أخبار اليوم - في الوقت الذي طالبت فيه أحزاب المعارضة المصرية بالسماح لـ “قافلة الصمود” المغربية بدخول البلاد وتيسير تحركها باتجاه معبر رفح، تبنت أحزاب الموالاة موقف السلطة، معتبرة أن القافلة تمثل تهديدًا للأمن القومي المصري.
وعقد عدد من قيادات الأحزاب المنضوية في “الحركة المدنية الديمقراطية” المعارضة اجتماعًا ناقشوا فيه القافلة، وأكدوا ضرورة السماح لها بدخول مصر.
وقال طلعت خليل، منسق الحركة المدنية، إن الحركة تتابع وصول القافلة البرية القادمة من تونس مرورًا بليبيا إلى الأراضي المصرية، بهدف كسر الحصار عن قطاع غزة.
وأضاف أن رؤساء الأحزاب والشخصيات العامة المنضوية في الحركة سيكونون في استقبال القافلة حال دخولها مصر عند نفق “تحيا مصر” في محافظة الإسماعيلية- شرق مصر- المؤدي إلى سيناء، لمرافقتها إلى معبر رفح.
وطالب خليل السلطات المصرية بالتعاون مع المشاركين في القافلة، وتسهيل دخولهم حسب القواعد المنظمة، لإظهار دعمهم أمام شعوب العالم، ما يعزز القضية الفلسطينية والموقف الوطني لمصر تجاهها.
في المقابل، أعلن عدد من أحزاب الموالاة تأييده لبيان الخارجية المصرية، الذي اشترط على الراغبين في زيارة المنطقة الحدودية المحاذية لقطاع غزة الحصول على موافقات مسبقة.
وقال “حزب الجبهة الوطنية”، الذي أسسه رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، إنه في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة، وما يرافقها من تحديات إنسانية وأمنية جسيمة، يؤكد الحزب تأييده الكامل لما ورد في بيان وزارة الخارجية المصرية بشأن القوافل الأجنبية الراغبة في دخول الأراضي الفلسطينية من خلال معبر رفح المصري.
وشدد الحزب على أهمية احترام السيادة المصرية واتباع القوانين واللوائح المنظمة لدخول الأفراد والمساعدات عبر المعابر الرسمية للدولة، بما يضمن أمن مصر القومي وسلامة أراضيها وشعبها.
كما ثمّن الحزب دور مصر الثابت والداعم للقضية الفلسطينية وشعبها، مؤكدًا أنه يظهر بوضوح من خلال الدفاع عن القضية في كل المحافل الدولية والإقليمية، وبذل كافة المساعي الدبلوماسية لإيقاف الحرب، وتقديم المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، رغم كل التحديات السياسية واللوجستية.
وأعلن الحزب رفضه لأي محاولات لاستخدام المساعدات الإنسانية أو استغلالها لتحقيق أهداف خارجية أو دعائية، على حساب الأمن القومي المصري، مؤكدًا ضرورة التنسيق مع الجهات المصرية الرسمية واحترام القانون.
ودعا الحزب جميع الجهات الدولية والمنظمات الإنسانية إلى الالتزام التام بالقوانين المصرية، والتنسيق الكامل مع السلطات المختصة، لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بطريقة آمنة ومنظمة.
إلى ذلك، أعرب “تحالف الأحزاب المصرية”، الذي ينضوي تحته نحو 42 حزبًا سياسيًا من الموالاة، عن ترحيبه بالبيان الصادر عن وزارة الخارجية بشأن الضوابط التنظيمية الخاصة بزيارة المنطقة الحدودية المحاذية لغزة، مؤكدًا أن مصر ترحب بكل الوفود الأجنبية، وتدعم كل الجهود الدولية والشعبية المخلصة التي تهدف إلى مساندة الشعب الفلسطيني ودعم صموده، لكنها ترفض بشكل قاطع أي محاولات لتجاوز القوانين أو القواعد التنظيمية المصرية الخاصة بالمناطق الحدودية.
وقال النائب تيسير مطر، الأمين العام لتحالف الأحزاب المصرية، رئيس حزب “إرادة جيل” ووكيل لجنة الصناعة في مجلس الشيوخ المصري، إن بيان وزارة الخارجية المصرية يؤكد مجددًا على موقف مصر الثابت في دعم الأشقاء في فلسطين، في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة، معلنًا رفضه المزايدة على الموقف المصري.
وأكد مطر أن مصر على مدار التاريخ ثابتة على موقفها الداعم لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه، والرافض للانتهاكات الإسرائيلية الصارخة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، كما أنها أجرت العديد من المحاولات والاتصالات للضغط على إسرائيل لإنهاء الحصار على القطاع والسماح بالنفاذ الإنساني من كافة الطرق والمعابر الإسرائيلية.
