إلى أين يقود مشروع القرار الأمريكيِّ مستقبل غزَّة؟ محلِّلون وسياسيُّون يجيبون

mainThumb
إلى أين يقود مشروع القرار الأمريكيِّ مستقبل غزَّة؟ محلِّلون وسياسيُّون يجيبون

17-11-2025 06:47 PM

printIcon

أخبار اليوم - يستعد مجلس الأمن الدولي للتصويت، اليوم الاثنين، على مشروع قرار أميركي يدعم خطة الرئيس دونالد ترامب للسلام في غزة، وخاصة ما يتعلق بنشر قوة دولية في القطاع، في ظل تحذيرات أميركية من أن فشل اعتماد النص قد يفتح الباب أمام تجدد القتال.

ويأتي هذا التصويت بعد سلسلة من المراجعات التي خضع لها النص خلال مفاوضات مكثفة داخل المجلس، إذ يؤيد المشروع الخطة التي أوقفت إطلاق النار بين (إسرائيل) وحركة حماس في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ومن المقرر أن يجري التصويت عند الساعة الخامسة مساء بتوقيت نيويورك، العاشرة ليلاً بتوقيت غرينتش.

بدورها، حذّرت الفصائل والقوى الفلسطينية في مذكرة سياسية مشتركة من خطورة المشروع، واعتبرته محاولة واضحة لفرض وصاية دولية على القطاع، وفتح الباب أمام رؤية أميركية منحازة بالكامل للاحتلال الإسرائيلي.

ودعت فصائل المقاومة في قطاع غزة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، حكومةً وشعبًا، إلى مواصلة مواقفها المبدئية والثابتة الداعمة لفلسطين، وإلى التصدي الحازم للمساعي الجارية داخل الأمم المتحدة لتمرير مشروع القرار الأميركي الخاص بنشر قوات دولية في قطاع غزة.

وأكد البيان، أن التحرك الأميركي داخل مجلس الأمن، وإن اتخذ عناوين مختلفة، يهدف عمليًا إلى شرعنة الوصاية الأجنبية على غزة ومستقبل القضية الفلسطينية، وإعادة صياغة واقع سياسي وأمني يخدم مصالح الاحتلال ويطيل أمد معاناة الشعب الفلسطيني.

بقاء دور أمني فعلي للاحتلال داخل غزة

وفي قراءة الكاتب الصحفي وسام عفيفة، فإن مشروع القرار المعدّل يقدم إطارًا سياسيًا شديد الحساسية، رغم حصوله على دعم ثماني دول عربية وإسلامية.

ويوضح عفيفة، في تعليقه عبر منصته على "تليغرام"، أن التعديلات المتعلقة بتثبيت وقف إطلاق النار، والإشارة إلى مسار الدولة، وتخفيف القيود على الإغاثة، لم تغيّر في جوهر المشروع القائم على إنشاء إدارة دولية انتقالية واسعة الصلاحيات، ونشر قوة أمنية دولية تتولى إدارة الأمن ونزع سلاح غزة، إلى جانب انسحاب إسرائيلي مشروط بالاستقرار وبقاء دور أمني فعلي للاحتلال داخل القطاع.

ويرى عفيفة أن وقف إطلاق النار ضرورة إنسانية ملحّة، لكنه يشدد في الوقت ذاته على أن المشروع الأميركي يحمل مخاطر حقيقية تتمثل في تدويل القطاع لسنوات، وتجريد الفلسطينيين من أدوات القوة، وإعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة بشروط خارجية، إلى جانب وعود مؤجلة بإقامة الدولة الفلسطينية من دون أي ضمانات سيادية أو جدول زمني واضح.

كما يؤكد أن الدعم العربي للمشروع يرتّب مسؤولية سياسية وأخلاقية على الدول الموقّعة لمنع أي مسار من شأنه الانتقاص من الحقوق الفلسطينية، وضرورة ربط أي دور دولي بصون حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وليس بترتيبات أمنية طويلة الأمد.

ويشير إلى أن الجزائر، بصفتها الممثل العربي في مجلس الأمن، مطالبة بنقل الموقف الفلسطيني بوضوح ومنع القطاع من الانزلاق نحو ترتيبات دولية تختزل مستقبله في الأمن ونزع السلاح، بينما يُرحَّل ملف الدولة إلى ما بعد عام 2027.

وصاية أجنبية على الشعب الفلسطيني

أما الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، فيصف المشروع الأميركي بأنه وصاية أجنبية مفروضة على الشعب الفلسطيني بأكمله، وليس على قطاع غزة فقط.

ويشدد البرغوثي، في تصريحات تابعتها "فلسطين أون لاين"، على أن القوة الدولية، في حال وجودها، يجب أن تقتصر مهمتها على حفظ السلام والعمل على إخراج قوات الاحتلال، وأن يتضمن أي قرار جدولًا زمنيًا واضحًا للانسحاب الإسرائيلي الكامل.

ويرى البرغوثي أن مشروع القرار بصيغته الحالية يسمح ببقاء الاحتلال داخل غزة، مما يعني استمرار الوضع الراهن وتهديد السيادة الفلسطينية.

