أخبار اليوم- بعد صعود صاروخي دفع سهم شركة البرمجيات العملاقة «أوراكل» إلى أعلى مستوياته التاريخية في سبتمبر (أيلول) الماضي، عادت الشركة لتصبح «الوجه المعبر» عن المخاوف المتزايدة من تشكّل فقاعة مالية في قطاع الذكاء الاصطناعي. فقد هوى سعر سهم الشركة بأكثر من 40 في المائة خلال شهرين فقط من ذروته، متجاوزاً بذلك تراجعات شركات تكنولوجية أخرى مرتبطة بالقطاع، كـ«ميتا» و «إيه إم دي».
هذا التراجع السريع كبَّد رئيسها التنفيذي والمؤسس المشارك، لاري إليسون، خسارة بلغت 130 مليار دولار من ثروته الصافية، دافعاً به إلى المركز الثالث عالمياً في مؤشر «بلومبرغ» للمليارديرات، ليحل محله لاري بيج المؤسس المشارك لـ«ألفابت».
ثمن الطموح
جاء التراجع الحاد بعد فترة من الارتفاع الجنوني صيف عام 2025، حيث ارتفع السهم بحدة مدفوعاً بحماس المستثمرين تجاه تحول الشركة إلى لاعب رئيسي في مجال الذكاء الاصطناعي. وفي أوائل سبتمبر، قفز السهم بنسبة 36 في المائة في يوم واحد بعد إعلان «أوراكل» عن نتائج فصلية فاقت توقعات «وول ستريت» بكثير، وهو ما جعل إليسون أغنى شخص في العالم لفترة وجيزة.
لكن الموازنة بين حجم إنفاق الشركة وطموحها في الذكاء الاصطناعي أثارت قلق المستثمرين. فـ«أوراكل» تنخرط في بناء بنية تحتية ضخمة للذكاء الاصطناعي، ويشمل ذلك مشروع «ستارغيت» البالغة قيمته 500 مليار دولار بالتعاون مع «أوبن إيه آي» و«سوفت بنك» اليابانية.
ولتمويل هذا التوسع، أثقلت الشركة كاهلها بالديون؛ إذ أعلنت الشهر الماضي عن زيادة جديدة في ديونها بلغت 18 مليار دولار، مما دفع إجمالي ديونها إلى تجاوز 100 مليار دولار. كما تستعد الشركة لإصدار سندات بقيمة 38 مليار دولار إضافية لتمويل بناء مراكز البيانات، مما يغذي مخاوف السوق بشأن قدرتها على خدمة الديون في ظل هذا الإنفاق الهائل.
المخاطر الخفية
يتفاقم قلق المستثمرين بسبب طبيعة العلاقات المعقدة والصفقات «الدائرية» التي تربط «أوراكل» بغيرها من شركات الذكاء الاصطناعي وصناع الرقائق. وكشف تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» أن جزءاً كبيراً من إيرادات «أوراكل» المتراكمة التي أعلنت عنها في سبتمبر جاء من صفقة ضخمة مع شركة «أوبن إيه آي».
هذا النوع من العلاقات يثير الدهشة في «وول ستريت»، حيث يرى البعض أنها تشير إلى مزيد من التعاملات الذاتية بدلاً من أن تكون دليلاً على طلب عضوي حقيقي في السوق. وحذّر محللون في «غولدمان ساكس» من أن «حلقات التغذية الراجعة» (Feedback loops) التي تنشأ بين العلاقات المالية وعلاقات الأسهم بين الشركات العامة الكبرى وشركات الذكاء الاصطناعي الأصغر تزيد من الخطر، مما يعني أن أي ضغط أو أزمة في جزء واحد من منظومة الذكاء الاصطناعي يمكن أن يطال المستثمرين في القطاع بأكمله.
وقد بدأ المتداولون فعلاً في تكديس عقود مبادلة مخاطر الائتمان على ديون «أوراكل» للتحوط ضد أي تخلف محتمل، أو للمراهنة بشكل مباشر ضد تجارة الذكاء الاصطناعي.
في المحصلة، في الوقت الذي تشهد فيه نفقات شركات الحوسبة السحابية الكبرى لإنشاء البنية التحتية للذكاء الاصطناعي ارتفاعاً مستمراً، حيث بلغت 533 مليار دولار، تشير حالة «أوراكل» إلى أن المراهنة الكبيرة على هذه التقنية قد تكون «سيفاً ذا حدين»؛ فالمخاطر المالية باتت توازي الفرص الهائلة.