مختصون: في المجتمع الأردني يوجِّه الرجل صوت المرأة للمرشح الذي يريد

mainThumb

04-05-2024 01:35 PM

printIcon


مختصون: منظومة التحديث السياسي الحاليّة تدعم وصول المرأة وتمكينها سياسيًا.
مختصون: إحجام المرأة عن انتخاب المرأة يعود إلى الموروث الاجتماعي في المجتمع الأردني المحافظ
مختصون: تشابه كبير بين أداء المرأة والرجل في البرلمان الحالي ومجالس النواب السابقة

أخبار اليوم - سمير الصمادي - ما يزال النقاش مستمرًا في الأحزاب والصالونات والنخب السياسيّة، حول مشاركة المرأة في الحياة السياسيّة الأردنيّة، كجزء من الحديث الدائر عن زيادة التمكين للمرأة وتعزيز مشاركتها السياسيّة؛ يساهم في تحقيق الديمقراطيّة المنشودة، التي لن تتحقق دون المساواة في النوع الاجتماعي، في سبيل الوصول للإصلاح السياسي الشامل ضمن المشروع الوطني النهضوي الكبير، الذي ستنتهجه الدولة الأردنيّة في مئويَّتها الثانية.
اتَّسمت مشاركة المرأة الأردنيّة في العمل السياسي بالضعف والمحدوديّة والعزوف والتراجع، من حيث الترشح والانتخاب والوظائف القياديّة مقارنةً بالرِّجال، وقد يعود ذلك إلى عدَّة أسباب منها: تدني مستوى الثقافة السياسيّة، والنظرة المجتمعيّة السائدة للمرأة، والتشكيك المجتمعي في قدرة المرأة على القيادة، والقناعة بعدم توافق العمل السياسي مع دور المرأة في المجتمع.

هل تدعم منظومة التحديث السياسي وقانون الانتخاب الحالي إيصال المرأة لمجلس النواب؟
الدويري: قانون الانتخاب الجديد خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنَّه لا يدعم المرأة بشكل تام
الدويري: حصر ترشُّح المرأة إمَّا "بالكوتا" أو بالتنافس ثغرة في القانون
بني عامر: منظومة التحديث السياسي الحاليّة تدعم وصول المرأة وتمكينها سياسيًا.
بني عامر: فصل مسار "الكوتا" عن مسار التنافس يعطي فرصة كبيرة للسيدات لبلوغ قبة البرلمان

الكاتبة والناشطة السياسيّة نور الدويري قالت لـ "أخبار اليوم"، إنَّ قانون الانتخاب الجديد والمعمول به حاليًا، خطوة جيدة وفي الاتجاه الصحيح؛ لإيصال المرأة لمجلس النواب وزيادة تمكينها ومشاركتها السياسيّة، لكنَّها لا تستطيع القول إنه جاء داعمًا بشكل تام للمرأة؛ لوجود ثغرة في القانون - تتحفظ عليها - ألا وهي حصر ترشح المرأة إمَّا عن طريق المقاعد المخصصة للنساء (الكوتا) أو من خلال التنافس، وإن لم تظفر المرأة المُترشحة بالمقعد النيابي عن طريق التنافس، فإنَّه لا يمكنها الحصول عليه من خلال مسار (الكوتا)، حتى لو حصلت على عددٍ عالٍ من الأصوات.

وتعتقد الناشطة السياسيّة أنَّه من المبكر اختبار المجتمع لقدرة المرأة على التنافس، إذ أنَّ تغيير الصورة الذهنيّة عن المرأة القياديّة في القطاع السياسي ما يزال يحتاج دعمًا أكبر من الدولة والأحزاب والمجتمع.


"وبصفتي امرأة ناشطة بالعمل السياسي؛ أتمنى أن أرى قيادات نسائيّة برلمانيّة يملأن قبة البرلمان خطابات قياديّة متوازنة، ويقدمن صورة واقعيّة عن المرأة المحافظة والمثقفة وذات الرؤى العمليّة التي تعي المصلحة الوطنيّة"، هكذا تقول الدويري.

