العراق: أزمة «الرئاسات الثلاث» تُعرقل خطط الإسراع في تشكيل الحكومة

mainThumb
العراق: أزمة «الرئاسات الثلاث» تُعرقل خطط الإسراع في تشكيل الحكومة

23-11-2025 04:09 PM

printIcon

أخبار اليوم - لم يعد منصب رئيس الوزراء، المخصص للمكون الشيعي (الأكبر)، هو العقدة الأكبر في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، بدءاً من مفهوم «الكتلة الأكبر» الذي جرى التلاعب به من قبل المحكمة الاتحادية خلال انتخابات 2010.

ففي الوقت الذي تتضارب فيه تصريحات قياديي «الإطار التنسيقي» الشيعي بشأن مرشحه لمنصب رئيس الوزراء، يبقى الخلاف الكردي-الكردي قائماً حول منصب رئيس الجمهورية، وهو منصب يشهد أيضاً نزاعاً بين العرب السنّة والكرد.

سنياً، فإن الخلاف السني-السني لا يزال قائماً، في ظل محاولات جارية بين تشكيل إطار سني على غرار «الإطار التنسيقي» الشيعي، أو المُضي نحو تشكيل أغلبية سنية داخل المكون السني نفسه تُشبه الكتلة الشيعية الأكبر داخل قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي لحسم منصب رئاسة البرلمان بين حزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، الرئيس السابق للبرلمان، وعدد من الأحزاب السنية التي حلّت في المرتبة الثانية بعد حزب «تقدم» الذي جاء في المرتبة الأولى بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي جرت في الحادي عشر من هذا الشهر، والتي لا تزال تواجه أكثر من 800 طعن أمام مفوضية الانتخابات، ويُخشى من إمكانية إعادة نتائج الانتخابات في حال صحت بعض الطعون لجهة حصول عمليات تزوير واسعة النطاق.

أربيل تقول «لعم»
في الليلة التي توجه فيها رئيس الوزراء الأسبق وزعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي إلى أربيل ارتكب حزب «الدعوة» الذي يتزعمه خطأ وصفه قادته بأنه «خطأ تكتيكي»، تمثّل في إعلان شورى الحزب ترشيح المالكي لمنصب رئيس الوزراء.

وطبقاً للمراقبين السياسيين، فإن إعلان ترشيح المالكي مسبقاً لمنصب رئيس الوزراء، في وقت يتطلّب إقناع الزعيم الكردي مسعود بارزاني بحسم تشكيل الحكومة، تحوّل إلى «خطأ كبير». فقد ارتكبه مجلس شورى الحزب لأنه أظهر للقيادة الكردية كأن المطلوب منها فقط تأييد هذا الترشيح مسبقاً، في وقت لم يُحسم فيه الاتفاق على باقي المناصب السيادية، وهما رئاستا الجمهورية والبرلمان.

وعلى الرغم من قيام حزب «الدعوة» بحذف منشوره المتعلّق بالترشيح المسبق لنوري المالكي لرئاسة الحكومة المقبلة، الذي بدا كأنه رسالة إلى الكرد بضرورة الموافقة دون شروط، فإن إعادة نشر البيان الخاص بترشيح المالكي بعد انتهاء مباحثاته مع القيادة الكردية فسّرها المراقبون السياسيون على أنها مؤشر إلى أن تلك المباحثات لم تكن ناجحة بالقدر الذي كان يتمناه المالكي شخصياً، والذي فوّضه «الإطار التنسيقي» لبحث الأمر مع بارزاني. كما لم تكن بالقدر الذي كانت تأمله قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي، التي أرادت الحصول على موقف كردي داعم للمرشح الذي يختاره الشيعة لرئاسة الوزراء. كما كان الموقف الكردي واضحاً بأن المسألة لا تتعلق بمنصب رئيس الوزراء وحده، بل تشمل أيضاً منصب رئيس الجمهورية، المختلف عليه داخل البيت الكردي، ومنصب رئيس البرلمان، الذي يشهد نزاعاً مزدوجاً؛ مرة بين العرب السنّة والكرد، ومرة داخل البيت السنّي نفسه. وهذا يعني أن أربيل لم تقدّم للمالكي «الهدية الثمينة» التي كان يتطلع إليها، بل إنها لا تزال تصرّ على بحث الملفات العالقة بين أربيل وبغداد، ومنها القوانين المؤجّلة وقضايا الرواتب والشراكة.

وفي هذا السياق، يقول الدكتور صلاح العرباوي السياسي العراقي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الساحة السياسية العراقية تشهد حراكاً قوياً بعد كل انتخابات عامة، زعامات تذهب وأخرى تجيء، البورصة السياسية والمالية للمواقع السيادية تقفز إلى أعلى مستوياتها، مزاد النواب والانتقالات (من وإلى) بين الكتل السياسية ينشط بشكل كبير، قاآني وسافايا يدخلان على الخط أيضاً».

ويضيف العرباوي أن «الديمقراطية في الدولة توافقية؛ ولذلك فالكل يحتاج إلى الكل، تُنسج التحالفات على أساس المصالح الحزبية بالدرجة الأولى، وتتم عملية التوزيع الاسترضائي للسلطة بين الأحزاب الفائزة».

ويرى أنه «من الناحية الواقعية لا توجد لدينا أزمة شخصيات أو حتى أزمة برامج حكومية ومناهج وزارية، الأزمة الحقيقية تكمن في الاشتراطات التي تضعها القوى الحاكمة لشغل المواقع الأولى في الدولة، فهم لا يريدون رؤساء أقوياء، إنما يبحثون عن شخصيات ضعيفة يمكن التحكّم بها».

واختتم العرباوي تصريحه بالقول «إنهم لا يبحثون عن شخصيات بحجم الوطن إنما يختارون شخصيات بحجم الحزب. الولاء الحزبي مقدّم على الكفاءة».

من جهته، قال الدكتور غالب الدعمي، أستاذ الإعلام، لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة داخل الكتل السياسية هي أزمة برامج وأزمة اختيار رئيس وزراء ورئيس جمهورية، لكن من الواضح أن المشكلات الخاصة باختيار رئيس الجمهورية داخل كردستان ربما هي أقوى من المشكلات الخاصة باختيار رئيس الوزراء شيعياً».

ويضيف الدعمي أن «الصراع على تشكيل حكومة كردستان يمكن أن ينسحب على اختيار رئيس الجمهورية المختلف عليه بين الحزبين، علما بأن انتخاب رئيس الجمهورية يحتاج إلى ثلثي أعضاء البرلمان وليس النصف زائد واحد، مثلما هو انتخاب رئيس الوزراء؛ ولذلك نحن حيال أزمة رئاسات، لا رئاسة واحدة هذه المرة».