سقوف سعرية

mainThumb

02-10-2023 12:38 AM

printIcon

لفت انتباهي في حديث وزير الطاقة والثروة المعدنية صالح الخرابشة ما ذكره بان وضع سقوف سعرية للمحروقات عملية لا تزال قيد الدراسة وقد ظننت انها في مراحلها الاخيرة.

اما وقد جاء ذكر الموضوع على لسان الوزير وقد كان تحدث عنه على مر الحكومات التي شغل فيها ذات المنصب غير مرة، فاجدني مضطرا لطرق ذات الباب وقد كنت تناولته اكثر من مرة.


كان وزير التخطيط ذات حكومة الدكتور جعفر حسان، وله عندنا كل تقدير وما زاده هو كتابه الاقتصاد السياسيّ الأردني الذي سرد فيه تجربته ولم يغفل وضع تقييم للمراحل التي مر بها الاقتصاد الاردني وقد دعانا انذاك الى اجتماع غرضه منه الاستماع الى اراء حول الية تسعير المحروقات وقد كانت هذه الالية ولا تزال مصدر صداع للحكومات المتعاقبة، وطرحنا حينها ان على الحكومة ان تنسحب كليا من التسعير لتتركه لالية السوق على ان تضع سقوفا سعرية لا يتم تجاوزها وتكتفي بالضرائب وهي اكثر من كافية، وقد تحمس الدكتور حسان لهذا الطرح، لكن الايام التي وضعت الفكرة قيد الدراسة لا تزال تمارس ترحيلها.

المهم ان توافقا لم يتم بعد حول ما هي الالية التي ستعتمد لوضع سقوف سعرية للمحروقات وما اذا كان التسعير سيترك للموزعين بينما تكتفي الحكومة بالضرائب.

الثقل الذي تتحمله اسعار المحروقات هو النسب المرتفعة للضرائب المفروضة عليها لكن ايضا تحديد الاسعار هو ما يحرم الشركات من المنافسة. لم تغلق هيئة الطاقة الباب امام شركات جديدة للتوزيع غير الشركات العاملة في السوق وعددها ثلاث وصحيح ان المنافسة هي من سيحدد في نهاية المطاف عدد الشركات التي ستبقى في السوق لكن الصحيح ايضا ان التنظيم يقتضي عدم اغراق السوق بشركات المنافسة فيما بينها في مجال الاسعار ناقصة.

وضع سقوف سعرية تتنافس شركات التسويق دونها هو آخر حلقة وأهمها في حلقات تحرير سوق المحروقات وإنسحاب الحكومة التي ستكتفي بعوائد الضرائب وغيرها من الرسوم، لكنها ستبقى الضامن لتوفير مخزون إستراتيجي.

دخول لاعبين جدد الى جانب شركات التسويق الثلاث لا شك سيشعل المنافسة التي قتلها الإتفاق غير المعلن بين شركات التسويق, لكن هل السوق الأردنية قادرة على استيعاب هذه المنافسة، وهل سيكون الاثر ايجابيا ولمصلحة المستهلك؟. ما لم ينعكس هذا كله على الاسعار وعلى الخدمات فلا فائدة لا من فتح السوق ولا من ترخيص شركات جديدة.

بالعين المجردة نرى ان شركات التسويق القائمة قد اغرقت السوق بمحطات التوزيع «الكازيات» فاصبح هناك كازية واكثر في كل حي وشارع لكنها لا تتنافس الا بخدمات القهوة التي تقدم في داخلها لان الاسعار لا تستجيب صعودا وهبوطا بين شركة وأخرى وكازية وأخرى في ذات الشارع والمدينة والحي مثلها مثل المولات هي «بروكر» ومن باب تلطيف عملها حملت اسم توزيع وتسويق المحروقات, توسعت كثيرا في الأردن بشكل لافت.

فأين القيمة المضافة في أعمال وسيط تجاري يتوسع بتمويل من البنوك, ما لم يتحول الى مستورد كامل، القيمة المضافة المنتظرة هي التي تخلقها المنافسة أسعارا وخدمة.

التشكيك في الآليات المتبعة لن ينتهي الا بترك السوق حرة حتى وضع سقوف سعرية لم تكن يوما سياسة صحيحة وعوضا عن ذلك يجب مراقبة الاسعار ومقارنتها بالتكاليف وهوامش الربح عند تحرير السوق، كل ما سبق لا يحتاج فقط الى تحرير الية التسعير ولا بوضع سقف سعري، بل الى بيئة تنافسية تمنع نشوء توافق بين اللاعبين حتى لو كانوا بالعشرات..

لا مصلحة للاقتصاد في بقاء الوضع الراهن، وعلى الحكومة ان تتخذ القرار الجريء بتحرير سوق المحروقات فورا كمقدمة لتحرير سوق الطاقة عموما.

qadmaniisam@yahoo.com