بلاغات أمنية واقتطاعات من الكفلاء تلاحق طلبة القروض الجامعية

mainThumb

23-03-2023 07:52 PM

printIcon

فاطمة الزهراء - 

الطلاب: الأموال العامة لا تقبل تقسيط القروض على الطلبة بمبالغ بسيطة
طلبة القروض: للأسف يبدو أن الحالة الوحيدة للإعفاء هي وفاة الطالب
الطلبة: ندفع ضريبة تعليمنا وسنوات من التعليم والقروض في مهب الريح
الطلبة: دراسة الجامعات "باتت حكرًا على الطبقة المخملية في المجتمع"
الطلبة: أهكذا يُعامل أبناء الوطن المثابرون؟

بينما الكثير من دول العالم تمنح طلبتها حق التعليم الجامعي "المجاني" وتدفع للطالب مصروفًا يعينه في مساره التعليمي الذي وإن خفّ حمله لن تخفّ تكاليفه على الأهل، إلا أن البلاد هنا جعلت نور العلم همًّا على الطلبة وغير القادرين على تسديد الرسوم وأقساط الجامعات الحكومية قبل الخاصة، كما أنهك نظام الجامعات المادي كاهل الطالب وأتعب نفسيته.

يقف اليوم جمعٌ واسع من خريجي الجامعات الحكومية المتعطلين عن العمل، والذين تكرّمت عليهم الجامعات بمنح "قروض للطالب" ليستطيعوا إنهاء سنينهم الجامعية، مكتوفي الأيدي أمام مطالبات مالية بمبالغ كبيرة لتسديد هذه القروض، والتي كان شرطًا للمطالبة بها بعد التخرج حصول الطالب على فرصة عمل، ليتم الاقتطاع من راتبه، إلا أن المطالبات المالية والبلاغات الأمنية طالت أولئك الطلبة وأصبحت تقتطع من كفيل الطالب مبالغ كبيرة وصلت إلى 70 دينارًا شهريًا ما أثقل العبء على الطالب وأحرجه من وضعه قبل كفيله.

الخريجة ليلى سمير (اسم مستعار) قالت لـ"أخبار اليوم" أن من حقها التعلم كأي مواطن تحترمه حكومته وتوفر له حق التعليم المجاني، قائلةً "أنا حاليًا بدفع ضريبة تعليمي"، بالصدفة عرفت أنني مطالبة بسداد القروض دون أن أتوظف، موضحةً أنها كانت سعيدة بتخفيفها عن أهلها الأقساط الجامعية لوجود ابنتين في الجامعة إلا أنها قالت "لو بعرف إنه الوضع بهذا الشكل ما درست".
وتابعت ما ذنبي أدرس جامعة ويدفع أهلي بعد تسع سنوات من تخرجي دون عمل هذه المبالغ، يبدو أن دراسة الجامعات "باتت حكرًا على الطبقة المخملية في المجتمع"، مضيفةً أنه ليس منطقيًا أن يتم الاقتطاع من الكفيل الذي "تكفّلني عند أخذ القرض الجامعي"، فقد كان الشرط أن يكون السداد بعد توظف الطالب.

وقالت فرح محمد اضطررت وقت دراستي لأخذ قرض جامعي وكان شرط السداد بعد عمل الطالب وتكون المطالبات بعد خمس سنوات، "الآن أنا خريجة منذ 3 سنوات ولم أعمل ورقمي قي ديوان الخدمة أبعد ما يكون عن التوظيف وأُطالَبُ بالسداد فما الذي تغيّر على وضعي المادي لأستطيع سداد القرض؟"
وأضافت أن كفيلها الذي "وضع سيارته" للكفالة يهاتفها كل فترة للاطمئنان إن توظفت أم لا، "هو خائف على سيارته الآن وهذا حقه" ما يضعها في موقف محرج أغلب الوقت، قائلة: "هو عنده قلق رهيب من الموضوع وأنا لدي قلق أكبر إني ما استطعت العمل والسداد، وهذا أتعب نفسيتي".

من جانبه قال الخريج يزن الهروط أنه عند تسجيله في الأمن العام تفاجأ بوجود مطالبة مالية حيث طلب منه مراجعة الأموال العامة لتسوية وضعه، وطُلب منه كفيل حكومي لكف طلب عنه، مبينًا أنه فرض على أخيه الذي كفله عند اقتراضه سداد 70 دينارًا شهريًا ، قائلًا"وهذا مبلغ كبير بالنسبة لراتب أخي، ما ذنبه ليدفعه؟"
وأضاف أن المالية تقتطع من أخيه 75 دينارًا شهريًا منذ خمسة أشهر، حيث يقوم كل شهر بمراجعتهم للتفاوض في التخفيف من قيمة المبلغ "لكن لا حياة لمن تنادي" على حد قوله.


