(أخبار اليوم – تالا الفقيه)
قالت التربوية الدكتورة آية الشوابكة إن المقارنة بين طفولة الأمس وطفولة اليوم تكشف عن تحوّل عميق في نمط الحياة والعلاقات الأسرية، مشيرة إلى أن لحظات ما قبل النوم التي كانت تمتلئ بأصوات الآباء والأمهات وهم يروون القصص القصيرة، أصبحت اليوم تختبئ خلف أضواء الشاشات التي تسلب الأطفال هدوءهم وتشتت تركيزهم.
وبيّنت أن أطفال هذا الجيل فقدوا تدريجيًا قدرتهم على انتظار حكاية ما قبل النوم، وأصبحوا ينتظرون إشعارات الهواتف والأجهزة اللوحية، الأمر الذي جعل كثيرًا من الأهالي يشعرون بأن عالمهم تغيّر فجأة، وأن أبناءهم لم يعودوا قادرين على تكوين هويتهم الذاتية بعيدًا عن المؤثرات الرقمية.
وأضافت الشوابكة أن أخطر ما يواجه الأطفال اليوم هو الانغماس في المقارنات المستمرة مع حياة الآخرين التي تبدو مثالية على الشاشات، مما يولد لديهم القلق والانطواء والشعور بالنقص، مؤكدة أن هذه ليست مجرد ملاحظات أو أرقام، بل واقع نفسي يعيشه أبناء الجيل الجديد.
وأوضحت أن بناء الصحة النفسية للأطفال لا يتحقق بالتحذير فقط، بل بالفهم والوعي، إذ يحتاج الطفل أن يشعر بأنه مرئي ومسموع ومحبوب داخل بيته. وهنا يأتي دور المربي والأهل في إعادة بناء التوازن النفسي، ليس بمنع استخدام التكنولوجيا – وهو أمر شبه مستحيل – بل بتعليم الأطفال كيفية استخدامها بوعي، والتمييز بين الحقيقة والتمثيل، والواقع والصورة الرقمية.
وأكدت أهمية فتح الحوار بين الأهل وأبنائهم ومشاركتهم لحظاتهم اليومية، ليشعروا بالأمان والانتماء، مشددة على ضرورة أن يكون الوالدان قدوة في إدارة الوقت واستخدام الشاشات بشكل متوازن. فالأطفال، كما تقول، يتعلمون من رؤية سلوك أهلهم أكثر مما يتعلمون من النصائح.
وختمت الشوابكة بالقول إن جيل اليوم أسرع في التعامل مع التقنية لكنه أضعف في التعامل مع ذاته، والمسؤولية تقع على الأهل في إعادة بناء الثقة والمشاعر لدى أبنائهم، لأن أعظم هدية يمكن أن يقدموها لهم ليست الأجهزة الحديثة، بل وجودهم الحقيقي وحنانهم القريب.