«يوم الخُليّف» عادة مكِّية لمؤنسات الحرم في يوم عرفة

mainThumb
«يوم الخُليّف» عادة مكِّية لمؤنسات الحرم في يوم عرفة

05-06-2025 03:43 PM

printIcon

أخبار اليوم - تحرص نساء مكة على إحياء «يوم الخُليّف»، في اليوم التاسع من ذي الحجة من كل عام، وهو تقليد سنوي فريد بعدما تخلو أحياء مكة المكرمة من الحجاج، لوجودهم في مشعر عرفات.

في هذا اليوم الموافق ليوم عرفة، يكتظ الحرم المكي بالنساء اللائي يفدن مبكراً ويبدأن الطواف حول الكعبة، ويقدمن الإفطار للصائمين، ثم يؤدين صلاة المغرب ولا يخرجن إلا بعد صلاة العشاء.

تعود قصة الاسم «الخُليّف»، إلى روايتين. تقول الأولى إن «الخُليّف» تعني من تخلّف عن الحج، وهي تسمية شائعة عند أهالي مكة المكرمة، لأن جميع زوار المسجد الحرام في هذا اليوم وغالبيتهم من النساء، هم ممن لم يتيسر لهم الحج أو المشاركة في خدمة الحجاج.

فيما تشير الرواية الثانية إلى أن «الخُليف» من دون تشديد حرف الخاء، تعني أن النساء يخلفن الرجال في الحرم، ويقدمن الإفطار للصائمين، بعد أن يكون الرجال قد ذهبوا إلى المشاعر المقدسة لخدمة الحجاج.

وجرت العادة المكية أن تؤنس نساء العاصمة المقدسة الحرم المكي والكعبة المشرفة، في اليوم التاسع من ذي الحجة كل عام، حيث يحرصن على المكوث فيه، والانقطاع للعبادة، وإفطار الصائمين، وذلك بعد أن تخلو مكة من الحجاج، ومن غالبية الرجال من أرباب الأسر منذ اليوم الثامن من ذي الحجة، لعملهم في الطوافة، وخدمة حجاج بيت الله، بينما تحرص النساء على صيام اليوم التاسع من ذي الحجة، والإفطار في الحرم المكي.

تنفرد النساء بالحرم المكي دون الرجال في يوم عرفة من كل عام (وزارة الإعلام)
تنفرد النساء بالحرم المكي دون الرجال في يوم عرفة من كل عام (وزارة الإعلام)
ومن بين المشاركات باستمرار، الفتاة المكية ندى رضوى التي دأبت على المشاركة كل عام في هذا الإرث المكي، وقد واظبت على هذا منذ سنوات، باستثناء فترة جائحة كورونا التي منعتها وبقية جاراتها من الوصول إلى الحرم في يوم عرفة، وحرمتها من الاستئناس بلحظات من الانقطاع في صحن الكعبة المشرفة.

تقول رضوى إنها لطالما رافقت والدتها في يوم الخليف من كل عام، وقد ورثت هذه العادة من أمها، وتضيف: «هذا الإرث المكِّي يعني لي الكثير؛ من جهة أنها صلة وفاء لوالدتي التي علَّمتنا الحرص عليها، ومن جهة أنها حفظ لهذا الإرث المكي، الذي يجعل كعبة المسلمين محوره وقبلته ومنتهاه».


وتبدأ تفاصيل يوم الخليف، مع تجمع النساء منذ الصباح الباكر من يوم عرفة، في منزل العائلة، قبل أن يتوجهن إلى الحرم ويبدأن الطواف، ومنهن من يفترشن ساحات الحرم، في انتظار أذان المغرب للإفطار، كما يقدمن وجبة الإفطار لزوار الحرم من الصائمين.

وتسرد الروايات جوانب من الليلة الاستثنائية في حياة نساء مكة، إذ كن النساء قديماً يقمن بأعمال الرجال إلى حين عودتهم من الحج، ومراقبة المتخلفين من رجال مكة المكرمة عن أداء الحج، أو الذهاب إلى العمل، ويتولين حراسة البيوت خوفاً عليها من السرقة، إضافةً إلى تقديم الماء والغذاء ومساعدة العاجزين وكبار السن داخل البيوت.

كما ارتبطت العادة قديماً بأهزوجة توبيخية كانت ترددها النساء عندما يرين أي رجل لم يذهب إلى الحج مع بقية الرجال في يومَي التروية وعرفة؛ إذ لا يبقى سواهن في الحرم المكي.

وإلى جانب عادة «يوم الخُليّف»، لطالما ارتبط يوم عرفة، بتقليد آخر هو تغيير كسوة الكعبة، قبل أن تُصدر السعودية قراراً بنقل موعده من اليوم التاسع من ذي الحجة، إلى مطلع العام الهجري، في الأول من محرم من كل عام، فيما بقي الإرث المكي ليوم الخليف ولبطلاته من نساء مكة حيّاً حتى اليوم.