وأضاف أن راتب أخيه لا يسمح وإلا "لاقتطعوا أكثر من ذلك" وأنه رغم حصوله على كتاب من وزارة التربية بالسماح باقتطاع 74 دينار إلا أنهم حاليًا يقتطعون أكثر من ذلك ولا مجال للتفاوض معهم.
وقال إنه يطالب على الأقل بالاقتطاع منه عند العمل "لا أريد أن يسامحوني ولكن يقتطعو من راتبي عندما أتوظف" لأن هذا الوضع متعب وحال أخيه المتواضع لا يتحمل المزيد من الضغوط المادية، مضيفًا "هذه القضايا تزيد التفكك الأسري وتولد البغضاء بين الناس وهذا ما لا نريده".


وذكرت إحدى الخريجات فضلت عدم ذكر اسمها أنها تواصلت مع العديد من النواب بشأن إعفاءات القروض الجامعية إلالا أنه لا رد مبشرًا بهذا الخصوص، موضحةً أنها من عائلة بسيطة وكافحت لدخول الجامعة والدراسة وكانت كل عام تتقدم لقروض صندوق دعم الطالب وكانت الجامعة تؤكد لها أن "طلبة القروض" لن يطالبوا بالسداد إلى حين توظيفهم.
وتابعت أنها بعد تخرجها عام 2019 بذلت قصارى جهدها للحصول على فرصة عمل دون أي نتيجة، مضيفة أنها مطالبة الآن بما يقارب 8000 آلاف دينار وعليها القيام بتسوية مع دائرة الأموال العامة ودفع ربع المبلغ وتقسيط ما تبقى.
وعبرت قائلة "هل هذا ثمن النجاح والاجتهاد، أهكذا يُعامل أبناء الوطن المثابرون؟"، إن لم نقم بذلك سيتم التعميم على والدي ومنعنا من السفر عدا عن الغرامات التي ستتراكم كلما طالت المدة.


وفي سياق متصل قالت الخريجة روان سالم (اسم مستعار) أنها وأختها ممن عليهم مطابلات مالية بقروض وزارة التعليم العالي دون الحصول على وظيفة، مبينةً أن أختها التي تخرجت عام 2011 تراكمت عليها غرامات كبيرة لتأخر السداد، الأمر الذي اكتشفته العائلة فجأة حين ذهاب والدها بترخيص السيارة حيث أُبلغوا بوجود "حجز تحفظي" على المركبة وقد يتحول في أي لحظة لتنفيذي.
وأضافت أنه لم يتم إبلاغهم بوجود مطالبات أو غرامات وعرفوا ذلك "بمحض الصدفة" قائلة: "الغرامة تزيد شهريًا بمبلغ 8 دنانير، ومن المتوقع ان يكون على الوالد منع سفر"


واشتكت ساجدة الطاهات الخريجة منذ عام 2011 من القرض الجامعي البالغ 2400 دينار، وعدم حصولها على وظيفة لتسديد الأقساط مبينةً أن الوضع المادي سيء جدًا ولا يسمح بدفع هذه المبالغ.


وقدم هؤلاء الطلبة مجموعة من المقترحات والمطالبات:
1) العودة لقرار مجلس الوزراء بعدم مطالبة الطلبة الحاصلين على قروض التعليم العالي إلا بعد حصولهم على وظائف

2) أن يكون الاقتطاع يتناسب مع قيمة الدخل، بحيث تكون القيمة بسيطة، وأن تكون مدة التسديد طويلة وخاصة للطلبة الذين يترتب عليهم مبالغ كبيرة.

3) إلغاء أي غرامات ترتبت على الطلبة لعدم تسديدهم للقروض علماً بأنهم لم يحصلوا على وظائف ليتمكنوا من التسديد.

4) إلغاء أي ملاحقة أمنية وإلغاء منع السفر لمن يخرج بحثا عن العمل على أن يسدد ما عليه عند عودته.

5) عدم مطالبة الكفيل بالتسديد عن الطالب وعدم الحجز على أي ممتلكات، فالتسديد يكون على الطالب فقط بعد حصوله على وظيفة.

6) الإعلان عن فتح باب التبرع من المستثمرين واصحاب الشركات الكبرى لمن يرغب بتسديد جزء من القروض عن الطلبة مرعاة لظروفهم وكنوع من التكافل الاجتماعي.


الكثير من الطلبة عبّروا عن الحال الذي يضيّق عليهم الخناق ويزيد همّ عدم حصولهم على وظيفة همًّا أكبر، فما بين كفيل توفّى وكفيل غير قادر على تسديد الأقساط كان لسان حالهم "للأسف يبدو أن الحالة الوحيدة للإعفاء هي وفاة الطالب".


يذكر أن قرار مجلس الوزراء الصادر عام 2019 ينص على تأجيل تسديد قروض على طلبة مستفيدين من صندوق دعم الطالب لحين التحاقهم بعمل، دون شرط على المدة.
وكان كلف مجلس الوزراء، وزير التعليم العالي والبحث العلمي ووزير المالية، "باستكمال دراسات لإنشاء برنامج قروض ميسرة وبمدد سماح معقولة وفترات تسديد متوسطة، يكون مفتوحا أمام طلبة التعليم العالي على مستوى البكالوريوس والدبلوم".