من جهته، يرى مدير مركز الحياة "راصد" الدكتور عامر بني عامر، أنَّ منظومة التحديث السياسي المعمول بها في الأردن تدعم وصول المرأة وتمكينها سياسيًا، إذ نصَّ قانون الأحزاب على أن يكون الحد الأدنى من أعضاء الأحزاب من السيدات، كما أنَّ قانون الانتخاب نصَّ على أن تكون هناك سيدة من أول ثلاثة مرشحين في القائمة الوطنيّة، بالإضافة لسيدة أُخرى ضمن المرشحين التالين من القائمة نفسها.

وبيّن بني عامر لـ "أخبار اليوم"، أنَّ وجود مسار مخصص للمقاعد النيابيّة للنساء (الكوتا) وفصله عن مسار التنافس؛ يعطي فرصة كبيرة للسيدات للوصول لقبة البرلمان، لأنَّه في الانتخابات السابقة كان المرشحون من الرِّجال يعزفون عن مشاركة المرأة المرشحة التي تملك حظوظًا وافرة للفوز بالمقعد النيابي؛ لأنَّها ستكون منافِسة قويّة على مقعدهم البرلماني، أمَّا مع فصل مسار (الكوتا) أصبح هناك فرصة كبيرة للتعاون ما بين المرشح والمرشحة القويّة في القوائم المحليّة.

لماذا تحجم المرأة عن انتخاب المرأة؟

الدويري: المجتمع الأردني لا يؤمن بدور المرأة في المشهد السياسي، ويُفضِّل تأطيرها بقطاعات تقليديّة
الدويري: المرأة الأردنيّة قادرة على صناعة القرارات، وتعي مصالح الوطن
بني عامر: المرأة تمنح صوتها للمرأة مثلما تمنحه للرجل، لكنَّها تحتاج إلى مرشحة قويّة فكريًا وبرامجيًا حتى تقنعها
بني عامر: الرجل في المجتمع الأردني يوجِّه صوت المرأة للمرشح الذي يريد

وبيّنت الدويري أنَّ إحجام المرأة عن انتخاب المرأة يعود إلى الموروث الاجتماعي العام في المجتمع الأردني المحافظ، إذ ما يزال المجتمع يمنع وصول المرأة لمجلس النواب أو للمجالس المنتخبة؛ لعدم إيمانه الكامل بدورها في المشهد السياسي تحديدًا، ويفضِّل تأطير المرأة بقطاعات تقليديّة، وهو ما ظهر جليًّا في الانتخابات النيابيّة الأخيرة التي جرت في عام 2020، فقد شهدت الانتخابات تدنياً ملحوظاً في انتخاب النساء المرشحات، وبلغت نسبة المقترِعات من إجمالي المقترعين ٤٦٪ ومع ذلك انخفضت نسبة انتخاب النساء المرشحات إلى حد بعيد، ولم تنجح أي مرشحة في مسار التنافس، وفُزنَ فقط في مسار (الكوتا)، وهذا مؤشر خطير.


ونبَّهت الدويري إلى ضرورة تغيير الصورة الذهنيّة للمرأة عن المرأة أولًا، من خلال تغيير فكرتها ورأيها بقرينتها المرأة الطموحة للعمل في المشهد السياسي، وإيمانها بقدراتها وإمكاناتها في صناعة القرار ورسم السياسات، من خلال العمل في مجلس النواب، ثم ستؤثر بشريكها الرجل أيًّا كان دوره في حياتها.


وأكَّدت أنَّ المرأة الأردنيّة - عمومًا - متعلِّمة ومثقفة، وقادرة على التحليل والتفكير النقدي وحل النزاعات وفهم القانون، وتدرك مصالح الوطن، خصوصًا أنَّها الأقدر على فهم احتياجات المجتمع وتفسير عقليّته الاجتماعيّة، وأنَّ عاطفتها التي تُتَّهم بها كثيرًا؛ لا تقلل من أهميّتها العقليّة بالمطلق - على العكس - تزيدها قوة وقدرة وإيمانًا بنفسها كقائد، كما أنَّ تمكينها من الأدوار القياديّة في الدولة الأردنيّة، وفسح المجال أمامها لتلعب الدور المؤثر في القطاع السياسي - لا سيّما في الأحزاب -؛ سيساهم في تغيير الصورة الذهنيّة للمرأة والمجتمع نحو المرأة.