كما يدعو إلى تشكيل حكومة وطنية وفاقية قادرة على إفشال أي تدخلات خارجية، مؤكدًا أن الفلسطينيين ليسوا ضد قرار يصدر عن مجلس الأمن، بشرط أن تكون إدارة غزة فلسطينية وأن يكون دور القوة الدولية مقتصرًا على حفظ الأمن دون فصل غزة عن الضفة الغربية.

ويضيف البرغوثي أن الولايات المتحدة لم تخفِ انحيازها الكامل للاحتلال، وأن حكومة الاحتلال تعمل بوضوح على منع قيام الدولة الفلسطينية وفرض سيطرتها على الأرض.

ويطالب بتحريك أوسع للتضامن الدولي والمقاطعة دعماً لحقوق الشعب الفلسطيني، محذرًا من استمرار الاحتلال في خرق الاتفاقات ومنع دخول المواد الأساسية وفتح المعابر.

ويشير إلى الحاجة الملحّة لإسناد عاجل يشمل إعادة الإعمار وتأمين المساكن والعلاج ونقل الحالات الطبية للخارج، مع تأكيده على ضرورة حماية سكان غزة من محاولات الاحتيال التي تستهدفهم.

مجلس "السلام" يُعيد إنتاج الانتداب

وفي الولايات المتحدة، يرى رهيف لافي عوض الله، رئيس شبكة اتحاد الجاليات الفلسطينية، أن المشروع الأميركي المعروف باسم "مجلس السلام" لإدارة غزة يشكل خطرًا بالغًا على مستقبل القضية الفلسطينية والمنطقة ككل.

ويعتبر أن هذا المشروع يعيد إنتاج مفهوم الانتداب القديم ويمنح الاحتلال شرعية جديدة تحت غطاء دولي، وهو ما عانت منه شعوب المنطقة لعقود طويلة.

ويؤكد أن المشروع يخطف القرار الوطني الفلسطيني، ويتناقض مع القانون الدولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها، ويظهر الفلسطينيين أمام العالم كشعب فاقد للأهلية السياسية.

ويرى أن وجود قوة دولية تنفيذية في ظل بقاء الاحتلال سيحوّلها عمليًا إلى ذراع إضافية للآلة العسكرية الإسرائيلية بدلًا من كونها قوة لحماية المدنيين.

ويؤكد عوض الله أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق عبر شرعنة أدوات جديدة للاحتلال، بل يتحقق فقط عبر إنهاء الاحتلال ذاته وإزالة أسبابه الجذرية.

ويدعو الجاليات الفلسطينية والأحرار حول العالم إلى رفض المشروع والتحرك لمواجهته، مع التشديد على أن الشعب الفلسطيني هو صاحب الحق الوحيد في إدارة أرضه ومستقبله دون وصاية أو انتداب تحت أي مسمى.

أما الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، فيحذر من أن المشروع الأميركي المطروح في مجلس الأمن يمثل عودة صريحة إلى زمن الوصاية الاستعمارية في القرن التاسع عشر، مؤكدًا رفضه التام لوضع الشعب الفلسطيني تحت أي سلطة خارجية.

دعوة الجاليات لمواجهة المشروع الأمريكي

ويشير إلى أن الدول التي تدّعي الدفاع عن الديمقراطية لا يمكنها المطالبة بفرض وصاية على الشعوب، مستشهدًا بما شهدته العراق من معاناة طويلة عقب التدخلات الأجنبية.

ويؤكد أن الاستعمار يخدم دائمًا مصالح المستعمِر ولا يعبّر عن مصالح الشعوب التي يتم التحكم بها، وأنه لا يحق لأي طرف تحديد من يحكم الفلسطينيين أو كيف يُحكمون.

ويرى المرزوقي أن دور المجتمع الدولي يجب أن يكون مساندًا للشعب الفلسطيني في حكم نفسه ودعم حقه في تقرير المصير، وليس وضعه تحت سلطة خارجية جديد.

ويدعو الجزائر إلى مواجهة المشروع وتفكيك ألغامه وتبني موقف تاريخي داعم لطموحات الشعب الفلسطيني.

ويحذر من أن أي قوة أمنية تُفرض على الفلسطينيين ستكون هدفًا للمقاومة ولن تحظى بشرعية، وقد تتحول إلى أداة لتنفيذ الأجندة الإسرائيلية.

ويشير إلى أن الدول العربية والإسلامية ستواجه اختبارًا حقيقيًا يتعلق بمدى نزاهتها وحيادها، وأن بعض الدول ذات الأدوار السلبية قد تجد نفسها في مواجهة هذا الامتحان.

ويؤكد أن إسناد الأمن لقوى خارجية من دون تفويض شعبي سيدمر أي مسار سياسي ويعرقل الوصول إلى تسوية عادلة، وأن الشعب الفلسطيني هو صاحب القرار الوحيد في تحديد مصيره، وأن الحل الحقيقي يكمن في تمكينه سياسيًا وإداريًا بعيدًا عن الوصايات الخارجية.