يهوى الجمباز .. "أحمد" بنصف جسد وحلم كامل

mainThumb
يهوى الجمباز.. "أحمد" بنصف جسد وحلم كامل

10-06-2025 10:28 AM

printIcon

أخبار اليوم - هُرع الطفل أحمد الغلبان لإخراج ما يمكن إنقاذه من منزله الكائن في منطقة الشيماء ببيت لاهيا، المهدد بالقصف. وفي أثناء سيره في الطريق، باغتته قذيفة مباشرة، استُشهد على أثرها توأمه محمد وخاله وابنة خاله، في حين أُصيب أحمد بجروح خطيرة أدّت إلى بتر ساقيه، وأصابع يده اليسرى، إضافة إلى كسر في يده اليمنى، وإصابة قوية في الظهر.

أحمد، (15 عامًا)، سلبته قوات الاحتلال الإسرائيلي حلمه بمواصلة ممارسة هوايته في رياضة الجمباز، التي بدأها قبل سبع سنوات، كما طمست طموحه بأن يصبح لاعب كرة قدم ويمثل بلده فلسطين في المحافل الدولية.

تحدث أحمد لصحيفة "فلسطين"، وهو على سرير الشفاء، وبمعنويات عالية على عكس المتوقع، عن اليوم الذي غيّر مجرى حياته، فقال: "في الثاني عشر من إبريل الماضي، نجوت بأعجوبة من الموت. شعرت أن الدنيا أظلمت في وجهي، وكان لديّ إحساس بأني سأستشهد. قلت لخالي إنه في حال استُشهدنا، ستحملنا أنت أنا وشقيقي محمد. وفجأة جاءت القذيفة، ورحل الجميع. رأيت شقيقي محمد في لحظاته الأخيرة، كان يهمس بالقرآن ويسبّح".

كان أحمد يتطلع لأن يصبح لاعبًا في منتخب فلسطين يومًا ما، ويشارك باسم وطنه في البطولات العربية والدولية، ليُظهر للعالم أن فلسطين ليست مجرد أخبار عن الحرب، بل أرض تُنجب الأبطال.

لكن في لحظة واحدة، انقلبت أحلامه إلى كابوس. فبعد إصابته نُقل إلى المستشفى، ولم يكن يعلم حجم ما جرى له، ليكتشف لاحقًا أن كل ما كان يحلم به أصبح في مهب الريح، وأنه على موعد مع حياة جديدة، عليه التأقلم معها بطريقة مختلفة.

كان أحمد مولعًا بلعبة الجمباز، التي بدأها في سن السابعة، إلى جانب حبه لكرة القدم وممارستها مع أقرانه، كما التحق بأحد الفرق الرياضية، وكان الطموح كبيرًا بارتداء قميص "الفدائي". لكن الاحتلال، بوحشيته، قطع عليه الطريق.

ذلك الجسد الرشيق الذي كان يقفز من مكان لآخر بسهولة، لم يعد قادرًا اليوم على الحركة إلا بمساعدة الآخرين. ينظر أحمد إلى قدميه ويده، فلا يكاد يصدق ما حلّ به، لكنه أدرك أنه فقد الكثير مما كان يخطط له، وفهم أن الحياة، مهما قست، لا توقف الأحلام. فالأحلام قد تُدفن، لكنها أيضًا يمكن أن تُزرع من جديد.

عانى أحمد أزمة نفسية بعد إصابته، لكنه سرعان ما تجاوزها بفضل وقوف عائلته وأصدقائه إلى جانبه، ورفعهم لمعنوياته، وتوفير البيئة المناسبة له، ما ساعده على بدء التأقلم مع الواقع الجديد.

أصبح أبرز ما يتمناه اليوم هو انتهاء حرب الإبادة الجماعية، حتى يتمكن من السفر لاستكمال رحلة علاجه، وتركيب أطراف صناعية تُمكّنه من العودة إلى المشي، ولو بنسبة محدودة.

ولأن الفلسطيني رفيق الحزن والشقاء بسبب الاحتلال، قرر أحمد، كغيره من أبناء غزة المكلومين، أن يعمل جاهدًا على ممارسة هواية جديدة تتناسب مع وضعه الصحي، ومهما طال الزمن، سيبقى شامخًا، يصنع أحلامًا جديدة، ويُخبر العالم أن الفلسطيني لا يستسلم.. ولو بنصف جسد.

المصدر / فلسطين أون لاين