وأضافت أنَّ الموروث الاجتماعي يؤمن بالمرأة في الأدوار كلها - على ما يبدو - لكنّه يقلل من دورها في القطاع السياسي لعدِّة اعتبارات مهمة منها: أنَّ العمل السياسي من الأعمال التي يمكن وصفها بالخشنة؛ لاحتياجها للعمل العقلي الكبير، لذا يعتقد المجتمع أنَّ عاطفة المرأة تجعلها - ربما - أقل قدرة على اتخاذ قرارات عقليّة، كما يعتقد بعض الرجال أنَّ المرأة المنافسة لهم في العمل السياسي والبرلماني خطر على العادات والتقاليد؛ لاحتماليّة مطالبتها بحريّات خارجة عن المعتقد - وهذا غير صحيح -؛ لأنَّ هناك الكثير من السيدات المتوازنات والقادرات على أن يقدمن دورًا هامًا جدًا في البرلمان مع الحفاظ على التقاليد.


بينما لا يرى بني عامر أنَّ المرأة تحجم عن انتخاب المرأة، ويعتقد أنَّها تمنحها صوتها مثلما تمنحه للرجل، لكنَّها تحتاج إلى مرشحة قويّة فكريًا وبرامجيًا، حتى تجذبها وتقنعها للحصول على صوتها، ولأنَّ المجتمع الأردني مجتمع ذكوري يسيطر فيه الرجل؛ نتيجةً لتراكمات ثقافيّة، فهو يوجه أصوات السيدات للمرشح الذي يريد، كما أنَّ السيّدة العاملة والمستقلِّة ماليًا - غالبًا - ما يكون تصويتها مستقلًا، وتمنح صوتها لمن ترغب في كل حريّة، والعكس صحيح في حالة عدم الاستقلال المالي.

هل يدعم الرجل المرأة للوصول إلى البرلمان؟

الدويري: الرجل الأردني شريكًا وداعمًا للمرأة، وليس منافسًا لها
الدويري: الانتخابات القادمة ستشكِّل مقياسًا لطبيعة دعم المرأة والرجل للمرأة في الحياة السياسيّة


وقالت الدويري إنَّ الرجل الأردني ليس عدوًا للمرأة أو منافسًا لها، فقد ثبت كثيرًا دعمه وشراكته للمرأة في قطاعاتٍ كثيرة كمشرِّع للقانون أو كشريك في العمل أو كجزء من مؤسَّسات الدولة بقطاعيها العام والخاص، وهذا ما سمح للمرأة الأردنيّة أن تتبوّأ العديد من المناصب القياديّة في شتّى القطاعات.
وتعتقد الدويري أنَّ الانتخابات القادمة ستشكِّل مقياسًا لطبيعة دعم المرأة والرجل للمرأة في الحياة البرلمانيّة والسياسيّة، وتأمل أن تحمل التجربة الجديدة ريحًا لدعم المرأة صاحبة الكفاءة؛ لأنَّ المرأة شريك مهم للرجل والدولة، ويجب على الرجل والمجتمع أن يؤمن أكثر بدورها في البرلمان.

هل تميّزت المرأة في الأداء عن النائب الرجل في البرلمان؟

بني عامر: تشابه كبير ولا اختلاف بين أداء المرأة والرجل في البرلمان الحالي ومجالس النواب السابقة
بني عامر: ضرورة تفعيل دور المرأة في العمل السياسي بشكل أكبر لتكون أكثر دراية بالعمل العام

وعن أداء المرأة في البرلمان أفاد بني عامر أنَّه لا يوجد اختلاف بين أداء المرأة والرجل في البرلمان الحالي ومجالس النواب السابقة، وهناك تشابه إلى حدٍ كبير في الأداء، إذ أنَّ بعض السيدات في البرلمان السابق كان لديهن حضور مميّز في العمل التشريعي حتى وإن كان العدد محدودًا، وكُنَّ نموذجًا يحتذى به، وقد تقلد بعضهنَّ مناصب قياديّة في الدولة وفي الأحزاب؛ نتيجةً لنشاطهنَّ.


ويعتقد بني عامر أنَّ هناك ضرورة لتفعيل دور المرأة في العمل السياسي بشكل أكبر لتكون أكثر دراية بالعمل العام؛ حتى تشكِّل حافزًا لغيرها من النساء للمشاركة السياسيّة على صعيد الترشح أو الانتخاب.