لا أسوأ من «بيبى» إلا «بينى»!

mainThumb

24-02-2024 10:24 AM

printIcon

عبدالله عبدالسلام

أحد أهم الأسئلة المثارة فى إسرائيل حاليًا: متى ينفصل بنيامين (بينى) جانتس عن بنيامين (بيبى) نتنياهو حتى تنهار حكومة الطوارئ وتُجرى انتخابات برلمانية يسقط فيها زعيم الليكود ويشكل زعيم حزب الوحدة الوطنية، وزير الدفاع السابق، الحكومة؟. العلمانيون واليسار والمعتدلون الإسرائيليون يراودهم الحلم. إدارة بايدن تتمناه أيضًا. هيئة البث الإسرائيلية ذكرت أن مسؤولين عربًا يجرون محادثات مع جانتس معتقدين أنه السياسى الذى يمكنه الحد من التجاوزات الخطيرة لليمين المتطرف.

منذ دخوله حلبة السياسة يوليو 2018، لم يُظهر أى علامات تمايز أو اختلاف عن نمط السياسيين الذين ليست لديهم رؤية أو توجه سوى معارضة نتنياهو، الذى فرض بصماته على السياسة الإسرائيلية على مدى عقدين.

القاعدة السياسية اليوم فى إسرائيل هى: هل أنت على يمين نتنياهو أم يساره؟. جانتس ليبرالى فى القضايا الاجتماعية، لكنه من غلاة صقور اليمين إذا تعلق الأمر بالفلسطينيين ولبنان وإيران. «هاآرتس» تصورته ذات مرة يقول للناخبين: «صوتوا لى. أنا أسوأ من نتنياهو، لكننى نظيف». سجله خالٍ من الرشاوى وخيانة الأمانة والاحتيال بعكس خصمه. ربما لأنه لم يصبح رئيسًا للوزراء بعد.

لكنه بكل تأكيد يلعب فى ساحة نتنياهو وطبقًا لتوقيته. تصريحاته ومواقفه انعكاس لرغبته فى المزايدة على

«بيبى». قبل أيام، قال: «لا وقف لإطلاق نار يومًا واحدًا حتى إعادة الرهائن. القتال مستمر واقتحام رفح ممكن فى رمضان إلى أن تتحقق أهدافنا». يرفض الدولة الفلسطينية من الأساس بغض النظر عن طبيعتها وهشاشتها. مواقفه بشأن لبنان أشد تطرفًا. وجد أن تشدد نتنياهو يُكسبه شعبية تتحول إلى مقاعد أكثر بالكنيست، فليسلك إذن نفس الطريق.

يعتقد الصحفى الإسرائيلى، أورى مسجاف، أن جانتس: «معجب دون وعى بنتنياهو. يجلس عند قدميه ويؤمن بقدرته على القيام بالمهمة، وإلا فكيف نفسر كمية البصاق والطين والمواد اللزجة التى وضعها على وجهه خلال السنوات الأخيرة باسم مصلحة البلاد عندما لحس وعوده بعدم الانضمام إلى حكومة يترأسها نتنياهو ثم شارك مرتين؟».

مع تفشى «كورونا» سارع بدخول الحكومة، وعاد بعد هجمات حماس والعدوان على غزة لينضم إلى حكومة الطوارئ. ورغم إنقاذه لبيبى فى الحالتين، فإن «الألعبان والنرجسى» خدعه، ولم ينفذ أيًّا من شروطه للانضمام.

السبب الأهم فى تصعيد نتنياهو لتشدده أنه أدرك أن المزاج العام للإسرائيليين هو التطرف. وقد بدأ يحصد تدريجيًّا ثمار ذلك. استطلاعات رأى أشارت إلى استعادته شعبيته ببطء، فى وقت يفقد فيه جانتس زخمه. حاليًا، يلعب جانتس دور المراقب المتذمر الذى يعبر عن سخطه وتحفظاته، لكن لا شىء أكثر من ذلك، وهذا يُريح نتنياهو.

يمكن لجانتس انتقاده كما يشاء. القرار فى النهاية عنده، وهو موقن بأنه لن ينسحب مبررًا ذلك بأن الوطن يطلب منه البقاء. «لابد أن نتنياهو يسخر منه كل ليلة قبل الذهاب للنوم». يقول كاتب إسرائيلى.

بدأ جانتس مسيرته السياسية راسمًا صورة الجندى الذى تحول إلى سياسى حاملًا مبادئ الإخلاص والاستقامة ونظافة اليد، لكنه بدا ساذجًا يتعرض للخداع دون أن يتعلم شيئًا. فى الحرب عدوك واضح. فى حلبة السياسة، خصومك يتظاهرون بصداقتك حتى تتعاون معهم، ثم يطعنونك والابتسامة لا تفارقهم. جانتس أغضب حلفاءه بانضمامه إلى نتنياهو الذى جعله أضحوكة.

ليس أمامه إذن سوى اختراع صورة جديدة لنفسه يبدو فيها رجل الأمن، الذى لديه المؤهلات اللازمة كونه رئيسًا سابقًا للأركان. الصورة تبدو استنساخًا سيئًا لنتنياهو، لكن على أرضية أخلاقية يفتقدها زعيم الليكود.

هل الرهان على جانتس سياسة حكيمة ومجدية؟. إنه يريد أن يكسب الجميع، يهودًا وعربًا وعجمًا. هو يدرك أيضًا أن هجمات غزة غيرت طبيعة السياسة الإسرائيلية لعقود قادمة. ولأنه يركض منذ سنوات نحو رئاسة الحكومة، فإن التشدد سلاحه الأهم.. لا دولة للفلسطينيين، لا اعتراف بحقوقهم، لا خضوع للضغوط الدولية. يقول ذلك بنبرة هادئة، لكن مضمونها كأفعال نتنياهو أو أشد قسوة.

* نقلا عن " المصري اليوم "