الدكتور نسيم أبو خضير
منذ اللحظة الأولى لإنطلاق التلفزيون الأردني ، لم يكن مجرد شاشة تبث صورًا أو أخبارًا ، بل كان نافذة وطنية مشرقة تطلّ منها روح الأردن إلى العالم ، وصوتًا صادقًا يحمل نبض الشعب ووجدان الوطن . كانت إنطلاقته في ستينيات القرن الماضي حدثًا وطنيًا عظيمًا ، جمع الأردنيين حول شاشة واحدة ، تفيض بالصدق والإنتماء ، وتنقل هموم المواطن وتطلعاته بلغة قريبة من القلب والوجدان .
لقد شكّل التلفزيون الأردني منذ بدايته مدرسة إعلامية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ؛ خرّج أجيالًا من المذيعين والمعدين والمخرجين الذين حملوا رسالة الإعلام النزيه والمسؤول ، وساهموا في بناء وعي وطني متين ، يقوم على الإنتماء والإعتدال وإحترام الكلمة .
كان التلفزيون الأردني ولا يزال ذاكرة الوطن الحية ، يوثّق الأفراح الوطنية ، وينقل رسالة الإسلام رسالة الحق والإعتدال والوسطية ومحاربة خطاب الكراهية ، ونبذه للعنف والإرهاب ، وينشر رسالة التعايش والسلام ، ويواكب خطوات البناء والتنمية ، ويرافق الأردنيين في أفراحهم وأتراحهم ، في بيوتهم وأعيادهم ، في مدارسهم ومعسكراتهم ، ليبقى عنوانًا للوفاء والصدق .
لقد أثر التلفزيون الأردني في المشاهدين بأسلوبه الهادئ الرصين ، الذي يجمع بين المعلومة الهادفة والمضمون الأخلاقي الرفيع ، فكان منبرًا للتنوير والتثقيف ، بعيدًا عن الإثارة الزائفة والضجيج الإعلامي ، قريبًا من نبض الأسرة الأردنية التي وجدت فيه الأمان والإحترام والمصداقية .
ومع إشراقة الشهر القادم ، يترقب الأردنيون عودة بريق شاشتنا الأردنية بفخرٍ وإهتمام الإنطلاقة الجديدة للتلفزيون الأردني ، ذلك الصرح الإعلامي الذي واكب مسيرة الوطن منذ عقود ، وكان ولا يزال شاهدًا على نهضته ، وراويًا لأمجاده ، وناقلًا لصوت المواطن وهمومه وآماله .
إنها إنطلاقة تحمل في طيّاتها روح التجديد والإبداع ، وتجسّد مرحلة جديدة من العطاء الإعلامي الوطني القائم على التطوير في الشكل والمضمون ، مواكبةً لروح العصر ، ولتكون قادرة على منافسة الفضائيات الإقليمية والدولية ، مع الحفاظ على الثوابت والقيم التي تأسس عليها الإعلام الأردني : الصدق ، والموضوعية ، والإنتماء للوطن والقيادة الهاشمية .
لقد جاء هذا التطوير إستجابةً لنبض الشارع الأردني ، وإيمانًا بأن الإعلام لا بد أن يتطور كما يتطور الوطن ، فالمشاهد اليوم يبحث عن المعلومة الدقيقة ، والمذيع الكفاءة ، والرؤية العميقة ، والصورة الجذابة التي تعبّر عن واقعه وآماله .
ومن هنا فإن الانطلاقة الجديدة للتلفزيون الأردني تمثل نقلة نوعية نحو إعلام حديث ، مؤثر ، وفاعل ، يجمع بين المصداقية والمهنية ، ويعتمد التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج والبث والتواصل مع الجمهور .
نأمل أن يجد المشاهد الأردني نفسه أمام شاشة وطنية بثوب جديد ، تواكب الحدث المحلي والعربي والعالمي بموضوعية وعمق ، وتحتفي بالنجاح والإنجاز الأردني ، وتفتح نوافذها للشباب والكفاءات والمبدعين ، ليكون التلفزيون الأردني منبرًا للجميع ، وبيتًا لكل أردني يعتز بوطنه وهويته .
ما أحوجنا اليوم إلى إعلام وطني رصين يبعث الأمل ، ويعمّق الإنتماء ، ويُعيد الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة ، ويعكس الصورة المشرقة للأردن في محيطه والعالم .
وفي هذه الإنطلاقة المباركة ، نتوجّه إلى الله تعالى بالدعاء أن يوفق القائمين على التلفزيون الأردني في مسيرتهم الجديدة ، ويسدد خطاهم، ويبارك في جهودهم ، وأن يجعل عملهم خالصًا لوجهك الكريم ، نافعًا للوطن والمواطن . اللهم إجعل هذه الإنطلاقة فاتحة خيرٍ ونجاح ، وبداية عهدٍ إعلاميٍّ متجددٍّ يرفع اسم الأردن عاليًا في كل المحافل .
حفظ الله الأردن وقيادته الهاشمية ، ودام إعلامه الوطني منارةً للوعي والحق والبناء .