ولفت الأمين العام لتحالف الأحزاب المصرية إلى أن الالتزام بالإجراءات المنظمة لزيارة المناطق الحدودية لغزة تحكمه اعتبارات سيادية وأمنية دقيقة تفرضها طبيعة المرحلة وخطورة الموقف في غزة، مضيفًا أن بيان وزارة الخارجية جاء واضحًا ليؤكد أن مصر لم ولن تكون حاجزًا أمام أي شخص أو جهة ترغب في التخفيف من معاناة الأشقاء في قطاع غزة، شريطة احترام الضوابط التنظيمية والإجراءات التي حددتها الدولة المصرية.
وشدد مطر على ضرورة أن تحصل الوفود الأجنبية على موافقات مسبقة من الدولة المصرية، وليس في إطار فرض الأمر الواقع، خاصة مع تأزم الأوضاع في المنطقة، موضحًا أن ذلك يتم عبر القنوات الرسمية المتبعة احترامًا للقانون المصري وحفاظًا على سلامة الجميع.
وقال ضياء رشوان، رئيس “هيئة الاستعلامات”- وهي مؤسسة حكومية مسؤولة عن إصدار التصاريح الخاصة بالمراسلين الأجانب- إن التطورات الجارية في المنطقة تتسم بقدر عالٍ من الخطورة والتعقيد، ولا تحتمل الانشغال بصغائر الأمور أو المزايدات على مواقف الدول، مؤكدًا أن إدارة الأزمات الإقليمية الكبرى، مثل الحرب في غزة والملف النووي، تتطلب تعاملًا عقلانيًا وليس بمنطق هواة وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف رشوان، في تصريحات متلفزة لقناة “إكسترا نيوز”، أن الدولة المصرية تتعامل مع هذه التحديات بقدر من الوعي والمسؤولية، من خلال توظيف أدواتها السياسية والدبلوماسية والعسكرية بشكل متوازن وعلني، في رسائل واضحة للعالم، لافتًا إلى تحركات القوات المسلحة في سيناء، والمناورات والعروض العسكرية في القاهرة.
ودعا رشوان من وصفهم بـ”الأصوات المتحمسة” إلى عدم التهوّر، أو اتخاذ مواقف انفعالية قد تضر بالمصالح الوطنية، قائلًا: “لا تكونوا كالدب الذي قتل صاحبه”.
وتابع: وزارة الخارجية المصرية حدّدت الضوابط التنظيمية لزيارة المنطقة الحدودية المحاذية لقطاع غزة، مستطردًا: “من يريد ذلك، إما موجود في دولة أجنبية، ويمثل جهة، ويريد دخول مصر لغرض محدد- وليس السياحة- مثل دعم الشعب الفلسطيني، ومن ثم، فإن الشخص يمكنه عبر السفارة المصرية في دولته أن يطلب الزيارة لهذا الغرض”.
وأضاف رشوان: “هناك طريقة أخرى، إذا كان لتلك الجهة سفارة في مصر، أو مكتب ممثل مثل يونيسيف، فيمكنها مراسلة وزارة الخارجية المصرية لإبلاغها بنيّة أفرادها تنظيم فعالية ما، وهذه هي الإجراءات المتبعة”.
وقال إنه منذ 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى يناير/كانون الثاني الماضي، جرى تنظيم 14 زيارة لممثلي وسائل الإعلام الأجنبية إلى تلك المنطقة ومحيطها، شملت العريش والمستشفيات، وشارك فيها 467 صحفيًا وإعلاميًا يمثلون 126 مؤسسة إعلامية غير مصرية.
وتابع: “ومنذ نهاية يناير/كانون الثاني حتى نهاية فبراير/شباط الماضيين، تم تنظيم 6 زيارات إضافية، شملت 188 صحفيًا من 121 مؤسسة، أي أن هناك 20 زيارة لنحو 600 شخص، جميعهم التزموا بالقواعد التنظيمية وفق القانون الدولي”.
وأوضح: “مصر لديها معبر واحد فقط لإدخال المساعدات إلى غزة، بينما تملك إسرائيل 5 معابر أخرى. ومن يرغب في دخول القطاع من الجانب المصري عليه أن يدرك أن معبر رفح من الجهة الفلسطينية لم يعد قائمًا، فقد دُمّر بالكامل، ولم يعد السير فيه ممكنًا حتى على الأقدام”.
وختم رشوان حديثه بالقول إن مصر رحّبت بالمواقف الدولية والإقليمية، الرسمية والشعبية، الداعمة للحقوق الفلسطينية، والرافضة للحصار والانتهاكات الإسرائيلية، مؤكدًا استمرارها في بذل الجهود على كل المستويات لإنهاء العدوان على غزة، والتخفيف من الكارثة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع.