أخبار اليوم - عواد الفالح - تتعدد الآراء حول الوشم ما بين تحريم ديني قاطع، وممارسات اجتماعية قديمة، وموجات شبابية تراه تعبيراً عن الحرية والشخصية المستقلة. وفيما تزداد ظاهرة الوشم انتشاراً بين الشباب والفتيات في العالم العربي، يبقى السؤال قائماً: هل هو حرام أم حلال؟ وما هي نظرة المجتمع لهذا السلوك؟
حكم الدين واضح… ولكن
يستند رجال الدين إلى أحاديث نبوية صريحة في تحريم الوشم، منها حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"لعن الله الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة" (رواه البخاري).
يُعلل هذا التحريم بأنه تغيير لخلق الله وسعي وراء مظاهر زائلة، ويعد من الكبائر عند بعض العلماء، خاصة إذا كان الوشم دائمًا وغير قابل للإزالة.
الشيخ أحمد، إمام وخطيب، يقول في حديث خاص لنا:
"الأمر محسوم شرعًا، والوشم معصية واضحة لأنه تدخل في خلق الله وتغيير لصورته التي فطر الناس عليها. الأولى بالشباب والفتيات البحث عن القرب من الله بالطاعة، وليس بتقليد الغرب وموضاته المنحرفة."
رأي المجتمع… الرجال أكثر صرامة والنساء أكثر تفهماً
وفي جولة ميدانية بين المواطنين لرصد آرائهم حول الوشم، تباينت المواقف بين الرفض القاطع والتفهم النسبي.
أبو عدي، 52 عامًا، قال بحزم "في مجتمعنا الوشم ليس من عاداتنا ولا تقاليدنا. هو دخيل علينا من ثقافات غريبة، والشاب الذي يضع وشماً يعطي صورة سيئة عن نفسه وكأنه يعلن التمرد على الأخلاق."
أما أم خالد، 45 عامًا، فلها رأي مختلف قليلاً "نحن لا نحكم على الناس من أشكالهم، صحيح أن الوشم مرفوض دينياً، لكن بعض الشباب ضائعون ويحتاجون لاحتواء لا هجوم. يمكن أن تكون قلوبهم أنقى من كثير من الناس المتدينين بالمظهر فقط."
في المقابل، ترى رهف، طالبة جامعية، أن الوشم أصبح وسيلة للتعبير عن الذات "أنا أعرف أن هناك خلافاً دينياً حوله، لكنني أعتبر الوشم رسالة فنية تحمل قصة أو ذكرى. علاقتي مع الله مسألة شخصية، ولا أحد يملك حق الحكم عليّ."
بينما يقول يزن، 27 عاماً "للأسف أصبح الوشم بين الشباب وسيلة لإظهار القوة والتمرد، لكن الحقيقة أن المجتمع ينظر إليهم بنظرة شفقة لا إعجاب. وما أجمل أن يعتز الإنسان بشكله كما خلقه الله."
هل للوشم جذور في عاداتنا؟
تاريخياً، كانت بعض القبائل البدوية تضع الوشم للزينة، خاصة للنساء بعد الزواج، كنوع من إظهار الجمال والتميّز. لكن معظمهن كنّ يجهلن الحكم الشرعي آنذاك، وتوقفن عن هذه العادة بعد توضيح حرمتها.
اليوم، مع موجات التقليد الأعمى للغرب وانتشار صور نجوم الفن والرياضة بوشوم مختلفة، عاد الجدل مجددًا… لكن هذه المرة تحت عنوان "الحرية الشخصية"، وسط تحذيرات مستمرة من علماء الدين والمهتمين بقضايا الشباب.
بين التحريم والتقليد، أين هو الوعي؟
يظل الوشم قضية أخلاقية وثقافية ودينية معقدة، فبين التحريم الديني القطعي، ورغبة البعض في التعبير عن الذات بطريقة مختلفة، يحتاج الشباب اليوم إلى خطاب واعٍ يوازن بين التوجيه والنصح، لا بين الهجوم والتكفير.
فهل تتحول هذه الظاهرة إلى موضة عابرة تنتهي مع صحوة الضمير؟ أم أنها ستتعمق أكثر في وجدان جيل يبحث عن ذاته في الأماكن الخاطئة؟