون مائي منخفض بعد موسمين مطريين ضعيفين، مشيراً إلى أنّ التعاون الوثيق مع المزارعين في الأغوار ساعد في تجاوز الأزمة رغم محدودية الموارد. وأضاف أن نسبة الشكاوى من انقطاع المياه بقيت ضمن حدود "معتدلة" مقارنة بحجم التحدي القائم.
العدادات الجديدة وشكاوى المواطنين
وفي ملف العدادات الذكية وما أثارته من اعتراضات حول دقة القراءة، أقرّ أبو السعود بأنّ وجود هواء في الشبكة عند انقطاع الضخ قد يؤدي إلى تحريك العدادات واحتساب كميات غير مائية، لكنه شدّد على أن العدادات نفسها تخضع لاختبارات دقيقة في الجمعية العلمية الملكية ودائرة المواصفات والمقاييس قبل تركيبها. وأوضح أن الحل الأمثل لمشكلة الهواء يكمن بتركيب "هوايات" في المنازل لتفريغ الهواء الزائد، مؤكداً أنّ استبدال العدادات ضرورة فنية لأن للعداد عمراً افتراضياً يفرض صيانته أو تغييره لضمان دقة القراءة.
الفواتير الشهرية والدقة في الاستهلاك
أبو السعود بيّن أن نظام الفوترة الشهري كشف الاستهلاك الفعلي بدقة أكبر من السابق، وهو ما يفسر شعور بعض المواطنين بزيادة الفواتير حتى من دون تغيير في نمط الاستهلاك، مؤكداً أن مركز الشكاوى في الوزارة يعمل على استقبال الملاحظات ومعالجتها أولاً بأول.
مشروع الناقل الوطني
وفي ما يخص المشاريع الكبرى، اعتبر أبو السعود أن مشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر هو "الحل الجذري" لأزمة مياه الشرب في الأردن، موضحاً أن تنفيذه سيمكن من ضخ المياه من ثلاثة إلى أربعة أيام في الأسبوع، الأمر الذي يتيح تشغيل العدادات الذكية بكفاءة، ويخفف من معاناة المواطنين مع الانقطاعات الدورية. وأكد أن المشروع يسير وفق جدول زمني وخطة تمويلية تضمن استدامة التزويد المائي لسنوات طويلة.
مراقبة الشبكات وتقليل الفاقد
وشدد الوزير على استمرار جهود الحكومة في مراقبة الشبكات، والحد من الفاقد المائي الذي يقدَّر بنحو نصف المياه الموزعة نتيجة شبكات قديمة وتسربات واعتداءات، إضافة إلى مواصلة العمل على مشاريع التحلية واستغلال الموارد الجوفية ضمن ضوابط بيئية صارمة.
رسالة للمواطنين
أبو السعود ختم حديثه بتقدير كبير لتعاون المزارعين والمواطنين، معتبراً أن الوعي المجتمعي والتكاتف مع مؤسسات الدولة عنصر أساسي لعبور هذه المرحلة الدقيقة، مؤكداً أنّ الحكومة ملتزمة بتأمين العدالة في التوزيع واستدامة الموارد المائية للأجيال المقبلة.
يأتي هذا الحوار في وقت يترقب فيه الأردنيون خطوات تنفيذ الناقل الوطني، المشروع الذي تراهن عليه المملكة لتجاوز تحدياتها المزمنة في قطاع المياه، وسط توقعات بأن يشكّل نقلة نوعية في إدارة هذا المورد الحيوي.